"المفقود"
يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنوات من تاريخ فقده.
ويعتبر المفقود ميتاً بعد مضى مدة خمسة عشر يوماً على الأقل من تاريخ فقده، في حالة ما إذا ثبت أنه كان على ظهر سفينة غرقت، أو كان في طائرة سقطت، وبعد مضي سنة إذا كان من أفراد القوات المسلحة أثناء العمليات الحربية.
ويصدر رئيس مجلس الوزراء أو وزير الدفاع، بحسب الأحوال، وبعد التحري واستظهار القرائن التي يغلب معها الهلاك، قراراً بأسماء المفقودين الذين اعتبروا أمواتاًً في حكم الفقرة السابقة. ويقوم هذا القرار مقام الحكم بموت المفقود.
وفى الأحوال الأخرى يفوض تحديد المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها إلى القاضي. على ألا تقل عن أربع سنوات، وذلك بعد التحري عنه بجميع الطرق الممكنة والموصلة إلى معرفة إن كان المفقود حياً أو ميتاً( ).
• لم يتم تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1985 ما خلا تعديل بالقانون رقم 103 لسنة 1958 أضيفت بمقتضاه للفقرة الأولى الحكم الخاص بأفراد القوات المسلحة، ثم تعديل مستحدث بالقانون رقم 33 لسنة 1992، ثم تعديل أخير بالقانون رقم 2 لسنة 2006( ).
المذكرة الإيضاحية
الحكم بموت المفقود إذا مات أقرانه أو بلغ من العمر تسعين سنة حسب أحكام مذهب أبى حنيفة الجاري عليها العمل بالمحاكم الشرعية أصبح لا يتفق الآن مع حالة الرقى التي وصلت إليها طرق المواصلات في العصر الحاضر فإن التخاطب بالبريد والتلغراف والتليفون وانتشار مفوضيات وقنصليات المملكة المصرية في أنحاء العالم جعل من السهل البحث عن الغائبين غيبة منقطعة (المفقودين) ومعرفة إن كانوا لا يزالون على قيد الحياة أو لا في وقت قصير.
لذلك عينت الوزارة قبل الآن بأمر زوجة المفقود فوضعت لها أحكاما في القانون رقم 25 لسنة 1920 من مذهب الأمام مالك (مادتي 7 و 8 ) .
أما أمر ماله فقد ترك على الحالة الجاري عليها العمل من قبل المحاكم ولكن تبين من البحث وجود قضايا كثيرة بالمجالس الحسبية تختص بأحوال المفقودين تستدعى الاهتمام والعناية بتصرف هذه الأمور على وجه أصلح فقد بلغت هذه القضايا لغاية فبراير سنة 1927/1166 قضية منها 767 قضية تقل قيمتها عن مائة جنيه أو مجهولة القيمة ومنها 36 قضية تزيد قيمتها عن ألف جنيه والباقي قيمته بين المقدارين، لهذا رأت الوزارة أن تضع أحكاما لأموال المفقودين تصلح من الحالة الموجودة الآن وتتناسب مع حالة العصر الحاضر بقدر المستطاع، ولما كان بعض المفقودين يفقد في حالة يظن معها موته كمن يخرج لقضاء حاجة قريبة ثم لا يعود أو يفقد في ميدان القتال والبعض بفقد في حالة يظن معها بقاؤه سالما كمن يغيب للتجارة أو طلب العلم أو السياحة ثم لا يعود رأت الوزارة الآخذ بمذهب الأمام أحمد بن حنبل في الحالة الثانية - ففى الحالة الأولى ينتظر إلى تمام أربع سنتين من حين فقده فإذا لم يعد وبحث عنه فلم يوجد اعتدت زوجته عدة الوفاة وحلت للأزواج بعدها وقسم ماله بين ورثته وفى الحالة الثانية يفوض أمر تقدير المدة التي يعيش بعدها المفقود إلى القاضي فإذا بحث في مظان وجوده بكل الطرق الممكنة وتحرى عنه بما يوصل إلى معرفة حالة فلم يجده وتبين أن مثله لا يعيش إلى هذا الوقت حكم بموته.
