جناية التخريب المتعمد للمباني والاملاك العامة
تنص المادة (90) من قانون العقوبات على أنه " يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين كل من خرب عمدا مباني أو أملاكا عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو للمؤسسات العامة أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام .
وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا وقعت الجريمة في زمن هياج أو فتنة بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى .
وتكون العقوبة الإعدام إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان موجودا في تلك الأماكن .
ويحكم على الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الأشياء التي خربها .
ويضاعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة في الفقرة الأولى من المادة 90 إذا ارتكبت الجريمة تنفيذا لغرض إرهابي ".
هذه المادة معدلة بالقانون رقم 112 لسنة 1957 الصادر في 19/5/1957 والمنشور في الوقائع المصرية في 19 مايو سنة 1957 العدد 29 مكرر (د) ثم بالقانون رقم 120 لسنة 1962 الصادر في 19/7/1962 والمنشور في 25/7/1962 .
كما وأن الفقرة الأخيرة مضافة بالمادة 3/2 من القانون رقم 97 لسنة 1992.
جاء بالمذكرة الإيضاحية بالقانون رقم 120 لسنة 1962 تعليقا على هذا النص أنه لما كانت المادة 90 من القانون الحالي تشترط وقوع فعل التخريب في زمن هياج أو فتنة أو بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى فقد رؤى استبعاد هذا الشرط كركن من أركان الجريمة وجعله ظرفا مشددا لها واقتضى ذلك تعديل النص تعديلا من مقتضاه التدرج في العقوبة بما يتناسب والآثار المترتبة على فعل التخريب فنص على عقوبة السجن جزاء من يخرب عمدا أملاكا وما في حكمها من الأشياء المملوكة للجهات التي عددها النص فإذا وقع الفعل إبان هياج أو فتنة أو بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى تكون العقوبة الأشغال الشاقة أو المؤقتة وتكون عقوبة الإعدام في الحالتين إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان موجودا في تلك الأماكن .
واستحدث النص الجديد فقرة خاصة بإلزام الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الأشياء التي خربها ومن المفهوم أن التخريب المعاقب عليه طبقا لهذه المادة هو التخريب الذي يتسم بالجسامة سواء وقع على مال ثابت أو منقول مملوك للدولة أو لإحدى المؤسسات العامة أو غيرها من الجهات التي زودتها هذه المادة فلا يدخل في حكم هذه المادة أفعال الهدم والإتلاف البسيطة التي تناولتها 162 عقوبات . كما أنه من المفهوم أن المادة 361 عقوبات لا تتناول إلا تخريب وإتلاف الأموال الخاصة وقد استتبع تعديل المادة 90 عقوبات تعديل المادتين (162 ، 361) مع التدرج في العقوبة على الوجه المبين بالمشروع ومع استبعاد الأعمال ذات القيمة التاريخية من حكم المادة 162 عقوبات لأن ما يعتبر منها من الأموال العامة يدخل في مدلول المادة 90 عقوبات إذا كان الإتلاف جسيما أما في الحالات الأخرى فإنه يعاقب عليها طبقا لقانون حماية الآثار كذلك حذفت عبارة " بقصد الإساءة " من المادة 361 عقوبات تمشيا مع ما استقر عليه قضاء محكمة النقض من أنها تحصيل لحاصل وذكر لمفهوم .
• جناية التخريب المتعمد للمباني والأملاك العامة :
لقد أحسن المشرع صنعا إذ جرم التخريب المتعمد للمباني أو الأملاك العامة بموجب نص خاص لأنه وكما يقول بحق جانب من الفقه الفرنسي ينبغي أن يكون للأملاك العامة قدسية خاصة لما لها من نفع عام يعود على أفراد المجتمع جميعا . ومن ثم فإنه يبدو من القصور أن يترك المشرع حماية هذه الممتلكات للنصوص العامة المنظمة لمثل التعييب أو الإتلاف .....الخ .
