آثار عقد التأليف
أعداد
الدكتور
نصير صبار لفته
رئيس قسم القانون
الخاص
كلية
القانون_ جامعة القادسية
بحث منشور في العراق_بغداد،
مجلة القانون المقارن :العدد /42 سنة 2006 (مقبول للنشر في 26 / 3 /2005 )
المحتويات
المقدمة 1
المبحث
الأول: التزامات المؤلِف 3
المطلب الأول: الالتزام بتقديم المؤلَف
3
المطلب الثاني: الالتزام بالسرية 9
المبحث
الثاني:التزامات الناشر 15
المطلب الأول: الالتزام بدفع المقابل 15
المطلب الثاني: الالتزام بالتعاون 18
المطلب الثالث: التزام الناشر بعدم
الاعتداء
على الحقوق المقررة للمؤلِف 22
الخاتمة 35
قائمة
المراجع
37
المقدمة
يعد
عقد التأليف من العقود الملزمة لجانبين، إلى جانب كونه عقداً من عقود المعاوضة
.
فهو المصدر الأساسي لالتزامات إطرافه وإن هذه الالتزامات تجد قوتها الملزمة في
العقد ويتعين الوفاء بها طبقاً لمبدأ حسن النية وفي كافة مراحل تنفيذ العقد([sup][1])[/sup].
وتلك الالتزامات متنوعة يخرج بعضها عن مألوف التزامات الإطراف في العقود القانونية
الأخرى.
وتأسيساً
على ذلك فإن دراسة آثار عقد التأليف يقتضي منا بيان التزامات كل طرف فيه، هذه
الالتزامات التي تتقابل فيما بينها بحيث يمكن القول إن أداء كل طرف لالتزاماته
مرتبطة أشد الارتباط بأداء الطرف الآخر لالتزامه. وإذا كنا سنقف على هذه
الالتزامات الخاصة، فانه يمكننا القول أن ثمة التزاماً رئيسياً يقع على عاتق المؤلِف
هو ما يعبر عنه بالالتزام بالتأليف ((L’obligation de ouvrage)). هذا
الالتزام الذي لن يستطيع المؤلِف القيام به إلا إذا كان يقابله قيام الناشر
بالوفاء بالالتزام بالتعاون.
هذا
الالتزام الذي يقع على عاتق الناشر في اغلب الأحوال ينص عليه صراحة في هذا النوع
من العقود، إذ نلزمه بتقديم كل الوسائل اللازمة للمؤلِف خلال فترة أعداده للمؤلِف،
على النحو الذي سنعرض منه مضمون الالتزام بالتعاون ((L’obligation
de collaboration)).
والحديث
عن التزامات طرفي العقد يفرض علينا التعرض لأوليات هذه الالتزامات، إلا وهي التزام
الناشر بدفع المقابل لأداء المؤلِف. فعقد التأليف شأنه في هذا الصدد شأن سائر
العقود الملزمة لجانبين. والالتزام الرئيسي الذي يقع على الناشر هو دفع المقابل
النقدي لخدمة المؤلِف ، فالناشر يطلب المعرفة العلمية من المتخصص. وهو يرمي في أن
يستفيد من الخبرة والمعرفة والمعلومات التي ينفرد بها المؤلِف. وفي سبيل ذلك يقوم
بدفع ثمن تطبيق هذا الفن الذي يجهله. وليس معنى ذلك أن هذا الالتزام هو الالتزام
الوحيد الذي يقع على عاتق الناشر، فالمؤلِف
يمنح عميله معرفة علمية تعبر عن خلاصة فكره وتخصصه الفريدين. فهو ابتكار يعبر عن
خلاصة عمل ذهني مضنٍ. ومن ثم فهذه الطبيعة الخاصة لالتزام المؤلِف والذي هو جوهر عقد
التأليف، فإنه يلقى عليه من ناحية مجموعة من الالتزامات يقابلها على الصعيد الآخر
التزامات تقع على عاتق الناشر. ومن هنا كان التزام الناشر بعدم الاعتداء على
الحقوق المقررة للمؤلِف. من قبيل التزامات المؤلِف التي تفرضها طبيعة هذا العقد ما
يعرف بالالتزام بالسرية
L’obligations de
confidentialite”، حيث إننا إذا كنا نلزم الناشر بوجوب إعلام
المؤلِف بكافة المعطيات التي تساعده في إعداد المؤلِف، وهذا ما يعرف –أيضا-
بالالتزام بالأعلام L’obligation de d'information” والذي يعد تطبيقاً لالتزامه بالتعاون، فإن وفاءه بهذا الالتزام
يتضمن بالضرورة أن يطرح أمام المؤلِف كافة المعطيات الخاصة بالتأليف المطلوب أعداده
من المؤلِف مدعمة بالمستندات معتمداً في ذلك على الثقة التي تولدت في شخص المؤلِف
والتي كانت من احد سمات هذا العقد([sup][2])[/sup]،
والتي تتحقق من خلال عدم قيام هذا المؤلِف او مستخدميه بإفشاء محتويات هذه
المستندات في مكان عام أو لمنافسي الناشر. هذا الالتزام الذي يقع على عاتق المؤلِف
هو ما يعرف بالتزامه بضمان سرية التعامل.
