أولآ: مقدمة حول أجواء
التفاوض:
لا مجال للشك بانعدام التوازن بين طرفين أحدهما طرف يمثل
سلطة احتلال لها السيادة المطلقة والثانى طرف ناقص السيادة حسب قرارات مجلس الأمن
الدولى ذات الصلة. بل أن الأوامر ألتى أصدرها (بريمر) والتى نشرتها الجريدة العراقية
الرسمية (بصفة قوانين) كانت تستعمل صراحة تعبير؛ (بموجب الوصاية الممنوحة لى..)
علمآ بأن المادة 78 من ميثاق الآمم المتدة المتحدة تحرُم بشكل مطلق تطبيق نظام
الوصاية على الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة. وحيث أن المبنى على الباطل باطل فإن
كافة تلك القرارات من حيث المدأ قابلة
للطعن بها. ورغم تغيير بعض المظاهر فآن الجوهر واحد. مثل هذه الظروف لا يمكن إلا
آن يقود ألى مثل نموذجىُ من المعاهدات غير المتكافئة. علما بأن معاهدة فينا لعام
1969 قد نصت فى المادة 5 ببطلان المعاهدات التى تعرَض المفاوض فيها للإكراه بالفعل
أو بالتهديد.
هذا هو إذن الموقف القانونى المحظ بالنسبة لهذه الأتفا
وما يمكن أن يُثار بشأنه. ولكن ما أشبه اليوم بالبارحة. فبينما كان المرحوم نورى
السعيد يكافح مكرها عام 1930 من أجل إبرام المعاهدة العراقية البريطانية لإنقاذ
محافظة الموصل ها هو التأيخ يكرر نفسه لنجد نورى المالكى فى موقف مماثل لا يحسد
عليه. ولا بدَ هنا من الموازنة بين الأعتبارات القانونية والمصالح الوطنية
العليا.
لا جدال حول الضغوط التى تعرُض لها ألمفاوض ألعراقى بل
أن الأبتزاز صارخ فيها. وتجسًد بعدة اساليب منها تستهدف المسئولين ومصيرهم
وحمايتهم. ومنها تخص المصالح العليا للبلد (التهديد بأبقاء العراق تحت آحكام الفصل
السابع من الميثاق.. التهدبد بتجميد الأموال.. ترك البلد ممزقآ وفريسة للأرهاب
ألذى قدم مع الأحتلال).
§ أن الفقرة 4 من المادة الرابعة والعشرين من الإتفاق تنص
على أن الولايات المتحدة تعترف (بالحق السيادي لحكومة العراق فى آن تطلب خروج القوات الأمريكية فى
أي وقت.. وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة..) ترى ماذا تعني هذه المادة؟ أهي
مخرج للرئيس الأمريكى المنتخب أذا أراد تغيير سياسته حسب ما توحى تصريحاته؟ أهي
إمكانية يمكن أن يحلم بها أي عراقي ليظهر مهارته بعد تخليص العراق من أغلال قرارات
مجلس الأمن وفصله السابع؟ أما الولايات المتحدة فبإمكانها فعل ذلك ومتى شاءت
مصالحها وأما العراق فعلم ذلك عند ربّى.. ولعلَها مجرّد أحلام.
§ ومع ذلك ونظرا للصعوبات الهائلة أمام أي توافق بين
الأطراف السياسية. ولدقة وخطورة أية مجازفة سلبا أو أيجابا تجاه مشروع الأتفاق(قبل
تبنّيه) فأننا سبق أن اقترحنا للخروج من هذا المأزق ما يلي:
1) الموافقة على
المشروع رغم مساوئه الكثيرة.
2) إصدار بيان برلمانى موازى يلزم أية حكومة عراقية
بما يلى:
- أن الموافقة على هذه الأتفاقية لا تعنى رضاء
كاملا على بنودها.
- إنما
يجيء ذلك حرصا على المصالح العليا للوطن وعلى التوافق الوطنى.
- وحيث أن
المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة تنص على حلّ المشاكل بين الدول بالطرق
السلمية وأن الفقرة الثانية من المادة الثانية لنفس الميثاق تؤكد على ضرورة احترام
مبدأ حسن النية فى تطبيق الميثاق.
§ وحيث أن المادة 103 من ذات الميثاق تمنح الألتزام ببنوده
الأولوية على أي اتفاق دولىّ آخر.
