في الجزء
الأول من هذه الدراسة،

أشرنا
باقتضاب إلى مصاعب مهنة المحاماة ومختلف الأدوار التي يلعبها المحامي
.
نذكر في هذا
الصدد بأن المحامي في حاجة كي يمارس مهنته جيدا إلى محل أنيق ولائق
وبنية تحتية فعالة : مكاتب ومكتبات وآلات
للنسخ وقاعة للاجتماعات ومصلحة للأرشيف
وحواسيب وآلات طابعة وآلات ماسحة وأجهزة مودم وأجهزة صوتية وأنترنيت
ومركز للهاتف

وهواتف
محمولة وجهاز فاكس وسيارات. ويحتاج أيضا إلى الاطلاع على آخر ما جد في
الميدان القانوني: الاشتراك في الجريدة
الرسمية وفي المجلات المتخصصة والاشتراك
للولوج إلى مختلف أبناك المعلومات القانونية الموجودة في البلد (أرتيميس
ومسناوي
مازار وعما قريب
" جوري بريم " ) أوالأجنبية (جوستيل وكريدوك وجوديت إلخ ) وإحداث
بنك للمعطيات خاص بالمكتب وشراء الكتب
المختلفة... ومن الضروري التوفر على مبلغ
لايقل عن 500.000درهم كمصاريف لإعداد المكتب في أول الأمر، في حالة مجرد
كراء وعلى
ما لا يقل عن
1.500.000 درهم إذا كان ينوي المحامي شراء عقار وتجهيزه. ويجب التوفر
أيضا على مبلغ لتسيير شؤون المكتب لايقل
عن 100.000درهم
.
وأشرنا كذلك
إلى أن
المحامي قبل إرساء
قواعده، يتعين عليه إذا أراد تسجيل نفسه في التمرين بهيئة الرباط
أن يؤدي في يوم كتابة هذا المقال لمجلس
هيئة المحامين مبلغ35.000درهم إذا جاء
مباشرة من الجامعة، و 70.000 درهم إ ذا سبق له العمل في القطاع الخاص
أوالعام
. ولمجلس الهيئة وحده
فقط سلطة تقدير مبلغ حقوق تسجيل المرشح، أما القاضي فليس له أي
حق لمراقبة التعاريف التي يحددها مجلس
الهيئة (محكمة الاستئناف بالرباط، 2001/01/24
G.T.M رقم: 88 صفحة 155
).
وبعد انتهاء
التمرين وبغية التسجيل في الجدول، يدعو
مجلس الهيئة مرة آخرى المرشح ليدفع حقوق التسجيل التي تتجاوز 8000 درهم.
وبعد التسجيل في الجدول وتجهيز مكتبه، وفق
الشروط المشار إليها أعلاه، على المحامي أن
يواجه أيضا تكاليف آخرى دائمة : الكراء والماء والكهرباء والهاتف والفاكس والأنترنيت وأدوات المكتب (ورق آلات الطبع
وورق آلات النسخ والمحبرة والخرطوشات
إلخ...).
ويجب على
المحامي أن يدفع أيضا اشتراكات إلى مجلس هيئة المحامين وكذا
تكاليف الخدمات التي تقدمها الهيئة والصويرات والطوابع وغيرها. فمثلا
يكلف ملف
تحديد الأتعاب
400درهم في هيئة المحامين بالرباط. وحتى الحصول على شهادة عمل يتطلب
دفع مقابل عنها.
ومن جهة
آخرى، تفرض على المحامين عدة أنواع من التأمينات
. فعلاوة على تأمين السيارات (أوصويرات هذه الأخيرة)، يجب على المحامي أن
يبرم تأمينا

ضد المسؤولية
المدنية وحوادث الشغل والحريق والفيضان والسرقة... وهناك أيضا الصندوق
الوطني للضمان الاجتماعي الذي يطالب
باشتراكاته وقليل هم المحامون الذين يدفعون
اشتراكات للصندوق الوطني للتقاعد نظرا إلى قلة الموارد.
ونشير كذلك
إلى أنه
علاوة على هذه
النفقات يدفع المحامي الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة إلى كل
مبلغ يقبضه. وثمة ملاحظة تفرض نفسها في
هذا الصدد وهي أن الأطباء طالبوا بالإعفاء
من الضريبة على القيمة المضافة أمام البرلمان وحصلوا عليه، في حين أن
المحامين لم

يقوموا بـأي
خطوة في هذا الاتجاه. وهو ما ينطبق عليه المثل الشعبي "جزار ويتعشى
باللفت " أوبعبارة آخرى "
محامون لايعرفون الدفاع عن أنفسهم
".
ويؤدي
المحامي
أيضا مصاريف
المشاركة في المؤتمرات (الوطنية والدولية) وفي الندوات ومصاريف النقل
والمأوى...
ويدفع
المحامي %6 من رقم أعماله برسم واجب الاشتراك الأدنى وما قد
يصل إلى %44 برسم الضريبة العامة على الدخل.
كما أن
المحامي لايمكنه العمل وحده

أمام العدد
الهائل من المحاكم بالرباط، على سبيل المثال، دون الحديث عن المحاكم
الموجودة في المدن الآخرى أوفي البلدان
الآخرى خارج المغرب. فهو بحاجة إذن إلى
شركاء ذوي مسؤولية ومحامين مساعدين ومحامين متمرنين وكاتبات لهن خبرة
قانونية
وأعوان للخدمة
ومراسلين في المدن الآخرى. وإذا تعلق الأمر بمكتب متخصص، يستعين
المحامي أحيانا بـأشخاص من خارج المكتب
مثل الدكاترة الجامعيين أومتخصصين في المجال
الضريبي للقيام بـأبحاث في نقطة معينة من القانون.
وبمعنى آخر،
يشكل مكتب
المحامي بمفرده في
أيامنا هذه مقاولة حقيقية تحتاج من أجل حسن سيرها إلى هيكلة جيدة
وتتـألف من أشخاص أكفاء، ابتداء من
المحامين أنفسهم الذين يتعين عليهم دوما وأبدا
استكمال التكوين، مرورا بالمساعدين والكاتبات القانونيات إلخ... كل هؤلاء
الناس، مع
أنه لم يتم ذكر سوى
الاشخاص الضروريين، يجب أداء أجورهم وأداؤها بسخاء حتى يتمكنوا
من القيام جيدا بالمهام التي يونطون بها
في مكتب المحامي
.
ويتنقل كل
هؤلاء الناس

