مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك


مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماهدخول

القانون المصرى

محمد جمعه موسى للمحاماه *جمهوريه مصر العربيه - محافظه البحيره - رشيد *01005599621- 002-01227080958-002

descriptionاتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات Emptyاتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات

more_horiz
اتفاقية
التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية



-المسار
و الرهانات




اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات Clip_image002 اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات Clip_image004

















من إعداد الطلبة : تحت
إشراف الدكتور
:


v










v عبد
النبي اضريف




أسامة المنير



v
عز الدين الشارف

















السنة الجامعية


2004 -2005


مقدمة عامة.


1- الإطار التاريخي للموضوع.



مع نهاية الحرب العالمية الثانية عرفت العلاقات التجارية الدولية تطورا
مهما في حجم المبادلات و كذلك في نوعيتها و في صفة الأطراف المشاركة فيها. كما أن
المواد موضوع التبادل أصبحت تتنوع من مواد أولية إلى مصنعة و نصف مصنعة، مع العلم
أن تجارة الخدمات أصبحت تحتل قسطا مهما من المبادلات الدولية[1].


و لم تعد العلاقات التبادلية مقتصرة
على البلدان التجارية التقليدية، بل تجاوزتها إلى الدول النامية كما تميزت هذه
المرحلة بتزايد عدد الإتفاقيات الثنائية و المتعددة الأطراف في الميدان التجاري،
ناهيك عن إنشاء مناطق للتبادل الحر و اتصالات جمركية و تنظيمـــات إقليميــــة و
عالمية.[2]



وأمام سرعة وثيرة تحرير المبادلات التجارية على المستوى العالمي، لم يعد
الإنفتاح الإقتصادي يطرح كاختيار بالنسبة للمغرب، بل كمعطى واقعي يوجب تبني
استراتيجية تمكن من التحكم فيه، للإستفادة من إيجابياته و تفادي سلبياته.


و يعود أصل العلاقات المغربية
الأمريكية إلى السنوات الأولى لحرب الإستقلال الأمريكية. إذ كان المغرب أول دولة
خارج أوربا اعترفت بالجمهورية الناشئة.


و يمكن القول إن قيام علالقات سياسية و
تجارية بين البلدان جاء أولا و قبل كل شيء كنتيجة لرغبة جهود السلطانسيدي محمد بن
عبد الله( 1757-1790) الذي نهج سياسة انفتاح اقتصادي و تجاري. و قام بإصدار منشور
من مكناس في 20 دجنبر 1777 يتعلق بالإذن لعدد من الدول في ممارسة نشاطها مع
المغرب، و كان من ضمنها الولايات المتحدة، و قد اعتبرت المبادرة اعترافا بسيادة
أمريكا و استقلالها.



و منذ ذلك التاريخ تبين أن
العلاقات بين الجانبين اقتصرت على الجانب السياسي وحده، " و من ثم كانت
علاقتنا غير متوازنة، ذلك لأن تعاوننا الإقتصادي ظل هامشيا، و على الخصوص محروما
من الهياكل و الوسائل الكفيلة بإعطاء مبادلاتنا و شركائنا بعدا يكون من


حيث نوعيته و طموحه، في نفس مستوى
التعاون السياسي القائم بيننا"[3] و على هذا الأساس تم توقيع معاهدة بشأن تشجيع و
حماية الإستثمرات على وجه التبادل بين المغرب و الولايات المتحدة في 22 يوليوز
1985. و دخلت حيز التنفيذ في 29 ماي 1991. و تهدف هذه المعاهدة إلى تنمية التعاون
الإقتصادي بين البلدين و إلى تنشيط تدفق رؤوس الأموال الخاصة و التنمية
الإقتصادية، و ذلك من أجل خلق ظروف ملائمة لمستثمري كل واحد من الطرفين.



و تم توقيع اتفاقية أخرى بشأن تشجيع الإستثمرات بين البلدين في 15 مارس
1995، دخلت حيز التنفيذ في 22 شتنبر 1999، رغبة من البلدين في تشجيع الأنشطة
الإقتصادية بالمغرب التي تساعد على تنمية موارده الإقتصادية و قدراته الإنتاجية.



و في 22 مارس 1999 تم إصدار صداقة مغربي
- أمريكي و قعه عدد من أعضاء الحزب الديمقراطي بمجلس الشيوخ، حيبث أعلن 110
عضو تأسيس هيأة أصدقاء المغرب لأهداف
توسيع التجارة و الإستثمار بين البلدين في ميادين السياحة و الصناعة و المواد
الطبيعية.



و في إطار تحسين المغرب للمناخ الإقتصادي عبر القيام بإصلاحات هيكلية مكنت
من تحرير نظام التجارة، و إصلاح قانون الإستثمــارات و إعــــــادة تنظيـــــم
القطــــاع المالـــي، و خوصصة عدد من المقاولات العمومية، و جعل المغرب وجهة مفضلة للإستثمار، ثم الإعلان عن مشروع
لإقامة منطقة للتبادل الحر في 29 يناير 2002 بمناسبة الزيارة الملكية للولايات
المتحدة، و أثناء زيارة الممثل التجاري الأمريكي "روبرت زوليك"، و قد
أخذت الفكرة دفعة هامة في اجتماع الدورة الثالثة للمجلس الأمريكي المغربي للتجارة
و الإستثمارات الذي انعقد في الدار البيضاء في 10- 11 أبريل 2002 و الذي رأست فيه
الوفد الأمريكي مساعدة الممثل التجاري الأمريكي كاترين نوفللي.


2- أهمية الموضوع و
أهدافه:




لإعتبارات حداثة الموضوع، حيث يشكل مستجدة اقتصادية، و لإنعكاساته
الإيجابية أو السلبية على بعض القطاعات الحساسة. و التي دار حولها نقاش واسع في
أوساط المهتمين من أكاديمين و أفراد المجتمع المدني، فأغلبالكتابات و الدراسات
التي أحاطت بالموضوع كانت مجرد مقالات صحفية لا تعتمد الجانب المنهجي التحليلي و
الأكاديمي الذي يجب توفره في كل دراسة علمية. إضافة للتكتم الإعلامي الرسمي حول الموضوع خصوصا في
المراحل الأولى من الإتفاقية ( المفاوضات)، و قلة مصادر المعلومة و الوثائق التي
تحيط بالموضوع، اللهم بعض المصادر الأمريكية المتوفرة في مواقع إلكترونية متفرقة،
كلها أسباب مجتمعة جعلتنا نطمع في القيام بمحاولة في البحث حول هذا الموضوع.


3- تحديد مجالات البحث:



أصبحت إقامة مناطق للتبادل الحر، و عقد اتفاقيات ثنائية بخصوصها أهم سمات
النظام التجاري الدولي و المتعدد الأطراف، و ذلك بلجوء بعض القوى الإقتصادية
النافذة في المجال التجاري الدولي، في إبرام هذا النوع من الإتفاقيات الثنائية عوض
الإلتزام بالإتفاقيات متعددة الأطراف.



لهذا الغرض فإن مجال البحث سيقتصر على نموذج اتفاقية التبادل الحــر بيــن
المغرب و الولايات المتحدة، و ذلك من خلال مقاربة تعتمد:


-
المجال الجغرافي: رغم عامل
الجغرافي بين البلدين، فإن الولايات المتحدة تنظر في المغرب موقعا استرتيجيا في
شمال إفريقيا باعتباره بوابة الشرق الأوسط بمنصرمه الأمريكي و صلة الوصل بين
إفريقيا و أوربا، و منافسة الأوربيين في إحدى أكثر المناطق حساسية بالنسبة إليهم،
ألا و هي جنوب المتوسط.[4]


-
المجال الزمني : تأتي هذه
الإتفاقية في وقت جد مهم، تعرف فيه الساحة الدولية عدة تفاعلات في المجالات
الإقتصادية السياسية، الثقافية، الحضارية و بعد أحداث قلبت أجندة الأمريكيين في
المنطقة، و إعلان مشروع للشرق الأوسط الكبير. و الذي يعتبر التعاون الإقتصادي و
الإصلاح السياسي أحد ركائزه.








4 – تحديد الإشكالية و
المنهجية.




نظرا لشساعة الموضوع. و تشعب المجالات المرتبطة به، فإن الإشكالية المحورية
للبحث تتحدد بالأساس في التأطير للجانب القانوني للإتفاقية. من خلال تحليل ماهية
منطقة التبادل الحرؤ، و جميع المراحل التي قطعتها الإتفاقية


و كذا أهم القضايا الإشكالية التي طرحت
بعد صياغة النص النهائي لها و انتظار دخولها حيز التنفيذ في يناير 2006.



إضافة إلى محاولتنا تجميع الرهانات و الأهداف المعلنة و غير المعلنة،
التـــي عقــــدها و صبا إليها الجانبان، و قد اخترنا لهذا الغرض مجموعة من مناهج
البحث العلمي التي وجهتنا في مختلف مراحل هذا البحث:


- المنهج القانوني: و ذلك من
خلال التأطير للجانب القانوني للإتفاقية، عبر التحديد المفاهيمي لمنطقة التبادل
الحر كما عرفها القانون الدولي الإقتصادي، و دراسة أهم الأشواط التي قطعتها
الإتفاقية باعتبراها معاهدة دولية ثنائية و كا أطرها قانون المعاهدات. كما اعتمدنا
هذا المنهج في محاولة الإحاطة بالإطار القانوني للإرتباط المغربي بكل من الولايات
المتحدة و الإتحاد الأوربي، و في التعرض لبعض المبادئ القانوينة المنصوص عليها
داخل منظمة التجارة الدولية...


- المنهج التحليلي: عبر تحليل
بعض القضايا الإشكالية، من خــــلال الواقـــع الإقتصـــادي و الإجتماعي الذي
يعرفه المغرب و كذا النمو الإقتصادي للولايات المتحدة. و توضيح الفارق الشاسع بين
البلدين في كافة المجالات. و قد اعتمدنا هذا المنهج بشكل رئيسي و نحن بصدد
الإشتغال على الشق الثاني من البحث و الذي حاولنا من خلاله تلمس الرهانات الكامنة
وراء إبرام هذه الإتفاقية من الجانبين.


- المنهج الإحصائي:


من خلال الرسوم
المبيانية التي تعكس بالأرقام و الدلالات الإحصائية مصداقية و نسبية التحليل.[5]





5- تصميم الموضوع:



و كما يتضح من خلال العنوان المخصص للبحث، سنحاول الإجابة عن الأسئلة
التالية:


ما هو المسار الذي عرفته هذه الإتفاقية
خلال مرتحل المفاوضات و التوقيع و المصادقة؟


و ما هي أهم القضايا المركزية التي ثار
حولها النقاش؟ و ما هي أهم الرهانات التي عقدها الطرفان من وراء إبرام مثل هذه
الإتفاقية؟ هل تتحــدد بالأساس فـــــي
رهانــــات سياسيـــة و اقتصادية؟ م هناك أهداف أخرى غير معلنة؟ و هل سيستفيد
المغرب باعتبار اقتصاده الفتي من الإتفاقية؟ أم ستؤدي إلى هلاكه؟



إن محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة، و الإلمام بكافة جوانب الموضوع، سنتبع
التقسيم التالي:














الفصل I : مسار اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و أمريكا.


الفصل II : رهانات اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و أمريكا.
































الفصل
I: مسار اتفاقية التبادل الحر
المغربي الأمريكي.






من طبيعة السياسة الإقتصادية لأي دولة أن
تتأثر بالمتغيـــرات الإقتصاديــة العالميـــة. و النهج الإقتصادي الذي اعتمده
المغرب لم يخرج بدوره عن هذه القاعدة فأمام سرعة وثيرة تحرير المبادلات التجارية
على المستوى الدولي، لم يعد الإنفتاح الإقتصادي يطرح كاختيار، بل كمعطى واقعي يوجب
تبني استراتيجية تمكن التحكم فيه للإستفادة من إيجابياته و تفادي سلبياته.


فالمغرب.
كغيره من دول الجنوب بدأ سيتشعر خطر العولمة، و كان من الدول السباقة إلى الإندماج
في الإقتصاد العالمي مع ما يحمله ذلك من إمكانيات ووسائل.


و محاول منا
للإلمام بمسار اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية،
ارتأينا في مبحث أول أنا نتعرض للإطار المفاهيمي من خلال معالجة مفهوم التبادل
الحر باعتباره درجة أولى من درجات التكامل الإقتصادي، لنتعرض في مبحث ثان للإطار
القانوني للإتفاقية و ذلك من خلال نقطتين مهمتين، الأولى هو إطارها الإجرائي و
المسطري و الثانية القضايا الإشكالية التي عرفتها هذه الإتفاقية سواء خلال مسارها
او من خلال النص النهائي لها.





























المبحث
1: ماهية منطقة التبادل الحر






أخذ
البعد الجهوي و الإقليمي، يحتل مكانة هامة في النظام الإقتصادي العالمي، ذلك أن
العولمة خلقت شروطا جديدة، فرضت على الدول الدخول في التنافسية، و لم تبق معها
الكيانات القطرية قادرة وحدها على مواجهة هذا الوضع، الشيء الذي أدى إلى ميلاد
التجمعات الجهوية كمناطق للتبادل الحر و التي أصبحت كيانات فاعلة في العلاقات
الإقتصادية الدولية[6]
.


يجب التأكيد على أن اتفاقيات التبادل الحر
لها بعد و مرجعية نظرية، تعتمد على فرضية تدعي أن التجارة تجلب التنمية و ليس
العكس، و هذا مرتبط بتطور النظريات الليبرالية على الصعيد الدولي منذ السبعينات،
حيث وقع نوع من استبدال السياسة التنموية بالتركيز على الدور الرئيسي للتبادل الحر[7].


و عليه سنحاول معالجة هذه النقطة من خلال
ثلاثة زوايا:





المطلب
1 : مفهوم و مزايا الإندماج الإقتصادي.






الفقرة 1:
مفهوم الإندماج الإقتصادي:



يعتبر من المفاهيم الجديدة على القانون
الدولي العام، و قد تسعف الأدبيات الإقتصادية في تحديده، و يقصد بالإندماج
الإقتصادي عادة اتفاق مجموعة من الدول المتقاربة في المصالح الإقتصادية، أو في
الموقع الجغرافي علــى إلغـــاء القيـــود علـــى حــركة السلـــع و الأشخاص و
رؤوس الأموال فيما بينها، مع قيامها بالتنسيق بين سياساتها الإقتصادية لإزالة
التمييز الذي قد يكون راجعا إلى الإختلافات بينها.[8] .


فالإندماج
الإقتصادي يعني تلك العملية التي يتم بمقتضاها إزالة كل العراقيل التي تعترض
التجارة القائمة بين مجموعة من دول الجوار. بالإضافة إلى إزالة كل العقبات التي
تعرقل حركة المواد و الأشخاص و رؤوس الأموال، و كذلك خلق تطابق في السياسات
الإقتصادية و الإجتماعية لتلك البلدان.


و تبعا لذلك يمكن القول بأن مفهوم التكامل و
الإندماج الإقتصادي يرتبط بالعناصر التالية:[9] .


يعتبر التكامل الإندماجي بمثابة عملية تقود
البلدان الأعضاء في المنطقة التكاملية، غلأى البحث عن وسائل تخصيص للموارد
الإقتصادية الوطنية من اجل خلق كيان جديد.


وضع الإجراءات
و التدابير الكفيلة بالتطور التدريجي للإطار الإندماجي، و هي تتمثل في إزالة
العقبات الجمركية و غير الجمركية. و إقامة نظام موحد للضرائب غير المباشرة، و
تنسيق السياسا الإقتصادية الداخلية و الخارجية و توحية المؤسسات الإقتصادية و
النقدية.





الفقرة 2:
مزايا الإندماج الإقتصادي.



من المسلم به أن الإندماج الإقتصادي يحقق
للدول الأعضاء عدة منافع معقولة و مزايا هامة في النطاق الإقتصادي، لكن تحقيق هذا
الإندماج لا يمكن أن يظهر مع استمرار كل من المؤسسات الوطنية للدول الأعضاء في
وضعها الأصلي. فمثل هذه العملية تتطلب إقامة مؤسسات فوق وطنية تفوض لها حكومات
الدول الأعضاء تدريجيا اختصاصاتها الإقتصادية. و اتباع مثل هذا النهج التفويضي لا
يكتمل كذلك بدون دعم شعبي يمكن التعبير عنه عن طريق الإستفتاء، أو من خلال إنشاء
برلمان للمجموعة الإندماجية، يقوم على التمثيل النسبي لكل مواطني الدول الأعضاء أو
يختار أعضاؤه من برلماناتها[10] و تتحدد مزايا الإندماج الإقتصادي على الشكل
التالي:


1- اتساع
حجم السوق
: فتوسيع نطاق السوق و ما يترتب عنه من نتائج اقتصادية هامة، يمكن
الدول الأعضاء في التكامل عن طريق إلغاء الرسوم الجمركية فيما بينها من توسيع
الدائرة التي تستطيع فيها الدولة تصريف منتجاتها. كذلك فإن هذا الإتساع يمكن هذه
الدول من التحكم في أسعار شراء المواد التي تحتاجها لأن العدد يمكنها من قوة
تفاوضية، فالسوق الأوربية مثلا تفرض على الدول التي ستبيعها المواد الأثمان التي
تريد.


2- زيادة
التوظيف:
إن إلغاء القيود على انتقال الأشخاص بين الدول المندمجة من شأنه أن
يؤدي إلى انتقال اليد العملة من المناطق التي تعرف فائضا إلى تلك التي تعرف عجزا
في هذا المجال، مما يؤدي إلى التخفيض من نسبة البطالة، مع توفير الكفاءات و
تنويـــع المهـــارات و زيادة التخصص.


3- زيادة
معدل النمو
: و ذلك بتشجيعه للزيادة في الإستثمار، لأن المستثمر عادة ما يبحث
عن السوق الإستهلاكية، و التي توفرها هذه الإندماجات، هذا فضلا عن تشجيع ظاهرة
التخصص الإقليمي في الإنتاج، و ما يتولد عنه من زيادة الإستخدام الأفقي لرأس المال
على نطاق إقليمي واسع، بحيث يشمل مختلف الصناعات و المناطق و يزيد من تكامـــل
الإستثمــارات و المشاريع الإنتاجية، فإباحة حرية التنقل و الإقامة لرؤوس الأموال
داخل دول الإندماج، فضلا عن الظروف الإقتصادية الجديدة، التي تزيد من توقعات رجال
الأعمال و أصحاب رؤوس الأموال لتحقيق الربح، سيؤدي بلا شك إلى هجرة رؤوس الأموال
من المناطق المتطورة إلى تلك المتخلفة داخل نطاق المنطقة المندمجة حيث يمكن
استغلال موارد جديدة في نطاق المنطقة المندمجة حيث يمكن استغلال موارد جــــديدة
فــي الصنــاعة و الــزراعة و الخدمات... و لهذا يتوقع أن يسفر الإندماج الإقتصادي
عن زيادة معدل النمو.





المطلب
2: أشكال الإندماج الإقتصادي.






بعد الإشارة بلمفهوم الإندماج الإقتصادي، و
تعداد مزاياه يبقــى لنا تحديـــد مختلف أشكالـــه و درجاته و هو ما يهمنا كإطار
نظري لموضوع البحث و قد تعددت الدراسات النظرية بخصوص درجات الإندماج الإقتصادي
فقد أشار الأستاذ balasse [11]
إلى ضرورة التمييز بين عدة درجات من الإندماج الإقتصادي، هي اتفاقية التفضيل
الجمركي، و منطقة التجارة الحرة، و السوق المشتركة و الوحدة الإقتصادية و التكامل
الإقتصادي التام. في حين يرى الدكتور سامي عفيفي[12] أن درجات هذا الإندماج
ينبغي أن تقتصر على أربعة مراحل أساسية و هي: منطقة التجارة الحرة و الإتحاد
الجمركي، و السوق المشتركة، الوحدة الإقتصادية.


1-
منطقة التبادل الحر Zone de libre
échange
:


عرفت المادة 24 من الإتفاقية العامة لتعرفة الجمركية و
التجارة منطقة التبادل الحر بأنها " مجموعة مكونة من إقليمين جمركيين أو
أكثر. يتم بينهما إزالة حقوق الجمارك بالنسبة للمبادلات التجارية الأساسية
اللمتعلقة بالمنتجات التي مصدرها الأقاليم التابعة لتلك المنطقة".


فالتبادل الحر كسياسة اقتصادية تتعارض مع الحمائية Le
protectionnisme. التي تؤيد و تحمي الإنتاج الصناعي و الفلاحي الوطني، عن طريق
تحديد الواردات أو بواسطة أي إجراء يشكل عائقا أمام الحركية عبر الوطنية للسلع، و
المبادلات[13].



اما فيما يخص
المبادلات التجارية مع باقي دول العالم، فإن كل دولة عضو في منطقة التبادلا الحر
تحتفظ بسياستها الجمركية المستقلة، و تجدر الإشارة إلى أن منطقة التبادل الحر لا
تتضمن إلغاء القيود على تحرك الأشخاص أو رؤوس الأموال بين الدول الأعضاء، أو تنسيق
السياسات الإقتصادية و الإجتماعية لتلك الدول، كما لا تقيد حق أي دولة عضو في عقد
اتفاقيات تجارية مع الدول الخارجة عن المنطقة.[14]


2 – الإتحاد
الجمركي
L’union douanière:


يعتبر الإتحاد الجمركي درجة أكثر تقدما على
مستوى الآلية الإندماجية من منطقة التبادل الحر. و قد عرفته المادة 24 من الكات
بأنه " حلول إقليم جمركي واحد مكان إقليمين أو أكثر، و ذلك عندما يؤدي هذا
الحلول إلى تنحية حقوق الجمارك و القيود التجارية بين الأقاليم المكونة للإتحاد، و
كذا عندما تصبح حقوق الجمارك و باقي التنظيمات المطبقة من طرف أعضاء الإتحاد في
مواجهة الأقاليم الأجنبية عنه موحدة و تطبيقية".


و من تم
فالإتحاد الجمركي يتميز على المستوى الداخلي بإزالة حقوق الجمارك و التنظيمات
التجارية بين الأقاليم المكونة له، بينما يتميز على المستوى الخارجي. بإنشاء تعرفة
جمركية مستركة. و نظام تجاري مشترك اتجاه البلدان الأجنبية و بكيفية أكثر اختصارا
يمكن القول بأن الإتحاد الجمركي يساوي منطقة التبادل الحر إضافة إلى تعرفة جمركية
موحدة في مواجهة العالم الخارجي.









[1] - سوباتشاي
بانيشباعدي". تحرير التجارة لا يجب التنمية و لا يتعارض معها". حوار
اجرته سوسن حسين مع السكرتير العام لمنظمة التجارة العالمية الدولية. السياسة
الدولية، العدد 159.2005. المجلة 40. ( ص 126، ص 132).






[2] - اتلدكتور محمد تاج الدين الحسيني، الوجيز في
القانتون الدولي الإقتصادي، منشورات المؤسسة العربية للنشر و الإبداع. الطبعة
الأولى 2001، ص 133






[3] - من نص رسالة ملكية. 4 يونيو 1996 إلى المشاركين في
حفل افتتاح مكتب واشنطن للمجلس المغربي – الأمريكي للتجارة و الإستثمار.






[4] - Alvaro Devasconcelos ( Directeur de
l’institut de recherche stratégique IEEI à Lisbonne et directeur du réseau
d’institus méditérranéens Euromesco), Lors d’une interventtiondans le colloque
internationalk sur le théme « Le Maroc entre l’accord de partenariat
eurméditerranéen et l’accord de libre- échange avec les états (Unis
d’Amérique : Rivalité ou complémentarité ? 14 – 15 Janvier 2005,
RABAT.






[5] - الموجودة بالملحق المرفوق بالبحث، و بعض الفقرات
داخل الموضوع.






[6] - " المغرب و اتفاقيات مناطق التبادل الحر"،
موضوع من أنجاز طلبة السنة الثانية من دبلوم الدرسات العليا وحدة التكوين و البحث
المالية العامة، شعبة القانون العام، مادة المالية الدولية، كلية الحقوق عين الشق
الدار البيضاء ، السنة الجامعية 1996-1997، ص 40






[7] - "اتفاقية التبادل الحر بين الجدوى التجارية و
الأبعاد السياسية"، ندوة نظمتها أسبوعية الصحيفة، عدد 153 12/18 مارس 2004، (
ص 10- ص – 14).






[8] - الدكتور محمد تاج الدين الحسيني، الوجيز في القانون
الدولي الإقتصادي، م،س. ص 90 و ما يليها.






[9] - نفس المرجع، ص 91.






[10] - الدكتور محمد تاج الدين الحسيني، الوجيز في القانون
الدولي الإقتصادي. م، س ، ص 91.






[11] - B. balasse the theory of
economic integrqtion . qllqn qnd unzin, london, fourth i;pression 1973






[12] - الدكتور سامي عفيفي حاتم، " التجارة الخارجية
بين التنظير و التنظيم" الجزء الثاني، الدار المصرية اللبنانية 1992، ص 286 و
ما بعدها.






[13] - موسوعة يونيفرساليست ( 1993-2003)، Microsoft corporation.






[14] - " المغرب، اتفاقيات مناطق التبادل الحر"،
مرجع سابق، ص 7.

descriptionاتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات Emptyرد: اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات

more_horiz
- السوق المشتركة Le
marché commun
:


لا تقدم الإتفاقية العامة تعريفا صريحا
للسوق المشتركة، إلا أنه يمكن اعتبارها بالتأكيد مرحلة أكثر تقدما من الإتحاد
الجمركي على مستوى الإندماج الإقتصادي، فالسوق المشتركة نعني بالإضافة إلى إزالة
القيود الجمركية بين ال‘ضاء و توحيدها اتجاه الخار، إزالة لكل الحواجز التـــي
تعيق حـــركة انتقال وســائل الإنتاج من
أشخاص و مـــواد و رؤوس أموال و خدمات[1].


