عناصر الركن المادى فى جريمه الخداع
العنصر الأول في الركن المادي لجريمة خداع المتعاقد وهو الخداع
، وقد عبر عنه المشرع بقوله كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق ، ولم يحدد عنى الخديعة ، ويمكن تعريفها بأنها إلباس أمر من الأمور مظهرا يخالف حقيقة ما هو عليه بمجرد قول كاذب من جانب الجاني ، وهو يتم بنشاط إيجابي ملموس فلا يكفي فيه مجرد الكتمان ، وأن كان يكفي فيه الكذب المجرد . (المرصفاوى ص686) ورغم وصف هذا القانون بأنه لقمع التدليس والغش ، فإن المادة الأولى لم تستعمل لفظ التدليس على المتعاقد ، بل تعمدت استعمال لفظ الخداع ، لأنها لا تتطلب فيما يبدو التقيد بأحكام القانون المدني في هذا الشأن ، ولا الارتباط بها على أية صورة ، ذلك أن التدليس المدني يتطلب استعمال أحد المتعاقدين طرقا احتيالية لتضليل المتعاقد الآخر تضليلا يحمله على التعاقد . (رؤوف عبيد ص383) كما وأن مفهوم الخداع في قانون قمع التدليس والغش يختلف عن الطرق الاحتيالية كأحد عناصر جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 عقوبات ، فالطرق الاحتيالية في النصب هى كل كذب مصحوب بوقائع خارجية أو أفعال مادية يكون من شأنها أن تولد الاعتقاد لدى المجني عليه بصدق هذا الكذب مما يدفعه إلى تسليم ما يرد منه تسليما رضائيا . (حسني الجندي ص31)
والطرق الاحتيالية في جريمة الغش يقتصر أن تكون متوفرة مهما كانت درجتها أى حتى ولو كانت من البساطة بحيث يمكن أن يكتشفها أى فرد كما يجوز أن تكون عبارة عن تصرفات سلبية بمعنى أنه لا يشترط أن يصدر من المتهم أى عمل إيجابي يؤثر به على المجني عليه .
وحددت المادة 347ع ، الطرق التي يحصل فيها الغش في مقدار البضاعة ، وبهذا يكون استعمال إحدى هذه الطرق ركنا من أركان الجريمة ، ولئن كان الواقع أن الطرق المشار إليها هى الأكثر شيوعا في إحداث الغش إلا أنه لا ينبغي ذلك اعتبار استعمالها ركنا لا تتم الجريمة إلا به ، لذلك رؤى أن يجرد فعل الغش عن الطرق التي تستعمل في إحداثه ويستقل بذاته كركن في الجريمة أيا كانت الطريقة التي تستعمل فيه ، فيكون النص أوفى للإحاطة بجميع حالات الغش على أية طريقة وقعت.
وعلى ذلك فيعتبر أن هناك جريمة خداع بجرد صدور تصريح بسيط كاذب كتصريح خادع بطريق الإعلان ، وذلك كما لو أعلن تاجر نبيذ أن بضائعه محضرة تحضيرا نباتيا وبيعها تحت اسم معين بينما هى نوع من الأنبذة الملونة معدنيا فنعتبر هذه الواقعة جريمة خداع عن طبيعة بضائع مبيعة ، كما قضت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في 15/11/1912 أن المادة الأولى من قانون أو أغسطس سنة 1905 لا تحت قيام البائع بعمل إيجابي لتغيير عناصر البضاعة المبيعة .
وقد سبق أن أصدرت محكمة النقض الفرنسية في 15 مارس سنة 1877 حكما تضمن المبدأ العام في جريمة الخداع وهو أنه ليس بضروري لقيام جريمة الخداع أن ينسب إلى المتهم ارتكابه طرق احتيالية أو مجرد تصريح شفهي كاذب عن طبيعة بضائعه ، بل يكفي لقيام هذه الجريمة تسليم بضائع مختلفة عن البضائع التي اتفق عليها والذي يعتقد المجني عليه أنه استلم البضائع المتفق عليها . (منصور ص18 وما بعدها)
لا يحمي الشرع الأفراد إلا في الحدود المشروعة ، فإذا كان نشاطهم خارج تلك الحدود أصبح لاحق لهم في الاحتماء بالمشرع لحمايته من الأضرار التي تلحقهم من هذا النشاط ، فإذا خدع تاجر أحد المتعاقدين معه تسليم بضائع غير مشروع تداولها قانونا كما لو كانت من البضائع الممنوعة بطبيعتها كالمخدرات أو التي لا يجوز التعامل بها إلا في الحدود التي رسمها المشرع كما لو بيع كيروسين مغشوش وبغير البطاقات التي نظمها المشرع أثناء الحرب ، لا يعتبر هذا التاجر أنه ارتكب جريمة خداع .
" ويستلزم أن يكون الغش في جنس البضاعة ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
الجريمة المنصوص عليها في المادة 302ع ، تستلزم حتما حصول الغش في جنس البضاعة وجنس البضاعة هو مجموع صفاتها وخواصها التي تلازمها فتعينها تعيينا جليا يعرفه ذوو المران من الكافة ولا يخطئون فيه عادة ، وهذه الصفات ترجع أما إلى الإقليم التي تنبت فيه البضاعة أصلا إذا كانت مما يزرع ، أو تنشأ فيه وتتناسل أصلا إذا كانت من الحيوانات ، أو الجهة التي تصنع فيها أصلا إذا كانت من المصنوعات ، فالبضاعة التي ليس لها خواص طبيعية أو صفات صناعية تنفرد بها ومضمون ثباتها ، بل هى تركيب قابل للتغير والتنوع حسب مشيئة صاحبه (كدخان مصنع من المصانع) لا يمكن أن يقع فيها غش الجنس الذي عنته المادة 302ع ، فمن يبيع بضاعة (علب سجاير) على أنها من صنع مصنع كذا ثم اتضح أنها ليست من صنع هذا المصنع وأن الصنف الموجود بها رديء فلا عقاب عليه ، لأن جريمته هى جريمة تقليد لعلامة هذا المصنع التي نص عليها في المادة 305ع ، الموقوف العمل بها لأن الشارع لم يضع للآن لوائح لتخصيص علامات المصنع لأصاحبها . (الطعن رقم 550 لسنة 2ق جلسة 21/12/1931)
" ويجب لتحقيق الصورة الواردة بصدر المادة (302) عقوبات إتمام صفقة البيع ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
أن الصورة الواردة بصدر المادة 302ع لا تتحقق ويصبح العقاب المنصوص عليه في هذه المادة واجبا إلا إذا تمت للمجني عليه صفة المشتري وذلك بتمام صفقة البيع لأن القانون لا يعاقب في هذه إلا (من يغش المشتري) فإذا ظهر الغش أثناء الإجراءات التي يتوقف عليها تمام التعاقد واستحال إتمام الصفقة بظهور ذلك الغش كان الأمر شروعا فقط في ارتكاب الجريمة ولم يبق محل للعقاب لأن الشروع في الجنح لا عقاب عليه إلا بنص صريح ولا نص على العقاب في المادة سالفة الذكر . (الطعن رقم 15 لسنة 6ق جلسة 2/12/1935 مجموعة الربع قرن ج2)
" وتكون السلعة مغشوشة إذا انتفت مميزاتها ، وقد قضت محكمة النقض بأن:
الخل بحسب الأصل إنما يستخرج بطريقة التخمير من النبيذ ونشاء الحب كالأرز والشعير والذرة وغيرها بدون أن يدخل في استخراجه حمض الخليك ، لكن هذا الحمض يتكون في الخل من عملية التخمير ذاتها بنسبة لا تقل عن