§ واستنادا إلى الفقرة 4 من المادة الثالثة والعشرين من
الاتفاق والتى تنص على ما يلي:
§ "تعترف
الولايات المتحدة بالحق السيادى لحكومة العراق فى أن تطلب خروج قوات الولايات
المتحدة فى أيّ وقت..." فإن الحكومة العراقية ملزمة بمتابعة دقيقة لمدى
احترام المصالح العراقية من خلال تطبيق ذلك الاتفاق خصوصآ فى احترام السيادة
الوطنية. وجدولة أنسحاب القوات الأجنبية وسلطان القانون والقضاء العراقى والتعهدات
الخاصة بحماية الأموال العراقية. وتقوم الحكومة العراقية بتقديم تقرير دورى إلى
البرلمان كل ثلاثة أشهر بهذا الشأن. آخذين بنظر الاعتبار الاختيارات الواردة فى
الفقرة 4 من المادة الثالثة والعشرين المذكورة أعلاه.
§ تقوم الحكومة العراقية عند الابلاغ بمصادقة العراق على
الاتفاق بإبلاغ البيان البرلمانى (آو
القانون المقترح) بشكل موازي للولايات المتحدة وللأمين العام للأمم المتحدة.
هذا ما كنا نحبذ ولكن المساومات بين الكتل السياسية قد
رأت الخلط بين
اعتباراتها الخاصة بها وضرورات تطويق مساوئ الاتفاقية.
وكان من الأجدر الفصل بين الأمرين ولو بإبرام قانونين منفصلين. واستبعاد ما حصل من
خلط لأمور لا صلة لموضوع الاتفاق بها.
ثانيا: تعقيبات حول
بعض نصوص الاتفاق:
يبدو واضحاً أن النص الأصلى للمشروع مدوٌن بالأنكليزية.
وهو ما يعقٌد الفهم الدقيق لفحواه. وحيث أن كلا اللغتين معتمدتان فأن تفسير
الأشكالات تزداد صعوبة عند مواجهة المشاكل فى المستقبل.
-
بعض الأمثلة:
-
المادة
الثانية: تعريف المصطلحات:
-
جاء على سبيل
المثال تعبير "المنشآت والمساحات" المتفق عليها "لا أدرى كيف يمكن الأتفاق وفقا لمثل هذه التعابير.؟ لقد ورد فى
النص الأنكليزى ما يلى:
AGREED FACILITIES AND AREAS
ومن الواضح أن النص الأخير أكثر دقة من النص العربى الذى
يستعمل تعبيرين غير دقيقبن. والغريب أن الترجمة الفرنسية (المأخوذة من العربية)
أكثر وضوحا من ذات النص العربى.هذا مجرًد مثال لمناسبة قد لاتبدو مسبّبة لجدل
.ولكن كثرة مثل هذه الحالات خصوصا فى المناسبات الدقيقة لابد أن تؤدى لصعوبات
مقبلة خصوصا أذا كان الغموض متعمٌدا وعند فقدان حسن النية.
وجاءت كذلك التعابيرالتالية:
"المتعاقدون مع الولايات المتحدة"
و"المستخدمون العاملون لدى المتعاقدين
مع الولايات المتحدة". ثم تضيف المادة بأنهم "مواطنون أميركيون
أو مواطنو بلد ثالث الموجودون فى العراق لتوفير السلع والخدمات" والأمن!!"
أن هذا الغموض والخلط بين آمور غير متجانسة يثير المخاوف خصوصا وأنه ٌقد
يشمل الشركات الأمنية التى تصفها أتفاقيات جنيف بالمرتزقة الذين لا يتمتعون
بضماناتها.. ثم من أيّ بلد جاء "مواطنوا بلد ثالث !!؟
هناك تعابير لم ترد فى التعاريف, مثل: "اللجنة
المشتركة العسكرية" أو "اللجنة الوزارية المشتركة" ـ ترى ما هذه
اللجان؟. وكيف يتمّ تشكيلها؟ وماهى صلاحياتها عند الاتفاق أو الاختلاف؟ ورغم
ورودها فى المادة الثالثة والعشرين ونظراً لدورها الأساسي كان من الضرورى تعريفها
بشكل دقيق.
المادة التاسعة: حركة المركبات والسفن والطائرات:
هناك خلط غريب ومعقَد بين صلاحيات الطرفين (أهو بريء أم
متعمَد؟) وهو لاشك على حساب الطرف العراقى.
