المؤسسات العامة - دعوى إلغاء قرار إنهاء الخدمة بالنسبة للعاملين بالمؤسسات العامة
- 1 - ان الجمعية المدعى عليها نسبت الى المدعى انه اهمل اهمالا جسيما ادى الى تسرب كميات كبيرة من مادة المازوت الى صهريج السولار نتيجة فتح الملف الحاكم بين صهريج السولار والمازوت مما ادى الى تحمل الجمعية خسارة بلغت 681 مليم و1734 جنيه . وقد ثبت من الاوراق ان المدعى كان هو المسئول فى يوم 16 من مايو سنة 1970 عن تشغيل ماكينات ضخ المواد البترولية وكان قد سلم جميع " البلوف" الحاكمة بين صهريجى المازوت والسولار سليمة ومغلقة ، واثر اكتشاف تسرب المازوت الى صهريج السولار وتلوث السولار ، تبين وجود آثار غلق حديثة بالبلف الحاكم بين الصهريجين المذكورين ادى الى تسرب المازوت الى صهريج السولار ، واستبعد بذلك احتمال تركيب خرطوم احدى سيارات المازوت على وصلة صهريج السولار وسحب المازوت منها الى صهريج السولار ، واذا كان مؤدى ذلك ثبوت الواقعة ضد المدعى باعتبار انه هو المسئول عن سحب وتفريغ المواد البترولية وقد وقع الحادث نتيجة اهماله فى عمله الا ان المحكمة ترى ان جزاء الفصل من الخدمة الذى وقعته الجمعية على المدعى بعيد عن التلاؤم مع الذنب الذى ارتكبه المدعى ويشوبه الغلو على نحو يخرجه من نطاق المشروعية الى نطاق عدم المشروعية ، ذلك ان الظروف والملابسات سواء المتعلقة به أم بالحادث لا تستدعى اخذه بهذه الشدة المتانهية ومجازاته باقصى الجزاءات التأديبية حيث لم يقم دليل على ان المدعى تعمد ارتكاب الذنب الذى نسب اليه وانما وقع فيه نتيجة عدم خبرته ودرايته بهذا العمل ، الأمر الذى يتجلى فى انه كان يعمل طوال خدمته برادا وليس عامل تشغيل ماكينات على ما يبين من ملف خدمته وهو ما لم يدحضه دفاع الجمعية المدعى عليها ، ومما لا شك فيه ان اعمال تشغيل ماكينات الضخ تخرج عن مهام تخصص المدعى ، وبهذه المثابة فان الجمعية اذا اسندت اليه هذا العمل على خطورته دون ان تؤهله لهذا العمل وتتأكد من صلاحيته له ، تكون قد شاركت بخطئها فى وقوع الحادث بما لا يسوغ معه عدلا ان يتحمل هذا العامل وحده مسئولية ما وقع فيه ، ويتعين لذلك الغاء القرار المطعون فيه ليعود الامر الى الجمعية المدعى عليها لتوقع على المدعى الجزاء العادل الذى ستناسب مع ما بدر بوصفها مصدرة قرار الجزاء وصاحبة الاختصاص فى مجازاته وفقا لحكم المادة 49 من القانون رقم 61 لسنة 1971 آنف الذكر .
- 2 - ان مرتب المدعى على ما يبين من الاوراق كان يجاوز خمسة عشر جنيها وبهذه المثابة فان قرار الجهة الرئسية بفصله من الخدمة ، كان - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- يشكل عدوانا على اختصاص المحكمة التادبية التى كان لها دون سواها سلطة فصله من الخدمة بالتطبيق لحكم القانون رقم 19 لسنة 1959 بسريان القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية على موظفى المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة، ويكون القرار المطعون فيه والحالة هذه قد صدر مشوبا بعيب عدم الاختصاص .
ومن حيث ان المدعى اصبح بالتطبيق لحكم القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار اليه من العاملين بالمستوى الثالث باعتبار انه كان يشغل الفئة التاسعة قبل تاريخ العمل بهذا القانون واذ خول هذا القانون السلطات الرئلسية سلطة توقيع جزاء الفصل على العاملين شاغلى الوظائف مـن هذا المستوى ، فلم يعد ثمة جدوى من الغاء القرار المطعون فيه استنادا الى ان المحكمة التأديبية كانت هى المختصة وقت اصداره ، ليعود الامر ثانية الى ذات السلطة الرئاسية التى سبق لها ان افصحت عن رايها فيه فتصر على موقفها على ما ظهر من مذكراتها المقدمة فى الدعوى والطعن ، وتصحح قراراها باعادة اصداره بسلطتها التى خولت لها فى هذا القانون ، وتعود بذلك المنازعة فى دورة اخرى لا مسوغ لتكرارها . ويعتبر القانون الجديد والحالة هذه وكانه قد صحح القرار المطعون فيه بازالة عيب الاختصاص الذى كان يعتوره ، ويتعين من تداول القرار ومراقبته بالنسبة لأركانه الأخرى .
- 3 - ان مبنى الدفع بعدم جواز نظر الطعن ان المادة 49 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 تقضى بان أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها امام المحكمة الادارية العليا الا بالنسبة للاحكام التى تصدر بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين شاغلى الوظائف من المستوى الثانى وما يعلوه ، واذ كان الامر كذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر قبل العمل باحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشان مجلس الدولة وكان الطاعن من العاملين بالفئة التاسعة وهى من وظائف المستوى الثالث فان الطعن بهذه المثابة يكون غير جائز قانونا .وهذا الدفع مردود ذلك ان المعنى المتبادر من احكام الفقرات ثانيا وثالثا ورابعا من المادة 49 سالفة الذكر ان احكام المحاكم التأديبية التى اعتبرها المشرع نهائية هى تلك التى تتناول موضوع الجزاءات التى توقعها السلطات الرئاسية وتعقب فيها المحكمة على مدى سلامة هذه الجزاءات فى الواقع والقانون بوصفها محكمة طعن ، وكذلك الأحكام الصادرة منها بتوقيع الجزاءات بوصفه محكمة تاديب مبتدأ وبناء على ذلك فان النص على نهائية أحكام المحاكم التأديبية وحظر الطعن فيها امام المحكمة الادارية العليا عدا تلك التى تصدر بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين شاغلى الوظائف من المستوى الثانى وما يعلوه- لا ينصب الا على الأحكام التى عناها المشرع على النحو المشار اليه . اخذا فى الاعتبار ان هذا الخطر استثناء من القاعدة العامة التى قررتها المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية والمادة 15من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 الذى صدر الحكم المطعون فيه فى ظله والتى تقابل المادة 23 من قانون مجلس الدولة القائم الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وهى اباحة الطعن فى احكام المحاكم التأديبية بصفة عامة امام المحكمة الادارية العليا دون ثمة تخصيص وانه الاصل ان يفسر النص الاستثنائى تفسيرا ضيقا دون توسع . ولما كان الامر كذلك وكان المشرع قد حدد طريق اتصال الدعوى التأديبية بالمحكمة التأديبية وناط بالنيابة الادارية الاختصاص باقامة الدعوى التأديبية امامها . ولم يخول المحكمة التأديبية من تلقاء نفسها وهى بصدد الفصل فى طعن مقام امامها من احد العاملين فى جزاء موقع عليه من السلطات الرئاسية ان تحرك الدعوى التأديبية امامها ضده وتفصل فيها ، ولم يخول القانون رقم 61 لسنة 1971 سالف الذكر - المحكمة التأديبية الاختصاص بتأديب العاملين - المستوى الثالث - شان المدعى - وانما ناط هذا الاختصاص بالسلطات الرئاسية على ما انطوت عليه المادة 49 من القانون المذكور ، فان المحكمة اذا ما تجاوزت حدود ولايتها فى هذا الشان وخرجت عليها انتفى عن حكمها وصف احكام التأديب التى قضى المشرع فى المادة 49 من نظام العاملين بالقطاع العام سالفة الذكر بعدم جواز الطعن فيها امام المحكمة الادارية العليا .
ومن حيث أن المحكمة التأديبية وهى يصدر نظر الطعن المثار من المدعى فى الجزاء الذى وقعته عليه السلطة الرئاسية بفصله من الخدمة قد جنحت فى ظل العمل بالقانون رقم 61 لسنة 1971 المشار اليه- الى تاديبيه وقضت بمجازاته بالفصل من الخدمة مع عدم استحقاقه لاى مرتب طيلة فترة ابعاده عن العمل وذلك بعد ان اعتبرت قرار فصل المدعى الصادر من الجمعية كأن لم يكن . واذ لم يتصل امر تاديب المدعى بالمحكمة بالطريق القانونى ، وكان القانون المذكور لم يخول المحكمة التأديبية الاختصاص فى تاديب العاملين من المستوى الثالث - شان المدعى - على ما سلف بيانه فان حكمها بتاديب المدعى والامر كذلك يكون قد انتفى عنه وصف الأحكام التأديبية التى حصنتها المادة 49 المشار اليها من الطعن فيها أمام المحكمة الادارية العليا ، ويكون الدفع المثار والامر كذلك حقيق بالرفض .ويكون الطعن وقد استوفى كافة اوضاعه الشكلية الاخرى مقبولا شكلا
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 10 لسنة : 19 قضائية ـ جلسة 22-3-1975)
- 1 - انه باستعراض احكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 71 الذى صدر فى ظله القرار المطعون فيه بان نص فى مادته السابعة والخمسين على ان " لرئيس مجلس الادارة ان يوقف العامل من عمله احتياطياً اذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة اشهر ،ولا يجوز مد هذه المدة الا بقرار من المحكمة المشار اليها فى المادة 49 من هذا النظام ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف مرتبه ويجب عرض الامر على المحكمة خلال عشرة ايام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه فى نصف المرتب الموقوف صرفه والا وجب صرف المرتب كاملا حتى تصدر المحكمة قرارها فى هذا الشان وعلى المحكمة التى يحال اليها ان تقرر خلال عشرة ايام من تاريخ الاحالة صرف او عدم صرف باقى المرتب فاذا برىء العامل او حفظ التحقيق او عوقب بعقوبة الانذار صرف اليه ما يكون قد اوقف صرفه من مرتبه . فاذا عوقب بعقوبة اشد تقرر السلطة التى وقعت العقوبة ما يتبع فى شان صرف المرتب الموقوف صرفه . فان عوقب بعقوبة الفصل انتهت خدمته من تاريخ وقفه . " والمستفاد بجلاء من هذا النص ان الشارع قد خول رئيس مجلس ادارة المؤسسة سلطة وقف العامل احتياطيا عن عمله لمدة لا تجاوز ثلاثة اشهر وذلك اذا ما راى ان صالح التحقيق حول ما نسب اليه من مخالفات يتطلب اتخاذ هذا الاجراء وغنى عن البيان ان اعمال هذه السلطة ليس وقفا على التحقيق الذى تباشره السلطة الادارية فى شان تلك المخالفات ، وانما يمتد الى ما يجرى فى المجال الجنائى من تحقيق حول ذات المخالفات اذا ما خالطتها شبهة الجريمة العامة وذلك لاتخاذ العلة من الوقف فى الحالين وهى كفالة سير التحقيق الى غايته ومنتهاه فى جو خال من المؤثرات وحمايته من ان تعصف به الاهواء او تميل به الى غير ما قصده من كشف الحقيقة والتصرف عليها .
ومن حيث انه لئن كان الاصل العام انه يترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف مرتبه منذ اليوم الذى أوقف فيه الا انه رعاية لمصلحة العامل الموقوف وباعتبار ان المرتب او الاجر هو فى الغالب الاعم مورد رزقه الاصيل نزولا على هذه الحكمة - قرر الشارع فى المادة 57 من نظام العاملين بالقطاع العام آنفة الذكر وقف صرف نصف المرتب فحسب كاثر لازم للوقف عن العمل .وفرض فى الوقت ذاته على السلطة ذات الشان عرض الامر على المحكمة التأديبية المختصة خلال عشرة ايام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه فى نصف المرتب الموقوف صرفه واوجب حال عدم اتخاذ هذا الاجراء فى الميعاد المتقدم صرف المرتب كاملا حتى تصدر المحكمة قرارها فى هذا الشان ومؤدى ذلك ان عدم العرض على المحكمة التأديبية للنظر فيما يتبع فى شان نصف المرتب الموقوف صرفه فى الميعاد المشار اليه ليس من شانه ان يؤدى الى بطلان قرار الوقف او اعتباره كان لم يكن وذلك لعدم وجود نص يرتب هذا الاثر واذ استند الحكم المطعون فيه فى الغاء قرار الوقف الى عدم عرض الامر على المحكمة التأديبية خلال عشرة ايام من تاريخ صدور هذا القرار فانه يكون قد خالف حكم القانون .
- 2 - ان المؤسسة الطاعنه قد قدمت فى 18 من يناير سنه 1975 مذكرة بدفاعها اضافت فيها ان الثابت فى الاوراق انها قد طلبت من المحكمة التأديبية فى الطلب رقم 170 لسنة 15 ق مد ايقاف المطعون ضده بعد انتهاء مدة الوقف وبعد ان بحثت المحكمة مشروعية هذا القرار واسبابه فقد انتهت فى 16 من مارس سنه 1973 الى الحكم بمد وقف المطعون ضده الى نهاية شهر مايو سنه 1973 ولم يطعن المطعون ضده على هذا الحكم باى طعن بحيث صار نهائيا واكتسب حجية الشئ المقضى به ، كما انها عرضت على ذات المحكمة التأديبية الطلب رقم 63 لسنة 15 ق النظر فى صرف نصف المرتب الموقوف وبتاريخ اول يناير سنة 1973 قضت المحكمة بعد ان تاكد لها مشروعية قرار الوقف وقيامه على مبررات قوية عدم صرف نصف المرتب الموقوف ولم يطعن المطعون ضده ايضا فى هذا الحكم باى طعن بحيث صار نهائيا ، ومن ثم ما كان يجوز للمحكمة ان تعيد النظر فى شان قرار الوقف ونصف المرتب الموقوف بعد ان قضت فيهما عندما عرضا عليها فى الطلبين رقمى 170 . 63 لسنة 15 ق وحاز حكمها قوة الشئ المحكوم فيه بحيث صار ما قضت به حاسما للنزاع فى خصوصها حائزا للحجية .
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 846 لسنة : 19 قضائية ـ جلسة 3-5-1975)
- 1 - ان الجمعية المدعى عليها نسبت الى المدعى انه اهمل اهمالا جسيما ادى الى تسرب كميات كبيرة من مادة المازوت الى صهريج السولار نتيجة فتح الملف الحاكم بين صهريج السولار والمازوت مما ادى الى تحمل الجمعية خسارة بلغت 681 مليم و1734 جنيه . وقد ثبت من الاوراق ان المدعى كان هو المسئول فى يوم 16 من مايو سنة 1970 عن تشغيل ماكينات ضخ المواد البترولية وكان قد سلم جميع " البلوف" الحاكمة بين صهريجى المازوت والسولار سليمة ومغلقة ، واثر اكتشاف تسرب المازوت الى صهريج السولار وتلوث السولار ، تبين وجود آثار غلق حديثة بالبلف الحاكم بين الصهريجين المذكورين ادى الى تسرب المازوت الى صهريج السولار ، واستبعد بذلك احتمال تركيب خرطوم احدى سيارات المازوت على وصلة صهريج السولار وسحب المازوت منها الى صهريج السولار ، واذا كان مؤدى ذلك ثبوت الواقعة ضد المدعى باعتبار انه هو المسئول عن سحب وتفريغ المواد البترولية وقد وقع الحادث نتيجة اهماله فى عمله الا ان المحكمة ترى ان جزاء الفصل من الخدمة الذى وقعته الجمعية على المدعى بعيد عن التلاؤم مع الذنب الذى ارتكبه المدعى ويشوبه الغلو على نحو يخرجه من نطاق المشروعية الى نطاق عدم المشروعية ، ذلك ان الظروف والملابسات سواء المتعلقة به أم بالحادث لا تستدعى اخذه بهذه الشدة المتانهية ومجازاته باقصى الجزاءات التأديبية حيث لم يقم دليل على ان المدعى تعمد ارتكاب الذنب الذى نسب اليه وانما وقع فيه نتيجة عدم خبرته ودرايته بهذا العمل ، الأمر الذى يتجلى فى انه كان يعمل طوال خدمته برادا وليس عامل تشغيل ماكينات على ما يبين من ملف خدمته وهو ما لم يدحضه دفاع الجمعية المدعى عليها ، ومما لا شك فيه ان اعمال تشغيل ماكينات الضخ تخرج عن مهام تخصص المدعى ، وبهذه المثابة فان الجمعية اذا اسندت اليه هذا العمل على خطورته دون ان تؤهله لهذا العمل وتتأكد من صلاحيته له ، تكون قد شاركت بخطئها فى وقوع الحادث بما لا يسوغ معه عدلا ان يتحمل هذا العامل وحده مسئولية ما وقع فيه ، ويتعين لذلك الغاء القرار المطعون فيه ليعود الامر الى الجمعية المدعى عليها لتوقع على المدعى الجزاء العادل الذى ستناسب مع ما بدر بوصفها مصدرة قرار الجزاء وصاحبة الاختصاص فى مجازاته وفقا لحكم المادة 49 من القانون رقم 61 لسنة 1971 آنف الذكر .
- 2 - ان مرتب المدعى على ما يبين من الاوراق كان يجاوز خمسة عشر جنيها وبهذه المثابة فان قرار الجهة الرئسية بفصله من الخدمة ، كان - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- يشكل عدوانا على اختصاص المحكمة التادبية التى كان لها دون سواها سلطة فصله من الخدمة بالتطبيق لحكم القانون رقم 19 لسنة 1959 بسريان القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية على موظفى المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة، ويكون القرار المطعون فيه والحالة هذه قد صدر مشوبا بعيب عدم الاختصاص .
ومن حيث ان المدعى اصبح بالتطبيق لحكم القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار اليه من العاملين بالمستوى الثالث باعتبار انه كان يشغل الفئة التاسعة قبل تاريخ العمل بهذا القانون واذ خول هذا القانون السلطات الرئلسية سلطة توقيع جزاء الفصل على العاملين شاغلى الوظائف مـن هذا المستوى ، فلم يعد ثمة جدوى من الغاء القرار المطعون فيه استنادا الى ان المحكمة التأديبية كانت هى المختصة وقت اصداره ، ليعود الامر ثانية الى ذات السلطة الرئاسية التى سبق لها ان افصحت عن رايها فيه فتصر على موقفها على ما ظهر من مذكراتها المقدمة فى الدعوى والطعن ، وتصحح قراراها باعادة اصداره بسلطتها التى خولت لها فى هذا القانون ، وتعود بذلك المنازعة فى دورة اخرى لا مسوغ لتكرارها . ويعتبر القانون الجديد والحالة هذه وكانه قد صحح القرار المطعون فيه بازالة عيب الاختصاص الذى كان يعتوره ، ويتعين من تداول القرار ومراقبته بالنسبة لأركانه الأخرى .
- 3 - ان مبنى الدفع بعدم جواز نظر الطعن ان المادة 49 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 تقضى بان أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها امام المحكمة الادارية العليا الا بالنسبة للاحكام التى تصدر بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين شاغلى الوظائف من المستوى الثانى وما يعلوه ، واذ كان الامر كذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر قبل العمل باحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشان مجلس الدولة وكان الطاعن من العاملين بالفئة التاسعة وهى من وظائف المستوى الثالث فان الطعن بهذه المثابة يكون غير جائز قانونا .وهذا الدفع مردود ذلك ان المعنى المتبادر من احكام الفقرات ثانيا وثالثا ورابعا من المادة 49 سالفة الذكر ان احكام المحاكم التأديبية التى اعتبرها المشرع نهائية هى تلك التى تتناول موضوع الجزاءات التى توقعها السلطات الرئاسية وتعقب فيها المحكمة على مدى سلامة هذه الجزاءات فى الواقع والقانون بوصفها محكمة طعن ، وكذلك الأحكام الصادرة منها بتوقيع الجزاءات بوصفه محكمة تاديب مبتدأ وبناء على ذلك فان النص على نهائية أحكام المحاكم التأديبية وحظر الطعن فيها امام المحكمة الادارية العليا عدا تلك التى تصدر بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين شاغلى الوظائف من المستوى الثانى وما يعلوه- لا ينصب الا على الأحكام التى عناها المشرع على النحو المشار اليه . اخذا فى الاعتبار ان هذا الخطر استثناء من القاعدة العامة التى قررتها المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية والمادة 15من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 الذى صدر الحكم المطعون فيه فى ظله والتى تقابل المادة 23 من قانون مجلس الدولة القائم الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وهى اباحة الطعن فى احكام المحاكم التأديبية بصفة عامة امام المحكمة الادارية العليا دون ثمة تخصيص وانه الاصل ان يفسر النص الاستثنائى تفسيرا ضيقا دون توسع . ولما كان الامر كذلك وكان المشرع قد حدد طريق اتصال الدعوى التأديبية بالمحكمة التأديبية وناط بالنيابة الادارية الاختصاص باقامة الدعوى التأديبية امامها . ولم يخول المحكمة التأديبية من تلقاء نفسها وهى بصدد الفصل فى طعن مقام امامها من احد العاملين فى جزاء موقع عليه من السلطات الرئاسية ان تحرك الدعوى التأديبية امامها ضده وتفصل فيها ، ولم يخول القانون رقم 61 لسنة 1971 سالف الذكر - المحكمة التأديبية الاختصاص بتأديب العاملين - المستوى الثالث - شان المدعى - وانما ناط هذا الاختصاص بالسلطات الرئاسية على ما انطوت عليه المادة 49 من القانون المذكور ، فان المحكمة اذا ما تجاوزت حدود ولايتها فى هذا الشان وخرجت عليها انتفى عن حكمها وصف احكام التأديب التى قضى المشرع فى المادة 49 من نظام العاملين بالقطاع العام سالفة الذكر بعدم جواز الطعن فيها امام المحكمة الادارية العليا .
ومن حيث أن المحكمة التأديبية وهى يصدر نظر الطعن المثار من المدعى فى الجزاء الذى وقعته عليه السلطة الرئاسية بفصله من الخدمة قد جنحت فى ظل العمل بالقانون رقم 61 لسنة 1971 المشار اليه- الى تاديبيه وقضت بمجازاته بالفصل من الخدمة مع عدم استحقاقه لاى مرتب طيلة فترة ابعاده عن العمل وذلك بعد ان اعتبرت قرار فصل المدعى الصادر من الجمعية كأن لم يكن . واذ لم يتصل امر تاديب المدعى بالمحكمة بالطريق القانونى ، وكان القانون المذكور لم يخول المحكمة التأديبية الاختصاص فى تاديب العاملين من المستوى الثالث - شان المدعى - على ما سلف بيانه فان حكمها بتاديب المدعى والامر كذلك يكون قد انتفى عنه وصف الأحكام التأديبية التى حصنتها المادة 49 المشار اليها من الطعن فيها أمام المحكمة الادارية العليا ، ويكون الدفع المثار والامر كذلك حقيق بالرفض .ويكون الطعن وقد استوفى كافة اوضاعه الشكلية الاخرى مقبولا شكلا
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 10 لسنة : 19 قضائية ـ جلسة 22-3-1975)
- 1 - انه باستعراض احكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 71 الذى صدر فى ظله القرار المطعون فيه بان نص فى مادته السابعة والخمسين على ان " لرئيس مجلس الادارة ان يوقف العامل من عمله احتياطياً اذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة اشهر ،ولا يجوز مد هذه المدة الا بقرار من المحكمة المشار اليها فى المادة 49 من هذا النظام ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف مرتبه ويجب عرض الامر على المحكمة خلال عشرة ايام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه فى نصف المرتب الموقوف صرفه والا وجب صرف المرتب كاملا حتى تصدر المحكمة قرارها فى هذا الشان وعلى المحكمة التى يحال اليها ان تقرر خلال عشرة ايام من تاريخ الاحالة صرف او عدم صرف باقى المرتب فاذا برىء العامل او حفظ التحقيق او عوقب بعقوبة الانذار صرف اليه ما يكون قد اوقف صرفه من مرتبه . فاذا عوقب بعقوبة اشد تقرر السلطة التى وقعت العقوبة ما يتبع فى شان صرف المرتب الموقوف صرفه . فان عوقب بعقوبة الفصل انتهت خدمته من تاريخ وقفه . " والمستفاد بجلاء من هذا النص ان الشارع قد خول رئيس مجلس ادارة المؤسسة سلطة وقف العامل احتياطيا عن عمله لمدة لا تجاوز ثلاثة اشهر وذلك اذا ما راى ان صالح التحقيق حول ما نسب اليه من مخالفات يتطلب اتخاذ هذا الاجراء وغنى عن البيان ان اعمال هذه السلطة ليس وقفا على التحقيق الذى تباشره السلطة الادارية فى شان تلك المخالفات ، وانما يمتد الى ما يجرى فى المجال الجنائى من تحقيق حول ذات المخالفات اذا ما خالطتها شبهة الجريمة العامة وذلك لاتخاذ العلة من الوقف فى الحالين وهى كفالة سير التحقيق الى غايته ومنتهاه فى جو خال من المؤثرات وحمايته من ان تعصف به الاهواء او تميل به الى غير ما قصده من كشف الحقيقة والتصرف عليها .
ومن حيث انه لئن كان الاصل العام انه يترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف مرتبه منذ اليوم الذى أوقف فيه الا انه رعاية لمصلحة العامل الموقوف وباعتبار ان المرتب او الاجر هو فى الغالب الاعم مورد رزقه الاصيل نزولا على هذه الحكمة - قرر الشارع فى المادة 57 من نظام العاملين بالقطاع العام آنفة الذكر وقف صرف نصف المرتب فحسب كاثر لازم للوقف عن العمل .وفرض فى الوقت ذاته على السلطة ذات الشان عرض الامر على المحكمة التأديبية المختصة خلال عشرة ايام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه فى نصف المرتب الموقوف صرفه واوجب حال عدم اتخاذ هذا الاجراء فى الميعاد المتقدم صرف المرتب كاملا حتى تصدر المحكمة قرارها فى هذا الشان ومؤدى ذلك ان عدم العرض على المحكمة التأديبية للنظر فيما يتبع فى شان نصف المرتب الموقوف صرفه فى الميعاد المشار اليه ليس من شانه ان يؤدى الى بطلان قرار الوقف او اعتباره كان لم يكن وذلك لعدم وجود نص يرتب هذا الاثر واذ استند الحكم المطعون فيه فى الغاء قرار الوقف الى عدم عرض الامر على المحكمة التأديبية خلال عشرة ايام من تاريخ صدور هذا القرار فانه يكون قد خالف حكم القانون .
- 2 - ان المؤسسة الطاعنه قد قدمت فى 18 من يناير سنه 1975 مذكرة بدفاعها اضافت فيها ان الثابت فى الاوراق انها قد طلبت من المحكمة التأديبية فى الطلب رقم 170 لسنة 15 ق مد ايقاف المطعون ضده بعد انتهاء مدة الوقف وبعد ان بحثت المحكمة مشروعية هذا القرار واسبابه فقد انتهت فى 16 من مارس سنه 1973 الى الحكم بمد وقف المطعون ضده الى نهاية شهر مايو سنه 1973 ولم يطعن المطعون ضده على هذا الحكم باى طعن بحيث صار نهائيا واكتسب حجية الشئ المقضى به ، كما انها عرضت على ذات المحكمة التأديبية الطلب رقم 63 لسنة 15 ق النظر فى صرف نصف المرتب الموقوف وبتاريخ اول يناير سنة 1973 قضت المحكمة بعد ان تاكد لها مشروعية قرار الوقف وقيامه على مبررات قوية عدم صرف نصف المرتب الموقوف ولم يطعن المطعون ضده ايضا فى هذا الحكم باى طعن بحيث صار نهائيا ، ومن ثم ما كان يجوز للمحكمة ان تعيد النظر فى شان قرار الوقف ونصف المرتب الموقوف بعد ان قضت فيهما عندما عرضا عليها فى الطلبين رقمى 170 . 63 لسنة 15 ق وحاز حكمها قوة الشئ المحكوم فيه بحيث صار ما قضت به حاسما للنزاع فى خصوصها حائزا للحجية .
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 846 لسنة : 19 قضائية ـ جلسة 3-5-1975)