•        إلتئام الجروح :
     قد يكون التئام الجرح مسببا للوفاة نتيجة انكماش النسيج الندبى او تمدده كما يحصل عند التئام جرح فى الامعاء ويؤدى انكماش النسيج الندبى الى انسداد معوى او عند التئام جرح فى القلب ويؤدى تمدد النسيج الندبى لتكون انيورزمة او الى انفجار هذا النسيج من ضغط الدم داخل القلب.
     وفى كل هذه الحالات مسئولا عن كل هذه المضاعفات مهما طال الوقت على حدوثها بعد الاصابة اذ انها جميعا مضاعفات مباشرة للاصابة وبسببها.
      بعد ان تناولنا الاصابات الحادة والراضية سوف نتناول بعض الجروح التى تتميز بأهمية طبية شرعية خاصة نسميه بالجروح الخاص وهى على الترتيب التالى:
                             أولا : جروح الرأس
     جروح الرأس اكثر الجروح شيوعا وقد تكون اخطرها اذا اوذى  الدماغ ولم تقتصر الاصابة على جدر الرأس وحدها – وقد تنشأ جروح الرأس عن الات حادة او مدببة ولكن معظم هذه الجروح ناشئ عن القوة الراضة كالسقوط على الارض والاصطدام والضرب بالعصى وغير ذلك من الالات الراضة . وقد تقتصر الاصابة على احداث جروح بفروة الرأس او كسور بالجمجمة وفى كثير من الحالات يصاب الدماغ ( المخ والمخيخ والسحايا) أيضا .
      وفى حالات كثيرة يصاب الدماغ باضرار بالغة دون اى جرح خارجى فى فروة او جمجمة، وليس هناك علاقة ثابته بين قوة الضربه الموجهه للرأس زالجروح الناتجة عنها فقد تحدث ضربة متوسطة نزفا شديدا داخل الرأس وفى نفس الوقت قد لا تحدث ضربة جسيمة أية أذيات فى الدماغ او حتى فى الرأس كلها – وسندرس جروح الرأس مقسمة تقسيما تشريحيا كما يأتى :
1-جروح الفروة :
        هذه أكثر أنواع جروح الرأس شيوعا وهى كثيرا ما تكون مصحوبة باذيات فى الدماغ وكسور فى العظام وقد لاتكون مصحوبة بشئ من ذلك ، وتنشأ جروح الفروة عادة عن التصادم بألات راضة كالعصى والحجارة اومن السقوط على الارض وتظهر على نوعين اثنين :
       كدمات : وهذه اما ان تكون سطحية ومحددة الموضع وقد تحدث تورما واضحا "haematoma" واما ان تكون عميقة تحت الخوذة "galea aponeurolica" وهذه تصحب عادة كسور الجمجمة وعندئذ قد لا تظهر هذه الكدمات على سطح الفروة رغم ضخامة كمية الدم المتجمة تحت الفروة.
        جروح رضية : وكثيرا ما تشبه هذه الجروح القطعية بسبب شد الفروة على الجمجمة الصلبة تحتها ولكن الفحص الدقيق يظهر طبيعة الجرح وتنزف جروح الفروة بغزارة وتلتئم سريعا تبعا لذلك ولكنها مع ذلك قد تكون خطيرة إذا تقيحت إذ الفروة إلى داخل الرأس مخترقة العظام ، ولذلك فإن تقبيح جراح الفروة قد يكون مميتا من الالتهاب السحائى او تخثر المشابر الدماغية "cranial sinuse" او خراجات المخ التى تضاعف هذه الجروح.
2- كسور الجمجمة:
      على الرغم من ان الجمجمة مكونة من عظام صلبة الا انها ظاهرة المرونة ولذلك فإن الضرب على الرأس قد يؤدى الى انضغاط المكان المضروب للداخل وقت الضربة ثم تعود العظام الى وضعها الطبيعى دون اى كسور ، اما اذا استمر الضغط مدة اطول او بقوة اكبر فإن عظم الجمجمة ينكسر ويتوقف موضوع الكسر وشكله على قوة الضربة وموضعها ومساحة السطح الضارب ووضع الرأس وقت الضربة ، فإذا ضربت الرأس وهى مستندة مقابل موضوع الضرب ( مثل ضرب الجهة فى رجل نائم على قفاه) .
      فإن الجمجمة تنضغط بين الالة الضاربة والسناده وعندئذ تنفجر الجمجمة فى القطبين المقابلين حيث تظهر الكسور التى تسعى كسور قطبية"pclar fractures" فى الصدغين او فى احدهما.
