الجرائم المخلة بالآداب العامة فى قانون العقوبات تضمن قانون العقوبات بإعتباره الشريعة العامة للقوانين العقابية بعضاً من الجرائم المخلة بالآداب العامة ، كما تضمنت القوانين الخاصة نوعاً آخر من الجرائم المخلة بالآداب العامة .
وسوف نعالج هذه الجرائم علي النحو التالي :
الفصـل الأول : الجرائم المخلة بالآداب العامة في قانون العقوبات .
الفصل الثانى : الجرائم المخلة بالآداب العامة في القوانين الخاصة .
الفصل الأول
الجرائم المخلة بالآداب العامة في قانون
تضمن قانون العقوبات بعض الجرائم المخلة بالآداب العامة ، وسوف نعالج هذا الموضوع علي النحو التالي :
المبحث الأول : جريمة إعداد مكان أو تهيئتة لألعاب القمار ( المادة 352 عقوبات ).
المبحث الثاني : التحريض علناً علي الفسق (المادة 269 مكرراً عقوبات).
المبحث الثالث : االتعرض للغير بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية ( المادة 306 مكرراً (أ) عقوبات ).
المبحث الرابع : التحرش الجنسى.
المبحث الخامس : حيتازة صور أو مطبوعات مخالفة للآداب العامة ( المادة 178 من قانون العقوبات ).
المبحث السادس : الجهر بأغان أو صياح أو خطب مخالفة للآداب العامـة ( الفقرة الثانية من المادة 178 من قانون العقوبات ).
المبحث الأول
جريمة إعداد مكان أو تهيئتة لألعاب
نص قانونى :
تنص المادة 352 عقوبات علي أن " كل من أعد مكاناً لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس فيه يعاقب هو وصيارف المحل المذكور بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألف جنيه وتضبط جميع النقود والأمتعة في المحلات الجاري فيها الألعاب المذكورة ويحكم بمصادرتها " (1).
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) المادة 352 مستبدلة بموجب القانون رقم 17 لسنة 1955 ، وكان نصها عند إصدار القانون رقم 58 لسنة 1937 علي النحو التالي : " كل من فتح محلاً لألعاب القمار والنصيب وأعده لدخول الناس فيه يعاقب هو وصيارف المحل المذكور بالحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر ويدفع غرامة لا تتجاوز خمسين جنيهاً مصرياً أو بإحدي هاتين العقوبتين فقط وتضبط أيضاً لجانب الحكومة جميع النقود والأمتعة التي توجد فى المحلات الجاري فيها الألعاب المذكورة ".
تقوم هذه الجريمة علي ركنين ، الأول : الركن المادي ، والثاني : الركن المعنوي.
وسوف نتناول ذلك علي النحو التالي :
المطلب الأول : الركن المادي.
المطلب الثانى : الركن المعنوي.
المطلب الثالث : عقوبة الجريمة .
المطلب الأول
الركن المادى
عناصر النشاط المادي :
يتخذ النشاط المادي في هذه الجريمة شكل سلوك إيجابي يصدر من الجاني ويتمثل في إعداد وتهيئة المكان لدخول الناس فيه لممارسة ألعاب القمار ، وسوف نتناول فيما يلي عناصر النشاط المادي في هذه الجريمة.
( أولاً ) المقصود بالمقامرة:
المقامرة عقد يتعهد بموجبه كل مقامر أن يدفع إذا خسر المقامرة للمقامر الذي كسبها مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر يتفق عليه (2) ، ومثال ذلك أن يتفق المتبارون في ألعاب الورق كالبوكر أو البكاراه أو الكونكان أو البريدج علي أن من يكسب اللعب منهم يأخذ من الخاسرين مقداراً معيناً من المال. وقد حرم التقنين المدني الحالي المقامرة ، ورتب علي هذا البطلان نتائجه القانونية ، فلم يكتف بمنع إجبار من خسر في مقامرة أو رهان علي أداء إلتزامه ، بل أجاز له أيضاً إسترداد ما أداه من خسارة ولو أداها إختياراً ، بل ولو كان هناك إتفاق يقضي بعدم جواز الاسترداد (3).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(2) تفترق المقامرة عن الرهان فى أن المقامر يقوم بدور إيجابي فى محاولة تحقيق الواقعة غير المحققة ، أما المتراهن فلا يقوم بأي دور فى محاولة تحقيق صدق قوله.
أنظر الدكتور عبد الرازق السنهوري : الوسيط فى شرح القانون المدني ، القاهرة ، الجزء السابع ، المجلد الثاني ، عقود الغرر ، دار النهضة العربية ، 1990 ، بند 484 ص 1258 .
(3) تنص المادة 739 من التقنين المدني علي ما يأتي :
1 - يكون باطلاً كل إتفاق خاص بمقامرة أو رهان.
2 - ولمن خسر فى مقامرة أو رهان أن يسترد ما دفعه خلال ثلاث سنوات من الوقت الذي أدي فيه ما خسره ولو كان هناك إتفاق يقضي بغير ذلك وله أن يثبت ما أداه بجميع الطرق.
( ثانياً ) المقصود بألعاب القمار :
لم يحدد المشرع في قانون العقوبات المقصود بألعاب القمار ، بيد أن وزير الداخلية قد أصدر القرار الوزاري رقم 37 لسنة 1957 وبين فيه ما يعتبر من ألعاب القمار التي لا يجوز مباشرتها في المحال العامة والملاهي وذلك تنفيذاً للمادة التاسعة عشر من القانون رقم 371 لسنة 1956 وهذه الألعاب هي : البكاراه - السكة الجديد (الشيمان دي فير) - اللانسكينه -الواحد والثلاثين - الأربعين - الفرعون - البوكر العادي - البوكر الأمريكاني المكشوف - الهاريكيري - الزوكوف - الاسانسير - البيكا - البوكر بالظهر (بوكر دايس) - الروليت - لعب الكورة (بول) - ماكينة الخيول الصغيرة - الكونكان بأنواعه العادي والضرب والفيدو
والرفيد والدويل توت والبولة والجاشيت والبي بي سي والكونكان الأمريكاني المعروف بإسم الدومينو الأمريكاني بالورق - رامي الجين - رامي السيف - السبعة ونصف - البريما - البرغوثة (شيش بيش) -الكانستا - الكانستونيا - البيناكل - الكولون - الكبة - الترسنا - البرسكولا - سكوبا - البستيا - الايكارتيه - الماوس - البزيك - البصرة - البشكة - الكومي - الشايب - الهارب - الطمبولا - البنجو. وكذلك تعتبر من ألعاب القمار الألعاب التي تتفرع من الألعاب السابقة الذكر والمشابهة لها.
ويلاحظ أن الألعاب المشار اليها بقرار وزير الداخلية سالف الذكر قد وردت علي سبيل المثال لا الحصر ، وقد عرفت محكمة النقض ألعاب القمار بأنها الألعاب التي تكون ذات خطر علي مصالح الجمهور لأن الربح فيها موكلاً للحظ أكثر منه للمهارة ، ولايشترط أن يكون موضوع المقامرة مال ، فيجوز أن تقوم المقامـرة علي أي شيء يمكن تقويمـه بالمال ، وذلك كالمأكل والشراب وغيره. ويتعين علي المحكمة أن تبين في حكمها نوع اللعب الذي ثبت حصوله ، فإن كان من غير الألعاب المذكورة في المادة الاولي من قرار وزير الداخلية سالف الذكر فإنه يجب علي المحكمة أن تبين ما إذا كان هذا اللعب مشابهاً لما ورد في القرار وتحدد نوعه ، وإلا كان حكمها قاصراً.
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد اكتفي بقوله أن التهمة ثابتة مما أثبته محرر المحضر بمحضره فلم يذكر نوع اللعبة ولم يبين كيفيتها وأوجه الشبه بينها وبين أي من الألعاب التي يشملها نص القرار الوزاري المذكور وأن للحظ فيها النصيب الأوفر وبذلك جاء مجهلاً في هذا الخصوص مما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون علي واقعة الدعوي كما صار إثباتها بالحكم والإدلاء برأي فيما يثيره الطاعن بأسباب طعنه وهو مايعيبه بالقصور ويستوجب نقضه(4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) أنظر نقض 16 اكتوبر سنة 1984 مجموعة احكام محكمة النقض س 35 رقم 147 ص 678 .
( ثالثاً ) المقصود بإعداد المكان وتهيئته :
يقصد بإعداد المكان تجهيزه لألعاب القمار وذلك بتوفير الإمكانيات اللازمة للعب وذلك كمنضدة القمار وأوراق اللعب أو الفيشات المستخدمة في ذلك ، كما يعتبر من قبيل تهيئة المكان تجهيزه بالوسائل اللازمة لمراقبة الشرطة. وينصب التجهيز والإعداد علي " مكان " وهو كل موقع يعد أو يهيئ لألعاب القمار ، سواء كان مسكناً ، أو غرفة في مسكن ، أو نادي أو غيره مما يصلح لأن يكون كذلك. ويختلف المكان بإختلاف مستوي المترددين عليه ، ولا يشترط أن يكون المكان قد أعد خصيصاً لألعاب القمار ، أو أن يكون الغرض الأصلي من فتحه هو استغلاله في هذه الألعاب ، بل يكفي أن يكون مفتوحاً للاعبين يدخلون للعب في الأوقات التي يحددونها فيما بينهم ، ولو كان تخصيصه لغرض آخر كمقهي أو مطعم أو فندق ، بل ولو كان صاحبه لايجني أية فائدة مادية من وراء اللعب (5).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(5) أنظر نقض 6 مارس سنة 1944 مجموعـة القواعد القانونية ج 6 رقم 311 ص 417 ( رابعاً ) توافر شرط العمومية :
اشترط المشرع أن يكون إعداد وتهيئة المكان لألعاب القمار بقصد دخول الناس فيه ، وبذلك فإنه يتعين أن يكون المكان معداً أو مهيئاً لإستقبال الناس كافة
، وبمفهوم المخالفة فإن إعداد المكان وتهيئته لإستقبال عدد من الأصدقاء أو الأقارب لممارسة ألعاب القمار غير معاقب عليه ، وذلك لأنه غير مسموح للناس كافة بالدخول فيه لممارسة ألعاب القمار.
ولكن ينبغي أن يلاحظ أن هذه العمومية لا تعني حرمان الجاني من التحكم في اختيار عملائه ، فقد يختارهم من طبقة اجتماعية معينة ، أو من أفراد مهنة معينة ، أو من المواطنين أو من الأجانب ، أو من الأغنياء ، أو قد يراعي الجاني بعض الاعتبارات الخاصة التي يشعر بأهميتها من يعد مكاناً ويهيئه لألعاب القمار ، ولا يخل هذا الاختيار بشرط العمومية اللازم توافره في هذه الجريمة ، وذلك لأن هذا الاختيار لا يحول دون تردد كل من توافر فيه هذه الصفة علي المكان للعب القمار.
( خامساً ) نطاق المسئولية الجنائية عن ألعاب القمار :
تنحصر المسئولية الجنائية في الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 عقوبات فيمن أعد أو هيأ مكاناً لألعاب القمار أو من تولي أعمال الصيرفة فيه ، وبذلك يبين أن المشرع قد أراد أن ينال بالعقاب كل من يشترك في إدارة المحل أو يعمل علي تسهيل اللعب للراغبين فيه بتقديم مايلزم له ، سواء كان من صيارفة المحل أو مديروه ولو لم يكن لهم دخل في فتحه وتأسيسه ، وهذا لا يمنع من تطبيق قواعد الاشتراك العامة علي من يعاونهم من موظفين ومرؤسين وخدم. وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه مادامت المحكمة قد أثبتت في حكمها أن النادي محل الدعوي لم يفتح إلا للعب القمار ، ومادام المتهم معترفاً بإدارته للنادي ، فهو مسئول ولو كان غيره هو رئيس النادي (6).
وتأسيساً علي ما تقدم فإنه لا مسئولية جنائية قبل من يضبط ممارساً لألعاب القمار المؤثمة قانوناً في غير المحال العامة المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956، وذلك لأن نطاق المسئولية محصور في من فتح المحل أو تولي أعمال الصيرفة فيه. بيد أن ذلك لا يخل بإمكان مسائلة من ضبط يمارس
ــــــــــــــــــــــــــــ
(6) انظر نقض 28 ابريل سنة 1948 مجموعة القواعد القانونية ج7 رقم 585 ص 552 .
المطلب الثانى
عناصر الركن المعنوى :
إن هذه الجريمة عمدية ، يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والإرادة ، فيتعين أن تتجه إرادة الجاني صوب إرتكاب الفعل المكون للركن المادي للجريمة مع إنصراف علمه الي عناصر الجريمة. والعلم الذي يتطلب القانون ثبوته لقيام القصد الجنائي في جريمة إعداد مكان لألعاب القمار وتهيئته لدخول الناس فيه هو علم الجاني بأن ما يقوم به من نشاط مادي متمثل في إعداد وتهيئة المكان هو بقصد إستخدامه لألعاب القمار.
أما العلم بالقانون فهو مفترض ، فلا يقبل دفع المتهم بأنه لا يعلم أنواع ألعاب القمار المحظورة ، ولا حرج علي القاضي في إستظهار العلم من ظروف الدعوي وملابستها علي أي نحو يراه مؤدياً الي ذلك مادام يتضح من مدونات حكمه توافر هذا القصد توافراً فعلياً ، ولكن إذا دفع المتهم بإنتفاء العلم لدية فإنه يجب علي المحكمة أن ترد علي هذا الدفع بأسباب صحيحة سائغة مستمدة من أوراق الدعوي لاسيما إذا كان في ظروف الدعوي ما يسمح بإنتفاء العلم.
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه إذا كان دفاع المتهم قد دفع بعدم توافر جريمة إعداد منزل لألعاب القمار تأسيساً علي أن المنزل لم يكن مفتوحاً للجمهور بغير تمييز وأن جميع من ضبطوا فيه هم من أقاربه وأصدقائه ، وكان القانون يشترط لتطبيق المادة 352 عقوبات المعدلة بالقانون 17 لسنة 1955 أن يكون المحل مفتوحاً لألعاب القمار ليدخل فيه من يشاء وبغير قيد أو شرط ، فإن الدفاع الذي تمسك به الطاعن هو دفاع جوهري ، يبني عليه لو صح تغير وجه الرأي في الدعوي ، وإذا كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً ورداً فإنه يكون معيباً بالقصور(7).
كما يتعين أن تتجه إرادة المتهم صوب إرتكاب الفعل المكون للجريمة وأن تكون إرادة معتبرة قانوناً ، أي إرادة مميزة مختارة. ومن المستقر فقهاً وقضاءاً أن الباعث لا يعتبر من عناصر القصد الجنائي ، فيستوي أن يكون الباعث علي ارتكاب الجريمة هو الحصول علي كسب مادي أو الترويج لعمل تجاري .
ــــــــــــــــــــــ
(7) أنظر نقض 22 مارس سنة 1976 مجموعة أحكام محكمة النقض س 27 ص 212 .
المطلب الثالث
عقوبة الجريمة
العقوبة الأصلية :
رصد المشرع لكل من أعد مكاناً لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس هو وصيارف المحل المذكور عقوبة الحبس الذي لا يقل عن 24 ساعة ولا يزيد علي ثلاث سنوات ، وغرامة لا تقل عن مائة قرش ولا تزيد علي ألف جنيه ، ويلاحظ أن الحكم بالحبس والغرامة معاً وجوبي علي المحكمة.
العقوبة التكميلية :
أوجب المشرع علي المحكمة أن تحكم بمصادرة النقود والأمتعة والأدوات التي استعملت أو استخدمت في اللعب وتلك التي ضبطت في مكان اللعب .
الاجراءات التحفظية :
تنص المادة 352 عقوبات علي أن تضبط النقود والأمتعة في المحلات الجاري فيها الألعاب المذكورة. كما تنص المادة 672 من التعليمات العامة للنيايات علي أن توضع الأشياء والأوراق التي تضبط في أحراز مغلقة - وتربط كلما أمكن - ويختم عليها بخاتم المحقق ، ويكتب علي شريط داخل الختم تاريخ المحضر المحرر بضبط تلك الأشياء ، ويشار الي الموضوع الذي حصل الضبط من أجله .
تطبيقات من أحكام النقض على جريمة إعداد مكان أو تهيئتة لألعاب القمار :
* المسكن الخاص يمكن إعتباره محلاً للعب القمار إذا كان صاحبه قد أعده جميعه أو غرفه أو مكاناً منه أو من ملحقاته لهذا اللعب و جعله مباحاً لدخول الناس فيه لهذا الغرض.
( نقض 28 فبراير سنة 1929 طعن رقم 920 س 46 قضائية “قديم” )
* مجرد وجود أشخاص بمنزل خصوصي و أمامهم ورق لعب و نقود لا يدل علي أن صاحب المنزل قد أعد منزله للعب القمار و أباح للجمهور دخوله لهذا الغرض بل لابد من قيام الدليل علي ذلك حتي يمكن تطبيق المادة " 307 " من قانون العقوبات .
( نقض 28 فبراير سنة 1929 طعن رقم 920 س 46 قضائية “قديم” )
* ما دام الحكم قد أثبت أن المتهم قد أعد غرفتين من منزله للعب القمار وضع فيهما الموائد وصفت حولها الكراسي، ويغشى الناس هذا المنزل للعب دون تمييز بينهم بحيث إن من تردد تارة قد لا يتردد أخرى، وأنه يعطي اللاعبين فيشا ويتقاضى عن اللعب نقوداً - فإن هذا الذي أثبته الحكم يجعل من منزله محلاً عاماً يغشاه الجمهور بلا تفريق للعب القمار مما يبيح لرجال البوليس الدخول فيه بغير إذن من النيابة. ولا جدوى لهذا الطاعن مما ينعاه على الحكم من أنه اعتبر منزله نادياً ما دامت العقوبة التي أوقعها عليه تدخل في العقوبة المقررة للجريمة التي أثبتها عليه موصوفة بوصفها الصحيح.
( نقض 26 ديسمبر سنة 1938 طعن رقم 115 س 9 قضائية )
* إن القانون رقم 38 لسنة 1941 بشأن المحال العمومية إذ عرف في المادة الأولي المحال التي تسري عليها أحكامه بأنها "1" الأماكن المعدة لبيع المأكولات والمشروبات بقصد تعاطيها في نفس المحل "2" الفنادق المعدة لإيواء الجمهور ، و إذ نص في المادة 44 علي أنه " فيما يتعلق بتطبيق أحكام المواد 18 و 19 و 28 تعد المحال التي يغشاها الجمهور محال عمومية " - إذ نص القانون علي هذا بعد أن أورد ذلك التعريف فقد دل علي أنه إذا كان المكان قد أعد للعب القمار بحيث يدخله الناس لهذا الغرض بلا تمييز بينهم و كان لا ينطبق عليه تعريف المحال العمومية كما جاءت به المادة الأولي لعدم إعداده للأكل أو الشرب أو النوم ، فإنه لا يعد من المحال العمومية إلا فيما يختص بأحكام المواد 18 و 19 و 28 المذكورة. و لما كانت العقوبة المقررة بالمواد 19 و 35 فقرة أخيرة و 38 للعب القمار في المحال العمومية هي الحبس لمدة لا تزيد علي ثلاثة شهور و الغرامة التي لا تتجاوز عشرة جنيهات أو إحدي هاتين العقوبتين وإغلاق المكان لمدة لا تزيد علي شهرين ، ثم لما كان المكان الذي يخصص للعب القمار فقط لا يفرض علي من يفتحه إخطار جهة الإدارة عنه و عن الغرض المخصص له ، لأن لعب القمار ممنوع أصلاً في المحال العمومية فلا يمكن أن يكون محل ترخيص صريح أو ضمني حتي كانت تصح المطالبة بالإخطار عنه مقدماً ، و لأن هذا الإخطار ، بمقتضي المادة الرابعة ، خاص بالمحال الواردة ذكرها في المادة الأولي - لما كان ذلك كذلك فإن فتح ناد يغشاه الجمهور للعب القمار بدون ترخيص لا يمكن عده مخالفاً للمادة الرابعة من القانون رقم 38 لسنة 1941 ، و لا يكون إذن محل لمعاقبة صاحبه عن جريمة فتحه بغير إخطار سابق ، وكل ما يمكن أن يعاقب عليه هو تركه الناس يلعبون القمار في محل أعده خصيصاً لذلك ، الأمر المعاقب عليه بالمادة 19 من القانون المذكور.
( نقض 19 أبريل سنة 1943 طعن رقم 954 س 13 قضائية )
* وحيث أن النوادي ، وإن كانت بحسب الأصل أماكن خاصة لا يباح لأعضائها لعب القمار فيها فيما بينهم كما يباح اللعب في المساكن إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه النوادي محظوراً دخولها علي الجمهور فلا يدخلها إلا المشتركون فيها ولا يقبل فيها مشترك إلا بشروط معينة مبينة في قانون معمول به فيها. أما النوادي التي تفتح أبوابها لمن يريد اللعب من الجمهور بغير قيد ولا شرط أو التي تكون شروط القبول فيها شروطاً صورية غير معمول بها فهي أماكن مفتوحة لألعاب القمار بالمعني المقصود في المادة 352 من قانون العقوبات. وحيث أن الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنتين في جريمة فتح محل لألعاب القمار قال في ذلك : " إن موضوع هذه القضية يتحصل فيما قرره الضابط محمد أفندي دسوقي أحد شهود الإثبات من أنه أثناء مروره بشارع ترعة البولاقية شعر بأصوات غير عادية تدل علي حصول مشاحنة وكان الصوت منبعثاً من الدور الأول الأرضي بالمنزل رقم 47 شارع الترعة البولاقية
وقد أعد هذا لأن يكون نادياً بإسم نادي الكتبخانة ، فإضطر أن يدخله وكان معه وقتذاك من المخبرين عازر ميخائيل ومحمود محفوظ ، وقد كان الغرض من الدخول أن يتبينوا أسباب المشاحنة التي حصلت بداخل النادي ، وحينذاك رأوا عدة أشخاص يلعبون الميسر في غرف النادي كما وجدوا بإحدي الغرف خمسة أشخاص (ذكرت أسماؤهم في التحقيقات) وكان هؤلاء يجلسون في غرفة مغلقة ويلعبون البوكر ثم أجري تفتيش دفاتر النادي فوجد الجميع مقيدة أسماؤهم بدفاتر النادي باعتبارهم أعضاء فيها عدا واحداً منهم وإسمه يونان بطرس وصناعته بائع سجاير ، وهذا ليس إسمه مقيداً بالدفاتر ، واسترسل الشاهد قائلاً إنه وجد يونان بطرس المذكور يلعب البوكر مع باقي أعضاء النادي فضبط النقود التي أمامهم وما كان منها بأيديهم ، ولاحظ الشاهد أن أحد اللاعبين واسمه إبراهيم منيب جمع ما كان أمامه علي الترابيزة من النقود وحاول وضعها في جيبه فأمسك بيده قبل أن يدسها في جيبه وتبين أن ما بها كان ستة جنيهات كما ضبط الفيش الذي كان يستعمله اللاعبون ، وإن كلا من الشاهدين عازر ميخائيل ومحمود محفوظ قد أدليا بشهادتهما فجاءت مؤيدة في مبناها ومعناها لشهادة الضابط محمد أفندي دسوقي ، وإن أحد اللاعبين الذي تبين أنه غير مشترك في النادي وإسمه يونان بطرس سيدهم قد إعترف في التحقيقات وبالجلسة أنه دخل النادي بدعوة من بعض المشتركين فيه ولعب معهم البوكر وخسر بعض نقوده ، وإن المحكمة سمعت فوق هذا أقوال بعض أعضاء النادي ، فاعترفوا أنهم كانوا يلعبون البوكر وقت ضبطهم ، وأنه يستدل من التحقيقات وأقوال الشهود أن هذا النادي ما أنشيء لقصد التسلية شأنه شأن النوادي حسنة السمعة بل علي العكس قد ظهر أن الغرض منه هو إصطياد الناس للعب القمار كما تبين هذا من إعتراف الأعضاء بأنهم كانوا يلعبون البوكر وقت دخول الضابط ليفتش ناديهم ، وإنه متي ثبت هذا تكون التهمة المنسوبة إلي المتهمين صحيحة والأدلة عليها متوفرة وقد عني الحكم الاستئنافي فوق ذلك بالرد علي ما دفع به الطاعنان من أن المحل موضوع الدعوي هو ناد خاص غير مفتوح للجمهور ، وأن المبالغ التي كان يلعب اللاعبون تافهة القيمة فقال : " إنه عن الأمر الأول الذي دفع به المتهمان الدعوي من أن المحل موضوع الدعوي غير معدّ لدخول الناس فيه ، وأنه قاصر علي المشتركين المقبولين بصفة أعضاء فيه غير صحيح ، ومردود بأن البوليس وقت ضبط المحل قد وجد شخصاً يدعي يونان بطرس سيدهم يلعب البوكر ، مع أعضاء النادي ، وقد إعترف يونان بطرس المذكور بأنه حضر الي النادي بناء علي دعوة بعض المشتركين فيه ولعب معهم ألعاب القمار "البوكر" وخسر بعض النقود ، وأن إسمه غير مقيد ضمن أعضاء النادي المقبولين بصفة أعضاء فيه ، وأنه قد تردد علي المحل من ذي قبل أربع أو خمس مرات ولعب في كل منها ألعاب القمار ، وأن المتهم الأول قد عرض عليه في مداها بأن يشترك مع اللاعبين وقال المتهمان أن الشخص المتقدم الذكر كان قد قدّم طلباً قبل ضبطه ببضعة أيام يطلب فيه قبوله عضواً بالنادي موضوع الدعوي وإن طلبه هذا كان قيد البحث ، وأن هذا الذي ثبت من التحقيقات من وجود يونان بطرس يلعب ألعاب القمار بالمحل الموضوع الدعوي دون أن يكون عضواً فيه يدل علي أن المتهمين قد أعدّا محلهما ليدخل فيه من شاء من الناس لمجرد إرادته بغير قيد ولا شرط ، ومن ثم فإنه لا يمكن إعتبار محلهما من النوادي الخصوصية التي لا يدخلها إلا المشتركون فيها والتي لا يقبل فيها مشترك إلا بشروط مخصوصة مبينة في قانون معمول به فيها ، وإنه عن الأمر الثاني الذي دفع به المتهمان من أن اللاعبين بالمحل كانوا يلعبون في حال وجودهم بالمحل
بمبالغ تافهة القيمة لا يعفيهم من العقاب ولا يلتفت إليه لأن اللعبة التي كان اللاعبون يلعبونها هي لعبة " البوكر" وهي من ألعاب القمار البحت المنصوص عنها بالصراحة في القانون ، والكسب منها موكول لمجرد الصدفة ولا دخل فيها مطلقاً للمهارة والحذق والتدبر ، وهذا النوع من اللعب بوجه خاص لا يمكن أن ينظر فيه إلي قيمة ما هو حاصل اللعب عليه لأن المشرع لا يبيحه بأي حال من الأحوال". وحيث أنه يتضح من ذلك أن المحكمة قد إستخلصت في منطق سليم مما ثبت لديها من التحقيقات وشهادة الشهود من وجود يونان بطرس يلعب القمار بالمحل وتردده عليه لهذا الغرض أربع أو خمس مرات دون أن يكون عضواً فيه أن الطاعنين قد فتحا محلهما لألعاب القمار وأعداه ليدخل فيه من شاء من الناس من غير قيد ولا شرط ، ولما كان هذا الامر متعلقاً بموضوع الدعوي فإن تقديره من إختصاص قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض. وحيث أن لعبة البوكر التي وجد اللاعبون يلعبونها في المحل هي من ألعاب القمار المحظورة بمقتضي القانون رقم 38 الصادر في 21 يولية سنة 1941 بشأن المحال العمومية ، وقد أثبت الحكم أن المبلغ الذي كان موضوعاً للعب والذي حاول أحد اللاعبين إخفاءه في جيبه عند مباغتة رجال البوليس لهم هو ستة جنيهات ، ويظهر أن محكمة الموضوع بما لها من سلطة التقدير قد رأت أن مبلغ ستة جنيهات ليس بالمبلغ التافه الذي يمكن أن يستفاد منه أن اللعب قد قصد به مجرد اللهو البريء لا المقامرة الممنوعة ، ولذلك يكون الحكم المطعون فيه علي حق في أنه لم يأخذ بدفاع الطاعنين في هذا الصدد. وحيث أن مبني الوجه الثاني أن القانون يشترط في العقاب علي الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 من قانون العقوبات أن يكون المحل معداً لألعاب القمار أي أن يكون القمار هو العمل الوحيد الذي يمارس فيه ولا ينال بالعقاب إلا فاتح المحل وصيارفه .،ولما كان المحل موضوع الدعوي لم يعد للمقامرة بل أنشيء ليختلف إليه أعضاؤه ويمارسوا فيه أنواع التسلية التي يرتاحون إليها مثل المطالعة وإقاء المحاضرات ولعب الورق المباح ...... إلخ ، ولما كان الطاعنان لم يفتحا المحل ولم يؤسساه وليس فيهما أحد من الصيارفة فإن الحكم إذ دانهما في تلك الجريمة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وحيث إنه لا يشترط في العقاب علي الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 عقوبات أن يكون المحل قد أُعدّ خصيصاً لألعاب القمار وأن يكون الغرض الأصلي من فتحه هو إستغلاله في هذه الألعاب ، بل يكفي أن يكون مفتوحاً للاعبين يدخلونه في الأوقات المقررة فيما بينهم ويزاولون فيه ألعاب القمار حتي ولو كان مخصصاً لغرض آخر كمقهي أو مطعم أو فندق ، بل ولو لم يكن لصاحب المحل أية فائدة مادية من وراء تركه الناس يلعبون القمار فيه. وحيث أن القانون إذ نص في المادة المذكورة علي عقاب كل من فتح محلاً لألعاب القمار وصيارف المحل المذكور أراد أن ينال بالعقاب كل من يشتركون في إدارة المحل ويعملون علي تسهيل اللعب للراغبين فيه بتقديم الوسائل اللازمة له سواء في ذلك مدير المحل وصيارفته ولو لم يكونوا هم الموسسين له ، وهذا لا يمنع من تطبيق قواعد الإشتراك العامة علي من يعاونونهم من موظفين ، مؤسسين وخدمة. وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين أعدّا محلهما لدخول من يشاء من الناس للعب القمار فيه فهذا يكفي لتبرير تطبيق المادة 352 عقوبات في حقهما ولو لم يكونا هما اللذان أنشأوا المحل وأسساه في أول عهد إفتتاحه .
( نقض 6 مارس سنة 1944 مجموعة القواعد القانونية
ج 6 رقم 311 ص 417 )
وسوف نعالج هذه الجرائم علي النحو التالي :
الفصـل الأول : الجرائم المخلة بالآداب العامة في قانون العقوبات .
الفصل الثانى : الجرائم المخلة بالآداب العامة في القوانين الخاصة .
الفصل الأول
الجرائم المخلة بالآداب العامة في قانون
تضمن قانون العقوبات بعض الجرائم المخلة بالآداب العامة ، وسوف نعالج هذا الموضوع علي النحو التالي :
المبحث الأول : جريمة إعداد مكان أو تهيئتة لألعاب القمار ( المادة 352 عقوبات ).
المبحث الثاني : التحريض علناً علي الفسق (المادة 269 مكرراً عقوبات).
المبحث الثالث : االتعرض للغير بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية ( المادة 306 مكرراً (أ) عقوبات ).
المبحث الرابع : التحرش الجنسى.
المبحث الخامس : حيتازة صور أو مطبوعات مخالفة للآداب العامة ( المادة 178 من قانون العقوبات ).
المبحث السادس : الجهر بأغان أو صياح أو خطب مخالفة للآداب العامـة ( الفقرة الثانية من المادة 178 من قانون العقوبات ).
المبحث الأول
جريمة إعداد مكان أو تهيئتة لألعاب
نص قانونى :
تنص المادة 352 عقوبات علي أن " كل من أعد مكاناً لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس فيه يعاقب هو وصيارف المحل المذكور بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألف جنيه وتضبط جميع النقود والأمتعة في المحلات الجاري فيها الألعاب المذكورة ويحكم بمصادرتها " (1).
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) المادة 352 مستبدلة بموجب القانون رقم 17 لسنة 1955 ، وكان نصها عند إصدار القانون رقم 58 لسنة 1937 علي النحو التالي : " كل من فتح محلاً لألعاب القمار والنصيب وأعده لدخول الناس فيه يعاقب هو وصيارف المحل المذكور بالحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر ويدفع غرامة لا تتجاوز خمسين جنيهاً مصرياً أو بإحدي هاتين العقوبتين فقط وتضبط أيضاً لجانب الحكومة جميع النقود والأمتعة التي توجد فى المحلات الجاري فيها الألعاب المذكورة ".
تقوم هذه الجريمة علي ركنين ، الأول : الركن المادي ، والثاني : الركن المعنوي.
وسوف نتناول ذلك علي النحو التالي :
المطلب الأول : الركن المادي.
المطلب الثانى : الركن المعنوي.
المطلب الثالث : عقوبة الجريمة .
المطلب الأول
الركن المادى
عناصر النشاط المادي :
يتخذ النشاط المادي في هذه الجريمة شكل سلوك إيجابي يصدر من الجاني ويتمثل في إعداد وتهيئة المكان لدخول الناس فيه لممارسة ألعاب القمار ، وسوف نتناول فيما يلي عناصر النشاط المادي في هذه الجريمة.
( أولاً ) المقصود بالمقامرة:
المقامرة عقد يتعهد بموجبه كل مقامر أن يدفع إذا خسر المقامرة للمقامر الذي كسبها مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر يتفق عليه (2) ، ومثال ذلك أن يتفق المتبارون في ألعاب الورق كالبوكر أو البكاراه أو الكونكان أو البريدج علي أن من يكسب اللعب منهم يأخذ من الخاسرين مقداراً معيناً من المال. وقد حرم التقنين المدني الحالي المقامرة ، ورتب علي هذا البطلان نتائجه القانونية ، فلم يكتف بمنع إجبار من خسر في مقامرة أو رهان علي أداء إلتزامه ، بل أجاز له أيضاً إسترداد ما أداه من خسارة ولو أداها إختياراً ، بل ولو كان هناك إتفاق يقضي بعدم جواز الاسترداد (3).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(2) تفترق المقامرة عن الرهان فى أن المقامر يقوم بدور إيجابي فى محاولة تحقيق الواقعة غير المحققة ، أما المتراهن فلا يقوم بأي دور فى محاولة تحقيق صدق قوله.
أنظر الدكتور عبد الرازق السنهوري : الوسيط فى شرح القانون المدني ، القاهرة ، الجزء السابع ، المجلد الثاني ، عقود الغرر ، دار النهضة العربية ، 1990 ، بند 484 ص 1258 .
(3) تنص المادة 739 من التقنين المدني علي ما يأتي :
1 - يكون باطلاً كل إتفاق خاص بمقامرة أو رهان.
2 - ولمن خسر فى مقامرة أو رهان أن يسترد ما دفعه خلال ثلاث سنوات من الوقت الذي أدي فيه ما خسره ولو كان هناك إتفاق يقضي بغير ذلك وله أن يثبت ما أداه بجميع الطرق.
( ثانياً ) المقصود بألعاب القمار :
لم يحدد المشرع في قانون العقوبات المقصود بألعاب القمار ، بيد أن وزير الداخلية قد أصدر القرار الوزاري رقم 37 لسنة 1957 وبين فيه ما يعتبر من ألعاب القمار التي لا يجوز مباشرتها في المحال العامة والملاهي وذلك تنفيذاً للمادة التاسعة عشر من القانون رقم 371 لسنة 1956 وهذه الألعاب هي : البكاراه - السكة الجديد (الشيمان دي فير) - اللانسكينه -الواحد والثلاثين - الأربعين - الفرعون - البوكر العادي - البوكر الأمريكاني المكشوف - الهاريكيري - الزوكوف - الاسانسير - البيكا - البوكر بالظهر (بوكر دايس) - الروليت - لعب الكورة (بول) - ماكينة الخيول الصغيرة - الكونكان بأنواعه العادي والضرب والفيدو
والرفيد والدويل توت والبولة والجاشيت والبي بي سي والكونكان الأمريكاني المعروف بإسم الدومينو الأمريكاني بالورق - رامي الجين - رامي السيف - السبعة ونصف - البريما - البرغوثة (شيش بيش) -الكانستا - الكانستونيا - البيناكل - الكولون - الكبة - الترسنا - البرسكولا - سكوبا - البستيا - الايكارتيه - الماوس - البزيك - البصرة - البشكة - الكومي - الشايب - الهارب - الطمبولا - البنجو. وكذلك تعتبر من ألعاب القمار الألعاب التي تتفرع من الألعاب السابقة الذكر والمشابهة لها.
ويلاحظ أن الألعاب المشار اليها بقرار وزير الداخلية سالف الذكر قد وردت علي سبيل المثال لا الحصر ، وقد عرفت محكمة النقض ألعاب القمار بأنها الألعاب التي تكون ذات خطر علي مصالح الجمهور لأن الربح فيها موكلاً للحظ أكثر منه للمهارة ، ولايشترط أن يكون موضوع المقامرة مال ، فيجوز أن تقوم المقامـرة علي أي شيء يمكن تقويمـه بالمال ، وذلك كالمأكل والشراب وغيره. ويتعين علي المحكمة أن تبين في حكمها نوع اللعب الذي ثبت حصوله ، فإن كان من غير الألعاب المذكورة في المادة الاولي من قرار وزير الداخلية سالف الذكر فإنه يجب علي المحكمة أن تبين ما إذا كان هذا اللعب مشابهاً لما ورد في القرار وتحدد نوعه ، وإلا كان حكمها قاصراً.
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد اكتفي بقوله أن التهمة ثابتة مما أثبته محرر المحضر بمحضره فلم يذكر نوع اللعبة ولم يبين كيفيتها وأوجه الشبه بينها وبين أي من الألعاب التي يشملها نص القرار الوزاري المذكور وأن للحظ فيها النصيب الأوفر وبذلك جاء مجهلاً في هذا الخصوص مما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون علي واقعة الدعوي كما صار إثباتها بالحكم والإدلاء برأي فيما يثيره الطاعن بأسباب طعنه وهو مايعيبه بالقصور ويستوجب نقضه(4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) أنظر نقض 16 اكتوبر سنة 1984 مجموعة احكام محكمة النقض س 35 رقم 147 ص 678 .
( ثالثاً ) المقصود بإعداد المكان وتهيئته :
يقصد بإعداد المكان تجهيزه لألعاب القمار وذلك بتوفير الإمكانيات اللازمة للعب وذلك كمنضدة القمار وأوراق اللعب أو الفيشات المستخدمة في ذلك ، كما يعتبر من قبيل تهيئة المكان تجهيزه بالوسائل اللازمة لمراقبة الشرطة. وينصب التجهيز والإعداد علي " مكان " وهو كل موقع يعد أو يهيئ لألعاب القمار ، سواء كان مسكناً ، أو غرفة في مسكن ، أو نادي أو غيره مما يصلح لأن يكون كذلك. ويختلف المكان بإختلاف مستوي المترددين عليه ، ولا يشترط أن يكون المكان قد أعد خصيصاً لألعاب القمار ، أو أن يكون الغرض الأصلي من فتحه هو استغلاله في هذه الألعاب ، بل يكفي أن يكون مفتوحاً للاعبين يدخلون للعب في الأوقات التي يحددونها فيما بينهم ، ولو كان تخصيصه لغرض آخر كمقهي أو مطعم أو فندق ، بل ولو كان صاحبه لايجني أية فائدة مادية من وراء اللعب (5).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(5) أنظر نقض 6 مارس سنة 1944 مجموعـة القواعد القانونية ج 6 رقم 311 ص 417 ( رابعاً ) توافر شرط العمومية :
اشترط المشرع أن يكون إعداد وتهيئة المكان لألعاب القمار بقصد دخول الناس فيه ، وبذلك فإنه يتعين أن يكون المكان معداً أو مهيئاً لإستقبال الناس كافة
، وبمفهوم المخالفة فإن إعداد المكان وتهيئته لإستقبال عدد من الأصدقاء أو الأقارب لممارسة ألعاب القمار غير معاقب عليه ، وذلك لأنه غير مسموح للناس كافة بالدخول فيه لممارسة ألعاب القمار.
ولكن ينبغي أن يلاحظ أن هذه العمومية لا تعني حرمان الجاني من التحكم في اختيار عملائه ، فقد يختارهم من طبقة اجتماعية معينة ، أو من أفراد مهنة معينة ، أو من المواطنين أو من الأجانب ، أو من الأغنياء ، أو قد يراعي الجاني بعض الاعتبارات الخاصة التي يشعر بأهميتها من يعد مكاناً ويهيئه لألعاب القمار ، ولا يخل هذا الاختيار بشرط العمومية اللازم توافره في هذه الجريمة ، وذلك لأن هذا الاختيار لا يحول دون تردد كل من توافر فيه هذه الصفة علي المكان للعب القمار.
( خامساً ) نطاق المسئولية الجنائية عن ألعاب القمار :
تنحصر المسئولية الجنائية في الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 عقوبات فيمن أعد أو هيأ مكاناً لألعاب القمار أو من تولي أعمال الصيرفة فيه ، وبذلك يبين أن المشرع قد أراد أن ينال بالعقاب كل من يشترك في إدارة المحل أو يعمل علي تسهيل اللعب للراغبين فيه بتقديم مايلزم له ، سواء كان من صيارفة المحل أو مديروه ولو لم يكن لهم دخل في فتحه وتأسيسه ، وهذا لا يمنع من تطبيق قواعد الاشتراك العامة علي من يعاونهم من موظفين ومرؤسين وخدم. وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه مادامت المحكمة قد أثبتت في حكمها أن النادي محل الدعوي لم يفتح إلا للعب القمار ، ومادام المتهم معترفاً بإدارته للنادي ، فهو مسئول ولو كان غيره هو رئيس النادي (6).
وتأسيساً علي ما تقدم فإنه لا مسئولية جنائية قبل من يضبط ممارساً لألعاب القمار المؤثمة قانوناً في غير المحال العامة المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956، وذلك لأن نطاق المسئولية محصور في من فتح المحل أو تولي أعمال الصيرفة فيه. بيد أن ذلك لا يخل بإمكان مسائلة من ضبط يمارس
ــــــــــــــــــــــــــــ
(6) انظر نقض 28 ابريل سنة 1948 مجموعة القواعد القانونية ج7 رقم 585 ص 552 .
المطلب الثانى
عناصر الركن المعنوى :
إن هذه الجريمة عمدية ، يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والإرادة ، فيتعين أن تتجه إرادة الجاني صوب إرتكاب الفعل المكون للركن المادي للجريمة مع إنصراف علمه الي عناصر الجريمة. والعلم الذي يتطلب القانون ثبوته لقيام القصد الجنائي في جريمة إعداد مكان لألعاب القمار وتهيئته لدخول الناس فيه هو علم الجاني بأن ما يقوم به من نشاط مادي متمثل في إعداد وتهيئة المكان هو بقصد إستخدامه لألعاب القمار.
أما العلم بالقانون فهو مفترض ، فلا يقبل دفع المتهم بأنه لا يعلم أنواع ألعاب القمار المحظورة ، ولا حرج علي القاضي في إستظهار العلم من ظروف الدعوي وملابستها علي أي نحو يراه مؤدياً الي ذلك مادام يتضح من مدونات حكمه توافر هذا القصد توافراً فعلياً ، ولكن إذا دفع المتهم بإنتفاء العلم لدية فإنه يجب علي المحكمة أن ترد علي هذا الدفع بأسباب صحيحة سائغة مستمدة من أوراق الدعوي لاسيما إذا كان في ظروف الدعوي ما يسمح بإنتفاء العلم.
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه إذا كان دفاع المتهم قد دفع بعدم توافر جريمة إعداد منزل لألعاب القمار تأسيساً علي أن المنزل لم يكن مفتوحاً للجمهور بغير تمييز وأن جميع من ضبطوا فيه هم من أقاربه وأصدقائه ، وكان القانون يشترط لتطبيق المادة 352 عقوبات المعدلة بالقانون 17 لسنة 1955 أن يكون المحل مفتوحاً لألعاب القمار ليدخل فيه من يشاء وبغير قيد أو شرط ، فإن الدفاع الذي تمسك به الطاعن هو دفاع جوهري ، يبني عليه لو صح تغير وجه الرأي في الدعوي ، وإذا كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً ورداً فإنه يكون معيباً بالقصور(7).
كما يتعين أن تتجه إرادة المتهم صوب إرتكاب الفعل المكون للجريمة وأن تكون إرادة معتبرة قانوناً ، أي إرادة مميزة مختارة. ومن المستقر فقهاً وقضاءاً أن الباعث لا يعتبر من عناصر القصد الجنائي ، فيستوي أن يكون الباعث علي ارتكاب الجريمة هو الحصول علي كسب مادي أو الترويج لعمل تجاري .
ــــــــــــــــــــــ
(7) أنظر نقض 22 مارس سنة 1976 مجموعة أحكام محكمة النقض س 27 ص 212 .
المطلب الثالث
عقوبة الجريمة
العقوبة الأصلية :
رصد المشرع لكل من أعد مكاناً لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس هو وصيارف المحل المذكور عقوبة الحبس الذي لا يقل عن 24 ساعة ولا يزيد علي ثلاث سنوات ، وغرامة لا تقل عن مائة قرش ولا تزيد علي ألف جنيه ، ويلاحظ أن الحكم بالحبس والغرامة معاً وجوبي علي المحكمة.
العقوبة التكميلية :
أوجب المشرع علي المحكمة أن تحكم بمصادرة النقود والأمتعة والأدوات التي استعملت أو استخدمت في اللعب وتلك التي ضبطت في مكان اللعب .
الاجراءات التحفظية :
تنص المادة 352 عقوبات علي أن تضبط النقود والأمتعة في المحلات الجاري فيها الألعاب المذكورة. كما تنص المادة 672 من التعليمات العامة للنيايات علي أن توضع الأشياء والأوراق التي تضبط في أحراز مغلقة - وتربط كلما أمكن - ويختم عليها بخاتم المحقق ، ويكتب علي شريط داخل الختم تاريخ المحضر المحرر بضبط تلك الأشياء ، ويشار الي الموضوع الذي حصل الضبط من أجله .
تطبيقات من أحكام النقض على جريمة إعداد مكان أو تهيئتة لألعاب القمار :
* المسكن الخاص يمكن إعتباره محلاً للعب القمار إذا كان صاحبه قد أعده جميعه أو غرفه أو مكاناً منه أو من ملحقاته لهذا اللعب و جعله مباحاً لدخول الناس فيه لهذا الغرض.
( نقض 28 فبراير سنة 1929 طعن رقم 920 س 46 قضائية “قديم” )
* مجرد وجود أشخاص بمنزل خصوصي و أمامهم ورق لعب و نقود لا يدل علي أن صاحب المنزل قد أعد منزله للعب القمار و أباح للجمهور دخوله لهذا الغرض بل لابد من قيام الدليل علي ذلك حتي يمكن تطبيق المادة " 307 " من قانون العقوبات .
( نقض 28 فبراير سنة 1929 طعن رقم 920 س 46 قضائية “قديم” )
* ما دام الحكم قد أثبت أن المتهم قد أعد غرفتين من منزله للعب القمار وضع فيهما الموائد وصفت حولها الكراسي، ويغشى الناس هذا المنزل للعب دون تمييز بينهم بحيث إن من تردد تارة قد لا يتردد أخرى، وأنه يعطي اللاعبين فيشا ويتقاضى عن اللعب نقوداً - فإن هذا الذي أثبته الحكم يجعل من منزله محلاً عاماً يغشاه الجمهور بلا تفريق للعب القمار مما يبيح لرجال البوليس الدخول فيه بغير إذن من النيابة. ولا جدوى لهذا الطاعن مما ينعاه على الحكم من أنه اعتبر منزله نادياً ما دامت العقوبة التي أوقعها عليه تدخل في العقوبة المقررة للجريمة التي أثبتها عليه موصوفة بوصفها الصحيح.
( نقض 26 ديسمبر سنة 1938 طعن رقم 115 س 9 قضائية )
* إن القانون رقم 38 لسنة 1941 بشأن المحال العمومية إذ عرف في المادة الأولي المحال التي تسري عليها أحكامه بأنها "1" الأماكن المعدة لبيع المأكولات والمشروبات بقصد تعاطيها في نفس المحل "2" الفنادق المعدة لإيواء الجمهور ، و إذ نص في المادة 44 علي أنه " فيما يتعلق بتطبيق أحكام المواد 18 و 19 و 28 تعد المحال التي يغشاها الجمهور محال عمومية " - إذ نص القانون علي هذا بعد أن أورد ذلك التعريف فقد دل علي أنه إذا كان المكان قد أعد للعب القمار بحيث يدخله الناس لهذا الغرض بلا تمييز بينهم و كان لا ينطبق عليه تعريف المحال العمومية كما جاءت به المادة الأولي لعدم إعداده للأكل أو الشرب أو النوم ، فإنه لا يعد من المحال العمومية إلا فيما يختص بأحكام المواد 18 و 19 و 28 المذكورة. و لما كانت العقوبة المقررة بالمواد 19 و 35 فقرة أخيرة و 38 للعب القمار في المحال العمومية هي الحبس لمدة لا تزيد علي ثلاثة شهور و الغرامة التي لا تتجاوز عشرة جنيهات أو إحدي هاتين العقوبتين وإغلاق المكان لمدة لا تزيد علي شهرين ، ثم لما كان المكان الذي يخصص للعب القمار فقط لا يفرض علي من يفتحه إخطار جهة الإدارة عنه و عن الغرض المخصص له ، لأن لعب القمار ممنوع أصلاً في المحال العمومية فلا يمكن أن يكون محل ترخيص صريح أو ضمني حتي كانت تصح المطالبة بالإخطار عنه مقدماً ، و لأن هذا الإخطار ، بمقتضي المادة الرابعة ، خاص بالمحال الواردة ذكرها في المادة الأولي - لما كان ذلك كذلك فإن فتح ناد يغشاه الجمهور للعب القمار بدون ترخيص لا يمكن عده مخالفاً للمادة الرابعة من القانون رقم 38 لسنة 1941 ، و لا يكون إذن محل لمعاقبة صاحبه عن جريمة فتحه بغير إخطار سابق ، وكل ما يمكن أن يعاقب عليه هو تركه الناس يلعبون القمار في محل أعده خصيصاً لذلك ، الأمر المعاقب عليه بالمادة 19 من القانون المذكور.
( نقض 19 أبريل سنة 1943 طعن رقم 954 س 13 قضائية )
* وحيث أن النوادي ، وإن كانت بحسب الأصل أماكن خاصة لا يباح لأعضائها لعب القمار فيها فيما بينهم كما يباح اللعب في المساكن إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه النوادي محظوراً دخولها علي الجمهور فلا يدخلها إلا المشتركون فيها ولا يقبل فيها مشترك إلا بشروط معينة مبينة في قانون معمول به فيها. أما النوادي التي تفتح أبوابها لمن يريد اللعب من الجمهور بغير قيد ولا شرط أو التي تكون شروط القبول فيها شروطاً صورية غير معمول بها فهي أماكن مفتوحة لألعاب القمار بالمعني المقصود في المادة 352 من قانون العقوبات. وحيث أن الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنتين في جريمة فتح محل لألعاب القمار قال في ذلك : " إن موضوع هذه القضية يتحصل فيما قرره الضابط محمد أفندي دسوقي أحد شهود الإثبات من أنه أثناء مروره بشارع ترعة البولاقية شعر بأصوات غير عادية تدل علي حصول مشاحنة وكان الصوت منبعثاً من الدور الأول الأرضي بالمنزل رقم 47 شارع الترعة البولاقية
وقد أعد هذا لأن يكون نادياً بإسم نادي الكتبخانة ، فإضطر أن يدخله وكان معه وقتذاك من المخبرين عازر ميخائيل ومحمود محفوظ ، وقد كان الغرض من الدخول أن يتبينوا أسباب المشاحنة التي حصلت بداخل النادي ، وحينذاك رأوا عدة أشخاص يلعبون الميسر في غرف النادي كما وجدوا بإحدي الغرف خمسة أشخاص (ذكرت أسماؤهم في التحقيقات) وكان هؤلاء يجلسون في غرفة مغلقة ويلعبون البوكر ثم أجري تفتيش دفاتر النادي فوجد الجميع مقيدة أسماؤهم بدفاتر النادي باعتبارهم أعضاء فيها عدا واحداً منهم وإسمه يونان بطرس وصناعته بائع سجاير ، وهذا ليس إسمه مقيداً بالدفاتر ، واسترسل الشاهد قائلاً إنه وجد يونان بطرس المذكور يلعب البوكر مع باقي أعضاء النادي فضبط النقود التي أمامهم وما كان منها بأيديهم ، ولاحظ الشاهد أن أحد اللاعبين واسمه إبراهيم منيب جمع ما كان أمامه علي الترابيزة من النقود وحاول وضعها في جيبه فأمسك بيده قبل أن يدسها في جيبه وتبين أن ما بها كان ستة جنيهات كما ضبط الفيش الذي كان يستعمله اللاعبون ، وإن كلا من الشاهدين عازر ميخائيل ومحمود محفوظ قد أدليا بشهادتهما فجاءت مؤيدة في مبناها ومعناها لشهادة الضابط محمد أفندي دسوقي ، وإن أحد اللاعبين الذي تبين أنه غير مشترك في النادي وإسمه يونان بطرس سيدهم قد إعترف في التحقيقات وبالجلسة أنه دخل النادي بدعوة من بعض المشتركين فيه ولعب معهم البوكر وخسر بعض نقوده ، وإن المحكمة سمعت فوق هذا أقوال بعض أعضاء النادي ، فاعترفوا أنهم كانوا يلعبون البوكر وقت ضبطهم ، وأنه يستدل من التحقيقات وأقوال الشهود أن هذا النادي ما أنشيء لقصد التسلية شأنه شأن النوادي حسنة السمعة بل علي العكس قد ظهر أن الغرض منه هو إصطياد الناس للعب القمار كما تبين هذا من إعتراف الأعضاء بأنهم كانوا يلعبون البوكر وقت دخول الضابط ليفتش ناديهم ، وإنه متي ثبت هذا تكون التهمة المنسوبة إلي المتهمين صحيحة والأدلة عليها متوفرة وقد عني الحكم الاستئنافي فوق ذلك بالرد علي ما دفع به الطاعنان من أن المحل موضوع الدعوي هو ناد خاص غير مفتوح للجمهور ، وأن المبالغ التي كان يلعب اللاعبون تافهة القيمة فقال : " إنه عن الأمر الأول الذي دفع به المتهمان الدعوي من أن المحل موضوع الدعوي غير معدّ لدخول الناس فيه ، وأنه قاصر علي المشتركين المقبولين بصفة أعضاء فيه غير صحيح ، ومردود بأن البوليس وقت ضبط المحل قد وجد شخصاً يدعي يونان بطرس سيدهم يلعب البوكر ، مع أعضاء النادي ، وقد إعترف يونان بطرس المذكور بأنه حضر الي النادي بناء علي دعوة بعض المشتركين فيه ولعب معهم ألعاب القمار "البوكر" وخسر بعض النقود ، وأن إسمه غير مقيد ضمن أعضاء النادي المقبولين بصفة أعضاء فيه ، وأنه قد تردد علي المحل من ذي قبل أربع أو خمس مرات ولعب في كل منها ألعاب القمار ، وأن المتهم الأول قد عرض عليه في مداها بأن يشترك مع اللاعبين وقال المتهمان أن الشخص المتقدم الذكر كان قد قدّم طلباً قبل ضبطه ببضعة أيام يطلب فيه قبوله عضواً بالنادي موضوع الدعوي وإن طلبه هذا كان قيد البحث ، وأن هذا الذي ثبت من التحقيقات من وجود يونان بطرس يلعب ألعاب القمار بالمحل الموضوع الدعوي دون أن يكون عضواً فيه يدل علي أن المتهمين قد أعدّا محلهما ليدخل فيه من شاء من الناس لمجرد إرادته بغير قيد ولا شرط ، ومن ثم فإنه لا يمكن إعتبار محلهما من النوادي الخصوصية التي لا يدخلها إلا المشتركون فيها والتي لا يقبل فيها مشترك إلا بشروط مخصوصة مبينة في قانون معمول به فيها ، وإنه عن الأمر الثاني الذي دفع به المتهمان من أن اللاعبين بالمحل كانوا يلعبون في حال وجودهم بالمحل
بمبالغ تافهة القيمة لا يعفيهم من العقاب ولا يلتفت إليه لأن اللعبة التي كان اللاعبون يلعبونها هي لعبة " البوكر" وهي من ألعاب القمار البحت المنصوص عنها بالصراحة في القانون ، والكسب منها موكول لمجرد الصدفة ولا دخل فيها مطلقاً للمهارة والحذق والتدبر ، وهذا النوع من اللعب بوجه خاص لا يمكن أن ينظر فيه إلي قيمة ما هو حاصل اللعب عليه لأن المشرع لا يبيحه بأي حال من الأحوال". وحيث أنه يتضح من ذلك أن المحكمة قد إستخلصت في منطق سليم مما ثبت لديها من التحقيقات وشهادة الشهود من وجود يونان بطرس يلعب القمار بالمحل وتردده عليه لهذا الغرض أربع أو خمس مرات دون أن يكون عضواً فيه أن الطاعنين قد فتحا محلهما لألعاب القمار وأعداه ليدخل فيه من شاء من الناس من غير قيد ولا شرط ، ولما كان هذا الامر متعلقاً بموضوع الدعوي فإن تقديره من إختصاص قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض. وحيث أن لعبة البوكر التي وجد اللاعبون يلعبونها في المحل هي من ألعاب القمار المحظورة بمقتضي القانون رقم 38 الصادر في 21 يولية سنة 1941 بشأن المحال العمومية ، وقد أثبت الحكم أن المبلغ الذي كان موضوعاً للعب والذي حاول أحد اللاعبين إخفاءه في جيبه عند مباغتة رجال البوليس لهم هو ستة جنيهات ، ويظهر أن محكمة الموضوع بما لها من سلطة التقدير قد رأت أن مبلغ ستة جنيهات ليس بالمبلغ التافه الذي يمكن أن يستفاد منه أن اللعب قد قصد به مجرد اللهو البريء لا المقامرة الممنوعة ، ولذلك يكون الحكم المطعون فيه علي حق في أنه لم يأخذ بدفاع الطاعنين في هذا الصدد. وحيث أن مبني الوجه الثاني أن القانون يشترط في العقاب علي الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 من قانون العقوبات أن يكون المحل معداً لألعاب القمار أي أن يكون القمار هو العمل الوحيد الذي يمارس فيه ولا ينال بالعقاب إلا فاتح المحل وصيارفه .،ولما كان المحل موضوع الدعوي لم يعد للمقامرة بل أنشيء ليختلف إليه أعضاؤه ويمارسوا فيه أنواع التسلية التي يرتاحون إليها مثل المطالعة وإقاء المحاضرات ولعب الورق المباح ...... إلخ ، ولما كان الطاعنان لم يفتحا المحل ولم يؤسساه وليس فيهما أحد من الصيارفة فإن الحكم إذ دانهما في تلك الجريمة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وحيث إنه لا يشترط في العقاب علي الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 عقوبات أن يكون المحل قد أُعدّ خصيصاً لألعاب القمار وأن يكون الغرض الأصلي من فتحه هو إستغلاله في هذه الألعاب ، بل يكفي أن يكون مفتوحاً للاعبين يدخلونه في الأوقات المقررة فيما بينهم ويزاولون فيه ألعاب القمار حتي ولو كان مخصصاً لغرض آخر كمقهي أو مطعم أو فندق ، بل ولو لم يكن لصاحب المحل أية فائدة مادية من وراء تركه الناس يلعبون القمار فيه. وحيث أن القانون إذ نص في المادة المذكورة علي عقاب كل من فتح محلاً لألعاب القمار وصيارف المحل المذكور أراد أن ينال بالعقاب كل من يشتركون في إدارة المحل ويعملون علي تسهيل اللعب للراغبين فيه بتقديم الوسائل اللازمة له سواء في ذلك مدير المحل وصيارفته ولو لم يكونوا هم الموسسين له ، وهذا لا يمنع من تطبيق قواعد الإشتراك العامة علي من يعاونونهم من موظفين ، مؤسسين وخدمة. وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين أعدّا محلهما لدخول من يشاء من الناس للعب القمار فيه فهذا يكفي لتبرير تطبيق المادة 352 عقوبات في حقهما ولو لم يكونا هما اللذان أنشأوا المحل وأسساه في أول عهد إفتتاحه .
( نقض 6 مارس سنة 1944 مجموعة القواعد القانونية
ج 6 رقم 311 ص 417 )