طوال اليوم
سواء داخل المدينة التي يوجد بها المكتب أوخارجها بين مختلف المحاكم أو
بين مختلف الإدارات. وإذا كانت مهنة
المحاماة مهنة شاقة فيمكن إدراجها إضافة إلى
ذلك في خانة المهن الخطيرة لأنها توجد على رأس المهن المسماة بمهن "
الثقة
" (يتعامل مكتب
المحامي مع أموال وشيكات وأوراق تجارية واعترافات بالديون ووثائق سرية
جدا إلخ...). وعليه فإن مستخدمي مكتب
المحامي لاينبغي فقط اختيارهم بدقة ولكن كذلك
أداء أجورهم بسخاء. وبسبب كل هذه الضغوط وجميع هذه التكاليف، يجب على
المحامي (وهو

ملزم بذلك)
أن يطلب أتعابا عادلة ومعقولة. وهنا أيضا وبما أن ثقافة تقديم الخدمة لم
تترسخ بعد في العقليات ببلدنا، فإن العديد
من الناس يزعمون أن التكاليف التي تمثلها
خدمات المحامي بعيدة عن المنال وبالتالي تجعل الولوج إلى القضاء صعبا.
وهذه قدرية مفرطة، فعندما يظن المرء أن أتعاب
المحامي مرتفعة ومن ثم يتخلى عن حقوقه
ويفقدها فذلك خطأ جسيم سيكلفه أكثر مما كان سيدفعه لو لجأ إلى خدمات أحد
المحامين
. أما إذا كان الشخص
يعتبر أن وضعيته المالية صعبة جدا، فيوجد دائما الحل المتمثل في
مطالبة الجهة المختصة للحصول على "
المساعدة القضائية " إذا كانت تنطبق عليه
شروطها.
وتوجد في
الحقيقة عدة عوامل تساهم في هذا الخلط وفي هذه
الشكوك.
وتأتي في
الدرجة الأولى حرية المنافسة التي تمنع على هيئة المحامين
تنظيم مبالغ الأتعاب وكذا بعض المقتضيات القانونية التي أكل عليها الدهر
وشرب، في
مرحلة فرض فيها على
المغرب الدخول إلى عصر الاتفاق العام حول التعاريف الجمركية
والتجارة أوالمنظمة العالمية للتجارة. فإذا كانت القواعد الأخلاقية
للمهنة تكرس

حرية تحديد
تعاريف الاستشارة والمبلغ المسبق وحتى تعاريف الأتعاب، فإنه يمنع تحديد
الأتعاب مسبقا حسب النتيجة المحصل عليها.
فقد تم إقرار
حرية تحديد الأتعاب ليس

فقط لصالح
المنافسة (سيتم حتما اعتبار أحد النصوص التنظيمية لمجلس الهيئة بالمخالف
لروح المنافسة وسيحال إلى أنظار مجلس
المنافسة -الظهير الشريف الصادر في 5 يوليو
2000 - الجريدة الرسمية عدد 4810 بتاريخ 6 يوليو 2000، صفحة 1940) ولكن أيضا
لصالح
المحامي الذي قد
يفاجأ بعدد المساطر الواجب عليه مباشرتها أواتباعها في قضية واحدة
وبالوقت الذي ستستغرقه تلك المساطر. ولهذا
الغرض، أقر المشرع مبدأ التسبيق الذي يجب
دفعه عند قبول التوكيل. وثمة كذلك قلة المعلومات التي يزود بها الموكل من
طرف
المحامي نفسه،
فاالموكل له حق شرعي ومبدئي في معرفة مآله ومن واجب المحامي بالتالي
أخبار موكله بالتكلفة التقريبية لما
سيدفعه مقابل ذلك التوكيل
.
وتشكل
الأتعاب
الأجرة المشروعة
مقابل الخدمة المطلوبة من المحامي. وعلى هذا الأخير قبل تحديد
أتعابه (التي يجب أن تكون مبررة بظروف
القضية ومتلائمة مع الخدمات المقدمة أوالتي
ستقدم)، أن يأخد بعين الاعتبار العوامل التالية :
-
أقدميته
وتجربته،

-
صعوبة المشكل
المطروح،

-
تقنية أوتخصص
التدخل،

-
أهمية أو حجم
المصالح موضوع

النزاع،
-
أهمية
الواجبات المنجزة،

-
السرعة الاستثنائية،
-
الوقت المكرس للقضية،
-
النتيجة
المحصل عليها
.
ومن جهة
آخرى، إذا كان من واجب المحامي
تفادي كل الطرق والسلوكات التي قد تضفي على مهنته طابع الربحية والروح
التجارية،
فيمنع عليه كليا
العمل مجانا أو مقابل أتعاب هزيلة قد تؤدي إلى إلحاق الضرر بكرامة
المهنة. وعليه أن يأخد بعين الاعتبار ليس
فقط جميع عناصر الملف ولكن أيضا أن يتفادى
النزول إلى بعض الأرقام التي قد يعد قبولها مسا واضحا بكرامته. وثمة
العديد من
هيئات المحامين عبر
أنحاء العالم التي أحالت بعض المحامين على المجالس التأديبية
لمجرد طلب أوقبول " تسبيقات لاتتماشى مع الأعراف ". وعلى
المحامي ألا يقلل من شأنه