       أما إذا ضربت الرأس بغير سند فإن الكسر يحصل عادة فى موضع الضربة نفسه غير ان شكل الكسر يتوقف على مساحة السطح الضارب وعزم الضربة- فإذا كان السطح صغيرا والعزم كبيرا احدثت الضربة ثقبا محددا (كما يحدث فى حالة الرصاصة مثلا) او كسر منخسفا – اما اذا كان السطح كبيرا والعزم اقل فإنها تحدث كسرا شرخيا او كسرا منخسفا تتفرع منه كسور شرخية.
       وتحدث الكسور الشرخية عادة فى موضوع الاصابة ونأخذ اتجاهها غير أن سن الكسر يتبع المواضع الأقل مقاومة من العظام ، ولذلك فإن كسور القبوة تسير فى خطوط غير منتظمة اما كسور القاعدة فإنها تمر بين الثقوب المختلفة التى تخرج منها اعصاب الرأس مما يحدث اذى بهذه الاعصاب يسهل تشخيص نوضوع الكسر – غير أن الكسور الشرخية قد تنشإ بعيدا عن مكان الضربة كما يحدث فى حالة سند الرأس او الضرب على قمة الرأس او السقوط عليها ففى كل هذه الحالات تنشأ الكسور الشرخية عادة فى الصدغ او فى الصدغين – وقد يتفرع الكسر الشرخى فى مسيره او يدخل درزا من ادراز الجمجمة وقد يسير فى الدرز مسافة تطول او تقصر ثم يخرج ثانية فى مكان مستقل عن الدرز ، وفى حالة تعدد الكسور الشرخية فإن الكسر الاحداث يتوقف فى مساره اذا قاطع الكسر الذى قبله ومن ذلك يمكن توزيع مسئولية الضرب فى حالة وجود عدد من الجناة .
      وتلتئم الكسور الشرخية بعظم بشرط ان تكون الحوافى متقاربة لا يفصل احداهما عن الاخرى شئ اما اذا تباعدت الحوافى او فصلت احدهما عن الاخرى بأنسجة رخوة او بأجسام غريبة ( ويحصل ذلك كثيرا حتى فى الكسور البسيطة) فإن الالتحام يتم بنسيج ليفى .
       أما الكسور المنخسفة فى الجمجمة فانها تأخذ عادة شكل الالة المحدثة لهاواتساع سطحها ، فالالة المستديرة مثلا تحدث كسرا مدورا والالة المربعة تحدث كسرا مربعا وهكذا غير ان هذا الشكل يظهر عادة فى السطح الخارجى للعظم وحده اما السطح الداخلى فيكون شكل الكسر فيه واتساعه مخالف لشكل الالة غالبا والجزء المنخسف من العظم يتفتت غالبا نظرا لا حتوائة على عدد كبير من الكسور الشرخية التى تكون محيطة الاتجاه عند محيط الانخساف وشعاعية الاتجاه فى وسطه .
       وقد تنشأ كسور الجمجمة من الات حادة ثقيلة كالفأس والسف والشاطور والبلطة وتعرف هذه الكسور بما يصحبها قطعية فى الفروة وبانتظام حوافيها وشطفها ووجود فقد فى جوهر العظام يساوى سمك الالة القاطعة او اكثر.
      ويصحب كسور الجمجمة عادة اذيات للدماغ وقد تكون هذه الاذيات بسيطة او جسيمة او ميتة ولكن يندر ان تكسر الجمجمة دون ان يصاب الدماغ بأى اذى وان كان العكس وهو حصول اذيات بالغة للدماغ دون اى كسور فى الجمجمة كثير الحدوث .
       وقد لا يكون اذى الدماغ المصاحب لكسور الرأس مميتا بل يموت المصاب بعد فترة نتيجة التهاب سحابا الدماغ القيحى الذى يجب تميزه عن الالتهاب المضاعف لالتهاباتالاذن الوسطى وكذلك الالتهاب السحائى الوبائى – والتميز عادة سهل من موضع الالتهاب حيث يظهر أضح ما يكون حول موضوع الكسر فى الحالة الاولى ومقابل القص الصدغى المخ مع وجود التهاب بالأذن الوسطى او انثقاب بغشاء الطبلة فى حالة الثانية وفى السحايا القاعدية فى حالة الثالثة ، ويساعد الفحص المجهرى كذلك فى التميز حيث وجود المكورات السبحية والعنقودية فى الحالة الاولى والمكورات الرئوية فى الحالة الثانية والمكورات السحائية فى الحالة الثالثة .
