كشف سبب الوفاة
من أول واجبات الاطباء أن يتعرفوا على سبب وفاة اى من الناس وتحرير شهادة وفاة تتضمن هذا السبب وكيف نشأ - والواجب ان يكون ذلك بأكثر ما يمكن من حرص على تحري الحقيقة وبخاصة الاحصاءات الصحية التى تبنى الدولة عليها مشروعاتها الصحية فى كثير من ارقامها من شهادات الوفاة هذه فإذا لم يتحر الطبيب الدقة فى معرفة السبب الحقيقى للوفاة وكتابته فى الشهادة فإن ذلك ينعكس على سياسة الدولة الصحية كلها بالسير فى طريق مضلل بالشهادات الخاطئة والحق ان سبب الوفاة - وان امكن اسنتاجه فى كثير من الاحيان بطريق الترجيح من التاريخ المرضى للميت ومن بعض العلامات الظاهرية - غير انه لايمكن ان يعرف بالتأكيد الا اذا أجرى تشريح الجثة تشريحا دقيقا بمعرفة مختص بعلم الامراض بل انه يصعب فى بعض الحالات على الامراض ان يجد سبب الوفاة بعد التشريح الدقيق للجثة – ويمكن ان نقسم الوفيات جميعا تبعيا لما يوجد من علامات مرضية عند تشريح الجثث الى خمس مجموعات :
(1) المجموعة الاولى : هى التى يجد المشرح فيها علامات مرضية ظاهرة تؤكد انها سبب الوفاة ( مثل انسداد فى احد الشرايين التاجية الرئيسية او نزف كبير بالمحفظة الداخلية بالمخ) وفى هذه الحالة يصح لمشرح ان يقرر ان هذه الحالة المرضية هى سبب الوفاة بالتأكيد.
(2) المجموعة الثانية : هى التى يجد فيها المشرح علامات مرضية ظاهرية قد تسبب الموت ولكنها ليست متنافية مع الحياة ( مثل وجود التهاب رئوى بإحدى الرئتين او تصلب الشرايين التاجية ) وعندئذ يجوز نسبة الوفاة الى هذه المظاهر المرضية ولكن على سبيل الترجيح لا القطع – ويجب فى مثل هذه الحالة الاعتماد على التاريخ المرضى للمتوفى بالاضافة الى هذه المظاهر.
وكثيرا ما تعرض على الطبيب الشرعى حالات من هاتين المجموعتين وذلك عندما يموت المريض فى ظروف مشتبهة وفاة سريعة غير منتظرة كأن يكون سائرا فى الطريق مثلا ثم يسقط مغشيا عليه ويموت – ويطلق اسم الموت المفاجئ على هذا النوع من الوفاة المباغتة التى يحدث فى ظروف تدعو الى الشك فى سببها ولذلك ترسل هذه الحالات الى الطبيب الشرعى بدلا من الطبيب المعالج أو طبيب الصحة كى يمكن اكتشاف اى سبب جنائى للوفاة .
والموت كله فى الواقع موت مفاجئ إلا أن الذى نعنيه بهذا اللفظ هو المعنى السابق ، وتكون هذه الحالات المرضية جزاء كبيرا من عمل الاطباء الشرعيين فى كل الدنيا نظرا للاشتباه الذى يصاحب الوفاة .
وأسباب الموت المفاجئ كثيرة مختلفة المواضع ، ولكن اكثرها شيوعا انسداد الشرايين التاجية والنزف المخى وامراض عضلة القلب ( التشحم او التليف او الضمور البنى) وامراض الصمامات القلبية ( بسبب الروماتيزم فى صمام الاورطة او الصمام الاذينى البطينى الايسر) وامراض الاوعية الدموية ( مثل انيورزمة الاورطة ) وقد تكون امراض رئوية مثل الانحذاف الرئوى"pulmonary embolism" او اوديمة الرئة او اديمة المزار او امراض مخية كالالتهابات السحائية او اورام المخ وغير ذلك وعلى جملة قد يكون الموت المفاجئ ناشئا من اى مرض لايقعد المريض - حتى الحميات نفسها قد تسبب الموت المفاجئ اذا كانت من النوع الكامن الذى لاتظهر له علامات كثيرة واضحة او من النوع الصاعق الذى يميت بعد ظهوره بوقت قصير قد يكون ساعات قليلة .
(3) المجموعة الثالثة : وهذه فيها مظاهر اصابية لاتتفق مع الحياة ( مثل قطع العنق واوعيته او تمزق جسيم بالقلب الخ ) . وهذه ايضا تتسبب الوفاة فيها الى الاصابة بالتأكيد .
(4) المجموعة الرابعة : حين توجد إصابات قد تقتل وقد لاتقتل مثل جرح قطعى بالشريان الكعبرى أو جرح نارى يخترق إحدى الاطراف .
وبما أنه لايمكن التكهن بمقدار الصدمة أو النزف الذى يصاحب هذه الاصابات ولابما يكون طرأ عليها من مضاعفات غير ذات علامات واضحة فى الصفة التشريحية ، ولذلك فإن نسبة الوفاة الى الاصابة تكون راجعة او شبه مؤكدة متى خلت الجثة من اى مظهر مرضى أو اصابى اخر ، ويلزم دائما فى كل هذه الحالات مراجعة تاريخ الاصابة قبل الوفاة بالاضافة الى وجود علامات الاصابة بعد الوفاة قبل تقرير نسبة الموت إلى الاصابة .
وفى بعض الحالات قد تجد مرضا من النوع الذى قد يميت وقديتفق مع الحياة بالاضافة الى وجود الاصابة وعندئذ تنفع مراجعة تاريخ الاصابة الاكلينى لمعرفة مقدار مسئولية كل من المرض والاصابة عن الوفاة .
(5) المجموعة الخامسة : وفيها لاتظهر الصفة التشريحية سببا واضحا للوفاة وعندئذ يخطر التسمم على بال المشرح كسبب للوفاة اذا ان غالبية السموم لا تترك اثارا واضحة فى الصفة التشريحية بل يلزم لمعرفتها اجراء اختبارات كيماوية او غير ذلك من الفحوص المجهرية ... الخ . ولكن ليست كل هذه الوفيات ناشئة عن التسمم بالتأكيد بل ان كثيرا منها ناشئ عن حالات مرضية ولكنها لا تظهر للفحص العيانى كما قد تكون ايضا ناشئة عن اصابات لاتبين مظاهرها بالفحص العينى .
وهذه الحالات مازالت مصدر ضيق شديد للطبيب الشرعى الذى يحرص حرصا صادقا على معرفة السبب الحقيقى للوفاة – وقد ادت التطورات الحديثة فى التشريح المرضى والبحوث المتعلق به الى الكشف عن اسباب كثيرة لم يكن معرفها متيسرا من قبل مثل الانحذاف الهوائى ، الصدمة الاستهدافية ، نقل الدم غير المتجانس ، الموت عند التخدير العام ، وعلى الرغم من ذلك فقد بقيت حالات مازال كشف سبب الوفاة فيها غامضا مما ادى الى وضع اسباب وظيفية للوفاة بغير اى مظاهر عضوية مثل النهى الحائر او النهى المنعكس "reflex or vagal inhibition" لكل ذلك فإن التشريح بعد الوفاة يجب ان لايقتصر على مجرد الفحص العيانى للاحشاء والاعضاء بل يجب ان يتعدى ذلك الى اجراء عدد كبير من الفحوص المجهرية والاختبارات الكيماوية والتحاليل السمومية وغير ذلك من الطرق الواجب اتباعها لكشف سبب الوفاة .
