إثبات العقود الإلكترنية بالتوقيع الإلكتروني
تعريف التوقيع الإلكتروني وأهميته :
يعتبر التوقيع من العناصر المهمة والضرروية للكتابة حتى يكون لها قوة في الإثبات .
والتوقيع عبارة عن علامة أو إشارة أو بيان ظاهر مخطوط اعتاد الشخص استعماله للتعبير عن موافقته على المكتوب في المستند، ويتم التوقيع عادة بالإمضاء وذلك بكتابة الاسم أو اللقب، أو بعلامة رمزية بحيث يتكَّون التوقيع من الأحرف الأولى للاسم واللقب، وقد يكون التوقيع بالختم أو ببصمة الأصبع(1).
وقد كان التوقيع العادي هو المستخدم في جميع المستندات وغالباً ما يوضع في آخر المستند لأهميته وحرصاً على وضوحه.
وبعد استخدام بطاقات الائتمان والحاسب الآلي ظهرت الحاجة إلى توقيع آخر يقوم مقام التوقيع العادي على المستندات الورقية فظهر التوقيع الإلكتروني(2).
والتوقيع الإلكتروني عبارة عن ملف رقمي صغير يصدر عن إحدى الهيئات المتخصصة والمستقلة، والمعترف بها من قبل الحكومة، وفي هذا الملف يتم تخزين الاسم وبعض المعلومات الهامة كرقم التسلسل وتاريخ انتهاء الشهادة ومصدرها ونحو ذلك(3).
وللتوقيع الإلكتروني صورتان:
1- التوقيع الرقمي (الكودي) وذلك عن طريق استعمال عدة أرقام يتم تركيبها لتكِّون في النهاية كوداً خاصاً يتم التوقيع به.
2- التوقيع بالقلم الإلكتروني: ويتم ذلك عن طريق استخدام قلم إلكتروني حسابي يمكن عن طريقه الكتابة على شاشة الحاسب الآلي باستخدام برنامج مخصص لذلك(4).
وقد اعترفت بعض الدول بالتوقيع الإلكتروني وساوت بينه وبين التوقيع العادي في الإثبات(5).
**حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات في الفقه الإسلامي
يعدُّ أول ظهور للتوقيع (1) في استخدامه في المحررات الرسمية في الإسلام في السنة السادسة للهجرة النبوية بعد غزوة الحديبية حيث أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكاتب الملوك في الدول المجاورة ويدعوهم إلى الإسلام قياماً بالواجب من تبليغ رسالات الله إلى الناس كافة, فعن أنس رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى رهط أو أناس من الأعاجم, فقيل له: إنهم لا يقبلون كتاباً إلا عليه خاتم, فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضة ..(2)وفي رواية لمسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من فضة ونقشت فيه " محمد رسول الله " فلا ينقش أحد على نقشه"(3).
واستمر استخدام التوقيع بالختم بعد عصر النبي صلى الله عليه وسلم في القرون الإسلامية الأولى, فعن الإمام مالك بن أنس رحمه الله أنه قال" كان الأمر القديم إجازة الخواتيم"(4).
وقد بحث العلماء رحمهم الله تأكيد المحررات بالتوقيع وأوردوا لها أسماء متعددة حسب الجهة التي تصدر منها (السلطان أو القاضي أو الأفراد) ومن تسمياتها: الصك والحجة والسجل والوثيقة، كما بينوا تأكيدها بالاشهاد عليها خاصة إذا خيف التزوير.(5)
ولما كان المقصود من التوقيع تحديد الشخص الذي صدر منه وتمييزه عن غيره ودلالة على رضاه بمضمونه والتزامه به فقد تطورت صوره وأنواعه وخاصة في العصور المتأخرة وكان من آخرها التوقيع الإلكتروني بأنواعه المختلفة.
والذي يظهر للباحث صحة استخدام التوقيع الإلكتروني وخاصة التوقيع الرقمي لإثبات العقود الإلكترونية في الفقه الإسلامي، وأن هذا يتفق مع مبادئ الإثبات في الشريعة الإسلامية وذلك لما يلي:
1. أن وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية غير محصورة في عدد معين أو شكل محدد على القول الراجح بل تشمل كل وسيلة يبيَّن فيها الحق وتوصل إلى العدل(1).