ولما كان الراجح من مذهب الأمام أبى حنيفة أنه لابد من حكم القاضي بموت المفقود وأنه من تاريخ الحكم بموته تعتد زوجته عدة الوفاة ويستحق تركته ورثته الموجودين فقد رئى الآخذ بمذهبه في الحالتين لأنه أضبط وأصلح لنظام العمل في القضاء، لهذا وضعت المادتان الحادية والعشرون والثانية والعشرون من هذا المشروع.
التعليق
• المفقود هو الغائب( ) الذي لا يعرف له موضع ولا يدرى حياته ولا موته فإذا غاب إنسان فلم يعرف له مكان ولا يعلم أحي هو أم ميت، اعتبر مفقوداً منذ التاريخ الذي يثبت فقده أي بأثر رجعى يرتد إلى تاريخ غيابه والذي يثبت بكافة طرق الإثبات القانونية وأهمها البينة الشرعية، وكما يجوز إقامة وكيل عنه لحفظ أمواله واستيفاء حقوقه والأنفاق من ماله على من تجب عليه نفقته من أصوله وفروعه وذلك بالإعمال لحكم المادة 74 من القانون رقم 119 لسنة 1952 فأنه يجوز الحكم بثبوت غيبته أو ثبوت فقده، وهذا الحكم ذو طبيعة كاشفة( ) يرتد أثره القانوني إلى التاريخ الذي يثبت فيه فقده( ).
تعريف المفقود وأثر الحكم الصادر بثبوت فقده
• والمفقود - أي الغائب - (الصادر حكم نهائي بثبوت فقده أى ثبوت غيبته) يعتبر حيا في حق نفسه وميتا في حق غيره حتى تثبت وفاته بحكم منشيء ويحكم بها القاضي، ويترتب على ذلك نتيجتان :
أولهما : عدم جواز قسمة أمواله بين ورثته من حين فقده، وذلك لأنه طالما لم يصدر حكم نهائي باعتباره ميتا فهو حي ولو حكماً.
وثانيهما: إلا يرث أحدا ممن مات من أقاربه حيث يوقف نصيبه طالما لم يصدر حكم نهائي باعتباره ميتاً وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون المواريث رقم 43 لسنة 1977.
• تضمنت المادة 21 المعدلة محل التعليق أربعة فقرات عالجت ثلاثة حالات للمفقودين أولها حالة المفقود الذي يغلب عليه الهلاك والثانية حالة المفقودين نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات. أو نتيجة العمليات العسكرية والثالثة حالة المفقودين في غير الحالات السابقة.
• وقد استحدث التعديل الذي أدخل على المادة محل التعليق الحكم المتعلق بحالة فقد المدنين نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات وذلك بالقانون رقم 33 لسنة 1992 حيث كان النص قبل تعديله يخلو من تناول حالة الفقد نتيجة تلك الحوادث، ويتعين تناول كل حالة من الحالات الثلاث بالتعليق.
الحالة الأولى : حكم المفقودين الذين يغلب عليهم الهلاك
تضمنت الفقرة الأولى من النص حالة المفقود الذي تغيب في حالة يغلب عليه فيها الهلاك فنصت على جواز الحكم بموته إذا كانت قد انقضت مدة أربع سنوات على تاريخ فقده ويتحدد تاريخ الفقد بتاريخ الغياب
وقد أوردت المذكرة الإيضاحية للنص بعض الأمثلة على ما يعد من الحالات التي يغلب عليها الهلاك كمن يخرج لقضاء حاجة قريبة ثم لا يعود أو كمن يفقد في ميدان القتال.
الحالة الثانية : حكم المفقودين نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات
استحدث المشرع النص على حالة المفقودين نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات بعد وقوع بعض تلك الحوادث خلال السنين القريبة.
وقد أجاز النص باعتبار المفقودين نتيجة تلك الحوادث موتى إذا ما انقضت خمسة عشر يوماً على تاريخ وقوع الحادثة.
• والحكمة من قصر الميعاد الذي يحكم بعده بموت المفقودين تلك الحوادث هو أن هلاكه أقرب إلى التوكيد، فضلاً عن أن مفاجأة فقده تشكل بالنسبة لأسرته حالة استعجال تستلزم سرعة تعريفهم وتحديد مراكزهم القانونية فضلا عن تقديم وسائل الاتصال.
• ويسرى النص سواء كان المفقود من تلك الحوادث من المدنيين أو العسكريين.