المادة العاشرة: إجراءات التعاقد:
من الواضح أن صلاحيات الاختيار مطلقة لصالح الأمريكان
وبموجب القانون الأمريكى. بدون أي قيد حول الجنسية!!. بينما لها التعاقد "ما
أمكن! مع مورّدين عراقيين! أوغيرهم..!!" والله أعلم من قد يكون غيرهم!!. علما
بأن أحترام القانون العراقى مقصور فقط على "العقود المبرمة مع
العراقيين"!! وما عدا ذلك فللولايات المنحدة "أن تبرم عقودا بموجب
القانون الأمريكى لوحده. كما وأن تعبير"احترام القانون العراقى" قد لا
يعنى بالضرورة تطبيقه.
المادة الثانية عشرة: الولاية القضائية:
لاشك بأن هذه المادة تشكٌل معضلة أساسية فى هذه
الاتفاقية فمن المعلوم أن الولايات المتحدة تصر ُمن حيث المبدأ على سيادة ولايتها
القضائية بالنسبة لا لمواطنيها فحسب بل وغالبا ما تحاول شمولها حتى
للمتعاقدين معها مهما كانوا (ومن ضمنهم
بالطبع المتعاقدون الأمنيون. وهم المرتزقة حسب أحكام القانون الدولى الآنسانى) ..
(البروتوكول الأول.1977 مادة 47), ومن حسن الحظ أن الفقرة 2_ من المادة المذكورة
قد أخضعتهم للولاية العراقية (مع عدم استبعاد احتمالات الإبهام كما سنرى).
ولابد لنا هنا من إبداء بعض الملاحظات:
-
تنص الفقرة (1) من هذه المادة على ما يلى:
"يكون للعراق الحق الأولى لممارسة الولاية القضائية على أفراد قوات
الولايات المتحدة وأفراد العنصر المدنى بشأن الجنايات الجسيمة والمتعمدة"..
وبدون تحدبد لمعنى تلك الجنايات سيبقى الأمر غامضا (كيف يمكن أن تكون الجنايات
جسيمة دون أن تكون متعمّدة ؟!).علما بأن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها قد تطرقت
لموضوع "الانتهاكات الخطيرة" ولكنها حددتها فى نصوص واضحة.(البروتوكول
الأول مادة 85 مشيرة لمواد أتفاقيات جنيف عام 1949).
- بينما ثبتت ذات المادة من الأتفاقية مع الولايات المتحدة
فى الفقرة (3) الولاية القضائية المطلقة للولايات المتحدة بشأن "أمور تقع
داخل المنشآت والمساحات المتفق عليها"..
-
بل وأنها
أضافت: ".. وأثناء تأدية الواجب خارج المنشآت والمساحات المتفق عليها"..
- وفى الفقرة (5) من ذات المادة أشارت الى ضرورة إخبار
الولايات المتحدة فى حالة اعتقال أو احتجاز أحد عناصرها المذكورة وتسليمه لها خلال
(24) ساعة على أن تتولى بنفسها احتجازه وتقديمه لأغراض التحقيق والمحاكمة.
- وحتى فى الحالة الأخيرة, لها وفق الفقرة (6) من ذات
المادة أن تطلب من الطرف العراقى التخلى عن ولايته وفق إجرءآت غامضة.
والخلاصة فإن الولايات المتحدة قد حصلت على كل مطالبها
بشأن احتكارها للولاية القضائية بالنسبة لكافة أفرادها. وتبقى مسألة الحماية
القضائية لأفراد الشركات الأمنية (أي المرتزقة) مبهمة وخطيرة بالنسبة لحماية
السكان المدنيين ولموقف القانون الدولى الإنسانى من مركزهم غير الشرعى. وفى ضوء
الجرائم الخطيرة السابقة التى سبق أن ارتكبوها.
صحيح أن الفقرة الثانية من المادة الثانية عشرة قد نصت
على الحق الأولىِِِِِِِِ للعراق "لممارسة الولاية القضائية على المتعاقدين مع
الولايات المتحدة ومستخدميهم". ومع ذلك فإن الاختلاط غير مستبعد بين تعبيرىّ
"المتعاقدين ومستخدميهم" وتعبير "عضو العنصر المدنى" الخاضعين
للولاية الأمريكية. وهؤلاء حسب تعريف المادة الثانية للأتفاق بأنهم "أي مدنى يعمل
لوزارة الدفاع". ألا يجوز إذن أن يدخل تحت قبّعة "العنصر
المدنى" وفق هذا المفهوم أولئك الذين يعملون لدى وزارة الدفاع (مهما كانت
صفتهم) ومستخدموهم لآغراض الأمن مثلا كما ورد فى إطار مهامهم وفق الفقرة المذكورة
أعلاه وبحجة أنهم يعملون ضمن "العنصر المدنى". بينما قد يكونون من بين
المتعاقدين أو مستخدميهم لأغراض أمنية؟ (أي الشركات الأمنية أو المرتزقة حسب أحكام
اتفاقيات جنيف وبرتوكولاتها كما سبق أن بيّنا).