4% ، ولا شك أن الخل المجهز بهذه الطريقة يصبح خلا مغشوشا معاقبا على غشه بمقتضى المادة 302ع إذا أضيف إليه شئ من الماء . أما تحضير الخل صناعيا بإضافة الماء إلى حامض الخليك فهو وإن كان وسيلة تقليدية للخل الطبيعي الناتج من التخمير إلا أنه ليس في قانون العقوبات ما يمنع من تحضير الخل بهذه الطريقة وبيعه للجمهور على أنه خل صناعي ، ولكن يجب مع ذلك أن يكون هذا الخل الصناعي مشتملا على نسبة من الحامض المذكور كافية لاعتباره خلا يمكن أن يسد مسد الخل الطبيعي ، فإن كان الخل المجهز بهذه الطريقة لا يحوي إلا نسبة ضئيلة من الحامض المذكور تنتفي معها مميزات الخل المتعارف عليها لدى الجمهور اعتبر خلا مغشوشا تنطبق عليه المادة 302ع المذكورة ، وتقدير النسبة اللازمة لاعتبار الخل الصناعي خلا صالحا للاستعمال المتعارف عليه متروك أمره لتقدير قاضي الموضوع يفصل فيه على الأساس المتقدم ، فالحكم الذي لم يبين نوع الخل المضبوط هل هو طبيعي أم صناعي ولم يبين نسبة حامض الخليك فيه مكتفيا بقوله أنها اقل من 4% ومع ذلك يقطع بعدم وجود غش في هذا الخل يكون حكما ناقص البيان متعينا نقضه .(الطعن رقم 837 لسنة 6ق جلسة 27/4/1936)
" ويلزم للعقاب تحديد الحد الأدنى لنسب العناصر المكونة للسلعة عن طريق صدور مرسوم بذلك ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
أن قانون قمع التدليس رقم 48 لسنة 1941 يعاقب في المادتين 1 ، 2 على جريمتين مختلفتين إحداهما ، وهى المنصوص عليها في المادة الأولى ، تكون بفعل غش يقع من أحد طرفى عقد على آخر فيجب فيها أن يكون هناك متعاقدان وأن يخدع أحدهما الآخر أو يشرع في أن يخدعه بأية طريقة من الطرق في عدد البضاعة أو مقدارها أو كيلها إلى آخر ما جاء في النص ، والأخرى وهى المنصوص عليها في المادة الثانية ، تكون بفعل غش يقع في الشيء نفسه ، وهذا لا يتحقق إلا إذا أدخلت على عناصره المكونة له عناصر أخرى أو انتزعت بعض تلك العناصر ، فلا يدخل في هذا النوع من الغش أن تكون المادة قد ركبت بنسب مختلفة كلل عنصر من عناصرها مادامت هذه المادة هى ، ولذلك نص القانون المذكور في المادة (5) على أنه إذا أريد العقاب في هذه الأحوال وجب استصدار مرسوم بتحديد الحد الأدنى لنسبة العناصر التي ترى أهميتها ، وأورد العقاب على مخالفة هذا التحديد .
فمن اتهم بأنه عرض للبيع بوردة خميرة مغشوشة بأن وجدت نسبة ثاني أكسيد الكرون بها نحو 5% بدلا من 12% مع علمه بذلك فلا عقاب عليه لا بمقتضى المادة الأولى لعدم وجود مشتر أراد أن يشتري هذه البودرة محتوية على نسبة معينة من ثاني أكسيد الكربون فخدعه البائع أو شرع في خداعه بأن قدم له مسحوقا يحتوي على اقل من النسبة المطلوبة ولا بمقتضى المادة الثانية لأن المادة موضوع الدعوى هى بودرة خميرة ومعروضة على أنها كذلك ، ولم يصدر مرسوم بتحديد نسبة معينة لعناصرها . (الطعن رقم 1911 لسنة 18ق جلسة 19/4/1949)
" اعتبار الأشياء المضبوطة مغشوشة أو غير صالحة للاستهلاك . مناطه . النظر إليها وقت ضبطها ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
من حيث أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى ببراءة الطاعن والمتهم الآخر مما أسند إليهما تأسيسا على بطلان إجراءات الضبط والتفتيش لعدم اختصاص مصدر الإذن مكانيا إذ أن المتهمين يقيمان في نطاق محافظة الشرقية بينما إذن النيابة العامة صدر من نيابة التل الكبير المختصة في نطاق محافظة الإسماعيلية ، كما قضى بمصادرة قطع غيار السيارات المضبوطة إعمالا لحكم المادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش وقال مقدما لقضائه في شأن المصادرة " أن الحكم المستأنف قد بنى قضاؤه بالمصادرة على أساس الاطمئنان بغش البضاعة من واقع تقرير لجنة الغش التجاري المقدم بالأوراق وعليه لما كانت البضاعة محل المصادرة ليست من الأشياء التي لا يجوز إحرازها أو حيازتها بانطباق قوانين الأسلحة والذخائر أو المخدرات أو الأغذية الفاسدة أو غيرها مما يعد استعمالها أو عرضها أو حيازتها جريمة في حد ذاتها وعليه فلا انطباق لحكم الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات عليها بمعنى وجوبيه مصادرتها ولو قضى ببراءة المتهمين ..... وعليه فإن الأمر يدور حول تطبيق المادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل على الواقعة بمعنى أنه إذا ثبت غش السلعة أو فسادها يجب القضاء بمصادرتها باعتبار أن ذلك تدبيرا عينيا وقائيا ينصب على الشيء المغشوش لإخراجه من دائرة التعامل ... ولما كان الثابت من تقرير لجنة وزارة التموين والتجارة أن المضبوطات قد اضطربت البيانات المثبتة لذاتية البضاعة فتارة يثبت أنها قطع غيار أصلية وأخرى ثبت أنها صناعة كورية وكراتين غير مدون عليها أية بيانات وأثبت على العلب بداخلها أنها صناعة ألمانيا الغربية وفي البعض توضع عليها العلامات والبعض الآخر خلا من البيانات والبعض عبأ بأجولة من الخيش وأخرى من البلاستيك إلى آخر ما جاء بتقرير اللجنة ، وإذ توافق ذلك التقرير مع ما أثبت بتقرير لجنة الرقابة الصناعية فإذا ما أضيف ذلك إلى ما تم ضبطه من أحبار وورق مقوى طبع عليه علامة .... وأخرى في طريقها للطبع على نحو ما جاء بتقرير إدارة تداول السلع ومكافحة الغش التجاري إلى جانب ما ضبط من أدوات طباعة فضلا عما جاء بالتحريات فإن المحكمة تطمئن إلى أن ما تم ضبطه من سلع تنتفي معها حقيقة البضاعة وطبيعتها وصفتها الجوهرية مما يعد مخالفا لأحكام القانون 48 لسنة 1941 ، وما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن صحيح في القانون ذلك أن المادة 30 من قانون العقوبات بما نصت عليه في فقرتها الأولى قد دلت على أن المصادرة عقوبة اختيارية تكميلية لا يجوز الحكم بها إلا على شخص ثبت إدانته وقضى عليه بعقوبة أصلية وهى بهذه المثابة عقوبة شخصية لا يجوز الحكم بها على الغير حسن النية - أما ما أشارت إليه المادة المذكورة في فقرتها الثانية فهو مصادرة وجوبيه يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهى على هذا الاعتبار إجراء لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة وإذ كان الابتدائي قضى بمصادرة المضبوطات إعمالا لحكم الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات ، إلا أن الحكم المطعون فيه عاد فقضى بالمصادرة إعمالا للمادة المذكورة في فقرتها الأولى باعتبارها عقوبة اختيارية تكميلية بما يتفق والمصادرة المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش - سواء قبل تعديلها أو بعد تعديلها بالقانونين رقمى 80 لسنة 1961 ، 106 لسنة 1980 وهى تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء المغشوش في ذاته لإخراجه من دائرة التعامل لأن الشارع الصق به طابعا