أومن شأن
عمله وفنه وعلمه تحت طائلة إلحاق الضرر بجسد المهنة بأكمله. ونظرا إلى
عدم العثور على اجتهاد قضائي مغربي في هذه المادة، فقد أوردت كمرجع مثال
محكمة فور
دوفرانس التي أصدرت
بتاريخ 20/10/1987 حكما يفيض بالمعاني حول كرامة المحامي في
ميدان الأتعاب وذلك عندما اعتبرت الأتعاب التي اقترحتها شركة التأمين
وقبلها
المحامي مخجلة وتقل
عن تعرفة المساعدة القضائية، التي تعتبر أصلا غير كافية، وتقل
عن تكلفة القضية في مكتب المحامي. بل
يمكننا أن نتسائل إن كان المحامي الذي يقبل
هذا المقدار الهزيل والمخجل من الأتعاب لا يعرض نفسه إلى المتابعات بسبب
الإخلال
بالكرامة. وهل تلغى
الاتفاقية بناء على قاعدة خطر " إغراق السوق
".( Gaz Pal 2 فبراير 1989 صفحة 18 مذكرة أ.داميان).
أما في
المغرب، فالوضعية أكثر حرجا وليس
على المرء سوى أن يتوجه إلى أبواب المحاكم وخاصة إلى جوار أقسام الشرطة
والدرك
والنيابة العامة
وقاعات جلسات المحاكم الجنائية والجنحية، بصفة عامة، ليشاهد عن كثب
اقتناص الزبائن واستدراجهم مقابل أثمنة
بخسة. إن بعض الزملاء الذين يقبلون الدفاع
عن الأظناء مقابل أتعاب هزيلة دون حتى الاطلاع على الملفات أوتفحص
الوثائق الموجودة

في ملفات
المحاكم إنما يلحقون ضررا ليس فقط بالمتقاضين الذين يكون الدفاع عنهم
ضعيفا (مرافعات ضعيفة تفتقر إلى التحضير)
بل أيضا وعلى الخصوص بجسد المهنة بأكمله
والذي ستنطبق عليه عاجلا أم أجلا صورة الوضاعة والتسول. ويقوم بعض
الزملاء دون

علمهم بضرب
كرامة المحامي في الصميم على مرأى ومسمع من مجالس الهيئات والنيابة
العامة كما أن الدولة نفسها متضررة لأن
هذه الملفات لاتخضع لأية ضريبة وهي لا تسجل
ولا تراقب من لدن مجلس الهيئة.
علاوة على
ذلك، يجب على المحامي ألا يكون تحت
رحمة الموكل ذي النية السيئة الذي تكون لديه فكرة عدم دفع أتعاب المحامي
رغم طلب
مساعدته والاستفادة
من تجربته ومن وقته ومن جهده. وذلك هو السقوط في هاوية تفقير
المحامي ماديا وفكريا ومن ثم فقده لاستقلاله. ومن المؤسف أن العديد من
الزملاء
يعيشون حاليا هذه
الوضعية لأنهم لم يعرفوا أولم يتمكنوا من تسيير مكاتبهم على أحسن
وجه.
فالموكل الذي
يماطل أويرفض دفع مصروفات وأتعاب المحامي لايستحق أن يدافع
عنه والمحامي الذي يترك أحد الموكلين ينصب عليه لايستحق أن يكون محاميا.
وبالتالي من
البديهي أن نطلب من المحامي ومن موكله تحديد الأتعاب بدقة
في عقد توكيل مكتوب بحيث يتفادى الموكل الإحساس بالريبة إزاء طريقة تحديد
أتعاب
المحامي. ولايسعني
إلا أن أردد لمن يريد الإصغاء نصيحة نقيب المحامين السيد عبد
الجليل بنسليمان التي أسداها لي إبان خطواتي الأولى بهيئة الرباط :
"زبونك هو أول

خصم لك...
فخذ حذرك منه " . وكنت مشككا في هذا الرأي في بداية مشواري إلا أنني دفعت
ثمن ذلك عدة مرات بعد ذلك. وعليه ولتفادي
أي سوء تفاهم أوخيبة أمل، يجب أن يوقع
الطرفان توكيلا يتضمن على وجه الدقة إن أمكن ليس مهمة المحامي لأن لهذا
الأخير
تفويض عام ولكن
بالخصوص أجرته العادلة
.
ينبغي إذن
إرساء فكر جديد حول الأتعاب

حتى تتمكن
القواعد الكلاسيكية للمهنة من الانتعاش. فإذا كان من المقبول عبر العالم
اعتبار مكتب المحامي كمقاولة تتعرض
لمجازفات وتهدف إلى تحقيق الربح، لابد كذلك أن
تمكن الأتعاب المدفوعة إلى المحامي من ضمان مساهمته، التي لا غنى عنها،
في خدمة
العدالة.
إذن فمن
المقبول في العالم اليوم أن أتعاب المحامي لها وظيفة مزدوجة
: تغطية صوائر تسيير المكتب وأداء أجرة المحامي.
وتستعمل في
المعدل 60 % من

الأتعاب في
تمويل التكاليف المرتبطة بتسيير المكتب : الكراء والمستخدمين والأعباء
الاجتماعية ومصاريف التسيير إلخ... (مجلة
نقابة المحامين بباريس، " عدد خاص
بالأتعاب " ألان مينار، أكتوبر 1996 ). أما في المغرب، فالمعدل أكبر
من ذلك (بالنظر

إلى مصاريف
مكتبي ) ولكن في غياب إحصائيات، أفضل الاحتفاظ باحصائيات نقابة باريس
.
وطوال ما
يناهز العشرين سنة من الممارسة، لاحظت أن أغلب المحامين وعلى رأسهم
نقباؤهم لايحبون كثيرا التعامل مع
الأرقام. ولذلك أفضل إعطاء مثل من الواقع لتوضيح
فكرتي: عندما يدفع شخص ما أومقاولة إلى المحامي مبلغ 5000 درهم برسم
أتعابه مقابل