المادة الرابعة
والعشرون: إنسحاب القوات الأمريكية من العراق:
نصّت هذه المادة على لزوم انسحاب جميع هذه القوات من
جميع الأراضى العراقبة فى موعد لا يتعدى 31 كانون الأول عام 2011. وأن تنسحب
"جميع القوات الأمريكية المقاتلة" من المدن والقرى والقصبات
العراقية في موعد لا يتعدى 30 حزيران عام 2009.
هذه إذن نصوص ومواعيد واضحة. ومع ذلك فإنها تستدعي بعض
التعقيب:
- إنها بلا شك تنسجم مع الحسابات الأمريكية التى نجحت في
التخفيف من الخسائر البشرية الأمريكية من جهة كما وأنها تتفق مع وعود الرئيس
المنتخب بالانسحاب من العراق خلال ستةعشر شهرا من جهة أخرى.
- يبقى موضوع القواعد العسكرية الأمريكية معلّقا. ومن
المستبعد أن تنوي الولايات المتحدة إخلائها. وقد تستدعى أتفاقا لاحقا حولها. علما
بأن روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكى قد صرَح لتلفزيون (العرببية) بتاريخ
12/12/2008 "بأنهم سيتعاونون مع العراقيين بعد عام 2011 وانسحاب القوات ضمن
أتفاق جديد على أساليب التعاون وفق مصلحة الطرفين".
- إن الاعتراف المتبادل حول حق كل طرف فى طلب خروج أو
إنسحاب تلك القوات (بموجب الفقرة الرابعة من تلك المادة) ليست له نتائج عملية
نظراً لوجود فترات زمنية متقاربة.
- يبقى بالطبع التساؤل الخطير حول مدى استعداد القوات
العراقية لصيانة الأمن بعد الانسحاب. إن سوابق الانسحابات وفق المصالح الأمريكية
لا تشجع على الاطمئنان. وإذن فإن هذا التحدّي سيظل واقعاً حصراً على كاهل
العراقيين. فهل نحن جديرون بتحمّل هذه المسئولية التاريخية؟
المادة الخامسة والعشرون: نظرة على تطبيقات الفصل السابع
(قبل الاحتلال "2003" وبعده), ومعالجة الاتفاق لأمره:
لم يكن التطرُق لهذا البند يحظى بأهمية لحد أمد قريب.
ولكنه فجأة أصبح حديث الساعة على الصعيد الإعلامى والسياسى. بل أنه شغل بال الناس
دون أن بفهموا معناه. وصار المسؤلون يكثرون من التطرُق إليه فى تبريراتهم لإبرام
الاتفاق كما لو كان سيفاً مسلطاً على الرقاب. لكن بالنسبة للعراق لم يكن إبن
الساعة فتاريخه شاق ومؤلم.
المرحلة الأولى تطبيق
الفصل السابع منذ إحتلال الكويت:
من المعلوم أن ميثاق الأمم المتّحدة مبنىّ أساساً على
نبذ الحروب وحلّ النزاعات بالطرق السلمية. وفى حالة تعذُر ذلك فعن طريق الوسائل
الاستثنائية التى سمح بها الميثاق إذ من الممكن الرجوع إلى وسائل زجرية متدرجة
بموجب الفصل السابع.
لقد جاء عنوان
هذا الفصل كالتالى:
"فيما يتخذ من
الأعمال فى حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان".
ومنذ احتلال الكويت
وحتى اليوم والعراق رازح تحت هذا الفصل بذرائع وحجج متنوعة. لقد وجدت الولايات
المتحدة من خلال هذا الفصل ومن هيمنتها على مجلس الأمن كعضو دائم يتمتع بحق الرفض
كما شاء فرصة ذهبية للتعامل مع القضية العراقية بمراحلها المتعاقبة. ولاشك أن
تصرفات المسئولين العراقيين فى بعض هذه المراحل قد سهَلت مهمة الاستراتيجية
الأمريكية.