جنائيا يجعله في نظره مصدر ضرر وخطر عام الأمر الذي لا يتحقق رفعه أو دفعه إلا بمصادرته ، ومن ثم فإنها تكون واجبة في جميع الأحوال أيا كان نوع الجريمة ، ولو كانت مخالفة استثناء في هذا من الأحكام العامة للمصادرة في المادة 30 من قانون العقوبات ، يقضي بها سواء كان الحائز مالكا للبضاعة أو غيرها مالك حسن النية أو سيئها قضى بإدانته أو ببراءته ، رفعت الدعوى الجنائية عليه أو لو ترفع . لما كان ذلك ، وكان النظر إلى الأشياء المضبوطة وكونها مغشوشة أو غير صالحة للاستخدام الذي صنعت من أجله إنما ينظر إليه وقت ضبطها فإن ثبت أنها كانت كذلك وقت الضبط كان الحكم بمصادرتها صحيحا في القانون لأن الحكم بالمصادرة إنما ينعطف على حالة السلعة وقتذاك ، فمن ثم لا يجدي الطاعن الجدل في عدم وجود تعاقدات على بيعها أو مكان ضبطها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قضى بمصادرة قطع غيار السيارات المضبوطة للأدلة المستمدة من تقرير لجنة وزارة التموين والتجارة ومما جاء بتقرير لجنة الرقابة الصناعية وتقرير إدارة تداول السلع ومكافحة الغش التجاري وما تم ضبطه من أدوات طباعة وأحبار وملصقات وتأيد بالتحريات أن السلعة المضبوطة لم تصدر من الجهات التي تحملها الملصقات ، وكان الطاعن لا يمارى في أن ما حصله الحكم منها له أصله الثابت في الأوراق فإن التفات الحكم عن الرد على مطاعن بشأن تلك التقارير وعدم رده على دفاعه بعدم ارتكابه الجريمة لا يعيبه ، لما هو مقرر من أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من الأدلة التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة الطاعن والمتهم الآخر تأسيسا على بطلان إجراءات الضبط والتفتيش وبمصادرة المضبوطات المكونة لجسم الجريمة وبحسب الحكم كما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من عدم صلاحية المضبوطات للاستخدام في الأغراض التي خصصت لها ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من قول بأن المحكمة لم تعرض لما ساقه من قرائن على سلامة المضبوطات وعدم صحة التقارير المقدمة في الدعوى لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يفصح عن عدم قبوله موضوعا ويتعين التقرير بذلك ومصادرة الكفالة . (الطعن رقم 46343 لسنة 59ق جلسة 12/10/1993 س44
ص790)
جريمة الخداع من الجرائم العمدية التي يجب أن يتوفر فيها القصد الجنائي ويتوفر هذا القصد بمجرد أن يسلم المتهم بضائع غير المتفق عليها وهو يعلم بذلك ، فالتاجر الذي يعتقد في صحة بضائعه ويبيعها للغير بثمن أكثر من قيمتها الحقيقية لأنها في الحقيقة أقل جودة مما يعتقد ، لا يعتبر أنه مخادع ولكنه مخطئ ، والخطأ لا عقاب عليه كذلك لا عقاب على خطأ التاجر أو جهله بحقيقة الشيء المبيع . (جندي عبد الملك)
كذلك لا عقاب على تاجر كان في إمكانه أن يتحقق من صحة صفات المبيع ولكنه أهمل ذلك ، إذ يتعين الإهمال مهما ارتفعت درجته أنه يرتب ضرر غير عمدي ، وينعدم القصد الجنائي إذا أعلن التاجر الشخص المتعاقد معه على أن البضائع المسلة غير المتفق عليها . (جندي عبد الملك)
كما ينعدم القصد الجنائي إذا وجدت ظروف خارجة عن إرادة التاجر ألزمته بتسليم بضائع غير المتفق عليها حتى ولو لم يعلن المشتري بحقيقة هذه البضاعة .
وقد قضت محكمة النقض بأن : جريمة خداع المشتري المنصوص عليها في القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع التدليس والغش هى جريمة عمدية يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي وهو علم المتهم بالغش في الشيء المتفق على بيعه وتعمده إدخال هذا الغش على المشتري . (الطعن رقم 1372 لسنة 25ق جلسة 27/2/1956 س7 ص258) وبأنه " أن المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941 - التي دين المتهم بمقتضاها تنص على معاقبة كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأى طريقة من الطرق في أحد الأمور التي عددتها ومنها حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة ، وعلى العموم العناصر الداخلة في تركبيها ، ومؤدى هذا النص أن يكون المتعاقد عالما بالنقض أو بالغش الذي أدخله أو يحاول إدخاله على المتعاقد الآخر علما حقيقيا واقعيا يبرر وصف المشرع لفعله بأنه (خدع أو شرع في أن يخدع) فإذا كان دفاع المتهم يقوم على أنه عهد لآخر بصنع الجبن في معامله الخاصة بعيدا عنه ودون إشراف نه عليها وأن يورد الجبن نيابة عنه للمتعاقد الآخر معه ، وكان ما قاله الحكم للتدليل على ثبوت علم الطاعن بالغش الموجود في الجبن قد بنى على الافتراض والتخمين ولم يدعم بوقائع معينة تؤدي إلى إثبات العلن الواقعي فإن الحكم يكون قصرا واجبا نقضه " (الطعن رقم 9 لسنة 24ق جلسة 22/2/1954 مجموعة الربع قرن ج2 ص880 رقم 15) وبأنه " أن جريمة خداع المشتري المنصوص عليها في القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع الغش والتدليس هى جريمة عمدية يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي وهو علم المتهم بالغش الحاصل في الشيء المتفق على بيعه وأنه تعمد إدخال هذا الغش على المشتري وإذن فإذا كان الحكم قد قال " التاجر ملزم بحكم مهنته أن يضمن حالة بضائعه التي يضعها في محله أو التي يتعهد بتوريدها للغير ، وأن تكون متمشية مع حقيقتها ولذلك فالتاجر ملزم باتخاذ ما يلزم للتحقق من صحة صفات بضائعه ومعرفة حقيقتها معرفة تامة وذلك قبل أن يسلمها للجمهور أو لعميله ... وأنه يكفي لقيام جريمة الغش تسليم بضائع مختلفة عن البضائع التي اتفق عليها " ، فإن هذا الذي ذكره الحكم لا يؤدي إلى ثبوت علم المتهم بالغش ، ومن ثم يكون الحكم قاصرا قصورا يعيبه ويستوجب نقضه " (الطعن رقم 1125 لسنة 24ق جلسة
29/3/1955 مجموعة الربع قرن ج2 ص880 رقم 16)
وقضت أيضا محكمة النقض بأن : العلم بغش البضاعة المعروضة للبيع هو مما تفصل فيه محكمة الموضوع ، فمتى استنتجه من وقائع الدعوى استنتاجا سليما فلا شأن لمحكمة النقض معها . (الطعن رقم 21 لسنة 8ق جلسة 13/12/1937)
" ثبوت ارتكاب المتهم فعل الغش أو علمه به . شرط لإدانته بجريمة الغش ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
نفى الطاعن ارتكابه الغش أو علمه به على أساس أن عملية إنتاج الملح يتولاها دير الإنتاج . دفاع جوهري . إدانة الطاعن دون استظهار اختصاصه ومدى إشرافه وعلمه اليقيني بالغش ودون تحقيق دفاعه الجوهري . خطأ .
