مجلة المحاماة - العدد الخامس
السنة الرابعة والثلاثون سنة 1954
بحث
التحقيق المفتوح
في قانون الإجراءات الجنائية الجديد
للسيد الأستاذ عادل يونس المحامي العام لدى محكمة النقض
تنص
المادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى على أن تفتيش
المنازل عمل من أعمال التحقيق، ولا يجوز الالتجاء إليه إلا في تحقيق
مفتوح، وبناءً على تهمة موجهة إلى شخص مقيم في المنزل المراد تفتيشه
بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها، أو إذا وجدت قرائن على
أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة.
وتطبيقًا لهذا النص قضت محكمة النقض أخيرًا في حكمها الصادر بتاريخ 4
يونيه سنة 1953 في الطعن رقم (1265) سنة 22 قضائية بأن قضاءها مستقر على
أن (تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق لا تأمر به سلطة من سلطاته
إلا لمناسبة جريمة ترى أنها وقعت وصحت نسبتها إلى شخص بعينه وأن هناك من
الدلائل ما يكفي لاقتحام مسكنه الذي كفل الدستور حرمته وحرم القانون على
رجال السلطة دخوله إلا في أحوال خاصة وأن تقدير كفاية تلك الدلائل وإن كان
من شؤون سلطة التحقيق إلا أنه خاضع لرقابة محكمة الموضوع بحيث إذا رأت أنه
لم يكن هناك ما يبرره كان لها أن لا تأخذ بالدليل المستمد منه باعتبار أنه
إذا فقد المبرر لإجرائه أصبح عملاً يحرمه القانون فلا يسوغ أن يؤخذ منه،
وقد جاء قانون الإجراءات الجنائية يؤكد هذه المبادئ بما نص عليه في المادة
(91) منه من أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق، ولا يجوز الالتجاء
إليه إلا في تحقيق مفتوح، وبناءً على تهمة موجهة إلى شخص مقيم في المنزل
المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت
قرائن على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة - وإذا كان الشارع قد نص على أن
يكون هناك تحقيق مفتوح فإنما قصد بذلك التحقيق الذي تتولاه سلطة التحقيق
بناءً على ما يصل إلى علمها من الإبلاغ عن جناية أو جنحة ولم يشترط الشارع
للتحقيق المفتوح الذي يسوغ التفتيش أن يكون قد قطع مرحلة أو استظهر قدرًا
معينًا من أدلة الإثبات بل ترك ذلك لتقدير سلطة التحقيق لكي لا يكون من
وراء غل يدها احتمال فوات الغرض منه مما تتأثر به مصلحة الجماعة التي تسمو
على مصلحة الفرد [(1)]).
يؤخذ من هذا الحكم أن قانون الإجراءات الجنائية قنن المبادئ التي استقرت
عليها أحكام محكمة النقض قبل إصداره، وأن المشرع لم يتعلق مراده بالخروج
على تلك المبادئ التي استقر عليها الفقه والقضاء في ظل قانون تحقيق
الجنايات الملغى.
غير أن هذا الحكم لم يواجه ما إذا كانت النيابة العامة ملزمة بفتح محضر
قبل إصدار الإذن أو لا، وهل تغنيها تحريات الضبطية القضائية التي ترى أنها
جدية عن إجراء تحقيق بمعرفتها أو لا.
وللوصول إلى الإجابة على ذلك يتعين بيان الوضع قبل إصدار قانون الإجراءات
الجنائية وبعد إصداره، وتقصي المصادر التشريعية للقانون الحالي وتطورها،
وقبل أن نعرض لهذا كله يقتضينا البحث بيان حدود حق سلطة التحقيق في الإذن
بتفتيش منازل الأشخاص وتأصيل هذا الحق قانونًا.
مدى حق سلطات التحقيق في تفتيش الأشخاص والمنازل:
الأصل في تفتيش المساكن والأشخاص الحظر، فقد كفلت الدساتير الحرية الشخصية وحرمة المنازل [(2)]
كما رددت القوانين المختلفة هذا الحظر إذ نصت المادة (128) عقوبات مصري
المقابلة للمادة (184) عقوبات فرنسي على حظر دخول الموظفين أو المستخدمين
العموميين أو أحد الأشخاص المكلفين بخدمة عمومية - اعتمادًا على وظيفتهم -
منزل آحاد الناس بغير رضائه فيما عدا الأحوال المقررة في القانون، كما
تضمنت المادة (370) عقوبات مصري هذا الحظر بالنسبة إلى أفراد الناس.
غير أنه إذا تعارضت حرمة المساكن وكفالة الحرية الشخصية مع حق المجتمع في
تحقيق الجرائم والبحث عن مرتكبيها، رجحت كفة المجتمع وأبيحت هذه الحرمات
على أن يكون ذلك في حدود هذا النطاق حتى لا يجرى إطلاق هذا الحق إلى سوء
استعماله والإسراف فيه.
فالأساس القانوني لتبرير حق الهيئة الاجتماعية، ممثلة في سلطات التحقيق النائبة عنها، هو تمكينها من الدفاع عن نفسها ضد الجناة [(3)].
والأصل في التفتيش ألا يملكه إلا رجال التحقيق، ولا يجوز أن يتولاه رجال
الضبطية القضائية إلا في أحوال معينة جاءت على سبيل الحصر في القانون، أو
إذا أذنت لهم بذلك السلطة القضائية، فهو إجراء من إجراءات التحقيق
الابتدائي الغرض منه جمع الأدلة تأييدًا لجريمة وقعت واتهام قائم ضد شخص
ما بالقدر الذي تتطلبه مصلحة التحقيق ولا يقصد منه كشف الجرائم.
الوضع في ظل قانون تحقيق الجنايات الملغى:
تناولت المواد (30)، (68)، (69)، (70) من قانون تحقيق الجنايات الصادر
بالقانون رقم (4) لسنة 1904 أحكام تفتيش منازل المتهمين وغيرهم في مواد
الجنايات والجنح، كما تناولتها المواد (53)، (54)، (75) من قانون تحقيق
الجنايات المختلط الملغى الصادر بالقانون رقم (57) لسنة 1937.
وعلى الرغم من أن هذه النصوص لم تفصح عن أن التفتيش إجراء من إجراءات
التحقيق وأنه لا يصح ما لم تكن هناك جريمة معينة قد وقعت، فإن الفقه
والقضاء قد استقرا على أن التفتيش إجراء قضائي وليس عملاً إداريًا من
أعمال البوليس الغرض منه اكتشاف الجرائم ومرتكبيها، وأن تقدير جدية
التحريات التي تسبق الإذن بالتفتيش متروك للنيابة العامة تحت إشراف
المحاكم، وأن إصدار الإذن لا يقتضي إجراء تحقيق سابق له [(4)].
وبديهي أنه للقول بوقوع الجريمة قبل صدور الإذن لا يتحتم أن يكون وقوعها
هذا ثابتًا بطريق مشاهدة رجل الضبط القضائي لها حال ارتكابها، لأن هذه
المشاهدة إنما تنشئ حالة تلبس تخوله حق التفتيش بدون إذن من سلطة التحقيق.
مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى البرلمان:
عندما رأت الحكومة تعديل قانون تحقيق الجنايات تقدمت بمشروع قانون إلى
البرلمان تناولت فيه التفتيش في المواد (122)، (124)، (126) ولم تتكلم هذه
المواد عن ضرورة إجراء تحقيق مفتوح، وقد أدخلت لجنة الإجراءات الجنائية
بمجلس الشيوخ هذا التعبير وأشارت إليه في تقريرها المؤرخ 24 يونيو سنة
1948 وذلك (نقلاً عن المادة 87 من القانون الفرنسي المضافة بقانون 25 مارس
سنة 1935 [(5)]
لتقرير أن تفتيش المنازل وضبط الأشياء هو عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز
الالتجاء إليه إلا في تحقيق مفتوح وبناءً على تهمة موجهة إلى شخص معين
وليس وسيلة من الوسائل التي يجوز لمأموري الضبطية القضائية الالتجاء إليها
لاستكشاف الجرائم وضبط مرتكبيها).
وجاء في تقرير لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب المؤرخ 20 فبراير سنة 1950 ما يلي:
(فسرت المادة (94) (التي أضافتها لجنة الإجراءات الجنائية بمجلس الشيوخ)…
… … … بأن المقصود منها ألا يباشر المحقق هذا الإجراء إلا إذا سبقه اتهام
صريح تؤيده أدلة مقبولة أو قريبة الاحتمال فوافق مندوب وزارة العدل على
هذا التعبير).
كما جاء في تقريرها الثاني المؤرخ 2 مايو سنة 1950 ما يلي:
(اقترح أحد النواب تعديل هذه المادة باستبدال عبارة (تحقيق بدأ فيه)
بعبارة (تحقيق مفتوح) الواردة بها ولم ترَ اللجنة فرقًا بين عبارتي (تحقيق
بدأ فيه) و(تحقيق مفتوح).
ويبين من مطالعة المادة (91) إجراءات جنائية ومقارنتها بالمادة (87) تحقيق
جنايات فرنسي أن المشرع لم ينقل جميع أحكام المادة الفرنسية وأنه قد أسقط
منها بعض فقراتها، غير أنه يبدو أنه لم يقصد الخروج عن المبادئ الواردة
بها لخضوعها للقواعد المقررة قانونًا [(6)].
وتنص الفقرة الأولى من المادة (87) معدلة فرنسي على ما يأتي:
(يعد دخول المنازل وتفتيشها من أعمال التحقيق التي لا يجوز مباشرتها ما لم يكن هناك تحقيق في حالة فتح l’instruction étant ouverte وكان الشخص المراد دخول منزله فاعلاً في جريمة أو شريكًا فيها أو على الأقل يظن أنه يحوز أشياء تتعلق بالجريمة).