• ويقتصر الحكم هنا على حالة المفقودين نتيجة غرق سفينة أو سقوط طائرة ولا يمتد إلى المفقودين في غير تلك الحوادث كالفقد المترتب على الزلازل أو على حوادث القطارات فالنص أورد حوادث السفن والطائرات على سبيل الحصر فلا يجوز القياس عليها فيخرج منها الفقد نتيجة غرق قوارب الصيد الصغير أو المراكب الشراعية.
• وتحديد ما يعد سفينة من عدمه مسألة فنية يرجع في شأنها إلى ذوى الخبرة الخاصة بهذا الأمر.
• وقد أناطت الفقرة الثالثة من المادة برئيس مجلس الوزراء أن يصدر قراراً بأسماء المفقودين الذين اعتبروا أمواتا بسبب غرق السفن أو سقوط الطائرات وذلك بعد إجراء التحريات اللازمة والوقوف على القرائن والشواهد التي يغلب معها الهلاك كغرق السفينة حال كونها تمخر عباب المحيطات والبحار أو انفجار الطائرات في الجو وهكذا.
• ويقوم القرار الصادر من رئيس الوزراء في تلك الحالة مقام الحكم الذي يصدر من المحاكم بموت المفقود من حيث الآثار القانونية المترتبة عليه.
المفقودين نتيجة العمليات الحربية
• ويأخذ حكم الفقد نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات المفقودين من أفراد القوات المسلحة أثناء العمليات الحربية، إلا أنه يشترط انقضاء سنة هجرية من تاريخ الفقد إعمالاً لحكم المادة 23 من القانون، وعلى ذلك فإن المفقود من أفراد القوات المسلحة في غير العمليات الحربية يخضع من حيث إجراءات الحكم باعتباره ميتاً إلى ما يسرى على المفقودين المدنين.
• والنص يتطلب حتى يسرى على المفقود حكم الفقرة الثانية منه توافر شرطين هما:
1- أن يكون المفقود من أفراد القوات المسلحة.
2- أن يكون فقده قد وقع أثناء العمليات الحربية.
ويتعين اجتماع الشرطين بحيث يؤدي تخلف أحدهما إلى خروج المفقود عن نطاق تطبيق الفقرة الثانية من المادة.
• والحكمة من اختصاص المفقودين من أفراد القوات المسلحة أثناء العمليات الحربية بقواعد أيسر في تقرير اعتبارهم موتى هو طبيعة صفاتهم والحالة التي يغيبون فيها باعتبار أنها مما يغلب عليها الهلاك دائما لكونها تنحصر في العمليات الحربية.
• واعتبار المفقودين أثناء العمليات الحربية من رجال القوات المسلحة يكون بقرار يصدر من وزير الدفاع يتضمن أسماء المفقودين الذين اعتبروا أمواتا.
• وقد أوجب النص إلا يصدر هذا القرار إلا بعد إجراء التحريات اللازمة حول ظروف الفقد والوقوف على القرائن والشواهد التي تؤكد أن الفقد تم أثناء العمليات الحربية.
• ويقوم القرار الذي يصدر من رئيس مجلس الوزراء أو من وزير الدفاع في الحالتين المنصوص عليهما في الفقرة الثانية من المادة (الفقد نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرة وحالة الفقد أثناء العمليات الحربية لرجال القوات المسلحة) مقام الحكم الذي يصدر من القضاء بموت المفقود من حيث الآثار القانونية المترتبة عليه.
الحالة الثالثة – حكم المفقودين في حالات لا يغلب عليها الهلاك
• تضمنت الفقرة الأخيرة من المادة محل التعليق حالة المفقودين في غير الأحوال المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية.
• وقد ضربت المذكرة الإيضاحية للنص أمثلة للغياب في الحالة التي لا يغلب عليها الهلاك بمن يغيب للتجارة أو طلب العلم أو السياحة ثم لا يعود وهي نماذج وردت على سبيل المثال لا الحصر.
• وقد ترك النص أمر تقدير المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود في الحالات التي لا يغلب عليها الهلاك إلى القاضي بحيث لا تقل عن أربع سنوات تحتسب من تاريخ فقده ولكن يجوز أن تزيد عليها وذلك استرشاداً بالغياب في الحالة التي يغلب عليها الهلاك باعتبار أن عدم الهلاك أدعى إلى التمهل وانتظار عودة المفقود قبل الحكم بموته ويدخل في تقدير المدة ما يعرف عن حالة المفقود الصحية وعمره وظروف غيابه وأسبابه.