يتعين لإدانة المتهم في جريمة الغش المؤثمة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فع الغش أو أنه يعلم بالغش الذي وقع ، وإذ كان الطاعن قد نفى ارتكابه لفعل الغش أو علمه به وقرر أنه يشرف إداريا فقط على الشركة المنتجة - باعتباره رئيسا لمجلس إدارتها - دون تدخل في عملية إنتاج الملح الموكول أمرها إلى رئيس الإنتاج بالشركة ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانته دون أن يبين اختصاص الطاعن ومدى إشرافه وعلمه اليقيني بالغش ولم يحقق دفاعه رغم أنه جوهري ومؤثر في مصير الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة أن تواجهه وأن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب . (الطعن رقم 2373 لسنة
49ق جلسة 20/4/1980 س31 مج فني جنائي ص517)
" الأثر المترتب على صدور القانون رقم 80 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع الغش والتدليس ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
اعتبار الحكم المطعون فيه الواقعة مخالفة رغم ثبوت حسن نية المتهم وإثبات مصدر البضاعة المغشوشة خطأ في القانون . أساس ذلك وأثره .
لما كان القانون رقم 80 لسنة 1961 الذي صدر في 10 يوليو سنة 1961 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش قد نص في المادة الأولى منه على أن يستبدل بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع التدليس والغش النص الآتي :
ويفترض العلم بالغش والفساد إذ كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين ما لم يثبت حسن نيته ومصدر المواد موضوع الجريمة . كما نص في المادة الثانية منه على أن يستبدل بالمادة السابعة من القانون المشار إليه النص الآتي " يجب أن يقضى في الحكم في جميع الأحوال بمصادرة المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي تكون جسم الجريمة فإذا لم ترفع الدعوى الجنائية لسبب ما فيصدر قرار المصادرة من النيابة العامة " ، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون " أنه رؤى تعديل الفقرة الثانية من البند (1) من المادة الثانية سالفة الكر بحيث لا يقبل من التاجر المخالف أن يدحض قرينة العلم بالغش إلا إذا ثبت علاوة على حسن نيته مصدر المادة الفاسدة أو المغشوشة وذلك اعتبارا بأن هذا الإثبات سهل ميسر على التجار الذين يراعون واجب الذمة في معاملاتهم وفي نفس الوقت رؤى أن هؤلاء التجار حسني النية الذين يكونون ضحية لغيرهم من صانعي المواد المغشوشة أو الفاسدة أو المتجرين فيها جديرون بإعفائهم كلية من العقاب حتى عن جريمة المخالفة ولهذا اقتضى الأمر تعديل المادة السابعة بما يؤدي إلى ذلك مع بقاء النص على وجوب أن يقضي الحكم في جميع الأحوال بمصادرة المواد التي تكون جسم الجريمة ، ومؤدى هذا التعديل أن المشروع أعفى التاجر المخالف من المسئولية الجنائية متى أثبت أنه لا يعلم بغش أو فساد المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي يعرضها للبيع ، وأثبت مصدر هذه المواد الفاسدة أو المغشوشة ، وعلة الإعفاء أن التاجر الذي يراعي واجب الذمة في معاملاته هو ضحية لصانع هذه المواد ويجب أن يتحمل الأخير وحده وزر الجريمة . (الطعن رقم 4556 لسنة 51ق جلسة 14/2/1982 س33 ص197)
" إدانة المتهم في جريمة الغش المؤثمة بالقانون 48 لسنة 1941 . رهينة بثبوت ارتكابه فعل الغش أو علمه به ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
من حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عرض شئ مغشوش للبيع قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وذلك بأنه لم يعرض لدفاعه الجوهري تحقيقا له وردا عليه بأنه طالب وقد تواجد بالمحل نيابة عن والده ولم يكن يعلم ما يحتويه المحل ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث أنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة الدرجة الثانية أن الطاعن دفع التهمة بما أورده بوجه طعنه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه - بعد أن عدل في العقوبة المقضي بها - دون أن يعرض لهذا الدفاع تحقيقا له أو ردا عليه ، وكان يتعين لإدانة المتهم في جريمة الغش المؤثمة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أنه يعلم بالغش الذي وقع ، وإذ كان الطاعن قد نفى ارتكابه لفعل الغش أو علمه به وقرر أنه تواجد بالمحل نيابة عن والده دون أن يعلم بمحتويات المحل ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانته دون أن يحقق دفاعه رغم أنه جوهري ومؤثر في مصير الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة أن تواجهه وأن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه ، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب . لما كان ذلك ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن . (الطعن رقم 8093 لسنة 58ق جلسة 25/10/1990 س41 ص945)
" العلم بغش البضاعة المعروضة للبيع موضوعي ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
لما كان من المقرر أن العلم بغش البضاعة المعروضة للبيع هو مما تفصل فيه محكمة الموضوع فمتى استنتجته من وقائع الدعوى استنتاجا سليما فلا شأن لمحكمة النقض به وكان الطاعن على نحو ما هو ثابت بمحضر المعارضة الابتدائية - وإن أنكر الاتهام ودفعه بأنه تاجر جملة يشتري الجبن المضبوط ويبيعه ولا يقوم بتصنيعه - إلا أنه عجز عن إثبات مصدر حصوله عليه ، فلا على المحكمة إن هى افترضت علمه بالغش باعتبار إنه من المشتغلين بالتجارة ، إذ من المقرر أن المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1940 بشأن قمع الغش والتدليس المعدلة بالقانونين رقمى 552 لسنة 1955 ، و80 لسنة 1961 - والسارية أحكامها بعد صدور القانون رقم 10 لسنة 1966 - نصت على أن العلم بالغش ولفساد يفترض إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين ما لم يثبت حسن نيته ومصدر المواد موضوع الجريمة ولا على المحكمة إن هى لم تتحدث عن ركن العلم وإثبات توافره لدى الطاعن مادام أنه من بين المشتغلين بالتجارة . (الطعن رقم 156 لسنة 51ق جلسة
25/5/1981 س32 ص559 مج فني جنائي وقد صدر حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية افتراض العلم بالغش كما سنرى)
العنصر الأول في الركن المادي لجريمة خداع المتعاقد وهو الخداع
، وقد عبر عنه المشرع بقوله كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق ، ولم يحدد عنى الخديعة ، ويمكن تعريفها بأنها إلباس أمر من الأمور مظهرا يخالف حقيقة ما هو عليه بمجرد قول كاذب من جانب الجاني ، وهو يتم بنشاط إيجابي ملموس فلا يكفي فيه مجرد الكتمان ، وأن كان يكفي فيه الكذب المجرد . (المرصفاوى ص686) ورغم وصف هذا القانون بأنه لقمع التدليس والغش ، فإن المادة الأولى لم تستعمل لفظ التدليس على المتعاقد ، بل تعمدت استعمال لفظ الخداع ، لأنها لا تتطلب فيما يبدو التقيد بأحكام القانون المدني في هذا الشأن ، ولا الارتباط بها على أية صورة ، ذلك أن التدليس المدني يتطلب استعمال أحد المتعاقدين طرقا احتيالية لتضليل المتعاقد الآخر تضليلا يحمله على التعاقد . (رؤوف عبيد ص383) كما وأن مفهوم الخداع في قانون قمع التدليس والغش يختلف عن الطرق الاحتيالية كأحد عناصر جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 عقوبات ، فالطرق الاحتيالية في النصب هى كل كذب مصحوب بوقائع خارجية أو أفعال مادية يكون من شأنها أن تولد الاعتقاد لدى المجني عليه بصدق هذا الكذب مما يدفعه إلى تسليم ما يرد منه تسليما رضائيا . (حسني الجندي ص31)
والطرق الاحتيالية في جريمة الغش يقتصر أن تكون متوفرة مهما كانت درجتها أى حتى ولو كانت من البساطة بحيث يمكن أن يكتشفها أى فرد كما يجوز أن تكون عبارة عن تصرفات سلبية بمعنى أنه لا يشترط أن يصدر من المتهم أى عمل إيجابي يؤثر به على المجني عليه .
