تنص المادة (78 " أ ") من قانون العقوبات على أنه "يعاقب بالإعدام كل من تدخل لمصلحة العدو في تدبير لزعزعة إخلاص القوات المسلحة أو إضعاف روحها أو روح الشعب المعنوية أو قوة المقاومة عنده ".
الركن المادي لهذه الجريمة هو التدخل لمصلحة العدو سواء من مصري أو من أجنبي في " تدبير " أي في مشروع مرسوم النيل من إخلاص القوات المسلحة أو لإضعاف روحها أو روح الشعب المعنوية أو قوة المقاومة عنده .
والإشارة إلى " العدو " في نص المادة معناها وجود حالة حرب ضد مصر وقت اتخاذ السلوك موضوع التجريم .
كما أن استخدام كلمة " التدبير " الذي يحدث التدخل فيه لمصلحة العدو ، معناه ضرورة وجود مشرع منظم ومدير خصيصا لبلوغ هدف زعزعة إخلاص القوات المسلحة أو إضعاف روحها أو روح الشعب المعنوية أو قوة المقاومة عنده . ذلك لأن كلمة " التدبير " تناظر كلمة entreprise  في المادة المقابلة بفرنسا وهي المادة 76 من قانون العقوبات الفرنسي .
ومعنى ذلك أن إتيان الجاني منفردا عملا عرضيا من شأنه زعزعة إخلاص القوات المسلحة أو إضعاف روحها أو روح الشعب المعنوية ، لا يكفي لتوافر الجريمة إذ يلزم لوجود خطة مدبرة ومنظمة في سبيل بلوغ هذا الغرض فيتدخل فيها الجاني للإسهام في تحقيقها عن علم بها وبالهدف منها .
ولو حدث أن فردا انصاع في غمرة تنفيذ تلك الخطة عن جهل بها وبالغرض منها لا يعتبر مرتكبا للجريمة .
ولا يلزم في التدبير أو الخطة أن يكونا مقترنين بتخابر مع العدو . وإن كان الغالب عملا أن يكون العدو كامنا وراء الخطة يتناولها بالتغذية والتعضيد .
على أن مجرد الإفصاح عن رأي شخصي ينطوي على نقد للأوضاع القائمة ، لا يحقق الجريمة مهما زعزع إخلاص القوات المباحة أو أضعف روحها أو ورح الشعب المعنوية . ذلك لأن النقد معناه إصدار حكم موضوعي في شأن الأمر الواقع والباعث عليه هو توخي الحقيقة لذاتها . فحيث يكون النقد من هذا النوع ولا يشوبه سوء النية ولا تقترن به غاية زعزعة إخلاص القوات المسلحة أو إضعاف روحها أو روح الشعب المعنوية ، فإنه لا جريمة فيه .
ومفاد ما تقدم أنه يلزم من ناحية وجود خطة مدبرة لبلوغ الهدف ، وعلى النيابة العمومية أن تقدم الدليل على وجود هذه الخطة التي عبر عنها نص المادة " بالتدبير " مهما كانت سرية وغالبا ما تكون كذلك ، ومهما كان إثباتها عسيرا.
ويلزم من ناحية أخرى أن يكون الجاني قد تدخل فيها عن علم بها والهدف منها ، وعلى النيابة العمومية إثبات ذلك .
كما يلزم أن تستهدف الخطة زعزعة إخلاص القوات المسلحة أو إضعاف روحها أو روح الشعب المعنوية أو قوة المقاومة عنده ، وعلى النيابة إقامة الدليل على أن الخطة قد نظمت متخذه من هذا الهدف غاية لها . ومن أهم وسائل إثبات ذلك ، أسلوب التعبير المستخدم في الدعاية الكتابية أو الشفوية على صورة خطب أو منشورات أو مطبوعات أو نبذ أو ملصقات ، وكونه يتم عن غاية إحداث تأثير سيئ في نفسية الجنود أو نفسية أفراد الشعب هو بالذات زعزعة إخلاص الجنود أو إضعاف روحهم المعنوية أو النيل من روح الشعب المعنوية وقوة المقاومة عنده .
والتدخل في التدبير أي في الخطة ، لا يلزم أن يتخذ صورة الاتهام فيها بخطبة أو بمقال . فكما يكون كذلك قد يتخذ أية صورة أخرى مقل توزيع المنشورات أو المطبوعات أو إحرازها أو عرضها للبيع أو على أنظار الجمهور عن علم بطبيعتها والهدف منها ، وإطلاق الشائعات وإن كان إثبات مصدرها وإثبات أن الغاية منها هي زعزعة إخلاص الجيش أو إضعاف روحه وروح الشعب المعنوية ، أمرا عسيرا بل يكاد يكون مستحيلا .
والجريمة تعتبر جريمة حدث غير مؤذ ، إذ لا يلزم لوجودها أن تتحقق بالفعل الغاية المنشودة وهي تلك الزعزعة وهذا الإضعاف ، ولا حتى أن يشكل خطر حدوثها . ومعنى ذلك أن الجريمة شكلية ، وهي أيضا جريمة سلوك منته أو ممتد احتمالا على حسب الأحوال . والشروع فيها غير متصور لا على الصورة الموقوفة ولا على الصورة الخائبة ، فمحض التدخل في الخطة الإجرامية عن علم بها يحقق الجريمة كاملة ، ويستوي في هذه الجريمة كما هو الأصل في أية جريمة ماسة بأمن الدولة ، أن ترتكب في مصر أو في الخارج .
أما الركن المعنوي للجريمة فهو القصد الجنائي أي انصراف إرادة الفاعل إذ يقدم على سلوكه إلى التدخل به في خطة مدبرة لزعزعة إخلاص القوات المسلحة أو إضعاف روحها أو روح الشعب المعنوية أو قوة المقاومة عنده . ولأن القصد الجنائي نية بالنسبة للسلوك ووعي بالنسبة للملابسات التي يلزم أن تكتنف السلوك في سبيل تكوين الجريمة ، فإن الجاني لا يتحقق لدية ذلك القصد حيث تتخلف لدية النية بأن يكون قد دمر له في جيبه منشور ما دون أن يكون قد انتوى حيازته أو حيث يتخلف لديه الوعي بالغاية المرجوة من وراء الخطة التي دخل فيها وفي غمرة تنفيذها ، وكون هذه الغاية هي الغاية الإجرامية التي تقدم بيانها . (جارسون – مرجع سابق – وراجع فيما سبق رمسيس بهنام – مرجع سابق)