• والسنة المقصودة بالفقرة الأولى والثانية من المادة هي السنة الهجرية وليست السنة الميلادية عملاً بالمادة 23 من القانون.
وقت اعتبار المفقود ميتاً
• وإذا كان النص قد اشترط مضي أربع سنوات على الأقل قبل الحكم بموت المفقودين عموما أي سواء في الحالة التي يغلب عليها أو لا يغلب عليها الهلاك إلا أنه لم يشترط سوى انقضاء مدة سنة هجرية واحدة على غياب المفقود في حالة غرق السفينة أو سقوط الطائرات أو من فقد من رجال القوات المسلحة أثناء العمليات الحربية قبل صدور قرار رئيس مجلس الوزراء أو وزير الدفاع بفقده، مما يجوز معه أن يصدر القرار في تلك الحالات قبل انقضاء مدة الأربع سنوات سالفة الذكر.
وجوب التحري عن الغائب قبل الحكم بموته
• وقد أوجب النص في جميع الأحوال سبق التحري عن المفقود قبل الحكم بموته، والتكليف كما هو موجه للمدعي يخاطب أيضاً المحكمة ورئيس الوزراء ووزير الدفاع الذين عليهم أيضاً اتخاذ كافة الإجراءات التي يتثبت منها بوفاة المفقود، وقد جرى العمل في هذا المجال على قيام المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لسماع الشهود وتكليف جهة الإدارة بعمل التحريات الإدارية اللازمة بهذا الخصوص كما أن من المحاكم من يقوم باستجواب أهلية المفقود من غير المدعي( ) ولا يشترط في التحري أن يكون معاصرا لواقعة الغياب وإنما يمكن أن يتم بتاريخ لاحق لها( ).
الوكيل عن الغائب
• وجدير بالذكر أن قرار تنصيب وكيل عن المفقود (وكيل الغائب) الذي يصدر عن محكمة الولاية على المال إعمالاً للمادة 74 من القانون رقم 119 لسنة 1952 لا يغني عن إجراء التحريات والإجراءات المشار إليها والتي يؤدي التخلف عنها إلى تعيب الحكم بعيب عدم تحصيل القانون.
• ولا يعتبر المفقود ميتاً إلا بعد الحكم بموته وصيرورة هذا الحكم نهائياً والحكم هنا يكون ذا طبيعة منشئة وليست كاشفة على عكس الحكم بثبوت الغياب.
ومن الأحكام التي صدرت متضمنة المبادئ المتقدمة الحكم الصادر من محكمة شبين القناطر الشرعية في القضية رقم 202 لسنة 1930 بتاريخ 29/1/1931 وفيه ذهبت المحكمة إلى أنه "يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد إتمام أربعة سنين من تاريخ فقده ويفوض الأمر للقاضي فيما عدا ذلك وهو يتحرى عنه بجميع الطرق الممكنة ومن هنا يبين أن الحكم بموت المفقود مقيد بمضي المدة في جميع الأحوال وألا يكفي الإثبات وحده من غير هذا التحري لزيادة الاحتياط والاطمئنان ولا يكفي في هذا التحري تنصيب الوكيل عنه وبعد هذا التحري والإثبات لا مانع من الحكم بموته وهو موت حكمي فيعتبر بالموت الحقيقي فتعتد عروسه ويقتسم ورثته الموجودين يوم الحكم بموته أمواله ولا يرث من مات قبل تمام المدة أو بعدها وقبل الحكم بموته لأنه حين مات المفقود أي الغائب حياً ولو حكماً كما إذا كانت حياته معلومة( ).
• ونحن نرى أنه لا يشترط اختصام الوكيل عن الغائب في دعوى إثبات موت المفقود إلا إذا كان يراد الاحتجاج في مواجهته بشيء مما يدخل في اختصامه القانوني كالتنفيذ في مواجهته بخصوص دين وجب بعقده وعلى ذلك فوكيل الغائب لا يعد خصماً فيما يدعي على المفقود ولا فيما يدعيه له( ).
يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنوات من تاريخ فقده.
ويعتبر المفقود ميتاً بعد مضى مدة خمسة عشر يوماً على الأقل من تاريخ فقده، في حالة ما إذا ثبت أنه كان على ظهر سفينة غرقت، أو كان في طائرة سقطت، وبعد مضي سنة إذا كان من أفراد القوات المسلحة أثناء العمليات الحربية.
ويصدر رئيس مجلس الوزراء أو وزير الدفاع، بحسب الأحوال، وبعد التحري واستظهار القرائن التي يغلب معها الهلاك، قراراً بأسماء المفقودين الذين اعتبروا أمواتاًً في حكم الفقرة السابقة. ويقوم هذا القرار مقام الحكم بموت المفقود.
وفى الأحوال الأخرى يفوض تحديد المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها إلى القاضي. على ألا تقل عن أربع سنوات، وذلك بعد التحري عنه بجميع الطرق الممكنة والموصلة إلى معرفة إن كان المفقود حياً أو ميتاً( ).
• لم يتم تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1985 ما خلا تعديل بالقانون رقم 103 لسنة 1958 أضيفت بمقتضاه للفقرة الأولى الحكم الخاص بأفراد القوات المسلحة، ثم تعديل مستحدث بالقانون رقم 33 لسنة 1992، ثم تعديل أخير بالقانون رقم 2 لسنة 2006( ).
المذكرة الإيضاحية
الحكم بموت المفقود إذا مات أقرانه أو بلغ من العمر تسعين سنة حسب أحكام مذهب أبى حنيفة الجاري عليها العمل بالمحاكم الشرعية أصبح لا يتفق الآن مع حالة الرقى التي وصلت إليها طرق المواصلات في العصر الحاضر فإن التخاطب بالبريد والتلغراف والتليفون وانتشار مفوضيات وقنصليات المملكة المصرية في أنحاء العالم جعل من السهل البحث عن الغائبين غيبة منقطعة (المفقودين) ومعرفة إن كانوا لا يزالون على قيد الحياة أو لا في وقت قصير.
لذلك عينت الوزارة قبل الآن بأمر زوجة المفقود فوضعت لها أحكاما في القانون رقم 25 لسنة 1920 من مذهب الأمام مالك (مادتي 7 و 8 ) .
أما أمر ماله فقد ترك على الحالة الجاري عليها العمل من قبل المحاكم ولكن تبين من البحث وجود قضايا كثيرة بالمجالس الحسبية تختص بأحوال المفقودين تستدعى الاهتمام والعناية بتصرف هذه الأمور على وجه أصلح فقد بلغت هذه القضايا لغاية فبراير سنة 1927/1166 قضية منها 767 قضية تقل قيمتها عن مائة جنيه أو مجهولة القيمة ومنها 36 قضية تزيد قيمتها عن ألف جنيه والباقي قيمته بين المقدارين، لهذا رأت الوزارة أن تضع أحكاما لأموال المفقودين تصلح من الحالة الموجودة الآن وتتناسب مع حالة العصر الحاضر بقدر المستطاع، ولما كان بعض المفقودين يفقد في حالة يظن معها موته كمن يخرج لقضاء حاجة قريبة ثم لا يعود أو يفقد في ميدان القتال والبعض بفقد في حالة يظن معها بقاؤه سالما كمن يغيب للتجارة أو طلب العلم أو السياحة ثم لا يعود رأت الوزارة الآخذ بمذهب الأمام أحمد بن حنبل في الحالة الثانية - ففى الحالة الأولى ينتظر إلى تمام أربع سنتين من حين فقده فإذا لم يعد وبحث عنه فلم يوجد اعتدت زوجته عدة الوفاة وحلت للأزواج بعدها وقسم ماله بين ورثته وفى الحالة الثانية يفوض أمر تقدير المدة التي يعيش بعدها المفقود إلى القاضي فإذا بحث في مظان وجوده بكل الطرق الممكنة وتحرى عنه بما يوصل إلى معرفة حالة فلم يجده وتبين أن مثله لا يعيش إلى هذا الوقت حكم بموته.