فالسوق
المشتركة تتميز إذن بإقرار مبدأ حرية انتقال وسائل الإنتاج بين الدول الأعضاء مما
يؤدي إلى إعادة توزيعها داخل منطقة السوق و هو ما يترتب عنه بالتأكيد زيادة
النتاج.


4
الإتحاد الإقتصادي
L’union économique:


يعتبر نموذج الإتحاد الإقتصادي أكثر تقدما
من السوق المشتركة، فالبلدان الأعضاء لا تكتفي ضمن علاقاتها البينية بنحرير عملية
انتقال وسائل الإنتاج، بل إنها تتجاوز ذلك إلى خلق الإنسجام و التطابق في السياسات
الإقتصادية و المالية و الضرائبية و الإجتماعية بين الدول الأعضاء، و في الواقع
فإن اختيار الخضوع لتحديات ضوابط السوق المشتركة يفرض على المتعاملين مع الزمن لأن
يصلوا باندماجهم إلى درجة الإتحا، ذلك أن غياب التنسيق على المستوى التشريعي و
الإداري و القضائي في كل المجالات الرئيسية قد يعرقل آليات عمل السوق أو يعصف بها
من الأساس. و يعتبر نموذج الإتحاد الأوربي أحسن نموذج يظهر حتمية الإرتقاء من
السوق المشتركة الناجعة إلى الإتحاد الإقتصادي، و هو ما حققته بلدان المجموعة
الأوربية بعد توقيع اتفاقية ماستريخت في 7 فبراير 1992[2] .


و يمكن القول
بأن آلية الإندماج الإقليمي لا تتوقف عند إنشاء اتحاد اقتصادي يطبعه التنسيق و
الإنسجام بين المؤسات، بل يمكـــن أن تتطــــور أكثر من ذلك على المستويات
التشريعية و التنفيذية و القضائية من خلال إنشاء مؤسسات فوق وطنية Supranationale و ذلك عندما تتخلى الدول الأعضاء تدريجيا عن سيادتها
في المجال الإقتصادي ثم الإجتماعي ثم في باقي المجالات الأخرى لمصلحة سلطة عليا
مشتركة تتمتع بتفويض من الجميع بسلطة اتخاذ قرارات ملزمة، و هو نموذج يفضي
بالتأكيد إل الإلتزام السياسي، كما أنه يرسم خيطا رفيعا بين نموذج الإتحاد
الإقتصادي و الإتحاد الفدرالي.


بعد أن قمنا باستعراض مختلف درجات الإندماج
الإقتصادي، يتبين أن إنشاء منطقة التبادل الحر لا يشكل إلا الخطوة الأولى ضمن هذه
الدرجات، و سعيا وراء ضمن شروط المنافسة الدولية المشروعة بين مختلف وحدات المجتمع
الدولي في مجال التجارة الخارجية، نصت اتفاقية الغات على أن مناطق التبادل الحر
تخضه لثلاث التزامات رئيسية و هي:


-
قاعدة
الأساس في المبادلات التجارية.


-
التزام
وضع برنامج.


-
قاعدة
عدم تحويل حركة المبادلات التجارية[3].


إن
المنطق النظري الذي يحكم اتفاقيات التبادل الحــر، هـــو أن " التجـــارة
تجلب التنمية"، و يعني ذلك أن الإزدهار الإقتصادي يتم عبر استرتيجية التبادل
الحر.


و قد دار نقاش
نظري واسع حول هذه الفكرة ابتداء من نظريات التبادل الحر و الإمتيازات المتبادلة و
المقارنة ل David Ricardo، تم مقترحات " أليست"
في القرن 19، إل أن ظهرت نظرية " كروكمان" التي تعتبر نظرية جديدة
للمنافسة و التجارة الدولية و منذ سنة 1947 تم الترويج لمصطلح التبادل الحر عبر
منظمة الكات، بحيث انتقل متوسط الحواجز
الجمركية بين الدول الأعضاء من 40 % سنة 1947 إلى حوالي 5% في منتصف التسعينات.[4]


غير أن
الممارسات الميدانية، و كما يؤكد ذلك المحللون الإقتصاديون أن التبادل الحر لم يكن
يوما ما منطلقا للتنمية، و أنه يأتي بعد تقوية السوق الداخلية و القدرة الشرائية،
كما أنه يكون ناجحا في الدول ذات النسيج الإقتصادي المؤهل و القادر على خوض رهان
التنافس.[5]


بناء على
المعطيات السابقة نكون قد أسسنا لإطار نظري لمفهوم و ماهية التبادل الحر. مما
سيجعل الأمر يسيرا للإحاطة و فهم الإطار القانوني لإتفاقية التبادل الحر المغربي
الأمريكي.



























































المبحث
الثاني: الإطار القانوني لإتفاقية التبادل الحر المغربي الأمريكي:






تعتبر اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و
الولايات المتحدة الأمريكية في إطارها العام كمثيلاتها من النماذج المقترحة على
بلدان أخرى، ككندا و المكسيك و الشيلي و سنغافورة، فهي اتفاقية شمولية من حيث
المواضيع و المقاربات جد الليبرالية التي اعتمدتها. و في المقابل، وقع المغرب لحد
الآن مجموعة من الإتفاقيات التجارية التي ينحصر تطبيقها في مجالات تجارة السلع
فقط، و إذا كان المغرب مع الإتحاد الأوربي يشمل مواضيع مختلفة فإنه لم يهدف إلى تحرير كافة القطاعات جملة واحدة،
بل ركز بالأساس على تحرير تجارة المنتوجات الصناعية في أفق 2012، بينما مواضيع
الفلاحة و الخدمات و غيرها، فقد تم تناولها من باب " التعاون" فقط و ليس
من باب " التفاوض". و هو عكس ما وقع في الإتفاقية الأخيرة مع الولايات
المتحدة.[6]


و كمحاولة للإلمام بالإطار القانوني لهذه الإتفاقية. و التي أثارت
نقاشا واسعا و حادا في أوساط المحللين الإقتصاديين أو السياسيين على حد سواء،
فإننا نقترح في مرحلة أولى الإحاطة بإطارها الإجرائي أو المسطري من تفاوض و توقيع
و مصادقة ( المطلب 1)، لننتقل في مرحلة ثانية للتعرض لبعض القضايا الإشكالية. و
التي طرحت خلال مسارها أو من خلال النص النهائي لها. ( المطلب 2).





المطلب 1: الإطار الإجرائي و المسطري.





عرفت المادة 2 من اتفاقية فيينا[7]، المعاهدة الدولية بأنها
" كل اتفاق دولي بين دولتين أو أكثر كتابة، و يخضع للقانون الدولي، سواء تم
في وثيقة واحدة أو أكثر، و أيا كانت التسمية المطلقة عليه". و حددت الإتفاقية
مراحل إبرام المعاهدات الدولية الشكلية فيما يلي:





-
مرحلة
المفاوضات التي تؤدي عادة إن نجحت إلى تحرير ما اتفق عليه كتابة.


-
مرحلة
التوقيع التي تعتبر عادة تمهيدا. لمرحلة التصديق أي الإلتزام النهائي.





الفقرة 1:
الإطار التفاوضي لإتفاقية التبادل الحر.



تقوم المفاوضات على أساس المساومة و الكسب
المتبادل بين أطرافها، ذلك أن أغلب التعاريف تصب في هذا الإتجاه، و من ذلك تعريف
الدكتور علي إبراهيم لهان، بأنها تبادل لوجهات النظر المختلفة بين ممثلي الدول و
المنظمات الدولية المزودين بأوراق تفويض رسمية بقصد التوصل إلى إبرام معاهدات دولية
تنظم أو تحكم الموضوع المراد تنظيمه"[8] .


و فيما يتعلق
بالمفاوضات حول اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية،
فقد أعلن في يوليوز 2002 عن تكليف الوزير المنتدب في الشؤون الخـــارجيــة و
التعاون السيد الطيب الفاسي الفهري، ليكون على رأس الوفد المغربي و ليشرف على
المفاوضات، و تم بعد ذلك الإعلان عن تكوين الفرقين التفاوضيين للبلدين، و بعد
سلسلة من الأعمال التحضيرية في صيف 2002، تمت مباشرة الإجراءات الخاصة بذلك من طرف
الإجدارة الأمريكية إزاء الكونغرس في فاتح أكتوبر 2002 لتأتي بعدها زيارة وزير
التجارة الأمريكي لإنطلاق المفاوضات و الدراسات المطلوبة لمباشرتها[9] و قد تدرجت المفاوضات من
مرحلة استكشافية لتبادل المعلومات و المعطيات إلى مرحلة تم فيها الإتفاق على هيكلة
المفاوضات و المضامين المرتبطة بها، و ذلك في سبع جولات تفاوضية انعقدت بالتناوب
بين واشنطن و الرباط[10]، فضلا عن جولات همت الفرق
الخاصة بالقطاعات الفرعية و التي حددت في 12 قطاعا تعلقت بكل من " الفلاحة،
تجارة الخدمات، ولوج الأســـواق، القضــايا و التعاون الجمركيين، النسيج، حقوق
الملكية الفكرية، الصفقات العمومية، المجال الإجتماعي، الشغل، القضايا القانونية،
الإستثمار و البيئة" إضافة إلى مجموعة خاصة بمهمة تسويق المشروع، ليصبح العدد
13 لجنة.[11]


و في 21 يناير 2003 أعلن بواشنطن عن انطلاق
الجولة الأولى من المفاوضات و ذلك من طرف كل من السيد الطيب الفاسي الفهري و
الممثل التجاري الأمريكي السيد روبرت زولييك، و انعقدت منذ ذلك الحين 7 جولات
تفاوضية قبل التوصل إلى صيغة نهائية متفق على مضامينها.


و يمكن تلخيص مضامين الجولات التفاوضية فيما
يلي:[12]


- الجولة الأولى: واشنطن، يناير 2003، حيث
انصبت أعمال هذه الجولة بالأساس على تبادل المعلومات و المشاورات بخصوص انتظارات
الطرفين. حيث قام الوفد المغربي بتقديم حول المناخ الماكرواقتصادي للمملكة و
الأهداف الوطنية المتعلقة بمختلف القطاعات الإنتاجية، حيث أكد على حساسية بعض
الملفات، كالملف المتعلق بالقطاع الفلاحي.


و استمر
الطرفان اتصالاتهما طيلة شهري فبراير و مارس، قبل البدء في المسائل الخاصة
بالجوانب التقنية.


- الجولة
الثانية
: جنيف، مارس 2003، عقدت هذه
الجولة بجنيف بصفة استثنائية، بعد أن أعلن عن عقدها في الرباط، لتزامنها مع انطلاق
العدوان الأمريكي على العراق، و تركزت أشغال الجولة في قيام المجموعات الموزعة حسب
القطاعات الفرعية من الطرفين بوضع نص أولي للإتفاقية. و قد انتهزت المجموعات
القطاعية المغربيــة هذه الجــولة لتقديم آرائها و ملاحظاتها بصفة مفصلة إضافة إلى
تقييمها للمواقف و المقترحات المقدمة من الوفد الأمريكي المفاوض.


- الجولة
الثالثة
: الرباط، يونيو 2003، استكمل
الطرفان نقاشاتهما و التي ارتكزت على قاعدة ردود الأفعال، حيث قدم كل جانب من جهته
تعديلات للنص المبدئي، لكن يجب الإشارة على أن بعض الأجزاء المتعلقة بأقسام معينة
بقيت كاملة و لم تحذف.


- الجولة
الرابعة
: واشنطن، يوليوز 2003، أتم
خلالها الطرفان معالجة القضايا العالقة في بعض أقسام الإتفاقية خصوصا منها
المتعلقة بالإستثمارات، الصفقات العمومية، قانون الشغل، البيئة، حقوق الملكية
الفكرية، الخدمات، و المسائل القانونية.


- الجولة
الخامسة
: الرباط، أكتوبر 2003، قامت خلالها جل المجموعات المتفاوضة بمضاعفة
أشغالها، بهدف إنهاء مختلف الأقسام، و ذلك قبل متم السنــة. و باستثنـــاء
ملفـــات ( الفلاحة، النسيج، المسائل القانونية) فإن كافة المجموعات القطاعية كانت
في المراحل النهائية من أشغالها.


- الجولة
السادسة
: واشنطن، يناير 2004، حيث ركزت
هذه الجولة على مناقشة القضايا الشائكة و التي تمثل مصلحة عليا بالنسبة للمغرب، و
انصبت أشغــالها علـــى إيجـــاد حــل و صيغة نهائية لملفات ( الفلاحة، المسائل
القانونية، الخدمات).


لكن مع ذلك لم
يتم الإتفاق على صيغة نهائية، بسبب الحساسيــــة البالغــــة لهــــذه الملفات، و
استدعى هذا الوضع عقد جولة سابعة.


- الجولة السابعة: واشنطن، فبراير – مارس 2004، جاءت هذه الجولة بعد قيام الوزير الأول
السيد إدريس جطو بزيارة للولايات المتحدة، و باعتماد صيغ توافقية مبهمة في
تفصيلاتها الدقيقة، أكد بعدها الطرفان أنهما قد توصلا إلى اتفاق حول القضايا العالقة،
بعد ذلك تم الإعلان عن خلاصة المفاوضات في 2 مارس 2004.


و يتضمن
نص الإتفاقية [13]،
فصلا، عدد منها يتضمن ملحقات، كما تتضمن الإتفاقية خمس ملحقات. و قائمة بسلسلة من
الوثائق تضم رسئال متبادلة و تصاريح مشتركة تهم بعض القطاعات و القضايا، كما يوجه
في بداية الإتفاق تقديم بمثابة تصريح مشترك بين الطرفين حول قضايا التبادل الحر، و
العلاقة بين البلدين، و تهم فصول الإتفاق محاور: ولوج الأسواق، الفلاحة، الإجراءات
الصحية، النسيج و الألبسة، قواعد المنشأ، الإدارة الجمركية، الحواجز التقنية أمام
التجارة، الحماية، الأسواق العمومية، الإستثمار، الخدمات، المالية، الإتصالات،
التجارة الإلكترونية، حقوق الملكية الفكرية، الشغل، البيئة، تســـوية النـــزاعات
و الإجراءات الإستثنائية.











الفقرة 2: إجراءات التوقيع:


استمر العرف الدولي على أن عمليتي المفاوضات
و الصياغة تعقبها عملية أخرى تعرف بإقرار نص المعاهدة أو اعتماده، و الغرض النهائي
من هذه الخطوة هو وضع حد للمفاوضات. و يعرف الدكتور صلاح الدين عامر التوقيع بأنه
" وسيلة لإثبات اتفاق الأطراف على نص الإتفاق الذي تم تحريره"[14] ، و عرف أيضا بأنه "
التوقيع هو عبارة عن إقرار سمي بالإتفاق الذي توصل إليه المتفاوضون.[15]


و يأخذ
التوقيع صورا متعددة و من ذلك:


- التوقيع
بالأحرف الأولى
: و يعني التجاء أطراف المفاوضات إلى التوقيع على مشروع
المعاهدة بالأحرف الأولى فقط، مثلا من أسماء ممثليهم على أن يكملوها في وقت لاحق
أو يكتفوا بتأكيد اعتبارها كاملة فيما بعد.


و تتمثل قيمة
هذا النوع من التوقيع في كونه يقر على الأقل مشروع المعاهدة كما أنه قد يكون هاما
في حالة تردد بعض أطراف المفاوضات أو كلهم في التوقيع خاصة إذا كانت المعاهدة من
النوع المبسط، كما أنه قد يكون ضروريا أيضا فيما إذا كانت جهة المفاوضات لا تمتلك
الحق في التوقيع[16]
.


كما في حالة
المغرب، فالفصل 31 من الدستور المغربي ل 1996، ينص على " أن الملك يوقع
المعاهدات و يصادق عليها، غير أنه لا يصادق على المعاهدات التي تترتب عليها تكاليف
تلزم مالية الدولة إلا بعد الموافقة عليها بقانون" و تدخل اتفاقية التبادل الحر
ضمن النوع الثاني، و يتضح هذا الإشكال في أن الجزء الأكبر من الممارسة التعاقدية
بيـــد الملك. و هو ما يقلص من تدخل أجهزة المراقبة الأخرى. كما هو الأمر بالنسبة
للبرلمان.[17]


- التوقيع
الكامل بشرط الرجوع
: و هو ما يعني قيام ممثل أحد المتفاوضين بالتوقيع بشكل كامل،
و لكطن مع اشتراطه الرجوع إلى من يمثله للتشاور معه لإقرار ذلك بالتوقيع أو رفضه،
و بالتالي فإن الدولة أو المنظمة الدولية التي يمثلها من قام بمثل هذا التوقيع إذا
أقرته فإنه يصبح نافذا[18] .


و يشترط فيمن
يقوم بالتوقيع أن تكون له صلاحية النيابة عن موكليه أو ناخبيه و هذه الصلاحية إما
أن تكون أصلية أي بحكم وظيفته كرئيس الدولة أو وزير الخارجية أو تكون مستمدة من
التفويض و عندها يشترط أن تكون مبنية في وثيقة التفويض[19] ، و فيما يخص التوقيع على
اتفاقية التبادل الحر، فقد توج هذا التوقيع جولات عسيرة من المفاوضات، شملت سبع
جولات امتدت على مدى 13 شهرا، و قد أعلن يوم 2 مارس 2004 عن التوقيع الأولي
لإتفاق، بعد ذلك أحال الرئيس جورج بوش في 8 مارس 2004 اتفقا التبادل الحر على
الكونغرس الأمريك، و ذلك بحسب ما يقضي به القانون الأمريكي، و الذي يفرض أن تحال
مثل هذه القوانين على الجهاز التشريعي في أجل 90 يوما قبل التوقيع النهائي عليه[20].


و في 15 يونيو
2004 أعلن التوقيع رسميا بواشنطن عن اتفاق للتبادل الحر بين المملكة المغربية و
الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وقع كل من الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون
الخارجية و التعاون و ممثل الولايات المتحدة في التجارة الخارجية السيد روبرت
زوليك، الإتفاق.





الفقرة 3:
مسطرة المصادقة
:



لم يعد توقيع ممثل الدولة في المفاوضات
ملزما لمن يمثل إلا في حالات استثنائية لهذا اتجه العرف الدولي إلى إعطاء أهمية
بالغة للتصديق كمرحلة لازمة لإعتبار المعاهــدة نافذة و ملزمة للأطراف.


و يعرف
التصديق بأنه" إقرار أعلى سلطة مختصة بالإلتزام الخارجي في الدول أو في منظمة
دولية، قبولها النهائي الإلتزام بمعاهدة"


فمن حيث الشكل
عادة ما يكون في وثيق مكتوبة، تكون مفتوحة بإهداء التحية إلى الطرف الآخر ثم يكتب
فيها نص المعاهدة المصادق عليها أو تتم الإشارة إليه ثم تختم بتوقيع رئيس
الجمهورية أو الملك حسب الأحوال، ثم توقيع وزير الخارجية[21] . ثم يتم تبادلها في حفل
يسمى حفل مراسيم التصديق أو تبادل وثائق التصديق.


و يبرر قيام الدولة بالتصديق، أنها تقر بما
قام به من وقع بالنيابة عنها، كما أن من
مبرراته أيضا إعطاء فرصة لمن يريد الإلتزام بالمعاهدة، خاصة و أن بعض المعاهدات قد
تكون بالغة الأثر على حاضر بل حتى مستقبل الأطراف، و لهذا فإن من الحكمة و الضرورة
أن تتريث أطراف أي معاهدة قبل أن يقوموا بالإلتزام النهائي عليها، و لعل هذا ما
جعل الدول كثيرا ما تتأخر بالتصديق عل المعاهدات، و هو طبعا أمر مشروع دوليا، كذلك
ما يفرضه الأخذ بمبدأ الديمقراطية التي تعني ضرورة إشراك الشعب في اتخاذ القرار
بالإلتزام بالمعاهدة، خاصة و أن أثرها لا يعود في الأساس إلا إلى الشعب، و إشراك
هذا الأخير يعني على الأقل إشراك البرلمان، و هذا ما تأخذ به أغلب دساتير الدول
التي تتبنى النظام الديمقراطي و التي تقضي بضرورة عرض المعاهدة على البرلمان قبل
التصديق.[22]



و قد صادق الكونغرس الأمريكي في 21 من
يوليوز بأغلبية ساحقة على اتفاقية التبادل الحر المبرمة مع لمغر، حيث صوت لصالحها
في مجلس الشيوخ بأغلبية 85 صةتا مقابل 13 معارض، و صادق مجلس النواب بأغلبية 323
صوتا مقابل 99، حيث ساندت أغلبية مهمة من الأعضاء الجمهوريين و الديمقراطيين بمجلس
النواب اتفاقية التبادل الحر مع المغرب مؤكدين أهميتها الإستراتيجية و انعكاسها
الإيجابي على المبادلات التجارية و على العلاقت الثنائية بصفة عامة.


أما البرلمان المغربي فقد صادق بعد مرور
الإتفاقية بلجنة الشؤون الخارجية و الدفاع بمجلس النواب التي أيدها 7 أصوات من
أعضاء اللجنة و غاب عضوان، و بعد جلسات
مناقشة الإتفاقية، صادق البرلمان بأغلبية 55 مؤيدا و 23 متغيبا ( أغلبية المعارضة
المتكونة من حزب العدالة و التنمية). و صوت واحد معارض ( حزب اليسار الإشتراكي
الموحـــد). و بعد المصادقة عليها من طرف برلماني البلدين، و إتمام جميع
الإجراءات، يبقى انتظار دخولها حيز التنفيذ في يناير 2006 مرجعنا الوحيد للحكم على
مدى نجاح أو فشل هذه الـفاقية و في انتظار ذلك سنقوم بجرد بعض الإشكالات و العوائق
التي يمكن أن نلمسها من خلال النص النهائي و مقاربته بالواقع الإقتصادي للبلدين.









[1] - الدكتور محمد تاج الدين الحسيني، الوجيز في القانون
الدولي الإقتصادي، مرجع سابق، ص 95.






[2] - نفس المرجع، ص 96.






[3] - عادل الخصاصي، مشروع منطقة التبادل المغربية
الأمركية بين مطرقة العولمة و سندان التنمية المستدامة يومية الإتحاد الإشتراكي،
عدد 7788، 9/12/2004.






[4] - الدكتور محمد نجيب بوليف، اتفاقية التبادل الحر بين
المغرب و أمريكا " الإشكالات و الرهانات" مجلة مسالك العدد 2، عدد خاص
باتفاقية التبادل الحر، ص 21 و ما يليها.






[5] - أسبوعية الصحيفة، مرجع سابق ( 10، ص 14).






[6] - الدكتور محمد نجيب بوليف، مرجع سابق، ص 33.






[7] - اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات 1969.






[8] - د. علي
إبراهيم " الوسيط في قانون المعاهدات الدولية" دار النهضة العربية 1993،
ص 150






[9] - بينها
الدراسة المطلوبة التي مولتها الوكالة الأمريكية للتجارة و التنمية في نونبر 2002
تحت عنوان " فرص من أجل تعزيز التجارة و الإستثمار بين الولايات المتحدة و
المغرب" اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و أمريكا – المسار و التحديات، مجلة
مسالك م.س. ( ص 24 – ص 30).






[10] - الدكتور مصطفى الخلفي.






[11] - يومية التجديد، عدد 82à- الجمعة/ الأحد 19 – 21
دجنبر 2003.






[12] - Communiqué de presse sur la
conclusion des négociations sur le libre – échange entre les Etats – Unis et le
Royaume du Maroc.






[13] - أنظر الملحق المرفوق بالبحث.






[14] - صلاح الدين
عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام ماهيته و مصادره- دار النهضة 1985.






[15] - أنظر
الدكتور إسماعيل الغزال. القانون الدولي العام – المؤسسة الجامعية للدرسات و النشر 1986 ص 25.






[16] - الدكتور على إبراهيم. الوسيط في قانون المعاهدات
الدولية، م.س ص 189 – ص190.






[17] - الدكتور الحسان بوقنطار – السياسة الخارجية
المغربية – الفاعلون و اتفاعلات، تقديم الدكتور عبد الهادي بوطالب، طبعة 2002، ص
19.






[18] - الدكتور علي إبراهيم، الوسيط في قانون المعاهدات
الدولية، م س. ص 151.






[19] - أنظر المادة 2 من معاهدتي فيينا 1969 - 1986






[20] - الدكتور مصطفى الخلفي اتفاقية التبادل الحر بين
المغرب و الولايات المتحدة، المسار و التحديات م س. ص 13.






[21] - الدكتور علي إبراهيم الوسيط في قانون المعاهدات
الدولية م س ص 151.






[22] - أنظر على سبلي المثال المادة 53 من الدستور الفرنسي
و المادة 31 من الدستور المغربي.

descriptionاتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات Emptyرد: اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات

more_horiz
المطلب
2: القضايا الإشكالية في الإتفاقية.






طرحت اتفاقية التبادل الحر المبرمة مع
الولايات المتحدة إشكالات عميقة سواء خلال مسارها التفاوضي أو من خلال النص
النهائي لها.


فبالرغم مما
تطرحه الإتفاقية من إيجابيات متعددة يمكن أن يستفيد منها الإقتصــاد الوطنــي، و
التي عبرت عنها الجهات الرسمية. فإنها لا تخلوا كذلك من سلبيات تعلقت بالأساس
بالتكتم و السرية التي طبعت مرحلة
المفاوضات، و الغموض حول مصير بعض القطاعات الحساسة ( الفلاحة، الأدوية، الثقافة)،
إضافة إشكال آخر يتعلق بمدى قدرة الإقتصاد الوطني على المنافسة الدولية، علــى
العلم أننا نوقع اتفاقية مع أعظم دولة في العالم اقتصاديا، سياسيا و عسكريا.