إحدى
المساطر، فهو يظن أنه دفع له أجرته بسخاء. لكن الحقيقة غير ذلك، إذ من مبلغ
5000 درهم، يجب اقتطاع 7 % برسم الضريبة على
القيمة المضافة ويبقى مبلغ 4650 ينبغي
أن تأخذ منه نسبة 60 % المخصصة لتكاليف المكتب ليبقى مبلغ 1860 درهم كربح
صاف. ومن
هذا المبلغ الأخير،
يجب اقتطاع 44 % برسم الضريبة العامة على الدخل. و لا يبقى
للمحامي في الحقيقة إلا مبلغ 1041.60درهما لا غير. ومن أجل هذا المبلغ،
عليه أن
يحرر ويتنقل إلى
صندوق المحكمة ويحضر الجلسات (التي قد تطول سنوات) ويشعر الموكل كل
مرة ويعقب على المذكرات ويحضر المستنتجات
ويذهب للحصول على منطوق الحكم (وبعض
المرات يعود خاوي الوفاض لأنه تم اتخاذ قرار بالتمديد) ويذهب عدة مرات
للحصول على

نسخ الحكم
التبليغية والتنفيذية ويكتب طلب التبليغ ويذهب إلى صندوق المحكمة من أجل
تسجيله ويرافق العون القضائي في بعض
المرات ويكمل أجرته التي تعتبر مزرية (تصور أن
عونا قضائيا ينتقل من المحكمة الابتدائية الواقعة بحي المحيط ليقوم
بتبليغ طي إلى

شخص يسكن
بشارع الإمام مالك، أي على بعد 10 كلم، لايتقاضى سوى 15 درهما ...) ثم
يذهب للحصول على شهادة التبليغ والتأشير
على النسخة التنفيذية والعودة إلى المكتب
ويحضر طلب التنفيد والرجوع إلى المحكمة لتسجيله ويرافق العون القضائي من
أجل
التنفيذ وينتظر إلى
أن يدفع محصول التنفيد إلى صندوق المحكمة ثم يذهب للبحث عن ورقة
النفقات ويعبئها ويوقعها ويحضر وصلا لمكتب
التبليغ والتنفيذ القضائي ويدلي بجميع
هذه الوثائق ويرجع للحصول على شيك ثم يذهب لدفعه في حساب إيداع الزبائن
وأخيرا
يستقبل الموكل
لتسليمه مستحقاته. وهذا المثل الذي لايتعلق سوى بملف بسيط للتحصيل
(الذي قد يطول سنوات في بعض المرات) هو في
الحقيقة بسيط جدا (يسهل قول هذا
!) بالمقارنة مع الملفات التي تتطلب أبحاثا معمقة وإجراءات معقدة ومتعددة.
ورغم ذلك، فإن القاضي وعامة الناس لهم صورة سيئة
عن المحامي. وأكيد أنه من الصعب إقناع
عامة الناس بانتفاء صفة الطمع عن المحامي نظرا إلى الرأي المترسخ في
الأذهان منذ

زمن طويل.
ويجب الاعتراف أن المحامين يمكنهم الدفاع عن أي شخص وعن أي شئ إلا عن
مهنتهم. غير أن عددا كبيرا منهم يعيشون
على حافة الفقر ولايستطيعون في أيامنا هذه
حتى الالتزام بدفع واجباتهم الكرائية. والعجيب أن هؤلاء المحامين
لايستسلمون لأن

الربح ليس
مكمن قوتهم ولاهدفهم ومعظمهم يتبع مثال الأستاذ بيريي، المحامي الكبير في
عهد لويس نابوليون، الذي أجاب عن سؤال أحد
الوجهاء الذي تعجب من عدم ثراء المحامي
رغم حياته المهنية الطويلة والممتلئة : " كان عليك فقط أن تمد يديك
لتجمع ذلك المال

الذي كان
سيجعلك في مـأمن ليس فقط من الحاجة ولكن أيضا من العيش الضنك. فرد عليه
المحامي المشهور : كما قلت، كان علي أن
أمد يدي
."
وقليل هم
الذين اغتنوا من مهنة

المحاماة،
أما الأغلبية فيتدبرون عيشهم يوما بيوم بسبب ليس فقط قواعد مهنية لاتحمي
المحامي فعلا ولكن تخنقه، والتي سميتها
غيرما مرة "بقانون الممنوعات " (اطلع على
القانون الداخلي لهيئة المحامين بالرباط، ستصاب بالذهول) ولكن أيضا لأن
جزءا كبيرا

من الزبائن
يعتقدون أن المحامي " يبيع الكلام " أي بمعنى أخر "الهواء ".
وقد تلاشت
صورة "
الثرثار " منذ زمن طويل. وأوردنا أن مكتب المحامي أصبح عبارة عن مقاولة
حقيقية في خدمة المجتمع تحتاج كي لاتقع في
الإفلاس والتبعية أويوما ما في الإجارة
إلى الحصول على أتعاب عادلة ومشرفة. وفي غياب نصوص تنظيمية حتى ولو كانت
تقريبية
حول الأتعاب (هذه
النصوص لايمكن إصدارها لأنها مخالفة لمبدأ حرية المنافسة)، يجب
إرساء فكر حقيقي حول أتعاب المحامي.
وإذا كان
المبدأ يجعل تحديد الأتعاب حرا
لتتناسب مع صعوبة القضية والمصاريف التي يتعرض لها المحامي وبنية مكتبه
وشهرته
وتخصصه والمساعي
التي تم القيام بها والوضعية المالية للموكل، فإن الشفافية مطلوبة،
رغم ذلك ،حتى تتلاشى كل الأفكار المسبقة
في هذا الصدد. وعلى المحامي أن يخبر موكله
بالأتعاب والمصروفات المتوقع أن تترتب على القضية. وتسمح الشفافية بتفادي
المساومة
وتمكن المحامي من
ربح وقت يستغله في دراسة الملفات وتحضير مرافعاته
.
ويمكن تصور عدة صيغ فيما يخص الأتعاب، ولكن علينا أن
نتبع عدة مراحل حسب الأدوار المختلفة التي
يضطلع بها المحامي.
فبعد تحديد
الموعد الأول، يقوم الموكل خلال أول لقاء بعرض
قضيته على المحامي وأخد رأيه الشفوي فيها وهو ما يسمى " بالاستشارة
". ويجب أن تكون

