القانون رقم 25لسنه1920 و المعدل بالقانون رقم 100لسنه1985
مـادة (1)( )
نفقة الزوجة
تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكما حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين.
ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة.
وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقتضي به الشرع.
ولا تجب النفقة للزوجة إذا ارتدت أو امتنعت مختارة عن تسليم نفسها دون حق أو اضطرت إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزواج، أو خرجت دون إذن زوجها.
ولا يعتبر سبباً لسقوط نفقة الزوجة خروجها من مسكن الزوجية دون أذن زوجها في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع مما ورد به نص أو جرى به عرف أو قضت به ضرورة ولا خروجها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق المشروط منسوب بإساءة استعمال الحق، أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب منها الزوج الامتناع عنه.
وتعتبر نفقة الزوجة ديناً على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
ولا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى( ).
ولا يقبل من الزوج التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجة وبين دين له عليها إلا فيما يزيد على ما يفي بحاجتها الضرورية.
ويكون لدين نفقة الزوجة امتياز على جميع أموال الزوج، ويتقدم في مرتبته على ديون النفقة الأخرى.
النص في القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 (ملغاة)
مادة 2 ـ تجب النفقة للزوجة على زوجها من حين العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكماً، موسرة كانت أو مختلفة معه في الدين.
ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة.
وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضى به العرف.
ولا تجب النفقة للزوجة إذا ارتدت أو امتنعت مختارة عن تسليم نفسها بدون حق أو اضطرت إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج.
ولا يعتبر سبباً لسقوط نفقة الزوجية خروجها من مسكن الزوجية -بدون إذن زوجها- في الأحوال التي يُباح فيها ذلك بحكم الشرع أو يجرى بها العرف أو عند الضرورة، ولا خروجها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق المشروط مشوب بإساءة الحق أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب منها الزوج الامتناع عنه.
وتعتبر نفقة الزوجة ديناً على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
ولا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى.
ولا يقبل من الزوج التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجة وبين دين له عليها إلا فيما يزيد على ما يفي بحاجتها الضرورية.
ويكون لدين نفقة الزوجة امتياز على جميع أموال الزوج، ويتقدم في مرتبته على ديون النفقة الأخرى.
النص في القانون رقم 25 لسنة 1920
تعتبر نفقة الزوجة التي سلمت نفسها لزوجها ولو حكماً ديناً في ذمته من وقت امتناع الزوج عن الإنفاق مع وجوبه بلا توقف على قضاء أو تراض منهما ولا يسقط دينها إلا بالأداء أو الإبراء.
المذكرة الإيضاحية
كانت تعليمات وزارة الحقانية للقانون رقم 25 لسنة 1920 تتضمن النص على أن المادتان الأولى والثانية من هذا القانون اشتملت على حكمين مخالفين لما كان العمل جاريا عليه قبل صدور هذا القانون وهما.
(1) أن نفقة الزوجة أو المطلقة لا يشترط في اعتبارها دينا في ذمة الزوج القضاء أو الرضاء بل تعتبر دينا من وقت امتناع الزوج عن الإنفاق مع وجوبه.
(2) أن دين النفقة من الديون الصحيحة وهي التي لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء ويترتب على هذين الحكمين ما يأتي:
1- أن للزوجة أو المطلقة أن تطلب الحكم لها بالنفقة على زوجها عن مدة سابقة على الترافع ولو كانت أكثر من شهر إذا ادعت أن الزوج تركها من غير نفقة مع وجوب الإنفاق عليها في هذه المدة طالت أو قصرت ومتى أثبتت ذلك بطريق من طرق الإثبات ولو كان بشهادة الاستكشاف المنصوص عليها في المادة (179) من اللائحة، حكم لها بما طلبت.
2- أن دين النفقة لا يسقط بموت أحد الزوجين ولا بالطلاق ولو خلعا فللمطلقة الحق فيما تجمد لها من النفقة حاله قيام الزوجية ما لم يكن عوضا عن الطلاق أو الخلع.
3- أن النشوز الطارئ لا يُسقط متجمد النفقة وإنما يمنع النشوز مطلقاً من وجوبها ما دامت الزوجة أو المعتدة ناشزة.
وظاهر أن هذين الحكمين هما المنصوص عليهما في هاتين المادتين وأما ما عداها من أحكام النفقة فالمرجع فيه إلى الأرجح من مذهب أبي حنيفة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 280 وعلى ذلك يكون المرجع فيمن تجب لها النفقة ومن لا تجب هو مذهب أبي حنيفة.
وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1985 بخصوص المادتين الأولى والثانية ما يلي:
"قضت الفقرة الأولى من المادة الثانية بأن تجب نفقة الزوجة على زوجها من مبدأ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكماً موسرة كانت أو مختلفة معه في الدين وهذا هو ما قضى به القانون القائم في المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1929 ثم جاءت الفقرة الثانية من النص بأنه لا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة وتشمل الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضي به العرف".
ولقد جاء هذا النص في فقرته الأخيرة بما ذهب إليه مذهب الذيدية وتقتضيه نصوص فقه الإمام مالك من أن ثمن الأدوية وأجرة الطبيب من نفقة الزوجة وعدل المشرع بهذا عن مذهب الحنفية في هذا الموضع.
ومن المقرر لدى جميع الفقهاء أن الزوجة المريضة إذا لم تُزف إلى زوجها لا تستحق نفقة قبله في حالة عجزها عن الانتقال إلى منزل الزوجية.
ثم إبان المشرع في الفقرة الرابعة من هذه المادة أحوال سقوط نفقة الزوجة في حالة ارتدادها عن الإسلام أو امتناعها مختارة عن تسليم نفسها لزوجها بدون حق أو اضطرارها إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج كما إذا حُبست ولو بغير حكم أو اعتقلت أو منعها أولياؤها من القرار في بيت زوجها.
كما أفصح المشرع عن الأحوال التي لا يعتبر فيها خروج الزوجة بدون إذن زوجها سبباً مسقطا لنفقتها عليه فقال أنها الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع كخروجها لتمريض أحد أبويها أو تعهده أو زيارته وإلى القاضي لطلب حقها، كذلك خروجها لقضاء حوائجها التي يقضي بها العرف كما إذا خرجت لزيارة محرم مريض، أو للقاضي أو ما تقضي به الضرورة كإشراف المنزل على الانهدام أو الحريق أو إذا أعسر بنفقتها، ومن ذلك الخروج للعمل المشروع إذا أذنها الزوج بالعمل أو عملت دون اعتراض منه أو تزوجها عالما بعملها. وذلك ما لم يظهر أن عملها مناف لمصلحة الأسرة أو مشوب بإساءة الحق وطلب منها الزوج الامتناع عنه.
وغني عن البيان أن الفصل عند الخلاف في كل ذلك للقاضي، ثم في الفقرة السادسة نص المشرع على أن نفقة الزوجة تعتبر ديناً على الزوج من تاريخ الامتناع عن الإنفاق مع وجوبه ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء وهذا هو الحكم القائم وهو مأخوذ من فقه المذهب الشافعي.
النفقة المتجمدة
أخذ الاقتراح بقاعدة جواز تخصيص القضاء فنص على إلا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى.
ذلك لأن في إطلاق إجازة المطالبة بالنفقة عن مدة ماضية سابقة على تاريخ رفع الدعوى احتمال جواز المطالبة بسنين عديدة كما أن المدة التي كانت مقررة في المادة 99 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة المحاكم الشرعية وهي ثلاث سنوات نهايتها تاريخ رفع الدعوى غدت كثيرة مما رأى معه هذا المشروع الاكتفاء بسنة واحدة عن طريق منع سماع الدعوى ولا يضار صاحب الحق بهذا الحكم إذ يمكنه من المبادرة إلى طلب حقه حتى لا تمضي عليه سنة فأكثر.
وظاهر أن هذا الحكم خاص بنفقة الزوجة على زوجها لا يتعداه إلى غير هذا من الحقوق.
ولما كانت المقاصة جائزة بين أرباب الديون وقد تكون الزوجة مدينة لزوجها فإنه حماية لحقها في الحصول على ما يفي بحاجتها وقوام حياتها نص المشرع على إلا يقبل من الزوج التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجة وبين دين للزوج عليها إلا فيما يزيد على ما يكفيها ويقيم أود حياتها، كما أن امتياز دين نفقة الزوجة عند تزاحم الديون على الزوج وضيق ماله عن الوفاء بالجميع أمر تقره قواعد فقهه المذهب الحنفي وهذا ما قررته الفقرة الأخيرة في هذه المادة.
سند وجوب النص
• يستند استحقاق الزوجة للنفقة على الزوج إلى قوله تعالى: ) أَسْكِنوهُنٌ من حيثُ سَكَنتُمْ مِنْ وجدكم ولا تضَارُوهنٌَ لتضيقوا عَلَيْهِنٌَ (( )
كما يستند إلى قول رسول الله × "اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانات الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله،.. ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف".
كما توجبه قواعد القياس الصحيح باعتبار أن القياس يعد المصدر الرابع من مصادر الفقه الإسلامي حيث تجرى القاعدة الشرعية على القول بأن " أن من حبس لحق غيره تلزمه نفقته".