لقد وقع المغرب لحد الآن 8 اتفاقات للتبادل
الحر، لم تثر بشأنها إحداها ما أثير بالنسبة لهذه الإتفاقية، إذن ما هي أهم
القضايا الإشكالية في هذه الإتفاقية؟ و هل الإقتصاد المغربي مؤهل لخوض أغمار
المنافسة الدولية؟





الفقرة 1:
غياب الشفافية و الوضوح من الجانب المغربي
.



لقد تميز مسار التفاوض بشأن اتفاقية التبادل
الحر بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية بتباين واضح في طريقة التعامل بين
الموقف الأمريكي و الموقف المغربي.


فبالنسبة
للأمريكيين فقد أخذ الفريق المفاوض الترخيص الضروري من الكونغرس، و قد تم تسطير
الحدود و الإطار الذي يجب التفاوض من خلاله، و كان هناك حرص واضح على إشراك جميع
المهتمين من اقتصاديين و مشرعين و اجتماعيين[1].


بينما حرصت السلطات المغربية المتفاوضة على
تهميش جل الأحزاب السياسية، و النخب و الفاعلين الإقتصاديين و الجمعويين، فالمشرع
المغربي نفسه لم يكن له أدنى علم بمقتضيات الإتفاقية، بمعنى أنه لم تكن هناك أية
مراقبة قبلية، فالمفاوض المغربي كان متحررا من أية رقابة تشريعية، و الغريب في
الأمر أن الهيئات السياسية بمختلف مشاربها و توجهاتها لم تعبر عن رفضها لهذا
التصرف، و إنما اكتفت بتحريك بعض المؤسسات الموازية لها للتعبير عن موقفها المحتشم
من هذا الإقصاء، و منها من اكتفى بطــــرح بعض الأسئلـــــة الكتابيــة و الشفوية
على الحكومة. و التي أجابت عنها بطريقة عادية كما لو أنها تجيب عن موضوع يهم فئة
محددة من المجتمع، و لم تكن أبدا تستشعر ضرورة اعتبار هذه الإتفاقية مسألة تهم
جميع المغاربة يفرض عليها فتح نقاش جاد و مسؤول بين كل المهتمين و الفاعلين.


و من هنا وجب التساؤل، هل كان طابع التكتم
نابعا من السيادة التي يتمتع بها حقل العلاقات الخارجية؟ بعض الملاحظين يعتبرون أن
الهجوم العنيف الذي تعرض له نشطاء المجتمع المدني، راجع إلى مطالبتهم بحق ينـــازع
" حق السيـــادة"[2] . فمســـألة الشفافيــــة و
الديمقراطية كانت حاضرة عند الجانب الأمريكي لكنها غابت عند الطرف الآخر ( الجانب
المغربي)، فالمجتمع المدني الذي خرج للشارع العام طلب فقط بحقه في التوصل
بالمعلومة، أي معرفة ما يحدث، لكن مطالبته بحقه هذا تمت مواجهتها بالقمع، و لم
يحرك أحد من المسؤولين الأمريكيين ساكنا؟


و زيادة على اعتبار البرلمان المغربي بمثابة
" غرفة تسجيل"، لا يمكن أن نظلم الحكومة نفسها إذا أقحمناها كثيرا في
الموضوع، لأن هذا الملف و كما يعرف الجميع تم تدبيره على مستويات عليا للسلطة داخل
البلاد.[3]


كما أن بعض الأوساط الأمريكية بدأت تطرح الآن
إشكالا حقيقيا يتعلق بإمضاء الكونغرس الأمريكي لهذه الإتفاقية، نظرا للحصيلة
الإقتصادية للرئيس بوش التـــي تعتبــــر غير مقنعة ( مليونين من الأمريكيين فقدوا
الشغل على عهد بوش، عجز الميزانية يفوق 520 مليار دولار...) و لعل هذا الإشكال
نابع من كون بعض الإتفاقيات الأخرى لا زالت تنتظر أن يمضيها الكونغرس، و منها على
سبيل المثال اتفاقيتي ( أستراليا، دول أمريكا الوسطى).


لقد طالبت جل
منظمات المجتمع المدني و الجمعيات المدنية و المهنية المغربية خلال فترة المفاوضات
بالتأني في اتخاذ القرار النهائي بشأن الإتفاقية. و بضرورة دراستها جيدا قبل
التوقيع عليها. خاصة و أن هناك تجارب سيقتنا فيها مجموعة من الدول: فالشيلي مثلا
اضطر لإجراء 14 جولة تفاوضية مع الأمريكيين عوض التي كانت محددة في الأصل، كما أن
فنزويلا فضلت تأجيل المفاوضات التجارية مع الأمريكيين إلى 2005، و هذه الدول
مماثلة للمغرب في مستواه الإقتصادي، و بالتالي كان من الأفضل التريث في التوقيع
النهائي.


كما تجدر الإشارة إلى أن الأمريكيين قد
افتتحوا المفاوضات بلوائح تقنية جاهزة منذ الوهلة الأولى، بينما الطرف المغربي
الذي لم تكن عنده الخبرة و التجربة الكافيتين، لم تتوفر عنده أية لوائح، بل جاء
بفكرة عامة في القاءات الأول، و لهذا الغرض تم الإتفاق مع مكتب للخبرة بهدف تمكين
المفاوض المغربي من منهجية التفاوض و الإطلاع على خبايا انتظارات و آليات التعامل
مع السوق الأمريكي، و لا يختلف أغلب المحللين الإقتصاديين في أن مثل هذه الإجراءات
يجب اتخاذها قبل مرحلة التفاوض بوقت كافي[4]





الفقرة 2:
حساسية (الفلاحة، الأدوية، الثقافة) كنماذج قطاعية
.


* القطاع الفلاحي: لقد تبين طيلة
مسار الإتفاقية الحساسية البالغة للقطاع الفلاحي، مادام الأمر يهم ملايين
المغاربة، و ذلك لإعتبارين، منجهة أولى لكون هذا الموضوع لم يكن قد حسم بعد على
مستوى اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوربي الموقعة سنة 1996، و التي دخلت حيز
التنفيذ سنة 2000 مما قد أثر على
المفاوضات الزراعية مع الإتحاد الأوربي. و من جهة ثانية للوضعية الهشة للقطاع
الفلاحي المغربي و للأضرار التي قد تنجم عن الإتفاق مع أمريكا على هذا القطاع، مما
قد يعرض بعض الزراعات فيه للإنهيار الكلي، في ظل ارتهان الفلاحة المغربية للأمطار
و ضعف الدعم الحكومي لهذا القطاع[5]، و قد تبلورت خلال المحادثات
التي قامت بها الفدرالية الوطنية للصناعة الفلاحية FENAGRI و باقي
المهنيين الفلاحيين مجموعة من الأفكار. و التي يجب العمل بكل استعجال على تنفيذها،
و يتعلق الأمر ب:[6]



- ضرورة تطوير
العرض بأمريكا، فمنتوجات المغرب قد تكون منافسة و لكن العرض جد متأخر. ففي حالة "
الكلمنتين" مثلا، فحاجة السوق الأمريكية تفـــوق 200.000 طــن سنويا، وهو ما
يمثل مجموع الصادرات المغربية لمختلف دول العالم. غير أن الصادرات في هذا المجال
بقيت على حالها لأكثر من 3 عقود. و ذلك راجع بالأساس لكون الحصول على القطع
الأرضية لا زال باهض الثمن بالمغرب، و يمثل 5 أضعاف مثيله بإسبانيا. و 7 أضعاف
مثيله في جنوب فرنسا.


- ضرورة دعم
الدولة لهذا القطاع: فالسوق الأمريكية جد كبيرة بحيث تستورد 40 مليار دولار من
المنتوجات الغذائية، 10 منها من الفواكه و الخضر، و تمثل حصة المغرب من كل هذا 60
مليون دولار من المواد الفلاحية و الصناعة الفلاحية، و بالتالي فالدولة مطالبة
بالإستثمار في البنية التحتية المتعلقة أساسا بتطوير النقل عبر المجالين الجوي و
البحري.


- العمل على استكشاف السوق الأمريكية التي نجهل عنها
الكثير. فمثلا هناك تقصيبر كبير في مجال الزيتون و زيت الزيتون، ذلك أن المخطط
المغربي الذي بدأ سنة 1998 لم يتحقق منه لحد الآن سوى 20 % بينما تستورد الولايات المتحدة حوالي 120.000 طن من
الزيت من إسبانيا، إيطاليا، اليونان و تركيا، و هو ما يعادل مرتين الإنتاج
المغربي، و بالتالي وجب التوجه نحو " التخصص" في قطاعات تصديرية معينة نحو أمريكا، ما دام أننا لن نستطيع منافسة
الفلاحة لأمريكية في جميع منتوجاتها باعتبار مردوديتها و إنتاجيتها الكبيرة.


فمن حيث
المقارنة، يمثل القمح الأمريكي ¼ الإنتاج العالمي، و هو ما يمكن الفلاح الأمريكي
من تغذية ما بين 70 و 100 فردا، بينما الفلاح المغربي لا يغذي في المقابل إلا
حوالي 10 إضافة إلى كون القطاع الفلاحي الأمريكي قطاع تصديري في مقابل كون هذا
القطاع قطاعا معيشيا في المغرب، ما أن 1/5
الحظيرة العالمية من الآليات المخصصة للإنتاج الزراعي توجد بالولايات المتحدة
بينما تعتبر جد هامشية في المغرب، هذا و تقدر المساحة الصالحة للزراعة في و.م.أ
بحوالي 440 مليون هكتار. بينما لا تتعدى في المغرب 10 مليون هكتار. و من حيث
المردودية فهي تصل إلأى 50 قنطار للهكتار الواحد في و.م.أ مقابل حوالي 12 قنطار
فقط في المغرب.


أما أمية الفلاحيـــن، و هـــي التـــي تكـــون
سببـــا فـــي عدم الإطلاع على قوانين العمل و الشغل و عدم الإستفادة من التقنيات
المتطورة، و من توصيات المهندسين الزراعيين، فإنها لا تتعدى 3% في صفوف الفلاحن الأمريكيين بينما
تتعدى 80 % بالنسبة
للفلاحين المغاربة. هذا إضافة إلى كون القروض المقدمة لهذا القطاع تبقى جد هزيلة
في المغرب بعدما استنفدت خطة الصندوق الوطني للقرض الفلاحي أهدافها المحددة في
الثمانينات.


أما فيما يتعلق بمقاربات دعم القطاع
الفلاحي، فتجدر الإشارة إلى أن و.م.أ تدعم الإنتاج بينما تدعم الحكومة المغربية
الإستهلاك ( صندوق المقاصة للمواد الغذائية الأساسية. الزيت الطحين. السكر) . و هو
ما يمكن الفلاح الأمريكي من المنافسة
بينما الفلاح المغربي لا يستطيع ذلك ما دام المستهلك و ليس المنتج هو الذي يتلقى
الدعم، و قد أشارت مجموعة من اإحصائيات الرسمية إلى أن دعم الدولة للفلاح الأمريكي
يمثل حوالي نصف دخله السنوي بحيث قدر سنة 1995 ب 29000 دولار.


و لا يخفى أن الولايات المتحدة الأمريكية
تعتمد نظاما حمائيا مفرطا من خلال " Farm Bill"
كما أنها تطبق حواجز جمركية متنوعة سواء منها البيئية أو الصحية أو حواجز الجودة.
و كمثال على ذلك فهي تطلب نسبة محددة و معينة من الحموضة Acidité في
الكلمنتين المستورد من الخارج و هي نسبة لا تتوفر في الكلمنتين المغربي.


لقد عبر الوزير المنتدب السيد الطيب الفاسي
الفهري على أن المغرب " يبحث عن شروط محكمة و تدريجية للتعامل مع الحبوب و
اللحوم و الدواجن"، لكن اتضح فيما بعد أن الأمريكيين يرفضون مبدأ الإستثناء
الفلاحي ( بمعنى التدرج و اللعب على المدة الزمنية مع تحرير شامل دون مراجعة). و
إذا أخذنا نموذج القمح الطري فقد قدمت للأمريكيين نفس التفضيلات التي لإتحاد
الأوربي ( استيراد أقصى 1 مليون طن و 0,7 مليــون للأمريكيين). و هو ما قد يؤدي
إلى استيراد 80% من الكمية حسب الإنتاج المحلي، علما أن الولايات المتحدة لن تجد
صعوبة في إغراق السوق المغربية بالحبوب، فالقمح الأمرييك يباع في السوق المغربي
حسب السنوات بما بين 90 درهم و 180 للقنطار الواحد، في الوقت الذي يصل فيه سعر
قنطار واحد من القمح المغربي 250 درهما، و سيعرف هذا القطاع عدة لإشكالات سنة 2015
عند الإنفتاح الكامل، و هو ما قد يؤثر سلبا على الإستقرار الإجتماعي في البادية
المغربية إذا لم تتخذ إجراءات وقائية و تدبيرية منذ الآن. و لنا في نموذج المكسيك
في اتفاقية " ألينا" خير مثال حيث أدت الإتفاقية إلى القضاء على جل
الفلاحين المتوسطين في المكسيك، و يجب أن نستحضر هنا ما يقوله المكسيكيون.


( Pauvre Mexique, Si loin de dieu, Si proche des Etats Unis).


*
إشكالية الأدوية :لا بد من
الإشارة في البداية إلى أن 1/3 الأدوية العالمية تروج بالولايات المتحدة
الأمريكية، بينما 4% فقط هي التي تباع في كل القارة الإفريقية. فمثلا يوجد 97% من المرضى بالسيدا في العالم
الثالث، بينما لا يحصل هذا العالم إلا على 2 % من الأدوية. و بما أن المغرب ينتمي لهذا العالم
الثالث، فإن حصته جد هزيلة من هذا القطاع، و قد أعلن الخبراء المغاربة الذين
تابعوا مفاوضات هذا القطاع أم 85% من المغاربة لا يتوفرون على تغطية صحية، كما أن معدل وصفة علاجية
بالمغرب يتطلب 3 أيام عمل بالحد الأدنى للأجور، أما الفحص التخصصي أو بالأشعة
فيتطلب أجرة أسبوع. و تساوي تنقية الأسنان يوم عمل، كما أن 93% من الأدوية مستهلكة من طرف الفئة
الغنية، و يمثل الإستهلاك السنوي حوالي 230 درهما للفرد الواحد أي بمعدل 65 سنتيم
يوميا[7] .


و إذا كان
قطاع صناعة الأدوية بالمغرب لازال فتيا و يعتبر الثاني في إفريقيا، فإن
الفاعل الحقيقي فيه هو القطاع الخاص و ذلك بعد انسحاب الدولة و يقدر المهتمون أن
نسبة 80% من طلبات السوق المحلية لا تحمل علامة تجارية
أصلية، و هو الأمر الذي حدا بالفاعلين في هذا القطاع بالحديث عن الأدوية
المستنسخة، بحيث أحدثت منظمة خاصة في فترة المفاوضات أطلقت على نفسها منظمة "
الحق في الوصول إلى العلاج".


و من بين المشاكل
التي أثارتها الإتفاقية قضية الأدوية
الجنسية، بحيث يمثل هذا الصنف من الأدوية حوالي 30% من إنتاج الأدوية بالمغرب، و قد سبق للرئيس بوش أن طلب من منظمة التجارة العالمية
إلغاء المقترح البرازيلي القاضي بتقليص مدة الترخيص باستنساخ الأدوية و استعمالها،
كما أنه لم يسمح لجنوب إفريقيا باستعمال الأدوية المستنسخة بالسيدا إلا بعد ضغط
إعلامي كبير، فالولايات المتحدة كانت دائما في دفاع عن لوبياتها الصناعية في هذا
المجال و لكن تم رفض مقترحاتها في قمة " كنكون" بالمكسيك.


كما يجب التذكير على أن الولايات المتحدة لا
تتعامل بالقانون عندما لا يكون لصالحها، و قد اتضح ذلك عند بروز مرض الجمرة
الخبيثة بها، حيث عمدت إلى صنع دواء مضاد ضدا على القوانين الدولية المتعلقة
بحماية الملكية الفكرية و الصناعية، فهناك اتفاقية " الدوح" لسنة 2001
التي تمت مراجعتها " بجنيف" 2002 تؤكد على أن و.م.أ بعد 11 شتنبر و ظهور
الجمرة الخبيثة تجاهلت حق " شركة Bayer
بايير" التي تمتلك حق تصنيع دواء " سيبرو" الذي يعالج المصابين
بالجمرة الخبيثة ، و قامت صحبة كندا بتصنيع كميات كبيرة منه.


إن 6 شركات من أصل 10، التي تبيع المواد
الصيدلية الأكثر ربحا في العالم هي أمريكية، فدواء يخفض نسبة الكولسترول في الدم
مثلا يعطي أرباحا تقدر ب 21 مليار دولا سنويا، و هو ما يمكن أن نقارنه باستهلاك
المغرب للأدوية الذي لا يفوق 0،5 مليار دولار.


و للحسم في
مدى استفادة المغرب من هذه الإتفاقية في مجال الأدوية المستنسخة، نورد كلام السيد
" ديفيد وسكو"[8] رئيس منظمة أصدقاء الأرض
" Friends of the earth" الذي يرى أن " بنود
الإتفاق المتعلقة ببراءة الإخترؤاع تحد من استخدام المغرب لتلك الأدوية، الأمر
الذي ستكون له عواقب وخيمة على الصحة العامة في المغرب". و هكذا فمقتضيات
حماية حقوق الملكية الفكرية تحدد 20 سنة لحماية برءاة الإختراع، و تحدد حماية
البيانات غير المفصح عنها في 5 سنوات، بمعنى أن تصنيع الادوية الجنسية لا يمكن أن
تتم إلا بعد مضي 20 سنة من تاريخ الإكتشاف، و بعد 5 سنوات بالنسبة للمنتوج الذي
يتم اشتقاقه من المنتوج الأصلي. و هذا المر يحد من تنافسية المغرب و يطرح إشكالية
استيراد الأدوية بثمن زهيد من البرازيل و الهند عوضا عن و.م.أ.











*:إشكالية القطاع الثقافي: كما هومعلوم
أن الولايات المتحدة عبر مختلف مواقفها التاريخية في المجال الثقافي هي ضد مبدأ
التعددية الثقافية، و تنهج نفس السياسة اتجاه المنظمات لدولية مثل المنظمة
العالمية للتجارة الت يحاولت عبرها تضمين الجانب الثقافي لكنها ووجهت بمطلب
الإستثناء الثقافي حيث لم تحصل أمريكا سوى على 19 صوتا مقابل 136. و كررت الشيء في
منظمات أخرى و اقتصرت هذه المرة على القطاع السمعي البصريلكنها فشلت، لذا فهي تلجأ
إلى إبرام اتفايقات ثناية و تضمنها هذا الشرط باستعمال كافة الوسائل[9] ، فهي تحاول تمرير سياستها
بالتقسيط عبر اتفاقيات التبادل الحر، و هذا ما حدث في اتفاقية التبادل الحر بيـــن
المغـــرب و الولايات المتحدة، حيث تم دمج الجانب الثقافي ضمن قطاع الخدمات و
الأبناك. بمعنى أنها اعتبرت الثقافة كسلعة تجارية يسري عليها ما يسري على هذا
القطاع، و هو ما يجعلنا نتساءل عن المقترحات المغربية في هذا المجال، و كيف يمكن
الحديث عن الثقافة كهـــوية؟ و عن الثقافة كحصن من الغزو الثقافي و العولمة
الجارفة؟ و يمكننا الإستناد إلى النموذج الكندي مثلا الذي فرض فيه الإستثناء الصحي
و الثقافي و التربوي في اتفاقية التبادل الحر مع جارتها الولايات المتحدة.


و لا شك أن التعنت الأمريكي راجع بالأساس
إلى كون الملكية الفكرية تمثل براءات الإختراع و المقابل المادي لها حوالي 1/6 صادرات الخدمات الأمريكية.


و للحفاظ على الخصوصيات الثقافية المغربية
برزت للوجود خلال فترة المفاوضات


جمعية "
الإئتلاف من أجل التعددية الثقافية". و التي لخصت مطالبتها في :


- اعتماد حصة
معينة للمنتوج المغربي في الثقافة و الفن و الفكر.


- الحفاظ على
كل آليات الدعم السابقة.


- الحق في
إبرام اتفاقيات مع دول أخرى.


- عدم هيمنة
مؤسسة إنتاجية أجنبية على المنتوج بالمغرب.


أمام هذه المعطيات، و إذا رجعنا إلى
اتفاقيات مماثلة لأمريكا، مع كل من الشيلي و التي وقعت في دجنبر 2002، و مع
سنغافورة في فبراير 2003، فقد عملت و.م.أ من
خلال مهنيي قطاع الخدمات الثقافية التركيز على دعم الدولة للثقافة، و خاصة الحصص
الخاصة بالإنتاج الوطني في التلفزة و الراديو و السينما، كما ركزت على الدعم المالي للإنتاج الثقافي و تحجيم
المؤسسات الإنتاجية الأجنبية، بفرض قيود ضريبية، عاملة بذلك على تحرير أقصى ما
يمكن من التجارة، و من بينها الخدمات الثقافية، بإقصاء كل من المعايير أو السياسات
التي تقلص بشكل مباشر أو غير مباشر الدخول لسوق من أجل الخدمات المنتجة أو المتاجر
بها، فيتعين على موقع الإتفاق عدم فرض شروط تضييقية على المؤسسات الأجنبية بشكل
تمييزي، و عدم إهداء امتيزات لدولة أو دول إذا لم تهد نفس الإمتيازات للدولة
المتفق معها، ارتكازا على مبدأ المعاملة بالمثل.


ف "و. م.أ" تود أن تضع السياسات
الثقافية بالدول الموقعة، حواجز تمييزية للتضييق على ولوج السوق بالنسبة لباقي
الدول لصالح منتوجات المؤسسات الأمريكية.


كلها معطيات
تشير إلى استرتيجية و.م.أ الرامية إلى الإسراع بتنفيذ هذه الإتفاقيات قبل سنة 2005
موعد التصويت على ألأىلية القانونية للحفاظ على التعددية الثقافية RIPC و التى تتكون من وزراء الثقافة في عدد من الدول من بينها المغرب.
فهذه الشبكة تعتمد عليها منظمة اليونسكو في إنجاز الوثيقة، باعتبار أن هذه الشبكة،
قررت سنة 1999 " أن الخدمات الثقافية تستحق معالجة خاصة و استثنائية،لأنها
مرآة الهويـــة الثقافيـــة الوطنيــة و الجهوية و طالبت بحق الدول و الحكومات في
تبني بشكل حر السياسات الثقافية"، و قد تأكد هذا المطلب خلال سنتي 2000 و
2001 بشكل واضح على " الحاجة الماسة لآلية دولية لحماية و إنعاش التعددية
الثقافية في مواجهة العولمة."[10]





الفقرة 4: إشكالية قدرة المغرب على
اتنافسية الحقيقية ( الوزن و القوة
).



إن الأساس في الوقت الحاضر أن تحتل السوق
الداخلية الأولوية بالنسبة للسوق الخارجية، ففي الدول المتقدمة وقع في البداية
توسيع السوق الداخلية و تنمي القدرة الشرائية الداخلية و تنمية الطلب الداخلي، و
هذه الحركية الداخلية هي التي مكنت الإقتصاد من كسب قدرة تنافسية و أهلته لغزو
اأسواق الخارجية و امتلاك مقومات المنافسة ليتوفر في الأخير على اندماج رابح في
التبادل الحر. إضافة إلى أنه في جل التجارب تم إعطاء الأولوية للقيام بإصلاحات
هيكلية داخلية، ثم الإنفتاح على الخارج بهياكل داخلية لها قدرة لمواجهة المنافسة
الخارجية.[11]


و تشير آليات التنافس في السوق العالمية على
أن البلد الذي يريد أن ينافس منتوجات الغير لا بد له أن يعرف متطلبات تلك السوق و
نوعية المستهلكين و رغباتهم، و المتغيرات التي تؤثر على طلباتهم، و ما هي الجودة
التي يفضلونها، و كذلك الأثمان التي يتطلعون إليها.


و الذي ينظر
للسوق الأمريكية يعلم أن المغرب من الناحية الجغرافية، جد بعيد عنها قياسا لبعض
الدول الأوربية. كما أن الآسيويين قد وجدوا في السوق الأمريكية مرتعا خصبا لهم،
سواء تعلق الأمر بالقرب الجغرافي أو لكونهم كانوا السباقين و منذ مدة لهذه السوق،
أو لكونهم يجيدون اللغة الإنجليزية بينما المغاربة يتقنون اللغة الفرنسية، كما أن
الصين – خصاة بعد أن أصبحت عضوا في منظمة التجارة العالمية OMC – تعتبر
من الدول التي لها طموح كبير في غزو السوق الأمريكية. و بالتالي فهي تنافسنا في
المنتوجات التي لنا فيها أفضليات تجارية كالنسيج مثلا، و ذلك بسبب رخص اليد
العاملة بها أو لإنتاجيتها القوية أو لسعر صرف عملتها الالجيد و المتحكم فيه. و قد
قدر بعض الخبراء الذين تابعوا المفاوضات أثمنة المغرب بالنسبة لنسيج و الألبسة ضعف
أثمنة آسيا. و ذلك بدون احتساب الحواجز الجمركية مع و.م.أ.


كما أن الجهل بخصوصيات السوق الأمريكي لا
يمكن أبدا أن يكون لصالح الصادرات المغربية فمن جهـــــة هناك جهل لمعظم المقاولات
المغربية بالمعايرر الخاصة لولوج السلع و الخدمات و التي تختلــف اختلافـــا كبيرا
عن تلك التي تفرضها الأسواق التقليدية الأوربية و يمكننا أن نمثل لمثل هذه
المعايير بالقانون الأمريكي حول الوقاية و
تدبير الأخطار الصحية و البيو- إرهابية.Public health
security and bioterrorism pre-paredness and response act of لسنة
2002، كما أن كل الصادرات المغربية يجب أن تكون مســجلــة عند " food and drug Administration". و إلا منعت من الدخول و
ذلك على حساب الشركة المصدرة.