ولما كان الراجح من مذهب الأمام أبى حنيفة أنه لابد من حكم القاضي بموت المفقود وأنه من تاريخ الحكم بموته تعتد زوجته عدة الوفاة ويستحق تركته ورثته الموجودين فقد رئى الآخذ بمذهبه في الحالتين لأنه أضبط وأصلح لنظام العمل في القضاء، لهذا وضعت المادتان الحادية والعشرون والثانية والعشرون من هذا المشروع.
التعليق
• المفقود هو الغائب( ) الذي لا يعرف له موضع ولا يدرى حياته ولا موته فإذا غاب إنسان فلم يعرف له مكان ولا يعلم أحي هو أم ميت، اعتبر مفقوداً منذ التاريخ الذي يثبت فقده أي بأثر رجعى يرتد إلى تاريخ غيابه والذي يثبت بكافة طرق الإثبات القانونية وأهمها البينة الشرعية، وكما يجوز إقامة وكيل عنه لحفظ أمواله واستيفاء حقوقه والأنفاق من ماله على من تجب عليه نفقته من أصوله وفروعه وذلك بالإعمال لحكم المادة 74 من القانون رقم 119 لسنة 1952 فأنه يجوز الحكم بثبوت غيبته أو ثبوت فقده، وهذا الحكم ذو طبيعة كاشفة( ) يرتد أثره القانوني إلى التاريخ الذي يثبت فيه فقده( ).
تعريف المفقود وأثر الحكم الصادر بثبوت فقده
• والمفقود - أي الغائب - (الصادر حكم نهائي بثبوت فقده أى ثبوت غيبته) يعتبر حيا في حق نفسه وميتا في حق غيره حتى تثبت وفاته بحكم منشيء ويحكم بها القاضي، ويترتب على ذلك نتيجتان :
أولهما : عدم جواز قسمة أمواله بين ورثته من حين فقده، وذلك لأنه طالما لم يصدر حكم نهائي باعتباره ميتا فهو حي ولو حكماً.
وثانيهما: إلا يرث أحدا ممن مات من أقاربه حيث يوقف نصيبه طالما لم يصدر حكم نهائي باعتباره ميتاً وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون المواريث رقم 43 لسنة 1977.
• تضمنت المادة 21 المعدلة محل التعليق أربعة فقرات عالجت ثلاثة حالات للمفقودين أولها حالة المفقود الذي يغلب عليه الهلاك والثانية حالة المفقودين نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات. أو نتيجة العمليات العسكرية والثالثة حالة المفقودين في غير الحالات السابقة.
• وقد استحدث التعديل الذي أدخل على المادة محل التعليق الحكم المتعلق بحالة فقد المدنين نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات وذلك بالقانون رقم 33 لسنة 1992 حيث كان النص قبل تعديله يخلو من تناول حالة الفقد نتيجة تلك الحوادث، ويتعين تناول كل حالة من الحالات الثلاث بالتعليق.
الحالة الأولى : حكم المفقودين الذين يغلب عليهم الهلاك
تضمنت الفقرة الأولى من النص حالة المفقود الذي تغيب في حالة يغلب عليه فيها الهلاك فنصت على جواز الحكم بموته إذا كانت قد انقضت مدة أربع سنوات على تاريخ فقده ويتحدد تاريخ الفقد بتاريخ الغياب
وقد أوردت المذكرة الإيضاحية للنص بعض الأمثلة على ما يعد من الحالات التي يغلب عليها الهلاك كمن يخرج لقضاء حاجة قريبة ثم لا يعود أو كمن يفقد في ميدان القتال.
الحالة الثانية : حكم المفقودين نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات
استحدث المشرع النص على حالة المفقودين نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات بعد وقوع بعض تلك الحوادث خلال السنين القريبة.
وقد أجاز النص باعتبار المفقودين نتيجة تلك الحوادث موتى إذا ما انقضت خمسة عشر يوماً على تاريخ وقوع الحادثة.
• والحكمة من قصر الميعاد الذي يحكم بعده بموت المفقودين تلك الحوادث هو أن هلاكه أقرب إلى التوكيد، فضلاً عن أن مفاجأة فقده تشكل بالنسبة لأسرته حالة استعجال تستلزم سرعة تعريفهم وتحديد مراكزهم القانونية فضلا عن تقديم وسائل الاتصال.
• ويسرى النص سواء كان المفقود من تلك الحوادث من المدنيين أو العسكريين.