         وإذا عاش المصاب بعد اصابته بكسر فى الرأس فإن الكسور تلتحم بعظم ما لم توجد فجوة بين حوافىالكسر وعندئذ تقفل هذه الفجوة بنسيج ليفى ، فإذا كانت حوافى الكسر متجاورة فإنها تلتصق بالصل المتجلط فى ظرف اسبوع ثم يبدأ ظهور الياف الكولاجين والشعيرات الدموية فتملا ما بين حافتى الكسر فى ظرف ثلاثة او اربعة اسابيع ثم يتعظم هذا النسيج الجيبى فيصير عظما اصما فى ظرف ثلاثة او اربعة اشهر. اما اذا كانت هناك فجوة عظمية فإن مظاهر الالتحام تبدأ بتأكل حوافى الكسر تدريجيا فيبدأ التأكل فى ثلاثة او اربعة اسابيع ويتم فى ثلاثة اشهر حين تصير حوافى الكسر ملساء تماما وفى نفس الوقت يتكون عظم اصم حول هذه الحوافى فتظهر كأنها ماج "eburnation" ثم يظهر غشاء ليفى يبدأ فى التكوين من حوافى الكسر وينمو الى الداخل حتى يقفل الفجوة العظمية تماما فى ظرف ستة اشهر او ستة تبعا لمساحة الفجوة .
      أما إذا تقيحت الكسور فإن الالتحام يتأخر ويتطور تبعا لضراوة بكتريا التقيح وقد تبقى نشطة مدة طويلة حتى يتغلب الجسم عليها او تتغلب هى على الجسم.
3- أذيات الدماغ:
     الدماغ وهو المخ والمخيخ وأغشيتهما يصاب بأذيات متعددة بعضها يصاحب كسور الجمجمة وجروح الفروة وكثير منها لا يصحبه اى جروح خارجية.
 
.... وتشمل أذيات الدماغ :
     الارتجاج الدماغى : وهى اكثر المظاهر الاكلينية لاصابات الدماغ وهو تعطل وقتى فى عمل الدماغ يتبع اصابات الرأس ، وأهم علاماته فقدان الوعى الذى يختلف فى شدته ووقته من غيبوبة سطحية قصيرة تزول حتى قبل نزول حتى قبل ان يسقط المصاب على الارض الى غيبوبة عميقة تبقى لبضع ساعات ، والرجح ان الغيبوبة التى تزيد عن بضع دقائق لا تكون ناشئة عن ارتجاج خالص بل لابد أن يصبحه اصابات دماغية اخرى كالكدمات والتهتكات الدماغية او الانضغاط الدماغى ، ويتميز الارتجاج الدماغى ايضا بارتخاء عضلى شامل وانعدام المنعكسات الجسمية وبهاتة الجسم وانخفاض درجة الحرارة ويكون النبض سريعا وضعيفا والتنفس سطحيا بطيئا والحدقتان متسعين ومتساويتين وغالبا يفيق المصاب من الارتجاج تماما، وفى بعض الاحيان يدخل المصاب بعد دور الارتجاج فى دور التهيج الدماغى"cerebral irritation’" الذى يتميز بنوم المريض مثنيا على نفسه موليا ظهره للضوء وللناس مقاوما لاى تداخل او كشف وقد يشبه المريض عندئذ حالة التسمم الحاد بالكحول (السكران) .
      وفى احوال اخرى يموت المصاب من الارتجاج – وعند التشريح لا يرى بالدماغ أى تغير تشريحى فى غالبية الحالات الا انه قد توجد بضمة انزفة نقطية منتشرة فى المخ وبخاصة فى القشرة وحول المحفظة الداخلية وفى النخاع المستطيل ، والمعتقد ان حالات الارتجاج المميتة كلها يصحبها اذيات دقيقة قد ترى بالعين وقد لا ترى اثارها حتى بالمجهر تصيب نيورونات المخ وما لم تحب هذه الاذيات اثار واضحة للاصابة مثل الكدمات او تهتكات المخ فإن تشخيص الموت من الارتجاج الدماغى يصبح امرا احتماليا مبنيا على تاريخ الحالة وعلاماتها الاكلينية دون وجود اى علامة تشريحية مؤكدة .