2. أن القصد من التوقيع دلالته على صاحبه وعلمه بمضمون الكتابة التي وقَّع عليها, وهذا متحقق في التوقيع الإلكتروني كما هو متحقق في التوقيع العادي إن لم يكن أكثر.
3. أن الكتابة ليست محصورة بشيء معين كالورق بل تصح على الأشجار والأحجار والجلود وغيرها, وكان هذا مستخدماً في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكذلك التوقيع ليس محصوراً بالطريقة العادية من الأمضاء باليد أو الختم أو بصمة الأصبع بل يصح بالرقم من خلال معادلات رياضية لا يمكن إعادتها لصيغتها المقروءة إلا من قبل الشخص الذي له المعادلة، خاصة وأن هذا التوقيع منسجم مع الكتابة المستخدمة فيه وهو المحرر الإلكتروني حيث يتم وضع المعلومات في صورة رقمية وتخزينها على شرائط ممغنطة أو أقراص CD، وهذا يتحقق في التوقيع الإلكتروني فهو يدل على شخصية الموقِّع وعلاقته بالواقعة المنسوبة إليه إلى أن يثبت خلاف ذلك.
وللإمام ابن القيم كلام نفيس في القرائن الكتابية وحجتها في الإثبات حيث يقول رحمه الله: "فإن القصد حصول العلم بنسبة الخط إلى كاتبه فإذا عرف ذلك وتيقن كان كالعلم بنسبة اللفظ إليه، فإن الخط دال على اللفظ، واللفظ دال على القصد والإرادة , وغاية ما يقدَّر اشتباه الخطوط وذلك كما يفرض من اشتباه الصور والأصوات"(2)
4. إن التوقيع الإلكتروني الرقمي يحدد هوية المرسل والمستقبل ، ويحافظ على مستوى الأمن والخصوصية لدى المتعاملين على الشبكة من حيث سرية المعلومات والرسائل بشكل لا يستطيع معه الأجنبي الاطلاع عليها وهذه المزايا وغيرها تؤكد صحة استخدام التوقيع الإلكتروني في الإثبات على المحررات الإلكترونية.
الحماية الجنائية للتوقيع الإلكتروني:
للتوقيع الإلكتروني أهمية رئيسة في التجارة الإلكترونية، فعن طريقه يتم تأكيد العقود والاتفاقيات التجارية ، وتحديد هوية المرسل والمستقبل ، والتأكد من صحة وصدق البيانات ..الخ ونظراً لهذه الأهمية فإن من الضروري وجود حماية جنائية للتوقيع الإلكتروني إذ إن الاعتداء عليه يعتبر اعتداءً على مضمون التجارة الإلكترونية وليس فقط على البيانات المتعلقة بها (1).
وقد قامت بعض الدول العربية(2) بالنص على تجريم بعض الأعمال المتعلقة بالاعتداء على التوقيع الإلكتروني ووضع العقوبات المناسبة لهذه الجرائم.
ومن هذه الجرائم ما يلي :
1- الدخول بطريق الغش على قاعدة بيانات تتعلق بالتوقيع الإلكتروني .
2- جريمة صنع أو حيازة برنامج لإعداد توقيع إلكتروني .
3- جريمة تزوير وتقليد المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني(3).
الحماية الجنائية للتوقيع الإلكتروني في الفقه الإسلامي :
اهتمت الشريعة الإسلامية بحفظ الأموال، وأمرت باتخاذ الوسائل الكفيلة بحفظها ، وشرَّعت العقوبات الرادعة لمن يتجرأ أو يحاول الاعتداء عليها بالتزييف أو التزوير أو غير ذلك من طرق الاعتداء.
وقد حرَّم الله عز وجل أكل الأموال بالحيل الماكرة والطرق الملتوية, قال تعالى : ] وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [ [البقرة 188] وأباحت الشريعة الإسلامية للإنسان المدافعة عن ماله إذا اعتدى عليه ولو باستعمال القوة وأنَّ "من قتل دون ماله فهو شهيد"(4).
وجعلت كل من تسبب في اتلاف مال متقوم بغير حق فإنه يضمنه حتى لو كان ذلك بطريق الخطأ(1).
وهذه الأحكام وغيرها تبين مدى حرص الشريعة الإسلامية على إيجاد الحماية الجنائية للأموال ذاتها وعلى وسائل حفظها أيضاً .