• ويقتصر الحكم هنا على حالة المفقودين نتيجة غرق سفينة أو سقوط طائرة ولا يمتد إلى المفقودين في غير تلك الحوادث كالفقد المترتب على الزلازل أو على حوادث القطارات فالنص أورد حوادث السفن والطائرات على سبيل الحصر فلا يجوز القياس عليها فيخرج منها الفقد نتيجة غرق قوارب الصيد الصغير أو المراكب الشراعية.
• وتحديد ما يعد سفينة من عدمه مسألة فنية يرجع في شأنها إلى ذوى الخبرة الخاصة بهذا الأمر.
• وقد أناطت الفقرة الثالثة من المادة برئيس مجلس الوزراء أن يصدر قراراً بأسماء المفقودين الذين اعتبروا أمواتا بسبب غرق السفن أو سقوط الطائرات وذلك بعد إجراء التحريات اللازمة والوقوف على القرائن والشواهد التي يغلب معها الهلاك كغرق السفينة حال كونها تمخر عباب المحيطات والبحار أو انفجار الطائرات في الجو وهكذا.
• ويقوم القرار الصادر من رئيس الوزراء في تلك الحالة مقام الحكم الذي يصدر من المحاكم بموت المفقود من حيث الآثار القانونية المترتبة عليه.
المفقودين نتيجة العمليات الحربية
• ويأخذ حكم الفقد نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرات المفقودين من أفراد القوات المسلحة أثناء العمليات الحربية، إلا أنه يشترط انقضاء سنة هجرية من تاريخ الفقد إعمالاً لحكم المادة 23 من القانون، وعلى ذلك فإن المفقود من أفراد القوات المسلحة في غير العمليات الحربية يخضع من حيث إجراءات الحكم باعتباره ميتاً إلى ما يسرى على المفقودين المدنين.
• والنص يتطلب حتى يسرى على المفقود حكم الفقرة الثانية منه توافر شرطين هما:
1- أن يكون المفقود من أفراد القوات المسلحة.
2- أن يكون فقده قد وقع أثناء العمليات الحربية.
ويتعين اجتماع الشرطين بحيث يؤدي تخلف أحدهما إلى خروج المفقود عن نطاق تطبيق الفقرة الثانية من المادة.
• والحكمة من اختصاص المفقودين من أفراد القوات المسلحة أثناء العمليات الحربية بقواعد أيسر في تقرير اعتبارهم موتى هو طبيعة صفاتهم والحالة التي يغيبون فيها باعتبار أنها مما يغلب عليها الهلاك دائما لكونها تنحصر في العمليات الحربية.
• واعتبار المفقودين أثناء العمليات الحربية من رجال القوات المسلحة يكون بقرار يصدر من وزير الدفاع يتضمن أسماء المفقودين الذين اعتبروا أمواتا.
• وقد أوجب النص إلا يصدر هذا القرار إلا بعد إجراء التحريات اللازمة حول ظروف الفقد والوقوف على القرائن والشواهد التي تؤكد أن الفقد تم أثناء العمليات الحربية.
• ويقوم القرار الذي يصدر من رئيس مجلس الوزراء أو من وزير الدفاع في الحالتين المنصوص عليهما في الفقرة الثانية من المادة (الفقد نتيجة غرق السفن أو سقوط الطائرة وحالة الفقد أثناء العمليات الحربية لرجال القوات المسلحة) مقام الحكم الذي يصدر من القضاء بموت المفقود من حيث الآثار القانونية المترتبة عليه.
الحالة الثالثة – حكم المفقودين في حالات لا يغلب عليها الهلاك
• تضمنت الفقرة الأخيرة من المادة محل التعليق حالة المفقودين في غير الأحوال المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية.
• وقد ضربت المذكرة الإيضاحية للنص أمثلة للغياب في الحالة التي لا يغلب عليها الهلاك بمن يغيب للتجارة أو طلب العلم أو السياحة ثم لا يعود وهي نماذج وردت على سبيل المثال لا الحصر.
• وقد ترك النص أمر تقدير المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود في الحالات التي لا يغلب عليها الهلاك إلى القاضي بحيث لا تقل عن أربع سنوات تحتسب من تاريخ فقده ولكن يجوز أن تزيد عليها وذلك استرشاداً بالغياب في الحالة التي يغلب عليها الهلاك باعتبار أن عدم الهلاك أدعى إلى التمهل وانتظار عودة المفقود قبل الحكم بموته ويدخل في تقدير المدة ما يعرف عن حالة المفقود الصحية وعمره وظروف غيابه وأسبابه.