الوضع بعد صدور قانون الإجراءات الجنائية:
مقطع النزاع هو الوقوف على ما إذا كان المشرع في قانون الإجراءات الجنائية
قد قصد تغيير الأوضاع المستقرة فقهًا وقضاءً في ظل قانون تحقيق الجنايات
الملغى أو أنه لم يرم إلى شيء من ذلك.
وللوصول إلى ذلك يتعين تقصي التطور التشريعي للقانون - الفرنسي مصدر تشريعنا - في هذا الصدد.
جرى نص المادة (87) تحقيق جنايات فرنسي وقت إصدارها في سنة 1808 على ما يأتي:
(ينتقل قاضي التحقيق إذا طلب إليه ذلك، وله أن ينتقل من تلقاء نفسه، إلى
منزل المتهم لإجراء تفتيش عن الأوراق والأشياء وعلى العموم جميع الأشياء
التي يرى أنها تفيد في إظهار الحقيقة).
وعلى ضوء هذا النص جرى الشراح القدامى أمثال فستان هيلي ومانجان ولبواتفان وجارو وغيرهم [(7)] على التفسير الذي أسلفنا بيانه دون حاجة إلى النص، على أن التفتيش من إجراءات التحقيق ودون استلزام فتح تحقيق.
وجاء تعديل 7 فبراير سنة 1933 بعبارة (التحقيق المفتوح) وقبل أن نمضي إلى
تتبع هذا التعديل نقول إن المشرع الفرنسي قصد التحقيق بمعناه القضائي instruction، وإن كان بعض الشراح والمعلقين قد أورد كلمة information شرحًا لهذه الكلمة [(8)] فإن المقصود بهذا اللفظ أنه مرادف لكلمة instruction وكلمة information
في علم القانون لها معنيان: فهي تشمل بمعناها الواسع جميع أعمال التحقيق
الابتدائي، وفي معناها الضيق تعني محضر سماع الشهود فقط أخذًا من نص
المادة (76) تحقيق جنايات فرنسي، والمعنى الواسع لهذه الكلمة هو المعمول
به حاليًا [(9)].
أما معنى (جمع الاستدلالات) فهو (information sommaire) [(10)].
وقد بدأت فكرة تعديل المادة (87) فرنسي في سنة 1878 حين شكلت لجنة غير
برلمانية لتعديل قانون التحقيق الجنائي الفرنسي، ووافق مجلس الشيوخ على
مشروع التعديل المذكور في 5/ 8/ 1882 غير أن مجلس النواب لم يفحصه، فأهمل
إلى أن تقدم رئيس الوزراء إذ ذاك مسيو كليمنصو في 18/ 1/ 1907 بالاشتراك
مع وزير العدل المسيو جيوديني بمشروع قانون خاص بضمانات الحرية الفردية،
يرمي إلى إلغاء بعض مواد القانون وتعديل البعض الآخر، وقد وافق عليه مجلس
الشيوخ ولكنه لم يعرض على مجلس النواب حتى نشبت الحرب العالمية الأولى،
وفي 13/ 11/ 1918 تقدم النائب بول مونيس بمشروع القانون المذكور وبعد أن
تمت مناقشته في مجلس البرلمان هيأ له الظهور أخيرًا بقانون 7/ 2/ 1933.
ويتضح من ذلك أن أول تعديل للمادة (87) كان بقانون 7/ 2/ 1933 لا بقانون 25/ 3/ 1935 [(11)].
وسبب الحرص على وضع تعديل سنة 1933 - كما يبين ذلك من التعليقات على هذا القانون [(12)]
- هو أنه قبل إلغاء المادة (10) من قانون التحقيق الجنائي الفرنسي، كان
دخول المنازل الذي يجرى بمعرفة مديري البوليس ومرؤوسيهم له صفة وقائية
بقصد البحث عن الجرائم واكتشافها، فحرص واضعو القانون الجديد على النص على
اعتبار التفتيش من أعمال التحقيق، كما أن إطلاق نص مادة (87) تحقيق جنائي
فرنسي آثار انتقادات عديدة نادت بالحد من هذا الحق.
وكان النص الذي وافق عليه مجلس الشيوخ في سنة 1882 يرمي إلى اشتراط صدور أمر قضائي mandat
لإمكان إجراء التفتيش، وفي ذلك ما فيه من تعقيد للإجراءات وتفويت للغرض من
التفتيش إذ من المعلوم أن الأوامر القضائية يلزم فيها تعيين الشخص الموجهة
إليه وإعلانه بها بمعرفة قلم المحضرين أو أحد رجال السلطة العامة.
أما النص الوارد في مشروع سنة 1907 المقدم من وزارة كليمنصو فكان يرمي إلى اشتراط استجواب المتهم لأول مرة قبل تفتيش منزله.
وواضح أن هذه النصوص معيبة لأنها تستبعد حالة التحقيق ضد مجهول، وقد انتقد
ذلك مسيو مونيس مقرر القانون ونادى بأن اشتراط الاستجواب يبدو غير مقبول،
ففي بعض القضايا مثل الجاسوسية وتزييف النقود حيث يستلزم الأمر العمل
بمنتهى السرعة، فإن أي تنبيه يكفي لدفع المتهم وشركائه وأقاربه وأصدقائه
إلى إخفاء آثار الجريمة.
وكانت لجنة مجلس الشيوخ في مشروعها الأول قد اكتفت بثبوت وقوع جناية أو
جنحة لإمكان إعطاء حق التفتيش للقاضي المحقق، ولكن هذه الصياغة انتقدها
مسيو. ريبو ونادى في جلسة 7/ 2/ 1909 بأنها ضيقة جدًا وتؤدي إلى عدم
الاستفادة من هذا الإجراء لاكتشاف جريمة مفترضة présumé. فرد عليه مسيو مونيس في نفس الجلسة قائلاً:
(إذا كنا نعطي لنائب الجمهورية (رئيس النيابة) حق العمل فورًا في المنزل
الذي تقع فيه الجريمة والبحث عن جميع المستندات، فإننا نسلم بأن لقاضي
التحقيق أن يقوم بنفس العمل، فبالنسبة إلى نائب الجمهورية فإن الأمر ليس
فيه صعوبة لأن ذلك لا يكون إلا في حالة التلبس، أما بالنسبة إلى قاضي
التحقيق فنحن نطلب كضمان وحيد لإمكان إصدار أمر التفتيش بمعرفته، لإصدار
أمر قضائي mandat لأن ذلك يضيق من سلطانه، بل كل ما نطلبه هو أن يكون هناك تحقيق مفتوح [(13)]، فكان هذا سبب دخول تعبير (التحقيق المفتوح) في النص.
هذه هي الدعائم التي قام عليها التعديل الفرنسي - مصدر تشريعنا الحالي -
ويبين منها بجلاء أنه لا يشترط لاستصدار أمر التفتيش سوى مجرد وقوع جناية
أو جنحة ووجود اتهام لشخص ما على أنه فاعل أصلي أو شريك في ارتكابها أو
على الأقل وجود قرائن تدل على أن المطلوب تفتيش منزله يحوز أشياء تتعلق
بالجريمة وأن يكون هناك تحقيق في حالة فتح instruction étant ouverte.
ولكن ما هو المقصود بهذه العبارة ؟ سنتناول التعريف بها طبقًا للنظام
الفرنسي الذي يقوم فيه قاضي التحقيق بالاختصاصات التي تقوم بها النيابة
العامة في مصر عملاً بالمرسوم بقانون رقم (353) لسنة 1952.
من المعلوم أن التحقيق الابتدائي هو إجراء يتخذ بمعرفة السلطة القضائية
المختصة بقصد البحث عن الأشخاص الذين يظن أنهم قد ارتكبوا جريمة وقعت،
وجمع الأدلة وتقدير مدى كفايتها لمحاكمة فاعليها [(14)].
فأول واجب للمحقق قبل أن يبدأ التحقيق هو التثبت من وقوع الجريمة ولا تتوقف صحة
الإجراءات على ضرورة وجود محضر للتحقق من جسم الجريمة بل يكفي أن يثبت لدى القاضي أن الجريمة وقعت [(15)].
وقد حكم في فرنسا بأن مجرد أوامر قاضي التحقيق ordonnances بإجراء التفتيش تعد عملاً من أعمال التحقيق [(16)].
أما محاضر جمع الاستدلالات التي يقوم بها رجال الضبطية القضائية فليست لها
قيمة أكثر من تهيئة الوسيلة للنيابة العامة لتقرير ما إذا كانت الوقائع
التي وصل إليها خبرها، بناءً على هذه المحاضر، تبرر مباشرة إجراءات
الاتهام برفع الدعوى العمومية مباشرةً أمام القضاء (في مواد الجنح) أو
بإخطار قاضي التحقيق المختص وحده بإجراء التحقيق [(17)].
فالنيابة العامة يصل إليها خبر وقوع الجريمة عن طريق محاضر البوليس أو عن
طريق بلاغ من الغير أو عن طريق شكوى المجني عليه نفسه، والرأي أن لها حرية
تقدير ملاءمة اتخاذ الإجراءات الجنائية أو عدم اتخاذها [(18)].
كيفية اتصال قاضي التحقيق في فرنسا بالواقعة:
يتصل قاضي التحقيق بالقضية ويعتبر التحقيق مفتوحًا في فرنسا في الأحوال الآتية:
أولاً: تقديم طلب فتح تحقيق réquisitoire introductif
ويحدث هذا عملاً بعد أن يطلع نائب الجمهورية (رئيس النيابة) على المحضر
الذي أجراه البوليس ويرى أن هناك محلاً لفتح تحقيق فيتقدم بطلبه كتابةً
إلى قاضي التحقيق بوساطة ورقه يطلق عليها هذه التسمية (مادة 47 تحقيق
جنائي فرنسي)، وسمي هذا الإجراء بطلب افتتاح التحقيق لأنه أول إجراء في
الدعوى وما سبقه لم يكن سوى تمهيد لها [(19)].