مدفوعة
الأجر، فقد استقبل المحامي الموكل وخصص له وقتا مهما واطلع على الوثائق التي
سلمت له. ويقوم المحامي بإسداء النصائح
أثناء هذه الاستشارة. و تمكن هذه النصائح من
تفادي النزاعات أوتساعد على حلها ويكون الموكل على الأقل قد تعرف على
حقوقه أوعلى

الطريق التي
سيسلكها. ومن ثم، يجب أن تكون الاستشارة الأولى مدفوعة الأجر، وعدم قبض
الأجر من الموكل على إثر هذه الإستشارة
الأولى من طرف المحامي يعتبر خطأ لايغتفر
ومخالفا كذلك لكرامة المهنة.
وكم مرة
رأينا محامين يعطون استشاراتهم في ممرات
المحاكم وحتى في قاعاتها. وكم من المحامين يوزعون استشاراتهم في المقاهي
التجارية
أوأثناء الأعراس.
وهذا مؤسف. فعلى المحامي أن يحتفظ على حد أدنى من الكرامة في
علاقاته مع الموكلين. وأتذكر هنا إحدى الطرائف التي تحكى عن النقيب
المشهور
البوحميدي. حيث كان
في الحمام حينما التقى به أحد موكليه، وبعد السلام والرد على
السلام، سـأله هذا الأخير : " أين وصلت قضيتي ياسيدي النقيب ؟
" فرد عليه النقيب

"
هل
تحمل معك وصل المكتب ؟ " فأجاب الموكل بالنفي واستطرد المحامي : وأنا كذلك
ليس
ملفك معي هنا، مر
على المكتب وسأخبرك إنشاء الله
..
".
من المخجل أن
نرى بعض
الزملاء يوزعون
علمهم دون مقابل حين يسدون بنصائحهم مجانا في المقاهي التجارية
أوأثناء الحفلات المختلفة. وذلك يشبه قيام
الأطباء المختصين أوغيرهم بفحص الناس في
المقاهي أوخلال الأعراس أو... إعطائهم تعليمات أو وصفات أوكمثل مهندسين
معماريين
يقومون بإعداد
تصاميمهم في نفس الظروف. و يعتبر الاستمرار في هذه التصرفات إخلالا
بالكرامة ولن يؤدي سوى إلى تخريب المهنة
بأكملها ودفع المحامي أكثر فأكثر إلى براثن
الفقر. فالموكل المحتمل الذي تقدم الاستشارة إليه في المقهى يعتبر موكلا
مفقودا
بالنسبة إلى المحامي
الذي قدم إليه الإستشارة وكذا بالنسبة إلى كل زميل أخر كان في
مقدوره تحصيل أجرة عادلة منه مقابل تلك
الاستشارات
.
وإذا لم تكن
لدينا أية
معايير على الصعيد
الداخلي لتحديد تكلفة الاستشارة البسيطة، فيمكننا رغم ذلك أن
نتبنى تكلفة طبيب متخصص في مدينة الدار البيضاء، وتحديد سعر الاستشارة في
مبلغ لا
يقل عن 300 درهم.
ومن البديهي أن هذا السعر قد يرتفع بالنظر إلى صعوبة القضية
المعروضة والتي قد تتطلب أبحاثا ودراسة معمقة.
وفي فرنسا،
يبتدىء سعر الاستشارة

البسيطة من
50 أورو. وفي بلجيكا، وبمقتضى قرار صادر في 23 أبريل 1987 عن المجلس
الوطني لهيئة المحامين، تم تحديد مبلغ
الأتعاب مقابل إستشارة أولى في 1000 فرنك
بلجيكي (24.78 أورو) ولكن هذا القرار يعود إلى 15 سنة مما يوحي إلى أن
المبلغ قد
عرف تغييرا منذ ذلك
الحين. وربما يكون قرار المجلس الوطني والذي يدخل ضمن إطار
التصرفات المخلة بقواعد المنافسة قد تم إلغاؤه أوالتخلي عنه. ونحن لم
نأتي على ذكره

هنا إلا
للتأكيد على ضرورة قيام المحامين بتحصيل أجرة عن كل استشارة. وفي مدينة
شارلوروا، تبنى أحد مكاتب المحامين تعاريف
الأتعاب التالية : 1500 فرنك كأقصى حد
بالنسبة إلى الاستشارة البسيطة بالمكتب ومن 2000 إلى 3500 فرنك بالنسبة
إلى
الاستشارة البسيطة
المكتوبة ومن 2000 إلى 5000 فرنك للساعة بالنسبة إلى الاستشارة
المكتوبة أوغير المكتوبة التي تتطلب
أبحاثا ودراسات مسبقة... أما في الولايات
المتحدة الأمريكية، فإن معظم المكاتب تحدد أتعاب الاستشارة حسب تعرفة
بالساعة تتغير

حسب شهرة
المحامي وأقدميته. وتبتدىء هذه التعرفة بالساعة من حوالي 100 دولار. فما
إن يضع الموكل رجله في مكتب المحامي
المستشار (وليس في المكتب) إلا وينطلق العداد
. وينطبق الشئ نفسه على الاستشارة بالهاتف حيث يتم احتساب الثواني وتوجه
الفاتورة
فورا إلى الموكل.
وفي كندا تتبع بعض المكاتب نفس الممارسات التي تزاول في الولايات
المتحدة، بينما تقوم مكاتب أخرى بتحديد
أتعاب جزافية تبتدئ من 85 دولار كندي
للاستشارة الواحدة.





وفي ألمانيا،
فإن
استشارة بسيطة
شفوية أو مكتوبة يجب ألا تتجاوز مبلغ 350 مارك ألماني (1998 ). أما
الاستشارة المكتوبة المفصلة (بيان الوقائع
والتحليل القانوني والحلول) فمن البديهي
أن تتطلب أتعابا أكبر مع مراعاة وجود اتفاقية مكتوبة.
ولايقوم
المحامي في إطار
الاستشارة القانونية الشفوية أوالمكتوبة بدور المحامي ولكن بدور
المستشار. ويتم دفع
الأجر هنا عن تحليله وعن نصحه. أما في إطار تحرير العقود، فإن الأتعاب
يمكن أن تتم
مطابقتها مع أتعاب الموثق ويمكن إعداد عقد كراء بسيط مقابل مبلغ يبتدئ من
1000 درهم
وعقد بيع أحد
العقارات بمبلغ يبتدئ من 5000 درهم أو نسبة 1 % من قيمة العقار
إلخ...
كما أن
مساعدة المقاولة في إبرام أحد الاتفاقات أومحاولة التوصل إلى حل
متفاوص عليه وتفادي النزاعات أمر يستحق
كذلك دفع أجرة عنه ويمكن احتساب هذه الأجرة
بالنظر إلى صعوبة المهمة والوقت المتطلب وكذا حتى إلى النتيجة المحصل عليها.
ولايعني هذا
بتاتا أنه في حالة إخفاق المحامي، لاينبغي دفع الأتعاب إليه
. وهو ليس لديه سوى التزام بالوسائل وليس بالنتائج خلافا للفكرة الرائجة
عند عدد كبير
من الموكلين. وبالتالي على المحامي أن يشير بدقة إلى هذه النقطة في عقد
التوكيل
المكتوب الذي يبرمه
مع موكله رغم كونها من النظام العام . وعلاوة على مصاريف
الاستشارة الأولى، إذا طلب من المحامي متابعة أومباشرة الإجراءات
القضائية فعليه أن
يطلب من الموكل أداء مصاريف الملف. وهذه المصاريف لايمكن اعتبارها بأي
حال من
الأحوال كأتعاب وهي
تشمل عادة ما يلي
:
- مصاريف فتح
الملف وتضم الترقيم وتأليف
الملف والحفظ ومصاريف مسك المحفوظات لمدة خمس سنوات -المادة 49 من ظهير
10/09/1993
- (حسب الأبحاث التي
قمنا بها حول التعاريف الدنيا، يمكن تحديد هذه المصاريف في ما
بين 250 و 500 درهم حسب أهمية القضية
والوضعية المادية للموكل
).
- المراسلات أي الرسائل والفاكسات الموجهة من المحامي إلى
الموكل وإلى خصمه والمحكمة والخبراء وإلى
كل متدخل في القضية (المكتب الذي يتبنى أقل التعاريف هو مكتب بلجيكي : 7
أورو
للوثيقة).
- مصاريف
الرقانة والطبع على الحاسوب التي تشمل وثائق المسطرة أي
الملتمسات والاستدعاءات والمستنتجات والمذكرات وقد احتسبها المكتب
البلجيكي المذكور
في 7 أورو للورقة.
ومن الممكن
الاتفاق على مبلغ محدد بالنسبة إلى مصاريف الملف
ولكن يجب الانتباه إلى سوء تقدير النفقات المستقبلية وينصح دائما بطلب
الحصول على
تسبيق وبعد استنفاده يطلب تسبيق آخر.
وينبغي كذلك
على المحامي توعية الموكل
وإخباره بالمصاريف القضائية التي لاتدخل أبدا ضمن الأتعاب إلا في حالة
التنصيص على
خلاف ذلك. وتشتمل المصاريف القضائية خاصة على ما يلي :
- رسوم التسجيل والتمبر،
- مصاريف
المحاكم (واجب المرافعة،مصاريف نسخ الملفات
والوثائق...)،
- الصويرات،
-مصاريف
الترجمة،