وحددت المادة 347ع ، الطرق التي يحصل فيها الغش في مقدار البضاعة ، وبهذا يكون استعمال إحدى هذه الطرق ركنا من أركان الجريمة ، ولئن كان الواقع أن الطرق المشار إليها هى الأكثر شيوعا في إحداث الغش إلا أنه لا ينبغي ذلك اعتبار استعمالها ركنا لا تتم الجريمة إلا به ، لذلك رؤى أن يجرد فعل الغش عن الطرق التي تستعمل في إحداثه ويستقل بذاته كركن في الجريمة أيا كانت الطريقة التي تستعمل فيه ، فيكون النص أوفى للإحاطة بجميع حالات الغش على أية طريقة وقعت.
وعلى ذلك فيعتبر أن هناك جريمة خداع بجرد صدور تصريح بسيط كاذب كتصريح خادع بطريق الإعلان ، وذلك كما لو أعلن تاجر نبيذ أن بضائعه محضرة تحضيرا نباتيا وبيعها تحت اسم معين بينما هى نوع من الأنبذة الملونة معدنيا فنعتبر هذه الواقعة جريمة خداع عن طبيعة بضائع مبيعة ، كما قضت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في 15/11/1912 أن المادة الأولى من قانون أو أغسطس سنة 1905 لا تحت قيام البائع بعمل إيجابي لتغيير عناصر البضاعة المبيعة .
وقد سبق أن أصدرت محكمة النقض الفرنسية في 15 مارس سنة 1877 حكما تضمن المبدأ العام في جريمة الخداع وهو أنه ليس بضروري لقيام جريمة الخداع أن ينسب إلى المتهم ارتكابه طرق احتيالية أو مجرد تصريح شفهي كاذب عن طبيعة بضائعه ، بل يكفي لقيام هذه الجريمة تسليم بضائع مختلفة عن البضائع التي اتفق عليها والذي يعتقد المجني عليه أنه استلم البضائع المتفق عليها . (منصور ص18 وما بعدها)
لا يحمي الشرع الأفراد إلا في الحدود المشروعة ، فإذا كان نشاطهم خارج تلك الحدود أصبح لاحق لهم في الاحتماء بالمشرع لحمايته من الأضرار التي تلحقهم من هذا النشاط ، فإذا خدع تاجر أحد المتعاقدين معه تسليم بضائع غير مشروع تداولها قانونا كما لو كانت من البضائع الممنوعة بطبيعتها كالمخدرات أو التي لا يجوز التعامل بها إلا في الحدود التي رسمها المشرع كما لو بيع كيروسين مغشوش وبغير البطاقات التي نظمها المشرع أثناء الحرب ، لا يعتبر هذا التاجر أنه ارتكب جريمة خداع .
" ويستلزم أن يكون الغش في جنس البضاعة ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
الجريمة المنصوص عليها في المادة 302ع ، تستلزم حتما حصول الغش في جنس البضاعة وجنس البضاعة هو مجموع صفاتها وخواصها التي تلازمها فتعينها تعيينا جليا يعرفه ذوو المران من الكافة ولا يخطئون فيه عادة ، وهذه الصفات ترجع أما إلى الإقليم التي تنبت فيه البضاعة أصلا إذا كانت مما يزرع ، أو تنشأ فيه وتتناسل أصلا إذا كانت من الحيوانات ، أو الجهة التي تصنع فيها أصلا إذا كانت من المصنوعات ، فالبضاعة التي ليس لها خواص طبيعية أو صفات صناعية تنفرد بها ومضمون ثباتها ، بل هى تركيب قابل للتغير والتنوع حسب مشيئة صاحبه (كدخان مصنع من المصانع) لا يمكن أن يقع فيها غش الجنس الذي عنته المادة 302ع ، فمن يبيع بضاعة (علب سجاير) على أنها من صنع مصنع كذا ثم اتضح أنها ليست من صنع هذا المصنع وأن الصنف الموجود بها رديء فلا عقاب عليه ، لأن جريمته هى جريمة تقليد لعلامة هذا المصنع التي نص عليها في المادة 305ع ، الموقوف العمل بها لأن الشارع لم يضع للآن لوائح لتخصيص علامات المصنع لأصاحبها . (الطعن رقم 550 لسنة 2ق جلسة 21/12/1931)
" ويجب لتحقيق الصورة الواردة بصدر المادة (302) عقوبات إتمام صفقة البيع ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
أن الصورة الواردة بصدر المادة 302ع لا تتحقق ويصبح العقاب المنصوص عليه في هذه المادة واجبا إلا إذا تمت للمجني عليه صفة المشتري وذلك بتمام صفقة البيع لأن القانون لا يعاقب في هذه إلا (من يغش المشتري) فإذا ظهر الغش أثناء الإجراءات التي يتوقف عليها تمام التعاقد واستحال إتمام الصفقة بظهور ذلك الغش كان الأمر شروعا فقط في ارتكاب الجريمة ولم يبق محل للعقاب لأن الشروع في الجنح لا عقاب عليه إلا بنص صريح ولا نص على العقاب في المادة سالفة الذكر . (الطعن رقم 15 لسنة 6ق جلسة 2/12/1935 مجموعة الربع قرن ج2)
" وتكون السلعة مغشوشة إذا انتفت مميزاتها ، وقد قضت محكمة النقض بأن:
الخل بحسب الأصل إنما يستخرج بطريقة التخمير من النبيذ ونشاء الحب كالأرز والشعير والذرة وغيرها بدون أن يدخل في استخراجه حمض الخليك ، لكن هذا الحمض يتكون في الخل من عملية التخمير ذاتها بنسبة لا تقل عن
4% ، ولا شك أن الخل المجهز بهذه الطريقة يصبح خلا مغشوشا معاقبا على غشه بمقتضى المادة 302ع إذا أضيف إليه شئ من الماء . أما تحضير الخل صناعيا بإضافة الماء إلى حامض الخليك فهو وإن كان وسيلة تقليدية للخل الطبيعي الناتج من التخمير إلا أنه ليس في قانون العقوبات ما يمنع من تحضير الخل بهذه الطريقة وبيعه للجمهور على أنه خل صناعي ، ولكن يجب مع ذلك أن يكون هذا الخل الصناعي مشتملا على نسبة من الحامض المذكور كافية لاعتباره خلا يمكن أن يسد مسد الخل الطبيعي ، فإن كان الخل المجهز بهذه الطريقة لا يحوي إلا نسبة ضئيلة من الحامض المذكور تنتفي معها مميزات الخل المتعارف عليها لدى الجمهور اعتبر خلا مغشوشا تنطبق عليه المادة 302ع المذكورة ، وتقدير النسبة اللازمة لاعتبار الخل الصناعي خلا صالحا للاستعمال المتعارف عليه متروك أمره لتقدير قاضي الموضوع يفصل فيه على الأساس المتقدم ، فالحكم الذي لم يبين نوع الخل المضبوط هل هو طبيعي أم صناعي ولم يبين نسبة حامض الخليك فيه مكتفيا بقوله أنها اقل من 4% ومع ذلك يقطع بعدم وجود غش في هذا الخل يكون حكما ناقص البيان متعينا نقضه .(الطعن رقم 837 لسنة 6ق جلسة 27/4/1936)
" ويلزم للعقاب تحديد الحد الأدنى لنسب العناصر المكونة للسلعة عن طريق صدور مرسوم بذلك ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