وهذا الإجراء واجب في الجنايات وجوازي في الجنح، ولا يشترط فيه شكل خاص
(فيما عدا جرائم الصحف) ويجوز أن يتم على نموذج مطبوع ويكفي الإشارة فيه
إلى نوع الجريمة ونص القانون والشخص المطلوب فتح التحقيق ضده والاكتفاء
بالإشارة إلى المستندات المرافقة للطلب دون التنويه بتفصيلاتها، وبمجرد
وصول هذا الطلب إلى قاضي التحقيق يصبح التحقيق مفتوحًا، كما أنه يمكن
توجيه طلب فتح التحقيق ضد مجهول وبذلك يفتح التحقيق في جريمة مسندة إلى
مجهول [(20)].
ولا يشترط أن يصدر القاضي أمرًا خاصًا كي يصبح التحقيق مفتوحًا بل يعتبر
التحقيق كذلك بمجرد اتصال القاضي بالقضية عن طريق طلب النيابة سالف البيان
وقد كان القانون الفرنسي القديم يشترط لبدء التحقيق إصدار أمر من الضابط
الجنائي le lieutenant criminel بالإذن بالتحقيق permission d’instruction، وكان هذا الإذن تذيل به الشكوى لفتح إجراءات التحقيق، ولكن هذا الإذن زال في ظل القانون الحالي وحلت محله أعمال التحقيق ذاتها [(21)].
ثانيًا: حالة تقديم شكوى مصحوبة بادعاء مدني (مادة 63 فرنسي) فبمجرد تقديم
الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني يصبح القاضي مختصًا بالتحقيق ويجب عليه
التحقيق طالما أن الادعاء مقبول، فإذا تلقى قاضي التحقيق شكوى دون أن تكون
مصحوبة بادعاء بحق مدني، فلا يستطيع فتح التحقيق وعليه في هذه الحالة أن
يحيل الشكوى إلى النيابة (نائب الجمهورية أي رئيس النيابة) وهذا الأخير
يعتبر أنه تلقاها مباشرةً ويستطيع حفظها أو رفع الدعوى العمومية مباشرةً
أو يطلب فتح تحقيق [(22)].
ويتصل قاضي التحقيق أيضًا بالواقعة في حالات أخرى نص عليها القانون كإحالة
قضية إليه من غرفة الاتهام أو من محكمة الجنايات لإجراء تحقيقات هي في
الواقع تكميلية [(23)].
ففي هذه الأحوال جميعًا يعتبر التحقيق في حالة فتح بمجرد اتصال القاضي
بالواقعة المطلوب التحقيق فيها دون حاجة إلى اتخاذ إجراء شكلي كما قدمنا،
وله أن يبدأ بإصدار أمر التفتيش ويلتزم بداءةً ذي بدء حينما يتلقى طلب فتح
التحقيق أن يبحث فيما إذا كان اتصاله بالواقعة تم صحيحًا أو لا، فعليه أن
يتحقق من اختصاصه وأن الواقعة تكون جناية أو جنحة وليست مجرد مخالفة، ومن
صحة تحريك الدعوى الجنائية وهل سقط الحق في إقامتها، ثم يبحث علاقة الشخص
المطلوب تفتيش منزله بالتهمة [(24)].
وتبدو المسألة غير معقدة إذا كان المتهم معين الاسم في طلب فتح التحقيق
المقدم من النيابة العامة أو من المدعي بالحق المدني، فإذا فُتح التحقيق
ضد مجهول فإن سلطة التقدير التي للقاضي قد تنقلب إلى تعسف، فهنا يجب على
القاضي أن يقارن بين فرض النجاح التي قد تلوح له من إجراء التفتيش وبين
المساس بمصالح الأفراد [(25)].
فالتحقيق الابتدائي يبدأ بطلب التحقيق أو بالشكوى المحالة إلى القاضي
والتي تتضمن إبلاغ الجريمة إليه، وينتهي بالقرار الذي يصدر بإخراج المتهم
من التهمة أو باتهامه فيها [(26)].
وكما يقول جارو [(27)]
تعتبر الدعوى العمومية قد تحركت بل إجراء من شأنه اتصال القاضي اتصالاً
صحيحًا بالدعوى، ولا شك أن تقديم طلب فتح التحقيق من النيابة العامة
للقاضي يترتب عليه تحرك الدعوى العمومية وفتح التحقيق.
فمتى اتصل القاضي بالقضية اتصالاً صحيحًا حق له إجراء التفتيش سواء بنفسه
(كما كان يحتم عليه ذلك قانون سنة 1933) أو بوساطة من يندبه من رجال
الضبطية القضائية (كما يؤخذ ذلك من تعديل سنة 1935).
وكما قدمنا لا يشترط لبدء التحقيق فتح محضر مثبت لذلك لأن مجرد تقديم
الطلب من النيابة العامة أو مجرد الادعاء المدني يجعل التحقيق في حالة
فتح.
الوضع التشريعي في مصر:
هذا هو الحكم في فرنسا حيث يقوم قاضي التحقيق بإجراءات التحقيق الابتدائي،
أما النيابة فلا تقوم به هناك إلا في حالة التلبس فقط، أما في مصر فحتى
قبل صدور المرسوم بقانون رقم (353) لسنة 1952 فإن النيابة العامة تشترك مع
قاضي التحقيق في تحقيق الجنح (وقد أصبح لها بمقتضى التعديل الأخير الحق في
إجراء التحقيق في جميع الجنايات والجنح عدا جرائم التفالس والجرائم التي
تقع بواسطة الصحف).
وتطبيقًا للقواعد التي أسلفنا بيانها، فإن التحقيق يعد مفتوحًا بالنسبة
إلى قاضي التحقيق - في حالة قيامه بالتحقيق - بمجرد تقديم طلب فتح التحقيق
إليه (مواد 63 و64 معدلة إجراءات جنائية).
ولا يشترط حينئذٍ للقول بقيام التحقيق المفتوح أكثر من إحالة التحقيق إليه
مع مراعاة ما سبق ذكره من صحة اتصال القاضي بالواقعة - وفي هذه الحالة إذا
رأى القاضي - في حدود سلطته التقديرية - محلاً لإجراء التفتيش كان له أن
يجريه بنفسه أو يندب غيره من مأموري الضبطية القضائية للقيام به، دون أن
يكون ملزمًا بفتح محضر قبل الانتقال للتفتيش.
وقد جرى القضاء المختلط على أنه لا بطلان إذا أشر قاضي التحقيق على طلب
النيابة ذلك بعبارة (تأذن) ووقع عليها دون إصدار أمر بالتفتيش طالما أن
الطلب المذكور قد تضمن البيانات التي اشترطها القانون في المادة (62) من
قانون تحقيق الجنايات المختلط [(28)].
لما كان ذلك فما هو الحكم بالنسبة إلى التحقيق الذي تجريه النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق لها نفس اختصاصات قاضي التحقيق ؟
لا يتصور عقلاً أن يتقدم عضو النيابة إلى نفسه بطلب فتح تحقيق حتى يقال
إنه فتح التحقيق، فإذا ما وردت إليه تحريات قام بها أحد رجال الضبط
القضائي وتبين منها ثبوت وقوع جناية
أو جنحة ووجود قرائن تسمح بتوجيه الاتهام إلى الشخص المراد تفتيش منزله،
ورأى عضو النيابة كفاية هذه التحريات وجديتها، وأقرته محكمة الموضوع فيما
بعد على ذلك، فإنه يصبح متصلاً بتحقيق الواقعة وله أن ينتقل بنفسه لإجراء
التفتيش الذي يرى لزوم إجرائه أو يندب لذلك أحد رجال الضبط القضائي بغير
ثمة حاجة إلى أن يفتح محضرًا يثبت فيه هذه الإجراءات ابتداءً، وكل ما
يُطلب منه هو تسجيل إذنه بالتفتيش كتابةً على محضر التحريات.
وهذا التفسير فضلاً عن أنه يتفق وحكم المنطق فإنه يساير التطور التشريعي
للمادة (87) فرنسي التي نقلت عنها المادة (91) من قانون الإجراءات
الجنائية المصري كما رأينا.
يؤيد هذا النظر أن المادة (50/ 1) إجراءات جنائية التي وردت في الكتاب
الأول (الدعوى الجنائية وجمع الاستدلالات والتحقيق) قد نصت صراحةً على أنه
(لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع
الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها).
فكل ما يهم الشارع هو ثبوت وقوع الجريمة واطمئنان المحقق إلى ذلك قبل الإذن بالتفتيش [(29)].
ففتح محضر تحقيق قبل التفتيش غير لازم إذ يكفي - كما قدمنا - للقول بأن
التحقيق قد بدأ، أن يصح اتصال المحقق بالواقعة دون اشتراط أي إجراء شكلي،
فهذا الاتصال الصحيح فيه معنى تحريك الدعوى العمومية وبالتالي يعد أنه بدأ
في التحقيق [(30)]،
وكل ما يمتنع على المحقق هو إصدار أمر تفتيش للبحث عن جريمة لم يثبت له
وقوعها. فمثلاً لا يجوز إجراء التفتيش بقصد البحث فيما إذا كان أحد
المشتبه فيهم يجوز أن يوجه إليه اتهام أو لا [(31)].
لكل ما تقدم يكون قضاء محكمة النقض الأخير، إذ أيد قضاءها السابق على
إصدار قانون الإجراءات الجنائية، قد ساير المبادئ القانونية التي أسلفنا
بيانها.