و من خلال هذه الأمثلة يمكننا القول أنه
يلزم المقاولات المغربية عقدا من الزمن على الأقل لكــــي تتمكن مـن الإلمام الجيد
بمتطلبات السوق الأمريكية، غير أن المنافسة لا ترحم و لن تنتظر هذه المقاولات،
فالتي لها إلمام بخصوصيات هذه السوق هي التي ستحظى بالقسط الأوفر منها، و في هذا
الصدد يقول عالم الإقتصاد الكندي الحائز على على جائزة نوبل أن كل اتفاقيات
التبادل الحر تترجم على الشكل التالي:[12]


"
الأرباح المؤجلة لكن الخسائر نافذة و فورية". و هو ما يجعلنا نتساءل: هل
المغرب قادر في هذه الآونة على تحمل الخسائر النافذة في انتظار أرباح مؤجلة، من
المحتمل، وليس من المحقق تحقيقها.


إن أية عملية شراكة بين دولتين لا بد أن
يعتبر فيها عامل الحجم و القوة. فقيام اتفاقية بين بلدين متوازيين كالمغــــرب و
الجزائر مثلا يمكن أن يستفيد منها الطرفان، أما و أن الإتفاقية ( المغرب. و.م.أ)
تهم دولتين، إحداهما الأولى في العالم على جميع المقاييس، و ثانيهما تحتل صفوفا
متأخرة في مجموعة من الميادين، لذلك فمن المستحيل أن نتصور أن الإستفادة من
الإتفاقية ستكون بنفس المستوى بالنسبة للبلدين و ذلك للأسباب التالية:[13]


·
لم
تتعد المبادلات التجارية بين المغرب و و.م.أ 850 مليون دولار سنة 2003، و هذا


المبلغ لا يمثل إلا أقل من يومين من المبادلات التي تتم بين و.م.أ و
المكسيك، و هي جزء من ألفي جزء من الحجم الإجمالي للتجارة الأمريكية، كما أن
صادرات المغرب نحو و.م.أ تمثل 450 مليون دولار، ووارداته منها تمثل 230 مليون
دولار.


·
يتفوق الأمريكيون في مجال الإنتاج بشكل كبير حيث
تمثل الإستثمارات المباشرة


الخارجية للشركات الأمريكية 21% من الإستثمارات في العالم. و تحضر بالمغرب 120 شركة أمريكية.
تستثمر حوالي 600 مليون دولار، و قد أحدثت حوالي 90.000 منصب شغل مباشر و غير
مباشر.


·
تتفوق
و.م.أ في المجال المالي، فالدولار هي العملة أكثر رواجا في العالم. و هي التي


تحدد بها قيمة المبادلات التجارية. كما أن و.م.أ تعمل على التدخل المباشر
عبر العالم لإيقاف التدهورات المالية ( نموذج أزمة المكسيك، أزمة روسيا 1998...)[14].


·
يتميز المجتمع الأمريكي بتفوق في المعرفة، سواء
تعلق الأمر ببراءات الإختراع


المتنوعة، أو
بقدرته على استيعاب هجرة الأدمغة عبر العالم بتسهيل دخولها و توفير الجو الملائم
لها، و ذلك تحت مبدأ النظرية الدارويينية الذي يقول " بالبقاء للأقوى".


·
في إطار المبادلات
التجارية، تشير الإحصائيات إلى أن معدل الضرائب على


المنتجات الأمريكية
المستوردة يصل 20% مقابل 4 % على المنتجات المغربية.












[1] - محمد نجيب بوليف، اتنفاقية التبادل الحر بين المغرب
و الولايات المتحدة، الإشكالات و الرهانات مجلة مسالك، م س ، ص 35.






[2] - اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و الولايات
المتحدة الأمريكية بين الجدوى التجارية و الأبعاد السياسية، أسبوعية الصحيفة، م س
ص، 11.






[3] - الدكتور نجيب أقصبي، أسبوعية الصحيفة، م س ، ص 13






[4] - الدكتور محمد نجيب بوليف م س . ص 34


اتفاقية
التبادل الحر بين المغرب و الولايات المتحدة.


الإشكالات
و الرهانات، مجلة مسالك.






[5] - الدكتور مصطفى الخلفي. يومية التجديد. م س . ص 4.






[6] - L’économiste. 4 mars 2004






[7] - نجيب الجيلايل، أسبوعية الصحيفة، م س . ص 12.






[8] - الدكتور محمد نجيب بوليف " اتفاقية التبادل
الحر بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية مجلى مسالك، م س ص 36.






[9] - ذ. حسن النفالي. أسبوعية الصحيفة، م س، ص 12.






[10] - : ّذ. حسن النفالي. مجلة مسالك. م س . ص ( 52.54)






[11] - نجيب أقصبي، أسبوعية الصحيفة. م س . ص 10.






[12] - جوزيف
ستيغليز، الحائز على جائزة نوبل للإقتصاد. سنة 1999.






[13] - الدكتور محمد نجيب بوليف، م س و أنظر أيضا
الإحصائيات المرفقة بالبحث .






[14] - محمد نجيب بوليف، العالم العربي بين تحديات العولمة
و متطلبات التنمية البشرية، طوب بريس، الرباط، 2003.

descriptionاتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات Emptyرد: اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات

more_horiz
بعد عرض مجمل
هذه القضايا الإشكالية، و التي انصبت بالأساس حول طريقة إنجاز هذه الإتفاقية و
كذلك طريقة التفاوض بشأنها، و بعض الملفات التي أثار بشا،ها النقاش سواء في أوساط
المفاوضين أنفسهم أو المتتبعين من أكاديميين و أفراد المجتمع المدجني، يجعلنا نقول
بأن أصل المشكلة بالنسبة للمغرب هو كونه انخرط في المنظومة الليبرالية دون أن يؤسس
لإقتصاد قوي قادر على المنافسة، بل إنه يعتمد على منطق ما فتئت تردده مجموعة من
الشخصيات المفاوضة: " يجب أن نقبل بالإصلاحات التي تفرض علينا من
الخارج؟" بمعنى آخر إنها فرصة للمغرب للإنخراط في المنظومة العالمية، مع ما
يتطلبه ذلك من ضرورة القيام بالإصلاحات الضرورية. و بالتالي يحق التساؤل حول
الرهانات المستقبيلة التي يمكن تلمسها في الإتفاقية.


























الفصل
II:
رهانات اتفاقية التبادل الحر المغربي الأمريكي.






إن المتتبع لطريقة إنجاز هذه الإتفاقية و
كذلك طريقة التفاوض بشأنها لا يمكنه إلا أن يطرح مجموعة من التساؤلات حول الرهانات
المستقبلية التي يمكن فهمها في اللإتفاقية لا سيما و أن هذه الأخيرة جادة للدلالة
و التأكيد على استرتيجية كلا البلدين سياسيا و اقتصاديا و التي يستحيل عزلها عن
مناخها الدولي المتمثل أساسا في التوجهات الغربية و الأمريكية الرامية إلى خلق نسق
اقتصادي كوني جديد و معولم و كذا المناخ الإقليمي الذي هم التطورات الأخيرة لقضية
الصحراء و العلاقات مع الإتحاد الأوربي و كذا المناخ الوطنـــي و ما حمله من
تطورات في التوجهات و الرؤى السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية.


















































المبحث
1 : الرهانات المغربية.





سنحاول من
خلال هذا المبحث تسليط الضوء على الرهانات المغربية المنشودة من خلال لإقدام
المغرب على توقيع اتفاقية التبادل الحر مع و.م. أ
و المرتكزة من جهة على تحقيق مكاسب اقتصادية و كذا تجاوز الإرتهان التقليدي
على أوربا، و هو ما تعتبره السلطات المغربية وسيلة و غاية تصب في مجرى كسب رهان
الإنفتاح الإقتصادي، دون أن تغفل من جهة أخرى محورية قضية الصحراء على رأس السياسة
الخارجية المغربية و رهانات كسب الصف الأمريكيفي طريق إيجاد تسوية مرضية للجانب
المغربي و حسم الصارع الدبوماسي المحسوم مع السلطات الجزائرية لصالحها.





المطلب
1: النهوض بالإقتصاد الوطني.





لقد قام المغرب على المستوى الإقتصادي باختيار اقتصاد
السوق و الليبرالية الإقتصادية و الإنفتاح على الأسواق و الإستثمارات الخارجية حيث
كان سباقا إلى الإندماج في الإقتصاد العالمي مع ما يحمله ذلك من إمكانيات ووسائل
فاختار التوجه الليبرالي المنسجم مع توجه العولمة الأمر الذي أفضى به في نهاية الثمانينات
إلى تدشين مسلسل الخوصصة. يوازيها إجراءات متعددة كالإصلاح الضريبي الساعي نح
عصرنة القطاع الماليووضع سياسة إنعاش للإدخار المحلي. و بموازاة مع ذلك عمدت
الدولة على تحرير التجارة الخارجية عبر تغيير سعر الصرف و رفع الحواجز الجمركية و
تخفيض حقوق الجمرك مع الحرص عل تقوية
الصادرات و تحرير الأسعار، و خلق الشباك الوحيد للإستثمار، مع خلق وكالات جهوية
لتنمية الإقتصاد الوطني عبر مختلف جهات المملكة دون أن ننسى إعمال المفهوم الجديد
للسلطة في شقه الإقتصادي عبر منح صلاحيات واسعة لعمال وولاة جلالة الملك و إخراج
مدونة الشغل إلى حيز الوجود كما تجدر الإشارة إلى أن المغرب سبق له أن عقد مجموعة
من الإتفاقيات[1]
التجارية سواء مع المجموعات الإقتصادية او مع الدول. و لكن أي من هذه الإتفاقيات
لم تحظى بنفس الإهتمام و نفس المتابعة من طرف المجتمع المدنيكتلك التي حظيت به
اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية[2] ، فماذا سيجني المغرب من
وراء الإرتباط بأقوى اقتصاد في العالم؟ على صعيد المغرب كانت المحطة البارزة
الأولى لكشف رهانات المغرب من وراء اتفاق من هذا النوع في نقاش بمجلس المستشارين
حجيث أوضح الطيب الفاسي الفهري، الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية و التعاون في
دجنبر 2002، الرهانات التي تؤطر الجانب المغربي و على رأسها العمل على " إدماج الإقتصاد المغربي
في المنظومة الإقتصادية و تكييفه مع المسلسل الجاري للعولمة. و ما يقتضيه ذلك من متابعة
الإصلاحات الإقتصادية و الإجتماعية و تحسين المناخ القانونـي للمعامــــلات
الإقتصـــادية و تأهيل المقاولة المغربية و دعم قدرتها التنافسية" . و أيضا
هدف " جلب الإستثمارات الأجنبية، و أن " الإنفتاح على السوق
الأمريكي" يدعم هذه الإستراتيجية لما لـــه مـــن وزن و تأثير كبير في الإقتصاد
الدولي" كما ذكر في ختام كلمته بالمجلس أن " قرار إقامة منطقة للتجارة
الحرة التي تقيمها الولايات المتحدة مع مجموعة قليلة جدا من الدول تكتسي أبعادا
مختلفة و يؤكد الثقة التي يحظى بها اقتصادنا الوطني في المحيط الجهوي و الدولي و
يكرس مصداقية الغصلاحات التي تنتهجها بلادنا" و اعدا بأن تعمل الحكومة على
ترجمة ذلك إلى واقع مع الأخذ " بعين الإعتبار حقائق و خصوصيات الوضع
السوسيواقتصادي المغربي". و قد أضاف الوزير المنتدب الطيب الفاسي الفهري في
جواب له على سؤال بمجلس النواب في 18 يونيو 2003 أن من الأهداف المرتبطة بالمغرب في
توقيع الإتفاقية " تكثيف التحويلات التكنولوجية بفعل جلب الإستثمارات
الخارجية" من جهة و " جعل المغرب أرضية Plate – forme
للإستثمارات و الشركات الدولية التي ترغب ولوج السوق الأمريكي بشروط تفضيلية، مع
الإستفادة من الإمتيازات الممنوحة في مجال ولوج الأسواق الأوربية و الجهوية من جهة
ثانية، و توفير المدخلات كالتجهيزات بشكل أهم. الشيء الذي سينعكس إيجابي على
الصناعة الوطنية من جهة ثالثة[3].


فرغم تقدم
الحكومة المغربية في طريق التوقيع على هذه الإتفاقية، فإن تفسير دوافع هذا التوقيع
و خلفيات الحسابات الكامنة وراءه يكاد يكون منعدما، و العديد من الوزراء الذين تم
استفسارهم على إيجابيات و سلبيات هذا الإتفاق فضلوا عدم التعليق، و الذين علقوا
فضلوا عدم ذكر أسمائهم. و الذين رأوا أنه لا مانع في ذكر أسمائهم لم يخرجوا عن
إطار عموميات الكلام المقتبس عن لسان كبير المفاوضين الطيب الفاسي الفهري الذي
اكتفى أمام البرلمان بالتعليق على معارضي الإتفاق، واصفا المجتمع المدني بمجانبة
الصواب في افتراضاته حول القطاعات التي ستتضرر و على رأسها قطاع الأدوية و الثقافة
و الفلاحة.[4]


و قد تباينت ردود الفعل بالنسبة للفاعلين
المعنيين مباشرة، حيث تراوحت بين التهليل للإتفاق و الدفاعه عنه كما جرى بالنسبة
لمهنيي قطاع النسيج و بدرجة أقل عند مهنيي القطاع الفلاحي، و بين التعبير عن
مناهضة لإتفاق للتداعيات الإجتماعية الثقافية المرتبطة بها، مع سيطرة موقف الترقب
و الإنتظار عن غالبية الجهات الإقتصادية، خاصة في ظل المواقف العامة التي عبر عنها
بعد التوقيع على الإتفاق و القول مثلا بمراعاة التنوع الثقافي مما ألجم موقف
المناهضين في هذا المجال إلى حين الكشف عن الإتفاق كاملا. كما أثار البعض أن
الإتفاق يمثل فرصة لخلخلة الإحتكارات العائلية الإقتصادية بالمغربو فرض نظم
للشفافية تتيح المنافسة العادلة و تكافؤ الفرص بين كافة الفاعلين في الحقل
الإقتصادي، مما قد يكون له آثار إيجابية على الحركة الإقتصادية بالبلاد.[5]


و ترتيبا على تبادل التخفيضات الشاملة
للتعريفة الجمركية بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية يتوقع بعض المحللين
اإقتصاديين أن يتم تحويل التجارة من اأسواق المغربية لفائدة المنتجين الأمريكيين
ذوي القدرة التنافسية العالية، و يرجع السبب في ذلك أساسا إلى تركيز التبادل الحر
على المنتوجات الصناعية أكثر من منتوجات القطاع الفلاحي، بالإضافة إلى التفوق
الحاصل لدى المنتوجات الفلاحية الأمريكية فيما يخص مستوى جودتها، و نتيجة لهذا
المعطى، فإن زيادة الطلب على الواردات الصناعية المغربية من لدن الولايات
المتحـــدة الأمريكيـــة تبقى مستبعدة، و هو ما يضعف كــذلـك فرص خلق التجارة و
تحقيق الرفاهية الإقتصادية المنتظرة من إحداث منطقة للتبادل الحر هاته[6] .


و إذا كان طابع المحدودية هو الذي يسم بنود
قطاعات مجال التحرير التجاري بالإضافة إلى عدم شمول اتفاقية التبادل الحر مع
الولايات المتحدة الأمريكية مختلف مجالات التعاون الثنائي كما كان عليه الشأن في
اتفاقية التبادل الحر مع الإتحاد الأوربي، فهل معطيات النسيج الإقتصادي المغربي
قادرة على رفع الرهانات و الإكراهات التي تفرضها اتفاقية التبادل الحر مع الولايات
المتحدة الأمريكية؟


إن الممارسات الميدانية أثبتت أن التجارب
الناجحة في مجال تطوير العلاقات التجارية تفترض الإعتماد علــى توسيع السوق
الداخلية أولا، ثم رفع القدرة الشرائية للمواطنين ثانيا. و هو ما يدفع الطلب نحو
الإرتفاع، و في إطار هذه الدينامية يتم التحويل نحو الإندماج التنافسي في الأسواق
العالمية بهدف كسب أسواق جديدة. و لا شك أن هناك من التجارب الميدانية الناجحة من
عمل بمبدأ الحرية لفترة طويلة حتى تمكن من وضع الأسس و الركائز الضرورية للتنمية
المستديمة، قبل أن ينتفع و و يصبح من دعاة ليبرالية بدون حدود.


إن أصل المشكلة بالنسبة لبلد كالمغرب هو
كونه انخرط في المنظومة الليبرالية دون أن يؤسس لإقتصاد قوي قادر على المنافسة، بل
إنه يعتمد على منطق ما فتئت تردده مجموعة من الشخصيات المفاوضة، يجب أن نقبل
بالإصلاحات التي تفرض علينا من الخارج؟ ! بمعنى آخر أنها فرصة للمغرب لإنخراط في المنظومة
العالمية ، مع ما يتطلبه ذلك من ضرورة القيام بالإصلاحات الضرورية. و نجد تفسير
ذلك مثلا في قوانين البورصة المختلفة التي صادق عليها البرلمان المغربي سنة 2003،
و كذلك القوانين البنكية المعروضة على أنظار البرلمان للمصادقة.[7]


و في مقابل ذلك ما زالت تبرز مجموعة من
المعوقات الذاتية و الموضوعية، يأتي على رأسها هيمنة اقتصاد الريع على النسيج
الإقتصادي الوطني، فالسائد حتى الآن هو المقاولة العائلية التي لا تشكل فقط عبئا
على نفسه، بل إرثا اقتصاديا سلبيا يهدد النسيج الإقتصادي المغربي برمته لكونها
ترفض الإنفتاح و تمارس قدرا كبيرا من التقوقع على الذات، مثلما تجيد التملص الضريبي بكافة أشكاله الأمر الذي ينعكس سلبا
على معدل النمو الوطني.


و مما يزيد
الطين بلة هو أن الإقتصاد الوطني يتشكل مما يزيد عن 90% من المقاولات الصغرى و المتوسطة التي تعاني من مشاكل
جد متعددة تنضاف إلى التحديات التي ستحملها الشركات الأمريكية المتميزة بإمكانية
ابتلاع المؤسسات الكبرى و المتوسطة، فكيف سيكون إذن مصير المقاولات الصغرى و
المتوسطة الغائب عنها عنصر التنافسية؟


و في مجال يرتبط بشكل وثيق بالمجال
الإقتصادي تبدو الإدارة المغربية في موقع حرج، إذ تعتريهاجملة من المعوقات
البنيوية المتمثلة أسسا في شدة البيروقراطية، غياب الشفافية، الإرتكاز على
المحسوبية و الزبونية، ضعف ترشيد الموارد و تغييب معطى الحيز الزمنــي و الجغرافي،
فشدة التمركز هي السمة الغالبة على الإدارة المغربية، إذ يوجد ما يزيد عن 10% من الموظفين في الرباط
لوحدها...



و غير بعيد عن مجال الإدارة يبرز مجال آخر يكتسي تفعيله أهمية بالغة ألا و
هو جهاز العدالة. إذ لا يمكن الحديث عن انتقال ديمقراطي هادئ و هادف فـــي غياب
عدالــة فاعلـــة و فعالة.


لذا فإن التغيير ينبغي أن يشمل النسيج
الإقتصادي المغربي، مثلما ينبغي أن يشمل عقلية الفرقاء الإقتصاديين المغاربة.[8]



مما لا شك فيه أن تحديات و مخاطر استرتيجية و اقتصادية و اجتماعية ستطرحها
اتفاقية التبادل الحر بخصوص المنتوجات الحساسة، محدودة التنافسية و الدعم مقارنة
بنظيرتها الأمريكية[9].



كل هذا يؤشر بإجبارية و استعجالية تطبيق إصلاحات و برامج من شأنها تأهيل
النسيج الإقتصادي الوطني. لكن الإشكالية تكمن حاليا في مدى تحقيق الإصلاحات
الأهداف المتوخاة منها. إلا أنه أمام الواقع المليئ بتحديات و مخاطر انفتاح
الإقتصاد المغربي، وجب التعجيل بتنفيذ الإصلاحات الكفيلة بتأهيله في إطار إرادة
حسنة[10] فما المطلوب؟


إذا كان الهدف مما استعرضناه هو طرح
مجموعة من التحديات المتعلقة بالإتفاقية، لإغنه لا بد من الإشارة إلى بعض
الإجراءات المصاحبة الضرورية لتفادي الإنزلاق التام نحو اتفاقية تكون سلبياتها أكثر من إيجابياتها:


·
إجراءات
مستعجلة فيما يتعلق بالمقاربة السياسية الموضوع بحيث أصبح من


الضروري خلق مناخ سياسي تشاركي تتحقق فيه الإصلاحات السياسية الحقيقية التي
طال انتظارها لعقود من الزمن.


·
إجراءات
استعجالية لتعبئة جميع المواطنين لفهم محتوى الإتفاقية، و ذلك لكونها شاملة


و تهم جميع الفئات و الشرائع المجتمعية من منتخبين و مستهلكين و مستثمرين، و طبقة عاملة...


·
إجراءات لتدبير المرحلة الإنتقالية، و ذلك قبل الوصول
إلى المرحلة النهائية، و لا


يخفى أن طريقة تدبير المرحلة الإنتقالية ستؤشر على نجاح أو فشل تدبير
المرحلة النهائية.


·
إعادة النظر في نظام الحكامة و نظام التحفيز،
لتشجيع جميع الفاعلين في الدورة


الإقتصادية من موظفين و مقاولين و عاملين...


·
التركيز على الرأسمال البشري كعنصر أساسي في ربع
رهان المنافسة، و ذلك من


خلال تحسين أنظمة التكوين و
التعليم و التحصيل.


·
ترتيب الأولويات فيما يخص التنافسية و التأهيل و
الجودة لكي ترقى المقاييس


العالمية، و كذلك الإهتمام بالتجارة الإلكترونية و بأهمية التسويق و
تقنياته، مما يؤهل الإقتصاد المغربي ككل لإقتحام السوق الأمريكية.[11]


·
بلورة استراتيجية شمولية تأخذ بعين الإتبار خلق
مقاولة مواطنة، تدرك بأن نجاحها


في عالم العولمة ينسجم كل الإنسجام مع تبنيها لقيم المواطنة الحقة،
فالشفافية في التدبير و التسيير و التضامن الإجتماعي و الإلتزام بالواجبات المؤداة
لصندوق الدولة كلها مطالب ملحة ينبغي للمقاولة المغربية الإلتزام بها.





·
نقابة
مسؤولة أحسن مطلبا لا محيد عنه، ذلك أن إكراهات العولمة تتطلب من النقابة


استحضار خصوصيات الإقتصاد المغربي مع مراعاة الجانب الإجتماعي، و هو الأمر
الذي ينبغي التفكير فيه بجدية. ذلك أن السائد في المجتمــع المغربـــي هو النظام
التكافلي، و هو أمر يتعارض مع نظام الليبرالية و التحرر.[12]





المطلب
2: تنويع الشركاء الإقتصاديين





احتل الفضاء الجيوسراتيجي المتوسطي أهمية
بالغـــة فــي السياسات الأوربية الخارجية و التي سرعان ما ترتب عنها تعاقب عدة
أجيال عن الإتفاقيــات المبـــرمة مــع بلدان جنوب و شرق حوض المتوسط، و لعل
انبثاق السياسة المتوسطية المتجددة مقتضى قانون 19 يونيو 1992 كان قد شكل أهم
منعطف في تاريخ التعاون بين بلدان ضفتي المتوسط بحيث دشن لبداية مرحلة جديدة في
تطور هذه العلاقات[13]


و لعل أهم معالم هذا التجديد تتجلى في
الترسانة القانونية المهمة التي ما فتئت تنظم هذه العلاقات، بحيث تمخض عن مؤتمر
برشلونة ( باعتباره حدث سياسي) إعطاء الإنطلاقة لشراكة الأورومتوسطية التي تتم
متابعتها بواسطة مسلسل برشلونة عبر مختلف الإجتماعات الدورية الوزارية الخاصة و
التي تستهدف ترجمة أهداف برشلونة على أرض الواقع انطلاقا من تعاون جهوي متعدد
الأطراف يهم منطقة المتوسط ككل و يسي جنبا إلى جنب مع التعاون الثنائي لذي يربط
الإتحاد الأوربي مع كل شريك متوسطي على حدة بواسطة اتفاقيات الشراكة الأورومتوسطية
كما هو الشأن بالنسبة لبلدان المغرب العربي، و إخراج منطقة التبادل الحر إلى حيز
الوجود.[14]


إلى جانب ذلك يقتضي مسلسل برشلونة دخول
الدول المتوسطية في اندماج جهوي فرعي، من شأنه تسهيل ولوجها إلى المنطقة
الأورومتوسطية للتبادل الحر. و في إطار هذا البعد جاء إعلان أكادير كخطوة أولى نحو
إحداث منطقة التبادل الحر بين البلدان العربية المتوسطية[15] و عموما فإن إقامة فضاء
يتميز بالتبادل الحر و دعم الإنتاج الإقتصادي في الإقتصاديات الأوربية، اعتبارا
لإنعكاساتها السلبية، استلزم من السلطات المغربية اتخاذ إجراءات لإعادة هيكلة
النسيج الصناعي و تأهيله لمواجهـــة التحديات و المعطيات الجديدة، و قد حدد المغرب
قيمة الغلاف الزم لدعم عملية التأهيل في 45 مليار درهم ( حوالي 5 مليارات دولار).
يجب تعبئتها في ظرف خمس سنوات.


و اعتبارا لأهمية التمويلات اللازمة، حدد
الإتحاد الأوربي برنامج " ميدا" كإطار مالي جديد – يعوض البروتوكولات –
لدعم الشراكة الأورومتوسطية، و قد تم اعتماده غداة انعقاد المجلس الأوربي بكان (
فرنسا) بغلاف مالي يصل إلى 4685 مليون درهم لتغطية الفترة 1995 – 1999.[16]


و على الرغم
من الحجم المهم لقروض برنامج " ميدا" و تطورها المستمر إلا أن الحصص
المخصصة في إطاره للدول المتوسطية غير الأعضاء في الإتحاد الأوربي (QTM) لا تمثل إلا نسبا ضئيلة مقارنة بالمساعدات الدولية التي تستفيــد
منها هــذه الدول، و بلغة الأرقام لا تمثل إلا 71%. و يمكن القول إن مساعدات برنامج " ميدا"
لا تشكل سوى 0,4% من الناتج لوطني الخام للدول المتوسطية غير الأعضاء في الإتحاد
الأوربي مقارنة بالمساعدات التي تستفيد منها دول أوربا الشرقية و الوسطى ( PECO) قبل دمجها في الإتحاد الأوربي، كما أن هذا الأخير لم يلتزم إلا
بتنفيذ 26% من
مشاريع برنامج " ميدا" خلال الفترة ما بين 1996 و 1999.


و رغم أن مؤتمر شتوتجرت الذي انعقد خلال 14
و 15 أبريل 1999 حدد مبلغ برنامج " ميدا" خلال الفترة الفاصلة ما بين
2000 و 2006 في مليار أورو سنويا فإلإن هذه الزيادات غير كافية لتأهيل اقتصاديات
الدول المتوسطية[17].


بناء على ما
سبق، و من خلال عدم التزام الأوربيين بدفع التحويلات الأزمة لتأهيل الإقتصاد
المغربي في إطار برنامج " ميدا"
سيفرض على المغرب مسؤوليات أكبر بغية الدفع بعجلة التنمية لإقتصادية، و في
وقت أصبحت فيه ظاهرة العولمــــة تكتسح كل البنـــى القانونيـــــة و المؤسسية و
الإجتماعية و السياسية. و هذا ما سيدفع
المغرب إلى التفكير في تنويع شركائه الإقنصاديين عبر إقامة مناطق للتبادل الحر مع
الولايات المتحدة و بعض الدول العربية[18] . و تعزز هذا التوجه خاصة
بعد ظهور مؤشرات تدل على أن الهان على الأوربيين بشكل كلي قد يهدد القرار الذي
اتخذته اللجنة الأوربية يوم 23 دجنبر 1999 القاضي بإقامة نظام رخصة الإستيراد
بالنسبة للطامط المغربية، و قد بررت اللجنة الأوربية هذا القرار بأن المغرب قد
تجاوز حصص الصادرات من الطماطم المقررة بالنسبة لشهر أكتوبر و نوفمبر 1999... لكن
المثير خلال هذه الأزمة هي أنها جاءت بالتوازي مع القرار المغربي القاضي بعدم
تجديد اتفاقية الصيد البحري، مما يفرض طرح التساؤل حول آفاق العلاقات المغربية
الأوربية عند تعارض المصالح الإقتصادية الحيوية للطرفين.


و كما هو معلوم أن المغرب كان قد وقع
اتفاقية مع الولايات المتحدة حدد حجمها الإجمالي فيما يناهز 5000 طن موزعة على مدة
تمتد من 1 دجنبر 1998 إلى 30 أبريل 1999، و عند تصدير الدفعة الأولى من الصفقة يوم
22 دجنبر 1998 صرح وزير الفلاحة و التنمية القروية في حفل بمطــار محمـــد الخامس أن هذه الدفعـــة " تعتبــر حدثا تجاريا و اقتصاديا بالغ
الأهمية، خصوصا و أن الولايات المتحدة كانت تستورد 15% من حاجياتها من الطماطم من المكسيك و أوربا
الغربية". و قد عكس هذا التصريح توجه المغرب نحو تنويع شركائه و هو ماكان قد
صرح به " السيد الكتاني" نائب رئيس مجموعة " بنك الوفاء" إثر
الزيارة التي قام بها الملك الراحل الحسن الثاني إلى الولايات المتحدة يتمثل في
تنويع شركاء المغرب الإقتصاديين.[19]


فبالرغم من المحاولات الحقيقية التي ما فتئ
يبذلها المغرب من أجل الإلتحاق بالإتحاد الأوربي إلا أن اتجاه هذا الأخير نحو
بلدان أوربا الشلاقية دفع المغرب إلى أن ينوع فرقائه الإقتصاديين خذحتى لا يظل
حبيس رؤية واحدة، و يكفي الإستدلال هنا بأنه
بمجرد ما أعلن عن توقيع اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة حتى عجلت
تركيا بالتوقيع على اتفاقية مماثلة مع المغرب. كما جاء على لسان السيد الطيب
الفاسي الفهري الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية و التعاون في 18 يونيو 2003 أنه
من بين الأهداف المرتبطة بتوقيع المغرب للإتفاقية تنويع الشركاء الإقتصاديين
للمغرب بما يمكن من خلق توازمن في النفوذ الإقتصادي الأجنبي بالمغرب و يزيد من
قدراته التفاوضية من جهة أخرى[20].


بناء على ما سبق يحق التساؤل حول الرد الفعل
الأوربي من جراء إقامة المغرب منطقة للتبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية؟


لقد ظهر الإتحاد الأوربي كطرف أقوى معـــارض
لهذا الإتفـــاق الذي ينظر بعين الشك و القلق لمستقبل مصالحه في المغرب و عموم
منطقة شمال إفريقيا، بعد أن يتحول الإتفاق إلى إطار مرجعي سيطبق على بلدان أخرى. و
هذه المعارضة من قبل الإتحاد الأوربي وصلت على لسان كاتب الدولة الفرنسي المكلف
بالتجارة الخارجية إلى درجة الخروج عن التقاليد الدبلوماسية عندما أعلن في الرباط
قبل حوالي سنة في مؤتمر صحافي أن المغرب مطالب بالإختيار ما بين التعاون الإقتصادي
مع الإتحاد الأوربي أو الإندماج في منطقة اتبادل الحر مع الولايات المتحدة
الأمريكية. لهذه الإعتبارات تلقى فونتير فرهوغن المفوض الأوربي المكلف بتوسيع
قاعدة الإتحاد الأوربي خلال زيارة المغرب حسب ما أكدته مصادر حكومية مطلعة تطمينات
مغربية بشأن الحفاظ على مصالح الإتحاد الأوربي إزاء أية تأثيرات محتملة جراء اتفاق
التبادل الحر الذي وقعه المغرب مع الولايات المتحدة، رغم هذه التطمينات فإن
الإتحاد الأوربي، عرف أكثر من غيره أن اتفاقات التبادل الحر التي تعتزم الولايات
المتحدة إبرامها مع عدد من الدول العربية ترمي إلى منافسة النفوذ التقليدي لأوربا،
و خاصة فرنسا في هذه البلدان، و أن اللعبة هي بين الكبار قبل أن تكون مناوشات بين
الصغار.[21]


ففرنسا عندما قالت للمغرب بصريح العبارة على
المغرب أن يختار، بمعنى آخر أنها قد تقرر التوجه نحو دول أوربا الشرقية و
الإستغناء عن المغرب في المبادلات التجارية إذا ما قرر هذا الأخير الإلتزام الفعلي
مع أمريكا. و هنا لا بد من التساؤل عن ما قد يخسره المغرب في العلاقات المغربية
الأوربية لو أن فرنسا و غيرها هناك طبقوا تهديداته؟ و هل قامت بدراسة علمية لمعرفة
حجم هذه الخسارة، و هل يوازيها الربع الذي قد يحصل عليه من اتفاقية مع الولايات
المتحدة الأمريكية؟ إن الذي يجعلنا نطرح هذه التساؤلات هو المنطق الأمريكي المعتمد
في التجارة و الذي يركز فقط على التجارة، بينما هناك منطق آخر يتعامل به الأوربيون
و هو منطق " التجارة و المساعدات" و قد أبانت هذه الصيغة من التعامل
أنها تتيح الفرصة للمغرب لكي يتكيف مع المستجدات، كما أنها تمكن الإقتصاد من
القيام ببعض عمليات التأهيل الضرورية للمنافسة في الأسواق العالمية، و هو ما لن
تتيحه الإتفاقية الأمريكية التي لا تسمح بالخطأن بل لا تسمح حتى بمراجعة الإتفاقية
التي قد يتضح أن بنودها ليست لصالح الدولة الأضعف. ففي نموذج الإستثمار و الخدمات
مثلا هناك قواعد عامة تطبق على جميع القطاعات و لا يعتمد على الإستثناءات في
التفاوض. فالمقاربة الشمولية تفترض المعرفة التامة و الدقيقة بمختلف القطاعات و
ذلك حتى يتم التعرف على الإستثناءات و الإطلاع عليها و محاولة التفاوض بشأنها، كما
أن هذه المقاربة تحتم الإلتزام بجميع القواعد رغم ما يمكن أن يطرأ من مستجدات أو
إكراهات لم تكن في الحسبان[22].





المطلب 3: محورية قضية الصحراء في الإتفاقية.





منذ إعلان الملك الراحل الحسن الثاني عن
قرار المغرب استكمال وحدته الترابية
بالتصدي لتحرير الأراضي الجنوبية المحتلة من طرف إسبانيا فقد أصبحت مسألة الصحراء
بمثابة القضية الأولى التي تجندت لها الدبلوماسية، و هذه الإرادة الملكية جاءت في
خضم ظرفية داخلية و إقليمية مرتبطة باستراتيجية أطراف الصراع. وقد كانت تتطلب
التحرك بسرعة لمناهضة المشروع الإنفصالي، و إعادة قولبة الحياة السياسية المغربية[23].


و في ظل حكم الملك محمد السادس جدد المغرب
مطالبته بتصفية هذالا الملف في إطار الجهوية و تنمية الأقاليم الجنوبية.


و قد مرت قضية الصحراء المغربية بعدة محطات
أبرزها:


- في بداية
السبعينات و أمام التحركات الدبلوماسية للمغرب، و رغبة منها في الإلتفاف على
قرارات الأمم المتحدة، اصبحت السلطات الإستعمارية الإسبانية تفكر في تنظيم استفتاء
لخلق كيان تابع لها في هذه المنطقة المحتلة. و لمواجهة هذه المناورة لجأ المغرب
سنة 1974 إلى محكم العدل الدولية لطلب التحكيم في نزاعه مع إسبانيا حول الصحراء
التي كانت مدريد تدعي أنه كانت أرضا خلاء و لا تربطها أية علاقة مع المملكة
المغربية، و كان قرار هذه المحكمة حاسما لصالح المغرب[24].


- في سنة 1975
أعلن الملك الحسن الثاني – رحمه الله- عن
تنظيم مسيرة خضراء سلمية لإسترجاع أقاليمه الجنوبية، و أجبرت خلالها سلطات
الإحتلال الإسباني على الدخول في مفاوضات أسفرت عن توقيع الإتفاقية الثلاثية التي
تخلت بموجبها مدريد عن الصحراء[25] .


- في 29 يناير
1976 و نتيجة للإستراتيجية التي انتهجتها الجزائر في إذكاء حالة من التوتر قصد
إقناع المجتمع الدولي بضرورة إعادة النظر في التسوية التي تم التوصل إليها، ستدخل
القوات المسلحة الملكية و الجيش الوطني الشعبي الجزائرؤي في مواجهة مباشرة في
"امغالة"، و قادت الملك الراحل
إلى توجيه رسالة إلى ارئيس الجزائري آنذاك " هواري بومدين" خيره
فيها بين حرب مكشوفة و معلنة جهارا أو سلاما مضمونا دوليا[26]، و في نفس السياق، فقد
كثفت الجزائر جهودها الدبلوماسية لكسب الإعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية
الديمقراطية التي تم الإعلان عنها في فبراير 1976[27].


- و في محاولة
لمواجهة لتفوق الدبلوماسي الجزائري، و التحولات التي وقعت على الجبهة الموريتانية،
و استجابة لرغبة الدول الصديقة للمغرب، فقد أعلن الملك الراحل الحسن الثاني خلال
مؤتمر القمة الإفريقية الثامنة عشر التي انعقدت في نيروبي بكينيا ما بين 24 و 27
يونيو 1981 عن قبول المغرب تنظيم " استفتاء تأكيدي" في الصحراء، و ذلك
لرفع العزلة التي كان يواجهها في القارة الإفريقية[28].


و بعد نهاية الحرب الباردة و تراجع الأهمية
الإسترتيجية كبعد أساسي للسياسة الدولية، سيركز المغرب خلال 1991-1998 على إيجاد
حل لمشكلة الصحراء في إطار الإستفتاء، ووفر له
هذا التوجه الإطار القانوني المناسب لطبيعة العلاقات الدولية في مرحلة ما
بعد الحرب الباردة[29].


و هكذا سيتم الإعلان عن مخطط التسوية الذي
صادق عليه مجلس الأمن على مرحلتين في يونيو و أبريل 1991 و الذي بموجبه تم الإعلان
عن وقف إطلاق النار و إنشاء قوات سميت " المينورسو" لمراقبة وقف إطلاق
النار، كما تناول المخطط تنظيم استفتاء على أساس الإحصاء الإسباني لسنة 1974. بيد
أن هذا الإستفتاء الذي راهنت الأمم المتحدة على تنظيمه بشكل مباشر لحل هذه المشكلة
سيصطدم بعائق أساسي يتمثل في تحديد هوية الأشخاص المؤهلين للمشاركة في هذه
الإستشارة[30].



و قد بدا واضحا للأمين العام الجديد للأمم
المتحدة السيد " كوفي عنان" أن إعادة وضع مسلسل التسوية في الصحراء
المغربية على السكة يتطلب شخصية قوية بتجربتها و خبرتها و مدعومة من طرف الولايات
المتحدة الأمريكية باعتبارها الدولة الأعظم في العالم.


و لقد اتجه تفكيره للسيــد " جيمــس
بيكر" وزير خارجية واشنطن الأمين و يعينه في 13-3- 97 مبعوثا خاصا له مكلفا
بتسوية مشكلة الصحراء المغربية.


و بعد تعيينه مبعوثا أمميا، و بعد أن اقتنعت
الأمم المتحدة باستحالة مخطط التسوية القائم على إعطاء الصحراويين الحق في تقرير
مصيرهم عن طريق القيام باستفتاء اتضح أنه أصبح مستحيلا بسبب الخلافات الشديدة بين
الأطراف بخصوص تحديد الهيئة الناخبة التي من حقها التصويت في عملية الإستفتاء، فقد
ارتأت المنظمة الأممية ضرورة البحث عن حل سياسي تفاوضي و هو ما أتم الحل السياسي
المعروف بالحل الثالث الذي يقضي بإعطاء صلاحيات ذاتية موسعة لسكان الأقاليم
الصحراوية في إطار السياسة المغربية، و الحل الذي عبر المغرب عن قبوله لمبدئي و
استعداده التام للدخول في مفاوضات بشأن الأمور التفصيلية المتعلقة به، لكن الجزائر
و صنيعتها البوليساريو رفضت هذا الحل و تقدمت بمشروع الحل الرابع القاضي بتقسيم
الصحراء، و هو الحل الذي سرعان ما تراجعت عنه على الأقل دبلوماسيا لما افتضحت
مزاعمها التوسعية و ضربت في العمق مقولتها المعروفة بتحديد المصير من طرف
الصحراويين. و على إثر ذلك تقدم المبعوث
الأممي بمشروع الحل الخامس بتاريخ 30
يونيو 2003 الذي وافق عليه مجلس الأمن، لكنه عبر على أنه لن يفرضه على الأطراف
المعنية بالموضوع بعد رفض المغرب له انطلاقا من أن مواثيق الأمم المتحدة تمنع فرض
أي حل على الأطراف المتنازعة، و يقضي هذا الحل بتمتيع الصحراء بحكم ذاتي لمدة أربع
أ خمس سنوات تحت السيادة المغربية يليها بعد ذلك تسوية الموضوع عن طريق استفتاء
يحدد فيه الصحراويين مصيرم، و قد بدا أن هذا الحل كان أميل الأطروحة الجزائرية
التي رفضته هي و انفصاليو البوليساريو، لكنهم ســـرعان مـــا تبنــوه و أخذوا
يدافعون عنه باستماتة[31] و تلا ذلك تبني الولايات المتحدة لمشروع قرار
يسير في اتجاه دعم التوصيات التي حددها " كوفي عنان" في تقريره السابق و
تأييده خطة بيكر الثانية، مع التوصية بتمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية نهاية
أكتوبر 2003، و هو ما خلق وضعية مربكة جعلت المداولات الأولى ليوم 11 يونيو 2003
لا تستطيع الحسم. كما انكشفت انقسامات في المواقف بين كل من فرنسا و الولايات
المتحدة الأمريكية و اعتبر سفير المغرب لدى الأمم المتحدة مشروع القرار الذي قدمته
الولايات المتحدة بأنه غير منتج[32] و شكل الموقف الأمريكي الجديد مفاجأة كبيرة
للديبلوماسية المغربيـة، و خصوصـا و أنه جاء بالتوازي مع المفاوضات المغربية
الأمريكية حول إنشاء منطقة للتبادل الحر كان من المفترض فيها أن تدعم الرهانات
المغربية بخصوص قضية الصحراء من الجانب الأمريكي.[33]


كما تشكل محاولة لدفع أمريكا لمساندة
المقاربة المغربية لحل ملف الصحراء ضمن مقترحات بيكر الأولى الرامية لإيجاد حكم
ذاتي موسع لسكان الصحراء في المنطقة، بالإضافة إلى لعب دور أكبر في السياسة
الأمريكية في المنطقة.[34]


و قد أكد العديد من المتتبعين الإشكالية
الموقف الأمريكي أن المصالح الإقتصادية الأمريكية في الجزائر خاصة أن كبريات
الشركات النفطية التي يمتلكها صناع القرار الأوائل في واشنطن بما فيها شركة بيكر
نفسه، كانت لها استثمارات نفطية في الصحراء الجزائرية، هي التي كانت وراء هذا
الإتجاه الذي أضفته البوصلة الأمريكية في الصحراء[35] .


و قد دفع الموقف الأمريكي بالمغرب إلى اتخاذ
خطوات أخرى بغية تحييدها من القضية و يتجلى ذلك في :


- استقبال المغرب لوزير الخارجية الإسرائيلي
" سيلفان شالوم" بعد مرور أكثر من سنتين من الجمود في العلاقات عقب
اندلاع انتفاضة الأقصى.


- استثماره
لإعلان تشكيل تكتل برلماني بمجلس النواب الأمريكي على هامش الجولة الرابعة
للمفاوضات المغربية حول إنشاء منطقة التبادل الحر. و هو تكتل خاص باتفاقية التجارة
الحرة مع المغرب و ذلك يوم 22 يوليوز 2003، و قد ذكرت مصادر إعلامية في حينها أن
هذا التكتل طالب بدعم المغرب في المجالات الإقتصادية و السياسية الأخرى و منها
قضية الصحراء، و حض الإدارة الأمريكية على أخذ مصالح المغرب الإستراتيجية بعين
الإعتبار.


- استثمار
الموقف الفرنسي الذي ارتكز على أن ميثاق و أعراف الأمم المتحدة لا تسمح باللجوء
إلى تسوية نزاع ما عبر فرض مشروع حل على الأطراف المعنية.[36]


و قد ظل المغرب يرفض بشدة هذا الموضوع مما
أفضى إلى استحالة تطبيقه على أرض الواقع و بدا كأن قوافل جيمس بيكر المحملة بحله
الخامس من جهة و بمشاريع النفط في الجزائر لم تفلح في تخطي و اختراق وعورة الكتبان
الرملية في قضية الصحـراء المغربية، و مما زاد من اقتناع المبعوث الأممي باستحالة
نجاح مهمته و تطبيق حلوله أن بلاده التي كان يعول على ثقلها في فرضها على الأطراف
الحل الثاني الذي جاء به خاصة بعد أن عبرت الولايات المتحدة عدم نيتها على رفرض أي
حل على الأطراف المتنازعة كما صرح بذلك
" ويليام وارنرز" في زيارة المغرب، و تأكد هذا التوجه في نقطتين
أساسيتين أولهما يتعلق بتوقيع اتفاقية التبادل الحر بين واشنطن و الرباط و ثانيهما
ما صرح به الرئيس الأمريكي جورج بوش بكون المغرب يشكل حليفا أساسيا خارج حلف
الأطلسي[37] . لكن تصريح الوزير
المغربي في الخارجية عقب استقالة بيكر توحي بأن الدبلوماسية المغربية نجحت في
تطويق " مخططات بيكر" و إعادتها إلى الرف الأممي، في انتظار أن تتولاها
أمريكا كقائدة للحلف الأطلسي و مدافعة عن الحلفاء الذين أصبح من بينهم المغرب
حليفا و لو من خارج الحلف. و المغرب حينما يقبل الدخول في هذه المواجهة أي ضد
الكيان المزعوم البوليساريو صنيعة الجزائر" يستحضر ما تعرض له في الصحراء من
تهديدات يمكن أن تبرز على أرض الواقع إذا تطورت العلاقة بين العصابة الإنفصالية و
العصابات الإرهابية التي أقامت لها قواعد في جنوب الصحراء" . و لذلك فإن
المغرب لا يرضى بأن يربط حربه ضد الإرهاب بحوادث و مجالات محدودة، و إنما يرغب في
أن يمضي قدما لحل كل المشاكل التي أصبحت ترتبط فيما بينها و يوفر له اليوم اختياره
كحليف أساسي للولايات المتحدة من خارج الحلف الأطلسي فرصة للتخلص من وضع بقي عصيا
عن الحل لمدة تقرب من أربعين سنة[38].


فهل ستلتقي استرتيجية البلدين المتحالفين
عند نقطة الحسم؟


إن ملف الصحراء لم يكسبه و لم يخسره المغرب،
لأن أمريكا تستعمل أسلوب اللاحرب و اللاسلم و الإتفاق و الأتفاق في الآن نفسه،
بمعنى أنها تسعى إلى أن ترضي الجزائر من جهة، و المغرب من جهة ثانية، لأن لدى
الولايات المتحدة الأمريكية مخطط إفريقي واسع يجعلها تتصرف مع حلفائها القدامى
بشكل مختلف عما كان من قبل، و لكم أن تلحظوا كيف ساندت أمريكا المغرب في حلف كأس
العالم 2010 في البداية ثم غيرت الموقع في آخر لحظة. أمريكا تظل هي الدولة الوحيدة
التي لا يمكن أن تلومها عندما تنقض وعودها. فإذا لماذا يغامر المغرب في طريق
الإتفاق؟ في اعتقادي أن السياسة السابقة في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية
كانت أنجع، على الأقل كان حليفا للمغرب مع التحفظ، لأنه حليف خطير[39].









[1] - الدكتور مصطفى الخلفي " اتفاقية التبادل الحر
بين المغرب و أمريكا : المسار و التحديات" م س. ص 61-62.






[2] - الدكتور محمد نجيب بوليف " اتفاقية التبادل
الحر بين المغرب و أمريكا الإشكالات و الرهانات" م س .ص 31






[3] - الدكتور مصطفى الخلفي " اتفاقية التبادل الحر
بين المغرب و أمريكا: المسار و التحديات"، م س .ص 61.






[4] - توفيق بوعشرين " اتفاقية التبادل الحر بين
المغرب و أمريكا" أسرار المفاوضات، جريدة الأيام العدد، 121 بتاريخ 12 – 14
فبراير 2004.






[5] - د. مصطفى الخلفي، م س . ص 30.






[6] - M. KD « Ale Maroc USA : Exclusif. Le projet médicament est- il
dangereux ? L’économiste du 31/10/2003.









[7] - الدكتور محمد نجيب بوليف " اتفاقية التبادل
الحر بين المغرب و أمريكا: الإشكالات و الرهانات" م. س ص 32.






[8] - محمد زين الدين " اتفاقية التبادل الحر بين
المغرب و أمريكا" الإشكالات و الرهانات، مجلة مسالك العدد 2 ص 62.






[9] - أنظر الفصل
الأول المطلب الخاص بالقضايا الإشكالية في
الإتفاقية.






[10] - الدكتور سعيد بردوز " اتفاقية التبادل الحر
بين المغرب و أمريكا" الإشكالات و الرهانات، مجلة مسالك العدد 2 ص 47.






[11] - الدكتور محمد نجيب بوليف " اتفاقية التبادل
الحر بين المغرب و أمريكا: الإشكالات و الرهانات" م. س، ص 41 - 42






[12] - الدكتور محمد زين الدين " المغرب في زمن
الأمركة: أي رهانات" م س. ص 62.






[13] - د. عبد
الكريم هاني. " التعاون المالي الأورمتوسطي بين الإتحاد الأوربي و بلدان
المغرب العربي" أطروحة لنيل الدكتوراة في الحقوق، ص 175. السنة الدراسية
2003-04 كلية الحقوق، عين الشق، الدار البيضاء.






[14] - نفس المرجع ص 43.






[15] - نفس المرجع ص 267.






[16] - التقرير الإستراتيجي للمغرب 1998 – 1999، إنجاز
مركز الدراسات و الأبحاث في العلوم الإجتماعية QERSS، ص 29. الرباط.






[17] - الحسين شكراني، برنامج " ميدا"، المجلة
المغربية للإدارة المحلية و التنمية/ عدد مزدوج – 44 – 145 ماي – غشت 2002، ص 133.






[18] - عبد العزيز جار " الطماطم في قلب أزمة مغربية
أوربية، جريدة دفاتر سياسية، عدد 5 فبراير
2000 ص 7






[19] - للمزيد من التفصيل في هذا الموضوع أنظر عرض، شكر
سميرة حول " تجربة تصدير الطماطم نحو الولايات المتحدة الأمريكية" تحت
إشراف د. عبد الحي المودن بجامعة محمد الخاميس – كلية الحقوق أكدال الرباط ماي
1999.






[20] - الدكتور محمد نجيب بوليف " اتفاقية التبادل الحر
بين المغرب و أمريكا: الإشكالات و الرهانات" م س، ص 31.






[21] - توفيق بوعشرين " اتفاقية التبادل الحر بين
المغرب و أمريكا" أسرار المفاوضات" م.س، ص 5.






[22] - الدكتور محمد نجيب بوليف " اتفاقية التبادل
الحر بين المغرب و أمريكا : الإشكالات و الرهانات" م. س ص 32.






[23] - الدكتور الحسان بوقنطار، م س . ص 55






[24] - محمد زين العابدين الحسيني " تطورات ملف
الصحراء المغربية امام الأمم المتحدة" وقائع الندوة العلمي حول " الأمم
المتحدة و قضية الصحراء المغربي، المنعقدة بالرباط يوم 16 أبريل 2002، منشورات
منتدى 21 للحوار و التنمية، مطبعة الرسائل، ص 52-53.






[25] - رشيد البركبي " أرضية عامة حول تطورات قضية
الصحراء المغربية" وقائع الندوة العلمية.






[26] - رشيد البركبي، م. س ، ص 23.






[27] - الدكتور حسان بوقنطار، م س : ص 61.






[28] - نفس المرجع : ص 63.






[29] - الدكتور عبد الحي المودن " العلاقت المغربية
الأمريكية 1975 – 1998، دراسة غير منشورة، ص: 5






[30] - الدكتور بوقنطار، م س ص 66.






[31] - " إلى أي مدى سيقود الإمتياز الذي منحته
أمريكا للمغرب و هي تخصه بتحالف استرتيجي فريدمن نوعه؟ جريدة العصر، العدد 325،
بتاريخ 18 يونيو 2004.






[32] - الدكتور مصطفى الخلفي " تفاقم عناصر استهداف
الوحدة الترابية" جريدة التجديد، ع 710، 15 يوليوز 2003






[33] - عادل الموساوي " الديبلوماسية المغربية،
السمات و التحديات " مجلة وجهة نظر، ع 18، شتاء 2003، ص 37.






[34] - توفيق
بوعشرين " اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و أمريكا: أسرار المفاوضات "
م س، ص 6.






[35] - " على أي مدى سيقود الإمتياز الذي منحته
أمريكا للمغرب و هي تخصه بتحالف استرتيجي فريد من نوعه؟" جريدة العصر ، م . س
ص 6.






[36] - الدكتور مصطفى الخلفي " تفاقم عناصر استهداف
الوحدة الترابية" جريدة التجديد، ع 710، 15 يوليوز 2003.






[37] - " إلى أي مدى سيقود الإمتياز الذي منحته أمريكا
للمغرب و هي تخصه بتحالف استراتيجي فريد من نوعه؟"






[38] - " إلى أي مدى سيقود الإمتياز الذي منحته
أمريكا للمغرب و هي تخصه بتحالف استرتيجي فريد من نوعه؟" جريدة العصر، م.س ،
ص 5.






[39] - الدكتور عمر الكتاني : " اتفاقية التبادل الحر
مع الولايات المتحدة لا تقر بمغربية الصحراء؟" مجلة " ألوان
اقتصادية" العدد الثالث، أكتوبر – نونبر 2004، ص 36.

descriptionاتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات Emptyرد: اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات

more_horiz
المبحث الثاني: الرهانات الأمريكية





بالنظر إلى مجموعة الوثائق الأمريكية كوثيقة
" مشروع الأمن القومي الأمريكي" الصــادر في 2002 و " حســـاب
الألفية الثالثة... و كــــذا عـــــدد مــن الخطابات الرسمية و المبادرات بعد
أحداث الحادي عشر من سبتمبر بصفة عامة. و بالعودة إلى الرسالة التي وجهها السيد
" روبير زوليك" مهندس اتفاقية التبادل الحر و قائد المفاوضات إلى
الكونغرس الأمريكي يحدد فيها مصالح الولايات المتحدة من هذه الإتفاقية بصفة خاصة،
يتبين أن الرهانات الأمريكية الكامنة وراء إبرامها لهذه الأخيرة إنما تتحدد في
ثلاث نقاط:


-
منافسة
النفوذ الأوربي على المنطقة المغاربية.


-
الإتفاقية
كامتداد لبرامج " إصلاح" و " تغيير" النظم العربية.


-
الإنفلات
من التقيدات القانونية داخل منظمة التجارة العالمية.





المطلب 1: منافسة النفوذ الأوربي على المنطقة المغاربية.





يتميز النظام الإقتصادي العالمي، بالإتجاه
نحو عولمة الإقتصاد و التجارة الدولية بحيث سرعان ما أضحت هذه الحركة تتحكم في
العلاقات الإقتصادية و بالتالي العلاقات الدولية التي لم تعد فيها الدولة الأمة هي
الفاعل الدولي الوحيد، بل أصبحت الشركات المتعددة الجنسيات و التكتلات الإقتصادية
الجهوية تلعب دورا مهما في تلك العلاقات.


فالفضاء الإقتصادي العالمي هو فضاء متعدد
الأقطاب ( القطب الشمالي الأمريكي، القطب
الآسيوي، و القطب الأوربي) و قد اقتصرت مراكز القوى و القرار على دول الشمال فحسب
فالولايات المتحدة تمثل من الناحية الإستراتيجية أهم عنصر في حوض البحر الأبيض
المتوسط، إلا أنها ليست هي الشريك الأول للمنطقة من الناحيــة الإقتصاديــــة
الإجتماعيـــة و الثقافية، على اعتبار أن أولوياتها في منطقة المتوسط تقتصر على
إرساء توازن للقوى عن طريق الواقعية السياسية حتى و إن اقتضى الأمر التدخل باسم
الدفاع عن الديمقراطية.


و إذا كان
مشروع برشلونة ( 1995) قد جــاء كــرد فعل علــى المشروع الشرق الأوسطي ( ففي سنة
1994 انعقد بالدار البيضاء المؤتمر الإقتصادي لشمال إفريقيا و الشرق الأوسط، و في
دورته الثانية انعقد في عمان ( 1995) ثم بالقاهرة سنة ( 1996) الدورة الثالثة، فإن
لكلا المؤتمرين قواسم مشتركة خاصة على المستوى الإقتصادي ( إنعاش القطاع الخاص،
الإستثمارات الخارجية..) غير أنهما يكرسات مبدأ التنافس الجيواقتصادي بين أوربا و
أمريكا في المجال المتوسطي.[1]


لذا
فعلاقات أوربا بأمريكا تكاد تكون متداخلة و متناقضة، فأوربا تسير في فلك الولايات
المتحدة الأمريكية، إلا أنها تنظر إليها من ناحية توازن القوى بنوع من التحفظ.


فالمقاربة المتوسطية في إطار مسلسل برشلونة،
ارتكزت على رؤية متكاملة تتجسد في الشراكة الأورومتوسطية، و ذلك في أفق إقامة
منطقة للتبادل الحر تضم دول البحر الأبيض المتوسط و التي تبقى غاية في حد ذاتها في
هذا الإندماج، لكنها في نفس الوقت تستبعد فكرة التعاون الإقتصادي في إطار تكتل
جهوي، لتفعيل هذه الرؤية تم تخصيص مساعادات في إطار برنامج " ميدا"،
إضافة إلى التعهد بإنعاش تدفق الإستثمارات الأوربية الخاصة على خلاف المشروع الشرق
أوسطي الذي يسعى بالدرجة الأولى – كما جاء على لسان أحد الباحثين – إلى تسويق
" الكيان الصهيوني" في المنطقة العربية عن طريق إقحام العنصر الإقتصادي
كشرط من شروط نجاح مسلسل السلام بالشرق الأوسط[2] . و على العموم تخضع
الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة المغاربية إلى عدة اعتبارات:


- أن النظام العالمي الجديد يفرض تكريس حضور
أمريكي فاعل في كل مناطق العالم، فلا ينبغي أن يكون المتوسط المتوسطية فحسب، بل أن
تكون الزيادة لأمريكا في هذا الحوض.


- أن النظام العالمي يستلزم تقوية العلاقات
الأفقية شمال – شمال في مقابل الجنوب ، فأوربا يفترض فيها أن تسير في فلك الولايات
المتحدة.


- تفادي قيام
قوى إقليمية يصعب إخضاعها لمقتضيات هذا النظام العالمي الجديد، فالقاسم المشترك
للتنافس الإستراتيجي الأوربي الأمريكي يكمن في التخوف من اتحاد مغاربي له وزن
سياسي قوي. فالبنسبة لأوربا فتنمية العلاقات الإقتصادية المغاربية في إطار التعاون
جنوب – جنوب من شأنه أن يخفف عنها أعباء المساعدات الإنمائية و يحد من الهجرة خاصة
السرية منها، بينما أمريكا تتوخى الحذر من الآثار الإقتصادية التي قد تنعكس على
المشروع الشرق الأوسطي[3]


و لا شك
أن انفراد أوربا بمنطقة المغرب العربي أمر ترفضه السياسة الأمريكية على اعتبار أن
ذلك يستهدف نفوذها و خططها الإستراتيجية المستقبلية الرامية إلى مزاحم أوربا في
الثروات المغاربية و قد عبر عن ذلك بشكل صريح الوزير الأمريكي الأسبق للتجارة
" رون براون" بقوله " إن الولايات المتحدة لن تتخلى أبدا عن أي سوق
إفريقي للبلدان الأوربية" أو بدعوى " أن اوربا تحمل فوق أكتافها عبئا
تاريخيا ثقيلا و معقدا مع دول شمال إفريقيا كما جاء على لسان السفير الأمريكي
بالمغرب " إدوارد فابريال"[4] .


لكن الخبراء في شؤون المغرب العربي يقرون
بوجود تنافس في الجانبين في أكثر من واجهة و لعدة أسباب، فما إن بدأت ملامح علاقة
أوربية متوسطية متقدمة بعد انعقاد مؤتمر برشلونة، حيث تم إبرام اتفاقيات للشراكة
مع الاقطار العربية، و مواصلة المفاوضات مع بقية الأطراف المتوسطية للوصول إلى
مشروع شراكة شامل، اتجه الإهتمام الأمريكي إلى جنوب المتوسط في محاولة لبناء شراكة
موازية مع هذا الدول، خاصة بعد الأشواط الت يقطعتها الدول المغاربية في مجال
الإصلاح الإقتصادي الذي عكسته التقارير الإيجابية لبنك العاليم و صندوق النقد الدولي.[5]


و لعل ما
يزكي هذا الطرح، إقدام الإتحادى الأوربي على الإنفتاح على أمريكا اللاتينية بإبرام
مجموعة من الإتفاقيات التي ترمي إلى فتح المجال كليا أمام الإستثمارات الأوربية في
هذه المنطقة بحلول 2000، بحيث جاءت هذه
الخطوة كرد فعل و كإجراء مضاد للمشروع الأمريكي الذي تمت المصادقة عليه في القمة
الأمريكية " بميامي" سنة 1994 و الذي يهدف إلى تحــرير التجــارة
بالكامــل بين الولايات المتحدة و دول أمريكا اللاتينية في أفق 2005، و بذلك انتقل
الصراع الإقتصادي الأمريكي الأوربي من أمريكا اللاتينية إلى المنطقة المغاربية و
ذلك في إطار ما يعـــرف بإعــادة توزيع القوة الإقتصادية على الصعيد العالمي و
التنافس حول مناطق النفوذ الإقتصادي.


و في هذا السياق انبثقت الشراكة الأمريكية
المغاربية أو بالأحرى" مبادرة إيزنشتات" في يونيو 1997 بهدف إقامة شراكة
اقتصادية من أجل المساهمة في استقرار المنطقة.


و على العموم، فمشروع الشراكة الأمريكية
المغاربية يسعى إلى التعامل مع الأطراف المغاربية ككتلة موحدة، إلا أن الصادرات
الأمريكية إلى الدول المغاربية لا تتجاوز نسبة 1% لا أكثر، و قد بلغت سنة 1998 حوالي 1,4 مليار دولار
حيث تعتبر الجزائر أكبر سوق للصادرات الأمريكية في شمال إفرلايقيا إذ أنها تستحوذ
على نصف هذه الصادرات، و قد تراجعت قيمة واردات الولايات المتحدة من الدول
المغاربية إلى 2,1 مليار دولار ( 1998) بعد أن كانت في حدود 3 مليار دولار. مقابل
ذلك تعرف الإقتصاديات المغاربية استقطابا مفرطا من قبل الإتحاد الأوربي الذي
يستحوذ على ما يناهز 70% من المبادلات التجارية المغاربية و في المقابل لا تمثل الأقطار
المغاربية سوى 2% من مجموع المبادلات الأوربية مع العالم، بحيث تختلف درجة
الإستقطاب من دولة لأخرى فحوالي 78% من الصادرات التونسية توجه إلى الإتحاد الأوربي الذي يزود هذا
القطر ب 72 % من
مبادلاته التجارية . أما المغرب فتصل مبادلاته مع أوربا إلى 60% من مجموع مبادلاته، في حين يصدر
الجزائر نحو الجانب الأوربي حوالي 62% من صادراته و يستورد 60% من مجموع مبادلاته في حين يصدر الجزائر نحو الجانب
الأوربي حوالي 62% من صادراته و يستورد منه حوالي 58% من مجموع وارداته، كما أن التبادل التجاري بين
موريتانيا و الإتحاد الأوربي يمثل ب حوالي 50% من مجموع المبادلات التجاري التي تنجزها الدولة و ما
دام أن مبادرة " إيزنستات" ترتكز على دعم أمريكي لمجهودات بلدان المغرب
العربي[6] خاصة تشجيع
الإستثمارات" إلا أن هذه الشراكة لا تمثل سوى ، تونس، الجزائر، و المغرب بحيث
تم استبعاد كل من مويتانيا و ليبيا – على الأقل في هذه المرحلة الأولى.


و قد اعتبر مساعد وزير الخارجية الأمريكية
آنذاك " رونالد نيومان" أن إقامة حوار مع المسؤولين المغاربيين في إطار
هذه المبادرة يهدف إلى الرفع من إمكانيات جلب الإستثمارات الأمرييكة إلى المغرب
العربي " كوحدة اقتصادية"، و كان هذا المسؤول عقد زيارته للجزائر في
أكتوبر1998 قد أعاد التأكيد على مقترح " إيزنشتات" حول عقد مؤتمر في
واشنطن يهم الإستثمارات في هذه البلدان الثلاثة.


أما أهداف المشروع فتتلخص في :


- زيادة قيمة الإستثمارات و اتجارة الأمريكية.


- دعم حضور
الشركات الأمريكية في المنطقة.


- المساهمة في
استقرار المنطقة و ازدهارها.


في حين أن مرتكزات هذه المبادرة كما جاء على
لسان صاحبها " ستيوارت إيزنشتات" تتمثل في:


- الحوار السياسي و الإقتصادي مع الاقطار
المغاربية.


- إزالة الحواجز الجمركية الداخلية التي تعترض
تطوير التجارة المغاربية البينية.


- إعطاء
القطاع الخاص دورا مركزيا في مشروع هذه الشراكة[7] .


- و على عكس
السياسة الأورومتوسطية، فإن أمريكا تعتبر أن إقامة منطقة تبادل حر بين الدول
المغاربية شرط ضروري للتبادل الحر بينها و بين المغرب العربي، فرغم إبعادها
لموريتانيا و ليبيا عن هذا المشروع فإن الولايات المتحدة تبدو مستعـــدة لإدماجهـا
مستقبلا، و بالفعل – يمكن القول – بإدماج موريتانيا حيث نظم الأمريكيون على هامش
اجتماعات البنك الدولي و صندوق النقد الدولي في واشنطن اجتماعا ضم وزراء
الإقتصاد و المالية لكل من تونس، الجزائر
، المغرب و موريتانيا مع نظيرهم الأمريكي بحيث تم الإتفاق على خطة لتكثيف الإستثمارات
و تبادل وفود رجال الأعمال، كما اعتبروا إقصاء ليبيا يبقى مؤقتا لا أكثر فالولايات
المتحدة شأنها الإتحاد الأوربي، تسعى إلى الإستثمار في السوق [8] المغاربية لموحدة بحجم 80 مليون نسمة بدلا من
أسواق قطرية ضيقة و محدودة.


- و من خلال
الإحصائيات المتاحة فالحضور الأمريكي – على المستوى الإقتصادي – بمنطقة المغرب
العربي يبقى أقل حجما من لإستقطاب الأوربي للتجارة الخارجية لهذه المنطقة. إلا أن
الإمكانيات الطاقوية لكل من الجزائر و ليبيا كفيلة بجلب الوجود الأمريكي إلى
المغرب العربي خاصة و أن إنتاج الجزائر من البترول يصل إلى 1,5 مليون برميل في
اليوم ( فاتح يناي 2002) أما ليبيا فيبلغ احتياطها من البترول حوالي 3,1 مليار طن
أي ما يمثل حوالي 2,3% من مجموع الموارد العالمية من هذه المادة الإستراتيجية [9] وفي نفس وعندما باشر
المغرب مفاوضاته مع الولايات المتحدة كخلط
منطقة للتبادل الحر اعتبرت سفيرة واشنطن في الرباط "مارغاريت تاتويلر"
أن التوقيع على اتفاقية التبادل الحر مع المغرب يخدم مصلحة الأمن القومي الأمريكي
في الوقت الذي عبر فيه كاتب الدولة الفرنسي للتجارة الخارجية " فرانسوا
لوس" عن تحفظاته حيال تقدم مسلسل المفاوضات مع الولايات المتحدة ووصف
الإتفاقيات ب" غير المتوافق"مع مسار المفاوضات مع الإتحاد الأوربي, وفي
هذا الإطار جاء الرد العنيف لبعض الدول الأوربية الصديقة للمغرب على تصريحات
الأمريكيين الذين اعتبروا هذه الإتفاقية تطويقا ومعاصرة للأروبيين في بعض معاقلهم [10].


وانطلاقا
من الرسالة التي وجهها السيد " زوليك" مهندس اتفاقية التبادل الحر وقائد
المفاوضات إلى الكونجرس الأمريكي يحدد فيها مصالح الولايات المتحدة الأمريكية من
هذه الإتفاقية والتي جاء من بينها – استهداف منطقة شمال إفريقيا.


- محاولة تطوير المكانة التنافسية للمنتوجات
الأمريكية في مواجهة المنتوجات الأوربية مع الإشارة إلى الإتفاقيات مع الإتحاد
الأوروبي[11].


- كما نجد
الإتفاق طال جوانب عديدة بالمقارنة مع
الإتفاق الموقع مع الإتحاد الأوربي والمتمثلة أساسا في قطاع الخدمات والإستثمار,
حيث من المفترض أن يوقع التفاوض في الخدمات انطلاقا من سنة 2005 طبقا لما هو منصوص
عليه في اتفاقية الشراكة . وهو ما يقدم مدخلا لأمريكا تستبق من خلاله الإيجابيات
التي وفرها الإتفاق الأوربي لمصلحة نفوذه الإقتصادي. وبالتالي تعويض التفاوت
الزمني بينه وبين الإتحاد الأوربي. ولهذا يعد الإتفاق أداة لخلخلة الوجود
الإقتصادي الأوربي المهيمن بالمغرب, وفرض
توازن بين القوى الإقتصادية الأجنبية.






المطلب 2:
الإتفاقية كامتداد لبرامج " تغيير "و"إصلاح"النظم العربية.






تقتضي الإحاطة برهانات الولايات المتحدة
الأمريكية في علاقتها بالمغرب و بغية الحفاظ على الإستقرار في بلدان إفريقيا و
الشرق الأوسط، و خاصة بعد 11 من سبتمبر 2001 بالضرورة – الوقوف عند رؤية الولايات
المتحدة لهيكل النظام الدولي بعد الأحداث، و ذلك بغرض فهم و استخلاص أهدافها –
بالإستعانة بمجموع المبادرات الأمريكية الموجهة إلى المنطقة من قبيل " مبادرة
الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية" و مبادرة الشرق الأوسط الكبير" و
مبادرة إنشاء " منطقة التبادل الحر بين الدول العربية و الولايات
المتحدة"...


منذ بدأت أمريكا حروبها في الشرق الأوسط و
أفغانستان تحـــت رايـة مقاومة الإرهاب و تفكيك قواعده و ، و مطاردة مكوناته و قادته، بدا واضحا
أن الحرب في هذه المرة ليست كسائر الحروب السابقة، فهـــي حـــرب طويلــة الأمد،
متغيرة المواقع، حرب تقليدية و متطورة في نفس الآن، بحيث تقتضي استعمال الأساليب
الأكثر بدائية بجانب أساليب أخرى ترقى لآخر ما وصل إليه العلم و التقنيات من أدوات
المطاردة و الترصــد و المتابعة و التحليل، هي حرب تفرض حلفاء من الحلف الأطلسي و
من خارجه، بمعنى أنها تتطلب في كل وقت و حين و بسرعة فائقة اللجوء إلى مساعدة دول
عديدة يمكن أن لا تكون أنظمتها موالية لأمريكا.


و تنطلق رؤية السياسة الأمريكية من اعتبار
أحداث 11 سبتمبر نقطة انطلاق من أجل نغيير النظام الدولي، و التغيير المتصور هنا
هو تغيير في أنظمة بعض الدول أو الوحدات التي تشكل عضوية النظام الدولي و على
النحو الذي يكــرس أحاديــــة القطب الأمـــريكـي و سيطرته على النظام الدولي، و
بنشر " مبدأ الحرية" الذي اتخذته الولايات المتحدة معيارا لسياستها منذ
لحظة انخراطها في شؤون العلاقات الدولية، فهذه الرؤية لا تقر إذن سياسة الإحتواء،
و لا توزنات القوى، و لا استراتيجيات الردع، كما أنها لا تمتد من القواعد
القانونية التي قامت عليها عليها حركة العلاقات الدولية منذ نهاية الحــــــرب
العالمية الثانية، و السبب في ذلك هو تغيير الأساس الفلسفي للرؤية الأمريكية
الراهنة لمستقبل النظام الدولي[12].


إن مشروعية التدخل الأمريكي من أجل التغيير
وفق هذه الرؤية ليس العبرة فيها بما إذا كان العمل متوافقا مع المبادئ و القواعد
القانونية و الدولية التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة أو الإتفاقيات و الأعراف
الدولية، و لكن المهم هو ما إذا كان التدخل
حدثا للتغيير في الأوضاع السياسية و الإقتصادية الداخلية نحو الأحسن أو نحو
الأسوأ.


فإذا كانت نتيجة التدخل تحسينا في أوضاع
المرأة، و أوضاع حقوق الإنسان، و تقدما في مجال قبـــول التعدديـة الفكرية و
السياسية ، و إدارة افضل المرافق و الخـدمات الإقتصادية و الإجتماعية فإن ذلك
التدخل يوصف عندئذ بأنه تدخل تقدمي، و يصبح مشروعا و مطلبوبا بغض النظر عن كل
قواعد القانون الدولي و عن كل توصيات الأمم المتحدة.


و تعتمد الولايات المتحدة في تنفيذ رؤيتها
السالفة الذكر بالأساس على التفوق الكاسح في القوة العسكرية، و التفوق الواضح في
القوة الإقتصادية، مع تعزيز لأدوار عناصر أخرى في القوة الأمريكية مثل عناصر
الإستخبارات و القوات الخاصة و أدوات الإعلام و القوة الناعمة فضلا عن تطوير أداة المساعدات بتوجيهها لتحقيق هدف التغيير[13] .


و يتم تنفيذ هذه الرؤية وفق سلم الأولويات و
بحسب حاجة الولايات المتحدة و مصالحها في منطقة معينة من العالم يمكن تحديدها فيما
يلي:


- ضرب حركات الإرهاب و بالذات تنظيم القاعدة.


- تغيير " الأنظمة الدكتاتورية" التي
تدعم الإرهاب بشكل مباشر، أو التي يشكل مجرد وجودها دعما غير مباشر للإرهاب من
خلال عدائها للحرية و الديمقراطية.


- نشر الحرية لدى البلاد الصديقة للولايات
المتحدة و ذلك بدعم حركة إصــــلاح سياســـي و اقتصادي و اجتماعي حقيق بواسطة
الأنظمة الحاكمة في هذه البلدان و من هذا القبيل بلاد مثل الباكستان و السعودية و
مصر و الأردن و المغرب و البحرين و قطر[14]. و بنا على ما سبق أعلنت
الولايات المتحدة الأمريكية انها ستقف إلى جانب أي دولة مصممة على تحقيق مستقبل
أفضل من خلال السعي للحصول على ثمار الحرية لمواطنيها. و اعتبرت التجارة الحرة و
الأسواق الحرة أنها قد أثبتت قدرتها على انتشال المجتمعات من الفقر ووعدت بتقديم
مساعدات أكبر للتنمية من خلال " حساب تحدي الألفية الجديدة" لتلك الدول
التي تحكم " بعدل" و تستثمر في مواطنيها و تشجع الحرية الإقتصادية[15] و تحارب الفساد و تحترم
حقوق الإنسان الأساسية و تطبق حكم القانون و تستثمر في الرعاية الصحية و التعليم،
و تتبع سياسة اقتصادية مسؤولة و تساعد القطاع الخاص. كما أنه ستكافئ عبر حساب تحري
الألفية الجديد ال الدول التي تثبت أن لديها سياسات فعلية للتغيير، و تتحدى تلك لم
تثبت ذلك بتطبيق الإصلاحات[16].


إن الـــرهان الأمريكــي فـــــي "
التغيير" و إدخـــال " إصلاحات" سياسية و اقتصادية و ثقافية...في
المنطقة العربية سيتم تنزيلها بشكل تدريجي من خلال تتالي مبادراتها. في هذا الإطار
أعلن وزير الخارجية الأمريكي " كولن باول" يوم 12 دجنبر 2002 في مؤسسة
التراث في واشنطن عن مبادرة " الشراكة بين الولايات المتحدة الأمريكية و
الشرق الأوسط" و حدد لها ثلاث مستويات كبرى:


الإصلاح السياسي و التعليمي و الإقتصادي
بالإضافة للقضايا المرتبطة بالملفين الفلسطيني و العراقي، كما تهدف حسب الخطاب كما
يلي:


-
تشجيع
المشاركة الشعبية في العملية السياسية.


-
مساعدة
المؤسسات التعليمية و التربوية في سائر أرجاء الشرق الأوسط و مكافحة الأمية.


-
مؤازرة
حقوق المرأة.


-
دعم
القطاعين العام و الخاص في العالم العربي على تحقيق الإصلاحات الإقتصادية و
الإستثمار.


-
دفع
عجلة التفاهم و الشراكة.


و في إطار ما
تسميه الولايات المتحدة بدعم " الإصلاحات الإقتصادية عبر إقامة منطقة تجارة
حرة في الشرق الأوسط خلال عشر سنوات تتسم بمباشرة عدد من الإجراءت، منها مساعدة
الدول التي تنفذ إصلاحات في أن تصبح أعضاء في منظمــة التجـــــارة العالميــــة،
و يقصد بها كل من السعودية، لبنان، الجزائر و اليمن – حسب ما طرح في قمة المنتدى
الإقتصادي العالمي بعمان – و التفاوض على معاهدات استثمار ثنائية و على اتفاقيات
إطار للإستثمار و التجارة مع الحكومات و خاصة بالنسبة لكل من الجزائر و مصر، إدخال
اتفاقية التبادل الحر مع المغرب حيز التنفيذ و استخدام الإتفاقية التجارية كإطار
للمفاوضات مع دول أخرى في المنطقة، على أن تكون الإتفاقية التي ستوفع مع البحرين
أرضية للإتفاقيات التي يراد إبرامها مع باقي الدول الخليجية وفق ما أعلن في بيان
مكتب الممثل التجاري الأمريكي الخاص بقمة عمان و الصادر في يوم 20 يونيو 2003 [17].


و في نفس السياق اصدر مكتب مبادرة الشراكة
بدائرة شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية بوثيقة مفصلة يوم 14 يوليوز
2003، تضمنت كل قائمة كل برامج المبادرة المزمع تنفيذها في العالم العربي، و
التمويلات المخصصة لكل برنامج و الدول المعنية.


و قد كانت حصة المغرب وازنة تكشف عنها تعدد
مستويات تنفيذ هذا البرنامج بالمغرب حيث تبلغ التمويلات المباشرة ما قيمته 4,070
مليون دولار من اجل 29 مليون دولار لسنة المالية 2002 أي ما يناهز 14,03 في
المائة، مع الإشارة إلى أنه لم تحتسب قيمة
أربع برامج شاملة للمنطقة كل بما فيها المغرب و تقدر قيمتها ب 3,504 مليون دولار[18] .


و يغطي البرنامج ثلاث مستويات: المستوى
السياسي و المستوى التعليمي و المستوى الإقتصادي، فأما المستوى السياسي فيشمل
تدريب برلماني بغلاف مالي يبلغ 600 ألف دولار سيتم من خلاله تدريب أعضاء البرلمان
المغربي الذين جرى انتخابهم حديثا على عمل البرلمان و الأدوار و المسؤوليات
الكائنة في العملية التشريعية، بما فـــــــــي ذلك الأحكــــام و الإجراءت و
اللجان، و التواصل مع المجتمع و العلاقات مع وسائل الإعلام. كما يتضمن البرنامج
تدريب الأحزاب السياسية المحلية بغلاف مالي 400 ألف دولار. و برنامج خاص بالحقوق
القانونية للمرأة بغلاف مالي يبلغ 250 ألف دولار، حيث يعزز البرنامج الوضع
القانوني للنساء بالمغرب. بالإضافة إلى ذلك خصصت ميزانية قدرها 180 ألف دولار
لبناء طاقة مؤسساتية في المجتمع المدني يهدف إلى تمويل ورش عمل لبناء مهارات في التأييد السياسي و الإدارة
المؤسساتية و الديمقراطية بين المنظمات و قضايا الشفافيـــة و الجنــــس و توفير
تأييد لبرامج الديمقراطية.


أما على المستوى الإقتصادي تتوزع البرامج
الأمريكية على مساعدة تقنية لإتفاق تجارة حرة و توسيع اعتمادات صغيرة تبلغ مليون و
700 ألف دولار. و اعتماد خاص لتكنولوجيا المعلومات و الإتصالات بقيمة 300 الف
دولار يوفر المهارات للوكالة المغربية
التنظيمية للإتصالات لمساعدتها على زيادة تحرير قطاع الإتصال المغربي، فضلا عن
برنامج تدريب مغامري الأعمال من الشرق الأوسط في الولايات المتحدة مخصص للمنطقة
بكاملها بما فيها المغرب تبلغ قيمته 786,575 دولار أمريكي.


و على المستوى التعليمي: فيشمل برامج
إصــلاح اللغــة الإنجليزية في مجموعة الأردن و المغرب بقيمة 400 ألف دولار، و
برامج تحسين تعلم المـــــــرأة بقيمة 200 الف دولار، و برامج منح دراسية للفتيات قيمتها
240 ألف دولار، و برامج إنشاء مدارس تركز على الأطفال مخصصة للمنطقة بكاملها بما
فيها المغرب بقيمة مليون و مائة ألف دولار، بالإضافة إلى ذلك كله خصص برنامج للربط
بين الجامعات الأمريكية و جامعات الشرق الأوسط مخصص للمنطقة بكاملها بما فيها
المغرب بقيمة مليون دولار[19] .


كما أن مشروع " الشرق الأوسط
الكبير" الذي أفصحت عنه الولايات المتحدة أوائل مارس 2004 ينطلق من حقيقتين
غاية في الأهمية هما : أن هناك تدهورا كبيرا في الأوضاع العربية بمختلف مجالاتها
السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية مما يدعو إلى ضرورة البدء بإصلاح هذه الأوضاع
قبل أن تتفاقم أكثر مما عليه، الآن، و الحقيقة الثانية، هي أن الأوضاع المترهلة
تشكل دفعا قويا لنمو الإرهاب و الجريمة الدولية و التطرف مما يتطلب ضرورة وضع حد
لاستشراء هذه الظواهر المقلقة، و بناء على الحقيقتين السابقتين تنادي المبادرة
بضرورة بدء عملية الإصلاح و التغيير في منطقة الشرق الأوسط و التي تحددها المبادرة
بدءا من موريتانيا في أقصى اليسار إلى باكستان في أقصى اليمين، فضلا عن ضرورة أن
تتكاثف الجهود الدولية لتحقيق هذا الهدف، و قد حددت المبادرة ثلاثة أهداف رئيسية
كمدخل لعملية الإصلاح في منطقة الشرق الأوسط الكبير هي :


- تشجيع الديمقراطية و الحكم الصالح.


- بناء مجتمع معرفي.


- توسيع الفرص الإقتصادية.


و لتحقيق هذه الأهداف تحدد المبادرة الوسائل
المناسبة لتفعيلها و كيفية تحقيقها فضلا عن فرص التعاون التي قد تبديها دول مجموعة الثمانية للمساهمة
في إنجــاز هـــذه الأهــداف، و تركز المبادرة على أهمية أن يكون هناك دور قوي
للنساء العربيات في الحياة العامة من خلال فرص التمكين لهن باعتبارهن قوة مؤثرة في
المجتمعات العربية و تؤكد المبادرة على أن إصلاح الأوضاع العربية هو خيار لا رجعة
فيه بالنسبة للولايات المتحدة و غيرها من
دول مجموعة الثمانية و الدول الأوربية و على الدول العربية أن تبارد و تعجل بخطوات
الإصلاح التي بدات قبل أعوام قليلة[20] .


فضلا عما سبق، فإن توقيت إطلاق المبادرة
تزامن مع حدثين هامين أولهما أنه تم الإفصاح عنها قبل شهر واحد فقط من انعقاد
القمة العربيـــة بتونس أواخــــر مارس 2004 و ربما يكون هذا مقصودا إلى حد
بعيد حيث استهدفت واشنطن من ذلك تبنيه
العرب لطبيعة المرحلة القادمة للعلاقات الأمريكية العربية و حتى يستطيع العالم
العربي أن يحـــدد موقفــه و خياراته من مبادرة " الإصلاح" و " التأهيل"
المطروحة أما الحدث الثاني فهو انعقاد قمة الثماني في شهر يونيو في " سي
أيلاند" بالولايات المتحدة و رغبة الولايات المتحدة في حصد تأييد دول القمة و
دعمهم للمبادرة بحيث تصطبغ بالجدية و الإلتزام اللازمين لتفعيلهــا و قد ضمت قمة
الثماني كلا من الولايات المتحدة، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا,كندا, إيطاليا ,
اليابان وروسيا [21],
وحضرت لهذه القمة بعض الدول العربية الإسلامية, ولكن تغيبت الدول المحورية مصر ,
المغرب, السعودية , سوريا, وباكستان. ويظهر من تحليل البيانات التي صدرت عن القمة
الشراكة من أجل التقدم ومستقبل مشترك مع منطقة الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا
, و" خطة مجموعة التماني لدعم الإصلاح " التي أعلنت في 11يونيو 2004
أنها تتفق مع استراتيجية القوة الناعمة " لجوزيف ناي" الذي يؤكد أن
القوة الناعمة تعتمد على جاذبية الأفكار والإقناع بدلا من استعمال القوة العسكرية
المكلفة والغير مقبولة[22] .


ويمكن اعتبار اتفاقية التبادل الحر الموقعة
بين المغرب والولايات المتحدة آلية أمريكية لفرض المشروع الأمريكي في المنطقة ,
وذلك باعتماد قوة الإقتصاد , وقد صرح مجموعة من الخبراء الأمريكيين على أن جزءا من
دور الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة هو محاصرة منابع الإرهاب. وكذلك العمل
على تمرير مشروع الشرق الأوسط الكبير.... ويقول " زوليك" هذا الشأن :
المغرب سوق صاعدة توجد من الناحية الإستراتيجية في مفترق الطرق بين أوربا وإفريقيا
والشرق الأوسط... واعتبارا لكون المغرب كان من أول المنددين بأحداث 11 شتنبر 2001
الإرهابية باعتباره بلد حديثا وفي مواجهة الأحداث.


ونموذجا لدول المنطقة وللدول السائرة في
طريق النمو. وقد أكد المغرب قدرتـــــه فـــي " التعاون مع الإدارة الأمريكية
في كافة الميادين وخاصة مايخصص مكافحة الإرهاب ومساندت الولايات المتحدة في هذا
المسعى" ونفس التوافق في الرؤية عبرت عنه الحكومة المغربية عندما أعلنت أنها
" تستقبل بارتياح مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط
المعلنة من طرف كاتب الدولة في الخارجية السيد " كولن بول" في 12
دجنبر2002 [23].


إلا أن طبيعة المبادرات التي أمست تقوم بها
إدارة جورج بوش كمشروع الشرق الأوسط الكبير تثير الكثير من الغموض في السلوك
السياسي للقادة الأمريكيين, ذلك أن أية عملية نسخ للنموذج الأمريكي على بلدان العالم العربي الإسلامي سوف تفقد
معناها الحقيقي, فالشروط الذاتية والموضوعية الحاضرة في المجتمع الأمريكي غائبة
بشكل أو بآخر في المجتمعات العربية و الإسلامية, بحيث تفرض الخصوصية السياسية
نفتها بقوة بالغة , بالإضافة إلى أنه لا أحد في المنطقة العربية والعالم يصدق
المبادرة الأمريكية بعدما بينت أفعالها عكس ماتقوله , وعندما تفقد الولايات المتحدة
الثقة فإن كل مبادرة للإصلاح ستكون فاشلة وتحتاج إلى استراتيجية حقيقية ذات
مصداقية تتبنى مصالح الولايات المتحدة وليست مصالح إسرائيل والمتطرفين من اللوبي
المسيحي الصهيوني الذين يمثلهم الجناح
الإديولوجي المتطرف.









[1] - فتح الله ولعلو " المشرع المغربي و الشراكة
الأورومتوسطية" دار توبقال للنشر، الطبعة الأولى 1997، ص 243.






[2] - خليل أحمد خليل " المشرق العربي بين المتوسطية
و الشرق الأوسطية" مجلة شؤون عربية عدد 9 – 10 – 196 ص 3.






[3] - الدكتور عبد الكيرم هاني" التعاون المالي
الأور متوسطي بين الإتحاد الأوربي و بلدان المغرب العربي" م. س، ص 173.






[4] - ن.م . ص 177.






[5] De projet économique Americo –
maghrébin « Revue de presse international pays Maghreb, n° 43,2 mars,
délégation de vie a Rabat.






[6] - http:/ / W.W.W – Al Jazeera. Net/ in
Deph/Araabic world/2002/8/8-14-9 htm.






[7] - http // W.W.W. Alqamohline. Com/Archive/No2/Yahia –
html.






[8] - http // W.W.W Aljazeera. Net / IN Deph/ Arabic World
2002/8/8- 14-99 htm.






[9] - الدكتور
عبد الكريم هاني" التعاون المالي الأورو متوسطي بين الإتحاد الأوربي وبلدان
المغرب العربي" م.س,ص245






[10] - جريدة العصر, 26/7/2003,ص6






[11] - الدكتور مصطفى الخلفي" اتفاقية التبادل
الحربين المغرب وأمريكا , المسار والتحديات " م.س.ص30.






[12] - مصطفى علوي "السياسة الخارجية الأمريكية و
هيكل النظام الدولي" مجلة السياسة الدولية ع 53 يوليوز 2003، ص 66






[13] - م س، ص 67.






[14] - الدكتور مصطفى العلوي " السياسة الخارجية
الأمريكية و هيكل النظام الدولي " م س . ص 70.






[15] - حطاب جورج بوش في مونتري المكسيك يوم 22-3-2002،
نقثلا عن شؤون الأوساط، ع 110، ربيع 2003 ص 111.، عدد 110 ، ربيع 2003 ص 118.






[16] - خطاب جورج بوش في ويستايوبنت بنيويورك في 1-6-2002
نقلا عن شؤون الأوسط عدد 110، ربيع 2002 ص 118.






[17] - الدكتور مصطفى الخلفي " اتفاقية التبادل الحر
بين المغرب و أمريكا : المسار و التحديات" م س . س ، ص 33






[18] - الدكتور مصطفى الخلفين تعاظم التمويلات الأمريكية
للمؤسسات المغربية، جريدة التجديد، ع 7,5 2é يوليوز 2003 ص 5.






[19] - للمزيد من التفصيل أنظر الموقع الإلكتروني:


http:// USIA. State. Gov/ Arabic/me,par/ 0718 e pify. htm






[20] - خليل عناني " الشرق الأوسط الكبير" مجلة
السياسة الدولية، العدد 156، أبريل 2004، ص 98.






[21] - د. خليل عناني , نفس المرجع,ص99.






[22] - د. أحمد سلسم البرحان " مبادرة الشرق الأوسط
الكبير : الأبعاد السياسية والإستراتيجية" السياسة الدولية, ع 158 أكتوبر
2004, ص 42.






[23] - الدكتور محمد نجيب بوليف." اتفاقية التبادل
الحر بين النغرب و أمريكا: الإشكالات والرهانات"م.س,ص35.

descriptionاتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات Emptyرد: اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية -المسار و الرهانات

more_horiz
المطلب الثالث : الإنفلاث من التقيدات القانونية داخلOMC.





لقد كان هدف البلدان المنتصرة في الحرب العالمية الثانية إنشاء نظام متعدد
الأطراف للتجارة الدولية يكمل مؤسسات بووتن وودز في الميدان النقدي والمالي, وذلك
لحماية مبدأ حرية التجارة الخارجية وإحلال التعددية مكان نظام الثنائية التي سيطرت
طوال مرحلة مابين الحربين, وكانت لها آثار وخيمة على النظام الإقتصادي الدولي[1].


فقد كان
للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة الدور الرائد في التخطيط للغات
والتوصل إلى صياغة أسس النظام التجاري العالمي الذي تضمنته مواد هذه المعاهدة. فمن
جهة أولى كان قد تبلور اعتقاد قوي في الولايات المتحدة التي برزت بعد الحرب
العالمية الثانية كقوة عظمى اقتصاديا وعسكريا, بأن الإسراف في فرض الحواجز
التجارية يؤدي إلى الحروب التجارية واتهيار النظام التجاري الدولي, ومن ثم فإنه قد
يؤدي إلى اشتعال نيران الحروب العسكرية. كما جاء الإعتقاد كذلك بأن الإسراف في
الحماية التجارية كان من أسباب تعمق الكساد الكبير في الثلاثينات. ومن تم فقد كانت
الأرضية الفكرية ممهدة في الولايات المتحدة لتأسيس نظام تجاري عالمي قوامه الأسواق
الحرة المفتوحة.


ومن جهة أخرى, فإن نظريات حرية التجارة كانت
رائجة منذ زمن طويل في أوربا وفي المملكة المتحدة خصوصا, بل إنه في الوقت الذي
كانت فيه الدول الأوربية تتزعم الدعوة إلى التجارة الحرة, كانت الولايات المتحدة مازالت بعد تنمي
اقتصادها عن طريق الحواجز التجارية الرامية إلى حماية صناعتها الناشئة.[2]


فإلى أي حد كان سلوك الولايات المتحدة متفقا
مع مبادئ الغات؟


للإجابة عن
هذا التساؤل يلزمنا تقسيم مطلبنا هذا إلى فقرتين, تعنى الأولى بالقواعد المنظمة
للتجارة الدولية, أما الثانية فسنعالج فيها سلوكيات الولايات المتحدة على ضوء هذه
المبادئ.


الفقرة 1:
القواعد المنظمة للتجارة الدولية
.



عندما تنظم الدول إلى الغات, فإنها لا تقوم
بإزالة ماتفرضه على التجارة الخارجية من حواجز فورا, وإنما تتعهد بالسعي المتواصل
لإزالة هذه الحواجز وفتح الأسواق, وبالدخول في مفاوضات مع غيرها من الدول المنضمة
إلى الإتفاقية لتبادل التخفيضات الجمركية أو التنازلات وفق لمصطلحات الغات (
concession). كما تتعهد الأطراف أو الدول المتعاقدة بالإلتزام بمجموعة من
القواعد والإجراءات والضوابط لتنظيم التجارة الدولية فيما بينها. وتتضمن القواعد
العشر التالية أهم التزامات الدول المنظمة
إلى الغات [3].


- الإلتزام بأن التعريفة الجمركية هي الوسيلة
الوحيدة للحماية : أي لتقييد الواردات من الدول الأخرى كقاعدة عامة, وعدم اللجوء
إلى القيود غير التعريفية, مثل نظام الحصص
الكمية إلا في حالات خاصة وطبقا لإجراءات محددة في الإتفاقية.


- التعهد بأن استخدام التعريفة أو غير ذلك من
القيود يتم بطريقة تميزية أي أن المنتج المستورد من أية دولة متعاقدة بعامل
بالطريقة نفسها التي يعامل بها المنتج المستورد من أية دولة متعاقدة أخرى وهذا هو
مبدأ " عدم التمييز" المنصوص عليه في المادة(2) من اتفاقية الغات.


- التعهد
بالتخلي عن الحماية وتحرير التجارة الدولية على المدى الطويل: ويتم ذلك بصفة
أساسية من خلال الدخول في مفاوضات للخفض المتبادل للتعريفات الجمركية, وربط هذه
التعريفات أي تثبيتها والإلتزام بعدم رفعها بعد ذلك إلا وفقا للإجراءات محددة قد
تنطوي على تقديم تعويضات إلى الأطراف المتضررة من زيادة التعريفة, وذلك حتى تكون
خطوات تحقيق الحماية غير قابلة للإرتداد.


- الإلتزام
بتعميم المعاملة الممنوحة للدولة الأكثر رعاية : وفي تطبيقات هذا المبدأ مثلا أنه
عندما تفتح دولة متعاقدة سوقها لمنتج وارد من أية دولة متعاقدة أو غير متعاقدة،
فإن سوق هذا المنتج يعتبر مفتوحا في الوقت نفسه و من دون أية شروط أمام كل الدول المتعاقدة الأخرى. و في حالات
معينة بعضها فيما بعد، يمكن
الطرف المتعاقد التحلل من الإلتزام بهذا المبدأ.


- الإلتزام
بمبدأ المعاملة القومية: و هذا هو المبدأ المتضمن في المادة الثالثة من اتفاقية
الغات، و الذي يقضي في جوهره بعدم اللجوء إلى القيود غير التعريفية، مثل الضرائب
أو الرسوم أو القوانين و القرارات و الإجراءات التنظيمية الأخرى، كوسيلة لحماية
المنتج المحلي، و من تم التمييز ضد المنتج المستورد.


- التعهد
بتجنب سياسة الإغراق تلزم المادة (2) من اتفاقية الغات الأطراف المتعاقدة بعدم
تصدير منتجاتهم بأسعار أقل من السعر الطبيعي لهذه المنتجات في بلادهم، إذا كان من
شأن ذلك إيقاع ضرر جسيم بمصالح المنتجين المحليين في الدولة المتعاقدة المستوردة،
أو التهديد بوقوع مثل هذا الضرر. و تخول الإتفاقية الطرف المتعاقد فرض رسم تعويضي
لإلغاء أثر الإغراق أو منع حدوثه أصلا من جانب أية دولة أخرى.


- إمكانية
اللجوء إلى إجراءات وقائية في حالات الطوارئ: و يشترط أن يطبق هذا الإجراء الوقائي
لحماية الصناعة المحلية من دون تمييز بين الدول المتعاقدة أي السلعة أو السلع
المعنية أيا كان مصدرها، مع الإلتزام بإلغاء هذه الإجراءات خلال فترة زمنية معينة،
باعتبارها إجراءات مؤقتة يقصد بها إعطاء الصناعة المحلية غير القادرة على المنافسة
فرصة للتكيف و إعادة اكتساب القدرة التنافسية.


- التعهد
بتجنب دعم الصادرات: حيث إن قيام طرف متعاقد بمنع إعانة الصادرات من أي منتج قد
يؤدي إلى إيقاع الضرر بطرف متعاقد آخر سواء أكان مستوردا أو مصدرا، فإن المادة
(12) من اتفاقية الغات 1947 تلزم الأطراف المتعاقدة بالإمتناع عن تقديم الدعم
للصادرات، و خصوصا الصادرات من السلع الأولية ( أي المصنوعات).


- إمكانية
التقييد الكمي للتجارة في حالة وقوع أزمة في ميزان المدفوعات: إذ أنه طبقا للمادة
(12) من اتفاقية الغات، يحق لأي طرف متعاقد يواجه انخفاضا جسيما في احتياطاته
الدولية أو يتهدده مثل هذا الخطر، أو يسعى لزيادة هذه الإحتياطات بعد أن وصلت إلى
مستوى شديد الإنخفاض، أن يفرض قيودا على كمية أو قيمة السلع المسموح باستيرادها.


- المعاملة
المتميزة و الأكثر تفضيلا للدول النامية: وفقا للمادة (18) من اتفاقية الغات 1947
المتعلقة بمسألة " الدعم الحكومي للتنمية الإقتصادية" يمكن للدول
النامية حماية الصناعات الناشئة لديها من خلال تمتعها بإجراءات إضافية تتيح لها من
جهة مرونة كافية في تعديل هيكل التعريفة الجمركية بما يوفر الحماية اللازمة لقيام
صناعة ما، و من جهة أخرى تطبيق قيود كمية لإحتواء الخلل في ميزان المدفوعات الناتج
عن الزيادة الكبيرة و المستمرة في الطلب على الواردات المترتبة على برامج التنمية الإقتصادية، و يتم
اتخاذ هذه الإجراءات الحمائية وفقا لإجراءات محددة تتضمن إخطار الغات بنية الطرف
المتعاقد على اتخاذ هذه الإجراءات كما تتضمن الدخول في مفاوضات تجارية مع الأطراف
الأخرى التي قد تتأثر بهذه الإجراءات.