وسنذكر فيما يلى الخطة المثلى التى يجب ان يتبعها الطبيب الشرعى لكشف سبب الوفاة فى اى حالة من الحالات مع مراعاة تعديل هذه الخطة او تحويرها تبعا لما تظهره خطواتها المتتالية من نتائج وما قد تستلزمه كل حاله من تعديل أو تحوير .
أولا : الكشف الظاهرى
يبدأ دائما – بعد دراسة تاريخ الوفاة من اقوال الشهود وغيرهم – بفحص ما على الجثة من الملابس فحصا دقيقا مبينا كل اثر او بقعة او تلون او ثقب ثم تحفظ الملابس فى حرز لايتصرف فيه حتى تنتهى القضية اذ ربما احتاج الامر اعادة فحصها للاجابة على أى سؤال قد يطرأ عند التحقيق .
ثم تصف الجثة من حيث شكلها وطولها ووزنها وجنسها ومظاهر التغيرات الميتة بها وبفحص الجلد فحصا دقيقا وكذلك الاغشية المخاطية لما قد يكون فيها من جروح او علامات مرضية او وشم او ندب وغير ذلك مما له قيمة فى الاستعراف او معرفة سببب الوفاة او وقتها او مكانها وعند وجود اى من هذه الاثار يجب العناية بوصفها وصفا كاملا مبينا به موضعها بالضبط وابعادها بالقياس لا بالتقريب ويجب العناية بالوصف العيانى للجروح بدلا من ان تعين انواعها فلا يقال وجدنا جرحا رضيا او خزيا او ناريا مثلا بل يقال وجدنا جرحا مشرذم الحوافى غير منتظم الزوايا محاط بسحجات شكلها كذا وكدمات شكلها كذا وعددها كذا وحوافيه متصلة بمعاير نسجية او يقال وجدنا جرحا مستدير الشكل تقريبا به فقد جوهرى ابعاده 1سم × 7.5مليمتر محاط بوشم اسود اللون فى مساحة دائرية قطرية ثلاثة سنتيمترات وحوافى الجرح مقلوبة المداخل ويحيط به حلقة رفيعة من التلون الداكن عرضها 2-3مليمتر اما وصف الجرح بأنه نارى او وخزى او رضى فيجب ان لايذكر فى صلب التقرير اذا ان ذلك الوصف استنتاج شخصى من الطبيب المشرح مبنى على علامات خاصة رآها ، ولذلك يجب ابقاء هذا الوصف الى نتيجة التقرير بعد ذكرها العلامات التى راها الطبيب فى الجرح فى صلب التقرير.
ثانيا : تشريح الرأس
حسن البدء بتشريح الرأس قبل الرقبة حتى لايصفى الدم من المخ (اذا فتحت الرقبة وقطعت اوردتها قبل فحص المخ ) وبذلك قد يظهر كأنه باهت اما اذا فتحت الرأس اولا فإن المخ يرى بحالته التى كان عليها عند الموت .
تقطع الفروة قطعا مقوسا ممتدا من خلف الاذن اليمنى الى خلف الأذن اليسرى ، ثم تنزع الفروة بما فى ذلك العضلات الصدغية من العظم اماماوخلفا ثم تفتح الجمجمة بالمنشار الكهربائى ( او المنشار اليدوى) فى خط دائرى يدور حول القبوة فى مستوى اعلا الحاجبين بحوالى سنتيمترين مع الاحتياط لعدم قطع الأم الجافية عند النشر ثم ترفع بمساعدة القبوة بمساعدة الازميل او يد المشرط مستعملة كعتلة ثم يفحص سطح الأم الجافية الخارجية - يفتح المشبر السهمى العلوى فتحا طوليا بالمقص أو المشرط وبفحص تجويفه لوجود خثرات حيوية ( لهذه الخثرات اهمية فى حالة وجود نزف تحت الأم الجافية اذ ربما نشأ النزف عن انسداد المشبر التخثرى دون وجود أى اصابة ) ثم تقطع الجافية قطعا دائريا مقابلا لنشر العظم ويكشف المخ ويفحص ثم يرفع جزؤه الامامى باليد اليسرى وتقطع الاعصاب المتفرعة منه من الامام الى الخلف وتقطع الخيمة المخيخية عند اتصالها بالعظم الصدغى وبقطع النخاع المستطيل عند اتصاله بالنخاع الشوكى ثم يخرج المخ لفحصه خارج الرأس ( ويحسن ان يؤجل ذلك يوما أو يومين يوضع فيها المخ فى الفورمالين كى يتماسك قوامه ) - ثم تنزع الجافية من قاع الجمجمة ليمكن فحص العظم فحصا دقيقا لوجود أى كسر أو اصابة .
أما فحص المخ فيجب ان يشمل فحصا عيانيا من الخارج مع العناية بفحص السطح السفلى والاوعية به ( الاوعية المخية الطبيعية تظهر منطقة الجدر اما الاوعية المتصلة فتظهرمتفتحة الفوهات ) ثم يقع المخ اما قطعا طوليا فى الخط المتوسط او قطعا مستعرضا من الامام للخلف وفى حالة قطعه طوليا يعاد تقطيع كل نصف تقطعيا عموديا غير كامل الى شرائح سمكها سنتيمتر واحد أو اثنين وبذلك تفحص كل اجزاء المخ والمخيخ فحصا دقيقا لاى مظهر مرضى أو اصابى .
ثالثا : تشريح الرقبة
ترفع الرقبة بكتلة خشبية توضع خلفها ثم يشق جلد الجثة شقا طوليا يمتد من منتصف الفك الاسفل الى اعلا العظم العانى ثم يسلخ جلد الرقبة حتى الجانبين وتفحص عضلات الرقبة وانسجتها تحت الجلدية فحصا دقيقا ثم تفصل العضلتان الخشائيتان القصبيتان من اعلا واسفل فتكثف الاوعية الساتية والغدة الدرقية وعضلات الحنجرة ثم تعرى الحنجرة والقصبة الهوائية وتفحص كل هذه الانسجة وعندئذ يفتح الفم ويجذب اللسان الى أعلا والخلف ويقطع قاع الفم حول السطح الداخلى للفك الاسفل بإدخال سن المشرط فى الوسط وتمريره حول سطح الفك يمينا ويسارا ثم يجذب اللسان من تحت الفك الاسفل ويقطع جدار البلعوم الخلفى ويشرح البلعوم والمرئ والحنجرة والقصبة الهوائية وتفصل من العمود الفقارى الى محاذاة فتحة الصدر – ويحسن تأجيل فتح البلعوم والحنجرة الى ما بعد فتح الصدر .
رابعا : تشريح الصدر
يرفع الجلد والعضلات من سطح الصدر الامامى الى الجانبين ويمكن أن يساعد على ذلك قطع عضلات البطن من عند اتصالها بحافة الصدر السفلى ثم تقطع الغضاريف الضلعية قرب اتصالها بالضلوع من اعلا الى اسفل فى اتجاه مائل من الداخل للخارج ثم يفصل الحجاب الحاجز من اتصاله بالقص والضلوع ويرفع عظم القص والغضاريف حتى يرى الضلع الاول فيقطع غضروفه ويقطع المفصل القصى الترقوى من الجهتين وبذلك تعرى محتويات الصدر فتفحص فى موضعها فحصا دقيقا يشمل التامور والقلب والرئتين - وفى حالة الاشتباه فى وجود انحذاف هوائى رئوى يشرح القلب فى موضعه قبل فصله من الرئتين ، وفى الحالة الاولى قد تحتاج الى ملئ تجويف التامور بالماء قبل فتح القلب لتمكن من رؤية فقاعات الهواء وهى تخرج من تحت الماء مؤكدة الانحذاف الهوائى .