وبذلك يمكن القول بأن الوضع لم يتغير بعد صدور قانون الإجراءات الجنائية
الجديد عنه قبل صدوره وأن قضاء محكمة النقض السابق على صدور القانون
المذكور يجد سنده من النصوص الحديثة.
على أننا نرى أن تستعمل محكمة النقض حقها في رقابة محكمة الموضوع من حيث
تقدير جدية التحريات المسوغة للإذن بالتفتيش ولا نكتفي بترك هذا الحق
لمحكمة الموضوع، إذ يجب أن تقيم محكمة الموضوع قضاءها في هذا الشأن على
أصول ثابتة في الأوراق، يؤيد هذا النظر مسلك محكمة النقض الفرنسية إذ
أبطلت حكمًا قاضيًا ببطلان تفتيش إجراء البوليس بمقولة إن رضا المتهم بهذا
التفتيش لم يكن مبنيًا على علمه بعدم أحقية البوليس في دخول منزله، فنقضت
محكمة النقض الفرنسية هذا الحكم قائلة إنه لم يسبب قضاءه المذكور في صدد
عدم صحة التصريح الصادر من المتهم بدخول مسكنه مما يحرم المحكمة العليا من
مباشرة حقها في الرقابة على الأحكام [(32)].
الخلاصة:
يبين من استخلاص أحكام التفتيش من مجموع النصوص المتقاربة في موضوعها، ومن
الاستهداء بالمصدر التاريخي للمادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية، ومن
الأعمال التحضيرية والمناقشات التي دارت حولها، أن المشرع المصري لم يتعلق
مراده بالخروج على المبادئ التي استقر عليها الفقه والقضاء في ظل قانون
تحقيق الجنايات الملغى، فهو لم يقصد معنى آخر من اشتراط فتح التحقيق أكثر
من صحة اتصال سلطة التحقيق بالواقعة المراد استصدار الإذن بشأنها ووجوب
تحقق تلك السلطة من توافر الشرائط التي يستلزمها القانون لصحة التفتيش من
جدية البلاغ والتحريات والاقتناع بقيام الجريمة والدلائل على مرتكبها
وجدوى إجراء التفتيش لديه، دون أن يشترط القانون لإجراء التفتيش القيام
بإجراءات شكلية، بل يكفي طرح تلك العناصر على محكمة الموضوع وإقرارها
إياها لصحة التفتيش.
وطبقًا للرأي الذي نادينا به يجب على محكمة الموضوع أن تشير في حكمها إلى
ما استخلصته من العناصر التي طُرحت على المحقق عند استصدار إذن التفتيش
حتى تعمل محكمة النقض رقابتها عند الاقتضاء.
[(1)]
بهذا المعنى الطعن رقم (1375) سنة 22 قضائية جلسة 4 يونيو سنة 1953، وبحث
للدكتور أحمد محمد إبراهيم في المحاماة سنة 34 عدد 4 صـ 533.
[(2)] المادة ( من قانون 19 - 22 يوليو سنة 1791
و(359) من الدستور الفرنسي الصادر في 5 فريكتيدور سنة 3 للثورة، (76) من
الدستور الفرنسي الصادر في 22 فريمير سنة 7، 3 من دستور سنة 1848 وديباجة
دستور 27/ 10/ 1946، (107) و(112) من دستور تشيكوسلوفاكيا، (7) و(10) من
دستور بلجيكا، ( و(10) و(19) من دستور استونيا، (79) من دستور الدانمرك،
(6) و( من دستور إسبانيا، (10) من دستور اليونان الملكي، (3) من الإعلان
الدستوري الصادر من القائد العام للقوات المسلحة وقائد ثورة الجيش المؤرخ
10/ 2/ 1953 إلخ…
[(3)] في هذا المعنى رسالة الدكتور الشاوي في النظرية العامة للتفتيش صـ 30، وفستان هيلي جزء 4 صـ 388.
[(4)] انظر أحكام النقض في 2/ 11/ 1936 محاماة سنة
17 رقم (246)، 13/ 3/ 1939 محاماة سنة 19 رقم (509)، 15/ 5/ 1939 محاماة
سنة 20 رقم (20)، 20/ 11/ 1942 مجموعة محمود عمر الجنائية جزء 6 قاعدة
(7)، 16/ 10/ 1944 نفس المجموعة قاعدة (376)، 20/ 11/ 1944 نفس المجموعة
قاعدة (401)، 24/ 1/ 1949 المجموعة المذكورة جزء 7 قاعدة (802) - ومجموعة
أحكام الدائرة الجنائية لمحكمة النقض السنة الأولى قاعدة (228) والسنة
الثانية قاعدة (357) والسنة الثالثة قواعد (7)، (131)، (135)، (180)،
(208)، (244)، (266)، (283).
[(5)] الواقع أن القانون المقصود هو قانون 7 فبراير سنة 1933 كما سيأتي بيانه.
[(6)] انظر موسوعة التعليقات على مواد قانون الإجراءات الجنائية للأستاذ أحمد عثمان حمزاوي طبعة سنة 1953 صـ 464 وما بعدها.
[(7)] فستان هيلي طبعة 1866 جزء 4 صـ 395 وما
بعدها، 362 ومانجان في (التحقيق المكتوب) جزء أول بند 89 - ولبواتفان شرح
قانون تحقيق الجنايات جزء أول مادة (87) بند (24) وجارو جزء 3 بند (901).
[(] Juris Classeur تحقيق جنايات مادة (87) بند (7) - قارن بحث الأستاذ محمد عبد العزيز يوسف فهمي في المحاماة سنة 32 صـ 763.
[(9)] فستان هيلي جزء 4 صـ 427 - قاموس المصطلحات القضائية لكابيتان صـ 286.
[(10)] انظر الترجمة الرسمية لقانون تحقيق الجنايات المختلط الصادر سنة 1937 فقد سار على هذا النسق.
[(11)] تناول القانون الأخير إلغاء الفقرة الرابعة
من المادة (87) معدلة التي تُلزم القاضي بإجراء التفتيش بنفسه دون ندب
غيره كما عدل النص الخاص بحالة وجود المتهم المطلوب تفتيشه مقبوضًا عليه
خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق (انظر داللوز الدوري 1936 - 4 - 21).
[(12)] انظر تعليق جورج ليلوار في داللوز الدوري
سنة 1933 جزء رابع صـ 65 وما بعدها، ومقال بورنيه عن حدود حق التفتيش
المخول لقاضي التحقيق طبقًا لقانوني 7/ 2/ 1933، 25/ 3/ 1935 في مجلة علم
الجنائي وقانون العقوبات المقارن سنة 1938 صـ 793 وما بعدها، وبحث النائب
العام آنسلي في المجلة العقابية سنة 1933 صـ 96.
[(13)] تعليق ليلوار في داللوز الدوري سنة 1933 - 1 - 65 السابق الإشارة إليه.
[(14)] لبواتفان (قاموس النيابة والضبطية
القضائية) طبعة سابعة جزء ثالث تحت كلمة (تحقيق ابتدائي) بند (10) صـ 212،
لونز دوزنجارت في (سقوط الدعوى العمومية بمضي المدة) في القانونين الفرنسي
والألماني صـ 64، فيدال ومانيول في (شرح القانون الجنائي) طبعة 1949 بند
(699) والأحكام التي أشار إليها.
[(15)] فستان هيلي جزء رابع بند (1783) صـ 362.
[(16)] نقض 19/ 11/ 1887 سيري 1888 - 1 - 139،
محكمة رينز 3/ 11/ 1887 داللوز 1888 - 2 - 232 المشار إليها في مؤلف لونز
دوزنجارت سالف الذكر صـ 70.
[(17)] لونز دوزنجارت سالف الذكر صـ 68.
[(18)] دونديو دي فابر طبعة ثانية بند (1089)، (1091).
[(19)] ماصابيو في النيابة العامة طبعة خامسة جزء ثانٍ صـ 185.
[(20)] انظر (ماركيزيت) التحقيق، طبعة سنة 1950 صـ
34، 35 فيدال ومانيول طبعة سنة 1949 صـ 1168 بند (814/ 3) نقض فرنسي 12/
2/ 1927، داللوز الأسبوعي 1927 صـ 209 - جواييه (النيابة العامة) صـ 316،
318 بحث بورنيه السالف الإشارة إليه صـ 796 وما بعدها.
[(21)] فستان هيلي جزء رابع بند (1728) صـ 359، دي
فيرجير (المرجع العملي لقضاة التحقيق) جزء ثانٍ صـ 56، ماصابيو سالف الذكر
جزء ثانٍ بند (2422) صـ 186، مانجان جزء ثانٍ صـ 147.
[(22)] لبواتفان: قاموس النيابة العامة طبعة سابعة جزء ثالث تحت كلمة (تحقيق ابتدائي) بند (12).
[(23)] ماركيزيت المرجع السابق صـ 33.
[(24)] انظر بحث بورنيه سالف الذكر صـ 796.
[(25)] المرجع السابق صـ 796.
[(26)] فستان هيلي جزء رابع صـ 5.
[(27)] جارو تحقيق جنايات جزء أول بند (90) صـ 191.
[(28)] محكمة جنح مصر المختلطة في 18/ 11/ 1940 بولتان سنة 54 صـ 1.
[(29)] انظر في هذا المعنى Juris - Classeur تحقيق جنائي مادة (87) بند (6).
[(30)] في هذا المعنى رسالة الدكتور توفيق الشاوي عن التفتيش صـ 18.
[(31)] فيدال ومانيول طبعة سنة 1949 صـ 1180 بند (821) هامش 2.
[(32)] نقض جنائي فرنسي 7/ 12/ 1935 جازيت الباليه 24 يناير سنة 1936 ومشار إليه في مجلة علم الجنائي سنة 1936 صـ 259 وما بعدها.