- مصاريف العون
القضائي
إلخ...
وإذا استدعى
الملف التنقل خارج المدينة التي يمارس فيها المحامي مهنته،
على هذا الأخير أن يحمل الموكل ليس فقط مصاريف التنقل أوالإقامة أوغيرها
ولكن أيضا
تعويضا خاصا إذا
كان التنقل يتم إلى وجهة بعيدة يضطر معها المحامي إلى الغياب عن
مكتبه لمدة 24 أو48 ساعة على سبيل المثال.
أما الأتعاب
بكل معنى الكلمة فهي تحدد
بين المحامي وموكله (المادة 43 من ظهير 10/09/1993 ). وليس من الضروري
التذكير
بالأسس التي ينبغي
أن يعتمدها المحامي لتحديد أتعابه. وفي الحقيقة، من المستحيل
عمليا التكهن بما سيكون عليه الحجم الإجمالي للمصاريف والأتعاب عند نهاية
النزاع
. فكل شيء مرتبط
بأهمية العمل الواجب إنجازه، فلا مجال للمقارنة بين أمر بسيط صادر عن
رئيس المحكمة الابتدائية والقرار المحصل
عليه بعد أربع سنوات من المساطر ودرجتين من
درجات المحاكم و60 صفحة من المستنتجات وحضور المحامي أثناء الخبرات
أوالمعاينات
والتنقلات ... والمراسلات والإجراءات التحفظية والتنفيذية...
ويمكن
للمحامي
تحديد أتعابه
جزافيا أوحسب الوقت المخصص. ومن المقبول اعتماد نسبة أتعاب حسب الساعة
في البلدان المتقدمة. ونورد هنا مثل مكتب
بلجيكي للمحامين يمارس تعرفة حسب الساعة
تبتدئ من 82.76 أورو، ولكن يمكن أن ترتفع حسب المعايير التي تم التطرق
إليها فيما
سبق. ونورد أيضا مثل مكتب للمحامين بنيس يعتمد التعاريف حسب الساعة
التالية
: 228.67 أورو للساعة
بالنسبة للقانون العام و182.93 للساعة بالنسبة للقانون العقاري
و152.44 أورو بالنسبة للمواد الأخرى.
ويشتغل مكتب للمحامين بشارلوروا (بلجيكا
) بتعرفة حسب الساعة تساوي من 2000 إلى 5000 فرنك بلجيكي (تعرفة 1987 ).
وإن كان يظهر
أن هذه التعاريف مبالغ فيها شيئا ما، فيكفي ملاءمتها مع السياق المغربي.
غير أنه في
رأينا ليست العقليات مستعدة بعد في بلدنا للقبول بالتعرفة حسب الساعة.
والتعرفة
الجزافية جار بها
العمل أكثر في المغرب ولكن الحرية في ذلك هنا أيضا للأطراف. وعلى
سبيل الإشارة نورد التعاريف التي يعمل بها
مكتب فرنسي للمحامين والذي لازال يمارس
تعاريف جزافية :
- أمام محكمة
ابتدائية انطلاقا من 3000 فرنك فرنسي (دون احتساب
الضريبة)،
- أمام محكمة
عليا، ابتداء من 6000 فرنك فرنسي (دون احتساب
الضريبة)،
- أمام المحكمة
التجارية، ابتداء من 4000 فرنك فرنسي (دون احتساب
الضريبة)،
- أمام محكمة
الاستئناف، ابتداء من 6000 فرنك فرنسي (دون احتساب
الضريبة)،
- أمام محكمة
الشرطة، ابتداء من 2500 فرنك فرنسي (دون احتساب
الضريبة)،
- أمام محكمة
جنحية، ابتداء من 4000 فرنك فرنسي (دون احتساب
الضريبة)،
- أمام محكمة
الجنايات، 20.000 فرنك فرنسي (دون احتساب
الضريبة).
ويجب أن يفهم
من التعاريف المشار إليها أعلاه أنها تطبق حسب القضية
وحسب درجة المحكمة. فالقضية أمام المحكمة الابتدائية والقضية نفسها أمام
محكمة
الاستئناف تترتب
عليها تعرفتان مختلفتان ما عدا إذا تم الاتفاق على خلاف
ذلك.
أما في
ألمانيا، فسلم 1998 (الذي أصبح بدوره مخالفا لمبدأ حرية النافسة
) يحدد أتعاب المحامي، بالنسبة إلى جلسة
أمام محكمة جنائية، حسب درجة كل محكمة والتي
تتمثل في ما بين 100 و 2540 مارك ألماني لليوم الأول وبين 100 و 1270
بالنسبة لكل
جلسة إضافية. وخلال التحقيق التحضيري، تتراوح التعرفة بين 85 و 1270 مارك
ألماني
. ومن الجاري به
العمل المطالبة بأتعاب أكبر من الأتعاب القانونية ومن المعمول به
أيضا المطالبة دون تبرير بالاسترداد
الجزافي لمصاريف المراسلات والهاتف والتي
لايمكن أن تتجاوز 15% من الأتعاب القانونية وسقف 30 مارك ألماني.
وفي القضايا المدنية أوالتجارية أوغيرها والتي تهدف
إلى تحصيل مبلغ من المال (إثر دين أوضرر
إلخ...)، يمكن للمحامي المطالبة والحصول على أتعاب إضافية تسمى أتعاب النتيجة.
من الأكيد أن
القانون يمنع الاتفاق حول " اقتسام الشئ المتنازع عليه
" (في الولايات المتحدة يتم الحديث عن ضريبة النجاح
وهي مشروعة تماما) وهي تتمثل في
قياس حجم أتعاب المحامي فقط بالمقارنة مع النتيجة التي سيتم التوصل إليها
(المادة
44 الفقرة الأولى من
ظهير 10/09/1993 ). ويظل مشروعا تماما عندما يشكل صافي الأتعاب
بعد استنزال أتعاب التسيير الواردة
أوالمقبوضة سابقا. ويمكن الاتفاق بشأن أتعاب
النتيجة مع الموكل ولكن لاتؤدى إلا عند التسديد الفعلي من طرف الخصم
للمبالغ التي
ألقيت على عاتقه. وتتمثل هذه الطريقة المعروفة تحت اسم " دفيئة
النخل
"
"Palmarium " في ربط المحامي مباشرة وبصفة حصرية بفرص نجاح القضية. وهي تختلف عن اتفاق
اقتسام
الشئ المتنازع عليه
الذي يربط الأتعاب بصفة حصرية بالنتيجة. وقد اعتبرت فرنسا
الاتفاق المذكور محرما وتبنت من ناحية أخرى بمقتضى قانون 10 يوليو 1991
مبدأ
" دفيئة النخل
"عندما صرحت " بمشروعية الاتفاقية التي تنص علاوة على أجرة الخدمات
المقدمة على تحديد أتعاب تكميلية مرتبطة
بالنتيجة المحصل عليها أوالخدمة المقدمة
". إنها في الحقيقة حماية للمحامي نفسه الذي بعد
سنوات عديدة من العمل والمصاريف قد
يتعرض موكله لرفض دعواه.
وتعمل بلدان
أخرى بأجرة مدفوعة تتوافق مع قيمة القضية
أوحسب نسبة مائوية في القضايا التي تتعلق بمبلغ مالي. وتتراوح النسب عامة
بين 10
% و 30 % دون احتساب
مصاريف الملف والمبلغ المسبق من الأتعاب والمصروفات (العراق 20
% ومصر 20 % والأردن 25 % إلخ... راجع رسالة
المحاماة عدد 11- 12 / الصفحة 387 ). وفي
الواقع من غير المجدي إعداد جدول كامل عن الأتعاب التي قد تختلف من ملف
إلى آخر
بالنظر إلى القضية
نفسها ومكتب المحامي (بنيته وشهرته إلخ...) : هل يمكن تقييم
القضية من الناحية المادية وهل يتعلق الأمر بدين معترف به أم غير معترف
به، وهل
يتعلق بقضية لا
يمكن تقييمها من الناحية المالية، وأمام أية محكمة ؟ إلخ... هل مكتب
المحامي ذو بنية جيدة وهل للمحامي تجربة
كبيرة وشهرة كافية ؟ ...إلخ
.
من المسموح به لكل مكتب أن يعد، بصفة مستقلة تتناسب
مع تكاليفه الخاصة، سلما للأسعار يمكن
إبلاغه إلى الموكلين.
وثمة طريقة
أخرى لأداء أجرة المحامي، وتتمثل في إبرام عقد
للاشتراك لدى مكتب المحامي (المادة 47 من القانون الداخلي). ويمكن الجمع
بين هذه
الطريقة وطريقة كل
قضية على حدة. ويتم إبرام هذا العقد في العادة مع الإدارات
والمؤسسات العمومية والأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون الخاص. ويمكن
طرح سؤال
عندما يتعلق الأمر
بعقد مع إدارة أومؤسسة عمومية أومجلس بلدي أوجماعي: هل يتعلق
الأمر بعقد إداري أم بمجرد اتفاقية تخضع للقانون الخاص ؟. وجاء الجواب من
المحكمة
الإدارية بوجدة
التي صرحت بتاريخ 10/ 03/1999 بعدم اختصاصها للنظر في نزاع قائم بين
محام وجماعة قروية واللذين كانت تربطهما
اتفاقية خاضعة للقانون الخاص والتي يرجع
النظر في عدم تنفيذها إلى محاكم القانون العام (الإشعاع عدد 21، 2000
صفحة 231
) .ويبرم هذا النوع من
العقود عادة مع شخص معنوي أوطبيعي يلجأ بصفة متكررة إلى
المحامي من أجل استشارات وعند الاقتضاء من أجل نزاعات. ويقبل المحامي في
هذه الحالة
أتعابا سنوية تدفع حسب أقساط شهرية وتهدف إلى ضمان خدمة قانونية تكون المقاولة (أوالشخص المعنوي) في حاجة إليها وكذا، عند
الضرورة، لمتابعة عدد من الملفات على
الصعيد القضائي. وفي الحقيقة، فإن مثل هذه الاتفاقية إن لم تبين حدودها،
تشكل خطرا
بالنسبة إلى
المحامي إذا كانت تشمل الميدانين القانوني والقضائي. فقد يتفاجأ
المحامي بعدد الاستشارات الشفوية
أوالمكتوبة وبعدد الملفات التي يكون ملزما
بمتابعتها أمام الهيئات القضائية. وننصح بالتالي بأن تكون للمحامي أتعاب
بصفته
مستشارا، وهو
الجانب القانوني، وأن تكون له أتعاب بالنسبة إلى كل قضية، وهو الجانب
القضائي، علاوة على مصاريف الملف
والمصروفات وصوائر التنقل
.
وفي غير
الحالات
التي يقبض فيها
المحامي مبالغ لفائدة أحد القاصرين والتي يكون فيها اللجوء إلى
النقيب إلزاميا بالنسبة إلى تحديد الأتعاب
(المادة 55 التي تطرح مشكلا حقيقيا لأنها
تفرض أجل 15 يوما من أجل دفع المبالغ المقبوضة بعد اقتطاع المصروفات والأتعاب،
وكان
من الأجدر إيداع
المبالغ المقبوضة 15 يوما بعد قرار النقيب...). وفي غير الحالات
التي يتم فيها إبرام عقد بين الأطراف، فقد
تؤدي مسألة الشفافية وقلة المعلومات إلى
نشوب خلاف بين المحامي وموكله حول الأتعاب. فإذا لم يخبر المحامي موكله
بالمبالغ
المحتملة التي قد
يتعين عليه أداؤها سواء أثناء المسطرة أوفي نهايتها وإذا لم يتم
إبرام أي عقد مكتوب وإذا استمر الخلاف،
يمكن لزبون المحامي في الثلاثة أشهر التالية
لتقديم بيان الحساب وفي نهاية عقد التوكيل اللجوء إلى النقيب قصد تحديد
أتعاب
ومصروفات المحامي
(المادة 50 من ظهير 10/09/1993 ). وكان قرار نقيب هيئة المحامين
بالرباط الصادر في 29/12/2000 في ملف
تحديد الأتعاب عدد 2001/220 والذي أيده نائب
رئيس محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 25/10/2001 (راجع جريدة العلم عدد
18918
بتاريخ 3 مارس
2002/ صفحة 3) مخالفا للمادة 50 المذكورة. وبناء على الوقائع التي
أوردتها الجريدة، فإن زبون المحامي بعد
مرور تسعة أشهر من تقديم بيان الحساب وتحصيل
الشيك، التجأ إلى النقيب من أجل تخفيض الأتعاب المؤداة. والغريب في الأمر
هو
التأويل الذي أعطاه
نائب رئيس محكمة الاستئناف بالرباط في إحدى حيثيات القرار والذي
جاء فيه : "بأنه لايتبين بتاتا من
صيغة المادة 50 بأن عدم احترام الأجل (أجل ثلاثة
أشهر) يؤدي إلى سقوط الحق في الطلب". في حين أن الأمر يتعلق هنا
تماما بحالة تقادم
مسقط بانقضاء الأجل لأن المشرع يضرب أجلا لممارسة حق في وقت معين وهو
ثلاثة أشهر
وبانقضائه يسقط الحق. والسقوط هو فقدان إمكانية المطالبة بحق بعد انقضاء
الأجل
. وبخلاف التقادم
العادي، فإن التقادم المسقط من النظام العام والمحكمة ملزمة بإشارته
تلقائيا ولن يكون بمقدور المجلس الأعلى
النظر في هذا القرار لأن المادة 92 من ظهير
1993 لا تسمح بالطعن في قرار رئيس محكمة الاستئناف
المتعلق بالأتعاب
.
ويمكن كذلك للمحامي أن يتوجه إلى النقيب كي يعرض عليه
كل صعوبة تعترض طريقه في هذا الميدان
ويقدم إليه طلب تحديد الأتعاب والمصروفات. والمشرع لا يلزم المحامي بأجل
الثلاثة
أشهر خلافا لما ذهب
إليه نائب رئيس محكمة الاستئناف بالرباط في أحد قراراته. فلا
تسقط الدعوى الناشئة عن الالتزام بالنسبة إلى المحامي إلا حسب الفصل 387
الذي ينص
على تقادم مدته 15
س