وبما أن الاعتداء على التوقيع الإلكتروني أو محاولة القيام بذلك يترتب عليه مخاطر كبيرة على المجني عليه خاصة, وعلى التجارة الإلكترونية عامة ,حيث يؤدي إلى استخدام هذا التوقيع في المعاملات والحقوق المالية مما يسبب سرقة الأموال وضياعها فإن وضع الحماية الجنائية للتوقيع الإلكتروني يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ الأموال والحقوق الخاصه وحرمة الاعتداء عليها بأي وجه كان.
والعقوبات في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام:
1) الحدود: وهي العقوبات المقدرة شرعاً لحق الله تعالى, وهي حد الزنا والقذف والشرب والسرقة والحرابة والردة.
2) القصاص: وهي عقوبة مقدرة شرعاً لحق الأفراد ، فمن حق المجني عليه أو ورثته أن يستوفيه أو يعفو عنه ، وهو قسمان: في النفس، وفي الأطراف .
3) التعزيرات : وهي عقوبات غير مقدرة شرعاً، وإنما ترك شأنها وتقديرها إلى ولي أمر المسلمين,(2) فمن حِكَم الشارع أن جعل لولي الأمر مجالاً لينظر الجرائم التي تقع في عصره والتي تكون مخالفة لأحكام الشريعة ومقاصدها, فيضع لها العقوبات الرادعة الزاجرة مراعياً في ذلك نوع الجريمة والآثار المترتبة عليها(3).
والاعتداء على التوقيع الإلكتروني أو محاولة القيام بذلك يعتبر جريمة بحد ذاته, سواءً كان بصنع برنامج لإعداد توقيع إلكتروني بدون إذن الجهة صاحبة الصلاحية، أو تزوير وتقليد التوقيع الإلكتروني، أو الدخول بطريق الغش على قاعدة بيانات تتعلق بالتوقيع الإلكتروني, أو غير ذلك من الجرائم التي تقع على التوقيع الإلكتروني.
ووضع عقوبة محدَّدة على هذه الجرائم هو من باب التعزير الموكول إلى ولي أمر المسلمين سواءً بنفسه أو عن طريق السلطة التنظيمية في الدولة الإسلامية التي تتولى تحديد الجرائم ووضع العقوبات المناسبة لها.
تعريف التوقيع الإلكتروني وأهميته :
يعتبر التوقيع من العناصر المهمة والضرروية للكتابة حتى يكون لها قوة في الإثبات .
والتوقيع عبارة عن علامة أو إشارة أو بيان ظاهر مخطوط اعتاد الشخص استعماله للتعبير عن موافقته على المكتوب في المستند، ويتم التوقيع عادة بالإمضاء وذلك بكتابة الاسم أو اللقب، أو بعلامة رمزية بحيث يتكَّون التوقيع من الأحرف الأولى للاسم واللقب، وقد يكون التوقيع بالختم أو ببصمة الأصبع(1).
وقد كان التوقيع العادي هو المستخدم في جميع المستندات وغالباً ما يوضع في آخر المستند لأهميته وحرصاً على وضوحه.
وبعد استخدام بطاقات الائتمان والحاسب الآلي ظهرت الحاجة إلى توقيع آخر يقوم مقام التوقيع العادي على المستندات الورقية فظهر التوقيع الإلكتروني(2).
والتوقيع الإلكتروني عبارة عن ملف رقمي صغير يصدر عن إحدى الهيئات المتخصصة والمستقلة، والمعترف بها من قبل الحكومة، وفي هذا الملف يتم تخزين الاسم وبعض المعلومات الهامة كرقم التسلسل وتاريخ انتهاء الشهادة ومصدرها ونحو ذلك(3).
وللتوقيع الإلكتروني صورتان:
1- التوقيع الرقمي (الكودي) وذلك عن طريق استعمال عدة أرقام يتم تركيبها لتكِّون في النهاية كوداً خاصاً يتم التوقيع به.
2- التوقيع بالقلم الإلكتروني: ويتم ذلك عن طريق استخدام قلم إلكتروني حسابي يمكن عن طريقه الكتابة على شاشة الحاسب الآلي باستخدام برنامج مخصص لذلك(4).
وقد اعترفت بعض الدول بالتوقيع الإلكتروني وساوت بينه وبين التوقيع العادي في الإثبات(5).
**حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات في الفقه الإسلامي
يعدُّ أول ظهور للتوقيع (1) في استخدامه في المحررات الرسمية في الإسلام في السنة السادسة للهجرة النبوية بعد غزوة الحديبية حيث أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكاتب الملوك في الدول المجاورة ويدعوهم إلى الإسلام قياماً بالواجب من تبليغ رسالات الله إلى الناس كافة, فعن أنس رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى رهط أو أناس من الأعاجم, فقيل له: إنهم لا يقبلون كتاباً إلا عليه خاتم, فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضة ..(2)وفي رواية لمسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من فضة ونقشت فيه " محمد رسول الله " فلا ينقش أحد على نقشه"(3).
واستمر استخدام التوقيع بالختم بعد عصر النبي صلى الله عليه وسلم في القرون الإسلامية الأولى, فعن الإمام مالك بن أنس رحمه الله أنه قال" كان الأمر القديم إجازة الخواتيم"(4).
وقد بحث العلماء رحمهم الله تأكيد المحررات بالتوقيع وأوردوا لها أسماء متعددة حسب الجهة التي تصدر منها (السلطان أو القاضي أو الأفراد) ومن تسمياتها: الصك والحجة والسجل والوثيقة، كما بينوا تأكيدها بالاشهاد عليها خاصة إذا خيف التزوير.(5)
ولما كان المقصود من التوقيع تحديد الشخص الذي صدر منه وتمييزه عن غيره ودلالة على رضاه بمضمونه والتزامه به فقد تطورت صوره وأنواعه وخاصة في العصور المتأخرة وكان من آخرها التوقيع الإلكتروني بأنواعه المختلفة.
والذي يظهر للباحث صحة استخدام التوقيع الإلكتروني وخاصة التوقيع الرقمي لإثبات العقود الإلكترونية في الفقه الإسلامي، وأن هذا يتفق مع مبادئ الإثبات في الشريعة الإسلامية وذلك لما يلي:
1. أن وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية غير محصورة في عدد معين أو شكل محدد على القول الراجح بل تشمل كل وسيلة يبيَّن فيها الحق وتوصل إلى العدل(1).
2. أن القصد من التوقيع دلالته على صاحبه وعلمه بمضمون الكتابة التي وقَّع عليها, وهذا متحقق في التوقيع الإلكتروني كما هو متحقق في التوقيع العادي إن لم يكن أكثر.
3. أن الكتابة ليست محصورة بشيء معين كالورق بل تصح على الأشجار والأحجار والجلود وغيرها, وكان هذا مستخدماً في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكذلك التوقيع ليس محصوراً بالطريقة العادية من الأمضاء باليد أو الختم أو بصمة الأصبع بل يصح بالرقم من خلال معادلات رياضية لا يمكن إعادتها لصيغتها المقروءة إلا من قبل الشخص الذي له المعادلة، خاصة وأن هذا التوقيع منسجم مع الكتابة المستخدمة فيه وهو المحرر الإلكتروني حيث يتم وضع المعلومات في صورة رقمية وتخزينها على شرائط ممغنطة أو أقراص CD، وهذا يتحقق في التوقيع الإلكتروني فهو يدل على شخصية الموقِّع وعلاقته بالواقعة المنسوبة إليه إلى أن يثبت خلاف ذلك.
وللإمام ابن القيم كلام نفيس في القرائن الكتابية وحجتها في الإثبات حيث يقول رحمه الله: "فإن القصد حصول العلم بنسبة الخط إلى كاتبه فإذا عرف ذلك وتيقن كان كالعلم بنسبة اللفظ إليه، فإن الخط دال على اللفظ، واللفظ دال على القصد والإرادة , وغاية ما يقدَّر اشتباه الخطوط وذلك كما يفرض من اشتباه الصور والأصوات"(2)
4. إن التوقيع الإلكتروني الرقمي يحدد هوية المرسل والمستقبل ، ويحافظ على مستوى الأمن والخصوصية لدى المتعاملين على الشبكة من حيث سرية المعلومات والرسائل بشكل لا يستطيع معه الأجنبي الاطلاع عليها وهذه المزايا وغيرها تؤكد صحة استخدام التوقيع الإلكتروني في الإثبات على المحررات الإلكترونية.
الحماية الجنائية للتوقيع الإلكتروني:
للتوقيع الإلكتروني أهمية رئيسة في التجارة الإلكترونية، فعن طريقه يتم تأكيد العقود والاتفاقيات التجارية ، وتحديد هوية المرسل والمستقبل ، والتأكد من صحة وصدق البيانات ..الخ ونظراً لهذه الأهمية فإن من الضروري وجود حماية جنائية للتوقيع الإلكتروني إذ إن الاعتداء عليه يعتبر اعتداءً على مضمون التجارة الإلكترونية وليس فقط على البيانات المتعلقة بها (1).
وقد قامت بعض الدول العربية(2) بالنص على تجريم بعض الأعمال المتعلقة بالاعتداء على التوقيع الإلكتروني ووضع العقوبات المناسبة لهذه الجرائم.
ومن هذه الجرائم ما يلي :
1- الدخول بطريق الغش على قاعدة بيانات تتعلق بالتوقيع الإلكتروني .
2- جريمة صنع أو حيازة برنامج لإعداد توقيع إلكتروني .
3- جريمة تزوير وتقليد المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني(3).
الحماية الجنائية للتوقيع الإلكتروني في الفقه الإسلامي :
اهتمت الشريعة الإسلامية بحفظ الأموال، وأمرت باتخاذ الوسائل الكفيلة بحفظها ، وشرَّعت العقوبات الرادعة لمن يتجرأ أو يحاول الاعتداء عليها بالتزييف أو التزوير أو غير ذلك من طرق الاعتداء.
وقد حرَّم الله عز وجل أكل الأموال بالحيل الماكرة والطرق الملتوية, قال تعالى : ] وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [ [البقرة 188] وأباحت الشريعة الإسلامية للإنسان المدافعة عن ماله إذا اعتدى عليه ولو باستعمال القوة وأنَّ "من قتل دون ماله فهو شهيد"(4).
وجعلت كل من تسبب في اتلاف مال متقوم بغير حق فإنه يضمنه حتى لو كان ذلك بطريق الخطأ(1).
وهذه الأحكام وغيرها تبين مدى حرص الشريعة الإسلامية على إيجاد الحماية الجنائية للأموال ذاتها وعلى وسائل حفظها أيضاً .
وبما أن الاعتداء على التوقيع الإلكتروني أو محاولة القيام بذلك يترتب عليه مخاطر كبيرة على المجني عليه خاصة, وعلى التجارة الإلكترونية عامة ,حيث يؤدي إلى استخدام هذا التوقيع في المعاملات والحقوق المالية مما يسبب سرقة الأموال وضياعها فإن وضع الحماية الجنائية للتوقيع الإلكتروني يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ الأموال والحقوق الخاصه وحرمة الاعتداء عليها بأي وجه كان.
والعقوبات في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام:
1) الحدود: وهي العقوبات المقدرة شرعاً لحق الله تعالى, وهي حد الزنا والقذف والشرب والسرقة والحرابة والردة.
2) القصاص: وهي عقوبة مقدرة شرعاً لحق الأفراد ، فمن حق المجني عليه أو ورثته أن يستوفيه أو يعفو عنه ، وهو قسمان: في النفس، وفي الأطراف .
3) التعزيرات : وهي عقوبات غير مقدرة شرعاً، وإنما ترك شأنها وتقديرها إلى ولي أمر المسلمين,(2) فمن حِكَم الشارع أن جعل لولي الأمر مجالاً لينظر الجرائم التي تقع في عصره والتي تكون مخالفة لأحكام الشريعة ومقاصدها, فيضع لها العقوبات الرادعة الزاجرة مراعياً في ذلك نوع الجريمة والآثار المترتبة عليها(3).
والاعتداء على التوقيع الإلكتروني أو محاولة القيام بذلك يعتبر جريمة بحد ذاته, سواءً كان بصنع برنامج لإعداد توقيع إلكتروني بدون إذن الجهة صاحبة الصلاحية، أو تزوير وتقليد التوقيع الإلكتروني، أو الدخول بطريق الغش على قاعدة بيانات تتعلق بالتوقيع الإلكتروني, أو غير ذلك من الجرائم التي تقع على التوقيع الإلكتروني.
ووضع عقوبة محدَّدة على هذه الجرائم هو من باب التعزير الموكول إلى ولي أمر المسلمين سواءً بنفسه أو عن طريق السلطة التنظيمية في الدولة الإسلامية التي تتولى تحديد الجرائم ووضع العقوبات المناسبة لها.