• والسنة المقصودة بالفقرة الأولى والثانية من المادة هي السنة الهجرية وليست السنة الميلادية عملاً بالمادة 23 من القانون.
وقت اعتبار المفقود ميتاً
• وإذا كان النص قد اشترط مضي أربع سنوات على الأقل قبل الحكم بموت المفقودين عموما أي سواء في الحالة التي يغلب عليها أو لا يغلب عليها الهلاك إلا أنه لم يشترط سوى انقضاء مدة سنة هجرية واحدة على غياب المفقود في حالة غرق السفينة أو سقوط الطائرات أو من فقد من رجال القوات المسلحة أثناء العمليات الحربية قبل صدور قرار رئيس مجلس الوزراء أو وزير الدفاع بفقده، مما يجوز معه أن يصدر القرار في تلك الحالات قبل انقضاء مدة الأربع سنوات سالفة الذكر.
وجوب التحري عن الغائب قبل الحكم بموته
• وقد أوجب النص في جميع الأحوال سبق التحري عن المفقود قبل الحكم بموته، والتكليف كما هو موجه للمدعي يخاطب أيضاً المحكمة ورئيس الوزراء ووزير الدفاع الذين عليهم أيضاً اتخاذ كافة الإجراءات التي يتثبت منها بوفاة المفقود، وقد جرى العمل في هذا المجال على قيام المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لسماع الشهود وتكليف جهة الإدارة بعمل التحريات الإدارية اللازمة بهذا الخصوص كما أن من المحاكم من يقوم باستجواب أهلية المفقود من غير المدعي( ) ولا يشترط في التحري أن يكون معاصرا لواقعة الغياب وإنما يمكن أن يتم بتاريخ لاحق لها( ).
الوكيل عن الغائب
• وجدير بالذكر أن قرار تنصيب وكيل عن المفقود (وكيل الغائب) الذي يصدر عن محكمة الولاية على المال إعمالاً للمادة 74 من القانون رقم 119 لسنة 1952 لا يغني عن إجراء التحريات والإجراءات المشار إليها والتي يؤدي التخلف عنها إلى تعيب الحكم بعيب عدم تحصيل القانون.
• ولا يعتبر المفقود ميتاً إلا بعد الحكم بموته وصيرورة هذا الحكم نهائياً والحكم هنا يكون ذا طبيعة منشئة وليست كاشفة على عكس الحكم بثبوت الغياب.
ومن الأحكام التي صدرت متضمنة المبادئ المتقدمة الحكم الصادر من محكمة شبين القناطر الشرعية في القضية رقم 202 لسنة 1930 بتاريخ 29/1/1931 وفيه ذهبت المحكمة إلى أنه "يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد إتمام أربعة سنين من تاريخ فقده ويفوض الأمر للقاضي فيما عدا ذلك وهو يتحرى عنه بجميع الطرق الممكنة ومن هنا يبين أن الحكم بموت المفقود مقيد بمضي المدة في جميع الأحوال وألا يكفي الإثبات وحده من غير هذا التحري لزيادة الاحتياط والاطمئنان ولا يكفي في هذا التحري تنصيب الوكيل عنه وبعد هذا التحري والإثبات لا مانع من الحكم بموته وهو موت حكمي فيعتبر بالموت الحقيقي فتعتد عروسه ويقتسم ورثته الموجودين يوم الحكم بموته أمواله ولا يرث من مات قبل تمام المدة أو بعدها وقبل الحكم بموته لأنه حين مات المفقود أي الغائب حياً ولو حكماً كما إذا كانت حياته معلومة( ).
• ونحن نرى أنه لا يشترط اختصام الوكيل عن الغائب في دعوى إثبات موت المفقود إلا إذا كان يراد الاحتجاج في مواجهته بشيء مما يدخل في اختصامه القانوني كالتنفيذ في مواجهته بخصوص دين وجب بعقده وعلى ذلك فوكيل الغائب لا يعد خصماً فيما يدعي على المفقود ولا فيما يدعيه له( ).