- كما تبنت
الغات سنة 1965 الجزء السابع من المعاهدة ( المواد من 32 إلى 38) الذي يتناول قضية
" التجارة و التنمية" و يتناول الإستثناءات التي تتمتع بها الدول
النامية، و التي يطلق عليها عبارة " المعاملة المتميزة و الأكثر
تفضيلا". و هذا الجزء من المعاهدة ينطوي على إعفاء الدول النامية من تقديم
مقابل كامل لكل ما تقدمه الدول المتقدمة من تنازلات أو تخفيضات جمركية، كما أقرت
جولة طوكيو للمفاوضات التجاريــــة المتعـــددة الأطــــراف ( 1973 – 1979) ما
يعرف " بقاعدة التمكين"، و معناها أن الأطراف المتعاقدة في الغات
مجتمعة، قد تمكن الدول النامية من استخدام إجراءات خاصة لتشجيـــــع تجارتها و
تنميتها، و من المشاركة على نطاق أوسع في التجارة العالمية. و ذلك تأكيدا لما ورد
في المادة (32) من الإتفاقية العامة و يمكن للدول النامية الإستفادة من هذه
القاعدة في الحصول على مزايا تجارية من الدول المتقدمة لا يجري تعميمها على بقية الأطراف
المتعاقدة. و هو ما يعني الإعفاء من الإلتزام بمبدأ تعميم معاملة الدولة الأكثر
رعاية، و تقنين النظام العام للتفضيلات" في الغات بعد ما كان يطبق كاستثناء
طبقا للمادة (25) كما يمكن الدول النامية المتعاقدة الإستفادة أيضا من قاعدة
التمكين في تبادل المزايا فيما بينها من دون تعميمها على بقية الأطراف المتعاقدة
استثناء من المادة ( 24) المتعلقة لالإتحادات الجمركية و المناطق الحرة.[4]


- و قد توجت
جولة الأورغواي التي انطلقت منذ 1986 أكبر اتفاق عالمي في التاريخ بتاريخ 15 أبريل
1994 حيث تم التوقيع عليه بمدينة مراكش بواسطة ممثلي 109 دولة يتضمن أساسا عروض
الدول الأعضاء المشتركة بخصوص حفظ التعريفات الجمركية التي ترجحت تخفيضا بالفعل يصل إلى 40 كما ستخفض الحواجز أمام
التجارة، و يتراجع الدعم عن القطاع الزراعي، و تخضع أسواق الخدمات بدورها إلى نص
الإتفاق و يمكن تلخيص المحاور الأساسية التي تم التركيز عليه في المفاوضات فيما
يلي:


- إنشاء
منظمة جديدة للتجارة العالمية شرعت في نشاطها مع بداية سنة 1995 لتخلف بذلك
الجهازالمؤسساتي للكات.


- زيادة
التخفيض في الرسوم الجمركية و كذلك القيود غير الحكومية على التجارة، مع توسيع
نطاق الغات لتشمل مواد أخرى مثل المواد الزراعية
و المنتوجات و الملابس.


- توسيع آفاق
الغات نحو مجالات جديدة لم يسبق أن تعرضت للتقنين، و هي قطاع الخدمات و
الملكية الفنية، و كذلك الجوانب التجارية المتعلقة بإجراءات الإستثمار.


- إصلاح قواعد الغات و
بشكل أساسي القواعد المتصلة بالدعـــم و الرســوم التعويضيـــة، و مكافحة الإغراق.


- إدخال إصلاحات مؤسسية
بشأن حل المنازعات التجارية، و تفعيل الغات[5]


و قد ميز
هذه الفترة انطباعان أخذا في الشيوع في أعقاب إعلان نتائج جولة الأورغواي، أولهما
أن النظام الجديد للتجارة العالمية ينطوي على إطلاق حرية
التجارة على الصعيد الدولي، و فتح أسواق جميع الدول على مصراعيها فورا و بلا
تميز، و احتدام المنافسة الكاملة في كل
قطاعات التجارة العالمية، و من تم إنهاء كل الممارسات التجارية المعتمدة على دعم
الصادرات أو الحماية من منافسة الواردات. و ثانيهما، أن نتائج جولة أورغواي سوف
نضع حدا لعهود الفوضى في العلاقات التجارية بين دول العالم، و تبدأ عهدا جديدا
تخضع فيه هذه العلاقات لنظام دقيق أساسه المبادئ و سيادة القانون لا القـوة و
المصلحـــة. و صاحب هذين الإنطباعين شعور قوي بالقلق إن لم نقــــل بالهلــع،
بشــــــأن المستقبــــل، و بالخصوص من جانب الدول النامية التي لا زالت تمثل
الطرف الأضعف في النظام الإقتصادي العالمي[6].





الفقرة 2: سلوكيات الولايات
المتحدة الأمريكية.



الواقع أن التصرفات
العملية للدول الصناعية و على وجه الخصوص الولايات المتحدة لا يحكها في نهاية
المطاف سوى المصالح، حتى و إن تعارضت مع الإيديولوجيات المعلنـــــة و الشعارات
المرفوعة فهذه الدولة ستسعى إلى تحرير التجارة و تضغط من اجل المزيد من التحرير
بمقدار ما تتطابق مصالحها التجارية الوطنية مع مبادئ حرية التجارة، لكنها عندما
تجد أن هذه المبادئ ستلحق الضرر بمصالحها فإنها تتجه إلى تقييد التجارة و حماية
الصناعة المحلية. فعندما كان الإقتصاد الأمريكي
قويا و مسيطرا على التجارة العالمية كانت الولايات المتحدة تضغط من أجحل
تحرير التجارة و دعم مبادئ الغات و لكن هذا الضغط أخذ يضعف عندما ضعف المركز
التجاري للولايات المتحدة. و عندما ظهر لها أنها تخسر نسبيا من جراء ما تحقق من
تحرير التجارة، و عندما أخذ العجز التجــــــاري الأمريكي في التضخم، و بعبارة
اخرى عندما اصطلحت المصالح التجارية الأمريكية بمبادئ حرية التجارة، كانت الغلبة
للمصالح و كانت الضحية هي مبادئ الغات، إذ مالت الولايات المتحدة إلى فرض المزيد
من القيود و العقوبات من طرف واحد و زاد التجاؤها إلى الإتفاقيات الثنائية[7].


و من أمثلة هذه
الخروقات الصريحة لمبادئ الغات ما تضمنه قانون التجارة الأمريكي الصادر سنة 1974 و
المعدل سنة 1988 و قسمه الشهير (301) و تعديلاته المعروفة ب (301 الممتازة) و يصف
( أوكسلي) هذا التشريع بأنه ليس استثناء من الإلتزامات التي تعهدت بها الولايات
المتحدة عندما انضمت إلى الغات، بل إنه إجراء يتصادم بقوة مع مبادئ الغات و يتناقض
مع تواعدها". فهذا القسم يخول للإطارة الأمريكية فرض عقوبات من طرف واحد ضد
صادرات الدول الأخرى التي قد تتخذ إجراءات تجارية أو حتى غير تجارية يعتبرها
المشرع الأمريكي غيرعادلة أو ضارة بالمصالح الأمريكية طبقا لمعايير لم ترد في
الغات و لا شأن لبعضها بمبادئ حرية التجارة. و من أهم هذه المعايير عدم احترام الدولة
حقوق الإنسان، أو عدم تطبيقها نظما مقبولة لإستخدام العمالة، ( مما يخفض من الأجور
و يقلل من فرص بيع الصادرات الأمريكية أو تطبيقها إجرءات تجارية غير منصفة"
أو اتخاذها إجراءات تؤثر بشكل سلبي في الإستثمارات الأمريكية فيها ( أي تمنع دخول
هذه الإستثمارات أو تقيد بعض تصرفاتها)،
او تطبيقها قوانين تحرم الولايات المتحدة من الحماية الكاملة و الفعالة لحقوق الملكية الفكرية التي تملكها.



و الأصل أن الولايات المتحدة كطرف متعاقد في الغات تقبل قواعد و إجراءات فض
المنازعات التجارية مع الأطراف الأخرى المتعاقدة المنصوص عليها في الغات، و لا
تلجأ إلى أخذ حقها بيدها مباشرة كما به القسم ( 301) و تعديلاته. و هكذا فقد أقامت
الولايات المتحدة نظاما للعقوبات التجارية يوازي نظام فض المنازعات في الغات، بل
يتجاوزه في كثير من الأحيان، بينما تتوقع من الدول الأخرى أو تطلق منها الإلتزام
بقواعــــــد الغـــــات و إجراءاتها، و من الجدير بالذكر أن القسم ( 301) و
تعديلاته لم يطبق بصورة فعلية في حالات كثيرة، لكن مجرد التهديد باستخدامه من جانب
الولايات المتحدة كان كافيا في معظم الحالات لردع الطرف الآخر و تغيير مسلكه[8] كما حصل مع اليابان التي
سمحت بفتح سوقها أمام السجائر الأمريكية سنة 1986 تحت ضغط التهديدات الأمريكية
بفرض عقوبات من طرف واحد عليها ( بمقتضى القسم 301 من قانون التجارة الأمريكي[9].



و من البداية أيضا أصرت الولايات المتحدة على أن تستثنى من قاعدة عدم الجوء
إلى نظام الحصص لحماية سوق المنتجات الزراعية فيها. كما حصلت على استثناءات أخرى
بعد ذلك مكنتها من الإفلات من تطبيق قواعد الغات على معظم الواردات الزراعية إلى
السوق الأمريكية.[10]
.



كما سعت الدول الصناعية و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية إلى حماية
أسواقها و تعزيز مصالحها التجارية من خلال إقامة شكل أو آخر من التجمعات التجارية
الإقليمية كمناطق التجارة الحرة و الإتحادات الجمركية و ما إليها. و على الرغم من
أن المادة (24) من الغات تجيز قيام مثل هذه التجمعات، إلا أن ذلك يعتبر من قبيل
الإستثناء من مبدأ تعميم معملة الدولة الأكثر رعاية. إن لم يكن بمثابة خرق صريح
لهذه المادة. و من ثم فقد كان يتوقع من الدول الصناعية التي تعلن تمسكها
بإيديولوجية التجارة الحرة أن تنأى عن استخدام المادة ( 24)، أو على الأقل لا تكثر
من استخدامها. لكن العكس هو الحاصل عمليا. فقد تزايد عدد التكتلات أو الترتيبات التجارية
الإقليمية في العالم بمعدلات متسارعة و ما يسترعي الإنتباه أن الولايات المتحدة قد
سعت إلى خدمة مصالحها التجارية بإقامة مناطق تجارة حرة مع كندا، إسرائيل دول
الكاريبي، المكسيك، ما يعرف باتفاقية ( NAFTA)، أي
منطقة التجارة الحرة لشمال أمريكا التي
تضم الولايات المتحدة، كندا و المكسيك التي تكونت في أول يناير 1994...[11] .


و صحيح أن الإتفاقات التي أسفرت عنها جولة
أورغواي توحي بأننا متقدمون على مرحلة جديدة من التجارة الدولية رائدها النظام و
القانون، لكن هذه الإتفاقيات شأنها شأن الكثير من الدساتير الوطنية و المواثيق
الدولية قد تنفذ أو لا تنفذ طبقا لعلاقات القوى السائدة و ميزان المصالح القائم –
كما أنها قد تنفذ في بعض الحالات، و تعطل في حالات أخرى بحسب الأهواء و المصالح، و
بالذات أهواء و مصالح القوى الكبرى المسيطرة على مقادير النظام العالمي الجديد،
اقتصاديا و سياسيا و عسكريا... كما تحفظت واشنطن بوست في تعليسقها على الإتفاقات،
و حذرت من أن هذه الإتفاقات لا تؤذن ببدء عصر جديد تسوده التجارة الحرة على الصعيد
العاليم. و شددت على أن معظم نصوص هذه الإتفاقات لا يخرج من كونه تحسينات إضافية
لقواعد التجارة الدولية القائمة حاليا[12] .


و في هذا الصدد قد أشارت مجموعة من
الإحصائيات الرسمية إلى أن دعم الدولة للفلاح الأمريكي يمثل حوالي نصف دخله السنوي
قدر سنة 1995 ب 29000 دولار؟ و يمكننا في هذالا السياق إيراد مال دعم الدولة
الأمريكية لقرابة 250 ألف منتج أمريكي للقطن و هو ما أدى إلى إفلاس حوالي 10 مليون
فلاح إفريقي بعدما تم تخفيض السعر عالميا.


هذا و لا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة
الأمريكية تعتمد نظاما حمائيا مفرطا من خلال Farmbill، كما
أنها تطبق حواجز جمركية متنوعة سواء منها البيئية أو الصحية أو حواجز الجودة كما
ان فشل آلية لمنظمة العاليمة للتجارة في خدمة مشاريع التوسع التجـاري و الإقتصادي[13]. للولايات
المتحدة و الذي تأكد بجلاء في قمة المنظمة بالمكسيك في شتنبر 2003، و ذلك بفعل
التكتل الذي يجمع الدول الثالثية و بعض الدول الأوربية في مواجهة المقترحات
الأمريكية دفع هذه الأخيرة إلى العودة إلى آلية الإتفاقيات الثنائية ثم توسعتها
تدريجيا و خلق ما يسمى بأمر واقع اقتصادي دولي تهيمن الولايات المتحدة على منظومته
القانونية، و هو توجه بدا مع صدور قانون الترويج التجاري في صيف 2000 بالولايات
المتحدة، و هو القانون الذي يخول للرئيس الأمريكي مباشرة مفاوضات خاصة بإبرام
اتفاقيات للتبادل الحر. و في هذا
الإطار جاءت رهانات الولايات المتحدة من
خلال إبرام اتفايقة التبادل الحر مع المغرب كخطة اقتصادية بغية الإتفاق على
العوائق الناجمة عن مفاوضات المنظمة العالمية للتجارة و التي تحد من حركة المصالح
الإقتصادية الأمريكية في العالم[14]. و يتمم هذا الإتفاق
بشموليته لمختلف المجالات الإقتصادية، و ذلك في اتجاه منح كلا الطرفين إمكانات
النشاط الإقتصادي في بلد كل منهما بدون قيود حمائية أو إدارية أو تفصيلية لطرف
ثالث. و يمثل في عدد مقدر من جوانبه نموذجا مثالا للتصور الأمريكي في تحرير
التجارة و الإقتصاد، و الذي فشل في تطبيقه و تمريره من خلال المنظمة العالمية
للتجارة... و تفيد مضامين الإتفاق تجاوزه لعدد من القضايا المعلقة و التي ما تزال
مطروحة في إطار المنظمة العالمية للتجارة، كالقطاع الفلاحي، أمما في القضايا التي سبق
حسمها في إطار المنظمة كالإستثمارات والبيئة، و حقوق الملكية الفكرية و المجال
الإجتماعي فقد هناك نزوع للذهاب أبعد في أفق التحرير الشامل للعلاقات الإقتصادية
المرتبطة بها. كما يبرز الإتفاق أيضا اعتماده لمنطق اللائحة السلبية و الذي يرتكز
على حصر المنتوجات المستثناة مثلما جرى في اتفاقيتي التبادل الحر الموقعة مع كل من
الأردن و الكيان الصهيوني، و لم يعتمد منطق اللائحة الإيجابية مثلما جرى في
الإتفاقيات التــــي وقعــــت مع الشيلي و كنـــدا و المكسيك و سنغافورة، حيث أن
الأولى تخدم التوجه الأمريكي في تحرير التجارة، و تكون لمصلحة الطرف الأكثر قدرة
على إبداع المنتوجات الجديدة[15].



يتضح مما سبق أن الولايات المتحدة لا تعبأ بالقواعد المنظمة للتجارة
الدولية إذا لم تحقق لها مصالحها التجارية، و كثيرا ما اتجهت إلى التحايل على هذه
المبادئ و القواعد أو مخالفتها مخالفــــــة صريحــة، كمـــا أنها تضـــــــرب
عـــــــرض الحائط بمبــــدأ التعددية ( Multilatéralisme) الذي
تسعى منظمة التجارة الدولية إل تكريسه، و تلجا إلى التكتلات الإقليمية أو
الإتفاقات الثنائية أو حتى إلى التصرفات الإنفرادية لتحقيق مآربها.










































































خاتـــمـــــة:






إنه من الثابت تاريخيا أنه لا توجد دولة
فقيرة استطاعت أن تحقق نموا اقتصاديا و دائما دون تنشيط التجارة، و هذه حقيقة
مؤكدة. حقا إن كل دولة يجب أن تضع سياستها التجارية على ضوء مستواها التنموي و
سياستها الإقتصادية العامة، بالإضافة إلى وضعها السياسي.


و لكن
المناقشات حول تحرير التجارة التي تدور في إطار منظمة التجارة العالمية، تنصب
أساسا على توقيت و مدى الإنفتاح على السوق العالمية، و لا تتطرق إلى موضوع ما إذا
كان يجب أن يحدث هذا الإنفتاح أم لا[16] .


فهل استطاع المغرب اختيار الوقت المناسب
لتحرير تجارته و الإنفتاح على الإقتصاد العالمي؟ و إلى أي حد يمكن أن تساعد
اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة في تقوية هذا الإقتصاد؟


إن الإجابة عن هذه الأسئلة و غيرها تتطلب
انتظار دخول الإتفاقية حيز النفاذ في يناير 2006، حيث ستتضح المعالم الحقيقية
للإتفاقية.






































قائمة المراجع المعتمدة.


I – الكتب:





1-
باللغة العربية:





- د الحسان بوقنطار، السياسة الخارجية المغربية-
الفاعلون و التفاعلات شركة بابل للطبــع و النشر و التوزيع، طبعة 2002.


- د. محمد تاج الدين الحسيني، الوجيز في القانونم الدولي
الإقتصادي، منشورات المؤسسة العربية للنشر و الإبداع، الطبعة الأولى / 2001.


- د. سامي عفيفي حاتم " التجارة الخارجية بين
التنظير و التنظيم، الجزء الثاني، الدار المصرية اللبنانية، 1992.
- د. علي إبراهيم، الوسيط في قانون المعاهدات الدولية، دار التهضة العربية، 1993.


د. صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام
ماهيته و مصادره – دار النهضة 1985.


- د. فتح الله ولعلو، المشروع المغاربي و الشراكة
الأورومتوسطية، دار توبقال للنشر الطبعة الأولى.، 1997.


- د. غبراهيم العيسوي، الغات و أخواتها، النظام الجديد
للتجارة العالمية و مستقبل التنمية العربية، الطبعة الأولى، مارس 1994.


- د. سعد الركراكي، محاضرات في القانون الدولي العام.
مطبعة تينمل للنشر و التوزيع الطبعة الثانية 1993.


- د. عبد الواحد الناصر، العلاقات الدولية الراهنة مطبعة
النجاح الجديدة - الدار البيضاء – المغرب طبعة 2003.
- عبد الإلاه بلقزيز " الولايات المتحدة الأمريكية و المغرب العربي في
الإهتمام الإسترتيجي إلى الإفتراق التكتيكي" ضمن كتاب " الوطن العربي في
السياسة الخارجية الأمريكية" مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى
نونبر 2002.


2 -
باللغة الفرنسية:






-
Les relations internationales durant la première décennie du XXI° Siécle,
quelles perspectives ? publications de l’Académie du Royaume du Marocn
collection « Sessions » session de printemps 2002. Rabat 25 – 27
Avril.


Dominique carrean. Patrick julliard et thiébant
Flory – droit international économique – LGdj – 2 éme édition. 1980.


- L’éclairage de la politique Economique dans
un contexte d’ouverture, actes du séminaire du 25 Janvier 1999, organisé par la
direction des études et des prévisions Financiéres.








3 - باللغة الإنجليزية:





- B. Balassa, the Theory of economic integration, Allan und
Unwin, London, Fourth in pression 1973.


- Alan oxley ; The challenge of free trade, new york, Stmartius
Press, 1990..





II- الندوات و التقارير:





-
Le colloque international sur le thème.


« Le Maroc entre l’accord de partenariat
euro méditerranéen et l’accord de libre échange avec les Etats-Unis d’Amérique :
« Rivalité ou complémentarité ? Rabat 14,15 Janvier.


- وقائع الندوة العلمية حول موضوع
" الأمم المتحدة و قضية الصحراء المغربية" نظمها منتدى 21 للحوار و
التنمية يو الثلاثاء 16 أبريل 2002 بالمعهد العالي للإعلام و الإتصال – الرباط.


- التقرير الإستراتيجي للمغرب 1998 – 1999، إنجاز مركز
الدراسات و الأبحاث في العلوم الإجتماعية OERSS..





III- دراسات ووثائق:





- عبد الحي مودن، العلاقات المغربية الأمريكية من 1975
إلى 1998، دراسة غير منشورة.


-
L’accord de libre échange avec les Etats- Unis


Des régles d’accés aux marchés contrainants
centre Marocain de conjoncture CMC N° 140 Janvier 2004.


- American chamber of commerce
in Morocco


Amcham Survey 2003.





IV- الدوريات و الجرائد:





- السياسة الدولية، العدد 159، 2005، المجلة 40.


- موسوعة يونفرساليست ( 1993 – 2003)،Microsoft Cororation


- مجلة مسالك، اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و أمريكا
" الإشكالات و الرهانات" العدد 2 عدد خاص باتفاقية التبادل الحر 2004.


- الحسين شكراني , برنامج"ميدا", المجلة
المغربية للإدارة المحلية والتنمية, عدد مزدوج 44-45 ماي- غشت2002.


- د. عادل المساوي , الديبلوماسية المغربية "
السمات والتحديات ", مجلة وجهة نظر , ع 18, شتاء 2003.


- د. عمر الكتاني , اتفاقية التبادل الحر مع الولايات
المتحدة لا تقر بمغربية الصحراء؟ مجلة ألوان اقتصادية, العدد الثالث , أكتوبر –
نونبر 2004.


- د. خليل أحمد خليل, المشرق العربي بين المتوسطية
والشرق أوسطية , مجلة شؤون عربية عدد 9-10-196ص 3.


- مصطفى علوي، السياسة الخارجية الأمريكية و هيكل النظام
الدولي، مجلة السياسة الدولية، ع 153، يوليوز 2003.
- خليل عفاني، الشرق الأوسط الكبير، مجلة السياسة الدولية، ع 156، أبريل 2004.


د. أحمد سليم البرهان، مبادرة الشرق الأوسط الكبير
" الأبعاد السياسية و الإسترتيجية" مجلة السياسة الدولية ع 158، أكتوبر
2004.


- محمد نجيب بوليف، العالم العربي بين تحديات العولمة و
متطلبات التنمية البشرية، طوب بريس. الرابط 2003.


- يومية الإتحاد الإشتراكي، عدد 7788، الخميس 9/12/2004.
- أسبوعية الصحيفة، ع 153، 12/18 مارس 2004.


- يومية التجديد، ع 820 – الجمعة / الأحد 19 – 21 دجنبر
2003.


- توفيق بوعشرين، اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و
أمريكا " أسرار المفاوضات، جريدة الأيام، العدد 121، بتاريخ 12 – 14 فبراير
2004.


- عبد العزيز بار " الطماطم في قلب أزمة مغؤربية
أوربية" ، جريدة دفاتر سياسية ، ع 5ن فبراير 2000.


- جريدة العصر، العدد 325، بتاريخ 18 يونيو 2004.


- د. مصطفى الخلفي " تفاقم عناصر استهداف الوحدة
الترابية" جريدة التجديد، ع 710، 15 يوليوز 2003.


- جريدة الصباح ع 26 بتاريخ 27/7/2003.


- د. مصطفى الخلفي " تعاظم التمويلات الأمريكية
للمؤسسات المغربيةن جريدة التجديد، ع 715، 22 يوليوز 2003.


-
« Le projet économique americo- maghrebien « Revue de presse
international pays maghreb, n°43, 2 mars Delegation de a Rabat.


- International Herald Tribun, 17/12/1993.


- L’économiste, 4 Mars 2004.


- « ALE Maroc USA : Exclusif. Le
projet médicament est-il dangereuse ? »



L’économiste du 31/10/2003.











IV- المواقع الإلكترونية:





- W.W.W. Courier international.com




















- موقع وزارة الخارجية و التعاون

- موقع وزارة التجارة الخارجية

- موقع وزارة المالية

- موقع السفارة الأمريكية بالرباط









- موقع ممثل التجارة الخارجية الأمريكي.



- W.W.W. leconomiste .com


- W.W.W. La vie eco . com


- W.W.W. le journal – hebdo. com


- W.W.W.maec.gov.ma


- W.W.W. mce.mci net.gov.ma


-
W.W.W. finances.gov.ma


- W.W.W. US embasy. org


- W.W.W. Aljazeera.net


- W.W.W. Al Qamonline.com


- W.W.W. US Free trade/gov/arabic/me





















[1] - الدكتور محمد تاج الدين الحسيني " الوجيز في
القانون الدولي الإقتصادي " م.س.ص 134






[2] -alam oxly ,the
challenge of free trade( new york, st martins presse 1999) P227-228 .






[3] - ابراهيم العيسوي : الغات و أخواتها : النظام الجديد
للتجارة العالمية ومستقبل التنمية العربية, الطبعة الأولى مارس 1994, ص16.






[4] - Evans and Walish. Thelie U guide to the mend gatt. Pp
11 and 132 – 133.


و المقصود بالنظام العام للتفضيلات هو المعاملة التفضيلية التي تقدمها
الدول الصناعية المتقدمة لصالح صادرات الدول النامية لها. من دون مقابل و على أساس
غير تمييزي ، و قد تم التوصل إلى هذا النظام في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة و
التنمية في عام 1968.






[5] - الدكتور محمد تاج الدين الحسيني، " الوجيز في
القانون الدولي الإقتصادي" م س ص
145.






[6] - إبراهيم العيسوي " الغات و أخواتها : النظام
الجديد للتجارة العالمية و مستقبل التنمية العربية" م. س ، ص 87.






[7] - إبراهيم العيسوي " الغات و أخواتها : النظام
الجديد للتجارة العاليمة و مستقبل التنمية العربية" م س ، ص 31.






[8] - ن.م . ص 32






[9] - ن.م ص 32.






[10] - إبرالهيم العيسوي " الغات و أخواتها : النظام
الجديد للتجارة العالمية و مستقبل التنمية العربية" م.س. ص 37.






[11] - International Herald tribune,
17/12/1993.






[12] - غبرايهم العيسوي: " الغات و أخواتها : النظام
الجديد للتجارة العاليمة و مستقبل التنمية العربية" م س ص 91.






[13] - الدكتور محمد نجيب بوليف " اتفاقية التبادل
الحر بين المغرب و أمريكا : الإشكالات و الرهانات" م س ص 39 – 40.






[14] - الدكتور مصطفى الخلفي " اتفاقية التبادل الحر
بين المغرب و أمريكا : المسار و التحديات" م س ، ص 26






[15] - ن. م . ص 29 - 30






[16] - سوبا تشاي بانيتشباكدي، السكرتير العام لمنظمة
التجارة العالمية. تحرير التجارة لا يجب التنمية و لا يتعارض معها، في حوار سوسن
حسين. السياسة الدولية، عدد 159 يناير 2005 – المجلد 40، ص 131.
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد