عقد الإيجار التمويلي الذي تضمن شرط التحكيم
النص في عقد الإيجار التمويلي الذي تضمن شرط التحكيم على خضوع أى نزاع ينشأ عن تفسيره أو تنفيذه لقانون التحكيم السويدي . مؤداه . وجوب الرجوع الى هذا القانون وحده- دون القانون المدني المصري- لبيان الشروط الموضوعية اللازمة لانعقاد العقد :
وقد قضت محكمة النقض بأن "بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة . حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث أن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ...... لسنة ...... مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية على الطاعنين بصفتهما- وآخر غير مختصم في الطعن- بطلب الأمر بتنفيذ حكم المحكمين الصادر ضدهما بمدينة استوكهولم بالسويد بتاريخ 4/7/1985 وذلك بوضع الصيغة التنفيذية عليه ، وقالت بياناً لذلك أنه بتاريخ 16/11/1982 تم التعاقد بينهما وبين الطاعنين على تأجير معدات مصنع خلط وتجهيو الخرسانة- بنظام التأجير التمويلي- قيمتها ........ دولار أمريكي وذلك بإيجار شهري قدره ....... دولار أمريكي ونص في العقد على أن المعدات موضوع الاتفاق مملوكة لها ، وأن من حقها فسخ العقد في حالة التخلف عن سداد الإيجار ، وعلى أن القانون الواجب التطبيق هو القانون السويدي وأن أى نزاع ينشأ بشلأن تفسير العقد أو تنفيذه يتم حله عن طريق الالتجاء الى التحكيم بالسويد وطبقا لأحكام قانون التحكيم السويدي ، وإنه لما كان القانون رقم 121 لسنة 1982 يحتم أن يكون المستورد مصري الجنسية فقد عهدت الى المطعون ضدها الثالثة بوصفها (وكيلاً تجارياً) لها بمصر باستيراد المعدات المؤجرة ، وتم تنفيذ العقد في 24/11/1983 بتسليم تلك المعدات التي للطاعنين بمدينة السادس من أكتوبر ، وإذ توقفا عن سداد الإيجار اعتباراً من ديسمبر سنة 1983 رغم إنذارهما بفسخ العقد ، وتعذر تسوية الخلاف بين الطرفين ودياً التجأت الى التحكيم فأصدرت هيئة التحكيم السويدية حكمها الغير قابل للاستئناف بإلزام الطاعنين- منفردين ومجتمعين- بأن يؤديا لهما مبلغ 10939039 دولار أمريكي ، والفوائد بواقع 7% سنوياً عن فترات التوقف وحتى تمام السداد ، وبرد المعدات المؤجرة والموضحة بالمنطوق بالإضافة الى إلزامهما بمصاريف الدعوى ومقدارها ...... دولار أمريكي ، خلافاً للتعويضات المقدرة للمحكمين في هيئة التحكيم بمبلغ ...... كرون سويدي لكل منهم ، ولما كان حكم المحكمين آنف الذكر صادراً بالسويد ومطلوباً تنفيذه بمصر ، وكانت الدولتان قد وقعتا على اتفاقية نيويورك لعام 1958 بشأن تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية فقد أقامت دعواها بالطلبات السالفة البيان . تدخلت المطعون ضدها الثالثة خصماً في الدعوى طالبة رفضها استنادا الى أنها استوردت المعدات المؤجرة من مالها الخاص وأنها لم تكن وكيلاً لأى طرف ، وبتاريخ 14/1/1987 حكمت محكمة أول درجة بإجابة المطعون ضدها الأولى لطلباتها وبرفض طلبات المتدخلة استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 2366 لسنة 104ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضدها الثالثة بالاستئناف رقم 2465 لسنة 104ق القاهرة وبعد أن ضمنت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 20/5/1989 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث أن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والغموض ، وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بأن اتفاقية نيويورك التي يخضع لها تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية بمصر بالإضافة الى قانون المرافعات المصري تتطلب ممن يطلب من القضاء الاعتراف بحكم المحكمين الأجنبي وتنفيذه أن يقدم أصل اتفاق التحكيم ، سواء أكان شرط التحكيم الوارد في عقد أو اتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف أو الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة أو البرقيات ، وأنه ولئن كان عقد الإيجار التمويلي موضوع النزاع قد تضمن أحد بنوده الاتفاق على التحكيم إلا أن هذا العقد لم ينعقد إذ نص في البند الثالث منه على أنه إذا وقع العميل على العقد ولم يوقع عليه المؤجر خلال شهر من تاريخ توقيع العميل فإن الأخير يكون في حل منه ، وإذ كان الثابت من العقد المذكور أنه توقع من الطاعن الأول يوم 16/11/1982 بينما لم توقعه المطعون ضدها الأولى إلا يوم 21/12/1982 فإن قبولها يكون قد تم بعد سقوط الإيجاب ولا ينعقد به العقد وإنما يعتبر إيجابا جديدا لم يلحقه قبول جديد وبالتالي فإذا كان عقد الإيجار الذي تضمن الاتفاق التحكيمي الذي صدر على أساسه حكم المحكمين فإنه يكون قد صدر دون وجود اتفاق وكندب على التحكيم ولا يجوز الأمر بتنفيذه ، فإنه يكون قد صدر دون وجود اتفاق مكتوب على التحكيم ولا يجوز الأمر بتنفيذه وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن هذا الدفع اكتفاء منه بالقول بأن هناك اتفاقا على التحكيم ثابت في عقد الإيجار فإنه يكون معيبا بالقصور ، هذا فضلا عن الغموض ذلك أنه وبافتراض أن عقد الإيجار قد انعقد ضمنيا بتنفيذه ، فإن هذا لا يكفي لوجود الاتفاق على التحكيم والذي يجب أن يكون مكتوبا وموقعا عليه من طرفيه أو تضمنته خطابات متبادلة أو برقيات على النحو الذي حددته الاتفاقية ، ولما كان الأطراف قد تنازعوا أمام محكمة أول وثاني درجة حول تحديد العقد وعل هو عقد الإيجار المكتوب الذي وقع عليه الطاعن الأول يوم 16/11/1982 ووقعت عليه المطعون ضدها يوم 21/12/1982 ، أم هو عقد إيجار انعقد بعد ذلك مضنيا بتنفيذه أم هو عقد إيجار انعقد بالتلكسات أو بالتعديل الذي ادعته المطعون ضده الأولى على العقد الأصلي ، فإن الحكم يكون فيما انتهى إليه معيبا ومستوجبا نقضه . وحيث أن هذا النعى مردود ، ذلك أن النص في المادة 5/1 (أ) من اتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية- والتي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 الصادر في 2/2/1959 وأصبحت تشريعاً نافذاً بها اعتباراً من 8/6/1959 على أنه "لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية (أى اتفاق التحكيم) كانوا طبقاً للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقاً للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم" ، يدل على أن الاتفاقية افتضرت في حكم المحكمين الأجنبي المطلوب تنفيذه في دولة القاضي صدوره استنادا الى اتفاق تحكيمي توافرت له مقومات وجوده وصحته فأقامت بذلك قرينة قانونية من شأنها نقل عبء إثبات كل ادعاء بانعدام هذا الاتفاق أو عدم صحته الى عاتق من يطلب تنفيذ الحكم ضده ، وجعلت المرجع في ذلك- عدا الادعاء بانعدان أهلية أطرافه- الى القانون الذي اختاره لأطراف ليحكم اتفاقهم على التحكيم ذاته- أو ليحكم العقد الأصلي الوارد اتفاق التحكيم في إطاره- أو الى قانون البلد الذي صدر فيه الحكم عند عدم وجود هذا الاختيار وفقا لقاعدة اسناد موحدة دوليا تكفل لهذا القانون وحده- دون غيره الاختصاص بحكم الاتفاق التحكيمي في كل ما يتصل بالشروط الموضوعية اللازمة لوجوده وصحته وترتيبه لآثاره- فيما خلا الأهلية- لما كان ذلك ، وكان الطاعنان إذ تمسكا بعدم جواز تنفيذ حكم المحكمين موضوع التداعي بمقولة أن عقد الإيجار التمويلي الذي تضمن شرط التحكيم الذي صدر على أساسه الحكم لم ينعقد قانوناً وبما مؤداه أن حكم المحكمين قد صدر دون وجود اتفاق على التحكيم ، وكان يبين من عقد الإيجار آنف الذكر والمقدمة ترجمة رسمية له بالأوراق أنه تضمن في البند الواحد والعشرين منه النص على أن القانون الواجب التطبيق على هذا العقد هو القانون السويدي ، وعلى إحالة أى نزاع ينشأ عن تفسيره أو تنفيذه الى التحكيم بالسويد وفقاً لأحكام قانون التحكيم السويدي فإن المرجع في ذلك يكون الى القانون السويدي باعتباره القانون الذي اختاره الأطراف ليحكم العقد الأصلي الوارد اتفاق التحكيم ضمن بنوده ، وإليه وحده يكون القول الفصل فيما أثير حول وجود هذا العقد والاتفاق التحكيمي المتصل به ، من حيث وجود الترتضي وكيفية تلاقي القبول بالإيجاب وتحديد القوة الملزمة للإيجاب ، والشروط اللازمة لاعتبار القبول متأخراً من عدمه ، الى آخر ذلك من الشروط الموضوعية اللازمة لانعقاده ووجوده ، دون القانون المدني المصري الذي يصدر عنه دفاع الطاعنين في هذا الشأن ، وإذ لم يقدم الطاعنان الدليل على القانون السويدي المشار إليه حتى تتبين المحكمة على هدى من قواعده مدى صحة هذا الادعاء وخلافا للأصل الذي يفترض في حكم المحكمين الأجنبي صدوره استنادا الى اتفاق تحكيمي تتوافر له مقومات وجوده وصحته قانوناً ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه وهو في سبيله للتحقق من موجبات إصدار الأمر بتذييل حكم المحكمين موضوع التداعي بالصيغة التنفيذية ، قد خلص الى الاعتداد بوجود الاتفاق على التحكيم معولاً في ذلك على شرط التحكيم المردج بعقد الإيجار التمويلي ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون في نتيجته ، ولا يبطله مجرد القصور في الإفصاح عن سنده من القانون أو إغفال الرد على دفاع قانوني للخصوم إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك كما لها أن تعطي الوقائع الثابتة فيه تكييفها القانون الصحيح مادامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها ، ويكون النعى عليه بما ورد بهذا السبب على غير أساس . وحيث أن حاصل النعى بالشق الأول للوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز تنفيذ حكم المحكمين بعدم اشتمال شرط التحكيم الذي تتمسك به المطعون ضدها الأولى على اختيار المحكمين أو الإحالة الى هيئة تحكيم معينة-