التعليــق
مفهوم النفقة شرعا
• للفظ النفقة عند الشرعيين معنيان أحدهما خاص والآخر عام، فأما المعنى الخاص فيراد به الطعام فقط، وأما المعنى العام فيشمل الطعام والكسوة والسكنى( ) باعتبار أن العام يتناول جميع أفراد مفهومه دفعة واحدة في حدود ما تواضع عليه العرف وحددته العادة وجرى به الاستعمال، وهو ما كان يجري به المعنى في ظل أحكام القانون رقم 25 لسنة 1920 ومن ثم فلم يكن لفظ النفقة في ظل ذلك القانون يتناول بدل الفرش والغطاء أو الأجور المستحقة للزوجة إلا أن المعنى العام أصبح يشمل - في رأينا - أيضاً - بمقتضى حكم الفقرة الثالثة من المادة الأولى المطروحة مصاريف العلاج - كأجر الطبيب وثمن الأدوية - كما أصبح يشمل أيضا غير ما ذكر ما يقضي به الشرع كبدل الفرش والغطاء ومصاريف المواصلات وأجر الخادم - دون الأجور - وعلى ذلك - فإننا نرى - أنه إذا ما طلبت الزوجة الحكم لها بنفقة شاملة وقضى لها بهذا اللفظ امتنع عليها العودة للمطالبة بأي مما يدخل في مشتملات النفقة كبدل الفرش والغطاء أو مصاريف العلاج وغير ذلك إلا ما يكون قد استجد بعد صدور الحكم الأول، وعلى ذلك أيضاً فإنه مما يتعين - وفي رأينا - على الخصوم مراعاته - وكذا المحكمة - في ظل هذا النظر تفصيل ما يطلب أو يقضى به من عناصر النفقة على النحو السالف تفاديا لتباين تفسير مقصود المدعية من طلباتها وما تقضي به المحاكم في هذا الخصوص.
• كما يكون للزوجة أن تطلب فرض مستقل لكل نوع فيقضي لها به إذا ما ثبت استحقاقها له.
• ويخرج عن معنى النفقة في ظل أحكام القانون رقم 100 لسنة 1985- وفي إطار المعنى العام لها - الأجور بأنواعها كأجري الرضاعة والحضانة لأنها أمور وإن كانت تلتبس بالنفقة إلا أنها تخرج عن مدلولها.
سبب استحقاق النفقة للزوجة
• وتجب النفقة على الزوج لاستحقاقه الحبس الثابت له على الزوجة وباعتبارها حكماً من أحكام عقد الزواج الصحيح( ) فشرط وجوبها ليس مجرد انعقاد عقد الزواج في ذاته وإنما هو تحقق الاحتباس أو الاستعداد للاحتباس وإن لم يتحقق بسبب ليس من قبل الزوجة( ).
• ويتحقق احتباس الزوج للزوجة إعمالا للقول الراجح في المذهب الحنفي - واجب التطبيق - بمجرد العقد عليها بصرف النظر عن تحقق الدخول بها من عدمه، وعلى ذلك يثبت للزوجة المعقود عليها الحق في النفقة على الزوج سواء دخل بها أو لم يدخل بكراً كانت أم عقد عليها ثيباً، وسواء اختلى بها أو لم يختلي طالما أنها لم تمنع عنه حقه في احتباسها( ).
• فإذا كان تفويت الاحتباس لسبب يرجع إلى الزوجة لم تستحق النفقة على الزوج رغم انعقاد العقد.
شروط استحقاق نفقة الزوجة
• كما يشترط لاستحقاق الزوجة للنفقة أن تسلم نفسها للزوج أو استعدادها لذلك فعلاً أو حكما بعدم ممانعتها من الانتقال لمسكن الزوجية فإذا امتنعت لسبب يرجع إلى الزوج كعدم إيفائهُ لعاجل صداقها أو لعدم إعداده مسكنا للزوجية - استحقت النفقة لها رغم امتناعها( ) لأن تفويت الإحتباس هنا لسبب يرجع إليه هو أو لسبب ليس من جهتها.
نفقة الزوجة الصغيرة
• وتستحق الزوجة الصغيرة النفقة شرعاً طالما يمكن الدخول بها( ) وبصرف النظر عن كونها دون السن الذي حدده القانون في المادة 17/1 من القانون رقم 1 لسنة 2000 لجواز قبول الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج( ).
حكم نفقة الزوجة في ظل العقد الفاسد
• إلا أنه يشترط لاستحقاق الزوجة للنفقة على الزوج أن يكون عقد الزواج صحيحا وعلى ذلك فإن العقد الفاسد لا ينشأ للزوجة معه الحق في النفقة( )، ومن أمثلة العقد الفاسد أن يعقد الرجل على امرأة يتبين أنها أخته في الرضاعة مثلاً، وحكم النفقة في ظل العقد الفاسد أن يكون للزوج استرداد ما يكون قد أنفقه على الزوجة بحكم قضائي استصدرته ضده بدعوى تسمى في العمل "دعوى استرداد ما دفع بغير حق " أما إذا كان ما أنفق رضاء منه وبغير مخاصمة قضائية من الزوجة فلا حق له في استرداده إذ يعتبر ما أنفقه تبرعا منه لها( ).
مدى اعتبار امتناع الزوجة عن معاشرة الزوج سبباً مسقطاً للنفقة
• وامتناع الزوجة عن إتيان الزوج في فراشه أو عدم إعدادها لطعامه أو القيام على شيء من شئون الزوجية لا يعتبر سببا مسقطاً لنفقتها عليه لأن له استيفاء حقه بحنكتهُ وواسع حيلته كما لو نصحها أو زجرها أو ضربها إعمالاً لقوله تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن..."( ).
حالات سقوط حق الزوجة في النفقة
• والحالات التي تعتبر مما تنطوي على تفويت حق الزوج في الاحتباس وتمنع أو توقف نفقة الزوجة هي الحالات المنصوص عليها في الفقرتين 4، 5 من المادة محل التعليق وهي :
1- ارتداد الزوجة عن الإسلام
2- امتناع الزوجة مختارة عن تسليم نفسها للزوج بسبب ليس من جانبه.
3- إذا خرجت دون إذن الزوج في غير الأحوال التي يباح بها فيها الخروج.
إثبات عدم استحقاق الزوجة للنفقة
• ولا يجوز - في رأينا - إثبات أن تفويت حق الزوج في الاحتباس يرجع إلى الزوجة في ظل أحكام القانون رقم 100 لسنة 1985 إلا بقيام الزوج بتوجيه إنذار للزوجة بالدخول في طاعته على النحو الوارد بالمادة (11 مكرر ثانيا) وتقديم ما يدل على تخلف الزوجة عن الاعتراض على هذا الإنذار (شهادة من قلم كتاب المحكمة) خلال الموعد القانوني أو رفض اعتراضها - بحكم نهائي - أن كان( ) حيث توقف النفقة - إذا ما توافرت حالة من الحالات المنصوص عليها في الفقرتين 4، 5 من المادة محل التعليق من تاريخ الإنذار - فإذا كان إنذار الطاعة يستند إلى غير تلك الأسباب قضى بعدم الاعتداد بالإنذار( )، ولا يصلح بديلاً لذلك - في رأينا - مجرد التقدم بطلب إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية بالأعمال لحكم المادة 6 من القانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة.
أثر يسار الزوجة في استحقاقها للنفقة على الزوج
• وتجب نفقة الزوجة على الزوج ولو كانت على درجة من اليسار تزيد على يسار الزوج لأن المعتبر هو يسار الزوج وحده( ) .
النفقة وديانة الزوج
• كما تستحق النفقة للزوجة على الزوج المسلم ولو كانت تختلف معه في الدين، أما الزوجة الملحدة التي لا دين لها فلا تستحق النفقة.
• إلا أن الزوجة المسلمة لا تستحق النفقة على الزوج غير المسلم "زواج المسلمة بغير المسلم زواج باطل"( ).
نفقة الزوجة المريضة
• وإذا مرضت الزوجة بعد العقد وقبل الدخول ورفضت الانتقال إلى منزل الزوجية فلا نفقة لها، أما إذا تم الدخول والانتقال إلى منزل الزوجية رغم المرض استحقت النفقة لها على الزوج ولو كان المرض مزمنا( ) وكذا إذا مرضت في منزل الزوجية وانتقلت بسبب وطأة المرض إلى منزل أهلها وامتنعت عن العودة إلى مسكن الزوجية بسبب المرض، وكل ذلك إذا لم تكن في الأصل ناشزا، فإذا كانت ناشزا ومرضت وهى ناشز سقطت نفقتها بسبب نشوزها بما فيها أجرة الطبيب ومصروفات العلاج( ).
مصاريف علاج الزوجة المريضة
• ويلتزم الزوج بمصروفات علاج زوجته عملا بحكم الفقرة الثالثة من المادة( ) وتشمل مصروفات العلاج أجرة الطبيب أو المستشفى وثمن الأدوية وغير ذلك مما يجرى به العرف وذلك في حدود يسار الزوج وقدرته المالية وبصرف النظر عما تكون الزوجة قد تكبدته بالفعل من مصروفات للعلاج باعتبار أن مصروفات العلاج من مشتملات نفقة الزوجية والتي تقدر عملا بالمادة 16 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بحسب حالة الزوج المالية يسرا أو عسرا على أن الأمر وهو مسألة موضوعية يخضع لتقدير قاضى الموضوع طبقاً لكل حالة على حدة( ).
نفقة الزوجة في حالة عجز الزوج عن الإنفاق
• ولا يمنع عجز الزوج عن الإنفاق أو فقره من وجوب نفقة الزوجة عليه وكذا حبسه أو اعتقاله( ) ولا أن يكون معدما فينتقل واجب النفقة إلى من يليه وهو من كانت تجب نفقتها عليه لو لم تكن متزوجة، أما في الحالة الأولى وهي عجزه عن الإنفاق وفقره فيلزم بالنفقة ويؤمر من يليه بالأداء( ) بطريق التصريح لها بالاستدانة عليه من الأخير( ) على تفصيل سيرد في موضعه.
هل يحق لزوجة الابن طلب النفقة من والد الزوج ؟
• ولقد استقر القضاء الشرعي في هذا المجال على أن زوجة الابن لا حق لها في مطالبة أبيه بنفقتها بصفتها زوجة لابنه( ).
