أحكام غسل الأموال
دراسة مقارنة
رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه
إشراف
المشرف
الرئيس:د/ حمزة بوستان حمزة
الأستاذ
المشارك في قسم السياسة الشرعية
المشرف
المساعد: د/ خالد بن عبدالرحمن المشعل
عميد
الدراسات العليا – الأستاذ المشارك في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية
إعداد
الطالب
عبدالله
بن ثنيان الثنيان
1427/2006م
بسم
الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده
ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من
يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً
عبده ورسوله e
أما بعد:
فقد أحلّ الله لعباده الطيبات ينتفعون بها،
وحرم عليهم الخبائث، ومنها الأموال المتحصلة من الحرام، رحمة بهم وحرصاً على
مصلحتهم، وإن من أعظم ما يضر بالفرد والجماعة المال الحرام فخطره عظيم وضرره جسيم.
والإنسان مفطور على حب المال، فهو عصب
الحياة، لذلك نجد أن الإنسان يتمنى المزيد منه، قال تعالى: {وتحبون المال حبا جما } ([1]).
ولا
شك أن طلب المال - في الغالب – هو الشغل الشاغل للإنسان، وهو في الحياة في جهاد مع
نفسه لترويضها عن الانحراف وراء تيار الأموال، والتدقيق في منبع المال ومصرفه،
ويجب على الإنسان أن يعلم أنه لم يخلق عبثاً، بل خُلق لعبادة الله سبحانه وتعالى،
وعبادته جلّ وعلا ليست قاصرة في أداء العبادات فقط، بل شاملة لجميع مظاهر الحياة،
ومن ذلك تحصيل المال وإنفاقه وتنميته، لأن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب ليقوم
الناس بالقسط، وختم الشرائع بشريعة كاملة لم تترك شيئاً إلا بينته وفصلته، وجاءت
بحلول سديدة وقواعد جامعة يحتكم إليها في كافة المعاملات وشئون الحياة.
وعندما
أباح الإسلام الملكية الفردية وأجاز كسب المال وفق الطرق المشروعة فكل ذلك يدور في
فلك الشريعة الإسلامية، التي يوجد فيها ما ينقذ المسلم من الهلاك ويجنبه الشقاء.
ولئن
أجاز الإسلام الحلال، إلا أنه منع من الحرام، وحذر من الشبهات، فالحقوق محفوظة
محترمة، ما دامت مصانة بسبب شرعي، لذلك ضبط الإسلام كسب الأموال ووضع مبادئ للناس
تحقق مصالحهم.
ومن
هذه المبادئ مبدأ الحلال والحرام الذي هو أساس البنيان، فإذا ثبت الأساس وقوي
استقام البنيان والعكس صحيح، ومع ذلك فإن وقوع الحرام في أيدي الناس نوع من
الابتلاء يقع في كل زمان ومكان، ومن ذلك الأموال المتحصلة من الحرام وقد عالج
الإسلام جميع القضايا معالجة حكيمة تناسب الزمان والمكان والحال، وهذا سر تميز
الشريعة الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
وإذا
كان جمع المال يوافق الفطرة وأباحه الإسلام؛ فإن حيازته عن طريق محرم أمر لا يقره
الإسلام ولا يرضى به، فالمال في ميزان الشرع ليس مذموماً لذاته، بل يذم إن كان
تحصيله بطريق محظور.
ومع
التطور التقني وفي عصر العولمة التي أدت إلى سيطرة رأس المال على القرار السياسي
وسيادة الدول، وما تبع ذلك من جعل العالم نسيجاً واحداً، والحدود الإقليمية مفتوحة
أمام حركة الأشخاص ورؤوس الأموال، فقد برز على السطح ظاهرة غسل الأموال أو تبييض
الأموال، أو الجريمة البيضاء وغيرها من التعبيرات، ويتضح من مفهوم العبارة أن هذه
الأموال قد تم تحصيلها من طرق محظورة، ثم تعاد صياغتها تحت ستار مشروع.
وقد
عانت الدول المتخلفة والمتحضرة ولا زالت تعاني من تنامي ظاهرة غسل الأموال التي
تنخر كيان الدول وتزيل وجودها وتهدم مؤسساتها، وهذه الظاهرة تعتبر جريمة منظمة
متطورة تملك أساليب ووسائل مبتكرة وطرقها عنيفة تجبر الضعفاء والجبناء على السمع
والطاعة وتنفيذ ما يريدون وما يكرهون، ومن خلال سطوة ونفوذ هذه الجريمة التي تضع
هدفها الأساس نهب الأموال وسرق الثروات وهدم القيم وتحطيم القوانين، فقد صمم
العالم أجمع على محاربة غسل الأموال ومعاقبة كل من يشارك في هذه الجريمة التي تفسد
الحاضر والمستقبل.
وبما
أن العالم اليوم أصبح مترابطاً يقف بكل حزم وقوة أمام عتاة المجرمين، فقد عملت
المملكة العربية السعودية ومنذ سنين طويلة مع المجتمع الدولي لمحاربة أنشطة غسل
الأموال وأصدرت أنظمة صارمة للحد من عمليات تمويل الأنشطة المشبوهة وتهريب
المخدرات والمؤثرات العقلية.
والمجرمون
بحاجة لقنوات تمويلية لتدفق الأموال؛ ولتحقيق هذا الهدف تحتاج الأنشطة المشبوهة
لأوعية وحسابات لتختفي وراءها، وتأتي الأموال كأنها عوائد أنشطة مشروعة.
لذلك
صدرت موافقة مجلس الوزراء السعودي بالقرار رقم 167 على مشروع نظام مكافحة غسل
الأموال وتاريخ 20/6/1424هـ الموافق 18/8/2003م المصادق عليه بالمرسوم الملكي رقم
م/39 وتاريخ 25/6/1424هـ ليضع المملكة العربية السعودية في قائمة الدول التي اتخذت
خطوات مهمة في مكافحة غسل الأموال لإيمانها وقناعتها بأن هذا العمل يخالف أحكام
الدين الإسلامي، ويتعارض مع مبادئ التجارة وله آثار سيئة على الفرد والمجتمع من
الناحية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
ومن
هذا المنطلق اخترت أن يكون موضوع بحثي لرسالة الدكتوراه:
أحكام غسل الأموال – دراسة مقارنة.
أهمية الموضوع:
تتجلى أهمية الموضوع فيما يلي:
إن
موضوع غسل الأموال يحمل في طياته خطورة كبيرة من جوانب متعددة، فمن الجانب
الاجتماعي: يؤدي غسل الأموال إلى حدوث خلل في البنيان الاجتماعي، إذ يوسع الفجوة
بين الأغنياء والفقراء لما يتضمنه من سوء توزيع الدخل وتعميق الفوارق بدون سبب
مشروع، وينتج عن ذلك هدم الأخلاق والقيم، ونشر الرذيلة والفساد.
ومن
الجانب الاقتصادي: فإن غسل الأموال يؤثر على مستوى الدخل الوطني وقيمة العملات،
ويزداد التضخم، ويقتل روح التنافس الشريف، وترتفع نسبة البطالة في المجتمع.
كما
أن غسل الأموال خطر جداً على النظام المصرفي، نظراً لأن المضاربات والتحويلات
المالية المفاجئة بمبالغ كبيرة إلى الخارج يؤثر تأثيراً سلبياً بالغاً في وضع
المؤسسات المالية وثقة الناس فيها.
ومن
الجانب الجنائي: فإن غسل الأموال يعتبر جريمة مركبة شديدة التدمير والتعقيد، ذات
أبعاد متعددة وجوانب مختلفة، سلوكية واجتماعية، وتأثيرها يمتد ليس على المجتمع
الحالي فقط، بل وعلى الأجيال القادمة.
كما
أن مكافحة غسل الأموال هي في الوقت نفسه مكافحة للجريمة الأصلية التي يتم غسل
الأموال الناشئة عنها، سواء كانت ناتجة عن مخدرات أو اتجار غير مشروع، مع حرمان
الجاني من ثمرة جريمته.
ومن
الجانب السياسي: فإن الأموال المغسولة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفساد والخروج على
النظام، إذ تسعى العصابات الإجرامية دائماً إلى اختراق أجهزة الدولة للنفاذ إلى
مراكز اتخاذ القرار، مما يضعف هذه الأجهزة عن أداء دورها المناط بها.
أسباب اختيار الموضوع:
كان
اختياري لهذا الموضوع لأسباب عديدة منها:
1-
توضيح مفهوم
غسل الأموال ومراحله وأهدافه، والأساليب المستخدمة من قبل العصابات مما يساعد في
كشف المجرمين.
2-
تقديم دراسة
مقارنة لنظام مكافحة غسل الأموال في المملكة العربية السعودية وأحكام الشريعة
الإسلامية.
3-
التعريف بأبرز
القواعد والأنظمة المعاصرة في مواجهة هذه الظاهرة، التي يسعى العالم من خلال تعاون
الدول والمنظمات إلى بلورة هذه الوثائق للمساهمة في القضاء على هذا الداء الخطير.
4-
إبراز الدور
الذي تقوم به المؤسسات المالية والمصرفية وما يقتضيه ذلك من تعاون السلطات المحلية
والدولية في مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية.
5-
بيان خطورة
غسل الأموال على الاقتصاد الوطني والعالمي، لأن هذه الجريمة مظهر من مظاهر الجريمة
المنظمة، التي تشمل بعمومها الفساد المالي والإداري، وتزداد خطورة هذه الجريمة
بسبب التقدم التقني الهائل والانفتاح السياسي.
6-
الدلالة على
أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وأن في نصوصها وقواعدها ما يبين أحكام
ما يستجد من حوادث ونوازل.
7-
إغناء المكتبة
العلمية بالأحكام المتعلقة بهذا الموضوع، وتمكين طلبة العلم والمختصين من الإفادة
من هذا البحث، بشكل سهل ويسير مما يوفر عليهم الوقت والجهد.
الدراسات السابقة:
بعد
فترة من البحث والقراءة وسبر الكتب والمكتبات، وجدت بعض المصادر التي تحدثت عن غسل
الأموال، ومنها البحوث التالية:
1)
بحث منشور
بعنوان: جرائم غسيل الأموال: المفهوم – الأسباب – الوسائل – الأبعاد الاقتصادية.
للدكتور خالد بن عبدالرحمن المشعل ويقع هذا البحث في (55) صفحة. ويلاحظ على البحث
ما يلي:
أ.
أن البحث نشر في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، العدد 30 ربيع الآخر
عام 1421، وبالنظر في تاريخ نشر البحث يلاحظ أنه نشر قبل صدور نظام غسل الأموال
بثلاث سنوات.
ب. أن البحث يحمل
الصبغة الاقتصادية البحتة، بحكم تخصص الباحث.
عند تحليل البحث نجد
أن الباحث كان يغوص في أعماق الاقتصاد، وذلك بتوثيقه للمعلومات الاقتصادية
بالأرقام والنسب المئوية، وكذلك بيان ضرر الجريمة على قيمة العملة ومعدلات التضخم
والبطالة والدخل القومي والأداء الاقتصادي العام، ومعلوم أن هذه المصطلحات يفهمها
ويهتم بها أهل الاقتصاد بصفة خاصة. كما بين الباحث كيفية قياس الآثار الاقتصادية
لجرائم غسل الأموال.
ومما يؤكد ما سبق أن
الباحث عند حديثه عن مكافحة هذه الجريمة، كان يذكر الطرق الاقتصادية، ومن ذلك دور
صندوق النقد الدولي في مواجهة غسل الأموال.
ج. لم يتطرق الباحث
إلى دور الشريعة الإسلامية في مكافحة وعلاج غسل الأموال،
وذلك في كافة المستويات، وفي كل جزئيات البحث، مع أن الشريعة الإسلامية تمتاز عن غيرها من النظم والقوانين باعتبارها
ديناً ودنيا، علماً وعملاً، فهي تنظم
علاقة الإنسان مع خالقه، ومع المخلوقين، بل
وتنظم علاقة الدولة الإسلامية مع غيرها. بالإضافة إلى اهتمامها بكون مصدر المال من عمل مشروع.
وخلاصة
ذلك: أن البحث المنشور للدكتور خالد المشعل يختلف كلياً عما قدمته؛ لأنه ينظر إلى
الموضوع من زاوية اقتصادية فقط، أما البحث الذي قدمته فهو يعرض الوجهة الشرعية
والنظامية حول جريمة غسل الأموال بالإضافة إلى دور المؤسسات المالية والمصرفية في
مكافحة جريمة غسل الأموال.
2)
بحث تخرج
للحصول على دبلوم في معهد الإدارة العامة بعنوان: جرائم غسيل الأموال للطالب عمر
بن عبدالله الصعب وكان ذلك في عام 1420/1421هـ وبعد إطلاعي على البحث يمكن ملاحظة
ما يلي:
أ. عند النظر في
تاريخ البحث يلحظ أنه تم إعداده قبل صدور نظام غسل الأموال بنحو أربع سنوات.
ب. أن البحث من
عنوانه بحث تخرج، وبالتالي فهو لا يرقى إلى مستوى الرسائل العلمية، سواء الماجستير
فضلاً عن الدكتوراه.
ج- يقع البحث في
ثلاثة فصول الأول: مقدمة لجرائم غسيل الأموال، الثاني: المواجهة الجنائية لأنشطة
غسيل الأموال، الثالث: مكافحة نشاط غسيل الأموال في ضوء الأنظمة المقارنة ويقع هذا
البحث في (210) صفحة ويلاحظ على البحث ما يلي:
* لم يتناول الطالب
دور الفقه الإسلامي في مواجهة هذه الجريمة، ولم يبين دور الشرع الإسلامي في التصدي
لغسل الأموال إلا من خلال مواجهة مؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة الداخلية.
*
لم يوضح الطالب كيفية مواجهة غسل الأموال سواء في النظام السعودي أو الشريعة
الإسلامية.
*
لم يتطرق الطالب إلى دور البنوك ومن في حكمهم في مواجهة غسل الأموال.
الخلاصة:
أن بحث الطالب يظل بحث تخرج، وبالتالي يظل
قاصراً عن تفسير وشرح هذه الجريمة، وإيضاح أفضل السبل في حماية الأفراد والجماعات
من هذا الداء الخبيث.
3)
بحث في المعهد
العالي للقضاء بعنوان جريمة غسل الأموال وعقوبتها للطالب طلال الحربي وكان ذلك في
عام 1421 بإشراف فضيلة الدكتور رضا وهدان ويقع البحث في (199) صفحة، وبعد إطلاعي
على البحث يمكن ملاحظة التالي:
أ. عند النظر في
تاريخ البحث فقد تم الفراغ منه عام 1421هـ، ويفهم من ذلك أنه قبل صدور نظام غسل
الأموال بثلاث سنوات.
ب. كان البحث محدوداً
في مسائل يسيرة، وكان الحديث في أكثر المباحث بالعموم دون الخوض في التفاصيل. وعند
النظر في فهرس البحث ومحتوياته، يلاحظ أن البحث عبارة عن تمهيد يحتوي على خمسة
مباحث، الأول: في تعريف الجريمة، الثاني: في تعريف الغسل، الثالث: في تعريف
الأموال، الرابع: في تعريف جريمة غسل الأموال، الخامس: في نشأة جريمة غسل الأموال.
وبعد
التمهيد، خمسة فصول: الأول: أركان جريمة غسل الأموال، الثاني: أنواع الأموال
القذرة التي يراد غسلها، الثالث: سبل مكافحة غسل الأموال، الرابع: عقوبة مرتكبي
جريمة غسل الأموال. الخامس: تطبيقات قضائية.
وبعد
إطلاعي على البحث اتضح أن هناك فرقاً كبيراً بينه وبين رسالتي وإن كان هناك تشابه
فهو تشابه في المظهر مع اختلاف جذري في الجوهر، كما يظهر ذلك عند الحديث عن مصادر
الأموال المغسولة، حيث إن الطالب طلال الحربي تطرق إلى ذكرها دون ذكر للتعريف
والأحكام ولم يتناول التفاصيل.
ولم
يتطرق في هذه الجريمة للوجهة الشرعية، سواء في مصادر الأموال المغسولة أو في
العلاج، ولا حتى في كيفية التصرف في هذه الأموال المتحصلة من الحرام إذا تاب
الإنسان وعنده من هذه الأموال.
أما
في بحثي: فقد فصلت في كل مصدر على حده، بتعريفه وبيان حكمه، وحكم المال المغسول من
خلاله، مع إبراز جهود المملكة العربية السعودية في مواجهة هذه المصادر المحرمة
وموقف الفقه الإسلامي من هذه الجرائم.
وأما
أوجه الاختلاف بين بحثي وبحث الطالب طلال الحربي فيظهر ذلك جلياً من خلال ما يلي:
أ. بينت تعريف كل
مصطلح يرد في البحث، مع بيان موقف الشريعة الإسلامية من الأموال، وإبراز تميز
المملكة العربية السعودية في مكافحة الجرائم عموماً وغسل الأموال خصوصاً. خاصة بعد
صدور نظام غسل الأموال في المملكة في 20/6/1424هـ.
ب. ذكرت ضرر غسل
الأموال على الفرد والدولة، بل والعالم أجمع.
ج. أوضحت وسائل غسل
الأموال، سواء الوسائل التقليدية أو المبتكرة حديثاً.
د- أبرزت محاسن
النظام السعودي وإيجابياته في مكافحة غسل الأموال، نظراً لتوافقه مع أحكام الشريعة
الإسلامية.
ومعلوم أن من كتب
قبلي حول هذا الموضوع لم يتطرق إلى ذلك، لأن النظام لم يكن موجوداً. فكل من كتب
كان يرتكز على:
1-
اتفاقية الأمم
المتحدة المنعقدة في فيينا – عاصمة النمسا عام 1988 لمكافحة الاتجار غير المشروع
في المخدرات والمؤثرات العقلية.
2-
التوصيات
الأربعين الصادرة من مجموعة العمل المالي لعام 1989 . وهي هيئة خاصة مستقلة أنشئت
بواسطة رؤساء دول وحكومات الدول الصناعية السبع الكبرى.
هـ. بينت أسبقية
الشريعة الإسلامية في علاج هذه الجريمة مع بيان الطريق الشرعي للتخلص من الأموال
المغسولة (المتحصلة من الحرام)، سواء عند اختلاطها بالأموال المباحة، أو عند
الانتفاع بالأموال المغسولة.
و. إيضاح دور
المؤسسات المالية وغير المالية في مكافحة غسل الأموال، سواء الأدوار الجزئية أو
الكلية، التي تساهم فعلياً في القضاء على هذه الجريمة.
4)
أحكام المال
الحرام وضوابط الانتفاع والتصرف به في الفقه الإسلامي. د/ عباس الباز. الطبعة
الأولى 1418-1998م – دار النفائس – الأردن.
يقع الكتاب في (456)
صفحة ويتكون من ستة فصول. وبعد قراءة الكتاب اتضح لي ما يلي:
1- لم يورد المؤلف الرؤية القانونية على غسل
الأموال، فالكتاب من عنوانه خاص بالأحكام الشرعية.
2- عندما ذكر المؤلف أسباب كسب المال غير المشروعة
حصرها في سببين:
أ- المال المحرم
المأخوذ بغير إذن المالك: - السرقة – الرشوة – الغصب– الاحتكار – الربا – الغش.
ب- المال المحرم
المأخوذ بإذن المالك: القمار – الاتجار بالمحرمات (ثمن الكلب – مهر البغي – حلوان
الكاهن).
يلاحظ
أن مصادر ووسائل غسل الأموال سواء التقليدية أو الحديثة لا تدخل في الدائرة التي
تناولها الكتاب بالبحث والدراسة، لأن غسل الأموال مختلف كلياً، فجريمة غسل الأموال
هي جريمة متطورة متجددة بلا حدود، كما أن معظم الأسباب التي ذكرها المؤلف تعتبر
جائزة في القانون بداعي الحرية الاقتصادية، وبالتالي فهي لا تدخل في جرائم غسل
الأموال؛ أما الربا – مع الأسف – فهو جائز قانوناً ويعمل به في بعض الدول
الإسلامية وغيرها، وبالتالي فهو لا يعتبر طريقاً محظوراً في تحصيل المال وتنميته
من الناحية القانونية.
3- المهم في الكتاب هو الفصل السادس: تبييض المال
الحرام أو غسل المال الحرام ويحتوي على ستة مباحث، ويمكن ملاحظة ما يلي:
أ. اعتمد المؤلف
كلياً على جريدتين دوريتين تصدران في المملكة الأردنية الهاشمية هما: جريدة
الدستور وجريدة الرأي. فلم يرجع إلى كتب شرعية أو قانونية، ولا حتى اتفاقيات
ولوائح تنظيمية، ونتج عن ذلك نقص شديد في طرح الموضوع فضلاً عن فهمه وعلاجه وبيان
خطورته وكيفية مواجهته، ويدل على ذلك أنه عند تعريف غسل الأموال قال: هي عملية من
شأنها إخفاء المصدر غير المشروع الذي منه الأموال. ص 415 . وهذا ليس بتعريف بل هو
يحمل معنى من معاني غسل الأموال.
ب. حصر المؤلف مصادر
المال الحرام الذي يخضع للتبييض في صفحة ونصف فقط، وذلك في إيجاز شديد لم تتضح فيه
معالم هذه المصادر.
ج. عند حديثه عن
الآثار الناشئة عن عمليات غسل الأموال ذكر المؤلف ستاً من الآثار أوردها باختصار،
فلم ينظم هذه الآثار ويرتبها، ولم يبين أثرها على الفرد والدولة ولم يوضح كيفية
مواجهة ذلك، والأهم عدم إبراز موقف الفقه الإسلامي من هذه الآثار.
د. نظراً لأن الكتاب
صدر في عام 1418هـ-1998م فلم يتحدث المؤلف عن الجهود العربية في مكافحة غسل
الأموال، لأن معظم الأنظمة والقوانين الخاصة بغسل الأموال صدرت في الدول العربية
في الفترة الأخيرة؛ ومن ذلك نظام مكافحة غسل الأموال في المملكة العربية السعودية
20/6/1424هـ.
ونظراً لأن جريمة غسل
الأموال عابرة للحدود، متزايدة الخطورة وإنها معول هدم للمؤسسات والدول فقد صدرت
تنظيمات ولوائح تضيق الخناق على المجرمين وتساهم في القضاء على العصابات، حتى وصل
الأمر إلى الضغط على البنوك العالمية لتعديل قانون السرية المصرفية لكي يتم الكشف
عن جرائم غسل الأموال. كما أن المؤلف لم يتطرق إلى دور المؤسسات المالية التي
تساهم مساهمة فعالة في القضاء على الجرائم عموماً وغسل الأموال خصوصاً.
هـ. عندما طرح المؤلف
الرؤية الإسلامية لمعالجة مشكلة تبييض المال الحرام والموقف الشرعي منه لم يذكر
المؤلف أقوال العلماء ولا الأدلة، ولم يبين عقوبة من ارتكب هذا العمل المحرم،
خصوصاً أن للعقوبة دوراً مهماً وحاسماً في مكافحة الجريمة والقضاء على التنظيمات
الإجرامية.
5) بحث للدكتور علي أبو البصل – أستاذ الفقه
المشارك بكلية الدراسات الإسلامية والعربية ودبي – بعنوان : غسيل الأموال في الفقه
الإسلامي؛ منشور في مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي . العدد 25 ربيع
الثاني 1424هـ، يونيو 2003م .
جاء البحث في تسعة مطالب على النحو
التالي :
المطلب الأول : تعريف غسيل الأموال؛
الثاني / أوصاف غسيل الأموال، الثالث/ أدلة تحريم جريمة غسيل الأموال، الرابع /
غسيل الأموال في قانون العقوبات الإماراتي، الخامس / مصادر الأموال المغسولة أو
غير المشروعة، السادس: أركان جريمة غسيل الأموال ، السابع / الآثار المترتبة على
جريمة غسيل الأموال، الثامن / مكافحة غسيل الأموال في الفقه الإسلامي . التاسع /
مكافحة غسيل الأموال في قانون غسل الأموال الإماراتي .
وبعد قراءة البحث يمكن استنتاج ما يلي :
1- تهدف الدراسة إلى بيان خطورة جريمة غسيل الأموال
على الاقتصاد الوطني والعالمي، لأنها مظهر من مظاهر الجريمة المنظمة، ويساعد على
انتشارها العولمة والتقنية الحديثة.
2- تظهر الدراسة موقف الفقه الإسلامي من هذه
الجريمة وهو التحريم، واستدل الباحث على ذلك بأدلة من القرآن والسنة النبوية
والمعقول، وطرق مكافحتها قبل وقوعها وبعد وقوعها، بوسائل رقابية وعقابية، مما يعطي
دلالة على تميز الفقه الإسلامي على سائر القوانين .
3- بين البحث أن جريمة غسيل الأموال جريمة تبعية ،
لأنها تابعة في وجودها إلى جريمة أكل أموال الناس بالباطل .
4-
عند بيان
مكافحة غسيل الأموال في الفقه الإسلامي حصر الباحث ذلك في فرعين هما :
الفرع الأول : الرقابة بأنواعها :
الذاتية والأسرية والشعبية .
الفرع الثاني : العقوبات القضائية .
5-
لم يتطرق الباحث إلى عصب البحث الأهم وهو المعالجة الشرعية للأموال المغسولة
(المتحصلة من الحرام) بل قام بذكر أهم مصادر الأموال غير المشروعة في الفقه
الإسلامي، ومن ذلك : تجارة المخدرات والدعارة والتهرب غير المشروع من دفع الضرائب
والرشوة والتزوير والجرائم الواقعة على المال وجرائم الفساد الإداري والمالي .
ونقل نصوصاً فقهية على تحريم بعض هذه المصادر ولم يفصل القول فيها بذكر أقوال
العلماء والأدلة والمناقشة .
وأورد ما جاء في قانون العقوبات
الإماراتي حول ذلك من غير مقارنة مع الفقه أو غيره من الأنظمة .
وفي الختام أشير إلى أنه يوجد عدد من
البحوث والدراسات تطرقت إلى جرائم غسل الأموال من زوايا مختلفة وقد ذكرتها في فهرس
مراجع البحث .
أهداف دراسة هذا الموضوع :
تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق أهداف عدة
منها :
1-
بيان الارتباط
الوثيق بين جريمة غسل الأموال والجريمة المنظمة والفساد والإرهاب .
2-
تحديد ماهية
جريمة غسل الأموال وتأصيلها من الناحية الشرعية .
3-
التعرف على
أهم مصادر غسل الأموال .
4- إلقاء الضوء على الاتفاقيات والتوصيات الدولية
ذات الصلة بتجريم غسل الأموال وأساليب مكافحتها وضرورة التعاون الدولي للقضاء على
هذه الجريمة .
5-
تحديد أهم
السياسات التي تتبناها المملكة العربية السعودية في مكافحة عمليات غسل الأموال .
6-
التعرف على
العقبات التي تقف في طريق مكافحة غسل الأموال .
7-
صياغة بعض
الاقتراحات والتوصيات التي توصل إليها الباحث .
([1])
سورة الفجر: آية 20 .
دراسة مقارنة
رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه
إشراف
المشرف
الرئيس:د/ حمزة بوستان حمزة
الأستاذ
المشارك في قسم السياسة الشرعية
المشرف
المساعد: د/ خالد بن عبدالرحمن المشعل
عميد
الدراسات العليا – الأستاذ المشارك في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية
إعداد
الطالب
عبدالله
بن ثنيان الثنيان
1427/2006م
بسم
الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده
ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من
يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً
عبده ورسوله e
أما بعد:
فقد أحلّ الله لعباده الطيبات ينتفعون بها،
وحرم عليهم الخبائث، ومنها الأموال المتحصلة من الحرام، رحمة بهم وحرصاً على
مصلحتهم، وإن من أعظم ما يضر بالفرد والجماعة المال الحرام فخطره عظيم وضرره جسيم.
والإنسان مفطور على حب المال، فهو عصب
الحياة، لذلك نجد أن الإنسان يتمنى المزيد منه، قال تعالى: {وتحبون المال حبا جما } ([1]).
ولا
شك أن طلب المال - في الغالب – هو الشغل الشاغل للإنسان، وهو في الحياة في جهاد مع
نفسه لترويضها عن الانحراف وراء تيار الأموال، والتدقيق في منبع المال ومصرفه،
ويجب على الإنسان أن يعلم أنه لم يخلق عبثاً، بل خُلق لعبادة الله سبحانه وتعالى،
وعبادته جلّ وعلا ليست قاصرة في أداء العبادات فقط، بل شاملة لجميع مظاهر الحياة،
ومن ذلك تحصيل المال وإنفاقه وتنميته، لأن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب ليقوم
الناس بالقسط، وختم الشرائع بشريعة كاملة لم تترك شيئاً إلا بينته وفصلته، وجاءت
بحلول سديدة وقواعد جامعة يحتكم إليها في كافة المعاملات وشئون الحياة.
وعندما
أباح الإسلام الملكية الفردية وأجاز كسب المال وفق الطرق المشروعة فكل ذلك يدور في
فلك الشريعة الإسلامية، التي يوجد فيها ما ينقذ المسلم من الهلاك ويجنبه الشقاء.
ولئن
أجاز الإسلام الحلال، إلا أنه منع من الحرام، وحذر من الشبهات، فالحقوق محفوظة
محترمة، ما دامت مصانة بسبب شرعي، لذلك ضبط الإسلام كسب الأموال ووضع مبادئ للناس
تحقق مصالحهم.
ومن
هذه المبادئ مبدأ الحلال والحرام الذي هو أساس البنيان، فإذا ثبت الأساس وقوي
استقام البنيان والعكس صحيح، ومع ذلك فإن وقوع الحرام في أيدي الناس نوع من
الابتلاء يقع في كل زمان ومكان، ومن ذلك الأموال المتحصلة من الحرام وقد عالج
الإسلام جميع القضايا معالجة حكيمة تناسب الزمان والمكان والحال، وهذا سر تميز
الشريعة الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
وإذا
كان جمع المال يوافق الفطرة وأباحه الإسلام؛ فإن حيازته عن طريق محرم أمر لا يقره
الإسلام ولا يرضى به، فالمال في ميزان الشرع ليس مذموماً لذاته، بل يذم إن كان
تحصيله بطريق محظور.
ومع
التطور التقني وفي عصر العولمة التي أدت إلى سيطرة رأس المال على القرار السياسي
وسيادة الدول، وما تبع ذلك من جعل العالم نسيجاً واحداً، والحدود الإقليمية مفتوحة
أمام حركة الأشخاص ورؤوس الأموال، فقد برز على السطح ظاهرة غسل الأموال أو تبييض
الأموال، أو الجريمة البيضاء وغيرها من التعبيرات، ويتضح من مفهوم العبارة أن هذه
الأموال قد تم تحصيلها من طرق محظورة، ثم تعاد صياغتها تحت ستار مشروع.
وقد
عانت الدول المتخلفة والمتحضرة ولا زالت تعاني من تنامي ظاهرة غسل الأموال التي
تنخر كيان الدول وتزيل وجودها وتهدم مؤسساتها، وهذه الظاهرة تعتبر جريمة منظمة
متطورة تملك أساليب ووسائل مبتكرة وطرقها عنيفة تجبر الضعفاء والجبناء على السمع
والطاعة وتنفيذ ما يريدون وما يكرهون، ومن خلال سطوة ونفوذ هذه الجريمة التي تضع
هدفها الأساس نهب الأموال وسرق الثروات وهدم القيم وتحطيم القوانين، فقد صمم
العالم أجمع على محاربة غسل الأموال ومعاقبة كل من يشارك في هذه الجريمة التي تفسد
الحاضر والمستقبل.
وبما
أن العالم اليوم أصبح مترابطاً يقف بكل حزم وقوة أمام عتاة المجرمين، فقد عملت
المملكة العربية السعودية ومنذ سنين طويلة مع المجتمع الدولي لمحاربة أنشطة غسل
الأموال وأصدرت أنظمة صارمة للحد من عمليات تمويل الأنشطة المشبوهة وتهريب
المخدرات والمؤثرات العقلية.
والمجرمون
بحاجة لقنوات تمويلية لتدفق الأموال؛ ولتحقيق هذا الهدف تحتاج الأنشطة المشبوهة
لأوعية وحسابات لتختفي وراءها، وتأتي الأموال كأنها عوائد أنشطة مشروعة.
لذلك
صدرت موافقة مجلس الوزراء السعودي بالقرار رقم 167 على مشروع نظام مكافحة غسل
الأموال وتاريخ 20/6/1424هـ الموافق 18/8/2003م المصادق عليه بالمرسوم الملكي رقم
م/39 وتاريخ 25/6/1424هـ ليضع المملكة العربية السعودية في قائمة الدول التي اتخذت
خطوات مهمة في مكافحة غسل الأموال لإيمانها وقناعتها بأن هذا العمل يخالف أحكام
الدين الإسلامي، ويتعارض مع مبادئ التجارة وله آثار سيئة على الفرد والمجتمع من
الناحية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
ومن
هذا المنطلق اخترت أن يكون موضوع بحثي لرسالة الدكتوراه:
أحكام غسل الأموال – دراسة مقارنة.
أهمية الموضوع:
تتجلى أهمية الموضوع فيما يلي:
إن
موضوع غسل الأموال يحمل في طياته خطورة كبيرة من جوانب متعددة، فمن الجانب
الاجتماعي: يؤدي غسل الأموال إلى حدوث خلل في البنيان الاجتماعي، إذ يوسع الفجوة
بين الأغنياء والفقراء لما يتضمنه من سوء توزيع الدخل وتعميق الفوارق بدون سبب
مشروع، وينتج عن ذلك هدم الأخلاق والقيم، ونشر الرذيلة والفساد.
ومن
الجانب الاقتصادي: فإن غسل الأموال يؤثر على مستوى الدخل الوطني وقيمة العملات،
ويزداد التضخم، ويقتل روح التنافس الشريف، وترتفع نسبة البطالة في المجتمع.
كما
أن غسل الأموال خطر جداً على النظام المصرفي، نظراً لأن المضاربات والتحويلات
المالية المفاجئة بمبالغ كبيرة إلى الخارج يؤثر تأثيراً سلبياً بالغاً في وضع
المؤسسات المالية وثقة الناس فيها.
ومن
الجانب الجنائي: فإن غسل الأموال يعتبر جريمة مركبة شديدة التدمير والتعقيد، ذات
أبعاد متعددة وجوانب مختلفة، سلوكية واجتماعية، وتأثيرها يمتد ليس على المجتمع
الحالي فقط، بل وعلى الأجيال القادمة.
كما
أن مكافحة غسل الأموال هي في الوقت نفسه مكافحة للجريمة الأصلية التي يتم غسل
الأموال الناشئة عنها، سواء كانت ناتجة عن مخدرات أو اتجار غير مشروع، مع حرمان
الجاني من ثمرة جريمته.
ومن
الجانب السياسي: فإن الأموال المغسولة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفساد والخروج على
النظام، إذ تسعى العصابات الإجرامية دائماً إلى اختراق أجهزة الدولة للنفاذ إلى
مراكز اتخاذ القرار، مما يضعف هذه الأجهزة عن أداء دورها المناط بها.
أسباب اختيار الموضوع:
كان
اختياري لهذا الموضوع لأسباب عديدة منها:
1-
توضيح مفهوم
غسل الأموال ومراحله وأهدافه، والأساليب المستخدمة من قبل العصابات مما يساعد في
كشف المجرمين.
2-
تقديم دراسة
مقارنة لنظام مكافحة غسل الأموال في المملكة العربية السعودية وأحكام الشريعة
الإسلامية.
3-
التعريف بأبرز
القواعد والأنظمة المعاصرة في مواجهة هذه الظاهرة، التي يسعى العالم من خلال تعاون
الدول والمنظمات إلى بلورة هذه الوثائق للمساهمة في القضاء على هذا الداء الخطير.
4-
إبراز الدور
الذي تقوم به المؤسسات المالية والمصرفية وما يقتضيه ذلك من تعاون السلطات المحلية
والدولية في مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية.
5-
بيان خطورة
غسل الأموال على الاقتصاد الوطني والعالمي، لأن هذه الجريمة مظهر من مظاهر الجريمة
المنظمة، التي تشمل بعمومها الفساد المالي والإداري، وتزداد خطورة هذه الجريمة
بسبب التقدم التقني الهائل والانفتاح السياسي.
6-
الدلالة على
أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وأن في نصوصها وقواعدها ما يبين أحكام
ما يستجد من حوادث ونوازل.
7-
إغناء المكتبة
العلمية بالأحكام المتعلقة بهذا الموضوع، وتمكين طلبة العلم والمختصين من الإفادة
من هذا البحث، بشكل سهل ويسير مما يوفر عليهم الوقت والجهد.
الدراسات السابقة:
بعد
فترة من البحث والقراءة وسبر الكتب والمكتبات، وجدت بعض المصادر التي تحدثت عن غسل
الأموال، ومنها البحوث التالية:
1)
بحث منشور
بعنوان: جرائم غسيل الأموال: المفهوم – الأسباب – الوسائل – الأبعاد الاقتصادية.
للدكتور خالد بن عبدالرحمن المشعل ويقع هذا البحث في (55) صفحة. ويلاحظ على البحث
ما يلي:
أ.
أن البحث نشر في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، العدد 30 ربيع الآخر
عام 1421، وبالنظر في تاريخ نشر البحث يلاحظ أنه نشر قبل صدور نظام غسل الأموال
بثلاث سنوات.
ب. أن البحث يحمل
الصبغة الاقتصادية البحتة، بحكم تخصص الباحث.
عند تحليل البحث نجد
أن الباحث كان يغوص في أعماق الاقتصاد، وذلك بتوثيقه للمعلومات الاقتصادية
بالأرقام والنسب المئوية، وكذلك بيان ضرر الجريمة على قيمة العملة ومعدلات التضخم
والبطالة والدخل القومي والأداء الاقتصادي العام، ومعلوم أن هذه المصطلحات يفهمها
ويهتم بها أهل الاقتصاد بصفة خاصة. كما بين الباحث كيفية قياس الآثار الاقتصادية
لجرائم غسل الأموال.
ومما يؤكد ما سبق أن
الباحث عند حديثه عن مكافحة هذه الجريمة، كان يذكر الطرق الاقتصادية، ومن ذلك دور
صندوق النقد الدولي في مواجهة غسل الأموال.
ج. لم يتطرق الباحث
إلى دور الشريعة الإسلامية في مكافحة وعلاج غسل الأموال،
وذلك في كافة المستويات، وفي كل جزئيات البحث، مع أن الشريعة الإسلامية تمتاز عن غيرها من النظم والقوانين باعتبارها
ديناً ودنيا، علماً وعملاً، فهي تنظم
علاقة الإنسان مع خالقه، ومع المخلوقين، بل
وتنظم علاقة الدولة الإسلامية مع غيرها. بالإضافة إلى اهتمامها بكون مصدر المال من عمل مشروع.
وخلاصة
ذلك: أن البحث المنشور للدكتور خالد المشعل يختلف كلياً عما قدمته؛ لأنه ينظر إلى
الموضوع من زاوية اقتصادية فقط، أما البحث الذي قدمته فهو يعرض الوجهة الشرعية
والنظامية حول جريمة غسل الأموال بالإضافة إلى دور المؤسسات المالية والمصرفية في
مكافحة جريمة غسل الأموال.
2)
بحث تخرج
للحصول على دبلوم في معهد الإدارة العامة بعنوان: جرائم غسيل الأموال للطالب عمر
بن عبدالله الصعب وكان ذلك في عام 1420/1421هـ وبعد إطلاعي على البحث يمكن ملاحظة
ما يلي:
أ. عند النظر في
تاريخ البحث يلحظ أنه تم إعداده قبل صدور نظام غسل الأموال بنحو أربع سنوات.
ب. أن البحث من
عنوانه بحث تخرج، وبالتالي فهو لا يرقى إلى مستوى الرسائل العلمية، سواء الماجستير
فضلاً عن الدكتوراه.
ج- يقع البحث في
ثلاثة فصول الأول: مقدمة لجرائم غسيل الأموال، الثاني: المواجهة الجنائية لأنشطة
غسيل الأموال، الثالث: مكافحة نشاط غسيل الأموال في ضوء الأنظمة المقارنة ويقع هذا
البحث في (210) صفحة ويلاحظ على البحث ما يلي:
* لم يتناول الطالب
دور الفقه الإسلامي في مواجهة هذه الجريمة، ولم يبين دور الشرع الإسلامي في التصدي
لغسل الأموال إلا من خلال مواجهة مؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة الداخلية.
*
لم يوضح الطالب كيفية مواجهة غسل الأموال سواء في النظام السعودي أو الشريعة
الإسلامية.
*
لم يتطرق الطالب إلى دور البنوك ومن في حكمهم في مواجهة غسل الأموال.
الخلاصة:
أن بحث الطالب يظل بحث تخرج، وبالتالي يظل
قاصراً عن تفسير وشرح هذه الجريمة، وإيضاح أفضل السبل في حماية الأفراد والجماعات
من هذا الداء الخبيث.
3)
بحث في المعهد
العالي للقضاء بعنوان جريمة غسل الأموال وعقوبتها للطالب طلال الحربي وكان ذلك في
عام 1421 بإشراف فضيلة الدكتور رضا وهدان ويقع البحث في (199) صفحة، وبعد إطلاعي
على البحث يمكن ملاحظة التالي:
أ. عند النظر في
تاريخ البحث فقد تم الفراغ منه عام 1421هـ، ويفهم من ذلك أنه قبل صدور نظام غسل
الأموال بثلاث سنوات.
ب. كان البحث محدوداً
في مسائل يسيرة، وكان الحديث في أكثر المباحث بالعموم دون الخوض في التفاصيل. وعند
النظر في فهرس البحث ومحتوياته، يلاحظ أن البحث عبارة عن تمهيد يحتوي على خمسة
مباحث، الأول: في تعريف الجريمة، الثاني: في تعريف الغسل، الثالث: في تعريف
الأموال، الرابع: في تعريف جريمة غسل الأموال، الخامس: في نشأة جريمة غسل الأموال.
وبعد
التمهيد، خمسة فصول: الأول: أركان جريمة غسل الأموال، الثاني: أنواع الأموال
القذرة التي يراد غسلها، الثالث: سبل مكافحة غسل الأموال، الرابع: عقوبة مرتكبي
جريمة غسل الأموال. الخامس: تطبيقات قضائية.
وبعد
إطلاعي على البحث اتضح أن هناك فرقاً كبيراً بينه وبين رسالتي وإن كان هناك تشابه
فهو تشابه في المظهر مع اختلاف جذري في الجوهر، كما يظهر ذلك عند الحديث عن مصادر
الأموال المغسولة، حيث إن الطالب طلال الحربي تطرق إلى ذكرها دون ذكر للتعريف
والأحكام ولم يتناول التفاصيل.
ولم
يتطرق في هذه الجريمة للوجهة الشرعية، سواء في مصادر الأموال المغسولة أو في
العلاج، ولا حتى في كيفية التصرف في هذه الأموال المتحصلة من الحرام إذا تاب
الإنسان وعنده من هذه الأموال.
أما
في بحثي: فقد فصلت في كل مصدر على حده، بتعريفه وبيان حكمه، وحكم المال المغسول من
خلاله، مع إبراز جهود المملكة العربية السعودية في مواجهة هذه المصادر المحرمة
وموقف الفقه الإسلامي من هذه الجرائم.
وأما
أوجه الاختلاف بين بحثي وبحث الطالب طلال الحربي فيظهر ذلك جلياً من خلال ما يلي:
أ. بينت تعريف كل
مصطلح يرد في البحث، مع بيان موقف الشريعة الإسلامية من الأموال، وإبراز تميز
المملكة العربية السعودية في مكافحة الجرائم عموماً وغسل الأموال خصوصاً. خاصة بعد
صدور نظام غسل الأموال في المملكة في 20/6/1424هـ.
ب. ذكرت ضرر غسل
الأموال على الفرد والدولة، بل والعالم أجمع.
ج. أوضحت وسائل غسل
الأموال، سواء الوسائل التقليدية أو المبتكرة حديثاً.
د- أبرزت محاسن
النظام السعودي وإيجابياته في مكافحة غسل الأموال، نظراً لتوافقه مع أحكام الشريعة
الإسلامية.
ومعلوم أن من كتب
قبلي حول هذا الموضوع لم يتطرق إلى ذلك، لأن النظام لم يكن موجوداً. فكل من كتب
كان يرتكز على:
1-
اتفاقية الأمم
المتحدة المنعقدة في فيينا – عاصمة النمسا عام 1988 لمكافحة الاتجار غير المشروع
في المخدرات والمؤثرات العقلية.
2-
التوصيات
الأربعين الصادرة من مجموعة العمل المالي لعام 1989 . وهي هيئة خاصة مستقلة أنشئت
بواسطة رؤساء دول وحكومات الدول الصناعية السبع الكبرى.
هـ. بينت أسبقية
الشريعة الإسلامية في علاج هذه الجريمة مع بيان الطريق الشرعي للتخلص من الأموال
المغسولة (المتحصلة من الحرام)، سواء عند اختلاطها بالأموال المباحة، أو عند
الانتفاع بالأموال المغسولة.
و. إيضاح دور
المؤسسات المالية وغير المالية في مكافحة غسل الأموال، سواء الأدوار الجزئية أو
الكلية، التي تساهم فعلياً في القضاء على هذه الجريمة.
4)
أحكام المال
الحرام وضوابط الانتفاع والتصرف به في الفقه الإسلامي. د/ عباس الباز. الطبعة
الأولى 1418-1998م – دار النفائس – الأردن.
يقع الكتاب في (456)
صفحة ويتكون من ستة فصول. وبعد قراءة الكتاب اتضح لي ما يلي:
1- لم يورد المؤلف الرؤية القانونية على غسل
الأموال، فالكتاب من عنوانه خاص بالأحكام الشرعية.
2- عندما ذكر المؤلف أسباب كسب المال غير المشروعة
حصرها في سببين:
أ- المال المحرم
المأخوذ بغير إذن المالك: - السرقة – الرشوة – الغصب– الاحتكار – الربا – الغش.
ب- المال المحرم
المأخوذ بإذن المالك: القمار – الاتجار بالمحرمات (ثمن الكلب – مهر البغي – حلوان
الكاهن).
يلاحظ
أن مصادر ووسائل غسل الأموال سواء التقليدية أو الحديثة لا تدخل في الدائرة التي
تناولها الكتاب بالبحث والدراسة، لأن غسل الأموال مختلف كلياً، فجريمة غسل الأموال
هي جريمة متطورة متجددة بلا حدود، كما أن معظم الأسباب التي ذكرها المؤلف تعتبر
جائزة في القانون بداعي الحرية الاقتصادية، وبالتالي فهي لا تدخل في جرائم غسل
الأموال؛ أما الربا – مع الأسف – فهو جائز قانوناً ويعمل به في بعض الدول
الإسلامية وغيرها، وبالتالي فهو لا يعتبر طريقاً محظوراً في تحصيل المال وتنميته
من الناحية القانونية.
3- المهم في الكتاب هو الفصل السادس: تبييض المال
الحرام أو غسل المال الحرام ويحتوي على ستة مباحث، ويمكن ملاحظة ما يلي:
أ. اعتمد المؤلف
كلياً على جريدتين دوريتين تصدران في المملكة الأردنية الهاشمية هما: جريدة
الدستور وجريدة الرأي. فلم يرجع إلى كتب شرعية أو قانونية، ولا حتى اتفاقيات
ولوائح تنظيمية، ونتج عن ذلك نقص شديد في طرح الموضوع فضلاً عن فهمه وعلاجه وبيان
خطورته وكيفية مواجهته، ويدل على ذلك أنه عند تعريف غسل الأموال قال: هي عملية من
شأنها إخفاء المصدر غير المشروع الذي منه الأموال. ص 415 . وهذا ليس بتعريف بل هو
يحمل معنى من معاني غسل الأموال.
ب. حصر المؤلف مصادر
المال الحرام الذي يخضع للتبييض في صفحة ونصف فقط، وذلك في إيجاز شديد لم تتضح فيه
معالم هذه المصادر.
ج. عند حديثه عن
الآثار الناشئة عن عمليات غسل الأموال ذكر المؤلف ستاً من الآثار أوردها باختصار،
فلم ينظم هذه الآثار ويرتبها، ولم يبين أثرها على الفرد والدولة ولم يوضح كيفية
مواجهة ذلك، والأهم عدم إبراز موقف الفقه الإسلامي من هذه الآثار.
د. نظراً لأن الكتاب
صدر في عام 1418هـ-1998م فلم يتحدث المؤلف عن الجهود العربية في مكافحة غسل
الأموال، لأن معظم الأنظمة والقوانين الخاصة بغسل الأموال صدرت في الدول العربية
في الفترة الأخيرة؛ ومن ذلك نظام مكافحة غسل الأموال في المملكة العربية السعودية
20/6/1424هـ.
ونظراً لأن جريمة غسل
الأموال عابرة للحدود، متزايدة الخطورة وإنها معول هدم للمؤسسات والدول فقد صدرت
تنظيمات ولوائح تضيق الخناق على المجرمين وتساهم في القضاء على العصابات، حتى وصل
الأمر إلى الضغط على البنوك العالمية لتعديل قانون السرية المصرفية لكي يتم الكشف
عن جرائم غسل الأموال. كما أن المؤلف لم يتطرق إلى دور المؤسسات المالية التي
تساهم مساهمة فعالة في القضاء على الجرائم عموماً وغسل الأموال خصوصاً.
هـ. عندما طرح المؤلف
الرؤية الإسلامية لمعالجة مشكلة تبييض المال الحرام والموقف الشرعي منه لم يذكر
المؤلف أقوال العلماء ولا الأدلة، ولم يبين عقوبة من ارتكب هذا العمل المحرم،
خصوصاً أن للعقوبة دوراً مهماً وحاسماً في مكافحة الجريمة والقضاء على التنظيمات
الإجرامية.
5) بحث للدكتور علي أبو البصل – أستاذ الفقه
المشارك بكلية الدراسات الإسلامية والعربية ودبي – بعنوان : غسيل الأموال في الفقه
الإسلامي؛ منشور في مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي . العدد 25 ربيع
الثاني 1424هـ، يونيو 2003م .
جاء البحث في تسعة مطالب على النحو
التالي :
المطلب الأول : تعريف غسيل الأموال؛
الثاني / أوصاف غسيل الأموال، الثالث/ أدلة تحريم جريمة غسيل الأموال، الرابع /
غسيل الأموال في قانون العقوبات الإماراتي، الخامس / مصادر الأموال المغسولة أو
غير المشروعة، السادس: أركان جريمة غسيل الأموال ، السابع / الآثار المترتبة على
جريمة غسيل الأموال، الثامن / مكافحة غسيل الأموال في الفقه الإسلامي . التاسع /
مكافحة غسيل الأموال في قانون غسل الأموال الإماراتي .
وبعد قراءة البحث يمكن استنتاج ما يلي :
1- تهدف الدراسة إلى بيان خطورة جريمة غسيل الأموال
على الاقتصاد الوطني والعالمي، لأنها مظهر من مظاهر الجريمة المنظمة، ويساعد على
انتشارها العولمة والتقنية الحديثة.
2- تظهر الدراسة موقف الفقه الإسلامي من هذه
الجريمة وهو التحريم، واستدل الباحث على ذلك بأدلة من القرآن والسنة النبوية
والمعقول، وطرق مكافحتها قبل وقوعها وبعد وقوعها، بوسائل رقابية وعقابية، مما يعطي
دلالة على تميز الفقه الإسلامي على سائر القوانين .
3- بين البحث أن جريمة غسيل الأموال جريمة تبعية ،
لأنها تابعة في وجودها إلى جريمة أكل أموال الناس بالباطل .
4-
عند بيان
مكافحة غسيل الأموال في الفقه الإسلامي حصر الباحث ذلك في فرعين هما :
الفرع الأول : الرقابة بأنواعها :
الذاتية والأسرية والشعبية .
الفرع الثاني : العقوبات القضائية .
5-
لم يتطرق الباحث إلى عصب البحث الأهم وهو المعالجة الشرعية للأموال المغسولة
(المتحصلة من الحرام) بل قام بذكر أهم مصادر الأموال غير المشروعة في الفقه
الإسلامي، ومن ذلك : تجارة المخدرات والدعارة والتهرب غير المشروع من دفع الضرائب
والرشوة والتزوير والجرائم الواقعة على المال وجرائم الفساد الإداري والمالي .
ونقل نصوصاً فقهية على تحريم بعض هذه المصادر ولم يفصل القول فيها بذكر أقوال
العلماء والأدلة والمناقشة .
وأورد ما جاء في قانون العقوبات
الإماراتي حول ذلك من غير مقارنة مع الفقه أو غيره من الأنظمة .
وفي الختام أشير إلى أنه يوجد عدد من
البحوث والدراسات تطرقت إلى جرائم غسل الأموال من زوايا مختلفة وقد ذكرتها في فهرس
مراجع البحث .
أهداف دراسة هذا الموضوع :
تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق أهداف عدة
منها :
1-
بيان الارتباط
الوثيق بين جريمة غسل الأموال والجريمة المنظمة والفساد والإرهاب .
2-
تحديد ماهية
جريمة غسل الأموال وتأصيلها من الناحية الشرعية .
3-
التعرف على
أهم مصادر غسل الأموال .
4- إلقاء الضوء على الاتفاقيات والتوصيات الدولية
ذات الصلة بتجريم غسل الأموال وأساليب مكافحتها وضرورة التعاون الدولي للقضاء على
هذه الجريمة .
5-
تحديد أهم
السياسات التي تتبناها المملكة العربية السعودية في مكافحة عمليات غسل الأموال .
6-
التعرف على
العقبات التي تقف في طريق مكافحة غسل الأموال .
7-
صياغة بعض
الاقتراحات والتوصيات التي توصل إليها الباحث .
([1])
سورة الفجر: آية 20 .