السنة الرابعة والثلاثون سنة 1954
بحث
التحقيق المفتوح
في قانون الإجراءات الجنائية الجديد
للسيد الأستاذ عادل يونس المحامي العام لدى محكمة النقض
تنص
المادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى على أن تفتيش
المنازل عمل من أعمال التحقيق، ولا يجوز الالتجاء إليه إلا في تحقيق
مفتوح، وبناءً على تهمة موجهة إلى شخص مقيم في المنزل المراد تفتيشه
بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها، أو إذا وجدت قرائن على
أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة.
وتطبيقًا لهذا النص قضت محكمة النقض أخيرًا في حكمها الصادر بتاريخ 4
يونيه سنة 1953 في الطعن رقم (1265) سنة 22 قضائية بأن قضاءها مستقر على
أن (تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق لا تأمر به سلطة من سلطاته
إلا لمناسبة جريمة ترى أنها وقعت وصحت نسبتها إلى شخص بعينه وأن هناك من
الدلائل ما يكفي لاقتحام مسكنه الذي كفل الدستور حرمته وحرم القانون على
رجال السلطة دخوله إلا في أحوال خاصة وأن تقدير كفاية تلك الدلائل وإن كان
من شؤون سلطة التحقيق إلا أنه خاضع لرقابة محكمة الموضوع بحيث إذا رأت أنه
لم يكن هناك ما يبرره كان لها أن لا تأخذ بالدليل المستمد منه باعتبار أنه
إذا فقد المبرر لإجرائه أصبح عملاً يحرمه القانون فلا يسوغ أن يؤخذ منه،
وقد جاء قانون الإجراءات الجنائية يؤكد هذه المبادئ بما نص عليه في المادة
(91) منه من أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق، ولا يجوز الالتجاء
إليه إلا في تحقيق مفتوح، وبناءً على تهمة موجهة إلى شخص مقيم في المنزل
المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت
قرائن على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة - وإذا كان الشارع قد نص على أن
يكون هناك تحقيق مفتوح فإنما قصد بذلك التحقيق الذي تتولاه سلطة التحقيق
بناءً على ما يصل إلى علمها من الإبلاغ عن جناية أو جنحة ولم يشترط الشارع
للتحقيق المفتوح الذي يسوغ التفتيش أن يكون قد قطع مرحلة أو استظهر قدرًا
معينًا من أدلة الإثبات بل ترك ذلك لتقدير سلطة التحقيق لكي لا يكون من
وراء غل يدها احتمال فوات الغرض منه مما تتأثر به مصلحة الجماعة التي تسمو
على مصلحة الفرد [(1)]).
يؤخذ من هذا الحكم أن قانون الإجراءات الجنائية قنن المبادئ التي استقرت
عليها أحكام محكمة النقض قبل إصداره، وأن المشرع لم يتعلق مراده بالخروج
على تلك المبادئ التي استقر عليها الفقه والقضاء في ظل قانون تحقيق
الجنايات الملغى.
غير أن هذا الحكم لم يواجه ما إذا كانت النيابة العامة ملزمة بفتح محضر
قبل إصدار الإذن أو لا، وهل تغنيها تحريات الضبطية القضائية التي ترى أنها
جدية عن إجراء تحقيق بمعرفتها أو لا.
وللوصول إلى الإجابة على ذلك يتعين بيان الوضع قبل إصدار قانون الإجراءات
الجنائية وبعد إصداره، وتقصي المصادر التشريعية للقانون الحالي وتطورها،
وقبل أن نعرض لهذا كله يقتضينا البحث بيان حدود حق سلطة التحقيق في الإذن
بتفتيش منازل الأشخاص وتأصيل هذا الحق قانونًا.
مدى حق سلطات التحقيق في تفتيش الأشخاص والمنازل:
الأصل في تفتيش المساكن والأشخاص الحظر، فقد كفلت الدساتير الحرية الشخصية وحرمة المنازل [(2)]
كما رددت القوانين المختلفة هذا الحظر إذ نصت المادة (128) عقوبات مصري
المقابلة للمادة (184) عقوبات فرنسي على حظر دخول الموظفين أو المستخدمين
العموميين أو أحد الأشخاص المكلفين بخدمة عمومية - اعتمادًا على وظيفتهم -
منزل آحاد الناس بغير رضائه فيما عدا الأحوال المقررة في القانون، كما
تضمنت المادة (370) عقوبات مصري هذا الحظر بالنسبة إلى أفراد الناس.
غير أنه إذا تعارضت حرمة المساكن وكفالة الحرية الشخصية مع حق المجتمع في
تحقيق الجرائم والبحث عن مرتكبيها، رجحت كفة المجتمع وأبيحت هذه الحرمات
على أن يكون ذلك في حدود هذا النطاق حتى لا يجرى إطلاق هذا الحق إلى سوء
استعماله والإسراف فيه.
فالأساس القانوني لتبرير حق الهيئة الاجتماعية، ممثلة في سلطات التحقيق النائبة عنها، هو تمكينها من الدفاع عن نفسها ضد الجناة [(3)].
والأصل في التفتيش ألا يملكه إلا رجال التحقيق، ولا يجوز أن يتولاه رجال
الضبطية القضائية إلا في أحوال معينة جاءت على سبيل الحصر في القانون، أو
إذا أذنت لهم بذلك السلطة القضائية، فهو إجراء من إجراءات التحقيق
الابتدائي الغرض منه جمع الأدلة تأييدًا لجريمة وقعت واتهام قائم ضد شخص
ما بالقدر الذي تتطلبه مصلحة التحقيق ولا يقصد منه كشف الجرائم.
الوضع في ظل قانون تحقيق الجنايات الملغى:
تناولت المواد (30)، (68)، (69)، (70) من قانون تحقيق الجنايات الصادر
بالقانون رقم (4) لسنة 1904 أحكام تفتيش منازل المتهمين وغيرهم في مواد
الجنايات والجنح، كما تناولتها المواد (53)، (54)، (75) من قانون تحقيق
الجنايات المختلط الملغى الصادر بالقانون رقم (57) لسنة 1937.
وعلى الرغم من أن هذه النصوص لم تفصح عن أن التفتيش إجراء من إجراءات
التحقيق وأنه لا يصح ما لم تكن هناك جريمة معينة قد وقعت، فإن الفقه
والقضاء قد استقرا على أن التفتيش إجراء قضائي وليس عملاً إداريًا من
أعمال البوليس الغرض منه اكتشاف الجرائم ومرتكبيها، وأن تقدير جدية
التحريات التي تسبق الإذن بالتفتيش متروك للنيابة العامة تحت إشراف
المحاكم، وأن إصدار الإذن لا يقتضي إجراء تحقيق سابق له [(4)].
وبديهي أنه للقول بوقوع الجريمة قبل صدور الإذن لا يتحتم أن يكون وقوعها
هذا ثابتًا بطريق مشاهدة رجل الضبط القضائي لها حال ارتكابها، لأن هذه
المشاهدة إنما تنشئ حالة تلبس تخوله حق التفتيش بدون إذن من سلطة التحقيق.
مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى البرلمان:
عندما رأت الحكومة تعديل قانون تحقيق الجنايات تقدمت بمشروع قانون إلى
البرلمان تناولت فيه التفتيش في المواد (122)، (124)، (126) ولم تتكلم هذه
المواد عن ضرورة إجراء تحقيق مفتوح، وقد أدخلت لجنة الإجراءات الجنائية
بمجلس الشيوخ هذا التعبير وأشارت إليه في تقريرها المؤرخ 24 يونيو سنة
1948 وذلك (نقلاً عن المادة 87 من القانون الفرنسي المضافة بقانون 25 مارس
سنة 1935 [(5)]
لتقرير أن تفتيش المنازل وضبط الأشياء هو عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز
الالتجاء إليه إلا في تحقيق مفتوح وبناءً على تهمة موجهة إلى شخص معين
وليس وسيلة من الوسائل التي يجوز لمأموري الضبطية القضائية الالتجاء إليها
لاستكشاف الجرائم وضبط مرتكبيها).
وجاء في تقرير لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب المؤرخ 20 فبراير سنة 1950 ما يلي:
(فسرت المادة (94) (التي أضافتها لجنة الإجراءات الجنائية بمجلس الشيوخ)…
… … … بأن المقصود منها ألا يباشر المحقق هذا الإجراء إلا إذا سبقه اتهام
صريح تؤيده أدلة مقبولة أو قريبة الاحتمال فوافق مندوب وزارة العدل على
هذا التعبير).
كما جاء في تقريرها الثاني المؤرخ 2 مايو سنة 1950 ما يلي:
(اقترح أحد النواب تعديل هذه المادة باستبدال عبارة (تحقيق بدأ فيه)
بعبارة (تحقيق مفتوح) الواردة بها ولم ترَ اللجنة فرقًا بين عبارتي (تحقيق
بدأ فيه) و(تحقيق مفتوح).
ويبين من مطالعة المادة (91) إجراءات جنائية ومقارنتها بالمادة (87) تحقيق
جنايات فرنسي أن المشرع لم ينقل جميع أحكام المادة الفرنسية وأنه قد أسقط
منها بعض فقراتها، غير أنه يبدو أنه لم يقصد الخروج عن المبادئ الواردة
بها لخضوعها للقواعد المقررة قانونًا [(6)].
وتنص الفقرة الأولى من المادة (87) معدلة فرنسي على ما يأتي:
(يعد دخول المنازل وتفتيشها من أعمال التحقيق التي لا يجوز مباشرتها ما لم يكن هناك تحقيق في حالة فتح l’instruction étant ouverte وكان الشخص المراد دخول منزله فاعلاً في جريمة أو شريكًا فيها أو على الأقل يظن أنه يحوز أشياء تتعلق بالجريمة).
الوضع بعد صدور قانون الإجراءات الجنائية:
مقطع النزاع هو الوقوف على ما إذا كان المشرع في قانون الإجراءات الجنائية
قد قصد تغيير الأوضاع المستقرة فقهًا وقضاءً في ظل قانون تحقيق الجنايات
الملغى أو أنه لم يرم إلى شيء من ذلك.
وللوصول إلى ذلك يتعين تقصي التطور التشريعي للقانون - الفرنسي مصدر تشريعنا - في هذا الصدد.
جرى نص المادة (87) تحقيق جنايات فرنسي وقت إصدارها في سنة 1808 على ما يأتي:
(ينتقل قاضي التحقيق إذا طلب إليه ذلك، وله أن ينتقل من تلقاء نفسه، إلى
منزل المتهم لإجراء تفتيش عن الأوراق والأشياء وعلى العموم جميع الأشياء
التي يرى أنها تفيد في إظهار الحقيقة).
وعلى ضوء هذا النص جرى الشراح القدامى أمثال فستان هيلي ومانجان ولبواتفان وجارو وغيرهم [(7)] على التفسير الذي أسلفنا بيانه دون حاجة إلى النص، على أن التفتيش من إجراءات التحقيق ودون استلزام فتح تحقيق.
وجاء تعديل 7 فبراير سنة 1933 بعبارة (التحقيق المفتوح) وقبل أن نمضي إلى
تتبع هذا التعديل نقول إن المشرع الفرنسي قصد التحقيق بمعناه القضائي instruction، وإن كان بعض الشراح والمعلقين قد أورد كلمة information شرحًا لهذه الكلمة [(8)] فإن المقصود بهذا اللفظ أنه مرادف لكلمة instruction وكلمة information
في علم القانون لها معنيان: فهي تشمل بمعناها الواسع جميع أعمال التحقيق
الابتدائي، وفي معناها الضيق تعني محضر سماع الشهود فقط أخذًا من نص
المادة (76) تحقيق جنايات فرنسي، والمعنى الواسع لهذه الكلمة هو المعمول
به حاليًا [(9)].
أما معنى (جمع الاستدلالات) فهو (information sommaire) [(10)].
وقد بدأت فكرة تعديل المادة (87) فرنسي في سنة 1878 حين شكلت لجنة غير
برلمانية لتعديل قانون التحقيق الجنائي الفرنسي، ووافق مجلس الشيوخ على
مشروع التعديل المذكور في 5/ 8/ 1882 غير أن مجلس النواب لم يفحصه، فأهمل
إلى أن تقدم رئيس الوزراء إذ ذاك مسيو كليمنصو في 18/ 1/ 1907 بالاشتراك
مع وزير العدل المسيو جيوديني بمشروع قانون خاص بضمانات الحرية الفردية،
يرمي إلى إلغاء بعض مواد القانون وتعديل البعض الآخر، وقد وافق عليه مجلس
الشيوخ ولكنه لم يعرض على مجلس النواب حتى نشبت الحرب العالمية الأولى،
وفي 13/ 11/ 1918 تقدم النائب بول مونيس بمشروع القانون المذكور وبعد أن
تمت مناقشته في مجلس البرلمان هيأ له الظهور أخيرًا بقانون 7/ 2/ 1933.
ويتضح من ذلك أن أول تعديل للمادة (87) كان بقانون 7/ 2/ 1933 لا بقانون 25/ 3/ 1935 [(11)].
وسبب الحرص على وضع تعديل سنة 1933 - كما يبين ذلك من التعليقات على هذا القانون [(12)]
- هو أنه قبل إلغاء المادة (10) من قانون التحقيق الجنائي الفرنسي، كان
دخول المنازل الذي يجرى بمعرفة مديري البوليس ومرؤوسيهم له صفة وقائية
بقصد البحث عن الجرائم واكتشافها، فحرص واضعو القانون الجديد على النص على
اعتبار التفتيش من أعمال التحقيق، كما أن إطلاق نص مادة (87) تحقيق جنائي
فرنسي آثار انتقادات عديدة نادت بالحد من هذا الحق.
وكان النص الذي وافق عليه مجلس الشيوخ في سنة 1882 يرمي إلى اشتراط صدور أمر قضائي mandat
لإمكان إجراء التفتيش، وفي ذلك ما فيه من تعقيد للإجراءات وتفويت للغرض من
التفتيش إذ من المعلوم أن الأوامر القضائية يلزم فيها تعيين الشخص الموجهة
إليه وإعلانه بها بمعرفة قلم المحضرين أو أحد رجال السلطة العامة.
أما النص الوارد في مشروع سنة 1907 المقدم من وزارة كليمنصو فكان يرمي إلى اشتراط استجواب المتهم لأول مرة قبل تفتيش منزله.
وواضح أن هذه النصوص معيبة لأنها تستبعد حالة التحقيق ضد مجهول، وقد انتقد
ذلك مسيو مونيس مقرر القانون ونادى بأن اشتراط الاستجواب يبدو غير مقبول،
ففي بعض القضايا مثل الجاسوسية وتزييف النقود حيث يستلزم الأمر العمل
بمنتهى السرعة، فإن أي تنبيه يكفي لدفع المتهم وشركائه وأقاربه وأصدقائه
إلى إخفاء آثار الجريمة.
وكانت لجنة مجلس الشيوخ في مشروعها الأول قد اكتفت بثبوت وقوع جناية أو
جنحة لإمكان إعطاء حق التفتيش للقاضي المحقق، ولكن هذه الصياغة انتقدها
مسيو. ريبو ونادى في جلسة 7/ 2/ 1909 بأنها ضيقة جدًا وتؤدي إلى عدم
الاستفادة من هذا الإجراء لاكتشاف جريمة مفترضة présumé. فرد عليه مسيو مونيس في نفس الجلسة قائلاً:
(إذا كنا نعطي لنائب الجمهورية (رئيس النيابة) حق العمل فورًا في المنزل
الذي تقع فيه الجريمة والبحث عن جميع المستندات، فإننا نسلم بأن لقاضي
التحقيق أن يقوم بنفس العمل، فبالنسبة إلى نائب الجمهورية فإن الأمر ليس
فيه صعوبة لأن ذلك لا يكون إلا في حالة التلبس، أما بالنسبة إلى قاضي
التحقيق فنحن نطلب كضمان وحيد لإمكان إصدار أمر التفتيش بمعرفته، لإصدار
أمر قضائي mandat لأن ذلك يضيق من سلطانه، بل كل ما نطلبه هو أن يكون هناك تحقيق مفتوح [(13)]، فكان هذا سبب دخول تعبير (التحقيق المفتوح) في النص.
هذه هي الدعائم التي قام عليها التعديل الفرنسي - مصدر تشريعنا الحالي -
ويبين منها بجلاء أنه لا يشترط لاستصدار أمر التفتيش سوى مجرد وقوع جناية
أو جنحة ووجود اتهام لشخص ما على أنه فاعل أصلي أو شريك في ارتكابها أو
على الأقل وجود قرائن تدل على أن المطلوب تفتيش منزله يحوز أشياء تتعلق
بالجريمة وأن يكون هناك تحقيق في حالة فتح instruction étant ouverte.
ولكن ما هو المقصود بهذه العبارة ؟ سنتناول التعريف بها طبقًا للنظام
الفرنسي الذي يقوم فيه قاضي التحقيق بالاختصاصات التي تقوم بها النيابة
العامة في مصر عملاً بالمرسوم بقانون رقم (353) لسنة 1952.
من المعلوم أن التحقيق الابتدائي هو إجراء يتخذ بمعرفة السلطة القضائية
المختصة بقصد البحث عن الأشخاص الذين يظن أنهم قد ارتكبوا جريمة وقعت،
وجمع الأدلة وتقدير مدى كفايتها لمحاكمة فاعليها [(14)].
فأول واجب للمحقق قبل أن يبدأ التحقيق هو التثبت من وقوع الجريمة ولا تتوقف صحة
الإجراءات على ضرورة وجود محضر للتحقق من جسم الجريمة بل يكفي أن يثبت لدى القاضي أن الجريمة وقعت [(15)].
وقد حكم في فرنسا بأن مجرد أوامر قاضي التحقيق ordonnances بإجراء التفتيش تعد عملاً من أعمال التحقيق [(16)].
أما محاضر جمع الاستدلالات التي يقوم بها رجال الضبطية القضائية فليست لها
قيمة أكثر من تهيئة الوسيلة للنيابة العامة لتقرير ما إذا كانت الوقائع
التي وصل إليها خبرها، بناءً على هذه المحاضر، تبرر مباشرة إجراءات
الاتهام برفع الدعوى العمومية مباشرةً أمام القضاء (في مواد الجنح) أو
بإخطار قاضي التحقيق المختص وحده بإجراء التحقيق [(17)].
فالنيابة العامة يصل إليها خبر وقوع الجريمة عن طريق محاضر البوليس أو عن
طريق بلاغ من الغير أو عن طريق شكوى المجني عليه نفسه، والرأي أن لها حرية
تقدير ملاءمة اتخاذ الإجراءات الجنائية أو عدم اتخاذها [(18)].
كيفية اتصال قاضي التحقيق في فرنسا بالواقعة:
يتصل قاضي التحقيق بالقضية ويعتبر التحقيق مفتوحًا في فرنسا في الأحوال الآتية:
أولاً: تقديم طلب فتح تحقيق réquisitoire introductif
ويحدث هذا عملاً بعد أن يطلع نائب الجمهورية (رئيس النيابة) على المحضر
الذي أجراه البوليس ويرى أن هناك محلاً لفتح تحقيق فيتقدم بطلبه كتابةً
إلى قاضي التحقيق بوساطة ورقه يطلق عليها هذه التسمية (مادة 47 تحقيق
جنائي فرنسي)، وسمي هذا الإجراء بطلب افتتاح التحقيق لأنه أول إجراء في
الدعوى وما سبقه لم يكن سوى تمهيد لها [(19)].