أجر الخادم
• وأما عن أجر الخادم فإن فرضه يتوقف على ما يثبت أمام المحكمة مما إذا كان المدعي عليه على درجة من اليسار تسمح للقول بقدرته على استحضار من يخدم زوجته، وفرضه يرتبط بمنزلة الزوجة بالنظر إلى حسبها وأنها ممن تخدم عادة أما من لم تكن ممن يخدمن فلا حق لها في المطالبة بأجر خادم حتى مع ثبوت يسار الزوج، ويجوز القضاء بأجر أكثر من خادم واحد إذا ثبت الاحتياج لذلك، وإذا اتجهت المحكمة إلى فرض أجر خادم فإنه يتعين أن تكون الزوجة قد أقامت الدليل على تواجد الخادم بالفعل في خدمتها وقت الفرض فلا يكفي القول بأنها سوف تستقدم خادما بعد صدور الحكم، وللزوج بعد الحكم بفرض أجر خادم عليه إذا ما علم أن الزوجة قامت بتسريح الخادم بعد الحصول على الفرض المقرر له أو أنه لا يقوم بالخدمة على الوجه المطلوب أن يقيم ضد الزوجة الدعوى بإسقاط أجر الخادم شريطة أن يقيم أمام المحكمة الدليل على قيام الزوجة بتسريحه.
• وأجر الخادم وإن كان لا يعد من عناصر نفقة الزوجة بمعناها الخاص وإنما يأخذ مسمى الأجور إلا أنه لا يستوي في الحكم مع أجر الرضاعة أو أجر الحضانة من حيث عدم جواز القضاء به في حالة استحقاق الزوجة للنفقة على الزوج وإنما للزوجة المطالبة به في حالة توفر شروطه رغم استحقاقها للنفقة باعتباره عنصراً مستقلا ويدخل في مفهوم ما يقضي به الشرع للزوجة في ضوء التعديل الذي أُدخل على النص بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 100 لسنة 1985.
• ويقدر أجر الخادم بحسب أوان كل زمان ومكان.
• ونحن نرى أنه إذا أقامت الزوجة الدعوى بطلب نفقة زوجية لها ونفقة لأولادها من الزوج وطلبت فرض أجر خادم لها وللأولاد وتوافرت أمام المحكمة أدلة الاستحقاق حكمت بأجر خادم واحد حيث لا يجب فرض أجر خادم للزوجة وآخر للأولاد إلا إذا كان يسار الملتزم بالنفقة يسمح بذلك.
• والحكم للأولاد بأجر خادم لا يسقط حق الحاضنة في الحصول على أجر حضانتها للأولاد بدعوى أن الخادم يقوم على خدمتهم عوضاً عن خدمة الحاضنة لاختلاف طبيعة كل من الفرضين.
أجر مسكن الزوجيه
• وأما عن المسكن فإن سكني الزوجة واجبة على الزوج شرعاً بحيث أنه إذا لم يسكنها معه وجبت لها أجرة سكن من أمواله وضمن عناصر نفقتها عليه فإذا كانت الزوجة أو المعتدة تساكن الزوج فلا أجر لمسكن لها عليه وإنما استحقت فقط بقية عناصر النفقة إذا ما امتنع عن القيام بها.
أجر مسكن الزوجية وأجر مسكن الحضانة
• وفرض أجر مسكن للزوجة لا يختلط بأجر مسكن حضانة الصغار في حالة اختيار الحاضنة للبدل النقدي (أجر السكن) المنصوص عليه في المادة 18 مكرر ثالثا من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل إذ أن أجر المسكن في المادة الأولى يعد من عناصر نفقة الزوجية ويستحق للزوجة في حالة تخلف الزوج عن إسكان زوجته حال قيام الزوجية ومن أموال الزوج شخصياً أما أجر مسكن الحضانة فيعتبر من عناصر نفقة الصغير على أبيه ويستحق في أموال الصغير بحسب الأصل أن كانت له أموال ويلتزم به الأب استثناء في حال فقر الصغير وعدم وجود مسكن للحاضنة( ).
• ولا يعني حصول الزوجة على أجر مسكن ضمن عناصر نفقتها على الزوج سقوط التزام الزوج بتهيئة مسكن الزوجية فإذا أعد الزوج مسكن زوجية مستوفي لأركانه الشرعية كان على الزوجة القرار فيه حيث يسقط من ثم أجر المسكن من عناصر نفقتها الأخرى عليه.
مدى جواز تنفيذ التزام الزوج بالسكنى عينا
• إلا أنه لا يجوز إجبار الزوج على إسكان زوجته وإجابة طلب تمكينها من مسكن الزوجية( ) باعتباره من قبيل تنفيذ التزامه بإسكان الزوجة عينا ذلك أنه رغم اختصاص محكمة الأسرة بنظر دعوى الزوجة بتمكينها من مسكن الزوجية - بالتطبيق لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 18 مكرر ثالثاً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985- إلا أن ذلك يقتصر على حالة كون ذلك إنما ينصرف إلى الحالة التي يضحي فيها ذلك المسكن مخصصا لحضانة الصغير في حالة طلاق الزوجين وحيث لا يجيز القول الراجح من المذهب الحنفي سوى القضاء بأجر مسكن للزوجة في حالة تعذر تنفيذ التزام الزوج بإسكان الزوجة عينا وحيث لا يتسنى إجباره على التنفيذ العيني.
• وإذ طُلبت النفقة كعناصر محددة (مأكل وملبس ومسكن) كان على المحكمة أن تقضي بفرض مستقل لكل عنصر وطبقا للمطلوب، إلا أنها لا يجوز لها أن تقضي بنفقة شاملة لأن قضائها بذلك إنما يعني أنها قضت بأكثر مما طلبه الخصوم وذلك لأن لفظ النفقة الشاملة أصبح يعني في كل مفهوم المادة المطروحة أكثر من المأكل والملبس والمسكن فحسب إلا إنها لو قضت بفرض نفقة زوجية بأنواعها الثلاثة صح قضائها باعتبار أن العناصر الرئيسية للنفقة هي المأكل والملبس والمسكن.
قرينة الامتناع عن الإنفاق وإثباته
• ويعتبر إقامة الزوجة الدعوى للمطالبة بالنفقة قرينة قضائية بسيطة على امتناع الزوج - عموما - عن الإنفاق ولكن لكونها قرينة قضائية فيجوز للزوج دحضها بإثبات قيامه بالإنفاق على الزوجة تمويناُ أو نقداً كما يثبت تاريخ الامتناع عن الإنفاق - تحديدا - بكافة طرق الإثبات ومنها البينة الشرعية.
إثبات الحالة المالية للملتزم بالنفقة
• وقد جرت المحاكم على الاكتفاء في إثبات الحالة المالية للزوج بما يسمى "بيان مفردات المرتب" إذا كان الزوج موظفا وهو ما يعرف شرعاً بشهادة الاستكشاف" أو بالتحريات الإدارية إذا كان من أرباب المهن الأخرى( )، إلا أنه يجوز إثبات الحالة المالية بكافة طرق الإثبات الأخرى ومنها البينة الشرعية خاصة إذا ادعت الزوجة أن للزوج مصادر دخل بخلاف راتبه الثابت.
إثبات الوفاء بالنفقة
• ويجوز للملتزم بالنفقة إثبات وفائه بها بكافة طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود دون تقيد بقاعدة عدم جواز إثبات ما يجاوز 500 جنيه إلا بالكتابة( ) لما هو - مقرر عملاً - من أن المشرع قد فرق في الإثبات في نطاق الأحوال الشخصية بين الدليل وإجراءات الدليل( ) مما مؤداه خضوع إثبات الوفاء بالنفقة للقول الراجح بالمذهب الحنفي وهو جواز الإثبات بالبينة أياً ما كانت قيمة التصرف.
قرينة قبض نفقة الشهر
• وقد ذهب الفقه والقضاء الشرعي منذ زمن بعيد إلى قاعدة مؤداها أن ثبوت قبض (الزوجة أو المطلقة أو المستحقة) لنفقة شهر قرينة قاطعة على قبض المتجمد عن الشهر السابق عليه( ).
مفهوم الإنفاق تموينا
• كما يجوز دفع طلب الزوجة للنفقة بقيام الزوج بالإنفاق عليها، ويجوز للزوج - كما تقدم - إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات ومنها البينة الشرعية وفى هذه الحالة لا يجوز القضاء ضده بإلزامه بالنفقة( ).
تقدير نفقة الزوجة
• وتدخل كافة موارد الزوج المالية في تقدير يساره - ومن ثم - في تحديد مقدار النفقة المستحقة عليه، من ذلك عوائد أرصدته النقدية بالبنوك ومقدار الريع المستحق له كعائد ودائع أو سندات بنكية (شهادات الاستثمار والادخار وما شابه)( ) وقيمة إيجار الأراضي الزراعية وغيرها من العقارات المملوكة.
• ونحن نرى أنه لا يعد امتلاك الزوج لسيارة خاصة دليلاً على اليسار وإنما يعد، وكذا زواجه من أخرى أعباء مالية تستنزل من موارده عند تقدير النفقة المستحقة عليه.
• يبين من استعراض نص المادة محل التعليق أن المشرع قنن ما تتفق عليه المذاهب الفقهية المختلفة من وجوب نفقة الزوجة على زوجها باعتبار أن ذلك الوجوب وردت بشأنه نصوص قطعية الثبوت والدلالة من القرآن الكريم.
سبب استحقاق الزوجة للنفقة
• وقد أختلف الفقه الشرعي حول سبب استحقاق نفقة الزوجة بين قول بوجوبها بمجرد العقد دون توقف على شيء آخر وقول يشترط لوجوبها توافر الاحتباس أو الاستعداد له وثالث يذهب إلى عدم وجوبها قبل أن تزف الزوجة إلى الزوج.
وقد حسم المشرع ذلك الخلاف واعتمد في الفقرة الأولى من المادة الرأي الذي يشترط لوجوب نفقة الزوجة توافر الاحتباس أو الاستعداد له فكان نص الفقرة الأولى من المادة الأولى وقد صدرها بالقول "تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حُكماً". وهو ما درج الفقه على تسميته بأن "النفقة مقابل الأحتباس" أي مقابل العقد مجرداً.
أحوال عدم استحقاق الزوجة للنفقة
ثم تناول المشرع في الفقرة الرابعة من المادة أحوال عدم وجوب النفقة على الزوج وعددها في ثلاث حالات:
الأولى : إذا ارتدت (أي ارتدت عن الإسلام).
والثانية : إذا امتنعت مختارة عن تسليم نفسها دون حق أو اضطرت إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج كاضطرارها للبقاء بمسكن أسرتها لرعاية أحد مرضاها.
والثالثة : إذا خرجت دون إذن زوجها( ).
ثم تناول في الفقرة الخامسة بيان حالات عدم سقوط النفقة رغم خروج الزوجة من مسكن الزوجية على خلاف القاعدة المنصوص عليها بعجز الفقرة الرابعة وحصرها في استثنائين هما الخروج بحكم الشرع والخروج للعمل.
أما الاستثناء الأول فهو خروج الزوجة من مسكن الزوجية بغير إذن الزوج بحكم الشرع
تضمنت الفقرة الخامسة من المادة محل التعليق - النص على أنه لا يعتبر سببا لسقوط نفقة الزوجة خروجها من مسكن الزوجية - دون إذن زوجها - في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع، ثم أردفت تبياناً لنطاق اصطلاح " حكم الشرع " بقولها " مما ورد به نص أو جرى به عرف أو قضت به ضرورة" الأمر الذي يبين منه مقصود المشرع في إجازة خروج الزوجة من مسكن الزوجية دون إذن زوجها في الأحوال التي ورد بإباحتها نص شرعي أو عرف شرعي أو جرت بها ضرورة شرعية( ).
وإذا كان مفهوم حكم الشرع في اصطلاح الأصوليين هو خطاب الشارع (المولى عز وجل) المتعلق بأفعال المكلفين طلباً أو تخييراً أو وضعاً، وأنه في اصطلاح الفقهاء الأثر الذي يقتضيه خطاب الشارع في الفعل كالوجوب والحرمة والإباحة مما تعد معه سائر الأدلة الشرعية التي دل القرآن على اعتبارها والاحتجاج بها من إجماع أو قياس وغيرها في حقيقتها في خطاب من الشارع ولكنه غير مباشر وهو ما يعني أن كل دليل شرعي تعلق بفعل من أفعال المكلفين طلباً أو تخييراً أو وضع هو حكم شرعي( )، فإن مؤدى ذلك أن للزوجة الحق في الخروج من مسكن الزوجية دون إذن الزوج في الأحوال التي يقوم عليها دليل من الأدلة الشرعية وسواء كان النص هو حكم من كتاب الله أو سنة نبوية، وسواء كان مصدر الحكم الشرعي إجماع الأمة أو القياس أو العرف أو المصلحة المتمثلة في ضرورة تقتضي الفعل أو ترفع عنه الحظر أن كان.
وأما الاستثناء الثاني خروج الزوجة للعمل (الحق والضوابط)
يقول الله تعالى في محكم التنزيل "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير، فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير"( ) ويستدل من الآيتين المذكورتين على أن من حق المرأة العمل بل أن من واجبها العمل عند الضرورة( ).
تحديد مدلول العمل المشروع
ويبين من استعراض نص الفقرة الخامسة من المادة محل التعليق أن المشرع قد أجاز للمرأة الخروج من مسكن الزوجية لغرض العمل باعتبار أنه إذا كان قد اكتفى فيما يتعلق بحق المرأة في الخروج من مسكن الزوجية بوجه عام اشتراط إجازة الشرع ذلك الخروج وذلك بأن يكون خروجها في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع إلا أنه فيما يتعلق بإجازته خروجها للاحتراف اشترط توافر شرطان أولهما أن يكون العمل الذي تخرج لأجله مشروعا وثانيهما أن يأذن لها الزوج في العمل.
ونتناول كل من الشرطين بشيء من التفصيل
• تناول الجزء الثاني من الفقرة الخامسة من المادة محل التعليق - كما تقدم القول - النص على أن خروج الزوجة للعمل لا يعتبر سبباً مسقطاً لنفقتها على الزوج، ويبين من استعراض النص المذكور أن المشرع قد اشترط في العمل الذي تزاوله المرأة أن يكون عملاً مشروعاً.
• وفى مجال تحديد مفهوم المشروعية في هذا النطاق تعددت الآراء وتباينت فذهب قول إلى اعتماد القانون كضابط لها، فالعمل المشروع هو العمل المطابق للقانون بينما العمل غير المشروع هو العمل المخالف للقانون( ) بينما يذهب اتجاه أخر إلى القول بأن العمل المشروع هو العمل الجائز شرعاً أي وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية( ) ونحن نرجح الأخذ بالنظر الأخير ذلك أنه وإن كانت عبارة "المشروع" وإن كان يمكن استخدامها بحكم اشتقاقها كتعبير عن مطابقة القانون وأيضا مطابقة الشريعة الإسلامية فإنه في مجال قوانين الأحوال الشخصية وهى تطبيق لأحكام الشريعة الإسلامية يكون الراجح هو قصد أحكام الشريعة الإسلامية، يضاف إلى ذلك أنه إذا كان المشرع قد أجاز خروج الزوجة من منزل الزوجية دون إذن من الزوج في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع أي - على ما تقدم القول - في الأحوال التي يقوم عليها دليل شرعي فإن إيراده مثالاً لذلك الحالات بالنص على خروجها للعمل المشروع كمثال لها وهو ما يستفاد مما ورد بالمذكرة الإيضاحية للنص إنما يوجب القول بخضوع العمل الذي يباح للزوجة لممارسته لذات الضابط الذي يبيح لها الخروج من مسكن الزوجية بوجه عام بغير إذن الزوج وهو حكم الشرع مما ورد به نص أو جرى به عرف أو قضت به ضرورة( ) وهو ما يستتبع القول بأن العمل يعد مشروعاً طالما أنه لم يرد بتحريمه نص شرعي أو كان يجيزه العرف الصحيح أو تقضى به ضرورة شرعية كمن تعمل لتعول نفسها( ).
• أورد النص في الجزء الثالث من الفقرة الخامسة حكم حالة خروج الزوجة للعمل وقيد ذلك بشرطين أوجب توافرهما حتى لا يكون ذلك سببا مسقطا لنفقتها على الزوج والقيد الأول يتمثل في وجوب أن يكون العمل مشروعا - وهو ما تناولناه قبلا - وأما الشرط الثاني فهو موافقة الزوج على العمل حقيقة أو حكما ودليل ذلك أن المذكرة الإيضاحية للنص قد ضربت الأمثلة للحالات التي يجوز فيها للزوجة الخروج للعمل ويستدل منها على صدور موافقة الزوج الحقيقة أو الحكمية فجرى نصها على أن "...... ومن ذلك الخروج للعمل المشروع إذا أذنها الزوج للعمل أو عملت دون اعتراض منه أو تزوجها عالما بعملها....." وجميع الحالات التي جرى بها نص المذكرة الإيضاحية وهى:
أولاً : إذا كانت قد تزوجت غير محترفة ثم أرادت الاحتراف بعد الزواج وأذن لها زوجها صراحة بذلك.
ثانيا : إذا كانت قد تزوجت غير محترفة ثم أرادت الاحتراف بعد الزواج ولم تستأذن الزوج في ذلك واحترفت بالفعل دون أن يصدر عن الزوج ثمة اعتراض وهو ما يعد إذن ضمني بالعمل.
ثالثا : أن تكون الزوجة محترفة من قبل الزواج ثم تقترن بالزوج وهو يعلم باحترافها وهو ما يعد إذن مسبق منه بالعمل وشرطا بالعقد( ).
مفهوم موافقة الزوج ومدى وجوب توافره في حالة خروج الزوجة للعمل
هذه الحالات ترتد إلى صدور موافقة الزوج على عمل الزوجة وإذنه إياها به سواء كان ذلك بإذن مسبق كما في الفرض الثالث أو بإذن صريح كما في الفرض الأول أو بإذن ضمني كما في الفرض الثاني، مما مقتضاه أنه ليس لمن تزوجت مخدرة( ) أن تحترف بعد الزواج إلا بإذن من الزوج وموافقته فإن هي فعلت عدت ناشزة وسقطت نفقتها عليه، وأن من احترفت بعد الزواج دون اعتراض أو تزوجت وهى محترفة فليس للزوج منعها من العمل إعمالاً لحكم النص محل التعليق لرضائه الضمني ويؤكد ذلك - أي أن موافقة الزوج شرط لازم لخروج الزوجة للعمل - أن الخروج للعمل وقد اشترط النص أن يكون مشروعا مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية وهذه المطابقة تستوجب توافر كافة الشرائط الشرعية في خروج الزوجة للعمل وفقا لأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة ومن بين هذه الشرائط - كما تقدم القول - سبق الحصول على إذن الزوج بذلك، يضاف إلى ذلك أن الجزء الثاني من الفقرة الخامسة قد اشترطت ضمن ما اشترطت في مجال تحديد حق الزوجة في العمل إلا يطلب منها زوجها الامتناع عنه - وذلك على التفصيل الذي نورده فيما يلي - مقتضى ذلك أنه في حالة إباحة خروج الزوجة للعمل تكون شروط منعها عنه ومن بينها طلب الزوج الامتناع عن الخروج للعمل غير متوافرة بما معناه أن الزوج إما قد رضى بهذا الخروج صراحة أو قد أقره ضمنا.
حق الزوج في منع الزوجة من العمل رغم سابق موافقته ورضاه (حالتان)
• بعد أن تناول المشرع في الجزء الثاني من الفقرة الخامسة تقرير حق الزوجة في الخروج من مسكن الزوجية للعمل وأبان شرطي استخدامها لذلك الحق وهما وجوب توافر المشروعية في العمل وموافقة الزوج الحقيقة أو الحكمية على ذلك أي على الخروج وعلى العمل أعطى للزوج الحق في منع الزوجة من العمل أو من الاستمرار فيه وذلك حالة إذا ما ظهر أن استعمالها لهذا الحق مشوب بإساءة استعمال الحق أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب الزوج الامتناع عنه.