أن قانون قمع التدليس رقم 48 لسنة 1941 يعاقب في المادتين 1 ، 2 على جريمتين مختلفتين إحداهما ، وهى المنصوص عليها في المادة الأولى ، تكون بفعل غش يقع من أحد طرفى عقد على آخر فيجب فيها أن يكون هناك متعاقدان وأن يخدع أحدهما الآخر أو يشرع في أن يخدعه بأية طريقة من الطرق في عدد البضاعة أو مقدارها أو كيلها إلى آخر ما جاء في النص ، والأخرى وهى المنصوص عليها في المادة الثانية ، تكون بفعل غش يقع في الشيء نفسه ، وهذا لا يتحقق إلا إذا أدخلت على عناصره المكونة له عناصر أخرى أو انتزعت بعض تلك العناصر ، فلا يدخل في هذا النوع من الغش أن تكون المادة قد ركبت بنسب مختلفة كلل عنصر من عناصرها مادامت هذه المادة هى ، ولذلك نص القانون المذكور في المادة (5) على أنه إذا أريد العقاب في هذه الأحوال وجب استصدار مرسوم بتحديد الحد الأدنى لنسبة العناصر التي ترى أهميتها ، وأورد العقاب على مخالفة هذا التحديد .
فمن اتهم بأنه عرض للبيع بوردة خميرة مغشوشة بأن وجدت نسبة ثاني أكسيد الكرون بها نحو 5% بدلا من 12% مع علمه بذلك فلا عقاب عليه لا بمقتضى المادة الأولى لعدم وجود مشتر أراد أن يشتري هذه البودرة محتوية على نسبة معينة من ثاني أكسيد الكربون فخدعه البائع أو شرع في خداعه بأن قدم له مسحوقا يحتوي على اقل من النسبة المطلوبة ولا بمقتضى المادة الثانية لأن المادة موضوع الدعوى هى بودرة خميرة ومعروضة على أنها كذلك ، ولم يصدر مرسوم بتحديد نسبة معينة لعناصرها . (الطعن رقم 1911 لسنة 18ق جلسة 19/4/1949)
" اعتبار الأشياء المضبوطة مغشوشة أو غير صالحة للاستهلاك . مناطه . النظر إليها وقت ضبطها ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
من حيث أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى ببراءة الطاعن والمتهم الآخر مما أسند إليهما تأسيسا على بطلان إجراءات الضبط والتفتيش لعدم اختصاص مصدر الإذن مكانيا إذ أن المتهمين يقيمان في نطاق محافظة الشرقية بينما إذن النيابة العامة صدر من نيابة التل الكبير المختصة في نطاق محافظة الإسماعيلية ، كما قضى بمصادرة قطع غيار السيارات المضبوطة إعمالا لحكم المادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش وقال مقدما لقضائه في شأن المصادرة " أن الحكم المستأنف قد بنى قضاؤه بالمصادرة على أساس الاطمئنان بغش البضاعة من واقع تقرير لجنة الغش التجاري المقدم بالأوراق وعليه لما كانت البضاعة محل المصادرة ليست من الأشياء التي لا يجوز إحرازها أو حيازتها بانطباق قوانين الأسلحة والذخائر أو المخدرات أو الأغذية الفاسدة أو غيرها مما يعد استعمالها أو عرضها أو حيازتها جريمة في حد ذاتها وعليه فلا انطباق لحكم الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات عليها بمعنى وجوبيه مصادرتها ولو قضى ببراءة المتهمين ..... وعليه فإن الأمر يدور حول تطبيق المادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل على الواقعة بمعنى أنه إذا ثبت غش السلعة أو فسادها يجب القضاء بمصادرتها باعتبار أن ذلك تدبيرا عينيا وقائيا ينصب على الشيء المغشوش لإخراجه من دائرة التعامل ... ولما كان الثابت من تقرير لجنة وزارة التموين والتجارة أن المضبوطات قد اضطربت البيانات المثبتة لذاتية البضاعة فتارة يثبت أنها قطع غيار أصلية وأخرى ثبت أنها صناعة كورية وكراتين غير مدون عليها أية بيانات وأثبت على العلب بداخلها أنها صناعة ألمانيا الغربية وفي البعض توضع عليها العلامات والبعض الآخر خلا من البيانات والبعض عبأ بأجولة من الخيش وأخرى من البلاستيك إلى آخر ما جاء بتقرير اللجنة ، وإذ توافق ذلك التقرير مع ما أثبت بتقرير لجنة الرقابة الصناعية فإذا ما أضيف ذلك إلى ما تم ضبطه من أحبار وورق مقوى طبع عليه علامة .... وأخرى في طريقها للطبع على نحو ما جاء بتقرير إدارة تداول السلع ومكافحة الغش التجاري إلى جانب ما ضبط من أدوات طباعة فضلا عما جاء بالتحريات فإن المحكمة تطمئن إلى أن ما تم ضبطه من سلع تنتفي معها حقيقة البضاعة وطبيعتها وصفتها الجوهرية مما يعد مخالفا لأحكام القانون 48 لسنة 1941 ، وما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن صحيح في القانون ذلك أن المادة 30 من قانون العقوبات بما نصت عليه في فقرتها الأولى قد دلت على أن المصادرة عقوبة اختيارية تكميلية لا يجوز الحكم بها إلا على شخص ثبت إدانته وقضى عليه بعقوبة أصلية وهى بهذه المثابة عقوبة شخصية لا يجوز الحكم بها على الغير حسن النية - أما ما أشارت إليه المادة المذكورة في فقرتها الثانية فهو مصادرة وجوبيه يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهى على هذا الاعتبار إجراء لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة وإذ كان الابتدائي قضى بمصادرة المضبوطات إعمالا لحكم الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات ، إلا أن الحكم المطعون فيه عاد فقضى بالمصادرة إعمالا للمادة المذكورة في فقرتها الأولى باعتبارها عقوبة اختيارية تكميلية بما يتفق والمصادرة المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش - سواء قبل تعديلها أو بعد تعديلها بالقانونين رقمى 80 لسنة 1961 ، 106 لسنة 1980 وهى تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء المغشوش في ذاته لإخراجه من دائرة التعامل لأن الشارع الصق به طابعا جنائيا يجعله في نظره مصدر ضرر وخطر عام الأمر الذي لا يتحقق رفعه أو دفعه إلا بمصادرته ، ومن ثم فإنها تكون واجبة في جميع الأحوال أيا كان نوع الجريمة ، ولو كانت مخالفة استثناء في هذا من الأحكام العامة للمصادرة في المادة 30 من قانون العقوبات ، يقضي بها سواء كان الحائز مالكا للبضاعة أو غيرها مالك حسن النية أو سيئها قضى بإدانته أو ببراءته ، رفعت الدعوى الجنائية عليه أو لو ترفع . لما كان ذلك ، وكان النظر إلى الأشياء المضبوطة وكونها مغشوشة أو غير صالحة للاستخدام