      انضغاط المخ : وينشأ عادة عن نزف داخل الرأس او عن انضغاط المخ بالعظام المنخسفة او عن اودمية مخية – ويعرف انضغاط المخ بفقدان وعى المصاب بعد فترة من الاصابة او بعد فترة من استمادته لوعيه بعد الارتجاج الدماغى وتسمى هذه الفترة البيضاء"lucid interval" وذلك بسبب كونها فترة استعادة للوعى بين غيبوبتى الارتجاج والانضغاط ، ولهذه الفترة اهمية كبيرة فى الطب الشرعى حيث قد يتحرك المصاب فيها ويتكلم بتعقل ، وهذه الفترة قد تقتصر لدرجة ان تنعدم كلية فتتصل غيبوبة الارتجاج بالانضغاط وقد تطول حتى تصل الى بضع ساعات فى حالة وجود نزف خارج الجافية او الى بضعة اشهر فى حالة النزف الزمن وعندئذ لا تكون الفترة خالية من اى اعراض بل تكون عالبا متميز بأعراض خلل عقلى متزايد .
      ولذلك فان كل حالة ارتجاج مخى يجب ان تبقى فى مستشفى تحت رعاية طبية لمدة لاتقل بحال عن بضعة ايام ، كما يجب ان لايسمح باستجواب المصاب بمعرفة البوليس او النيابة فى هذة الفترة اذ ان المصاب غالبا يفقد ذاكرتة كليا او جزئيا بعد ان يفيق من الارتجاج وكثيرا ما يتكون عندة ما يسمى بالمزاكرة الكازبة بعد الاستجواب القائم على اسئلة ذات دلالة إذ توحى هذه الأسئلة للمصاب بوقائع لم تحصل اصلا بل يتصورها هو من السؤال كانها وقعت ويعيد ذكرها على انها وقعت فعلا .
       وهناك فترة اخرى من الاعراض المرضية تظهر بعد ان يفيق المصاب من غيبوبة الارتجاج وتسمى متلازمة ما بعد الارتجاج "post concussion syndrome"وتستمر لبضعة ايام يشكو فيها المصاب من الصداع ودوخة وارق وازدواج الرؤية واضطراب الفكر والذاكرة كما قد يصحب ذلك بعض اعراض جسيمة وعصبية كالشلل والحبسة "aphasia" نتيجة ما قد يحصل من كدمات بالمخ او تهتكات فية ، وكذلك قد نصيب المريض اعراض نفسية يصعب تمييزها عن التصنع وبخاصة فى حالات دعاوى التعويض عن الاصابات ولكن يندر ان يظهر جنون فعلى بسبب هذا الارتجاج ،اما الحالات التى من هذا القبيل فهى فى الراجح كانت كامنة فى الشخص ( جنون انقصام الشخصية) ثم تظهرها الاصابة بعد الارتجاح ، واعراض الانضغاط الدماغى بالاضافة الى فقدان الوعى تشمل بطء النبض وامتلاؤه وارتفاع ضغط الدم وبطء التنفس وعمقه وارتفاع صوته ( شخير) والقئ المندفع بغير غثيان وانخفاض درجة الحرارة وزراق  الوجه وانتفاخ أوعية جفون العين ويصحب ذلك كله او قد يسبق ذلك كله او قد يسبق ذلك كله اعراض محددة لموضع الانضغاط مثل نوبات جكسونية من الارتعاشات ويتبعها شلل ببعض العضلات والاطراف وميل محورى العينين بحيث تظهر العينان كأنهما تنظران الى الجهةى المصابة وتضيق فتحة الحدقة فى ناحية الاصابة ثم تبدأ فى الاتساع حتى تبلغ اقصى مداه وعندئذ او قبل ذلك بقليل تبدأ حدقة العين الاخرى فى الانقباض ثم تتسع هى الاخرى تدريجيا حتى تصبح فتحتى العينين متسعتان ولا تتفاعلان للضوء ولا للتكييف وحينئذ تكون حالة الانضغاط قد بلغت حدا تصبح معه وخيمة الانذار وغالبا مميتة وفى ذلك الوقت قد يسرع النبض وترتفع درجة الحرارة ويختل نسق التنفس فيصبح غير منتظم قبل ان يتوقف بقليل .
       وتنشأ أعراض انضغاط المخ بهذا الترتيب لان الضغط إذا زاد داخل الجمجمة بدأ السائل النخاعى فى الانزياح ثم بدأت الاوردة تتأثر بالضغط فيقف سير الدم فيها فيحتقن المخ ويزيد ذلك فى الضغط داخل الجمجمة حتى يؤثر على الشرايين ايضا فيقف مسير الدم فيها وعندئذ تحدث اللااكسية المخية ويموت المصاب من هذه الحالة.
       وعلامات انضغاط المخ بعد الوفاة هى وجود الحالة المسببة للانضغاط سواء كانت نزفا  او كسورا عظمية منخسفة أو أوديمة ويصحب ذلك تفرطح تلافيف المخ وضيق اخاديده وقلة السائل النخاعى ثم ظهور ميزاب عميق حول قاعدة المخ ناشئ من انضغاط المخ فى حافة خيمة المخيخ"tentorium cerebelll" وذلك فى حالة وجود سبب الضغط اعلا الخيمة اما اذا بدأا تحت الخيمة فإن الميزاب يظهر فى السطح السفلى لفصى المخيخ نتيجة انضغاطهما داخل الثقب العظيم حول النخاع المستطيل – وهذا هو السبب المباشر للوفاة من الانضغاط المخى.
        النزف الدماغى او النزف داخل الجمجمة : وينشأ اما عن اصابة او عن مرض وبوجد فى مواضع كثيرة فهو اما خارج الجافية او تحتها أو تحت العنكبوتية أو تحت الحنونة أو داخل المخ ولكل من هذه المواقع اهمية خاصة نبينها اجمالا فيما يلى :
        النزف خارج الجافية : ينشأ عادة من تمزق احد الشرايين السحائية وبخاصة الشريان السحائى الاوسط او احد فروعه نتيجة كسر العظم فى مكان مسير الشريان فيه او حتى بغير كسر فى العظم متى احدثت الاصابة تباعدا بين الجافية والعظم – اى ان هذا النوع من النزف اصابى دائما.
       النزف تحت الجافية : ينشأ عن تمزق المشابر الوريدية بالجافية او احد الاوعية العابرة بين المخ والسحايا ويحدث ذلك عادة فى  الاصابات التى تؤدى الى تحرك المخ المفاجئ داخل الجمجمة سواء كانت الحركة خطية كما يحدث فى حالة اصطدام الرأس او دائرية كما فى دوران الرأس فى حوادث السيارات وتبعا لنوع الحركة يكون مبدأ النزف ، وهذا النزف عادة بطئ جدا نظرا لصغر حجم الاوردة المقطوعة وانخفاض ضغط الدم فيها ، ولذلك لا يحدث عن هذا النزف اعراض لانضغاط المخ عند تجمع الدم الاولى بل تبدأ أعراض الانضغاط فى الظهور عندما يزداد حجم هذا الدم الاولى من التغيرات الالتئامية التى تظهر عليه فيما بعد وبذلك يتكون ما يسمى التجمع الدموى المزمن تحت الجافية: "chronic subdural haematoma" او الالتهاب السحائى النزفى المزمن "chronic pachymeningitis haemorrhagica" والمعتقد ان هذا التحول فى التجمع الدموى ناشئ عن عدم استطاعة الجسم امتصاص هذا الدم وازالته من مكانه ولذلك يحاط بنسيج حبيبى رقيق ممتلئ بالاوعية الشعرية التى تمزق وتنزف فيكبر حجم التجمع الدموى على مر الايام حتى تبدأ ظهور اعراض الانضغاط بعد مضى وقت طويل على الاصابة الاولى – وهذا هو السبب فيما كان يقال فى الماضى عن السبب هذا التجمع الدموى المزمن وارجاعه الى ادمان الخمر او الشيخوخة وتصلب الشرايين او الى الزهرى الدماغى  وغير ذلك من الامراض ، ولكن الرأى السائد  الان ان كل التجمعات الدموية تحت الجافية اصايبة المنشأ وان كانت فى بعض حالات قليلة نتيجة امراض مثل امراض الدم او انيورزمة أو أورام مخية .
        النزف تحت العنكبوتية : وهواكثر انواع النزف الدماغى الاصابى شيوعا كما انه قد يحدث بغير اى اصابة نتيجة انفجار انيورزمة مخية فى دائرة ويليز بما أن هذا الانفجار الانيورزمى قد يتبع شجارا اوعراكا بسبب ارتفاع ضغط الدم المفاجئ الذى يصحب الشجار وعندئذ قد يظن المريض نزف بسبب ضرب على الرأس،  ولذلك يجب العناية دائما عند تشريح مثل هذه الحالات بالبحث عن مثل هذه الانيورزمة فى اوعية المخ وحسن اجراء البحث بعد وضع المخ فى الفورمالين لبضعة ايام – والنزف تحت العنكبوتية الاصابى يكون عادة مصحوبا بتكدمات فى المخ او تهتكات فيه او كسور فى الجمجمة او غير ذلك من المظاهر الاصابية .