مـادة (1)( )
نفقة الزوجة
تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكما حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين.
ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة.
وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقتضي به الشرع.
ولا تجب النفقة للزوجة إذا ارتدت أو امتنعت مختارة عن تسليم نفسها دون حق أو اضطرت إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزواج، أو خرجت دون إذن زوجها.
ولا يعتبر سبباً لسقوط نفقة الزوجة خروجها من مسكن الزوجية دون أذن زوجها في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع مما ورد به نص أو جرى به عرف أو قضت به ضرورة ولا خروجها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق المشروط منسوب بإساءة استعمال الحق، أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب منها الزوج الامتناع عنه.
وتعتبر نفقة الزوجة ديناً على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
ولا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى( ).
ولا يقبل من الزوج التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجة وبين دين له عليها إلا فيما يزيد على ما يفي بحاجتها الضرورية.
ويكون لدين نفقة الزوجة امتياز على جميع أموال الزوج، ويتقدم في مرتبته على ديون النفقة الأخرى.
النص في القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 (ملغاة)
مادة 2 ـ تجب النفقة للزوجة على زوجها من حين العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكماً، موسرة كانت أو مختلفة معه في الدين.
ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة.
وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضى به العرف.
ولا تجب النفقة للزوجة إذا ارتدت أو امتنعت مختارة عن تسليم نفسها بدون حق أو اضطرت إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج.
ولا يعتبر سبباً لسقوط نفقة الزوجية خروجها من مسكن الزوجية -بدون إذن زوجها- في الأحوال التي يُباح فيها ذلك بحكم الشرع أو يجرى بها العرف أو عند الضرورة، ولا خروجها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق المشروط مشوب بإساءة الحق أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب منها الزوج الامتناع عنه.
وتعتبر نفقة الزوجة ديناً على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
ولا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى.
ولا يقبل من الزوج التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجة وبين دين له عليها إلا فيما يزيد على ما يفي بحاجتها الضرورية.
ويكون لدين نفقة الزوجة امتياز على جميع أموال الزوج، ويتقدم في مرتبته على ديون النفقة الأخرى.
النص في القانون رقم 25 لسنة 1920
تعتبر نفقة الزوجة التي سلمت نفسها لزوجها ولو حكماً ديناً في ذمته من وقت امتناع الزوج عن الإنفاق مع وجوبه بلا توقف على قضاء أو تراض منهما ولا يسقط دينها إلا بالأداء أو الإبراء.
المذكرة الإيضاحية
كانت تعليمات وزارة الحقانية للقانون رقم 25 لسنة 1920 تتضمن النص على أن المادتان الأولى والثانية من هذا القانون اشتملت على حكمين مخالفين لما كان العمل جاريا عليه قبل صدور هذا القانون وهما.
(1) أن نفقة الزوجة أو المطلقة لا يشترط في اعتبارها دينا في ذمة الزوج القضاء أو الرضاء بل تعتبر دينا من وقت امتناع الزوج عن الإنفاق مع وجوبه.
(2) أن دين النفقة من الديون الصحيحة وهي التي لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء ويترتب على هذين الحكمين ما يأتي:
1- أن للزوجة أو المطلقة أن تطلب الحكم لها بالنفقة على زوجها عن مدة سابقة على الترافع ولو كانت أكثر من شهر إذا ادعت أن الزوج تركها من غير نفقة مع وجوب الإنفاق عليها في هذه المدة طالت أو قصرت ومتى أثبتت ذلك بطريق من طرق الإثبات ولو كان بشهادة الاستكشاف المنصوص عليها في المادة (179) من اللائحة، حكم لها بما طلبت.
2- أن دين النفقة لا يسقط بموت أحد الزوجين ولا بالطلاق ولو خلعا فللمطلقة الحق فيما تجمد لها من النفقة حاله قيام الزوجية ما لم يكن عوضا عن الطلاق أو الخلع.
3- أن النشوز الطارئ لا يُسقط متجمد النفقة وإنما يمنع النشوز مطلقاً من وجوبها ما دامت الزوجة أو المعتدة ناشزة.
وظاهر أن هذين الحكمين هما المنصوص عليهما في هاتين المادتين وأما ما عداها من أحكام النفقة فالمرجع فيه إلى الأرجح من مذهب أبي حنيفة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 280 وعلى ذلك يكون المرجع فيمن تجب لها النفقة ومن لا تجب هو مذهب أبي حنيفة.
وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1985 بخصوص المادتين الأولى والثانية ما يلي:
"قضت الفقرة الأولى من المادة الثانية بأن تجب نفقة الزوجة على زوجها من مبدأ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكماً موسرة كانت أو مختلفة معه في الدين وهذا هو ما قضى به القانون القائم في المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1929 ثم جاءت الفقرة الثانية من النص بأنه لا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة وتشمل الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضي به العرف".
ولقد جاء هذا النص في فقرته الأخيرة بما ذهب إليه مذهب الذيدية وتقتضيه نصوص فقه الإمام مالك من أن ثمن الأدوية وأجرة الطبيب من نفقة الزوجة وعدل المشرع بهذا عن مذهب الحنفية في هذا الموضع.
ومن المقرر لدى جميع الفقهاء أن الزوجة المريضة إذا لم تُزف إلى زوجها لا تستحق نفقة قبله في حالة عجزها عن الانتقال إلى منزل الزوجية.
ثم إبان المشرع في الفقرة الرابعة من هذه المادة أحوال سقوط نفقة الزوجة في حالة ارتدادها عن الإسلام أو امتناعها مختارة عن تسليم نفسها لزوجها بدون حق أو اضطرارها إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج كما إذا حُبست ولو بغير حكم أو اعتقلت أو منعها أولياؤها من القرار في بيت زوجها.
كما أفصح المشرع عن الأحوال التي لا يعتبر فيها خروج الزوجة بدون إذن زوجها سبباً مسقطا لنفقتها عليه فقال أنها الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع كخروجها لتمريض أحد أبويها أو تعهده أو زيارته وإلى القاضي لطلب حقها، كذلك خروجها لقضاء حوائجها التي يقضي بها العرف كما إذا خرجت لزيارة محرم مريض، أو للقاضي أو ما تقضي به الضرورة كإشراف المنزل على الانهدام أو الحريق أو إذا أعسر بنفقتها، ومن ذلك الخروج للعمل المشروع إذا أذنها الزوج بالعمل أو عملت دون اعتراض منه أو تزوجها عالما بعملها. وذلك ما لم يظهر أن عملها مناف لمصلحة الأسرة أو مشوب بإساءة الحق وطلب منها الزوج الامتناع عنه.
وغني عن البيان أن الفصل عند الخلاف في كل ذلك للقاضي، ثم في الفقرة السادسة نص المشرع على أن نفقة الزوجة تعتبر ديناً على الزوج من تاريخ الامتناع عن الإنفاق مع وجوبه ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء وهذا هو الحكم القائم وهو مأخوذ من فقه المذهب الشافعي.
النفقة المتجمدة
أخذ الاقتراح بقاعدة جواز تخصيص القضاء فنص على إلا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى.
ذلك لأن في إطلاق إجازة المطالبة بالنفقة عن مدة ماضية سابقة على تاريخ رفع الدعوى احتمال جواز المطالبة بسنين عديدة كما أن المدة التي كانت مقررة في المادة 99 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة المحاكم الشرعية وهي ثلاث سنوات نهايتها تاريخ رفع الدعوى غدت كثيرة مما رأى معه هذا المشروع الاكتفاء بسنة واحدة عن طريق منع سماع الدعوى ولا يضار صاحب الحق بهذا الحكم إذ يمكنه من المبادرة إلى طلب حقه حتى لا تمضي عليه سنة فأكثر.
وظاهر أن هذا الحكم خاص بنفقة الزوجة على زوجها لا يتعداه إلى غير هذا من الحقوق.
ولما كانت المقاصة جائزة بين أرباب الديون وقد تكون الزوجة مدينة لزوجها فإنه حماية لحقها في الحصول على ما يفي بحاجتها وقوام حياتها نص المشرع على إلا يقبل من الزوج التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجة وبين دين للزوج عليها إلا فيما يزيد على ما يكفيها ويقيم أود حياتها، كما أن امتياز دين نفقة الزوجة عند تزاحم الديون على الزوج وضيق ماله عن الوفاء بالجميع أمر تقره قواعد فقهه المذهب الحنفي وهذا ما قررته الفقرة الأخيرة في هذه المادة.
سند وجوب النص
• يستند استحقاق الزوجة للنفقة على الزوج إلى قوله تعالى: ) أَسْكِنوهُنٌ من حيثُ سَكَنتُمْ مِنْ وجدكم ولا تضَارُوهنٌَ لتضيقوا عَلَيْهِنٌَ (( )
كما يستند إلى قول رسول الله × "اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانات الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله،.. ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف".
كما توجبه قواعد القياس الصحيح باعتبار أن القياس يعد المصدر الرابع من مصادر الفقه الإسلامي حيث تجرى القاعدة الشرعية على القول بأن " أن من حبس لحق غيره تلزمه نفقته".
التعليــق
مفهوم النفقة شرعا
• للفظ النفقة عند الشرعيين معنيان أحدهما خاص والآخر عام، فأما المعنى الخاص فيراد به الطعام فقط، وأما المعنى العام فيشمل الطعام والكسوة والسكنى( ) باعتبار أن العام يتناول جميع أفراد مفهومه دفعة واحدة في حدود ما تواضع عليه العرف وحددته العادة وجرى به الاستعمال، وهو ما كان يجري به المعنى في ظل أحكام القانون رقم 25 لسنة 1920 ومن ثم فلم يكن لفظ النفقة في ظل ذلك القانون يتناول بدل الفرش والغطاء أو الأجور المستحقة للزوجة إلا أن المعنى العام أصبح يشمل - في رأينا - أيضاً - بمقتضى حكم الفقرة الثالثة من المادة الأولى المطروحة مصاريف العلاج - كأجر الطبيب وثمن الأدوية - كما أصبح يشمل أيضا غير ما ذكر ما يقضي به الشرع كبدل الفرش والغطاء ومصاريف المواصلات وأجر الخادم - دون الأجور - وعلى ذلك - فإننا نرى - أنه إذا ما طلبت الزوجة الحكم لها بنفقة شاملة وقضى لها بهذا اللفظ امتنع عليها العودة للمطالبة بأي مما يدخل في مشتملات النفقة كبدل الفرش والغطاء أو مصاريف العلاج وغير ذلك إلا ما يكون قد استجد بعد صدور الحكم الأول، وعلى ذلك أيضاً فإنه مما يتعين - وفي رأينا - على الخصوم مراعاته - وكذا المحكمة - في ظل هذا النظر تفصيل ما يطلب أو يقضى به من عناصر النفقة على النحو السالف تفاديا لتباين تفسير مقصود المدعية من طلباتها وما تقضي به المحاكم في هذا الخصوص.
• كما يكون للزوجة أن تطلب فرض مستقل لكل نوع فيقضي لها به إذا ما ثبت استحقاقها له.
• ويخرج عن معنى النفقة في ظل أحكام القانون رقم 100 لسنة 1985- وفي إطار المعنى العام لها - الأجور بأنواعها كأجري الرضاعة والحضانة لأنها أمور وإن كانت تلتبس بالنفقة إلا أنها تخرج عن مدلولها.
سبب استحقاق النفقة للزوجة
• وتجب النفقة على الزوج لاستحقاقه الحبس الثابت له على الزوجة وباعتبارها حكماً من أحكام عقد الزواج الصحيح( ) فشرط وجوبها ليس مجرد انعقاد عقد الزواج في ذاته وإنما هو تحقق الاحتباس أو الاستعداد للاحتباس وإن لم يتحقق بسبب ليس من قبل الزوجة( ).
• ويتحقق احتباس الزوج للزوجة إعمالا للقول الراجح في المذهب الحنفي - واجب التطبيق - بمجرد العقد عليها بصرف النظر عن تحقق الدخول بها من عدمه، وعلى ذلك يثبت للزوجة المعقود عليها الحق في النفقة على الزوج سواء دخل بها أو لم يدخل بكراً كانت أم عقد عليها ثيباً، وسواء اختلى بها أو لم يختلي طالما أنها لم تمنع عنه حقه في احتباسها( ).
• فإذا كان تفويت الاحتباس لسبب يرجع إلى الزوجة لم تستحق النفقة على الزوج رغم انعقاد العقد.
شروط استحقاق نفقة الزوجة
• كما يشترط لاستحقاق الزوجة للنفقة أن تسلم نفسها للزوج أو استعدادها لذلك فعلاً أو حكما بعدم ممانعتها من الانتقال لمسكن الزوجية فإذا امتنعت لسبب يرجع إلى الزوج كعدم إيفائهُ لعاجل صداقها أو لعدم إعداده مسكنا للزوجية - استحقت النفقة لها رغم امتناعها( ) لأن تفويت الإحتباس هنا لسبب يرجع إليه هو أو لسبب ليس من جهتها.
نفقة الزوجة الصغيرة
• وتستحق الزوجة الصغيرة النفقة شرعاً طالما يمكن الدخول بها( ) وبصرف النظر عن كونها دون السن الذي حدده القانون في المادة 17/1 من القانون رقم 1 لسنة 2000 لجواز قبول الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج( ).
حكم نفقة الزوجة في ظل العقد الفاسد
• إلا أنه يشترط لاستحقاق الزوجة للنفقة على الزوج أن يكون عقد الزواج صحيحا وعلى ذلك فإن العقد الفاسد لا ينشأ للزوجة معه الحق في النفقة( )، ومن أمثلة العقد الفاسد أن يعقد الرجل على امرأة يتبين أنها أخته في الرضاعة مثلاً، وحكم النفقة في ظل العقد الفاسد أن يكون للزوج استرداد ما يكون قد أنفقه على الزوجة بحكم قضائي استصدرته ضده بدعوى تسمى في العمل "دعوى استرداد ما دفع بغير حق " أما إذا كان ما أنفق رضاء منه وبغير مخاصمة قضائية من الزوجة فلا حق له في استرداده إذ يعتبر ما أنفقه تبرعا منه لها( ).
مدى اعتبار امتناع الزوجة عن معاشرة الزوج سبباً مسقطاً للنفقة
• وامتناع الزوجة عن إتيان الزوج في فراشه أو عدم إعدادها لطعامه أو القيام على شيء من شئون الزوجية لا يعتبر سببا مسقطاً لنفقتها عليه لأن له استيفاء حقه بحنكتهُ وواسع حيلته كما لو نصحها أو زجرها أو ضربها إعمالاً لقوله تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن..."( ).
حالات سقوط حق الزوجة في النفقة
• والحالات التي تعتبر مما تنطوي على تفويت حق الزوج في الاحتباس وتمنع أو توقف نفقة الزوجة هي الحالات المنصوص عليها في الفقرتين 4، 5 من المادة محل التعليق وهي :
1- ارتداد الزوجة عن الإسلام
2- امتناع الزوجة مختارة عن تسليم نفسها للزوج بسبب ليس من جانبه.
3- إذا خرجت دون إذن الزوج في غير الأحوال التي يباح بها فيها الخروج.
إثبات عدم استحقاق الزوجة للنفقة
• ولا يجوز - في رأينا - إثبات أن تفويت حق الزوج في الاحتباس يرجع إلى الزوجة في ظل أحكام القانون رقم 100 لسنة 1985 إلا بقيام الزوج بتوجيه إنذار للزوجة بالدخول في طاعته على النحو الوارد بالمادة (11 مكرر ثانيا) وتقديم ما يدل على تخلف الزوجة عن الاعتراض على هذا الإنذار (شهادة من قلم كتاب المحكمة) خلال الموعد القانوني أو رفض اعتراضها - بحكم نهائي - أن كان( ) حيث توقف النفقة - إذا ما توافرت حالة من الحالات المنصوص عليها في الفقرتين 4، 5 من المادة محل التعليق من تاريخ الإنذار - فإذا كان إنذار الطاعة يستند إلى غير تلك الأسباب قضى بعدم الاعتداد بالإنذار( )، ولا يصلح بديلاً لذلك - في رأينا - مجرد التقدم بطلب إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية بالأعمال لحكم المادة 6 من القانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة.
أثر يسار الزوجة في استحقاقها للنفقة على الزوج
• وتجب نفقة الزوجة على الزوج ولو كانت على درجة من اليسار تزيد على يسار الزوج لأن المعتبر هو يسار الزوج وحده( ) .
النفقة وديانة الزوج
• كما تستحق النفقة للزوجة على الزوج المسلم ولو كانت تختلف معه في الدين، أما الزوجة الملحدة التي لا دين لها فلا تستحق النفقة.
• إلا أن الزوجة المسلمة لا تستحق النفقة على الزوج غير المسلم "زواج المسلمة بغير المسلم زواج باطل"( ).
نفقة الزوجة المريضة
• وإذا مرضت الزوجة بعد العقد وقبل الدخول ورفضت الانتقال إلى منزل الزوجية فلا نفقة لها، أما إذا تم الدخول والانتقال إلى منزل الزوجية رغم المرض استحقت النفقة لها على الزوج ولو كان المرض مزمنا( ) وكذا إذا مرضت في منزل الزوجية وانتقلت بسبب وطأة المرض إلى منزل أهلها وامتنعت عن العودة إلى مسكن الزوجية بسبب المرض، وكل ذلك إذا لم تكن في الأصل ناشزا، فإذا كانت ناشزا ومرضت وهى ناشز سقطت نفقتها بسبب نشوزها بما فيها أجرة الطبيب ومصروفات العلاج( ).
مصاريف علاج الزوجة المريضة
• ويلتزم الزوج بمصروفات علاج زوجته عملا بحكم الفقرة الثالثة من المادة( ) وتشمل مصروفات العلاج أجرة الطبيب أو المستشفى وثمن الأدوية وغير ذلك مما يجرى به العرف وذلك في حدود يسار الزوج وقدرته المالية وبصرف النظر عما تكون الزوجة قد تكبدته بالفعل من مصروفات للعلاج باعتبار أن مصروفات العلاج من مشتملات نفقة الزوجية والتي تقدر عملا بالمادة 16 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بحسب حالة الزوج المالية يسرا أو عسرا على أن الأمر وهو مسألة موضوعية يخضع لتقدير قاضى الموضوع طبقاً لكل حالة على حدة( ).
نفقة الزوجة في حالة عجز الزوج عن الإنفاق
• ولا يمنع عجز الزوج عن الإنفاق أو فقره من وجوب نفقة الزوجة عليه وكذا حبسه أو اعتقاله( ) ولا أن يكون معدما فينتقل واجب النفقة إلى من يليه وهو من كانت تجب نفقتها عليه لو لم تكن متزوجة، أما في الحالة الأولى وهي عجزه عن الإنفاق وفقره فيلزم بالنفقة ويؤمر من يليه بالأداء( ) بطريق التصريح لها بالاستدانة عليه من الأخير( ) على تفصيل سيرد في موضعه.
هل يحق لزوجة الابن طلب النفقة من والد الزوج ؟
• ولقد استقر القضاء الشرعي في هذا المجال على أن زوجة الابن لا حق لها في مطالبة أبيه بنفقتها بصفتها زوجة لابنه( ).
أجر الخادم
• وأما عن أجر الخادم فإن فرضه يتوقف على ما يثبت أمام المحكمة مما إذا كان المدعي عليه على درجة من اليسار تسمح للقول بقدرته على استحضار من يخدم زوجته، وفرضه يرتبط بمنزلة الزوجة بالنظر إلى حسبها وأنها ممن تخدم عادة أما من لم تكن ممن يخدمن فلا حق لها في المطالبة بأجر خادم حتى مع ثبوت يسار الزوج، ويجوز القضاء بأجر أكثر من خادم واحد إذا ثبت الاحتياج لذلك، وإذا اتجهت المحكمة إلى فرض أجر خادم فإنه يتعين أن تكون الزوجة قد أقامت الدليل على تواجد الخادم بالفعل في خدمتها وقت الفرض فلا يكفي القول بأنها سوف تستقدم خادما بعد صدور الحكم، وللزوج بعد الحكم بفرض أجر خادم عليه إذا ما علم أن الزوجة قامت بتسريح الخادم بعد الحصول على الفرض المقرر له أو أنه لا يقوم بالخدمة على الوجه المطلوب أن يقيم ضد الزوجة الدعوى بإسقاط أجر الخادم شريطة أن يقيم أمام المحكمة الدليل على قيام الزوجة بتسريحه.
• وأجر الخادم وإن كان لا يعد من عناصر نفقة الزوجة بمعناها الخاص وإنما يأخذ مسمى الأجور إلا أنه لا يستوي في الحكم مع أجر الرضاعة أو أجر الحضانة من حيث عدم جواز القضاء به في حالة استحقاق الزوجة للنفقة على الزوج وإنما للزوجة المطالبة به في حالة توفر شروطه رغم استحقاقها للنفقة باعتباره عنصراً مستقلا ويدخل في مفهوم ما يقضي به الشرع للزوجة في ضوء التعديل الذي أُدخل على النص بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 100 لسنة 1985.
• ويقدر أجر الخادم بحسب أوان كل زمان ومكان.
• ونحن نرى أنه إذا أقامت الزوجة الدعوى بطلب نفقة زوجية لها ونفقة لأولادها من الزوج وطلبت فرض أجر خادم لها وللأولاد وتوافرت أمام المحكمة أدلة الاستحقاق حكمت بأجر خادم واحد حيث لا يجب فرض أجر خادم للزوجة وآخر للأولاد إلا إذا كان يسار الملتزم بالنفقة يسمح بذلك.
• والحكم للأولاد بأجر خادم لا يسقط حق الحاضنة في الحصول على أجر حضانتها للأولاد بدعوى أن الخادم يقوم على خدمتهم عوضاً عن خدمة الحاضنة لاختلاف طبيعة كل من الفرضين.
أجر مسكن الزوجيه
• وأما عن المسكن فإن سكني الزوجة واجبة على الزوج شرعاً بحيث أنه إذا لم يسكنها معه وجبت لها أجرة سكن من أمواله وضمن عناصر نفقتها عليه فإذا كانت الزوجة أو المعتدة تساكن الزوج فلا أجر لمسكن لها عليه وإنما استحقت فقط بقية عناصر النفقة إذا ما امتنع عن القيام بها.
أجر مسكن الزوجية وأجر مسكن الحضانة
• وفرض أجر مسكن للزوجة لا يختلط بأجر مسكن حضانة الصغار في حالة اختيار الحاضنة للبدل النقدي (أجر السكن) المنصوص عليه في المادة 18 مكرر ثالثا من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل إذ أن أجر المسكن في المادة الأولى يعد من عناصر نفقة الزوجية ويستحق للزوجة في حالة تخلف الزوج عن إسكان زوجته حال قيام الزوجية ومن أموال الزوج شخصياً أما أجر مسكن الحضانة فيعتبر من عناصر نفقة الصغير على أبيه ويستحق في أموال الصغير بحسب الأصل أن كانت له أموال ويلتزم به الأب استثناء في حال فقر الصغير وعدم وجود مسكن للحاضنة( ).
• ولا يعني حصول الزوجة على أجر مسكن ضمن عناصر نفقتها على الزوج سقوط التزام الزوج بتهيئة مسكن الزوجية فإذا أعد الزوج مسكن زوجية مستوفي لأركانه الشرعية كان على الزوجة القرار فيه حيث يسقط من ثم أجر المسكن من عناصر نفقتها الأخرى عليه.
مدى جواز تنفيذ التزام الزوج بالسكنى عينا
• إلا أنه لا يجوز إجبار الزوج على إسكان زوجته وإجابة طلب تمكينها من مسكن الزوجية( ) باعتباره من قبيل تنفيذ التزامه بإسكان الزوجة عينا ذلك أنه رغم اختصاص محكمة الأسرة بنظر دعوى الزوجة بتمكينها من مسكن الزوجية - بالتطبيق لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 18 مكرر ثالثاً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985- إلا أن ذلك يقتصر على حالة كون ذلك إنما ينصرف إلى الحالة التي يضحي فيها ذلك المسكن مخصصا لحضانة الصغير في حالة طلاق الزوجين وحيث لا يجيز القول الراجح من المذهب الحنفي سوى القضاء بأجر مسكن للزوجة في حالة تعذر تنفيذ التزام الزوج بإسكان الزوجة عينا وحيث لا يتسنى إجباره على التنفيذ العيني.
• وإذ طُلبت النفقة كعناصر محددة (مأكل وملبس ومسكن) كان على المحكمة أن تقضي بفرض مستقل لكل عنصر وطبقا للمطلوب، إلا أنها لا يجوز لها أن تقضي بنفقة شاملة لأن قضائها بذلك إنما يعني أنها قضت بأكثر مما طلبه الخصوم وذلك لأن لفظ النفقة الشاملة أصبح يعني في كل مفهوم المادة المطروحة أكثر من المأكل والملبس والمسكن فحسب إلا إنها لو قضت بفرض نفقة زوجية بأنواعها الثلاثة صح قضائها باعتبار أن العناصر الرئيسية للنفقة هي المأكل والملبس والمسكن.
قرينة الامتناع عن الإنفاق وإثباته
• ويعتبر إقامة الزوجة الدعوى للمطالبة بالنفقة قرينة قضائية بسيطة على امتناع الزوج - عموما - عن الإنفاق ولكن لكونها قرينة قضائية فيجوز للزوج دحضها بإثبات قيامه بالإنفاق على الزوجة تمويناُ أو نقداً كما يثبت تاريخ الامتناع عن الإنفاق - تحديدا - بكافة طرق الإثبات ومنها البينة الشرعية.
إثبات الحالة المالية للملتزم بالنفقة
• وقد جرت المحاكم على الاكتفاء في إثبات الحالة المالية للزوج بما يسمى "بيان مفردات المرتب" إذا كان الزوج موظفا وهو ما يعرف شرعاً بشهادة الاستكشاف" أو بالتحريات الإدارية إذا كان من أرباب المهن الأخرى( )، إلا أنه يجوز إثبات الحالة المالية بكافة طرق الإثبات الأخرى ومنها البينة الشرعية خاصة إذا ادعت الزوجة أن للزوج مصادر دخل بخلاف راتبه الثابت.
إثبات الوفاء بالنفقة
• ويجوز للملتزم بالنفقة إثبات وفائه بها بكافة طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود دون تقيد بقاعدة عدم جواز إثبات ما يجاوز 500 جنيه إلا بالكتابة( ) لما هو - مقرر عملاً - من أن المشرع قد فرق في الإثبات في نطاق الأحوال الشخصية بين الدليل وإجراءات الدليل( ) مما مؤداه خضوع إثبات الوفاء بالنفقة للقول الراجح بالمذهب الحنفي وهو جواز الإثبات بالبينة أياً ما كانت قيمة التصرف.
قرينة قبض نفقة الشهر
• وقد ذهب الفقه والقضاء الشرعي منذ زمن بعيد إلى قاعدة مؤداها أن ثبوت قبض (الزوجة أو المطلقة أو المستحقة) لنفقة شهر قرينة قاطعة على قبض المتجمد عن الشهر السابق عليه( ).
مفهوم الإنفاق تموينا
• كما يجوز دفع طلب الزوجة للنفقة بقيام الزوج بالإنفاق عليها، ويجوز للزوج - كما تقدم - إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات ومنها البينة الشرعية وفى هذه الحالة لا يجوز القضاء ضده بإلزامه بالنفقة( ).
تقدير نفقة الزوجة
• وتدخل كافة موارد الزوج المالية في تقدير يساره - ومن ثم - في تحديد مقدار النفقة المستحقة عليه، من ذلك عوائد أرصدته النقدية بالبنوك ومقدار الريع المستحق له كعائد ودائع أو سندات بنكية (شهادات الاستثمار والادخار وما شابه)( ) وقيمة إيجار الأراضي الزراعية وغيرها من العقارات المملوكة.
• ونحن نرى أنه لا يعد امتلاك الزوج لسيارة خاصة دليلاً على اليسار وإنما يعد، وكذا زواجه من أخرى أعباء مالية تستنزل من موارده عند تقدير النفقة المستحقة عليه.
• يبين من استعراض نص المادة محل التعليق أن المشرع قنن ما تتفق عليه المذاهب الفقهية المختلفة من وجوب نفقة الزوجة على زوجها باعتبار أن ذلك الوجوب وردت بشأنه نصوص قطعية الثبوت والدلالة من القرآن الكريم.
سبب استحقاق الزوجة للنفقة
• وقد أختلف الفقه الشرعي حول سبب استحقاق نفقة الزوجة بين قول بوجوبها بمجرد العقد دون توقف على شيء آخر وقول يشترط لوجوبها توافر الاحتباس أو الاستعداد له وثالث يذهب إلى عدم وجوبها قبل أن تزف الزوجة إلى الزوج.
وقد حسم المشرع ذلك الخلاف واعتمد في الفقرة الأولى من المادة الرأي الذي يشترط لوجوب نفقة الزوجة توافر الاحتباس أو الاستعداد له فكان نص الفقرة الأولى من المادة الأولى وقد صدرها بالقول "تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حُكماً". وهو ما درج الفقه على تسميته بأن "النفقة مقابل الأحتباس" أي مقابل العقد مجرداً.
أحوال عدم استحقاق الزوجة للنفقة
ثم تناول المشرع في الفقرة الرابعة من المادة أحوال عدم وجوب النفقة على الزوج وعددها في ثلاث حالات:
الأولى : إذا ارتدت (أي ارتدت عن الإسلام).
والثانية : إذا امتنعت مختارة عن تسليم نفسها دون حق أو اضطرت إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج كاضطرارها للبقاء بمسكن أسرتها لرعاية أحد مرضاها.
والثالثة : إذا خرجت دون إذن زوجها( ).
ثم تناول في الفقرة الخامسة بيان حالات عدم سقوط النفقة رغم خروج الزوجة من مسكن الزوجية على خلاف القاعدة المنصوص عليها بعجز الفقرة الرابعة وحصرها في استثنائين هما الخروج بحكم الشرع والخروج للعمل.
أما الاستثناء الأول فهو خروج الزوجة من مسكن الزوجية بغير إذن الزوج بحكم الشرع
تضمنت الفقرة الخامسة من المادة محل التعليق - النص على أنه لا يعتبر سببا لسقوط نفقة الزوجة خروجها من مسكن الزوجية - دون إذن زوجها - في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع، ثم أردفت تبياناً لنطاق اصطلاح " حكم الشرع " بقولها " مما ورد به نص أو جرى به عرف أو قضت به ضرورة" الأمر الذي يبين منه مقصود المشرع في إجازة خروج الزوجة من مسكن الزوجية دون إذن زوجها في الأحوال التي ورد بإباحتها نص شرعي أو عرف شرعي أو جرت بها ضرورة شرعية( ).
وإذا كان مفهوم حكم الشرع في اصطلاح الأصوليين هو خطاب الشارع (المولى عز وجل) المتعلق بأفعال المكلفين طلباً أو تخييراً أو وضعاً، وأنه في اصطلاح الفقهاء الأثر الذي يقتضيه خطاب الشارع في الفعل كالوجوب والحرمة والإباحة مما تعد معه سائر الأدلة الشرعية التي دل القرآن على اعتبارها والاحتجاج بها من إجماع أو قياس وغيرها في حقيقتها في خطاب من الشارع ولكنه غير مباشر وهو ما يعني أن كل دليل شرعي تعلق بفعل من أفعال المكلفين طلباً أو تخييراً أو وضع هو حكم شرعي( )، فإن مؤدى ذلك أن للزوجة الحق في الخروج من مسكن الزوجية دون إذن الزوج في الأحوال التي يقوم عليها دليل من الأدلة الشرعية وسواء كان النص هو حكم من كتاب الله أو سنة نبوية، وسواء كان مصدر الحكم الشرعي إجماع الأمة أو القياس أو العرف أو المصلحة المتمثلة في ضرورة تقتضي الفعل أو ترفع عنه الحظر أن كان.
وأما الاستثناء الثاني خروج الزوجة للعمل (الحق والضوابط)
يقول الله تعالى في محكم التنزيل "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير، فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير"( ) ويستدل من الآيتين المذكورتين على أن من حق المرأة العمل بل أن من واجبها العمل عند الضرورة( ).
تحديد مدلول العمل المشروع
ويبين من استعراض نص الفقرة الخامسة من المادة محل التعليق أن المشرع قد أجاز للمرأة الخروج من مسكن الزوجية لغرض العمل باعتبار أنه إذا كان قد اكتفى فيما يتعلق بحق المرأة في الخروج من مسكن الزوجية بوجه عام اشتراط إجازة الشرع ذلك الخروج وذلك بأن يكون خروجها في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع إلا أنه فيما يتعلق بإجازته خروجها للاحتراف اشترط توافر شرطان أولهما أن يكون العمل الذي تخرج لأجله مشروعا وثانيهما أن يأذن لها الزوج في العمل.
ونتناول كل من الشرطين بشيء من التفصيل
• تناول الجزء الثاني من الفقرة الخامسة من المادة محل التعليق - كما تقدم القول - النص على أن خروج الزوجة للعمل لا يعتبر سبباً مسقطاً لنفقتها على الزوج، ويبين من استعراض النص المذكور أن المشرع قد اشترط في العمل الذي تزاوله المرأة أن يكون عملاً مشروعاً.
• وفى مجال تحديد مفهوم المشروعية في هذا النطاق تعددت الآراء وتباينت فذهب قول إلى اعتماد القانون كضابط لها، فالعمل المشروع هو العمل المطابق للقانون بينما العمل غير المشروع هو العمل المخالف للقانون( ) بينما يذهب اتجاه أخر إلى القول بأن العمل المشروع هو العمل الجائز شرعاً أي وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية( ) ونحن نرجح الأخذ بالنظر الأخير ذلك أنه وإن كانت عبارة "المشروع" وإن كان يمكن استخدامها بحكم اشتقاقها كتعبير عن مطابقة القانون وأيضا مطابقة الشريعة الإسلامية فإنه في مجال قوانين الأحوال الشخصية وهى تطبيق لأحكام الشريعة الإسلامية يكون الراجح هو قصد أحكام الشريعة الإسلامية، يضاف إلى ذلك أنه إذا كان المشرع قد أجاز خروج الزوجة من منزل الزوجية دون إذن من الزوج في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع أي - على ما تقدم القول - في الأحوال التي يقوم عليها دليل شرعي فإن إيراده مثالاً لذلك الحالات بالنص على خروجها للعمل المشروع كمثال لها وهو ما يستفاد مما ورد بالمذكرة الإيضاحية للنص إنما يوجب القول بخضوع العمل الذي يباح للزوجة لممارسته لذات الضابط الذي يبيح لها الخروج من مسكن الزوجية بوجه عام بغير إذن الزوج وهو حكم الشرع مما ورد به نص أو جرى به عرف أو قضت به ضرورة( ) وهو ما يستتبع القول بأن العمل يعد مشروعاً طالما أنه لم يرد بتحريمه نص شرعي أو كان يجيزه العرف الصحيح أو تقضى به ضرورة شرعية كمن تعمل لتعول نفسها( ).
• أورد النص في الجزء الثالث من الفقرة الخامسة حكم حالة خروج الزوجة للعمل وقيد ذلك بشرطين أوجب توافرهما حتى لا يكون ذلك سببا مسقطا لنفقتها على الزوج والقيد الأول يتمثل في وجوب أن يكون العمل مشروعا - وهو ما تناولناه قبلا - وأما الشرط الثاني فهو موافقة الزوج على العمل حقيقة أو حكما ودليل ذلك أن المذكرة الإيضاحية للنص قد ضربت الأمثلة للحالات التي يجوز فيها للزوجة الخروج للعمل ويستدل منها على صدور موافقة الزوج الحقيقة أو الحكمية فجرى نصها على أن "...... ومن ذلك الخروج للعمل المشروع إذا أذنها الزوج للعمل أو عملت دون اعتراض منه أو تزوجها عالما بعملها....." وجميع الحالات التي جرى بها نص المذكرة الإيضاحية وهى:
أولاً : إذا كانت قد تزوجت غير محترفة ثم أرادت الاحتراف بعد الزواج وأذن لها زوجها صراحة بذلك.
ثانيا : إذا كانت قد تزوجت غير محترفة ثم أرادت الاحتراف بعد الزواج ولم تستأذن الزوج في ذلك واحترفت بالفعل دون أن يصدر عن الزوج ثمة اعتراض وهو ما يعد إذن ضمني بالعمل.
ثالثا : أن تكون الزوجة محترفة من قبل الزواج ثم تقترن بالزوج وهو يعلم باحترافها وهو ما يعد إذن مسبق منه بالعمل وشرطا بالعقد( ).
مفهوم موافقة الزوج ومدى وجوب توافره في حالة خروج الزوجة للعمل
هذه الحالات ترتد إلى صدور موافقة الزوج على عمل الزوجة وإذنه إياها به سواء كان ذلك بإذن مسبق كما في الفرض الثالث أو بإذن صريح كما في الفرض الأول أو بإذن ضمني كما في الفرض الثاني، مما مقتضاه أنه ليس لمن تزوجت مخدرة( ) أن تحترف بعد الزواج إلا بإذن من الزوج وموافقته فإن هي فعلت عدت ناشزة وسقطت نفقتها عليه، وأن من احترفت بعد الزواج دون اعتراض أو تزوجت وهى محترفة فليس للزوج منعها من العمل إعمالاً لحكم النص محل التعليق لرضائه الضمني ويؤكد ذلك - أي أن موافقة الزوج شرط لازم لخروج الزوجة للعمل - أن الخروج للعمل وقد اشترط النص أن يكون مشروعا مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية وهذه المطابقة تستوجب توافر كافة الشرائط الشرعية في خروج الزوجة للعمل وفقا لأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة ومن بين هذه الشرائط - كما تقدم القول - سبق الحصول على إذن الزوج بذلك، يضاف إلى ذلك أن الجزء الثاني من الفقرة الخامسة قد اشترطت ضمن ما اشترطت في مجال تحديد حق الزوجة في العمل إلا يطلب منها زوجها الامتناع عنه - وذلك على التفصيل الذي نورده فيما يلي - مقتضى ذلك أنه في حالة إباحة خروج الزوجة للعمل تكون شروط منعها عنه ومن بينها طلب الزوج الامتناع عن الخروج للعمل غير متوافرة بما معناه أن الزوج إما قد رضى بهذا الخروج صراحة أو قد أقره ضمنا.
حق الزوج في منع الزوجة من العمل رغم سابق موافقته ورضاه (حالتان)
• بعد أن تناول المشرع في الجزء الثاني من الفقرة الخامسة تقرير حق الزوجة في الخروج من مسكن الزوجية للعمل وأبان شرطي استخدامها لذلك الحق وهما وجوب توافر المشروعية في العمل وموافقة الزوج الحقيقة أو الحكمية على ذلك أي على الخروج وعلى العمل أعطى للزوج الحق في منع الزوجة من العمل أو من الاستمرار فيه وذلك حالة إذا ما ظهر أن استعمالها لهذا الحق مشوب بإساءة استعمال الحق أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب الزوج الامتناع عنه.