الذي صنعت من أجله إنما ينظر إليه وقت ضبطها فإن ثبت أنها كانت كذلك وقت الضبط كان الحكم بمصادرتها صحيحا في القانون لأن الحكم بالمصادرة إنما ينعطف على حالة السلعة وقتذاك ، فمن ثم لا يجدي الطاعن الجدل في عدم وجود تعاقدات على بيعها أو مكان ضبطها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قضى بمصادرة قطع غيار السيارات المضبوطة للأدلة المستمدة من تقرير لجنة وزارة التموين والتجارة ومما جاء بتقرير لجنة الرقابة الصناعية وتقرير إدارة تداول السلع ومكافحة الغش التجاري وما تم ضبطه من أدوات طباعة وأحبار وملصقات وتأيد بالتحريات أن السلعة المضبوطة لم تصدر من الجهات التي تحملها الملصقات ، وكان الطاعن لا يمارى في أن ما حصله الحكم منها له أصله الثابت في الأوراق فإن التفات الحكم عن الرد على مطاعن بشأن تلك التقارير وعدم رده على دفاعه بعدم ارتكابه الجريمة لا يعيبه ، لما هو مقرر من أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من الأدلة التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة الطاعن والمتهم الآخر تأسيسا على بطلان إجراءات الضبط والتفتيش وبمصادرة المضبوطات المكونة لجسم الجريمة وبحسب الحكم كما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من عدم صلاحية المضبوطات للاستخدام في الأغراض التي خصصت لها ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من قول بأن المحكمة لم تعرض لما ساقه من قرائن على سلامة المضبوطات وعدم صحة التقارير المقدمة في الدعوى لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يفصح عن عدم قبوله موضوعا ويتعين التقرير بذلك ومصادرة الكفالة . (الطعن رقم 46343 لسنة 59ق جلسة 12/10/1993 س44
ص790)
جريمة الخداع من الجرائم العمدية التي يجب أن يتوفر فيها القصد الجنائي ويتوفر هذا القصد بمجرد أن يسلم المتهم بضائع غير المتفق عليها وهو يعلم بذلك ، فالتاجر الذي يعتقد في صحة بضائعه ويبيعها للغير بثمن أكثر من قيمتها الحقيقية لأنها في الحقيقة أقل جودة مما يعتقد ، لا يعتبر أنه مخادع ولكنه مخطئ ، والخطأ لا عقاب عليه كذلك لا عقاب على خطأ التاجر أو جهله بحقيقة الشيء المبيع . (جندي عبد الملك)
كذلك لا عقاب على تاجر كان في إمكانه أن يتحقق من صحة صفات المبيع ولكنه أهمل ذلك ، إذ يتعين الإهمال مهما ارتفعت درجته أنه يرتب ضرر غير عمدي ، وينعدم القصد الجنائي إذا أعلن التاجر الشخص المتعاقد معه على أن البضائع المسلة غير المتفق عليها . (جندي عبد الملك)
كما ينعدم القصد الجنائي إذا وجدت ظروف خارجة عن إرادة التاجر ألزمته بتسليم بضائع غير المتفق عليها حتى ولو لم يعلن المشتري بحقيقة هذه البضاعة .
وقد قضت محكمة النقض بأن : جريمة خداع المشتري المنصوص عليها في القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع التدليس والغش هى جريمة عمدية يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي وهو علم المتهم بالغش في الشيء المتفق على بيعه وتعمده إدخال هذا الغش على المشتري . (الطعن رقم 1372 لسنة 25ق جلسة 27/2/1956 س7 ص258) وبأنه " أن المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941 - التي دين المتهم بمقتضاها تنص على معاقبة كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأى طريقة من الطرق في أحد الأمور التي عددتها ومنها حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة ، وعلى العموم العناصر الداخلة في تركبيها ، ومؤدى هذا النص أن يكون المتعاقد عالما بالنقض أو بالغش الذي أدخله أو يحاول إدخاله على المتعاقد الآخر علما حقيقيا واقعيا يبرر وصف المشرع لفعله بأنه (خدع أو شرع في أن يخدع) فإذا كان دفاع المتهم يقوم على أنه عهد لآخر بصنع الجبن في معامله الخاصة بعيدا عنه ودون إشراف نه عليها وأن يورد الجبن نيابة عنه للمتعاقد الآخر معه ، وكان ما قاله الحكم للتدليل على ثبوت علم الطاعن بالغش الموجود في الجبن قد بنى على الافتراض والتخمين ولم يدعم بوقائع معينة تؤدي إلى إثبات العلن الواقعي فإن الحكم يكون قصرا واجبا نقضه " (الطعن رقم 9 لسنة 24ق جلسة 22/2/1954 مجموعة الربع قرن ج2 ص880 رقم 15) وبأنه " أن جريمة خداع المشتري المنصوص عليها في القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع الغش والتدليس هى جريمة عمدية يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي وهو علم المتهم بالغش الحاصل في الشيء المتفق على بيعه وأنه تعمد إدخال هذا الغش على المشتري وإذن فإذا كان الحكم قد قال " التاجر ملزم بحكم مهنته أن يضمن حالة بضائعه التي يضعها في محله أو التي يتعهد بتوريدها للغير ، وأن تكون متمشية مع حقيقتها ولذلك فالتاجر ملزم باتخاذ ما يلزم للتحقق من صحة صفات بضائعه ومعرفة حقيقتها معرفة تامة وذلك قبل أن يسلمها للجمهور أو لعميله ... وأنه يكفي لقيام جريمة الغش تسليم بضائع مختلفة عن البضائع التي اتفق عليها " ، فإن هذا الذي ذكره الحكم لا يؤدي إلى ثبوت علم المتهم بالغش ، ومن ثم يكون الحكم قاصرا قصورا يعيبه ويستوجب نقضه " (الطعن رقم 1125 لسنة 24ق جلسة
29/3/1955 مجموعة الربع قرن ج2 ص880 رقم 16)
وقضت أيضا محكمة النقض بأن : العلم بغش البضاعة المعروضة للبيع هو مما تفصل فيه محكمة الموضوع ، فمتى استنتجه من وقائع الدعوى استنتاجا سليما فلا شأن لمحكمة النقض معها . (الطعن رقم 21 لسنة 8ق جلسة 13/12/1937)
" ثبوت ارتكاب المتهم فعل الغش أو علمه به . شرط لإدانته بجريمة الغش ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
نفى الطاعن ارتكابه الغش أو علمه به على أساس أن عملية إنتاج الملح يتولاها دير الإنتاج . دفاع جوهري . إدانة الطاعن دون استظهار اختصاصه ومدى إشرافه وعلمه اليقيني بالغش ودون تحقيق دفاعه الجوهري . خطأ .
