الطعن رقم 1846 لسنة 36 بتاريخ 30/01/1967
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في يوم 8/12/1964 بدائرة مركز سمالوط محافظة المنيا: (أولاً) المتهم الأول (الطاعن الأول): (1) بوصفه موظفاً عمومياً (سائق بشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح) اختلس الأخشاب المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة لشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح والمسلمة إليه بسب وظيفته لنقلها من مكان إلى آخر تابع للشركة (2) وبصفته المذكورة استولى مع مجهول من أفراد الشركة سالفة الذكر على المواد الموضحة الوصف والقيمة بتقرير لجنة الجرد المرفق بالتحقيقات والمملوكة للشركة (3) أحرز بقصد التعاطي جوهرا مخدرا (أفيونا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا (ثانيا) المتهم الثاني (الطاعن الثاني): (1) بوصفه موظفاً عموميا - (خفير بنك التسليف الزراعي والتعاوني بسمالوط) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في اختلاس الأخشاب سالفة الذكر بأن اتفق مع الأول على ارتكاب الجريمة وساعده على الأعمال المسهلة والمتممة لها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (2) بصفته المذكورة استولى بغير حق على الأخشاب المبينة سالفا (ثالثا) المتهم الثالث: اخفى الأخشاب المبينة سالفاً والمتحصلة من جناية مع علمه بذلك. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً في 31 يناير سنة 1966 عملا بالمواد 111 و112/1 و113/1 و118 و119 و17 من قانون العقوبات و1 و2 و37 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بالنسبة إلى المتهم الأول و40/2-3 و41 و111 و112/1 و113/1 و118 و119 و32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الثاني (أولا) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وبإلزامه بأن يرد لشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح الخمسين عرقا خشبا الباقية وتغريمه مبلغ 500ج وذلك عن التهمة الأولى المسندة إليه و(ثانيا) بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وتغريمه مبلغ 500ج مع مصادرة المواد المخدرة المضبوطة وذلك عن التهمة الثالثة المسندة إليه و(ثالثاً) ببراءته من التهمة الثانية المسندة إليه - وبالنسبة للمتهم الثاني: بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وبإلزامه بأن يرد لشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح الخمسين عرقا خشبا الباقية وتغريمه مبلغ 500ج وذلك عن التهمتين المسندتين إليه - وبالنسبة للمتهم الثالث: ببراءته مما أسند إليه. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الميعاد, إلا أنه لم يودع أسباباً ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بالاشتراك مع الطاعن الأول في جناية اختلاس أخشاب - لشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح - مسلمة للأخير بسبب وظيفته, وبجناية الاستيلاء بغير حق على تلك الأخشاب, قد انطوى على فساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه ركن في إثبات علم الطاعن بأن الأخشاب متحصلة من جناية اختلاس إلى أقوال الطاعن الأول على الرغم مما اعتراها من اضطراب, ودانه بجناية الاستيلاء على الأخشاب في حين أن رجال الشركة هم الذين نقلوها إلى مكان ضبطها وناطوا بالطاعن المحافظة عليها كما أن الحكم أسبغ على الفعل وصف الجناية مع أنه لا يعدو جنحة لوقوعه على مال خاص مملوك لشركة مساهمة, ولا يغير من طبيعة هذا المال الخاصة مساهمة الدولة فيه, ثم أن الحكم أوقع على الطاعن عقوبة العزل مع أنه ليس من موظفي تلك الشركة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن الأول - وهو قائد سيارة نقل بشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح التي هي إحدى شركات القطاع العام - اتفق مع (الطاعن الثاني) على أن يسلمه كمية من الخشب المملوك للشركة لقاء جعل, ولما كان يوم الحادث حمل بالسيارة عروقاً خشبية لنقلها إلى أحد مواقع عمل الشركة, بيد أنه - نفاذاً لذلك الاتفاق - انطلق بالسيارة إلى الطاعن وقدم له الأخشاب التي كان يعلم بملكية الشركة لها واصطحبه معه وطلب إليه إيداعها كوخ المتهم الثالث حيث ضبط أغلبها بإرشاد الطاعن الأول. وقد استمد الحكم ثبوت هذه الواقعة من أقوال شهود الإثبات وما أسفر عنه مراجعة إذن التحويل وصورته والإذن بخروج السيارة وتقرير لجنة الجرد, ومن أقوال الطاعن الأول والمتهم الثالث وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وإنكاره التهمة المسندة إليه وأطرحه اطمئناناً منه لأقوال الطاعن الأول في محضر الشرطة والتحقيقات من أنه قدم الأخشاب للطاعن نفاذاً لاتفاقهما السابق وأن الطاعن كان على بينه من مصدرها, وأنه هو الذي طلب إلى الطاعن إيداعها لدى المتهم الثالث حيث ضبط أغلبها وأبان الحكم أن تلك الأقوال تتسق وأقوال الشهود وأنه لا يعتد بعدول الطاعن الأول عنها اطمئناناً منه لأقواله الأولى. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إليها, فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون غير سديد. ويكون ما ينعاه الطاعن من بعد - من أن رجال الشركة هم الذين نقلوا الأخشاب إلى حيث ضبطت وعهدوا إلى الطاعن بحراستها, هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم من الحكم رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعن حول وصف الفعل المسند إليه, فإن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - وهو ما لا يجادل الطاعن فيه - أن الأخشاب محل الاتهام مملوكة لشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح وهي إحدى شركات القطاع العام, وأن الطاعن الأول يعمل قائد سيارة بتلك الشركة ويعمل الطاعن (الثاني) خفيراً ببنك التسليف الزراعي والتعاوني بأسيوط. لما كان ذلك, وكانت جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات, والتي دين الطاعن بالاشتراك مع الطاعن الأول في ارتكابها متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي - أو من في حكمه طبقاً للمادتين 111 و119 من ذلك القانون - بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون المال أميرياً أو مملوكاً لأحد الأفراد, لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته, ولما كانت أركان جناية الاستيلاء المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من القانون ذاته تتوافر متى استولى الموظف العمومي - أو من في حكمه - بغير حق على مال الدولة أو لإحدى الهيئات أو المؤسسات العامة أو الشركات أو المنشآت التي تساهم فيها الدولة أو إحدى الهيئات العامة ولو لم يكن هذا المال في حيازته أو لم يكن الجاني من العاملين في تلك الجهات, وكانت المادة الأولى من القانون رقم 119 لسنة 1961 - بتقرير بعض الأحكام الخاصة ببعض الشركات القائمة - قد قضت بأيلولة ملكية بعض أسهم الشركة المجني عليها إلى الدولة, ثم صدر القانون رقم 52 لسنة 1964 - "بإضافة بعض شركات ومنشآت المقاولات إلى الجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت" - وقضى في مادته الأولى بإضافة تلك الشركة إلى الجدول المرافق له كما نص على أيلولة ملكية الشركات المؤممة إلى الدولة. لما كان ما تقدم, فإن الواقعة التي أثبتها الحكم المطعون فيه في حق الطاعن تكون بهذه المثابة اشتراكاً في جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات, وجناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة المنصوص عليها في المادة 113 منه, ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب فيما انتهى إليه في هذا الصدد. لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعن في خصوص توقيع عقوبة العزل عليه, فلما كانت المادة 118 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد من 112 إلى 116 يحكم على الجاني بالعزل......" وكان الطاعن قد دين بالجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 112 و113 وكانت المادة 111 من القانون ذاته قد قضت في بندها السادس على أن يعد في حكم الموظفين "أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدموا المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت" وكانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 50 لسنة 1930 - بالترخيص بالاشتراك في إنشاء بنك زراعي والمعدلة بالقانون رقم 139 لسنة 1948, قد رخصت للحكومة في الاشتراك في شركة مساهمة لإنشاء بنك للتعاون وللتسليف الزراعي ثم قضى المرسوم الصادر في 27 من ديسمبر سنة 1948 يجعل اسم البنك "بنك التسليف الزراعي والتعاوني" وكانت المادة الأولى من القانون رقم 105 لسنة 1964 - بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني والبنوك التابعة لها بالمحافظات - قد قضت بتحويل ذلك البنك إلى مؤسسة عامة تسمى المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني يكون مركزها القاهرة وقضت المادة الثالثة منه بأن يتكون رأس مال المؤسسة من رأس مال البنك الآنف الذكر ومن الأموال التي تخصصها الدولة, وقضت المادة الخامسة منه بأن تحول فروع البنك في المحافظات إلى بنوك للائتمان الزراعي والتعاوني في شكل شركات مساهمة تابعة للمؤسسة وبأن تعتبر توكيلاته الحالية فروعاً لهذه البنوك. لما كان ذلك, فإن الطاعن بوصف كونه خفيراً بأحد فروع ذلك البنك يعد في حكم الموظفين العموميين وفق البند السادس من المادة 111 آنفة الذكر ويكون الحكم المطعون فيه إذ أوقع عليه عقوبة العزل قد طبق القانون تطبيقاً سليماً. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً