الطعن رقم 2696 لسنة 55 بتاريخ 19/12/1985
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية ..... أولاً: بصفته موظفاً عمومياً "مساعد مهندس مجلس مدينة دكرنس ومنتدب لوحدة دموه المحلية" أ- طلب لنفسه وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من ..... وأخذ منه مبلغ مائة وعشرة جنيهات مقابل حصوله على إذونات صرف إحدى عشر طنا من حديد التسليح بدون وجه حق ب- اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي إذونات صرف حديد التسليح المنسوب صدورها للإدارة الهندسية بمجلس مدينة دكرنس بأسماء آخرين وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها وكان ذلك بوضع إمضاءات مزورة بأن حرض المجهول واتفق معه على التوقيع على تلك الإذونات بدلا من أصحابها بما يفيد استلامهم الكميات المبينة بها وساعده على ذلك بأن قدم إليه تلك الإذونات فقام المجهول بالتوقيع عليها وتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: أ- بصفته سالفة الذكر اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو ..... رئيس الوحدة المحلية بدموه في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو إذن - حديد التسليح المبين بالقيد السابق وذلك بأن قدم إليه ذلك الإذن لاعتماده ووقع له عليه فتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة - ب - استعمل المحررات الرسمية سالفة الذكر بأن قدمها إلى ..... لصرف الكميات الثابتة بها مع علمه بتزويرها جـ- توصل إلى الحصول على ربح مع أعمال وظيفته بأن ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي إذونات الصرف سالفة الذكر بقصد الحصول على فرق سعر كميات الحديد الثابتة بها وتمكن بهذه الوسيلة من الحصول على مبلغ مائة وعشرة جنيهات. وأحالته لمحكمة جنايات أمن الدولة العليا بالمنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/1، 2، 3، 41، 103، 104، 111/1، 115، 119/أ مكرراً، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألفي جنيه عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم طلب وأخذ رشوة والاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله والحصول على ربح من أعمال وظيفته جاء مشوبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال، ذلك أن الطاعن دفع بأنه ليس له أي دور في تحرير الإذن الخاص بصرف الحديد أو تسليمه وأنه غير مختص بهذا التسليم. ومن ثم ينتفي ركن الاختصاص الواجب توافره في جريمة الرشوة، كما أن الذي تقدم بطلب الإذن بالتسجيل للسيد القاضي الجزئي هو عضو الرقابة الإدارية حالة أن المختص بذلك هو عضو النيابة العامة ويكون الإذن باطلا وبالتالي يبطل الإذن الصادر من النيابة بضبط وتفتيش الطاعن لابتنائه على تحريات مستمدة من دليل باطل، هذا فضلا عن أن إقرار الطاعن بالتحقيقات لا تعد اعترافا لأن الاعتراف يجب أن يكون ناصا على ارتكاب الجريمة فضلا عن صدوره إثر تفتيش باطل. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وإذ كان ذلك وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التسجيلات الصوتية والإذن بصدورها اللذين عول عليهما ضمن ما عول عليه في إدانة الطاعن فإنه لا يقبل منه أن يثير أمر بطلانها أمام محكمة النقض ويكون منعاه في هذا الصدد من بطلان التسجيلات والإذن الصادر من النيابة بضبطه وتفتيشه لابتنائه عليها على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وأن عدل عنه في مراحل أخرى كما أن لها أن تجزئ الاعتراف فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وتقدير قيمة الاعتراف من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى ولو كان صادرا من المتهم إثر تفتيش باطل بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء الباطل جاز لها الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل اعتراف الطاعن في قوله "أن اتفاقا تم بينه وبين المتهم الأول وبين............ مؤداه أن يسلما الأخير إذن صرف كميات من الحديد مقابل عشرة جنيهات عن كل طن وأنه تسلم مبلغ 110 جنيه من الشاهد الأول في منزله وضبط بمعرفة الشاهدين الثاني والثالث". وكان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم في هذا الخصوص له أصله الثابت بالأوراق وكان تقدير هذا الاعتراف من شئون محكمة الموضوع وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان نص الشارع في المادة 104 من قانون العقوبات التي عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن في حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقا من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التي يقوم بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوي الذي يكفل لها دائما أن تجري على سند قويم وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولا عاما أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجري عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذي عناه الشارع في النص فإذا تقاضى الموظف جعلا عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس، كما لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو والذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر اختصاص الطاعن في قوله "أن الطاعن هو الذي يقوم بإجراء معاينة المباني التي يتقدم أصحابها للحصول على ترخيص جديد لبنائها وأن الإذن بالصرف لا يصرف إلا بعد توقيعه بالاعتماد وبعد تحريره من المتهم الأول ثم اعتماده من رئيس المجلس فضلا عن ضبطه متلبسا بتقاضيه الرشوة من الشاهد الأول "وكان - ما أورده الحكم في هذا الخصوص يتحقق به قدر من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة كما استظهر الحكم المطعون فيه إخلال الطاعن بواجبات الوظيفة أخذا باعترافه وما شهد به شهود الواقعة ودان الطاعن على هذا الاعتبار فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقا صحيحا ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه