تنص المادة (92) من قانون العقوبات على أنه "يعاقب بالإعدام كل من قلد نفسه رئاسة عصابة حاملة للسلاح أو تولى فيها قيادة ما وكان ذلك بقصد اغتصاب أو نهب الأراضي أو الأموال المملوكة للحكومة أو لجماعة من الناس أو مقاومة القوة العسكرية المكلفة بمطاردة مرتكبي هذه الجنايات.
ويعاقب من عدا هؤلاء من أفراد العصابة بالأشغال الشاقة المؤقتة ".
تعقب هذه المادة كل شخص يجب على عساكر الجيش أو البوليس طاعته إذا طلب إليهم أو كلفهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة الصادرة بالتجنيد وقد لوحظ أن تخصيص التعطيل في أوامر التجنيد يحول دون عقاب الفعل إذا انصب التعطيل على ما عدا ذلك من أوامر مع أنها قد لا تكون أقل خطرا على كيان الدولة واستتباب الأمن فيها فعدلت المادة لتتناول بالعقاب جميع الصور التي ينصب فيها الطلب أو التكليف على تعطيل أي أمر من أوامر الحكومة ما دام الغرض منه إجراميا. (المذكرة الإيضاحية)
• طبيعة الجريمة :
تتميز الجريمة بأنه من الجرائم الشكلية ذات الحدث النفسي ، ويتكون ركنها المادي من سلوك مادي ذي مضمون نفسي . وليس بلازم في الحدث النفسي أن يكون ضارا أو خطرا ، فهو ينحصر في طرق أنفس أفراد القوات المسلحة أو في البوليس بتعبير ينهي إليهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة أو يكلفهم بذلك ، حتى لو لم تحدث من جانب أولئك الأفراد استجابة ما ، وحتى لو لم يوجد في واقع الحال خطرا منذر بهذه الاستجابة .
والجريمة لا تقبل بطبيعتها أن تقع على صورة الشروع الخائب ، وإن كان متصورا فيها الشروع الموقوف . والاشتراك فيها ممكن سواء بطريق الاتفاق أو التحريض أو المساعدة .
هذا والجريمة من جرائم الفاعل الخاص ، بمعنى أنها لا يمكن أن تقع إلا من فاعل له صفة معينة دون سواء ، هي أن يكون صاحب حق الأمر في القوات المسلحة أو في البوليس ، بأن يكون رئيسا طاعته واجبة من جانب هؤلاء ، ولو تصادف أنهم عصوا طلبه إليهم أو تكليفه إياهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة .
• الركن المادي للجريمة :
حددت قاعدة التجريم السلوك المكون ماديا للجريمة ، بأنه تعبير صادق من صاحب حق الأمر في أفراد القوات المسلحة أو البوليس ، يطلب إليهم أو يكلفهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة .
فهناك ظرف ملابس للسلوك جرى التقليد على تسميته بالعنصر المفترض ، وهو أن يكون صاحب السلوك أمرا يدين له بالطاعة أفراد القوات المسلحة أو أفراد البوليس . فلا تتوافر الجريمة إلا من شخص له رئاسة ما على أفراد القوات المسلحة أو البوليس ، بمعنى أنها لا تقع إلا بتعبير يصدره رئيس إلى مرءوسين له يعملون تحت أمرته سواء في القوات المسلحة أو في البوليس .
فإذا لم تكن توجد بين الأمر والمأمور صلة ما من التدرج الرئاسي ، بأن صدر الطلب أو التكليف من جندي إلى جندي أخر بذات رتبته ، أو من أحد رجال البوليس إلى أخر يتساوى معه في الدرجة ويعتبر بالتالي زميلا من زملائه ، لا تتوافر الجريمة لأنه يفترض لوقوعها أن يكون مصدر الطلب أو التكليف حائزا لسلطة آمرة تجله من طلب إليهم أو كلفهم .
ويلزم أن يكون موضوع الطلب أو التكليف تعطيل أوامر الحكومة ، كأن يطلب ضابط الفرقة إلى جنوده عدم التحرك إلى جهة معينة رغم صدور أمر القائد الأعلى بالتوجه إلى هذه الجهة ، أو أن يطلب ضابط البوليس إلى رجال السلطة العامة العاملين تحت أمرته عدم المرابطة في مكان استراتيجي معين رغم أمر مدير الأمن بذلك وإنما لا يلزم لتوافر الجريمة أن يستجيب المرءوسون للأمر أو التكليف فقد لا يستجيبون له احتراما منهم للجهة الرئاسية التي يتبعها ، ومع ذلك تقع الجريمة لأنها محض جريمة تعبيرية .
على أنه يلزم أن يكون الطلب أو التكليف الصادر من رئيس إلى مرءوسيه للعمل على تعطيل أوامر الحكومة وقد صدر لغرض إجرامي هو عرقلة النفاذ الواجب لأوامر السلطة الرئاسية والتمرد على هذه السلطة المعبر عنها في سياق النص بالحكومة ، إذ لا تستقيم الأداة الحاكمة لو عصى المرءوسون فيها أوامر الرؤساء ، فهذا أمر يهدد الدولة مباشرة بالانهيار .
فإذا كان طلب أو تكليف العمل على تعطيل أوامر الحكومة ، صادرا لغرض برئ ، هو التحوط أمام ظرف اكتشف بعد صدور هذا الأمر وكان من شأنه أن تتغير الأوامر ذاتها لو كان هذا الظرف معلوما وقت صدورها فإنه لا تتوافر في الأمر جريمة . وليس ذلك إلا تطبيقا للقاعدة العامة التي تدرج في عناصر الجريمة عنصرا سلبيا هو تخلف السبب المبيح .
فإذا اتضح مثلا وجود ألغام في الجهة التي صدر أمر القائد الأعلى بالتوجه إليها ، وجاء اكتشافها تاليا لصدور أمره فأثر الضابط المكلف بقيادة فرقته إلى تلك الجهة أن يمنعها من التحرك إليها حتى يتم تطهيرها من الألغام ، أو إذا اتضح أن المكان الاستراتيجي الذي أمر مدير الأمن قوة البوليس بالمرابطة فيه ، قد اكتشف حوله بعد صدور هذا الأمر وجود أشقياء يحيطون به من كل جانب تربصا بهذه القوة حين تصل للانقضاض عليها ، فأثر الضابط للقوة عدم التوجه إلى المكان قبل تطهير المنطقة المحيطة به من الأشقياء ، فإنه في المثال الأول لا يرتكب ضابط الجيش الجريمة التي نحن بصددها ، كما لا يرتكبها في المثال الثاني ضابط البوليس .
• الركن المعنوي للجريمة :
حددت قاعدة التجريم هذا الركن بأنه إصدار رئيس في القوات المسلحة أو في البوليس طلبا إلى العاملين تحت أمرته من الأفراد أو تكليفا لهم بالعمل على تعطيل أوامر الحكومة ، الأمر الذي يعني التعمد أي القصد الجنائي . ويتطلب نص التجريم بالإضافة إلى التعمد استهداف غرض خاص هو الغرض الإجرامي ، بالا يكون هناك في مادة الأمر الواقع ظرف ما يبرر ذلك الطلب أو التكليف فلا بد من انصراف إرادة الفاعل إلى تعبير معين اسمه الطلب أو التكليف وإلى أن يخاطب بهذا التعبير أفرادا عاملين تحت أمرته متضمنا إياه دعوتهم إلى العمل على تعطيل أوامر الحكومة ، وألا يكون لهذه الإرادة مبرر مشروع من ظروف الواقع المحيط ، بأن يكون الهدف منها هو التمرد على السلطة الرئاسية .
• العقوبة :
نصت المادة 92 على عقوبة السجن المشدد لمن يصدر منه ذلك الأمر أو التكليف ، ولو لم يلق استجابة من جانب من وجه إليهم .
ومن البديهي أنه إذا لم تحدث استجابة للأمر أو التكليف ، اعتبر مصدره فاعلا لجريمة فاعل وحيد هي التي يعاقب عليها بتلك العقوبة .
أما إذا حدثت استجابة وتعطل بالفعل تنفيذ أوامر الحكومة ، ولم يكن لذلك مبررا كما قلنا ، تصبح الجريمة من جرائم الفاعل المتعدد ، التي لا تقع إلا بأكثر من فاعل ، أي بأمر مطاوع ومأمور مطيع ، وقلنا أنه في مثل هذه الجريمة ذات الطرفين ، يلزم العقاب كل منهما أن ينص القانون صراحة على ذلك ، وإلا عوقب من قرر القانون عقابه دون سواه ، ولا تسري في هذه الحالة قاعدة أن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتهما .
وبالفعل فإنه في الجناية التي نحن بصددها ، يقرر القانون صراحة عقاب كلا الطرفين ، خلافا لما رأيناه في الجناية السابق الكلام عليها . ذاك ما عبرت عنه المادة 92 بقولها " فإذا ترتب على الجريمة تعطيل تنفيذ أوامر الحكومة ، كانت العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد . أما من دونه من رؤساء العساكر أو من قوادهم الذين أطاعوه فيعاقبون بالسجن المشدد .
هذه العبارة مؤداها " أنه إذا استجاب لمصدر الأمر أو التكليف رؤساء للعساكر أو قواد ودنهم في الرتبة ، فعطلوا تنفيذ أوامر الحكومة فعلا بناء على هذا الأمر أو التكليف ، فإنهم يعاقبن مثلما يعاقب هو . وبينما يعاقب هو بالإعدام أو بالسجن المؤبد ، يعاقبون هو بالسجن المشدد .
على أنه لا يخفى القيد الذي حضرت به المادة أشخاص المسئولين مع الفاعل الأمر ، فقد حددتهم أنهم " رؤساء " العساكر أو " قوادهم " الذين أطاعوه . ومعنى ذلك أن العساكر أنفسهم الذين كان المفروض أن يجري تنفيذ أوامر الحكومة على أيديهم ومع ذلك لم ينفذوها ، لا يعاقبون بعقوبة ما لعدم النص . وليس بذلك إلا تطبيقا لقاعدة أنه في جريمة الفاعل المتعدد ، لا يعاقب إلا من قرر القانون عقابه صراحة من بين الفعلة المتعددين .
هذا والجريمة في هذا الفرض الثاني لها وهو أن يتعطل بالفعل تنفيذ أوامر الحكومة ، تعتبر جريمة حدث متخلف . أي حدث لم يتحقق وكان واجبا وقوعه ، هو نفاذ أوامر الحكومة . وفي هذا تختلف الجريمة عما هي عليه في الفرض الأول الذي رأينا أنها تكون فيه جريمة تعبيرية ذات حدث نفسي مجرد ، لا تتعدى تعبيرا معينا صدر من الأمر وطرق ونفوس العاملين تحت إمرته ، بصرف النظر عن كونه لم ينتج أثرا ، أي ولو عصاه هؤلاء ونفذوا فعلا أوامر الحكومة إيثار منهم للرئيس الأعلى على رئيسهم المباشر . فحتى في هذه الحالة يعاقب الأمر على صدور الأمر أو التكليف منه بالسجن المشدد . (راجع في تفصيل ما تقدم الدكتور رمسيس بهنام ، مرجع سابق ص100 وما بعدها)
ويعاقب من عدا هؤلاء من أفراد العصابة بالأشغال الشاقة المؤقتة ".
تعقب هذه المادة كل شخص يجب على عساكر الجيش أو البوليس طاعته إذا طلب إليهم أو كلفهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة الصادرة بالتجنيد وقد لوحظ أن تخصيص التعطيل في أوامر التجنيد يحول دون عقاب الفعل إذا انصب التعطيل على ما عدا ذلك من أوامر مع أنها قد لا تكون أقل خطرا على كيان الدولة واستتباب الأمن فيها فعدلت المادة لتتناول بالعقاب جميع الصور التي ينصب فيها الطلب أو التكليف على تعطيل أي أمر من أوامر الحكومة ما دام الغرض منه إجراميا. (المذكرة الإيضاحية)
• طبيعة الجريمة :
تتميز الجريمة بأنه من الجرائم الشكلية ذات الحدث النفسي ، ويتكون ركنها المادي من سلوك مادي ذي مضمون نفسي . وليس بلازم في الحدث النفسي أن يكون ضارا أو خطرا ، فهو ينحصر في طرق أنفس أفراد القوات المسلحة أو في البوليس بتعبير ينهي إليهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة أو يكلفهم بذلك ، حتى لو لم تحدث من جانب أولئك الأفراد استجابة ما ، وحتى لو لم يوجد في واقع الحال خطرا منذر بهذه الاستجابة .
والجريمة لا تقبل بطبيعتها أن تقع على صورة الشروع الخائب ، وإن كان متصورا فيها الشروع الموقوف . والاشتراك فيها ممكن سواء بطريق الاتفاق أو التحريض أو المساعدة .
هذا والجريمة من جرائم الفاعل الخاص ، بمعنى أنها لا يمكن أن تقع إلا من فاعل له صفة معينة دون سواء ، هي أن يكون صاحب حق الأمر في القوات المسلحة أو في البوليس ، بأن يكون رئيسا طاعته واجبة من جانب هؤلاء ، ولو تصادف أنهم عصوا طلبه إليهم أو تكليفه إياهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة .
• الركن المادي للجريمة :
حددت قاعدة التجريم السلوك المكون ماديا للجريمة ، بأنه تعبير صادق من صاحب حق الأمر في أفراد القوات المسلحة أو البوليس ، يطلب إليهم أو يكلفهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة .
فهناك ظرف ملابس للسلوك جرى التقليد على تسميته بالعنصر المفترض ، وهو أن يكون صاحب السلوك أمرا يدين له بالطاعة أفراد القوات المسلحة أو أفراد البوليس . فلا تتوافر الجريمة إلا من شخص له رئاسة ما على أفراد القوات المسلحة أو البوليس ، بمعنى أنها لا تقع إلا بتعبير يصدره رئيس إلى مرءوسين له يعملون تحت أمرته سواء في القوات المسلحة أو في البوليس .
فإذا لم تكن توجد بين الأمر والمأمور صلة ما من التدرج الرئاسي ، بأن صدر الطلب أو التكليف من جندي إلى جندي أخر بذات رتبته ، أو من أحد رجال البوليس إلى أخر يتساوى معه في الدرجة ويعتبر بالتالي زميلا من زملائه ، لا تتوافر الجريمة لأنه يفترض لوقوعها أن يكون مصدر الطلب أو التكليف حائزا لسلطة آمرة تجله من طلب إليهم أو كلفهم .
ويلزم أن يكون موضوع الطلب أو التكليف تعطيل أوامر الحكومة ، كأن يطلب ضابط الفرقة إلى جنوده عدم التحرك إلى جهة معينة رغم صدور أمر القائد الأعلى بالتوجه إلى هذه الجهة ، أو أن يطلب ضابط البوليس إلى رجال السلطة العامة العاملين تحت أمرته عدم المرابطة في مكان استراتيجي معين رغم أمر مدير الأمن بذلك وإنما لا يلزم لتوافر الجريمة أن يستجيب المرءوسون للأمر أو التكليف فقد لا يستجيبون له احتراما منهم للجهة الرئاسية التي يتبعها ، ومع ذلك تقع الجريمة لأنها محض جريمة تعبيرية .
على أنه يلزم أن يكون الطلب أو التكليف الصادر من رئيس إلى مرءوسيه للعمل على تعطيل أوامر الحكومة وقد صدر لغرض إجرامي هو عرقلة النفاذ الواجب لأوامر السلطة الرئاسية والتمرد على هذه السلطة المعبر عنها في سياق النص بالحكومة ، إذ لا تستقيم الأداة الحاكمة لو عصى المرءوسون فيها أوامر الرؤساء ، فهذا أمر يهدد الدولة مباشرة بالانهيار .
فإذا كان طلب أو تكليف العمل على تعطيل أوامر الحكومة ، صادرا لغرض برئ ، هو التحوط أمام ظرف اكتشف بعد صدور هذا الأمر وكان من شأنه أن تتغير الأوامر ذاتها لو كان هذا الظرف معلوما وقت صدورها فإنه لا تتوافر في الأمر جريمة . وليس ذلك إلا تطبيقا للقاعدة العامة التي تدرج في عناصر الجريمة عنصرا سلبيا هو تخلف السبب المبيح .
فإذا اتضح مثلا وجود ألغام في الجهة التي صدر أمر القائد الأعلى بالتوجه إليها ، وجاء اكتشافها تاليا لصدور أمره فأثر الضابط المكلف بقيادة فرقته إلى تلك الجهة أن يمنعها من التحرك إليها حتى يتم تطهيرها من الألغام ، أو إذا اتضح أن المكان الاستراتيجي الذي أمر مدير الأمن قوة البوليس بالمرابطة فيه ، قد اكتشف حوله بعد صدور هذا الأمر وجود أشقياء يحيطون به من كل جانب تربصا بهذه القوة حين تصل للانقضاض عليها ، فأثر الضابط للقوة عدم التوجه إلى المكان قبل تطهير المنطقة المحيطة به من الأشقياء ، فإنه في المثال الأول لا يرتكب ضابط الجيش الجريمة التي نحن بصددها ، كما لا يرتكبها في المثال الثاني ضابط البوليس .
• الركن المعنوي للجريمة :
حددت قاعدة التجريم هذا الركن بأنه إصدار رئيس في القوات المسلحة أو في البوليس طلبا إلى العاملين تحت أمرته من الأفراد أو تكليفا لهم بالعمل على تعطيل أوامر الحكومة ، الأمر الذي يعني التعمد أي القصد الجنائي . ويتطلب نص التجريم بالإضافة إلى التعمد استهداف غرض خاص هو الغرض الإجرامي ، بالا يكون هناك في مادة الأمر الواقع ظرف ما يبرر ذلك الطلب أو التكليف فلا بد من انصراف إرادة الفاعل إلى تعبير معين اسمه الطلب أو التكليف وإلى أن يخاطب بهذا التعبير أفرادا عاملين تحت أمرته متضمنا إياه دعوتهم إلى العمل على تعطيل أوامر الحكومة ، وألا يكون لهذه الإرادة مبرر مشروع من ظروف الواقع المحيط ، بأن يكون الهدف منها هو التمرد على السلطة الرئاسية .
• العقوبة :
نصت المادة 92 على عقوبة السجن المشدد لمن يصدر منه ذلك الأمر أو التكليف ، ولو لم يلق استجابة من جانب من وجه إليهم .
ومن البديهي أنه إذا لم تحدث استجابة للأمر أو التكليف ، اعتبر مصدره فاعلا لجريمة فاعل وحيد هي التي يعاقب عليها بتلك العقوبة .
أما إذا حدثت استجابة وتعطل بالفعل تنفيذ أوامر الحكومة ، ولم يكن لذلك مبررا كما قلنا ، تصبح الجريمة من جرائم الفاعل المتعدد ، التي لا تقع إلا بأكثر من فاعل ، أي بأمر مطاوع ومأمور مطيع ، وقلنا أنه في مثل هذه الجريمة ذات الطرفين ، يلزم العقاب كل منهما أن ينص القانون صراحة على ذلك ، وإلا عوقب من قرر القانون عقابه دون سواه ، ولا تسري في هذه الحالة قاعدة أن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتهما .
وبالفعل فإنه في الجناية التي نحن بصددها ، يقرر القانون صراحة عقاب كلا الطرفين ، خلافا لما رأيناه في الجناية السابق الكلام عليها . ذاك ما عبرت عنه المادة 92 بقولها " فإذا ترتب على الجريمة تعطيل تنفيذ أوامر الحكومة ، كانت العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد . أما من دونه من رؤساء العساكر أو من قوادهم الذين أطاعوه فيعاقبون بالسجن المشدد .
هذه العبارة مؤداها " أنه إذا استجاب لمصدر الأمر أو التكليف رؤساء للعساكر أو قواد ودنهم في الرتبة ، فعطلوا تنفيذ أوامر الحكومة فعلا بناء على هذا الأمر أو التكليف ، فإنهم يعاقبن مثلما يعاقب هو . وبينما يعاقب هو بالإعدام أو بالسجن المؤبد ، يعاقبون هو بالسجن المشدد .
على أنه لا يخفى القيد الذي حضرت به المادة أشخاص المسئولين مع الفاعل الأمر ، فقد حددتهم أنهم " رؤساء " العساكر أو " قوادهم " الذين أطاعوه . ومعنى ذلك أن العساكر أنفسهم الذين كان المفروض أن يجري تنفيذ أوامر الحكومة على أيديهم ومع ذلك لم ينفذوها ، لا يعاقبون بعقوبة ما لعدم النص . وليس بذلك إلا تطبيقا لقاعدة أنه في جريمة الفاعل المتعدد ، لا يعاقب إلا من قرر القانون عقابه صراحة من بين الفعلة المتعددين .
هذا والجريمة في هذا الفرض الثاني لها وهو أن يتعطل بالفعل تنفيذ أوامر الحكومة ، تعتبر جريمة حدث متخلف . أي حدث لم يتحقق وكان واجبا وقوعه ، هو نفاذ أوامر الحكومة . وفي هذا تختلف الجريمة عما هي عليه في الفرض الأول الذي رأينا أنها تكون فيه جريمة تعبيرية ذات حدث نفسي مجرد ، لا تتعدى تعبيرا معينا صدر من الأمر وطرق ونفوس العاملين تحت إمرته ، بصرف النظر عن كونه لم ينتج أثرا ، أي ولو عصاه هؤلاء ونفذوا فعلا أوامر الحكومة إيثار منهم للرئيس الأعلى على رئيسهم المباشر . فحتى في هذه الحالة يعاقب الأمر على صدور الأمر أو التكليف منه بالسجن المشدد . (راجع في تفصيل ما تقدم الدكتور رمسيس بهنام ، مرجع سابق ص100 وما بعدها)