يتعين لإدانة المتهم في جريمة الغش المؤثمة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فع الغش أو أنه يعلم بالغش الذي وقع ، وإذ كان الطاعن قد نفى ارتكابه لفعل الغش أو علمه به وقرر أنه يشرف إداريا فقط على الشركة المنتجة - باعتباره رئيسا لمجلس إدارتها - دون تدخل في عملية إنتاج الملح الموكول أمرها إلى رئيس الإنتاج بالشركة ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانته دون أن يبين اختصاص الطاعن ومدى إشرافه وعلمه اليقيني بالغش ولم يحقق دفاعه رغم أنه جوهري ومؤثر في مصير الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة أن تواجهه وأن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب . (الطعن رقم 2373 لسنة
49ق جلسة 20/4/1980 س31 مج فني جنائي ص517)
" الأثر المترتب على صدور القانون رقم 80 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع الغش والتدليس ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
اعتبار الحكم المطعون فيه الواقعة مخالفة رغم ثبوت حسن نية المتهم وإثبات مصدر البضاعة المغشوشة خطأ في القانون . أساس ذلك وأثره .
لما كان القانون رقم 80 لسنة 1961 الذي صدر في 10 يوليو سنة 1961 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش قد نص في المادة الأولى منه على أن يستبدل بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع التدليس والغش النص الآتي :
ويفترض العلم بالغش والفساد إذ كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين ما لم يثبت حسن نيته ومصدر المواد موضوع الجريمة . كما نص في المادة الثانية منه على أن يستبدل بالمادة السابعة من القانون المشار إليه النص الآتي " يجب أن يقضى في الحكم في جميع الأحوال بمصادرة المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي تكون جسم الجريمة فإذا لم ترفع الدعوى الجنائية لسبب ما فيصدر قرار المصادرة من النيابة العامة " ، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون " أنه رؤى تعديل الفقرة الثانية من البند (1) من المادة الثانية سالفة الكر بحيث لا يقبل من التاجر المخالف أن يدحض قرينة العلم بالغش إلا إذا ثبت علاوة على حسن نيته مصدر المادة الفاسدة أو المغشوشة وذلك اعتبارا بأن هذا الإثبات سهل ميسر على التجار الذين يراعون واجب الذمة في معاملاتهم وفي نفس الوقت رؤى أن هؤلاء التجار حسني النية الذين يكونون ضحية لغيرهم من صانعي المواد المغشوشة أو الفاسدة أو المتجرين فيها جديرون بإعفائهم كلية من العقاب حتى عن جريمة المخالفة ولهذا اقتضى الأمر تعديل المادة السابعة بما يؤدي إلى ذلك مع بقاء النص على وجوب أن يقضي الحكم في جميع الأحوال بمصادرة المواد التي تكون جسم الجريمة ، ومؤدى هذا التعديل أن المشروع أعفى التاجر المخالف من المسئولية الجنائية متى أثبت أنه لا يعلم بغش أو فساد المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي يعرضها للبيع ، وأثبت مصدر هذه المواد الفاسدة أو المغشوشة ، وعلة الإعفاء أن التاجر الذي يراعي واجب الذمة في معاملاته هو ضحية لصانع هذه المواد ويجب أن يتحمل الأخير وحده وزر الجريمة . (الطعن رقم 4556 لسنة 51ق جلسة 14/2/1982 س33 ص197)
" إدانة المتهم في جريمة الغش المؤثمة بالقانون 48 لسنة 1941 . رهينة بثبوت ارتكابه فعل الغش أو علمه به ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
من حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عرض شئ مغشوش للبيع قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وذلك بأنه لم يعرض لدفاعه الجوهري تحقيقا له وردا عليه بأنه طالب وقد تواجد بالمحل نيابة عن والده ولم يكن يعلم ما يحتويه المحل ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث أنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة الدرجة الثانية أن الطاعن دفع التهمة بما أورده بوجه طعنه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه - بعد أن عدل في العقوبة المقضي بها - دون أن يعرض لهذا الدفاع تحقيقا له أو ردا عليه ، وكان يتعين لإدانة المتهم في جريمة الغش المؤثمة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أنه يعلم بالغش الذي وقع ، وإذ كان الطاعن قد نفى ارتكابه لفعل الغش أو علمه به وقرر أنه تواجد بالمحل نيابة عن والده دون أن يعلم بمحتويات المحل ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانته دون أن يحقق دفاعه رغم أنه جوهري ومؤثر في مصير الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة أن تواجهه وأن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه ، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب . لما كان ذلك ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن . (الطعن رقم 8093 لسنة 58ق جلسة 25/10/1990 س41 ص945)
" العلم بغش البضاعة المعروضة للبيع موضوعي ، وقد قضت محكمة النقض بأن :
لما كان من المقرر أن العلم بغش البضاعة المعروضة للبيع هو مما تفصل فيه محكمة الموضوع فمتى استنتجته من وقائع الدعوى استنتاجا سليما فلا شأن لمحكمة النقض به وكان الطاعن على نحو ما هو ثابت بمحضر المعارضة الابتدائية - وإن أنكر الاتهام ودفعه بأنه تاجر جملة يشتري الجبن المضبوط ويبيعه ولا يقوم بتصنيعه - إلا أنه عجز عن إثبات مصدر حصوله عليه ، فلا على المحكمة إن هى افترضت علمه بالغش باعتبار إنه من المشتغلين بالتجارة ، إذ من المقرر أن المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1940 بشأن قمع الغش والتدليس المعدلة بالقانونين رقمى 552 لسنة 1955 ، و80 لسنة 1961 - والسارية أحكامها بعد صدور القانون رقم 10 لسنة 1966 - نصت على أن العلم بالغش ولفساد يفترض إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين ما لم يثبت حسن نيته ومصدر المواد موضوع الجريمة ولا على المحكمة إن هى لم تتحدث عن ركن العلم وإثبات توافره لدى الطاعن مادام أنه من بين المشتغلين بالتجارة . (الطعن رقم 156 لسنة 51ق جلسة
25/5/1981 س32 ص559 مج فني جنائي وقد صدر حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية افتراض العلم بالغش كما سنرى)