العود ظرف مشدد للعقوبة ، وهو ظرف عام يتسع نطاقه لجميع الجرائم ، كما وأنه ظرف شخصي يتعلق بشخص فاعله والخاص بجرائم معينة ، وتطبيقه في مجال جرائم التدليس والغش يتطلب شروطا خاصة بالإضافة إلى الشروط العامة في قانون العقوبات ، وهى على النحو الآتي :
أولا : صدور حكم بات في إحدى جرائم التدليس والغش والجرائم المماثلة بعقوبة أصلية مقررة في القانون ، وأن يكون هذا الحكم سابقا ، ويظل قائما إلى حين اقتراف الجريمة التالية .
ثانيا : اقتراف المتهم جريمة من جرائم التدليس والغش والجرائم المماثلة ، على أن تكون مستقلة عن الجريمة السابقة التي صدر بشأنها الحكم البات ، ذلك أنها لا يعتد بسوابق جرائم التدليس والغش والجرائم المماثلة لها في مقام غيرها من الجرائم لانتفاء التماثل .
والمقصود بتماثل الجرائم في حالة العود في مفهوم المادة العاشرة ، وفي إطار القاعدة العامة الواردة في المادة 49 من قانون العقوبات أن تكون الجريمة السابقة مماثلة للجريمة الحالية حقيقة لوحدة العناصر القانونية المكونة لكل منهما أو على الأقل أن يكون التماثل حكما في الغرض من مقارفة كل منهما من ناحية تحقيق هدف خداع المتعاقد أو الغش في السلطة أو الإنتاج بالمخالفة للمواصفات القياسية .
وكما يتحقق التماثل في الجرائم في حالة العود في مفهوم الفقرة الأولى من المادة العاشرة من القانون 48 لسنة 1941 المعدلة بالقانون 281 لسنة 1994 بشأن قمع التدليس والغش ، والمادة 49 من قانون العقوبات ، يتحقق أيضا التماثل في الجرائم في حالة العود على مقتضى أحكام الفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون 281 لسنة 1994 بشأن قانون التدليس والغش ، وقانون العلامات والبيانات التجارية وقانون الوزن والقياس والكيل وغيرها من القوانين الخاصة بالتدليس والغش
بمعنى اعتبار الجرائم الواردة في قوانين قمع التدليس والغش بصريح النص متماثلة في تطبيق أحكام العود ، وذلك لخطورة الغش وآثاره السيئة على المجتمع والمواطنين فضلا عن خطورة شخصية الجاني في حالة العود إلى مقارفة جرائم التدليس والغش جعل السبيل أمام لمشرع لمكافحتها بتشديد العقوبة . (إبراهيم المنجي - ص599 وما بعدها - المرجع السابق)
وقد قضت محكمة النقض بأن : أن المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع الغش والتدليس تجري بأنه " مع عدم الإخلال بأحكام المادتين 49 ، 50 من قانون العقوبات يجب في حالة العود الحكم على المتهم بعقوبتى الحبس ونشر الحكم أو لصقه ، وتعتبر الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والجرائم المنصوص عليها في قانون العلامات والبيانات التجارية ، والمادة 13 من القانون رقم 31 لسنة 1939 للموازين والمكاييل وكذلك الجرائم المنصوص عليها في أى قانون آخر خاص بقمع الغش والتدليس متماثلة في العود" ، وإذن فإنه يكون لزاما على المحكمة أن تقضي بعقوبة الحبس ونشر الحكم أو لصقه تطبيقا للمادة السالفة الذكر على المتهم في جريمة غش اللبن الذي سبق الحكم عليه في جريمة غش مكيال ، فإذا هى اقتصرت على معاقبته بالغرامة فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون " .
وقد لا يتحقق التماثل في الجرائم في حالة العود بين جرائم التدليس والغش والجرائم التموينية المختلفة وجرائم التسعير الجبري وجرائم ذبح الحيوانات وسلخ وحفظ اللحوم ومخالفة قانون المحال العامة الصناعية والتجارية . (الطعن رقم 1740 لسنة 20ق نقض 16/1/1951) وبأنه " جريمة ذبح لحوم خارج السلخانة ليست مماثلة لجريمة الغش ، وإذن فإذا كان الحكم قد اعتبر المتهم بالجريمة الثانية عائدا لسبق الحكم عليه في الجريمة الأولى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون " (الطعن رقم 533 لسنة 25ق نقض 24/12/1955)
ولقاضي الموضوع السلطة في تقدير العقوبة الملائمة للحالة المعروضة عليه وفقا للضوابط السابقة ، ولا يلتزم ببيان الأسباب التي جعله يستعمل سلطته على نحو معين متى لو ذهب إلى توقيع الحد الأقصى أو الأدنى للعقوبة ، فهو في نطاق سلطته طالما لم يجاوز الحدود التي قيدها القانون بها ، ومن ثم ليس لمحكمة النقض رقابة على قاضي الموضوع في استعماله هذه السلطة إلا من حيث التزامه الحدود الموضوعة لها والتي تتمثل في نوع العقوبة وحديها الأدنى والأقصى . (محمود نجيب حسني ص851)
وقد قضت محكمة النقض بأن : تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أدفعت العقوبة بالقدر الذي رأته ، وليس في القانون ما يلزمها بأن تتقيد بالحد الأدنى الذي يستتبعه تطبيق المادة 17 عقوبات إن هى أعملتها . (الطعن رقم 941 لسنة 36ق نقض 20/6/1966) وبأنه " أن مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة السجن بعقوبة الحبس الذي لا يجوز أن تنقضي مدته عن ثلاثة أشهر ، ومن المقرر أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة " (نقض 28/2/1977 الطعن رقم 1173 لسنة 46ق) وبأنه " مقتضى تطبيق المادة (17) من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها ، لم هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رافة القضاة " (الطعن رقم 216 لسنة 50ق نقض 19/5/1980)
وقضت محكمة النقض أيضا بأن : أن نص المادة 50 من قانون العقوبات صريح في أن العائد في الجرائم المبينة بها لا يستحق عقوبة الأشغال الشاقة المنصوص عليها إلا إذا كانت الجريمة الأخيرة التي ارتكبها جريمة تامة لا مجرد شروع ، فإن كانت الجريمة الأخيرة شروعا في إحدى الجرائم المبينة بتلك المادة امتنع تطبيقها وأمكن عندئذ تطبيق المادة الأولى من القانون رقم 5 لسنة 1908 بشأن المجرمين المعتادين على الإجرام إذا توفرت شروطها . (الطعن رقم 1394 لسنة 4ق جلسة
11/6/1934) وبأنه " أنه وإن كان حكم المادة 50 من قانون العقوبات لا يتناول حالات الشروع في الجرائم المبينة بها إلا أن المادة الأولى من القانون رقم 5 لسنة 1908 الخاص بالمجرمين المعتادين على الإجرام صريحة في اعتبار وقائع الشروع في الجرائم المنصوص عليها في المادة 50 عقوبات متى كان مرتكبها عائدا في حكم هذه المادة " (الطعن رقم 1974 لسنة 7ق جلسة 22/11/1937) وبأنه " إذا كانت حالة المتهم بسرقة تنطبق على المادة الأولى من قانون المجرمين المعتادين على الإجرام ولكن المحكمة مع ذلك رأت الاكتفاء بتوقيع العقوبة الواردة في المادة 274 من قانون العقوبات (قديم) على فعلته ، وأجملت سوابقه ولم تعن ببيانها ، فذلك لا يعيب الحكم " (الطعن رقم 547 لسنة 8ق جلسة 31/1/1938) وبأنه " يشترط لاعتبار المتهم عائدا في حكم المادة 51 عقوبات (أولا) أن يكون عائدا بمقتضى القواعد العامة الواردة في المادة 49 ، (ثانيا) أن يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبتين مقيدتين للحرية كلتاهما لمدة سنة على الأقل أو بثلاث عقوبات مقيدة للحرية إحداهما لمدة سنة على الأقل في سرقات أو في إحدى الجرائم التي بينتها المادة 51 المذكورة ، وذلك بصرف النظر عن تاريخ صدور تلك الأحكام ، (ثالثا) أن يرتكب جنحة مماثلة مما نص عليه فيه ، فمن تتوافر فيه هذه الشروط يعتبر عائدا طبقا لهذه المادة ولو كانت العقوبة الأخيرة المحكوم بها عليه ، والتي اعتبر عائدا من أجلها ليست في سرقة أو في جريمة أخرى مماثلة لها ، إذ أن هذه المماثلة ليست ضرورة في حالة العود طبقا للمادة 49/2 عقوبات " (الطعن رقم 1275 لسنة 8ق جلسة 4/4/1938) وبأنه " إذا كانت السابقة التي أوخذ بها الطاعن هى جناية ، وحكم عليه فيها بعقوبة الجناية فمثل هذه السابقة لا تسقط بمضى المدة ولا يهم إذن ذكر تاريخها في الحكم لأن مرتكبها يعتبر عائدا طبقا للفقرة الأولى من المادة 48 مهما تراخى الزمن بين الحكم الصادر بها والجريمة الجديدة " (الطعن رقم 21 لسنة 4ق جلسة 30/4/1938) وبأنه " متى كان قد سبق الحكم على المتهم بسرقة أكثر من عقوبة مقيدة للحرية في سرقات ونصب ، وكانت آخرها بالأشغال الشاقة ، فإنه يكون عائدا في حكم المادة 51 من قانون العقوبات ، ويكون الحكم بإرساله إلى المحل الخاص ليسجن فيه حتى يأمر وزير العدل بالإفراج عنه طبقا للمادة 52 من القانون المذكور صحيحا ، وذلك مهما كان تاريخ الحكم عليه بالأشغال الشاقة ، لأن سبق توقيع هذه العقوبة عليه يجعله عائدا مهما طال أمد الحكم عليه بها " (الطعن رقم 700 لسنة 12ق جلسة 16/2/1942) وبأنه " أن القانون لا يوجب على القاضي أن يغلظ العقاب بمقتضى مواد العود على المتهم العائد ، بل ترك أمر ذلك لتقدير المحكمة على حسب ظروف كل دعوى وملابساتها ، وكذلك لم يحظر القانون وقف تنفيذ العقوبة بالنسبة للمتهم العائد أو الذي سبق الحكم له بوقف التنفيذ بل أجاز ذلك ، وإذن فلا تثريب على المحكمة إذا هى قالت أن المتهم عائد ، ومع ذلك لم تطبق عليه مواد العود ، ثم أمرت بوقف تنفيذ العقوبة التي أوقعها عليه على الرغم من سبق الحكم له بوقف التنفيذ " (الطعن رقم 531 لسنة 13ق جلسة 15/2/1943) وبأنه " إذا كان الظاهر من صحيفة سوابق المتهم أنه سبق الحكم عليه بالحبس لمدة سنة بتاريخ 21 سبتمبر سنة 1938 من أجل جريمة دخول في منزل بقصد ارتكاب جريمة فيه ، وكانت جريمة السرقة المطلوبة محاكمته من أجلها قد وقعت في 21 ديسمبر سنة 1942 أى قبل مضى خمس سنين من تاريخ انقضاء تلك العقوبة فإنه يكون عائدا طبقا للفقرة الثانية من المادة 49 ع ، وإذا كان الثابت بالصحيفة المذكورة أن المتهم سبق الحكم عليه أيضا بتسع عقوبات مقيدة للحرية في سرقات وشروع فيها وخيانة أمانة اثنتان منها بالحبس لمدة سنة مما يكون معه عائدا في حكم المادة 51ع ، فإنه إذ كان العائد طبقا لهذه المادة يجوز الحكم عليه بمقتضاها وبمقتضى المادة 52 من قانون العقوبات بعقوبة الجناية يكون من الواجب على قاضي الإحالة أن يأمر بإحالة هذا المتهم إلى المحكمة المختصة بنظر الدعوى باعتبارها جناية فإذا هو لم يفعل فإن الأمر الصادر منه باعتبار الواقعة جنحة يكون خاطئا متعينا نقضه " (الطعن رقم 1171 لسنة 13ق جلسة
10/5/1943)
" غلــق المنشــأة :
اختلف الفقه حول الطبيعة القانونية لغلق المنشأة فمن الفقه من ذهب إلى أن جزاء الغلق ليس في الحقيقة عقوبة ، بل من التناقض اعتباره كذلك ، وإنما هو إجراء من إجراءات الوقاية أو الأمن يقصد به إزالة حالة يعتبر القانون استمرارها خطرا على المجتمع ، وأن إغلاق المنشأة هو تدبير احترازي موجه لوضع نهاية لنشاط المنشأة التي تمثل خطورة على المجتمع وللحيلولة دون وقوع الجرائم من جديد . (الدكتور / عمر رمضان - مجلة القانون والاقتصاد)
وذهب رأى آخر إلى أن التطبيق العملي يثبت أن الغلق عقوبة فعالة في إزالة الاضطراب الذي أحدثته الجريمة ، ومنع تكرارها في المستقبل فضلا عن أنها تحقق العدالة وتعيد التوازن بين المراكز الاقتصادية للمنشآت المتشابهة ، ولذلك تستعين كافة القوانين بالغلق لمكافحة الجرائم الاقتصادية ، وفي نفس الوقت تقيده بما يدرأ عيوبه . (الدكتور / محمود محمود مصطفى)
واتجه رأى ثالث إلى أن جزاء الإغلاق ذا طبيعة مزدوجة ، عقوبة وتدبير ، فهو يتسم بطبيعة العقوبة نظرا للأثر المؤلم الذي يحدثه بالذمة المالية للمحكوم عليه ، سواء كان مالكا أم مديرا لها ، كما يعد تدبيرا وقائيا لاستهدافه حماية المجتمع من مخاطر المنشأة غير المشروعة في ذاتها أو من مخاطر القائمين عليها في حالة مشروعيتها نتيجة اتجاههم إلى ارتكاب جرائم باسمها ، مع تغليب الطابع الوقائي على الطابع العقابي ، لاستهدافه وقف نشاط المنشأة دون أيلولتها إلى الدولة فضلا عن أن الدولة لا تلجأ إليه إلا إذا كانت المنشأة في ذاتها محلا لحالة خطرة . (الدكتور / محمود عثمان الهمشري - رسالة دكتوراه - المسئولية الجنائية عن فعل الغير ص363)
وقد استقر القضاء على أن غلق المنشأة ليس عقوبة من العقوبات الواجب توقيعها ، وإنما هو في حقيقته لا يعتبر عقوبة بحتة ، وإنما يعد من التدابير الوقائية.
وقد قضت محكمة النقض بأن : أن القانون إذ نص على إغلاق المحل الذي وقعت فيه المخالفة ، لم يشترط أن يكون مملوكا لمن تجب معاقبته على الفعل الذي ارتكب به ، فلا يعترض على ذلك بأن العقاب شخصي ، لأن الإغلاق ليس عقوبة مما يوجب توقيعها على من ارتكب الجريمة دون غيره ، وإنما هو في حقيقته من التدابير الوقائية التي لا يحول دون توقيعها أن تكون آثارها متعدية إلى الغير ، ولا يجب اختصام المالك في الدعوى عند الحكم بالإغلاق ، متى كان الحكم قد صدر على أساس أن مرتكب الجريمة في المحل المحكوم بإغلاقه ، إنما كان يباشر أعماله فيه بتكليف من صاحبه . (نقض 22/12/1947 مجموعة القواعد القانونية ج7 رقم 469 ص436) وبأنه " عقوبة إغلاق المحل المنصوص عليها في المادة 18 من القانون رقم 453 لسنة 1959 المعدل المحكوم بها في التهمة الأولى المسندة إلى المطعون ضده (إدارة محل صناعي أو تجاري بغير ترخيص) لا تعتبر عقوبة بحتى ، لأنها لم تشرع للعقاب أو الزجر ، وإن بدا أنها تتضمن معنى العقوبة ، وإنما هى في حقيقتها من التدابير الوقائية " (الطعن رقم 297 لسنة 51ق نقض 1/10/1981)
" إلغــاء رخصــة المنشــأة :
في حالة توافر شروط لعود مع تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات ، أنه يجوز القضاء بإلغاء رخصة المنشأة المخالفة لقوانين التدليس والغش ، ولا يخل إلغاء الرخصة بحقوق العمال قبل المنشأة ، إذ لازال المشرع حريصا على حقوق العمل والمزيد منها ، وبمعنى أدق توفير الحماية الجنائية للحقوق العمالية .
أولا : صدور حكم بات في إحدى جرائم التدليس والغش والجرائم المماثلة بعقوبة أصلية مقررة في القانون ، وأن يكون هذا الحكم سابقا ، ويظل قائما إلى حين اقتراف الجريمة التالية .
ثانيا : اقتراف المتهم جريمة من جرائم التدليس والغش والجرائم المماثلة ، على أن تكون مستقلة عن الجريمة السابقة التي صدر بشأنها الحكم البات ، ذلك أنها لا يعتد بسوابق جرائم التدليس والغش والجرائم المماثلة لها في مقام غيرها من الجرائم لانتفاء التماثل .
والمقصود بتماثل الجرائم في حالة العود في مفهوم المادة العاشرة ، وفي إطار القاعدة العامة الواردة في المادة 49 من قانون العقوبات أن تكون الجريمة السابقة مماثلة للجريمة الحالية حقيقة لوحدة العناصر القانونية المكونة لكل منهما أو على الأقل أن يكون التماثل حكما في الغرض من مقارفة كل منهما من ناحية تحقيق هدف خداع المتعاقد أو الغش في السلطة أو الإنتاج بالمخالفة للمواصفات القياسية .
وكما يتحقق التماثل في الجرائم في حالة العود في مفهوم الفقرة الأولى من المادة العاشرة من القانون 48 لسنة 1941 المعدلة بالقانون 281 لسنة 1994 بشأن قمع التدليس والغش ، والمادة 49 من قانون العقوبات ، يتحقق أيضا التماثل في الجرائم في حالة العود على مقتضى أحكام الفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون 281 لسنة 1994 بشأن قانون التدليس والغش ، وقانون العلامات والبيانات التجارية وقانون الوزن والقياس والكيل وغيرها من القوانين الخاصة بالتدليس والغش
بمعنى اعتبار الجرائم الواردة في قوانين قمع التدليس والغش بصريح النص متماثلة في تطبيق أحكام العود ، وذلك لخطورة الغش وآثاره السيئة على المجتمع والمواطنين فضلا عن خطورة شخصية الجاني في حالة العود إلى مقارفة جرائم التدليس والغش جعل السبيل أمام لمشرع لمكافحتها بتشديد العقوبة . (إبراهيم المنجي - ص599 وما بعدها - المرجع السابق)
وقد قضت محكمة النقض بأن : أن المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع الغش والتدليس تجري بأنه " مع عدم الإخلال بأحكام المادتين 49 ، 50 من قانون العقوبات يجب في حالة العود الحكم على المتهم بعقوبتى الحبس ونشر الحكم أو لصقه ، وتعتبر الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والجرائم المنصوص عليها في قانون العلامات والبيانات التجارية ، والمادة 13 من القانون رقم 31 لسنة 1939 للموازين والمكاييل وكذلك الجرائم المنصوص عليها في أى قانون آخر خاص بقمع الغش والتدليس متماثلة في العود" ، وإذن فإنه يكون لزاما على المحكمة أن تقضي بعقوبة الحبس ونشر الحكم أو لصقه تطبيقا للمادة السالفة الذكر على المتهم في جريمة غش اللبن الذي سبق الحكم عليه في جريمة غش مكيال ، فإذا هى اقتصرت على معاقبته بالغرامة فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون " .
وقد لا يتحقق التماثل في الجرائم في حالة العود بين جرائم التدليس والغش والجرائم التموينية المختلفة وجرائم التسعير الجبري وجرائم ذبح الحيوانات وسلخ وحفظ اللحوم ومخالفة قانون المحال العامة الصناعية والتجارية . (الطعن رقم 1740 لسنة 20ق نقض 16/1/1951) وبأنه " جريمة ذبح لحوم خارج السلخانة ليست مماثلة لجريمة الغش ، وإذن فإذا كان الحكم قد اعتبر المتهم بالجريمة الثانية عائدا لسبق الحكم عليه في الجريمة الأولى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون " (الطعن رقم 533 لسنة 25ق نقض 24/12/1955)
ولقاضي الموضوع السلطة في تقدير العقوبة الملائمة للحالة المعروضة عليه وفقا للضوابط السابقة ، ولا يلتزم ببيان الأسباب التي جعله يستعمل سلطته على نحو معين متى لو ذهب إلى توقيع الحد الأقصى أو الأدنى للعقوبة ، فهو في نطاق سلطته طالما لم يجاوز الحدود التي قيدها القانون بها ، ومن ثم ليس لمحكمة النقض رقابة على قاضي الموضوع في استعماله هذه السلطة إلا من حيث التزامه الحدود الموضوعة لها والتي تتمثل في نوع العقوبة وحديها الأدنى والأقصى . (محمود نجيب حسني ص851)
وقد قضت محكمة النقض بأن : تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أدفعت العقوبة بالقدر الذي رأته ، وليس في القانون ما يلزمها بأن تتقيد بالحد الأدنى الذي يستتبعه تطبيق المادة 17 عقوبات إن هى أعملتها . (الطعن رقم 941 لسنة 36ق نقض 20/6/1966) وبأنه " أن مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة السجن بعقوبة الحبس الذي لا يجوز أن تنقضي مدته عن ثلاثة أشهر ، ومن المقرر أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة " (نقض 28/2/1977 الطعن رقم 1173 لسنة 46ق) وبأنه " مقتضى تطبيق المادة (17) من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها ، لم هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رافة القضاة " (الطعن رقم 216 لسنة 50ق نقض 19/5/1980)
وقضت محكمة النقض أيضا بأن : أن نص المادة 50 من قانون العقوبات صريح في أن العائد في الجرائم المبينة بها لا يستحق عقوبة الأشغال الشاقة المنصوص عليها إلا إذا كانت الجريمة الأخيرة التي ارتكبها جريمة تامة لا مجرد شروع ، فإن كانت الجريمة الأخيرة شروعا في إحدى الجرائم المبينة بتلك المادة امتنع تطبيقها وأمكن عندئذ تطبيق المادة الأولى من القانون رقم 5 لسنة 1908 بشأن المجرمين المعتادين على الإجرام إذا توفرت شروطها . (الطعن رقم 1394 لسنة 4ق جلسة
11/6/1934) وبأنه " أنه وإن كان حكم المادة 50 من قانون العقوبات لا يتناول حالات الشروع في الجرائم المبينة بها إلا أن المادة الأولى من القانون رقم 5 لسنة 1908 الخاص بالمجرمين المعتادين على الإجرام صريحة في اعتبار وقائع الشروع في الجرائم المنصوص عليها في المادة 50 عقوبات متى كان مرتكبها عائدا في حكم هذه المادة " (الطعن رقم 1974 لسنة 7ق جلسة 22/11/1937) وبأنه " إذا كانت حالة المتهم بسرقة تنطبق على المادة الأولى من قانون المجرمين المعتادين على الإجرام ولكن المحكمة مع ذلك رأت الاكتفاء بتوقيع العقوبة الواردة في المادة 274 من قانون العقوبات (قديم) على فعلته ، وأجملت سوابقه ولم تعن ببيانها ، فذلك لا يعيب الحكم " (الطعن رقم 547 لسنة 8ق جلسة 31/1/1938) وبأنه " يشترط لاعتبار المتهم عائدا في حكم المادة 51 عقوبات (أولا) أن يكون عائدا بمقتضى القواعد العامة الواردة في المادة 49 ، (ثانيا) أن يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبتين مقيدتين للحرية كلتاهما لمدة سنة على الأقل أو بثلاث عقوبات مقيدة للحرية إحداهما لمدة سنة على الأقل في سرقات أو في إحدى الجرائم التي بينتها المادة 51 المذكورة ، وذلك بصرف النظر عن تاريخ صدور تلك الأحكام ، (ثالثا) أن يرتكب جنحة مماثلة مما نص عليه فيه ، فمن تتوافر فيه هذه الشروط يعتبر عائدا طبقا لهذه المادة ولو كانت العقوبة الأخيرة المحكوم بها عليه ، والتي اعتبر عائدا من أجلها ليست في سرقة أو في جريمة أخرى مماثلة لها ، إذ أن هذه المماثلة ليست ضرورة في حالة العود طبقا للمادة 49/2 عقوبات " (الطعن رقم 1275 لسنة 8ق جلسة 4/4/1938) وبأنه " إذا كانت السابقة التي أوخذ بها الطاعن هى جناية ، وحكم عليه فيها بعقوبة الجناية فمثل هذه السابقة لا تسقط بمضى المدة ولا يهم إذن ذكر تاريخها في الحكم لأن مرتكبها يعتبر عائدا طبقا للفقرة الأولى من المادة 48 مهما تراخى الزمن بين الحكم الصادر بها والجريمة الجديدة " (الطعن رقم 21 لسنة 4ق جلسة 30/4/1938) وبأنه " متى كان قد سبق الحكم على المتهم بسرقة أكثر من عقوبة مقيدة للحرية في سرقات ونصب ، وكانت آخرها بالأشغال الشاقة ، فإنه يكون عائدا في حكم المادة 51 من قانون العقوبات ، ويكون الحكم بإرساله إلى المحل الخاص ليسجن فيه حتى يأمر وزير العدل بالإفراج عنه طبقا للمادة 52 من القانون المذكور صحيحا ، وذلك مهما كان تاريخ الحكم عليه بالأشغال الشاقة ، لأن سبق توقيع هذه العقوبة عليه يجعله عائدا مهما طال أمد الحكم عليه بها " (الطعن رقم 700 لسنة 12ق جلسة 16/2/1942) وبأنه " أن القانون لا يوجب على القاضي أن يغلظ العقاب بمقتضى مواد العود على المتهم العائد ، بل ترك أمر ذلك لتقدير المحكمة على حسب ظروف كل دعوى وملابساتها ، وكذلك لم يحظر القانون وقف تنفيذ العقوبة بالنسبة للمتهم العائد أو الذي سبق الحكم له بوقف التنفيذ بل أجاز ذلك ، وإذن فلا تثريب على المحكمة إذا هى قالت أن المتهم عائد ، ومع ذلك لم تطبق عليه مواد العود ، ثم أمرت بوقف تنفيذ العقوبة التي أوقعها عليه على الرغم من سبق الحكم له بوقف التنفيذ " (الطعن رقم 531 لسنة 13ق جلسة 15/2/1943) وبأنه " إذا كان الظاهر من صحيفة سوابق المتهم أنه سبق الحكم عليه بالحبس لمدة سنة بتاريخ 21 سبتمبر سنة 1938 من أجل جريمة دخول في منزل بقصد ارتكاب جريمة فيه ، وكانت جريمة السرقة المطلوبة محاكمته من أجلها قد وقعت في 21 ديسمبر سنة 1942 أى قبل مضى خمس سنين من تاريخ انقضاء تلك العقوبة فإنه يكون عائدا طبقا للفقرة الثانية من المادة 49 ع ، وإذا كان الثابت بالصحيفة المذكورة أن المتهم سبق الحكم عليه أيضا بتسع عقوبات مقيدة للحرية في سرقات وشروع فيها وخيانة أمانة اثنتان منها بالحبس لمدة سنة مما يكون معه عائدا في حكم المادة 51ع ، فإنه إذ كان العائد طبقا لهذه المادة يجوز الحكم عليه بمقتضاها وبمقتضى المادة 52 من قانون العقوبات بعقوبة الجناية يكون من الواجب على قاضي الإحالة أن يأمر بإحالة هذا المتهم إلى المحكمة المختصة بنظر الدعوى باعتبارها جناية فإذا هو لم يفعل فإن الأمر الصادر منه باعتبار الواقعة جنحة يكون خاطئا متعينا نقضه " (الطعن رقم 1171 لسنة 13ق جلسة
10/5/1943)
" غلــق المنشــأة :
اختلف الفقه حول الطبيعة القانونية لغلق المنشأة فمن الفقه من ذهب إلى أن جزاء الغلق ليس في الحقيقة عقوبة ، بل من التناقض اعتباره كذلك ، وإنما هو إجراء من إجراءات الوقاية أو الأمن يقصد به إزالة حالة يعتبر القانون استمرارها خطرا على المجتمع ، وأن إغلاق المنشأة هو تدبير احترازي موجه لوضع نهاية لنشاط المنشأة التي تمثل خطورة على المجتمع وللحيلولة دون وقوع الجرائم من جديد . (الدكتور / عمر رمضان - مجلة القانون والاقتصاد)
وذهب رأى آخر إلى أن التطبيق العملي يثبت أن الغلق عقوبة فعالة في إزالة الاضطراب الذي أحدثته الجريمة ، ومنع تكرارها في المستقبل فضلا عن أنها تحقق العدالة وتعيد التوازن بين المراكز الاقتصادية للمنشآت المتشابهة ، ولذلك تستعين كافة القوانين بالغلق لمكافحة الجرائم الاقتصادية ، وفي نفس الوقت تقيده بما يدرأ عيوبه . (الدكتور / محمود محمود مصطفى)
واتجه رأى ثالث إلى أن جزاء الإغلاق ذا طبيعة مزدوجة ، عقوبة وتدبير ، فهو يتسم بطبيعة العقوبة نظرا للأثر المؤلم الذي يحدثه بالذمة المالية للمحكوم عليه ، سواء كان مالكا أم مديرا لها ، كما يعد تدبيرا وقائيا لاستهدافه حماية المجتمع من مخاطر المنشأة غير المشروعة في ذاتها أو من مخاطر القائمين عليها في حالة مشروعيتها نتيجة اتجاههم إلى ارتكاب جرائم باسمها ، مع تغليب الطابع الوقائي على الطابع العقابي ، لاستهدافه وقف نشاط المنشأة دون أيلولتها إلى الدولة فضلا عن أن الدولة لا تلجأ إليه إلا إذا كانت المنشأة في ذاتها محلا لحالة خطرة . (الدكتور / محمود عثمان الهمشري - رسالة دكتوراه - المسئولية الجنائية عن فعل الغير ص363)
وقد استقر القضاء على أن غلق المنشأة ليس عقوبة من العقوبات الواجب توقيعها ، وإنما هو في حقيقته لا يعتبر عقوبة بحتة ، وإنما يعد من التدابير الوقائية.
وقد قضت محكمة النقض بأن : أن القانون إذ نص على إغلاق المحل الذي وقعت فيه المخالفة ، لم يشترط أن يكون مملوكا لمن تجب معاقبته على الفعل الذي ارتكب به ، فلا يعترض على ذلك بأن العقاب شخصي ، لأن الإغلاق ليس عقوبة مما يوجب توقيعها على من ارتكب الجريمة دون غيره ، وإنما هو في حقيقته من التدابير الوقائية التي لا يحول دون توقيعها أن تكون آثارها متعدية إلى الغير ، ولا يجب اختصام المالك في الدعوى عند الحكم بالإغلاق ، متى كان الحكم قد صدر على أساس أن مرتكب الجريمة في المحل المحكوم بإغلاقه ، إنما كان يباشر أعماله فيه بتكليف من صاحبه . (نقض 22/12/1947 مجموعة القواعد القانونية ج7 رقم 469 ص436) وبأنه " عقوبة إغلاق المحل المنصوص عليها في المادة 18 من القانون رقم 453 لسنة 1959 المعدل المحكوم بها في التهمة الأولى المسندة إلى المطعون ضده (إدارة محل صناعي أو تجاري بغير ترخيص) لا تعتبر عقوبة بحتى ، لأنها لم تشرع للعقاب أو الزجر ، وإن بدا أنها تتضمن معنى العقوبة ، وإنما هى في حقيقتها من التدابير الوقائية " (الطعن رقم 297 لسنة 51ق نقض 1/10/1981)
" إلغــاء رخصــة المنشــأة :
في حالة توافر شروط لعود مع تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات ، أنه يجوز القضاء بإلغاء رخصة المنشأة المخالفة لقوانين التدليس والغش ، ولا يخل إلغاء الرخصة بحقوق العمال قبل المنشأة ، إذ لازال المشرع حريصا على حقوق العمل والمزيد منها ، وبمعنى أدق توفير الحماية الجنائية للحقوق العمالية .