ثم تخرج كل رئة خارج الصدر باليد وتفحص الرئتان من جميع نواحيها كما تفحص تجاويف البلورة فى الجانبين ، ثم يقبض على الحنجرة والمرئ باليدين ويشد عليهما الى اسفل حتى تنزع احشاء الصدر معها الى ان تصل لأعلا الحجاب الحاجز حيث يربط المرئ عند دخوله للبطن ويقطع اعلا الرباط وبذلك تفصل كل احشاء الصدر وانسجة الرقبة وتخرج خارج الجثة حيث كل جزء منها على حده .
توضع هذه الاحشاء على سطحها الامامى وفتح المرئ والبلعوم طوليا فيفحص داخله ثم تشق الحنجرة والقصبة الهوائية من اعلا لاسفل الى تفرع القصبة الى شعبتيها ويفحص داخلها وفى حالة اشتباه كسر بالعظم اللامى او الغضاريف الحنجرية يجب عدم محاولة حبس هذه الاجزاء باليد بل يجب تشريحها وتنظيفها من العضلات وتفحص بالنظر.
ثم تفصل كل رئة على حدة بعد ذلك وتقطع طوليا من القمة للقاعدة وتفحص من الداخل كما فحصت من الخارج ، وفى حالة الاشتباه فى وجود انسداد شعبى يجب فتح الشعب الرئيسية وفروعها بالقص وتتبعها مسافة فى كل رئة على حدة.
ثم يفحص القلب جيدا من الخارج وبفتح الاذين الايمن مع الوريدين الاجوفين يشق واحد ثم يفتح البطين الايمن يشق واحد يصل من فتحة الشريان الرئوى الى قمة القلب ويغسل داخل التجويفين وتفحص الصمامات جيدا – ثم يفتح الاذين الايسر مع الاوردة الرئوية ثم يفتح البطين الايسر مع الوتين (الاورطة ) يشق واحد ثم يغسل داخل التجاويف وتفحص الصمامات وبطانة الاورطة وفتحتى الشرايين التاجية ثم تشق الصمامات الاذينية البطنية اليسرى واليمنى لنفحص فحصا جيدا – ثم تشق الشرايين التاجية بمقص من اول الفتحة فى الاورطة الى نهايتها وتفرعاتها الكثيرة ويمكن الاستعاضة عن هذه الطريقة ( التى قد تحرك خثرة دموية من هذه الشرايين امام المقص) بتقطيع الشرايين قطوعا مستعرضة متوازية متقاربة بطول مسارها فى عضلات القلب ، وهذه الطريقة الاخيرة افضل وان كانت قد تفشل فى اظهار الخثرات الصغيرة التى لاتمر بها القطوع المتتالية اى اذا كان موضع الخثرة بين قطعين متتالين.
خامسا : تشريح البطن
يوسع الشق البطنى بقطع العضلة المستقيمة البطنية من اتصالها بعظم العاتة وابعاد جانبى الشق كل الى ناحيته ثم تفحص الاحشاء البطنية عيانيا فى مواضعها – برفع الثرب مع القولون المستعرض الى أعلا ثم يربط حول اتصال المعى الدقيق بالاثنى عشر برباطين مستعرضين وبقطع بينهما ثم يفصل للمعى الدقيق بقطع مساريقاه من اعلا لاسفل حتى اتصاله بالاعور وبفحص السطح الخارجى المعى الدقيق بالنظر والحبس وقت فصله - ثم يقطع البريتون حول الأعور ويفصل مع القولون الصاعد من اسفل الى اعلا ثم يقطع مساربقا القولون المستعرض ثم مساربقا القولون النازل الى المستقيم حيث يربط برباط يقطع المستقيم أسفله ، وبذلك يفصل المعى الدقيق والغليظ ويوضع فى طبق نظيف حيث يفتح بالمقص وتفحص محتوياتها ثم تغسل جيدا ويفحص الغشاء المخاطى فى كل طول الامعاء .
يستخرج الطحال وتقطع اتصالاته من الخلف وكذلك اتصال البنكرياس ثم يوزن كل منهما على حدة ويقطعا قطعا واحدا طوليا وبفحص سطحهما المقطوع .
ثم تشد الكبد الى أسفل وتشرح اتصالاتها الخلفية والجانبية ثم تستخرج مع المعدة والاثنى عشر كتلة واحدة لتشريحها خارج البطن وذلك افضل من فصل المعدة وحدها والكبد وحده ، إذا أن فصل الاثنى عشر من الكبد يقطع القناة المرارية العامة فتسقط منها أى حصوات أو انسدادات قد تكون ذات علاقة هامة بالوفاة ولذلك يحسن إبقاء الاحشاء متصلة حتى تفتح المعدة والاثنى عشر بشق واحد حول انحنائها الاصغر وتفحص محتوياتها ثم غشاؤها المخاطى .
ثم تفحص قتحة قناة المرارة فى الاثنى عشر وتفتح القناة حتى الكبد وكذلك يفتح كيس المرارة ويفحص .
تفصل المعدة والاثنى عشر من الكبد الذى يوزن وبفحص سطحه الخارجى ثم يقطع قطوعا طولية من اعلا لاسفل على مسافة سنتيمترين تقريبا وتفحص كل هذه الشرائح الكبدية .
ثم تشرح الكلوة اليسرى مع الحالب الى المثانة وكذلك يفعل باليمنى ثم تشرح المثانة مع البروستاتا فى الذكر ومع المهبل والرحم فى الانثى وبذلك يستخرج المسلك البولى والتناسلى خارج الجثة حيث تشق كل كلوة شقا طوليا عند السطح المجذب الى اتجاه الحوض ثم تنزع محفظتها بالجفت المسنن ويفحص سطحها الخارجى ثم يشق الحالب بالمقص الى المثانة التى تفتح بشق طولى يفتح البال ايضا وتفحص كل هذه الاماكن فحصا دقيقا - وفى الانثى يفتح المهبل من اسفل الى اعلى وكذلك يفتح عنق الرحم والرحم بشق واحد طولى ثم تفحص المبايض والبوقين ويشق كل مبيض لفحص داخله . ثم يفتح المستقيم ويفحص داخله وغشاؤه المخاطى
ثم يفحص تجويف الحوض والبطن واجسام الفقارات القطنية والعجزية وعظام الحوض .
وإذا احتاج الامر فحص النخاع الشوكى يشق الجلد شقا طوليا فى منتصف الظهر وتشرح العضلات خلف الفقرات حتى يعرى العظم الذى ينشر حول الشواخص الشوكية من الجانبين بمنشار خاص ثم ترفع العظام المفصولة وتفحص الجافية حول النخاع والاعصاب الشوكية وهى خارجة منها ثم يستخرج النخاع وسحاياه بعد تقطيع الاعصاب الشوكية واتصالات الجافية - ثم تفتح الجافية بالمقص وبفحص سطح العنكبوتية ويقطع النخاع قطوعا مستعرضة بينها حوالى سنتيمتران لفحص داخله .
سادسا : تشريح الاطراف
إذا وجدت كسور أو إصابات أو أى علامات ظاهرة بالاطراف فيجب الشق عليها والكشف على الانسجة العضلية حولها ، وكذلك عند إشتباه اصابة الاوعية الدموية بأى مرض او غيره فإنه يجب الشق على هذه الاوعية وتشريحها وفحصها من الخارج ثم فتحها وفحص تجاويفها وقد يحتاج الامر فحص العظام فى الاطراف وعندئذ يعرى العظم المطلوب ثم ينتشر بالعرض او بالطول حسب الحالة .
سابعا : الفحص المجهرى
يجب دائما اخذ قطع او عينات من الاحشاء البطنية والصدرية وبعض الانسجة ، ثم توضع العينات فى محلول فورمالين 10% فى الماء وترسل الىمعمل حيث تعد ثم تقطع وتفحص مجهريا .
وفى حالة وجود جروح أو أذيات بأى موضع فى الجسم يجب اخذ عينات من هذه الاماكن لفحصها مجهريا فقد يصعب تقدير عمر الجروح بغير هذا الفحص المجهرى .
ثامنا : الفحص البكتيرى
يجب العناية دائما بأخذ عينة من الدم من القلب وهو مازال فى الجثة قبل اجراء اى تشريح وذلك بفتح تجويف التامور ثم تعقم نقطة من سطح البطين الايمن بلمسها بطرف جفت او مشرط محمى فى النار ثم تغرز ابرة طويلة معقمة فى هذا المكان وتؤخذ عينة من الدم بالحقنة واذا لم يمكن الحصول على كمية كافية من الدم من البطين فتؤخذ من الاذين الايمن بنفس الطريقة السابقة .
ثم توضع هذه الكمية فى أنبوبتين معقمتين احدهما فارغة وتستعمل لتحديد فئة الدم والاخرى بها مزرعة للبكتريا التى يشتبه فى وجودها فى الدم حسب نوع البكتريا.
وكذلك يجب اخذ عينات للفحص البكتيرى من اى التهاب او تقيح لمعرفة الميكروب وبخاصة فى حالات الالتهاب البريتونى او السحائى او البلورى او افرازات المبال وغير ذلك ، ويجب دائما اخذ هذه العينات بطريقة معقمة والا اصبحت بلا فائدة .
تاسعا : الفحص الكيماوى
يمكن اجراء فحوص كيماوية حيوية على البول والدم لقياس كميات مركباته ففى حالات الاشتباه فى الغرق تؤخذ عينة من دم كل من البطين الايسر والايمن وتقدر كمية الكلوريد فى كل عينة - وكذلك فى حالات الاشتباه فى التسمم الكحولى يمكن أخذ عينة من البول والدم لتقدير كمية الكحول فيهما .
ويمكن الاستعانة بكمية الجلوكوز والبولينا والكرياتنين فى السائل النخاعى لتقدير المدة التى مضت على الوفاة .
عاشرا : التحليل السمومى
فى الحالات التى يشتبه فيها ان يكون التسمم سببا للوفاة يجب اخذ عينات من الاحشاء والسوائل الجسيمة للتحليل السمومى وتحفظ العينات فى اوعية زجاجية نظيفة تقفل بأحكام وتختم بالشمع الاحمر ثم توضع جميع الاوعية فى صندوق بطريقة تمنع كسرها عند النقل ويختم الصندوق بالشمع الاحمر ايضا ويثبت به ورقة مبينا عليها بيانات عن الحالة ونوع المحتويات وعددها المرسل – وتسلم هذه الصناديق عادة المعامل الكيماوية فى مصلحة الطب الشرعى بالقاهرة او الاسكندرية او اسيوط عن طريق النيابة – ويجب عدم وضع أى كحول أو سائل غيره على هذه الاحشاء إلا فى الحالات التى ترسل فيها من مكان بعيد لايمكن وصولها منه للمعامل إلا بعد وقت طويل يخشى من تحلل الاحشاء فيه وعندئذ يجوز وضع الاحشاء فى كمية من الكحول النقى ويجب وضع كمية من هذا الكحول فى وعاء اضافى وحدها وارسالها للمعامل مع الاحشاء فى نفس الصندوق لتكون رقيبا على نتيجة التحليل .
ويجب ان يكون ارسال العينات للتحليل السمومى قائما على اشتباه حقيقى فى التسمم وليس لمجرد عدموجود سبب واضح للوفاة عند التشريح وتختلف الاحشاء التى ترسل للتحليل السمومى تبعا لنوع السم المشتبه فيه ولكن فى معظم الحالات يجب ان تشتمل الاحشاء على الاتى :
أ. المعدة بمحتوياتها جميعا وتوضع فى وعاء مستقل بعد فتحها وفحصها عيانيا.
ب. الكبد او جزء منه مع كمية من الدم .
ج. قطعة من المعى الدقيق واخرى من المعى الغليظ .
د. الكلوتان والحالبان .
هـ. المثانة وما فيها من البول .
و. القئ ان وجد او عينات من الاكل او الشراب او المواد المنسوب حصول التسمم لها .
وفى بعض الحالات قد ترسل عينات من العضام او الجلد او الشعر والاظافر وغير ذلك تبعا لحالة التسمم ونوع السم .
ويجب ان يرفق بطلب التحليل بيان بنوع السم المشتبه وملخص للاعراض الحيوية ووقت ظهورها ووقت الوفاة والعلامات الداعية للاشتباه فى التسمم وكذلك بيان عن أى أدوية تناولها المتوفى قبل الوفاة .
وترسل نتائج التحليل السمومى للطبيب المشرح عادة لتقييمها استخلاص مايراه من رأى بالنسبة للحالة وهل هى تسمم من عدمه وكيف نشأ التسمم وهكذا – وفى بعض الحالات قد يكون ابداء الرأى من اصعب الامور، ويجب ان يعرف ان مجرد وجود اى نوع من المواد السامة فى التحليل لايكفى للدلالة على حصول الوفاة من التسمم بهذا النوع ، كما ان عدم وجود مواد سامة فى التحليل لاينفى حصول الوفاة بالتسمم ، ولذلك يجب قبل ابداء الرأى فى هذا الموضوع دراسة النواحى الكيماوية لسم المشتبه او الموجود بالتحليل ، فالزرنيخ مثلا قد يوجد فى الجثة بعد سنين من الوفاة فى حين ان حامض السانور لايمكن العثور عليه بعد الوفاة ببضعة ايام - وكذلك يجب معرفة هل يوجد هذا النوع من المواد فى الجسم الانسانى عادة ولو على صورة غير سامة ، فالفسفور مثلا سم قاتل ولكنه يتحول فى الجسم الى املاح الفسفات التى توجد طبيعيا فى الجسم ، وعلى ذلك لايمكن معرفة التسمم من الفسفور مالم يوجد بحالته هذه فى المعدة او الاحشاء ، وكثيرا مالايوجد وبخاصة والموت من الفسفور يكون عادة بعد مدة تصل الى بضعة أيام بعد تناوله .
وكمية السم التى توجد فى الجسم بالتحليل يجب ان تدرس بعناية ، مع ملاحظة أن كثير من السموم لاتختفى من الجسم بسهولة مثل الزرنيخ مثلا وعلى العكس من ذلك فإن بعض السموم تختفى بسهولة وعندئذ قد توجد كمية صغيرة منها مما يشكك فى انها كانت سببا للوفاة نظرا لقتلها عن الكمية القاتلة لهذا النوع من السم ، ويجب عند ابداء الرأى فى مثل هذه الامور دراسة العوامل المختلفة التى تدخل فى الاعتبار مثل سرعة امتصاص هذا السم وسرعة اخراجه وعمرالمصاب وجنسه وحالته الصحية وغير ذلك من العوامل الهامة .
من أول واجبات الاطباء أن يتعرفوا على سبب وفاة اى من الناس وتحرير شهادة وفاة تتضمن هذا السبب وكيف نشأ - والواجب ان يكون ذلك بأكثر ما يمكن من حرص على تحري الحقيقة وبخاصة الاحصاءات الصحية التى تبنى الدولة عليها مشروعاتها الصحية فى كثير من ارقامها من شهادات الوفاة هذه فإذا لم يتحر الطبيب الدقة فى معرفة السبب الحقيقى للوفاة وكتابته فى الشهادة فإن ذلك ينعكس على سياسة الدولة الصحية كلها بالسير فى طريق مضلل بالشهادات الخاطئة والحق ان سبب الوفاة - وان امكن اسنتاجه فى كثير من الاحيان بطريق الترجيح من التاريخ المرضى للميت ومن بعض العلامات الظاهرية - غير انه لايمكن ان يعرف بالتأكيد الا اذا أجرى تشريح الجثة تشريحا دقيقا بمعرفة مختص بعلم الامراض بل انه يصعب فى بعض الحالات على الامراض ان يجد سبب الوفاة بعد التشريح الدقيق للجثة – ويمكن ان نقسم الوفيات جميعا تبعيا لما يوجد من علامات مرضية عند تشريح الجثث الى خمس مجموعات :
(1) المجموعة الاولى : هى التى يجد المشرح فيها علامات مرضية ظاهرة تؤكد انها سبب الوفاة ( مثل انسداد فى احد الشرايين التاجية الرئيسية او نزف كبير بالمحفظة الداخلية بالمخ) وفى هذه الحالة يصح لمشرح ان يقرر ان هذه الحالة المرضية هى سبب الوفاة بالتأكيد.
(2) المجموعة الثانية : هى التى يجد فيها المشرح علامات مرضية ظاهرية قد تسبب الموت ولكنها ليست متنافية مع الحياة ( مثل وجود التهاب رئوى بإحدى الرئتين او تصلب الشرايين التاجية ) وعندئذ يجوز نسبة الوفاة الى هذه المظاهر المرضية ولكن على سبيل الترجيح لا القطع – ويجب فى مثل هذه الحالة الاعتماد على التاريخ المرضى للمتوفى بالاضافة الى هذه المظاهر.
وكثيرا ما تعرض على الطبيب الشرعى حالات من هاتين المجموعتين وذلك عندما يموت المريض فى ظروف مشتبهة وفاة سريعة غير منتظرة كأن يكون سائرا فى الطريق مثلا ثم يسقط مغشيا عليه ويموت – ويطلق اسم الموت المفاجئ على هذا النوع من الوفاة المباغتة التى يحدث فى ظروف تدعو الى الشك فى سببها ولذلك ترسل هذه الحالات الى الطبيب الشرعى بدلا من الطبيب المعالج أو طبيب الصحة كى يمكن اكتشاف اى سبب جنائى للوفاة .
والموت كله فى الواقع موت مفاجئ إلا أن الذى نعنيه بهذا اللفظ هو المعنى السابق ، وتكون هذه الحالات المرضية جزاء كبيرا من عمل الاطباء الشرعيين فى كل الدنيا نظرا للاشتباه الذى يصاحب الوفاة .
وأسباب الموت المفاجئ كثيرة مختلفة المواضع ، ولكن اكثرها شيوعا انسداد الشرايين التاجية والنزف المخى وامراض عضلة القلب ( التشحم او التليف او الضمور البنى) وامراض الصمامات القلبية ( بسبب الروماتيزم فى صمام الاورطة او الصمام الاذينى البطينى الايسر) وامراض الاوعية الدموية ( مثل انيورزمة الاورطة ) وقد تكون امراض رئوية مثل الانحذاف الرئوى"pulmonary embolism" او اوديمة الرئة او اديمة المزار او امراض مخية كالالتهابات السحائية او اورام المخ وغير ذلك وعلى جملة قد يكون الموت المفاجئ ناشئا من اى مرض لايقعد المريض - حتى الحميات نفسها قد تسبب الموت المفاجئ اذا كانت من النوع الكامن الذى لاتظهر له علامات كثيرة واضحة او من النوع الصاعق الذى يميت بعد ظهوره بوقت قصير قد يكون ساعات قليلة .
(3) المجموعة الثالثة : وهذه فيها مظاهر اصابية لاتتفق مع الحياة ( مثل قطع العنق واوعيته او تمزق جسيم بالقلب الخ ) . وهذه ايضا تتسبب الوفاة فيها الى الاصابة بالتأكيد .
(4) المجموعة الرابعة : حين توجد إصابات قد تقتل وقد لاتقتل مثل جرح قطعى بالشريان الكعبرى أو جرح نارى يخترق إحدى الاطراف .
وبما أنه لايمكن التكهن بمقدار الصدمة أو النزف الذى يصاحب هذه الاصابات ولابما يكون طرأ عليها من مضاعفات غير ذات علامات واضحة فى الصفة التشريحية ، ولذلك فإن نسبة الوفاة الى الاصابة تكون راجعة او شبه مؤكدة متى خلت الجثة من اى مظهر مرضى أو اصابى اخر ، ويلزم دائما فى كل هذه الحالات مراجعة تاريخ الاصابة قبل الوفاة بالاضافة الى وجود علامات الاصابة بعد الوفاة قبل تقرير نسبة الموت إلى الاصابة .
وفى بعض الحالات قد تجد مرضا من النوع الذى قد يميت وقديتفق مع الحياة بالاضافة الى وجود الاصابة وعندئذ تنفع مراجعة تاريخ الاصابة الاكلينى لمعرفة مقدار مسئولية كل من المرض والاصابة عن الوفاة .
(5) المجموعة الخامسة : وفيها لاتظهر الصفة التشريحية سببا واضحا للوفاة وعندئذ يخطر التسمم على بال المشرح كسبب للوفاة اذا ان غالبية السموم لا تترك اثارا واضحة فى الصفة التشريحية بل يلزم لمعرفتها اجراء اختبارات كيماوية او غير ذلك من الفحوص المجهرية ... الخ . ولكن ليست كل هذه الوفيات ناشئة عن التسمم بالتأكيد بل ان كثيرا منها ناشئ عن حالات مرضية ولكنها لا تظهر للفحص العيانى كما قد تكون ايضا ناشئة عن اصابات لاتبين مظاهرها بالفحص العينى .
وهذه الحالات مازالت مصدر ضيق شديد للطبيب الشرعى الذى يحرص حرصا صادقا على معرفة السبب الحقيقى للوفاة – وقد ادت التطورات الحديثة فى التشريح المرضى والبحوث المتعلق به الى الكشف عن اسباب كثيرة لم يكن معرفها متيسرا من قبل مثل الانحذاف الهوائى ، الصدمة الاستهدافية ، نقل الدم غير المتجانس ، الموت عند التخدير العام ، وعلى الرغم من ذلك فقد بقيت حالات مازال كشف سبب الوفاة فيها غامضا مما ادى الى وضع اسباب وظيفية للوفاة بغير اى مظاهر عضوية مثل النهى الحائر او النهى المنعكس "reflex or vagal inhibition" لكل ذلك فإن التشريح بعد الوفاة يجب ان لايقتصر على مجرد الفحص العيانى للاحشاء والاعضاء بل يجب ان يتعدى ذلك الى اجراء عدد كبير من الفحوص المجهرية والاختبارات الكيماوية والتحاليل السمومية وغير ذلك من الطرق الواجب اتباعها لكشف سبب الوفاة .
وسنذكر فيما يلى الخطة المثلى التى يجب ان يتبعها الطبيب الشرعى لكشف سبب الوفاة فى اى حالة من الحالات مع مراعاة تعديل هذه الخطة او تحويرها تبعا لما تظهره خطواتها المتتالية من نتائج وما قد تستلزمه كل حاله من تعديل أو تحوير .
أولا : الكشف الظاهرى
يبدأ دائما – بعد دراسة تاريخ الوفاة من اقوال الشهود وغيرهم – بفحص ما على الجثة من الملابس فحصا دقيقا مبينا كل اثر او بقعة او تلون او ثقب ثم تحفظ الملابس فى حرز لايتصرف فيه حتى تنتهى القضية اذ ربما احتاج الامر اعادة فحصها للاجابة على أى سؤال قد يطرأ عند التحقيق .
ثم تصف الجثة من حيث شكلها وطولها ووزنها وجنسها ومظاهر التغيرات الميتة بها وبفحص الجلد فحصا دقيقا وكذلك الاغشية المخاطية لما قد يكون فيها من جروح او علامات مرضية او وشم او ندب وغير ذلك مما له قيمة فى الاستعراف او معرفة سببب الوفاة او وقتها او مكانها وعند وجود اى من هذه الاثار يجب العناية بوصفها وصفا كاملا مبينا به موضعها بالضبط وابعادها بالقياس لا بالتقريب ويجب العناية بالوصف العيانى للجروح بدلا من ان تعين انواعها فلا يقال وجدنا جرحا رضيا او خزيا او ناريا مثلا بل يقال وجدنا جرحا مشرذم الحوافى غير منتظم الزوايا محاط بسحجات شكلها كذا وكدمات شكلها كذا وعددها كذا وحوافيه متصلة بمعاير نسجية او يقال وجدنا جرحا مستدير الشكل تقريبا به فقد جوهرى ابعاده 1سم × 7.5مليمتر محاط بوشم اسود اللون فى مساحة دائرية قطرية ثلاثة سنتيمترات وحوافى الجرح مقلوبة المداخل ويحيط به حلقة رفيعة من التلون الداكن عرضها 2-3مليمتر اما وصف الجرح بأنه نارى او وخزى او رضى فيجب ان لايذكر فى صلب التقرير اذا ان ذلك الوصف استنتاج شخصى من الطبيب المشرح مبنى على علامات خاصة رآها ، ولذلك يجب ابقاء هذا الوصف الى نتيجة التقرير بعد ذكرها العلامات التى راها الطبيب فى الجرح فى صلب التقرير.
ثانيا : تشريح الرأس
حسن البدء بتشريح الرأس قبل الرقبة حتى لايصفى الدم من المخ (اذا فتحت الرقبة وقطعت اوردتها قبل فحص المخ ) وبذلك قد يظهر كأنه باهت اما اذا فتحت الرأس اولا فإن المخ يرى بحالته التى كان عليها عند الموت .
تقطع الفروة قطعا مقوسا ممتدا من خلف الاذن اليمنى الى خلف الأذن اليسرى ، ثم تنزع الفروة بما فى ذلك العضلات الصدغية من العظم اماماوخلفا ثم تفتح الجمجمة بالمنشار الكهربائى ( او المنشار اليدوى) فى خط دائرى يدور حول القبوة فى مستوى اعلا الحاجبين بحوالى سنتيمترين مع الاحتياط لعدم قطع الأم الجافية عند النشر ثم ترفع بمساعدة القبوة بمساعدة الازميل او يد المشرط مستعملة كعتلة ثم يفحص سطح الأم الجافية الخارجية - يفتح المشبر السهمى العلوى فتحا طوليا بالمقص أو المشرط وبفحص تجويفه لوجود خثرات حيوية ( لهذه الخثرات اهمية فى حالة وجود نزف تحت الأم الجافية اذ ربما نشأ النزف عن انسداد المشبر التخثرى دون وجود أى اصابة ) ثم تقطع الجافية قطعا دائريا مقابلا لنشر العظم ويكشف المخ ويفحص ثم يرفع جزؤه الامامى باليد اليسرى وتقطع الاعصاب المتفرعة منه من الامام الى الخلف وتقطع الخيمة المخيخية عند اتصالها بالعظم الصدغى وبقطع النخاع المستطيل عند اتصاله بالنخاع الشوكى ثم يخرج المخ لفحصه خارج الرأس ( ويحسن ان يؤجل ذلك يوما أو يومين يوضع فيها المخ فى الفورمالين كى يتماسك قوامه ) - ثم تنزع الجافية من قاع الجمجمة ليمكن فحص العظم فحصا دقيقا لوجود أى كسر أو اصابة .
أما فحص المخ فيجب ان يشمل فحصا عيانيا من الخارج مع العناية بفحص السطح السفلى والاوعية به ( الاوعية المخية الطبيعية تظهر منطقة الجدر اما الاوعية المتصلة فتظهرمتفتحة الفوهات ) ثم يقع المخ اما قطعا طوليا فى الخط المتوسط او قطعا مستعرضا من الامام للخلف وفى حالة قطعه طوليا يعاد تقطيع كل نصف تقطعيا عموديا غير كامل الى شرائح سمكها سنتيمتر واحد أو اثنين وبذلك تفحص كل اجزاء المخ والمخيخ فحصا دقيقا لاى مظهر مرضى أو اصابى .
ثالثا : تشريح الرقبة
ترفع الرقبة بكتلة خشبية توضع خلفها ثم يشق جلد الجثة شقا طوليا يمتد من منتصف الفك الاسفل الى اعلا العظم العانى ثم يسلخ جلد الرقبة حتى الجانبين وتفحص عضلات الرقبة وانسجتها تحت الجلدية فحصا دقيقا ثم تفصل العضلتان الخشائيتان القصبيتان من اعلا واسفل فتكثف الاوعية الساتية والغدة الدرقية وعضلات الحنجرة ثم تعرى الحنجرة والقصبة الهوائية وتفحص كل هذه الانسجة وعندئذ يفتح الفم ويجذب اللسان الى أعلا والخلف ويقطع قاع الفم حول السطح الداخلى للفك الاسفل بإدخال سن المشرط فى الوسط وتمريره حول سطح الفك يمينا ويسارا ثم يجذب اللسان من تحت الفك الاسفل ويقطع جدار البلعوم الخلفى ويشرح البلعوم والمرئ والحنجرة والقصبة الهوائية وتفصل من العمود الفقارى الى محاذاة فتحة الصدر – ويحسن تأجيل فتح البلعوم والحنجرة الى ما بعد فتح الصدر .
رابعا : تشريح الصدر
يرفع الجلد والعضلات من سطح الصدر الامامى الى الجانبين ويمكن أن يساعد على ذلك قطع عضلات البطن من عند اتصالها بحافة الصدر السفلى ثم تقطع الغضاريف الضلعية قرب اتصالها بالضلوع من اعلا الى اسفل فى اتجاه مائل من الداخل للخارج ثم يفصل الحجاب الحاجز من اتصاله بالقص والضلوع ويرفع عظم القص والغضاريف حتى يرى الضلع الاول فيقطع غضروفه ويقطع المفصل القصى الترقوى من الجهتين وبذلك تعرى محتويات الصدر فتفحص فى موضعها فحصا دقيقا يشمل التامور والقلب والرئتين - وفى حالة الاشتباه فى وجود انحذاف هوائى رئوى يشرح القلب فى موضعه قبل فصله من الرئتين ، وفى الحالة الاولى قد تحتاج الى ملئ تجويف التامور بالماء قبل فتح القلب لتمكن من رؤية فقاعات الهواء وهى تخرج من تحت الماء مؤكدة الانحذاف الهوائى .
ثم تخرج كل رئة خارج الصدر باليد وتفحص الرئتان من جميع نواحيها كما تفحص تجاويف البلورة فى الجانبين ، ثم يقبض على الحنجرة والمرئ باليدين ويشد عليهما الى اسفل حتى تنزع احشاء الصدر معها الى ان تصل لأعلا الحجاب الحاجز حيث يربط المرئ عند دخوله للبطن ويقطع اعلا الرباط وبذلك تفصل كل احشاء الصدر وانسجة الرقبة وتخرج خارج الجثة حيث كل جزء منها على حده .
توضع هذه الاحشاء على سطحها الامامى وفتح المرئ والبلعوم طوليا فيفحص داخله ثم تشق الحنجرة والقصبة الهوائية من اعلا لاسفل الى تفرع القصبة الى شعبتيها ويفحص داخلها وفى حالة اشتباه كسر بالعظم اللامى او الغضاريف الحنجرية يجب عدم محاولة حبس هذه الاجزاء باليد بل يجب تشريحها وتنظيفها من العضلات وتفحص بالنظر.
ثم تفصل كل رئة على حدة بعد ذلك وتقطع طوليا من القمة للقاعدة وتفحص من الداخل كما فحصت من الخارج ، وفى حالة الاشتباه فى وجود انسداد شعبى يجب فتح الشعب الرئيسية وفروعها بالقص وتتبعها مسافة فى كل رئة على حدة.
ثم يفحص القلب جيدا من الخارج وبفتح الاذين الايمن مع الوريدين الاجوفين يشق واحد ثم يفتح البطين الايمن يشق واحد يصل من فتحة الشريان الرئوى الى قمة القلب ويغسل داخل التجويفين وتفحص الصمامات جيدا – ثم يفتح الاذين الايسر مع الاوردة الرئوية ثم يفتح البطين الايسر مع الوتين (الاورطة ) يشق واحد ثم يغسل داخل التجاويف وتفحص الصمامات وبطانة الاورطة وفتحتى الشرايين التاجية ثم تشق الصمامات الاذينية البطنية اليسرى واليمنى لنفحص فحصا جيدا – ثم تشق الشرايين التاجية بمقص من اول الفتحة فى الاورطة الى نهايتها وتفرعاتها الكثيرة ويمكن الاستعاضة عن هذه الطريقة ( التى قد تحرك خثرة دموية من هذه الشرايين امام المقص) بتقطيع الشرايين قطوعا مستعرضة متوازية متقاربة بطول مسارها فى عضلات القلب ، وهذه الطريقة الاخيرة افضل وان كانت قد تفشل فى اظهار الخثرات الصغيرة التى لاتمر بها القطوع المتتالية اى اذا كان موضع الخثرة بين قطعين متتالين.
خامسا : تشريح البطن
يوسع الشق البطنى بقطع العضلة المستقيمة البطنية من اتصالها بعظم العاتة وابعاد جانبى الشق كل الى ناحيته ثم تفحص الاحشاء البطنية عيانيا فى مواضعها – برفع الثرب مع القولون المستعرض الى أعلا ثم يربط حول اتصال المعى الدقيق بالاثنى عشر برباطين مستعرضين وبقطع بينهما ثم يفصل للمعى الدقيق بقطع مساريقاه من اعلا لاسفل حتى اتصاله بالاعور وبفحص السطح الخارجى المعى الدقيق بالنظر والحبس وقت فصله - ثم يقطع البريتون حول الأعور ويفصل مع القولون الصاعد من اسفل الى اعلا ثم يقطع مساربقا القولون المستعرض ثم مساربقا القولون النازل الى المستقيم حيث يربط برباط يقطع المستقيم أسفله ، وبذلك يفصل المعى الدقيق والغليظ ويوضع فى طبق نظيف حيث يفتح بالمقص وتفحص محتوياتها ثم تغسل جيدا ويفحص الغشاء المخاطى فى كل طول الامعاء .
يستخرج الطحال وتقطع اتصالاته من الخلف وكذلك اتصال البنكرياس ثم يوزن كل منهما على حدة ويقطعا قطعا واحدا طوليا وبفحص سطحهما المقطوع .
ثم تشد الكبد الى أسفل وتشرح اتصالاتها الخلفية والجانبية ثم تستخرج مع المعدة والاثنى عشر كتلة واحدة لتشريحها خارج البطن وذلك افضل من فصل المعدة وحدها والكبد وحده ، إذا أن فصل الاثنى عشر من الكبد يقطع القناة المرارية العامة فتسقط منها أى حصوات أو انسدادات قد تكون ذات علاقة هامة بالوفاة ولذلك يحسن إبقاء الاحشاء متصلة حتى تفتح المعدة والاثنى عشر بشق واحد حول انحنائها الاصغر وتفحص محتوياتها ثم غشاؤها المخاطى .
ثم تفحص قتحة قناة المرارة فى الاثنى عشر وتفتح القناة حتى الكبد وكذلك يفتح كيس المرارة ويفحص .
تفصل المعدة والاثنى عشر من الكبد الذى يوزن وبفحص سطحه الخارجى ثم يقطع قطوعا طولية من اعلا لاسفل على مسافة سنتيمترين تقريبا وتفحص كل هذه الشرائح الكبدية .
ثم تشرح الكلوة اليسرى مع الحالب الى المثانة وكذلك يفعل باليمنى ثم تشرح المثانة مع البروستاتا فى الذكر ومع المهبل والرحم فى الانثى وبذلك يستخرج المسلك البولى والتناسلى خارج الجثة حيث تشق كل كلوة شقا طوليا عند السطح المجذب الى اتجاه الحوض ثم تنزع محفظتها بالجفت المسنن ويفحص سطحها الخارجى ثم يشق الحالب بالمقص الى المثانة التى تفتح بشق طولى يفتح البال ايضا وتفحص كل هذه الاماكن فحصا دقيقا - وفى الانثى يفتح المهبل من اسفل الى اعلى وكذلك يفتح عنق الرحم والرحم بشق واحد طولى ثم تفحص المبايض والبوقين ويشق كل مبيض لفحص داخله . ثم يفتح المستقيم ويفحص داخله وغشاؤه المخاطى
ثم يفحص تجويف الحوض والبطن واجسام الفقارات القطنية والعجزية وعظام الحوض .
وإذا احتاج الامر فحص النخاع الشوكى يشق الجلد شقا طوليا فى منتصف الظهر وتشرح العضلات خلف الفقرات حتى يعرى العظم الذى ينشر حول الشواخص الشوكية من الجانبين بمنشار خاص ثم ترفع العظام المفصولة وتفحص الجافية حول النخاع والاعصاب الشوكية وهى خارجة منها ثم يستخرج النخاع وسحاياه بعد تقطيع الاعصاب الشوكية واتصالات الجافية - ثم تفتح الجافية بالمقص وبفحص سطح العنكبوتية ويقطع النخاع قطوعا مستعرضة بينها حوالى سنتيمتران لفحص داخله .
سادسا : تشريح الاطراف
إذا وجدت كسور أو إصابات أو أى علامات ظاهرة بالاطراف فيجب الشق عليها والكشف على الانسجة العضلية حولها ، وكذلك عند إشتباه اصابة الاوعية الدموية بأى مرض او غيره فإنه يجب الشق على هذه الاوعية وتشريحها وفحصها من الخارج ثم فتحها وفحص تجاويفها وقد يحتاج الامر فحص العظام فى الاطراف وعندئذ يعرى العظم المطلوب ثم ينتشر بالعرض او بالطول حسب الحالة .
سابعا : الفحص المجهرى
يجب دائما اخذ قطع او عينات من الاحشاء البطنية والصدرية وبعض الانسجة ، ثم توضع العينات فى محلول فورمالين 10% فى الماء وترسل الىمعمل حيث تعد ثم تقطع وتفحص مجهريا .
وفى حالة وجود جروح أو أذيات بأى موضع فى الجسم يجب اخذ عينات من هذه الاماكن لفحصها مجهريا فقد يصعب تقدير عمر الجروح بغير هذا الفحص المجهرى .
ثامنا : الفحص البكتيرى
يجب العناية دائما بأخذ عينة من الدم من القلب وهو مازال فى الجثة قبل اجراء اى تشريح وذلك بفتح تجويف التامور ثم تعقم نقطة من سطح البطين الايمن بلمسها بطرف جفت او مشرط محمى فى النار ثم تغرز ابرة طويلة معقمة فى هذا المكان وتؤخذ عينة من الدم بالحقنة واذا لم يمكن الحصول على كمية كافية من الدم من البطين فتؤخذ من الاذين الايمن بنفس الطريقة السابقة .
ثم توضع هذه الكمية فى أنبوبتين معقمتين احدهما فارغة وتستعمل لتحديد فئة الدم والاخرى بها مزرعة للبكتريا التى يشتبه فى وجودها فى الدم حسب نوع البكتريا.
وكذلك يجب اخذ عينات للفحص البكتيرى من اى التهاب او تقيح لمعرفة الميكروب وبخاصة فى حالات الالتهاب البريتونى او السحائى او البلورى او افرازات المبال وغير ذلك ، ويجب دائما اخذ هذه العينات بطريقة معقمة والا اصبحت بلا فائدة .
تاسعا : الفحص الكيماوى
يمكن اجراء فحوص كيماوية حيوية على البول والدم لقياس كميات مركباته ففى حالات الاشتباه فى الغرق تؤخذ عينة من دم كل من البطين الايسر والايمن وتقدر كمية الكلوريد فى كل عينة - وكذلك فى حالات الاشتباه فى التسمم الكحولى يمكن أخذ عينة من البول والدم لتقدير كمية الكحول فيهما .
ويمكن الاستعانة بكمية الجلوكوز والبولينا والكرياتنين فى السائل النخاعى لتقدير المدة التى مضت على الوفاة .
عاشرا : التحليل السمومى
فى الحالات التى يشتبه فيها ان يكون التسمم سببا للوفاة يجب اخذ عينات من الاحشاء والسوائل الجسيمة للتحليل السمومى وتحفظ العينات فى اوعية زجاجية نظيفة تقفل بأحكام وتختم بالشمع الاحمر ثم توضع جميع الاوعية فى صندوق بطريقة تمنع كسرها عند النقل ويختم الصندوق بالشمع الاحمر ايضا ويثبت به ورقة مبينا عليها بيانات عن الحالة ونوع المحتويات وعددها المرسل – وتسلم هذه الصناديق عادة المعامل الكيماوية فى مصلحة الطب الشرعى بالقاهرة او الاسكندرية او اسيوط عن طريق النيابة – ويجب عدم وضع أى كحول أو سائل غيره على هذه الاحشاء إلا فى الحالات التى ترسل فيها من مكان بعيد لايمكن وصولها منه للمعامل إلا بعد وقت طويل يخشى من تحلل الاحشاء فيه وعندئذ يجوز وضع الاحشاء فى كمية من الكحول النقى ويجب وضع كمية من هذا الكحول فى وعاء اضافى وحدها وارسالها للمعامل مع الاحشاء فى نفس الصندوق لتكون رقيبا على نتيجة التحليل .
ويجب ان يكون ارسال العينات للتحليل السمومى قائما على اشتباه حقيقى فى التسمم وليس لمجرد عدموجود سبب واضح للوفاة عند التشريح وتختلف الاحشاء التى ترسل للتحليل السمومى تبعا لنوع السم المشتبه فيه ولكن فى معظم الحالات يجب ان تشتمل الاحشاء على الاتى :
أ. المعدة بمحتوياتها جميعا وتوضع فى وعاء مستقل بعد فتحها وفحصها عيانيا.
ب. الكبد او جزء منه مع كمية من الدم .
ج. قطعة من المعى الدقيق واخرى من المعى الغليظ .
د. الكلوتان والحالبان .
هـ. المثانة وما فيها من البول .
و. القئ ان وجد او عينات من الاكل او الشراب او المواد المنسوب حصول التسمم لها .
وفى بعض الحالات قد ترسل عينات من العضام او الجلد او الشعر والاظافر وغير ذلك تبعا لحالة التسمم ونوع السم .
ويجب ان يرفق بطلب التحليل بيان بنوع السم المشتبه وملخص للاعراض الحيوية ووقت ظهورها ووقت الوفاة والعلامات الداعية للاشتباه فى التسمم وكذلك بيان عن أى أدوية تناولها المتوفى قبل الوفاة .
وترسل نتائج التحليل السمومى للطبيب المشرح عادة لتقييمها استخلاص مايراه من رأى بالنسبة للحالة وهل هى تسمم من عدمه وكيف نشأ التسمم وهكذا – وفى بعض الحالات قد يكون ابداء الرأى من اصعب الامور، ويجب ان يعرف ان مجرد وجود اى نوع من المواد السامة فى التحليل لايكفى للدلالة على حصول الوفاة من التسمم بهذا النوع ، كما ان عدم وجود مواد سامة فى التحليل لاينفى حصول الوفاة بالتسمم ، ولذلك يجب قبل ابداء الرأى فى هذا الموضوع دراسة النواحى الكيماوية لسم المشتبه او الموجود بالتحليل ، فالزرنيخ مثلا قد يوجد فى الجثة بعد سنين من الوفاة فى حين ان حامض السانور لايمكن العثور عليه بعد الوفاة ببضعة ايام - وكذلك يجب معرفة هل يوجد هذا النوع من المواد فى الجسم الانسانى عادة ولو على صورة غير سامة ، فالفسفور مثلا سم قاتل ولكنه يتحول فى الجسم الى املاح الفسفات التى توجد طبيعيا فى الجسم ، وعلى ذلك لايمكن معرفة التسمم من الفسفور مالم يوجد بحالته هذه فى المعدة او الاحشاء ، وكثيرا مالايوجد وبخاصة والموت من الفسفور يكون عادة بعد مدة تصل الى بضعة أيام بعد تناوله .
وكمية السم التى توجد فى الجسم بالتحليل يجب ان تدرس بعناية ، مع ملاحظة أن كثير من السموم لاتختفى من الجسم بسهولة مثل الزرنيخ مثلا وعلى العكس من ذلك فإن بعض السموم تختفى بسهولة وعندئذ قد توجد كمية صغيرة منها مما يشكك فى انها كانت سببا للوفاة نظرا لقتلها عن الكمية القاتلة لهذا النوع من السم ، ويجب عند ابداء الرأى فى مثل هذه الامور دراسة العوامل المختلفة التى تدخل فى الاعتبار مثل سرعة امتصاص هذا السم وسرعة اخراجه وعمرالمصاب وجنسه وحالته الصحية وغير ذلك من العوامل الهامة .