• الركن المادي :
يقوم الركن المادي في جناية المادة 90 على عناصر ثلاث يتمثل أولها : في السلوك الإجرامي المعاقب عليه . وثانيها : في كون الاعتداء قد وقع على مبان أو أملاك عامة أو أي شيء أخر مما عدته المادة . وثالثها : في وقوع النتيجة الإجرامية المعاقب عليها .
1- السلوك المجرم : لا يقوم السلوك المادي المعاقب عليه إلا بالتخريب ويقصد به التعييب الماد للمباني أو الأملاك العامة . والأصل أن التخريب لا يقع بوسائل معينة دون غيرها لأن العبرة بحدوث النتيجة لا بوسيلة بلوغها . ومع ذلك فإن هناك قيدين يوردهما المشرع في شأن بيان حدود السلوك الإجرامي المعاقب عليه في نطاق المادة 90ق . ع فمن ناحية أولى يشترط ألا يكون الجاني قد استعمل في التخريب وسيلة الحريق بإشعال النار " وألا وجب إعمال حكم المادة 252 – إذا كان محل الاعتداء من المباني – التي ضمنها المشرع ذكره أن كل من وضع النار عمدا في مبان كائنة في المدن أو الضواحي أو القرى أو في عمارات .. يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد . أما إذا كان محل الاعتداء مالا منقولا مملوكا للدولة خضع وضع النار فيه لحكم الفقرة 252 مكررا ق.ع . والتي ورد فيها أن كل وضع النار عمدا في إحدى وسائل الإنتاج أو في أموال ثابتة أو منقولة لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119ق .ع يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد ... وإذا كان المشرع قد سوى في مقدار العقوبة بين المواد 90 ، 252 ، 252 مكررا – وجعلها السجن المؤبد أو المشدد – فإنه يترتب على أعمال أي من المادتين الأخيرتين – دون المادة 90 – عدم اعتبار الجناية من جنايات أمن الدولة ، لكن من الجنايات العادية . وينتقد الأستاذ الدكتور/ رمسيس بهنام – وبحق – هذه التفرقة إذ ليس لها أي سند من طبيعة المال محل الحماية الجنائية ومن أجل ذلك يتعين اعتبار وضع النار في المبان أو الأموال المملوكة للدولة من الوسائل التي ترتكب بها جناية المادة (90ق.ع) لأن اشتمال النص على هذه الوسيلة يتيح اعتبارها جناية أمن الدولة لا جناية عادية ومن ناحية ثانية . فإنه يخرج من إطار السلوك المادي المجرم بموجب المادة 90 تلك الحالة التي يلجأ فيها الجاني إلى التخريب باستعمال مفرقعات . لأنه في هذه الصورة يتعين تطبيق المادة 102/ب ق.ع والتي ضمنها المشرع قوله أنه يعاقب بالإعدام كل من استعمل مفرقعات بنية .... أو تخريب المباني أو المنشآت المعدة للمصالح العامة أو للمؤسسات ذات النفع العام للاجتماعات العامة أو غيرها من المباني أو الأماكن المعدة لارتياد الجمهور .
2- محل الاعتداء : وتشترط المادة 90 أن ينصب الاعتداء " التخريب المتعمد " على " مبان أو أملاكا عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو المؤسسات العامة أو جمعيات معتبرة قانونا ذات نفع عام " وينصرف تعبير "مبان " إلى المباني الحكومية . ولما كانت هذه المباني إما أن تكون مملوكة للدولة أو مخصصة لمصالح حكومية أو لمرافق ، فإنه كان يغني عن ذكرها في نص المادة أن يكفل المشرع الحماية للأملاك العامة .
وعلى كل حال فإن المشرع قد كفل الحماية للعقارات والمنقولات إذا كانت مملوكة للدولة أو مملوكة لغيرها ولكنها مخصصة لجهة عامة مما حددته المادة . كأن تتفق الدولة مع بعض الشركات الخاصة – في بعض الظروف الاستثنائية كالحرب أو الكوارث الطبيعية – على أن تخصص بعض المنقولات – كسيارات النقل للمجهود الحربي – لمصالح حكومية ، فتدخل بذلك في عداد ما تشمله المادة بالحماية طيلة فترة التخصيص .
ومن الممكن أن يشتبه الوصف القانوني للسلوك المادي المجرم في جناية المادة 90 مع الأفعال الإجرامية المبينة في جنحة المادة 160/ ثانيا ق.ع ، والتي أشارت إلى أنه يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ...... كل من خرب أو كسر أو أتلف ..... مباني معدة لإقامة شعائر دين أو رموز أو أشياء أخرى لما حرمه فإذا كانت هذه المباني التي تم تخريبها أو الأشياء المنقولة التي كسرت أو أتلفت مملوكة ملكية عامة أو مخصصة لمصالح حكومية .... تعين تغليب الحكم الوارد في المادة 90 ق.ع تغليبا للوصف الأشد ، إذ قد جعلت المادة من الواقعة جناية بينما المادة 160/ ثانيا تدخل في نطاق الجنح .
ويجب أن ينصب السلوك المادي المتمثل في التخريب على مبان أو أملاك عامة مملوكة لأي جهة من الجهات المعدودة – على سبيل الحصر – في المادة 90 وهي المصالح الحكومية أو المرافق العمة أو المؤسسات العامة أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام على أن ملكية أي جهة من هذه الجهات أو اختصاصها بالمال الثابت أو المنقول يجب أن يكون بما لها من وصف " السلطة العامة " أما إذا كانت الملكية أو الاختصاص بغير هذه الصفة ، ولكن بحكم ما قد تمارسه هذه الجهات أحيانا من أنشطة خاصة غير سيادية ، فلا يجب حينئذ تطبيق المادة 90 ، لكن إعمال المادة 361 التي تعاقب بعقوبة الجنحة كل من خرب أو أتلف عمدا أموالا ثابتة أو منقولة لا يمتلكها أو جعلها غير صالحة للاستعمال أو عطلها بأية طريقة . والبديهي أيضا أن هذا النص الأخير هو ما يجب تطبيقه إذا كان التخريب أو الإتلاف المتعمد لمال مملوك لجهة أخرى غير المنصوص عليها في المادة 90ق.ع كان يكون مملوكا لفرد من الأفراد أو شركة أو مؤسسة خاصة .
3 – النتيجة الإجرامية : يكتمل الركن المادي في جناية المادة 90 بوقوع النتيجة الإجرامية المتمثلة في التخريب الفعلي لما ذكرته المادة . وهكذا يكون المشرع يكون قد أدخل هذه الجريمة ضمن الجرائم المادية ذات النتيجة لا جرائم السلوك المجرد أو الجرائم الشكلية .
ويترتب على اعتبار الجريمة من الجرائم ذات النتائج أنه يتصور الشروع فيها خاصة وأنها جناية فلا حاجة لنص خاص للمعاقبة على الشروع فيها – (م 46ق.ع) ويكمن أن يقع الشروع في الجناية إذا بدأ الجاني في التخريب لكن أوقف نشاطه الإجرامي أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادته فيها .
كذلك من المتصور الاشتراك في جناية المادة 90ق.ع إذا تحقق أي من الاتفاق أو التحريض أو المساعدة وقامت رابطة السببية بين ما يتحقق به الاشتراك والنتيجة الإجرامية المتمثلة في تخريب المبان أو الأملاك العامة .
• الركن المعنوي :
تتميز جناية التخريب المحدد في المادة 90 من قانوننا العقابي بكونها جناية عمدية وقد صرح المادة بذلك حين جعل المشرع العقاب رهنا يكون التخريب قد وقع " عمدا لمبان أو أملاكا عامة ، وترتيبا على ذلك لا يكتمل للجريمة ركنها المعنوي لوكان التخريب نتيجة لإهمال أو عدم انتباه . مثال ذلك أن يهمل المهندس المسئول عن صيانة المبنى المملوك لمصلحة حكومية مما ينجم عنه تصدعه أو سقوطه . أو أن يترك الحارس المعين لحراسة آلات خاصة بمصنع حكومي بعضها منها في العراء بلا غطاء ، أو رعاية – فتتلف وتفقد صلاحيتها للاستعمال ...... وهكذا .
ويترتب على وجوب تحقق العمد في جناية تخريب المباني أو الأملاك العامة ضرورة علم الجاني بحقيقة سلوكه الإرادي الذي ترتب عليه النتيجة الإجرامية وأن تتجه إرادته إلى هذه النتيجة . أما العلم بكون المشرع قد جرم التخريب المتعمد لما ذكرته المادة ، فهذا غير متطلب لأنه مما يفترض قانونا .
ولا يشترط المشرع في الركن المعنوي في هذه الجناية ثبوت نية إجرامية خاصة . فالأصل قيام هذه الجريمة بدون هذه النية الخاصة التي إذا توافرت دعي ذلك إلى تطبيق جناية المادة 89 مكررا من قانون العقوبات .
وعلى سلطة الاتهام أن تقيم الدليل على تعمد الجاني تخريب المبنى أو الأملاك العامة . فإن أثبتت ذلك كان على المتهم إثبات انعدام العمد لديه . ولما كان إثبات العمد هو من المسائل الموضوعية ، فإن الاقتناع بتوافره مما يخضع لمطلق تقدير قاضي الموضوع دون رقابة عليه من قضاء النقض مادام استنتاجه توافره – عند الحكم بالإدانة – قائما على أدلة سائغة تبرره في الواقع والقانون.
• العقوبة :
إذا توافر لجناية تخريب المباني أو الأملاك العامة العناصر الموضوعية التي اقتضاها نص المادة (90) من قانون العقوبات عوقب المتهم " بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنين " .
وقد شدد المشرع العقوبة إلى السجن المؤبد أو المشدد إذا وقعت الجريمة في زمن هياج شعبي أو فتنة وكان قصد الجاني إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى . ويقصد بالهياج الشعبي حالة عدم الاستقرار التي يتسم بها الأمن الداخلي على أثر تمرد بعض فئات أو طوائف الشعب على السلطة ، أما الفتنة فهي مواجهة بيت فئتين أو أكثر من الفئات الشعبية ، أيا كان السبب وراء هذا الصراع أو الاختلاف والحقيقة أن المشرع لا يكتفي فحسب . لتشديد العقوبة بموجب الفقرة الثانية من المادة 90ق.ع – بهذه الظروف الموضوعية التي وقعت فيها الجريمة . إنما يتطلب أيضا أن تكون غاية الجاني من إحداث التخريب المتعمد أما إحداث الرعب بين الناس " أو إشاعة الفوضى " وبأي من هاتين الغايتين يقوم القصد الجنائي الخاص ولا يغني عن توافر أي من الرغبة في إحداث الرغبة أو إشاعة الفوضى في غاية أخرى . فمثلا لا ينطبق الظرف المشدد لو ثبت أن المتهم قد قام بالتخريب المتعمد للمبنى الذي يعمل به موظفا عاما للتشفي من رئاسة الإدارية ولو حدث الفعل المادي في زمن هياج أو فتنة وترجع الحكم في تشديد العقوبة إذا وقعت الجريمة في زمن هياج شعبي أو فتنة إلى ما تتصف به الفترة من حاجة شديدة وملحة إلى الاستقرار والأمن يهدرهما الجاني بفعلته الإجرامية .
وقد أوجب المشرع في الفقرة الأخيرة من المادة 90 تشديد العقوبة إلى حد (الإعدام) إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان موجودا في أي من المباني أو الأماكن التي تتضمن الأملاك العامة المحددة بالمادة وفي كل الأحوال يحكم على الجاني بدفع قيمة الأشياء التي خربها ويعتد في تقدير هذه القيمة بثمن المبان أو الأملاك التي خربها في الوقت الذي تحقق فيه السلوك الإجرامي . (راجع في تفصيل ما تقدم الدكتور أحمد العطار – القسم الخاص العقوبات ص45 وما بعدها)
تنص المادة (90) من قانون العقوبات على أنه " يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين كل من خرب عمدا مباني أو أملاكا عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو للمؤسسات العامة أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام .
وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا وقعت الجريمة في زمن هياج أو فتنة بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى .
وتكون العقوبة الإعدام إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان موجودا في تلك الأماكن .
ويحكم على الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الأشياء التي خربها .
ويضاعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة في الفقرة الأولى من المادة 90 إذا ارتكبت الجريمة تنفيذا لغرض إرهابي ".
هذه المادة معدلة بالقانون رقم 112 لسنة 1957 الصادر في 19/5/1957 والمنشور في الوقائع المصرية في 19 مايو سنة 1957 العدد 29 مكرر (د) ثم بالقانون رقم 120 لسنة 1962 الصادر في 19/7/1962 والمنشور في 25/7/1962 .
كما وأن الفقرة الأخيرة مضافة بالمادة 3/2 من القانون رقم 97 لسنة 1992.
جاء بالمذكرة الإيضاحية بالقانون رقم 120 لسنة 1962 تعليقا على هذا النص أنه لما كانت المادة 90 من القانون الحالي تشترط وقوع فعل التخريب في زمن هياج أو فتنة أو بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى فقد رؤى استبعاد هذا الشرط كركن من أركان الجريمة وجعله ظرفا مشددا لها واقتضى ذلك تعديل النص تعديلا من مقتضاه التدرج في العقوبة بما يتناسب والآثار المترتبة على فعل التخريب فنص على عقوبة السجن جزاء من يخرب عمدا أملاكا وما في حكمها من الأشياء المملوكة للجهات التي عددها النص فإذا وقع الفعل إبان هياج أو فتنة أو بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى تكون العقوبة الأشغال الشاقة أو المؤقتة وتكون عقوبة الإعدام في الحالتين إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان موجودا في تلك الأماكن .
واستحدث النص الجديد فقرة خاصة بإلزام الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الأشياء التي خربها ومن المفهوم أن التخريب المعاقب عليه طبقا لهذه المادة هو التخريب الذي يتسم بالجسامة سواء وقع على مال ثابت أو منقول مملوك للدولة أو لإحدى المؤسسات العامة أو غيرها من الجهات التي زودتها هذه المادة فلا يدخل في حكم هذه المادة أفعال الهدم والإتلاف البسيطة التي تناولتها 162 عقوبات . كما أنه من المفهوم أن المادة 361 عقوبات لا تتناول إلا تخريب وإتلاف الأموال الخاصة وقد استتبع تعديل المادة 90 عقوبات تعديل المادتين (162 ، 361) مع التدرج في العقوبة على الوجه المبين بالمشروع ومع استبعاد الأعمال ذات القيمة التاريخية من حكم المادة 162 عقوبات لأن ما يعتبر منها من الأموال العامة يدخل في مدلول المادة 90 عقوبات إذا كان الإتلاف جسيما أما في الحالات الأخرى فإنه يعاقب عليها طبقا لقانون حماية الآثار كذلك حذفت عبارة " بقصد الإساءة " من المادة 361 عقوبات تمشيا مع ما استقر عليه قضاء محكمة النقض من أنها تحصيل لحاصل وذكر لمفهوم .
• جناية التخريب المتعمد للمباني والأملاك العامة :
لقد أحسن المشرع صنعا إذ جرم التخريب المتعمد للمباني أو الأملاك العامة بموجب نص خاص لأنه وكما يقول بحق جانب من الفقه الفرنسي ينبغي أن يكون للأملاك العامة قدسية خاصة لما لها من نفع عام يعود على أفراد المجتمع جميعا . ومن ثم فإنه يبدو من القصور أن يترك المشرع حماية هذه الممتلكات للنصوص العامة المنظمة لمثل التعييب أو الإتلاف .....الخ .
• الركن المادي :
يقوم الركن المادي في جناية المادة 90 على عناصر ثلاث يتمثل أولها : في السلوك الإجرامي المعاقب عليه . وثانيها : في كون الاعتداء قد وقع على مبان أو أملاك عامة أو أي شيء أخر مما عدته المادة . وثالثها : في وقوع النتيجة الإجرامية المعاقب عليها .
1- السلوك المجرم : لا يقوم السلوك المادي المعاقب عليه إلا بالتخريب ويقصد به التعييب الماد للمباني أو الأملاك العامة . والأصل أن التخريب لا يقع بوسائل معينة دون غيرها لأن العبرة بحدوث النتيجة لا بوسيلة بلوغها . ومع ذلك فإن هناك قيدين يوردهما المشرع في شأن بيان حدود السلوك الإجرامي المعاقب عليه في نطاق المادة 90ق . ع فمن ناحية أولى يشترط ألا يكون الجاني قد استعمل في التخريب وسيلة الحريق بإشعال النار " وألا وجب إعمال حكم المادة 252 – إذا كان محل الاعتداء من المباني – التي ضمنها المشرع ذكره أن كل من وضع النار عمدا في مبان كائنة في المدن أو الضواحي أو القرى أو في عمارات .. يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد . أما إذا كان محل الاعتداء مالا منقولا مملوكا للدولة خضع وضع النار فيه لحكم الفقرة 252 مكررا ق.ع . والتي ورد فيها أن كل وضع النار عمدا في إحدى وسائل الإنتاج أو في أموال ثابتة أو منقولة لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119ق .ع يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد ... وإذا كان المشرع قد سوى في مقدار العقوبة بين المواد 90 ، 252 ، 252 مكررا – وجعلها السجن المؤبد أو المشدد – فإنه يترتب على أعمال أي من المادتين الأخيرتين – دون المادة 90 – عدم اعتبار الجناية من جنايات أمن الدولة ، لكن من الجنايات العادية . وينتقد الأستاذ الدكتور/ رمسيس بهنام – وبحق – هذه التفرقة إذ ليس لها أي سند من طبيعة المال محل الحماية الجنائية ومن أجل ذلك يتعين اعتبار وضع النار في المبان أو الأموال المملوكة للدولة من الوسائل التي ترتكب بها جناية المادة (90ق.ع) لأن اشتمال النص على هذه الوسيلة يتيح اعتبارها جناية أمن الدولة لا جناية عادية ومن ناحية ثانية . فإنه يخرج من إطار السلوك المادي المجرم بموجب المادة 90 تلك الحالة التي يلجأ فيها الجاني إلى التخريب باستعمال مفرقعات . لأنه في هذه الصورة يتعين تطبيق المادة 102/ب ق.ع والتي ضمنها المشرع قوله أنه يعاقب بالإعدام كل من استعمل مفرقعات بنية .... أو تخريب المباني أو المنشآت المعدة للمصالح العامة أو للمؤسسات ذات النفع العام للاجتماعات العامة أو غيرها من المباني أو الأماكن المعدة لارتياد الجمهور .
2- محل الاعتداء : وتشترط المادة 90 أن ينصب الاعتداء " التخريب المتعمد " على " مبان أو أملاكا عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو المؤسسات العامة أو جمعيات معتبرة قانونا ذات نفع عام " وينصرف تعبير "مبان " إلى المباني الحكومية . ولما كانت هذه المباني إما أن تكون مملوكة للدولة أو مخصصة لمصالح حكومية أو لمرافق ، فإنه كان يغني عن ذكرها في نص المادة أن يكفل المشرع الحماية للأملاك العامة .
وعلى كل حال فإن المشرع قد كفل الحماية للعقارات والمنقولات إذا كانت مملوكة للدولة أو مملوكة لغيرها ولكنها مخصصة لجهة عامة مما حددته المادة . كأن تتفق الدولة مع بعض الشركات الخاصة – في بعض الظروف الاستثنائية كالحرب أو الكوارث الطبيعية – على أن تخصص بعض المنقولات – كسيارات النقل للمجهود الحربي – لمصالح حكومية ، فتدخل بذلك في عداد ما تشمله المادة بالحماية طيلة فترة التخصيص .
ومن الممكن أن يشتبه الوصف القانوني للسلوك المادي المجرم في جناية المادة 90 مع الأفعال الإجرامية المبينة في جنحة المادة 160/ ثانيا ق.ع ، والتي أشارت إلى أنه يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ...... كل من خرب أو كسر أو أتلف ..... مباني معدة لإقامة شعائر دين أو رموز أو أشياء أخرى لما حرمه فإذا كانت هذه المباني التي تم تخريبها أو الأشياء المنقولة التي كسرت أو أتلفت مملوكة ملكية عامة أو مخصصة لمصالح حكومية .... تعين تغليب الحكم الوارد في المادة 90 ق.ع تغليبا للوصف الأشد ، إذ قد جعلت المادة من الواقعة جناية بينما المادة 160/ ثانيا تدخل في نطاق الجنح .
ويجب أن ينصب السلوك المادي المتمثل في التخريب على مبان أو أملاك عامة مملوكة لأي جهة من الجهات المعدودة – على سبيل الحصر – في المادة 90 وهي المصالح الحكومية أو المرافق العمة أو المؤسسات العامة أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام على أن ملكية أي جهة من هذه الجهات أو اختصاصها بالمال الثابت أو المنقول يجب أن يكون بما لها من وصف " السلطة العامة " أما إذا كانت الملكية أو الاختصاص بغير هذه الصفة ، ولكن بحكم ما قد تمارسه هذه الجهات أحيانا من أنشطة خاصة غير سيادية ، فلا يجب حينئذ تطبيق المادة 90 ، لكن إعمال المادة 361 التي تعاقب بعقوبة الجنحة كل من خرب أو أتلف عمدا أموالا ثابتة أو منقولة لا يمتلكها أو جعلها غير صالحة للاستعمال أو عطلها بأية طريقة . والبديهي أيضا أن هذا النص الأخير هو ما يجب تطبيقه إذا كان التخريب أو الإتلاف المتعمد لمال مملوك لجهة أخرى غير المنصوص عليها في المادة 90ق.ع كان يكون مملوكا لفرد من الأفراد أو شركة أو مؤسسة خاصة .
3 – النتيجة الإجرامية : يكتمل الركن المادي في جناية المادة 90 بوقوع النتيجة الإجرامية المتمثلة في التخريب الفعلي لما ذكرته المادة . وهكذا يكون المشرع يكون قد أدخل هذه الجريمة ضمن الجرائم المادية ذات النتيجة لا جرائم السلوك المجرد أو الجرائم الشكلية .
ويترتب على اعتبار الجريمة من الجرائم ذات النتائج أنه يتصور الشروع فيها خاصة وأنها جناية فلا حاجة لنص خاص للمعاقبة على الشروع فيها – (م 46ق.ع) ويكمن أن يقع الشروع في الجناية إذا بدأ الجاني في التخريب لكن أوقف نشاطه الإجرامي أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادته فيها .
كذلك من المتصور الاشتراك في جناية المادة 90ق.ع إذا تحقق أي من الاتفاق أو التحريض أو المساعدة وقامت رابطة السببية بين ما يتحقق به الاشتراك والنتيجة الإجرامية المتمثلة في تخريب المبان أو الأملاك العامة .
• الركن المعنوي :
تتميز جناية التخريب المحدد في المادة 90 من قانوننا العقابي بكونها جناية عمدية وقد صرح المادة بذلك حين جعل المشرع العقاب رهنا يكون التخريب قد وقع " عمدا لمبان أو أملاكا عامة ، وترتيبا على ذلك لا يكتمل للجريمة ركنها المعنوي لوكان التخريب نتيجة لإهمال أو عدم انتباه . مثال ذلك أن يهمل المهندس المسئول عن صيانة المبنى المملوك لمصلحة حكومية مما ينجم عنه تصدعه أو سقوطه . أو أن يترك الحارس المعين لحراسة آلات خاصة بمصنع حكومي بعضها منها في العراء بلا غطاء ، أو رعاية – فتتلف وتفقد صلاحيتها للاستعمال ...... وهكذا .
ويترتب على وجوب تحقق العمد في جناية تخريب المباني أو الأملاك العامة ضرورة علم الجاني بحقيقة سلوكه الإرادي الذي ترتب عليه النتيجة الإجرامية وأن تتجه إرادته إلى هذه النتيجة . أما العلم بكون المشرع قد جرم التخريب المتعمد لما ذكرته المادة ، فهذا غير متطلب لأنه مما يفترض قانونا .
ولا يشترط المشرع في الركن المعنوي في هذه الجناية ثبوت نية إجرامية خاصة . فالأصل قيام هذه الجريمة بدون هذه النية الخاصة التي إذا توافرت دعي ذلك إلى تطبيق جناية المادة 89 مكررا من قانون العقوبات .
وعلى سلطة الاتهام أن تقيم الدليل على تعمد الجاني تخريب المبنى أو الأملاك العامة . فإن أثبتت ذلك كان على المتهم إثبات انعدام العمد لديه . ولما كان إثبات العمد هو من المسائل الموضوعية ، فإن الاقتناع بتوافره مما يخضع لمطلق تقدير قاضي الموضوع دون رقابة عليه من قضاء النقض مادام استنتاجه توافره – عند الحكم بالإدانة – قائما على أدلة سائغة تبرره في الواقع والقانون.
• العقوبة :
إذا توافر لجناية تخريب المباني أو الأملاك العامة العناصر الموضوعية التي اقتضاها نص المادة (90) من قانون العقوبات عوقب المتهم " بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنين " .
وقد شدد المشرع العقوبة إلى السجن المؤبد أو المشدد إذا وقعت الجريمة في زمن هياج شعبي أو فتنة وكان قصد الجاني إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى . ويقصد بالهياج الشعبي حالة عدم الاستقرار التي يتسم بها الأمن الداخلي على أثر تمرد بعض فئات أو طوائف الشعب على السلطة ، أما الفتنة فهي مواجهة بيت فئتين أو أكثر من الفئات الشعبية ، أيا كان السبب وراء هذا الصراع أو الاختلاف والحقيقة أن المشرع لا يكتفي فحسب . لتشديد العقوبة بموجب الفقرة الثانية من المادة 90ق.ع – بهذه الظروف الموضوعية التي وقعت فيها الجريمة . إنما يتطلب أيضا أن تكون غاية الجاني من إحداث التخريب المتعمد أما إحداث الرعب بين الناس " أو إشاعة الفوضى " وبأي من هاتين الغايتين يقوم القصد الجنائي الخاص ولا يغني عن توافر أي من الرغبة في إحداث الرغبة أو إشاعة الفوضى في غاية أخرى . فمثلا لا ينطبق الظرف المشدد لو ثبت أن المتهم قد قام بالتخريب المتعمد للمبنى الذي يعمل به موظفا عاما للتشفي من رئاسة الإدارية ولو حدث الفعل المادي في زمن هياج أو فتنة وترجع الحكم في تشديد العقوبة إذا وقعت الجريمة في زمن هياج شعبي أو فتنة إلى ما تتصف به الفترة من حاجة شديدة وملحة إلى الاستقرار والأمن يهدرهما الجاني بفعلته الإجرامية .
وقد أوجب المشرع في الفقرة الأخيرة من المادة 90 تشديد العقوبة إلى حد (الإعدام) إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان موجودا في أي من المباني أو الأماكن التي تتضمن الأملاك العامة المحددة بالمادة وفي كل الأحوال يحكم على الجاني بدفع قيمة الأشياء التي خربها ويعتد في تقدير هذه القيمة بثمن المبان أو الأملاك التي خربها في الوقت الذي تحقق فيه السلوك الإجرامي . (راجع في تفصيل ما تقدم الدكتور أحمد العطار – القسم الخاص العقوبات ص45 وما بعدها)