         النزف المخى : ويحدث من الاصابات على رأس وحينئذ يكون مصحوبا بتهتك أو تكدم على سطح المخ ، وقد توجد هذه الانزفة او التكدمات فى مواضع متعددة .
       أو قد توجد تحت مواضع ضربات الرأس وكسور الجمجمة كما توجد فى الجهة المقابلة اهذه الضربات بسبب دفع المخ داخل الرأس واصطدامه بالعظم فى الجهة المقابلة للضربة وهذا ما يطلق عليه الاذى الناشئ عن رد الفعل او الصدمة المضادة "contre coup".
       والنزف تحت الحنونة  : لا يمكن تميزه عن هذه الكدمات أو الانزفة المخية السطحية ابد بل هى اسماء لسمى واحد . وقد يكون النزف المخى غير سطحى بل قد يوجد فى داخل المخ أو فى المخ  الاوسط او الجسر او المخيخ ولكن هذا النوع من النزف اذا كان ناشئا من اصابة فإنه لابد يصطحب بأنزفة اخرى سطحية او سحائية – وبندر ان تحدث الاصابة نزفا عميقا داخل المخ مظاهر اصابية اخرى بل الغالب أن يكون مثل هذا النزف نتيجة مرض تصلب الشراين المخية وفى هذه الحالات توجد علامات مرضية فى اوعية المخ. وكثيرا ما يكون النزف كبيرا لدرجة ان يصل الى بطينات المخ وعن ذلك الطريق يخرج الى الصهاريج تحت العنكبوتية "subarachnoid cnterns" ويلاحظ ان مثل هذا النزف المرضى قد يحدث بعد مشاجرة او مشاحنة بسبب ارتفاع ضغط الدم الذى يصحب الشجار وحينئذ يجب عدم خلطه بالنزف الناشئ عن اصابة فعلية للرأس .
2- القدرة على الكلام والحركة بعد اصابات الرأس  :
    كثيرا ما يكون هذا موضع سؤال موجه للطبيب الشرعى وعندئذ يجب ان تكون الاجابة مبنية على أسس علمية سليمة – والقدرة على الكلام والحركة بالطبع تتوقف على مبلغ الاذى يصيب المخ وموضوع هذا الأذى من المخ – فالتهتك الشديد بالمخ يؤدى الى الوفاة السريعة او فقد الوعى المباغث ولكن ذلك قد لا يصح عند تهتك الفص الامامى للمخ مثلا، ولذلك يجب دائما بحث الاصابات ونتائجها واستحضار كل الاحتمالات وبخاصة فى حالات النزف خارج الجافية او تحتها حين تطول الفترة البيضاء فيستطيع المصاب ان يتكلم ويتحرك – وان كان يصعب القول بأن الحديث فى تلك الفترة يكون دائما بتعقل.
•        والحالات الأتية توضح كثيرا من النقط التى يجب البحث فيها فى مثل هذه الحالات :
     ففى الحادثة الاولى أصيب رجل فى رأسه اصابة احدثت كسور شرخية فى العظمين الجداريين والصدغين ممتدة الى قاعدة الجمجمة مصحوبة بنزف بالغ من الشريان السحائى الايمن ضغط على المخ حتى فرطحه تماما فى مقابله ومع ذلك فقد عاش هذا المصاب اثنتى عشرة ساعة بعد الاصابة ومشى بعد اصابته مسافة كيلو متر تقريبا حتى وصل الى دار العمدة حيث تكلم بتعقل ووصف حادثة ضربه امام العمدة والبوليس .
       وفى الحادثة الثانية ضرب رجل بالسيف على رأسه ففصلت الفصوص الامامية للمخ مقابل الدرز التاجى ومع ذلك استمر المصاب بتكلم بتعقل بعد الضرب لمدة ثلاث ساعات وعاش يوما بأكمله.
       وفى حادثة ثالثة ضرب رجل على رأسه بعصا غليظة افقدته وعيه لبضع ثوان ثم افاق ولم يشك شيئا لمدة اسبوعين بعد الاصابة حين بدأ يعتريه بعض الفتور والخمول وصعوبة الكلام مما ادى الى ذهابه للمستشفى حيث اجريت له عملية تربنة ووجد عنده تجمعا دمويا مقابل الفص الصدغى المخى وقد ازيل هذا التجمع واستعاد الرجل صحته وشفى بعد ذلك تماما .