لذا
فإن بحث التزامات أطراف العقد يستلزم تقسيم هذا البحث على مبحثين نتناول في الأول
التزامات المؤلِف فيما نبحث في الثاني التزامات الناشر، أما الحقوق فلا داعي لإفرادها
بصورة مستقلة على اعتبار ان التزامات كل طرف في العقد تمثل حقوق الطرف الثاني.
المبحث الأول
التزامات المؤلِف
يلتزم
المؤلِف بمقتضى عقد التأليف بتقديم المؤلَف إلى الناشر والالتزام بضمان سرية
المعلومات المستحصلة بمناسبة العلاقة مع الناشر.
ونبحث
كل التزام من هذه الالتزامات في مطلبٍ مستقل وذلك كالآتي:-
المطلب الأول
الالتزام بتقديم المؤلَف
الالتزام
الرئيس الذي يترتب في ذمة المؤلِف هو الالتزام بإنجاز العمل المتفق عليه عن طريق
قيامه بإعداد المؤلِف وتقديمه للناشر. ولاشك في أن هذا الالتزام يعد جوهر عقد
التأليف وغايته، وأن الوفاء به يعتمد بالدرجة الأساس على كفاءة المؤلِف وخبرته
وتفوقه العلمي في مجال اختصاصه. وستقتصر دراستنا لهذا الالتزام على جوانبه
القانونية والمتمثلة في المضمون والطبيعة ومكان وزمان التسليم وذلك على النحو
الآتي:-
اولاً- مضمون الالتزام بتقديم المؤلَف:
يعد
الالتزام بتقديم المؤلَف التزاماً اصلياً ناشئاً عن العقد المبرم بين المؤلِف والناشر.
وليس مجرد التزام تابع أو واجب ملقى على عاتق المؤلِف فحسب. ويلزم المؤلِف بأن
يقدم للناشر مؤلَفاً يحتوي على مجموعة منسجمة من المعلومات، وهذه المعلومات ينبغي إن
تكون معبرة عن أداء متميز يتفق وأصول المهنة والقدرة التي ينفرد بها المؤلِف في
تخصصه. كذلك ينبغي أن يكون المؤلَف ملائم لحاجة الناشر ويعطيه الخيار الأفضل إزاء ما
يروم عمله من فعلٍ أو امتناع.
والوفاء
بهذا الالتزام يعد بحق نقلاً للمعرفة العلمية والإخلال به يؤدي إلى عدم تحقيق
نتائج هذه المعرفة. وهكذا فإن المعرفة العلمية إذا تم نقلها بحسن نية مع مراعاة
الشروط التعاقدية فإنها بلا شك تأتي بالنتائج المتوقعة في نشر المعرفة العلمية
للمجتمع.
كما
إن خصوصية هذا الالتزام تتمثل في إن عقد التأليف يعطي الحق للناشر في استغلال
المعرفة العلمية الخاصة بالمؤلَف. بيد أن الطبيعة المعنوية لهذا الحق تجعل من
المتعذر على المؤلِف استرداده عند انتهاء العقد بعد أن يكون الناشر قد علم بهذه
المعرفة.
ويثير
مدى تنفيذ المؤلِف لهذا الالتزام أساس الخلافات التي تثور مع الناشر، كما هو الشأن
في كل العقود، وبسبب الطابع المعنوي للمعرفة العلمية فإنه يصعب تحديد عناصرها بدقة
متناهية تحول دون أي خلاف يثور بشأنها. لذا يكون تطبيق مبدأ حسن النية ذا أهمية
كبيرة بل ضرورة لامناص منها لحسم النزاع على أساسها.
وقد
ينصب عقد التأليف على نقل ملكية المؤلَف إلى الناشر. كما ينصب على إعطاء الناشر حق
استغلاله، إذ يخول العقد الناشر حق استغلال المؤلَف. لذا يقع على المؤلِف التزام أساسي
هو تمكين الناشر من استغلال المؤلَف في ممارسة النشاط المتفق عليه في العقد وخلال
المدة المتفق عليها. كأن يتفق على أن تؤول حقوق الملكية للناشر ويحظر على المؤلِف
نشر المصنف والمؤلَف إلا بعد مرور مدة زمنية محددة([sup][3])[/sup].
وينبغي
أن يلاحظ هنا أن استعمال الناشر للمعلومات من المؤلَف ليس من شأنه سلب المؤلِف
الحق في استغلالها فلا يغل عقد التأليف يدَ المؤلِف من التصرف بالمعلومات بما يشاء
من التصرفات بأن ينقل ملكيتها للغير أو استغلالها في إعداد مؤلَف آخر، شريطة
احترام حقوق الناشر في عدم التجاوز على النطاق الذي يعملون فيه، بغية المحافظة على
سرية المعلومات([sup][4])[/sup].
كما
إن الالتزام بإعداد المؤلَف وتقديمه يمر بالمراحل الثلاث الآتية:-
1) مرحلة البحث عن المعرفة وإعداد تصور عام
للخيارات الأنسب للناشر. وتحديد النقاط الرئيسة والفرعية التي تشتمل عليها المشكلة([sup][5])[/sup].
ويجد المؤلِف نفسه في هذه المرحلة إزاء عدة خيارات وحلول يمكن طرحها. تكمن الصعوبة
في إيجاد الخيار الأنسب للناشر واستبعاد الخيارات التي لا تتوافق مع مصلحة الناشر.
ولا يقتصر واجب المؤلِف على وضع تصور مستند إلى ماهو موجود في علمه فحسب، وإنما
ينبغي عليه بذل الجهد المعقول في البحث والتقصي للوصول إلى الطرح الامثل للناشر.
2)
مرحلة تجميع البيانات والمعلومات اللازمة وتدوينها([sup][6])[/sup].
3) مرحلة تقديم المؤلِف والتي ينبغي أن
تكون مناسبة ودقيقة بحيث تمكن الناشر من الاعتماد عليها. ويلزم المؤلِف بأن يقدم المؤلَف
طبقاً لما تقرره بنود عقد التأليف والطريقة المتفق عليها فيه.
ويقتضي
التسليم في عقد المقاولة([sup][7])[/sup]،
تنفيذ إنجاز العمل المعهود به- إعداد المؤلِف- ومن ثم وضع هذا المؤلَف تحت تصرف الناشر-
رب العمل- على وجه يتمكن معه من حيازته والانتفاع به من دون أي حائل.
وأن
يكون المعقود عليه-المؤلَف- مطابقاً للمواصفات، وهذا يعني بالضرورة خضوع المؤلَف إلى
تقويم لقيمته العلمية والعملية من قبل الخبراء و المقومين لكتابة تقرير في صلاحية
هذا المؤلَف من عدمه مع الملاحظات. في ضوء مراعاة المؤلِف للنواحي الموضوعية
والشكلية في كتابة المؤلَف([sup][8])[/sup].
ثانياً-
طبيعة التزام المؤلِف بتقديم المؤلَف:-
إذ
يعتبر التزام المؤلِف بتقديم أو تسليم المؤلَف- محل العقد-، التزاماً بتحقيق نتيجة
وليس ببذل عناية فلا يكفي لإعفائه من المسؤولية عن عدم تقديم المؤلَف أو التأخر
فيه أن يثبت انه بذل العناية اللازمة في إنجاز البحث في الميعاد المحدد له ولكنه
لم يتمكن من ذلك. بل ينبغي عليه حتى تنتفي مسؤوليته أن يثبت السبب الأجنبي أو أن
البحث كان يتوقف على تقديم معلومات من الناشر. فإن استطاع ذلك انتفت علاقة السببية
ولم تتحقق المسؤولية([sup][9])[/sup].
وحجتنا في هذا الحكم إن المؤلِف ملزم بتقديم المؤلَف –محل العقد- من منظور الشخص
الممتهن الخبير وانه مسؤول عن تنفيذ عقد أبرمه ولم يدرك عدم قدرته على تنفيذه.
أما
عن الطبيعة القانونية لالتزام المؤلِف في عقد التأليف([sup][10])[/sup]،
والتي من خلالها يمكن تحديد مسؤولية المؤلِف، فيمكن القول انه وعلى الرغم من أن
طبيعة المؤلَف وطريقة أعداده لاتسمح دائماً بتحقيق رغبات واحتياجات الناشر بصورة
كاملة أو مطابقة، إلا إن من الصعوبة بمكان إعطاء تكييف واحد يحكم طبيعة التزام المؤلِف
بمطابقة المؤلَف- موضوع العقد- للمواصفات، وإنما يمكن الاعتماد على معيار
الاحتمالية ومدى دور أطراف العقد في تحقيق النتيجة المطلوبة.
فإذا
كانت هذه النتيجة محتملة الوقوع أو أن تحقيقها يتوقف على دور الناشر في تقديم
المعلومات، فإن الالتزام يكون التزاماً ببذل عناية، كما إذا تعلق الأمر بإعداد مؤلَف
وفقاً للمعلومات التي قدمها الناشر وتلبية لاحتياجاته وتطلعاته. إذ أن الوصول إلى
هذه النتيجة يعتمد على دقة هذا الناشر في توضيح احتياجاته من جهة، ومن جهة أخرى
على الجهد الذهني والإبداع الفكري للمؤلِف في إعداد المؤلَف المطلوب وليس على
الجهد البدني، مما لا يسمح بالسيطرة على جميع نتائج البحث بصورة كاملة ودقيقة، مما
يجعل تحقيق النتيجة المبتغاة أمراً محتملاً، وبالتالي يكون التزام المؤلِف بتسليم
و أنجاز بحث مطابق لتطلعات الناشر التزاماً ببذل عناية([sup][11])[/sup].
ويعتبر انه قد أوفى بالتزامه إذا بذل في تنفيذه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد
حتى وان لم يتحقق الغرض المقصود([sup][12])[/sup]،
وفي غير حالة الغش أو الخطأ الجسيم([sup][13])[/sup].
أما
إذا كانت النتيجة المطلوبة أو الغرض المقصود مؤكد الوقوع، كما إذا تعلق الأمر
بتسليم بحث معد سلفاً وكان المؤلِف قد أعلن صراحة عن مواصفات وكفاءة هذا البحث،
فإن التزام المؤلِف في هذه الحالة بتسليم بحث مطابق للمواصفات المعلن عنها، يعتبر
التزاماً بتحقيق نتيجة، وذلك لعدم توقف توفر هذه المواصفات على دور الناشر، أو على
ما سيتم بذله من جهد ذهني في تحقيقها- إذ أن العقد ورد على بحث جاهز معد سلفاً-
وبالتالي يسأل المؤلِف عن عدم مطابقة المواصفات حتى وان بذل من العناية ما يبذله
الشخص المعتاد، وكذلك الأمر إذا نص العقد على ضرورة تحقيق نتيجة ما، إلا إذا وجد
سبب أجنبي حال دون ذلك.
ثالثاً-
مكان وزمان تسليم المؤلَف:-
ينبغي
أن يتم التسليم في المكان المتفق عليه أو بما ينص عليه القانون، وباعتبار أن
معلومات المؤلَف ذات طبيعة غير مادية، فإن تسليمها وتداولها يتطلب تثبيتها على
وسيط مادي كالأوراق والأقراص الليزرية أو الضوئية والممغنطة (C.D or Disk)، كما من الممكن
تسليم المؤلَف من دون الحاجة إلى الوسيط المادي وذلك من خلال نقله عبر شبكة
المعلومات (الانترنت)، أو رسائل البريد الالكتروني أو أية وسيلة الكترونية أخرى.
مع ضرورة إعطاء الناشر مفتاح الرسالة الالكترونية حتى يستطيع الوصول إلى المؤلَف
(موضوع العقد). لذا ينبغي أن يتضمن اتفاق المتعاقدين تحديد وسيلة تسليم البحث
صراحةً أو ضمناً، وبخلاف ذلك تنعقد مسؤولية المؤلِف العقدية.
أما
فيما يتعلق بزمان تقديم المؤلَف فالأصل أن المؤلِف يُلزم بتقديمه في الزمان المتفق
عليه. فإن لم يكن هناك اتفاق على مدة معينة فيلزم المؤلِف بالإنجاز في المدة
المعقولة التي يقررها العرف تبعاً لمقدرة المؤلِف ووسائله وبمراعاة طبيعة العمل
ومقدار ما يقتضيه من دقة وحسب عرف المهنة.
وفي
حالة تأخر المؤلِف في البدء بالعمل أو تأخره في أنجاز المؤلَف تأخراً لا يتوقع معه
مطلقاً أن يتمكن من القيام به كما ينبغي في المدة المتفق عليها، فيجوز للناشر
عندئذٍ أن يطلب فسخ العقد من دون انتظار حلول اجل التسليم.
بيد
أن إنهاء عقد التأليف سواء بتقديم المؤلَف للناشر أو بفسخه بسبب عدم التنفيذ، لا
يعفي المؤلِف من ضرورة مراعاة الالتزام بالمحافظة على سرية التعامل مع الناشر.
وهذا ما سنحاول بيانه في المطلب الآتي:-
([1])
أنظر المادة (150) من القانون المدني العراقي.
([2])يعد
عقد التأليف من العقود القائمة على الاعتبار الشخصي كالسمعة و الكفاءة العلمية
والأمانة و ما قام به المؤلِف سابقاً من أعمال تكسبه تجربة علمية كافية.
([3])
أنظر أنموذج عقد التأليف الخاص ببيت الحكمة، ملحق رقم (1) مع هذا البحث.كما أنظر
نص المادة (42) من قانون حماية حق المؤلِف العراقي.
([4])
أنظر المطلب الثاني من هذا المبحث، الخاص بالالتزام بالسرية.
([5])
أنظر: د. عصمت عبد المجيد بكر، المدخل الىالبحث العلمي،الموسوعة الصغيرة،دار
الشؤون الثقافية،بغداد،2001، ص 95.
([6])
المصدر السابق، ص 96.
([7])اذ
لا يخرج عقد التأليف عن كونه، في واقع الحال،إلا عقد مقاولة بالمفهوم المتداول
المعروف به.
([8])
أنظر: د. عصمت عبد المجيد بكر، مصدر سابق، ص 130 وما بعدها.
([9])
بموجب نص المادة (168) من القانون المدني العراقي، تقابلها المادة (215) من
القانون المدني المصري.
([10])
بمعنى ضرورة مطابقة المؤلِف- محل العقد- لرغبات الناشر أو للمواصفات المتفق عليها
والتي يتطلع الناشر لتحققها.
([11])
كما يمكن اعتبار التزام المؤلِف التزاماً ببذل عناية في نطاق عقد المقاولة قياساً
على طبيعة التزام المحامي مع عملية والتزام الطبيب عند علاج المرضى، وبالتالي يكتف
ببذل الجهد الكافي والعناية الضرورية في ضوء المعطيات العلمية. أنظر في ذلك: د,
محمد لبيب شنب، شرح أحكام عقد المقاولة،القاهرة،1962، ص97. د. محمد عبد الظاهر
حسين، المسؤولية المدنية للمحامي اتجاه العميل، القاهرة، 1993، ص313.
([12])
بموجب نص الفقرة الأولى من المادة (251) من القانون المدني العراقي والتي تقابل
الفقرة الأولى من المادة (211) من القانون المدني المصري.
([13])
إذ يبقى المدين مسؤولاً عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم وهو ما نصت عليه الفقرة
الثانية من المادة (211) من القانون المدني المصري.
أعداد
الدكتور
نصير صبار لفته
رئيس قسم القانون
الخاص
كلية
القانون_ جامعة القادسية
بحث منشور في العراق_بغداد،
مجلة القانون المقارن :العدد /42 سنة 2006 (مقبول للنشر في 26 / 3 /2005 )
المحتويات
المقدمة 1
المبحث
الأول: التزامات المؤلِف 3
المطلب الأول: الالتزام بتقديم المؤلَف
3
المطلب الثاني: الالتزام بالسرية 9
المبحث
الثاني:التزامات الناشر 15
المطلب الأول: الالتزام بدفع المقابل 15
المطلب الثاني: الالتزام بالتعاون 18
المطلب الثالث: التزام الناشر بعدم
الاعتداء
على الحقوق المقررة للمؤلِف 22
الخاتمة 35
قائمة
المراجع
37
المقدمة
يعد
عقد التأليف من العقود الملزمة لجانبين، إلى جانب كونه عقداً من عقود المعاوضة
.
فهو المصدر الأساسي لالتزامات إطرافه وإن هذه الالتزامات تجد قوتها الملزمة في
العقد ويتعين الوفاء بها طبقاً لمبدأ حسن النية وفي كافة مراحل تنفيذ العقد([sup][1])[/sup].
وتلك الالتزامات متنوعة يخرج بعضها عن مألوف التزامات الإطراف في العقود القانونية
الأخرى.
وتأسيساً
على ذلك فإن دراسة آثار عقد التأليف يقتضي منا بيان التزامات كل طرف فيه، هذه
الالتزامات التي تتقابل فيما بينها بحيث يمكن القول إن أداء كل طرف لالتزاماته
مرتبطة أشد الارتباط بأداء الطرف الآخر لالتزامه. وإذا كنا سنقف على هذه
الالتزامات الخاصة، فانه يمكننا القول أن ثمة التزاماً رئيسياً يقع على عاتق المؤلِف
هو ما يعبر عنه بالالتزام بالتأليف ((L’obligation de ouvrage)). هذا
الالتزام الذي لن يستطيع المؤلِف القيام به إلا إذا كان يقابله قيام الناشر
بالوفاء بالالتزام بالتعاون.
هذا
الالتزام الذي يقع على عاتق الناشر في اغلب الأحوال ينص عليه صراحة في هذا النوع
من العقود، إذ نلزمه بتقديم كل الوسائل اللازمة للمؤلِف خلال فترة أعداده للمؤلِف،
على النحو الذي سنعرض منه مضمون الالتزام بالتعاون ((L’obligation
de collaboration)).
والحديث
عن التزامات طرفي العقد يفرض علينا التعرض لأوليات هذه الالتزامات، إلا وهي التزام
الناشر بدفع المقابل لأداء المؤلِف. فعقد التأليف شأنه في هذا الصدد شأن سائر
العقود الملزمة لجانبين. والالتزام الرئيسي الذي يقع على الناشر هو دفع المقابل
النقدي لخدمة المؤلِف ، فالناشر يطلب المعرفة العلمية من المتخصص. وهو يرمي في أن
يستفيد من الخبرة والمعرفة والمعلومات التي ينفرد بها المؤلِف. وفي سبيل ذلك يقوم
بدفع ثمن تطبيق هذا الفن الذي يجهله. وليس معنى ذلك أن هذا الالتزام هو الالتزام
الوحيد الذي يقع على عاتق الناشر، فالمؤلِف
يمنح عميله معرفة علمية تعبر عن خلاصة فكره وتخصصه الفريدين. فهو ابتكار يعبر عن
خلاصة عمل ذهني مضنٍ. ومن ثم فهذه الطبيعة الخاصة لالتزام المؤلِف والذي هو جوهر عقد
التأليف، فإنه يلقى عليه من ناحية مجموعة من الالتزامات يقابلها على الصعيد الآخر
التزامات تقع على عاتق الناشر. ومن هنا كان التزام الناشر بعدم الاعتداء على
الحقوق المقررة للمؤلِف. من قبيل التزامات المؤلِف التي تفرضها طبيعة هذا العقد ما
يعرف بالالتزام بالسرية
L’obligations de
confidentialite”، حيث إننا إذا كنا نلزم الناشر بوجوب إعلام
المؤلِف بكافة المعطيات التي تساعده في إعداد المؤلِف، وهذا ما يعرف –أيضا-
بالالتزام بالأعلام L’obligation de d'information” والذي يعد تطبيقاً لالتزامه بالتعاون، فإن وفاءه بهذا الالتزام
يتضمن بالضرورة أن يطرح أمام المؤلِف كافة المعطيات الخاصة بالتأليف المطلوب أعداده
من المؤلِف مدعمة بالمستندات معتمداً في ذلك على الثقة التي تولدت في شخص المؤلِف
والتي كانت من احد سمات هذا العقد([sup][2])[/sup]،
والتي تتحقق من خلال عدم قيام هذا المؤلِف او مستخدميه بإفشاء محتويات هذه
المستندات في مكان عام أو لمنافسي الناشر. هذا الالتزام الذي يقع على عاتق المؤلِف
هو ما يعرف بالتزامه بضمان سرية التعامل.
لذا
فإن بحث التزامات أطراف العقد يستلزم تقسيم هذا البحث على مبحثين نتناول في الأول
التزامات المؤلِف فيما نبحث في الثاني التزامات الناشر، أما الحقوق فلا داعي لإفرادها
بصورة مستقلة على اعتبار ان التزامات كل طرف في العقد تمثل حقوق الطرف الثاني.
المبحث الأول
التزامات المؤلِف
يلتزم
المؤلِف بمقتضى عقد التأليف بتقديم المؤلَف إلى الناشر والالتزام بضمان سرية
المعلومات المستحصلة بمناسبة العلاقة مع الناشر.
ونبحث
كل التزام من هذه الالتزامات في مطلبٍ مستقل وذلك كالآتي:-
المطلب الأول
الالتزام بتقديم المؤلَف
الالتزام
الرئيس الذي يترتب في ذمة المؤلِف هو الالتزام بإنجاز العمل المتفق عليه عن طريق
قيامه بإعداد المؤلِف وتقديمه للناشر. ولاشك في أن هذا الالتزام يعد جوهر عقد
التأليف وغايته، وأن الوفاء به يعتمد بالدرجة الأساس على كفاءة المؤلِف وخبرته
وتفوقه العلمي في مجال اختصاصه. وستقتصر دراستنا لهذا الالتزام على جوانبه
القانونية والمتمثلة في المضمون والطبيعة ومكان وزمان التسليم وذلك على النحو
الآتي:-
اولاً- مضمون الالتزام بتقديم المؤلَف:
يعد
الالتزام بتقديم المؤلَف التزاماً اصلياً ناشئاً عن العقد المبرم بين المؤلِف والناشر.
وليس مجرد التزام تابع أو واجب ملقى على عاتق المؤلِف فحسب. ويلزم المؤلِف بأن
يقدم للناشر مؤلَفاً يحتوي على مجموعة منسجمة من المعلومات، وهذه المعلومات ينبغي إن
تكون معبرة عن أداء متميز يتفق وأصول المهنة والقدرة التي ينفرد بها المؤلِف في
تخصصه. كذلك ينبغي أن يكون المؤلَف ملائم لحاجة الناشر ويعطيه الخيار الأفضل إزاء ما
يروم عمله من فعلٍ أو امتناع.
والوفاء
بهذا الالتزام يعد بحق نقلاً للمعرفة العلمية والإخلال به يؤدي إلى عدم تحقيق
نتائج هذه المعرفة. وهكذا فإن المعرفة العلمية إذا تم نقلها بحسن نية مع مراعاة
الشروط التعاقدية فإنها بلا شك تأتي بالنتائج المتوقعة في نشر المعرفة العلمية
للمجتمع.
كما
إن خصوصية هذا الالتزام تتمثل في إن عقد التأليف يعطي الحق للناشر في استغلال
المعرفة العلمية الخاصة بالمؤلَف. بيد أن الطبيعة المعنوية لهذا الحق تجعل من
المتعذر على المؤلِف استرداده عند انتهاء العقد بعد أن يكون الناشر قد علم بهذه
المعرفة.
ويثير
مدى تنفيذ المؤلِف لهذا الالتزام أساس الخلافات التي تثور مع الناشر، كما هو الشأن
في كل العقود، وبسبب الطابع المعنوي للمعرفة العلمية فإنه يصعب تحديد عناصرها بدقة
متناهية تحول دون أي خلاف يثور بشأنها. لذا يكون تطبيق مبدأ حسن النية ذا أهمية
كبيرة بل ضرورة لامناص منها لحسم النزاع على أساسها.
وقد
ينصب عقد التأليف على نقل ملكية المؤلَف إلى الناشر. كما ينصب على إعطاء الناشر حق
استغلاله، إذ يخول العقد الناشر حق استغلال المؤلَف. لذا يقع على المؤلِف التزام أساسي
هو تمكين الناشر من استغلال المؤلَف في ممارسة النشاط المتفق عليه في العقد وخلال
المدة المتفق عليها. كأن يتفق على أن تؤول حقوق الملكية للناشر ويحظر على المؤلِف
نشر المصنف والمؤلَف إلا بعد مرور مدة زمنية محددة([sup][3])[/sup].
وينبغي
أن يلاحظ هنا أن استعمال الناشر للمعلومات من المؤلَف ليس من شأنه سلب المؤلِف
الحق في استغلالها فلا يغل عقد التأليف يدَ المؤلِف من التصرف بالمعلومات بما يشاء
من التصرفات بأن ينقل ملكيتها للغير أو استغلالها في إعداد مؤلَف آخر، شريطة
احترام حقوق الناشر في عدم التجاوز على النطاق الذي يعملون فيه، بغية المحافظة على
سرية المعلومات([sup][4])[/sup].
كما
إن الالتزام بإعداد المؤلَف وتقديمه يمر بالمراحل الثلاث الآتية:-
1) مرحلة البحث عن المعرفة وإعداد تصور عام
للخيارات الأنسب للناشر. وتحديد النقاط الرئيسة والفرعية التي تشتمل عليها المشكلة([sup][5])[/sup].
ويجد المؤلِف نفسه في هذه المرحلة إزاء عدة خيارات وحلول يمكن طرحها. تكمن الصعوبة
في إيجاد الخيار الأنسب للناشر واستبعاد الخيارات التي لا تتوافق مع مصلحة الناشر.
ولا يقتصر واجب المؤلِف على وضع تصور مستند إلى ماهو موجود في علمه فحسب، وإنما
ينبغي عليه بذل الجهد المعقول في البحث والتقصي للوصول إلى الطرح الامثل للناشر.
2)
مرحلة تجميع البيانات والمعلومات اللازمة وتدوينها([sup][6])[/sup].
3) مرحلة تقديم المؤلِف والتي ينبغي أن
تكون مناسبة ودقيقة بحيث تمكن الناشر من الاعتماد عليها. ويلزم المؤلِف بأن يقدم المؤلَف
طبقاً لما تقرره بنود عقد التأليف والطريقة المتفق عليها فيه.
ويقتضي
التسليم في عقد المقاولة([sup][7])[/sup]،
تنفيذ إنجاز العمل المعهود به- إعداد المؤلِف- ومن ثم وضع هذا المؤلَف تحت تصرف الناشر-
رب العمل- على وجه يتمكن معه من حيازته والانتفاع به من دون أي حائل.
وأن
يكون المعقود عليه-المؤلَف- مطابقاً للمواصفات، وهذا يعني بالضرورة خضوع المؤلَف إلى
تقويم لقيمته العلمية والعملية من قبل الخبراء و المقومين لكتابة تقرير في صلاحية
هذا المؤلَف من عدمه مع الملاحظات. في ضوء مراعاة المؤلِف للنواحي الموضوعية
والشكلية في كتابة المؤلَف([sup][8])[/sup].
ثانياً-
طبيعة التزام المؤلِف بتقديم المؤلَف:-
إذ
يعتبر التزام المؤلِف بتقديم أو تسليم المؤلَف- محل العقد-، التزاماً بتحقيق نتيجة
وليس ببذل عناية فلا يكفي لإعفائه من المسؤولية عن عدم تقديم المؤلَف أو التأخر
فيه أن يثبت انه بذل العناية اللازمة في إنجاز البحث في الميعاد المحدد له ولكنه
لم يتمكن من ذلك. بل ينبغي عليه حتى تنتفي مسؤوليته أن يثبت السبب الأجنبي أو أن
البحث كان يتوقف على تقديم معلومات من الناشر. فإن استطاع ذلك انتفت علاقة السببية
ولم تتحقق المسؤولية([sup][9])[/sup].
وحجتنا في هذا الحكم إن المؤلِف ملزم بتقديم المؤلَف –محل العقد- من منظور الشخص
الممتهن الخبير وانه مسؤول عن تنفيذ عقد أبرمه ولم يدرك عدم قدرته على تنفيذه.
أما
عن الطبيعة القانونية لالتزام المؤلِف في عقد التأليف([sup][10])[/sup]،
والتي من خلالها يمكن تحديد مسؤولية المؤلِف، فيمكن القول انه وعلى الرغم من أن
طبيعة المؤلَف وطريقة أعداده لاتسمح دائماً بتحقيق رغبات واحتياجات الناشر بصورة
كاملة أو مطابقة، إلا إن من الصعوبة بمكان إعطاء تكييف واحد يحكم طبيعة التزام المؤلِف
بمطابقة المؤلَف- موضوع العقد- للمواصفات، وإنما يمكن الاعتماد على معيار
الاحتمالية ومدى دور أطراف العقد في تحقيق النتيجة المطلوبة.
فإذا
كانت هذه النتيجة محتملة الوقوع أو أن تحقيقها يتوقف على دور الناشر في تقديم
المعلومات، فإن الالتزام يكون التزاماً ببذل عناية، كما إذا تعلق الأمر بإعداد مؤلَف
وفقاً للمعلومات التي قدمها الناشر وتلبية لاحتياجاته وتطلعاته. إذ أن الوصول إلى
هذه النتيجة يعتمد على دقة هذا الناشر في توضيح احتياجاته من جهة، ومن جهة أخرى
على الجهد الذهني والإبداع الفكري للمؤلِف في إعداد المؤلَف المطلوب وليس على
الجهد البدني، مما لا يسمح بالسيطرة على جميع نتائج البحث بصورة كاملة ودقيقة، مما
يجعل تحقيق النتيجة المبتغاة أمراً محتملاً، وبالتالي يكون التزام المؤلِف بتسليم
و أنجاز بحث مطابق لتطلعات الناشر التزاماً ببذل عناية([sup][11])[/sup].
ويعتبر انه قد أوفى بالتزامه إذا بذل في تنفيذه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد
حتى وان لم يتحقق الغرض المقصود([sup][12])[/sup]،
وفي غير حالة الغش أو الخطأ الجسيم([sup][13])[/sup].
أما
إذا كانت النتيجة المطلوبة أو الغرض المقصود مؤكد الوقوع، كما إذا تعلق الأمر
بتسليم بحث معد سلفاً وكان المؤلِف قد أعلن صراحة عن مواصفات وكفاءة هذا البحث،
فإن التزام المؤلِف في هذه الحالة بتسليم بحث مطابق للمواصفات المعلن عنها، يعتبر
التزاماً بتحقيق نتيجة، وذلك لعدم توقف توفر هذه المواصفات على دور الناشر، أو على
ما سيتم بذله من جهد ذهني في تحقيقها- إذ أن العقد ورد على بحث جاهز معد سلفاً-
وبالتالي يسأل المؤلِف عن عدم مطابقة المواصفات حتى وان بذل من العناية ما يبذله
الشخص المعتاد، وكذلك الأمر إذا نص العقد على ضرورة تحقيق نتيجة ما، إلا إذا وجد
سبب أجنبي حال دون ذلك.
ثالثاً-
مكان وزمان تسليم المؤلَف:-
ينبغي
أن يتم التسليم في المكان المتفق عليه أو بما ينص عليه القانون، وباعتبار أن
معلومات المؤلَف ذات طبيعة غير مادية، فإن تسليمها وتداولها يتطلب تثبيتها على
وسيط مادي كالأوراق والأقراص الليزرية أو الضوئية والممغنطة (C.D or Disk)، كما من الممكن
تسليم المؤلَف من دون الحاجة إلى الوسيط المادي وذلك من خلال نقله عبر شبكة
المعلومات (الانترنت)، أو رسائل البريد الالكتروني أو أية وسيلة الكترونية أخرى.
مع ضرورة إعطاء الناشر مفتاح الرسالة الالكترونية حتى يستطيع الوصول إلى المؤلَف
(موضوع العقد). لذا ينبغي أن يتضمن اتفاق المتعاقدين تحديد وسيلة تسليم البحث
صراحةً أو ضمناً، وبخلاف ذلك تنعقد مسؤولية المؤلِف العقدية.
أما
فيما يتعلق بزمان تقديم المؤلَف فالأصل أن المؤلِف يُلزم بتقديمه في الزمان المتفق
عليه. فإن لم يكن هناك اتفاق على مدة معينة فيلزم المؤلِف بالإنجاز في المدة
المعقولة التي يقررها العرف تبعاً لمقدرة المؤلِف ووسائله وبمراعاة طبيعة العمل
ومقدار ما يقتضيه من دقة وحسب عرف المهنة.
وفي
حالة تأخر المؤلِف في البدء بالعمل أو تأخره في أنجاز المؤلَف تأخراً لا يتوقع معه
مطلقاً أن يتمكن من القيام به كما ينبغي في المدة المتفق عليها، فيجوز للناشر
عندئذٍ أن يطلب فسخ العقد من دون انتظار حلول اجل التسليم.
بيد
أن إنهاء عقد التأليف سواء بتقديم المؤلَف للناشر أو بفسخه بسبب عدم التنفيذ، لا
يعفي المؤلِف من ضرورة مراعاة الالتزام بالمحافظة على سرية التعامل مع الناشر.
وهذا ما سنحاول بيانه في المطلب الآتي:-
([1])
أنظر المادة (150) من القانون المدني العراقي.
([2])يعد
عقد التأليف من العقود القائمة على الاعتبار الشخصي كالسمعة و الكفاءة العلمية
والأمانة و ما قام به المؤلِف سابقاً من أعمال تكسبه تجربة علمية كافية.
([3])
أنظر أنموذج عقد التأليف الخاص ببيت الحكمة، ملحق رقم (1) مع هذا البحث.كما أنظر
نص المادة (42) من قانون حماية حق المؤلِف العراقي.
([4])
أنظر المطلب الثاني من هذا المبحث، الخاص بالالتزام بالسرية.
([5])
أنظر: د. عصمت عبد المجيد بكر، المدخل الىالبحث العلمي،الموسوعة الصغيرة،دار
الشؤون الثقافية،بغداد،2001، ص 95.
([6])
المصدر السابق، ص 96.
([7])اذ
لا يخرج عقد التأليف عن كونه، في واقع الحال،إلا عقد مقاولة بالمفهوم المتداول
المعروف به.
([8])
أنظر: د. عصمت عبد المجيد بكر، مصدر سابق، ص 130 وما بعدها.
([9])
بموجب نص المادة (168) من القانون المدني العراقي، تقابلها المادة (215) من
القانون المدني المصري.
([10])
بمعنى ضرورة مطابقة المؤلِف- محل العقد- لرغبات الناشر أو للمواصفات المتفق عليها
والتي يتطلع الناشر لتحققها.
([11])
كما يمكن اعتبار التزام المؤلِف التزاماً ببذل عناية في نطاق عقد المقاولة قياساً
على طبيعة التزام المحامي مع عملية والتزام الطبيب عند علاج المرضى، وبالتالي يكتف
ببذل الجهد الكافي والعناية الضرورية في ضوء المعطيات العلمية. أنظر في ذلك: د,
محمد لبيب شنب، شرح أحكام عقد المقاولة،القاهرة،1962، ص97. د. محمد عبد الظاهر
حسين، المسؤولية المدنية للمحامي اتجاه العميل، القاهرة، 1993، ص313.
([12])
بموجب نص الفقرة الأولى من المادة (251) من القانون المدني العراقي والتي تقابل
الفقرة الأولى من المادة (211) من القانون المدني المصري.
([13])
إذ يبقى المدين مسؤولاً عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم وهو ما نصت عليه الفقرة
الثانية من المادة (211) من القانون المدني المصري.