وهذا الإجراء واجب في الجنايات وجوازي في الجنح، ولا يشترط فيه شكل خاص
(فيما عدا جرائم الصحف) ويجوز أن يتم على نموذج مطبوع ويكفي الإشارة فيه
إلى نوع الجريمة ونص القانون والشخص المطلوب فتح التحقيق ضده والاكتفاء
بالإشارة إلى المستندات المرافقة للطلب دون التنويه بتفصيلاتها، وبمجرد
وصول هذا الطلب إلى قاضي التحقيق يصبح التحقيق مفتوحًا، كما أنه يمكن
توجيه طلب فتح التحقيق ضد مجهول وبذلك يفتح التحقيق في جريمة مسندة إلى
مجهول [(20)].
ولا يشترط أن يصدر القاضي أمرًا خاصًا كي يصبح التحقيق مفتوحًا بل يعتبر
التحقيق كذلك بمجرد اتصال القاضي بالقضية عن طريق طلب النيابة سالف البيان
وقد كان القانون الفرنسي القديم يشترط لبدء التحقيق إصدار أمر من الضابط
الجنائي le lieutenant criminel بالإذن بالتحقيق permission d’instruction، وكان هذا الإذن تذيل به الشكوى لفتح إجراءات التحقيق، ولكن هذا الإذن زال في ظل القانون الحالي وحلت محله أعمال التحقيق ذاتها [(21)].
ثانيًا: حالة تقديم شكوى مصحوبة بادعاء مدني (مادة 63 فرنسي) فبمجرد تقديم
الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني يصبح القاضي مختصًا بالتحقيق ويجب عليه
التحقيق طالما أن الادعاء مقبول، فإذا تلقى قاضي التحقيق شكوى دون أن تكون
مصحوبة بادعاء بحق مدني، فلا يستطيع فتح التحقيق وعليه في هذه الحالة أن
يحيل الشكوى إلى النيابة (نائب الجمهورية أي رئيس النيابة) وهذا الأخير
يعتبر أنه تلقاها مباشرةً ويستطيع حفظها أو رفع الدعوى العمومية مباشرةً
أو يطلب فتح تحقيق [(22)].
ويتصل قاضي التحقيق أيضًا بالواقعة في حالات أخرى نص عليها القانون كإحالة
قضية إليه من غرفة الاتهام أو من محكمة الجنايات لإجراء تحقيقات هي في
الواقع تكميلية [(23)].
ففي هذه الأحوال جميعًا يعتبر التحقيق في حالة فتح بمجرد اتصال القاضي
بالواقعة المطلوب التحقيق فيها دون حاجة إلى اتخاذ إجراء شكلي كما قدمنا،
وله أن يبدأ بإصدار أمر التفتيش ويلتزم بداءةً ذي بدء حينما يتلقى طلب فتح
التحقيق أن يبحث فيما إذا كان اتصاله بالواقعة تم صحيحًا أو لا، فعليه أن
يتحقق من اختصاصه وأن الواقعة تكون جناية أو جنحة وليست مجرد مخالفة، ومن
صحة تحريك الدعوى الجنائية وهل سقط الحق في إقامتها، ثم يبحث علاقة الشخص
المطلوب تفتيش منزله بالتهمة [(24)].
وتبدو المسألة غير معقدة إذا كان المتهم معين الاسم في طلب فتح التحقيق
المقدم من النيابة العامة أو من المدعي بالحق المدني، فإذا فُتح التحقيق
ضد مجهول فإن سلطة التقدير التي للقاضي قد تنقلب إلى تعسف، فهنا يجب على
القاضي أن يقارن بين فرض النجاح التي قد تلوح له من إجراء التفتيش وبين
المساس بمصالح الأفراد [(25)].
فالتحقيق الابتدائي يبدأ بطلب التحقيق أو بالشكوى المحالة إلى القاضي
والتي تتضمن إبلاغ الجريمة إليه، وينتهي بالقرار الذي يصدر بإخراج المتهم
من التهمة أو باتهامه فيها [(26)].
وكما يقول جارو [(27)]
تعتبر الدعوى العمومية قد تحركت بل إجراء من شأنه اتصال القاضي اتصالاً
صحيحًا بالدعوى، ولا شك أن تقديم طلب فتح التحقيق من النيابة العامة
للقاضي يترتب عليه تحرك الدعوى العمومية وفتح التحقيق.
فمتى اتصل القاضي بالقضية اتصالاً صحيحًا حق له إجراء التفتيش سواء بنفسه
(كما كان يحتم عليه ذلك قانون سنة 1933) أو بوساطة من يندبه من رجال
الضبطية القضائية (كما يؤخذ ذلك من تعديل سنة 1935).
وكما قدمنا لا يشترط لبدء التحقيق فتح محضر مثبت لذلك لأن مجرد تقديم
الطلب من النيابة العامة أو مجرد الادعاء المدني يجعل التحقيق في حالة
فتح.
الوضع التشريعي في مصر:
هذا هو الحكم في فرنسا حيث يقوم قاضي التحقيق بإجراءات التحقيق الابتدائي،
أما النيابة فلا تقوم به هناك إلا في حالة التلبس فقط، أما في مصر فحتى
قبل صدور المرسوم بقانون رقم (353) لسنة 1952 فإن النيابة العامة تشترك مع
قاضي التحقيق في تحقيق الجنح (وقد أصبح لها بمقتضى التعديل الأخير الحق في
إجراء التحقيق في جميع الجنايات والجنح عدا جرائم التفالس والجرائم التي
تقع بواسطة الصحف).
وتطبيقًا للقواعد التي أسلفنا بيانها، فإن التحقيق يعد مفتوحًا بالنسبة
إلى قاضي التحقيق - في حالة قيامه بالتحقيق - بمجرد تقديم طلب فتح التحقيق
إليه (مواد 63 و64 معدلة إجراءات جنائية).
ولا يشترط حينئذٍ للقول بقيام التحقيق المفتوح أكثر من إحالة التحقيق إليه
مع مراعاة ما سبق ذكره من صحة اتصال القاضي بالواقعة - وفي هذه الحالة إذا
رأى القاضي - في حدود سلطته التقديرية - محلاً لإجراء التفتيش كان له أن
يجريه بنفسه أو يندب غيره من مأموري الضبطية القضائية للقيام به، دون أن
يكون ملزمًا بفتح محضر قبل الانتقال للتفتيش.
وقد جرى القضاء المختلط على أنه لا بطلان إذا أشر قاضي التحقيق على طلب
النيابة ذلك بعبارة (تأذن) ووقع عليها دون إصدار أمر بالتفتيش طالما أن
الطلب المذكور قد تضمن البيانات التي اشترطها القانون في المادة (62) من
قانون تحقيق الجنايات المختلط [(28)].
لما كان ذلك فما هو الحكم بالنسبة إلى التحقيق الذي تجريه النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق لها نفس اختصاصات قاضي التحقيق ؟
لا يتصور عقلاً أن يتقدم عضو النيابة إلى نفسه بطلب فتح تحقيق حتى يقال
إنه فتح التحقيق، فإذا ما وردت إليه تحريات قام بها أحد رجال الضبط
القضائي وتبين منها ثبوت وقوع جناية
أو جنحة ووجود قرائن تسمح بتوجيه الاتهام إلى الشخص المراد تفتيش منزله،
ورأى عضو النيابة كفاية هذه التحريات وجديتها، وأقرته محكمة الموضوع فيما
بعد على ذلك، فإنه يصبح متصلاً بتحقيق الواقعة وله أن ينتقل بنفسه لإجراء
التفتيش الذي يرى لزوم إجرائه أو يندب لذلك أحد رجال الضبط القضائي بغير
ثمة حاجة إلى أن يفتح محضرًا يثبت فيه هذه الإجراءات ابتداءً، وكل ما
يُطلب منه هو تسجيل إذنه بالتفتيش كتابةً على محضر التحريات.
وهذا التفسير فضلاً عن أنه يتفق وحكم المنطق فإنه يساير التطور التشريعي
للمادة (87) فرنسي التي نقلت عنها المادة (91) من قانون الإجراءات
الجنائية المصري كما رأينا.
يؤيد هذا النظر أن المادة (50/ 1) إجراءات جنائية التي وردت في الكتاب
الأول (الدعوى الجنائية وجمع الاستدلالات والتحقيق) قد نصت صراحةً على أنه
(لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع
الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها).
فكل ما يهم الشارع هو ثبوت وقوع الجريمة واطمئنان المحقق إلى ذلك قبل الإذن بالتفتيش [(29)].
ففتح محضر تحقيق قبل التفتيش غير لازم إذ يكفي - كما قدمنا - للقول بأن
التحقيق قد بدأ، أن يصح اتصال المحقق بالواقعة دون اشتراط أي إجراء شكلي،
فهذا الاتصال الصحيح فيه معنى تحريك الدعوى العمومية وبالتالي يعد أنه بدأ
في التحقيق [(30)]،
وكل ما يمتنع على المحقق هو إصدار أمر تفتيش للبحث عن جريمة لم يثبت له
وقوعها. فمثلاً لا يجوز إجراء التفتيش بقصد البحث فيما إذا كان أحد
المشتبه فيهم يجوز أن يوجه إليه اتهام أو لا [(31)].
لكل ما تقدم يكون قضاء محكمة النقض الأخير، إذ أيد قضاءها السابق على
إصدار قانون الإجراءات الجنائية، قد ساير المبادئ القانونية التي أسلفنا
بيانها.
وبذلك يمكن القول بأن الوضع لم يتغير بعد صدور قانون الإجراءات الجنائية
الجديد عنه قبل صدوره وأن قضاء محكمة النقض السابق على صدور القانون
المذكور يجد سنده من النصوص الحديثة.
على أننا نرى أن تستعمل محكمة النقض حقها في رقابة محكمة الموضوع من حيث
تقدير جدية التحريات المسوغة للإذن بالتفتيش ولا نكتفي بترك هذا الحق
لمحكمة الموضوع، إذ يجب أن تقيم محكمة الموضوع قضاءها في هذا الشأن على
أصول ثابتة في الأوراق، يؤيد هذا النظر مسلك محكمة النقض الفرنسية إذ
أبطلت حكمًا قاضيًا ببطلان تفتيش إجراء البوليس بمقولة إن رضا المتهم بهذا
التفتيش لم يكن مبنيًا على علمه بعدم أحقية البوليس في دخول منزله، فنقضت
محكمة النقض الفرنسية هذا الحكم قائلة إنه لم يسبب قضاءه المذكور في صدد
عدم صحة التصريح الصادر من المتهم بدخول مسكنه مما يحرم المحكمة العليا من
مباشرة حقها في الرقابة على الأحكام [(32)].
الخلاصة:
يبين من استخلاص أحكام التفتيش من مجموع النصوص المتقاربة في موضوعها، ومن
الاستهداء بالمصدر التاريخي للمادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية، ومن
الأعمال التحضيرية والمناقشات التي دارت حولها، أن المشرع المصري لم يتعلق
مراده بالخروج على المبادئ التي استقر عليها الفقه والقضاء في ظل قانون
تحقيق الجنايات الملغى، فهو لم يقصد معنى آخر من اشتراط فتح التحقيق أكثر
من صحة اتصال سلطة التحقيق بالواقعة المراد استصدار الإذن بشأنها ووجوب
تحقق تلك السلطة من توافر الشرائط التي يستلزمها القانون لصحة التفتيش من
جدية البلاغ والتحريات والاقتناع بقيام الجريمة والدلائل على مرتكبها
وجدوى إجراء التفتيش لديه، دون أن يشترط القانون لإجراء التفتيش القيام
بإجراءات شكلية، بل يكفي طرح تلك العناصر على محكمة الموضوع وإقرارها
إياها لصحة التفتيش.
وطبقًا للرأي الذي نادينا به يجب على محكمة الموضوع أن تشير في حكمها إلى
ما استخلصته من العناصر التي طُرحت على المحقق عند استصدار إذن التفتيش
حتى تعمل محكمة النقض رقابتها عند الاقتضاء.
[(1)]
بهذا المعنى الطعن رقم (1375) سنة 22 قضائية جلسة 4 يونيو سنة 1953، وبحث
للدكتور أحمد محمد إبراهيم في المحاماة سنة 34 عدد 4 صـ 533.
[(2)] المادة ( من قانون 19 - 22 يوليو سنة 1791
و(359) من الدستور الفرنسي الصادر في 5 فريكتيدور سنة 3 للثورة، (76) من
الدستور الفرنسي الصادر في 22 فريمير سنة 7، 3 من دستور سنة 1848 وديباجة
دستور 27/ 10/ 1946، (107) و(112) من دستور تشيكوسلوفاكيا، (7) و(10) من
دستور بلجيكا، ( و(10) و(19) من دستور استونيا، (79) من دستور الدانمرك،
(6) و( من دستور إسبانيا، (10) من دستور اليونان الملكي، (3) من الإعلان
الدستوري الصادر من القائد العام للقوات المسلحة وقائد ثورة الجيش المؤرخ
10/ 2/ 1953 إلخ…
[(3)] في هذا المعنى رسالة الدكتور الشاوي في النظرية العامة للتفتيش صـ 30، وفستان هيلي جزء 4 صـ 388.
[(4)] انظر أحكام النقض في 2/ 11/ 1936 محاماة سنة
17 رقم (246)، 13/ 3/ 1939 محاماة سنة 19 رقم (509)، 15/ 5/ 1939 محاماة
سنة 20 رقم (20)، 20/ 11/ 1942 مجموعة محمود عمر الجنائية جزء 6 قاعدة
(7)، 16/ 10/ 1944 نفس المجموعة قاعدة (376)، 20/ 11/ 1944 نفس المجموعة
قاعدة (401)، 24/ 1/ 1949 المجموعة المذكورة جزء 7 قاعدة (802) - ومجموعة
أحكام الدائرة الجنائية لمحكمة النقض السنة الأولى قاعدة (228) والسنة
الثانية قاعدة (357) والسنة الثالثة قواعد (7)، (131)، (135)، (180)،
(208)، (244)، (266)، (283).
[(5)] الواقع أن القانون المقصود هو قانون 7 فبراير سنة 1933 كما سيأتي بيانه.
[(6)] انظر موسوعة التعليقات على مواد قانون الإجراءات الجنائية للأستاذ أحمد عثمان حمزاوي طبعة سنة 1953 صـ 464 وما بعدها.
[(7)] فستان هيلي طبعة 1866 جزء 4 صـ 395 وما
بعدها، 362 ومانجان في (التحقيق المكتوب) جزء أول بند 89 - ولبواتفان شرح
قانون تحقيق الجنايات جزء أول مادة (87) بند (24) وجارو جزء 3 بند (901).
[(] Juris Classeur تحقيق جنايات مادة (87) بند (7) - قارن بحث الأستاذ محمد عبد العزيز يوسف فهمي في المحاماة سنة 32 صـ 763.
[(9)] فستان هيلي جزء 4 صـ 427 - قاموس المصطلحات القضائية لكابيتان صـ 286.
[(10)] انظر الترجمة الرسمية لقانون تحقيق الجنايات المختلط الصادر سنة 1937 فقد سار على هذا النسق.
[(11)] تناول القانون الأخير إلغاء الفقرة الرابعة
من المادة (87) معدلة التي تُلزم القاضي بإجراء التفتيش بنفسه دون ندب
غيره كما عدل النص الخاص بحالة وجود المتهم المطلوب تفتيشه مقبوضًا عليه
خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق (انظر داللوز الدوري 1936 - 4 - 21).
[(12)] انظر تعليق جورج ليلوار في داللوز الدوري
سنة 1933 جزء رابع صـ 65 وما بعدها، ومقال بورنيه عن حدود حق التفتيش
المخول لقاضي التحقيق طبقًا لقانوني 7/ 2/ 1933، 25/ 3/ 1935 في مجلة علم
الجنائي وقانون العقوبات المقارن سنة 1938 صـ 793 وما بعدها، وبحث النائب
العام آنسلي في المجلة العقابية سنة 1933 صـ 96.
[(13)] تعليق ليلوار في داللوز الدوري سنة 1933 - 1 - 65 السابق الإشارة إليه.
[(14)] لبواتفان (قاموس النيابة والضبطية
القضائية) طبعة سابعة جزء ثالث تحت كلمة (تحقيق ابتدائي) بند (10) صـ 212،
لونز دوزنجارت في (سقوط الدعوى العمومية بمضي المدة) في القانونين الفرنسي
والألماني صـ 64، فيدال ومانيول في (شرح القانون الجنائي) طبعة 1949 بند
(699) والأحكام التي أشار إليها.
[(15)] فستان هيلي جزء رابع بند (1783) صـ 362.
[(16)] نقض 19/ 11/ 1887 سيري 1888 - 1 - 139،
محكمة رينز 3/ 11/ 1887 داللوز 1888 - 2 - 232 المشار إليها في مؤلف لونز
دوزنجارت سالف الذكر صـ 70.
[(17)] لونز دوزنجارت سالف الذكر صـ 68.
[(18)] دونديو دي فابر طبعة ثانية بند (1089)، (1091).
[(19)] ماصابيو في النيابة العامة طبعة خامسة جزء ثانٍ صـ 185.
[(20)] انظر (ماركيزيت) التحقيق، طبعة سنة 1950 صـ
34، 35 فيدال ومانيول طبعة سنة 1949 صـ 1168 بند (814/ 3) نقض فرنسي 12/
2/ 1927، داللوز الأسبوعي 1927 صـ 209 - جواييه (النيابة العامة) صـ 316،
318 بحث بورنيه السالف الإشارة إليه صـ 796 وما بعدها.
[(21)] فستان هيلي جزء رابع بند (1728) صـ 359، دي
فيرجير (المرجع العملي لقضاة التحقيق) جزء ثانٍ صـ 56، ماصابيو سالف الذكر
جزء ثانٍ بند (2422) صـ 186، مانجان جزء ثانٍ صـ 147.
[(22)] لبواتفان: قاموس النيابة العامة طبعة سابعة جزء ثالث تحت كلمة (تحقيق ابتدائي) بند (12).
[(23)] ماركيزيت المرجع السابق صـ 33.
[(24)] انظر بحث بورنيه سالف الذكر صـ 796.
[(25)] المرجع السابق صـ 796.
[(26)] فستان هيلي جزء رابع صـ 5.
[(27)] جارو تحقيق جنايات جزء أول بند (90) صـ 191.
[(28)] محكمة جنح مصر المختلطة في 18/ 11/ 1940 بولتان سنة 54 صـ 1.
[(29)] انظر في هذا المعنى Juris - Classeur تحقيق جنائي مادة (87) بند (6).
[(30)] في هذا المعنى رسالة الدكتور توفيق الشاوي عن التفتيش صـ 18.
[(31)] فيدال ومانيول طبعة سنة 1949 صـ 1180 بند (821) هامش 2.
[(32)] نقض جنائي فرنسي 7/ 12/ 1935 جازيت الباليه 24 يناير سنة 1936 ومشار إليه في مجلة علم الجنائي سنة 1936 صـ 259 وما بعدها.