لقد بدأ هذا الدرب الشاق والمؤلم والمرير كالتالى:
- جاء أولا قرار مجلس الأمن المرقم 660 (2 آب 1990 )
وبموجب المادتين39 و40 من الفصل السابع ليدين الاحتلال العراقى للكويت مع المطالبة
بالسحب الفورى وغير المشروط للقوات العراقية والبدأ بمفاوضات بين البلدين لحلّ
منازعاتهما. ويلاحظ أن المجلس وإن تصرّف وفق الفصل السابع إلا أنه لم يشر صراحة
إلى وصف العراق بأنه يهدد السلم والأمن الدولى وأنه سيبقى خاضعاً لهذا الفصل كما
سيفعل فى قرارات مقبلة.
- وفى 9 آب 1990 صدر القرار 661 وتمّ بموجبه فرض عقوبات
اقتصادية على العراق مع تأسيس "لجنة العقوبات" للإشراف على تطبيق
القرار. علما بأن القرار قد نص صراحة على صدوره بموجب الفصل السابع.
-
وفى 12 آب 1990
صدر القرار 662 ونص على أن ضمَ الكويت للعراق باطل وغير شرعي.
- وفي 18 آب 1990 صدر القرار 664 فارضاً إجازة مواطني
الدول الأخرى للخروج من الكويت والعراق. وعاملاً بموجب الفصل السابع.
- وفى 25 آب 1990 صدر القرار 665 مجيزاً القوات البحربة
لإتخاذ الإجراءات اللازمة حسب الظروف. ووفقا للفصل السابع.
- وفى 13 سبتمبر 1990 صدر القرار 666 وهو يخالف بشكل فاضح
أحكام القانون الدولى الإنسانى. إذ بينما يشير لأحكام أتفاقية جنيف الرابعة فإنه
يخرق ذات الاتفاقية. حيث تنص المادة 23 من هذه الاتفاقية على إلزام أطراف النزاع
بضمان المرور الحر لشحن المواد الطبية والغذائية. وبينما تمنع المادة 54 من
البروتوكول الأول لعام 1977 إستعمال التجويع ضد السكان المدنيين, وإذا بالقرار 666
لا يبيح التزوُّد بالمواد الغذائية إلا لأسباب إنسانية وفى الحالات العاجلة.
إن هذا الخرق للقانون الدولى الإنسانى قدسبّب كوارث إنسانية هائلة راح ضحيتها
الملايين. ولا مجال لنكران مسئولية مجلس الأمن ومن دفعه لإصدار هذا القرار بشأنها.
هذه جريمة هائلة ضد الإنسانية وللتاريخ لابد من تسجبلها. علماً بأن القرار صادر
بموجب الفصل السابع.
- وفى 16 سبتمبر 1990 يدعو مجلس الأمن العراق لتحرير
المواطنين الأجانب بشكل عاجل الذين قبض عليهم فى المكاتب الديبلوماسية فى الكويت
والعراق. وقد صدر القرار وفق الفصل السابع.
- وحول بعض الدول التى طلبت مساعدات بسبب أضرار ادعت
حصولها لها بسبب تطبيق العقوبات. صدر القرار 669 فى 24 سبتمبر 1990.
- وصدر القرار 670 حول ضرورة تطبيق العقوبات على العراق
حتى بالنسبة لوسائل النقل ومن ضمنها الطائرات. وذلك وفق الفصل السابع. كما أكد
القرار على تجميد الأموال العراقية وحماية أموال الكويت (مؤكدا القرار 661).
- وصدر القرار 674 فى 29 أكتوبر 1990 الذى يلزم العراق
بتحرير المواطنين الأجانب المحجوزين فى العراق والكويت. ووفقاً للفصل السابع.
- وبموجب القرار 677 فى 28 نوفمبر 1990 شجب مجلس الأمن
محاولات العراق تغيير التركيب السكانى فى الكويت, بموجب الفصل السابع.
-
وجاء القرار
الحاسم والشهير رقم 678 فى 29 نوفمبر 1990 والذى خوّل استعمال كافة الوسائل
الضرورية (ومن ضمنها استعمال القوة) لتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الشأن. ووفقاً
للفصل السابع.
المرحلة الئانية:
تطبيق الفصل السابع بعد إنتهاء الاحتلال (للكويت):
- لقد جاء القرار 686 في 2 مارت 1991 ليشير إلى كتاب طارق
عزيز المؤرخ فى 27 فبراير 1991 والذى يبلغ فيه بشكل رسمى قبول الحكومة العراقية
للقرار 660 ولكافة قرارات مجلس الأمن (أي 12 قرار) ذات الشأن. وليأخذ المجلس علماً
بوقف العمليات العسكربة والهجومية. وذلك وفق الفصل السابع.
- وفى 3 نيسان 1991 صدر القرار الشهير رقم 687 حول وقف
إطلاق النار وشروطه التى أثقلت كاهل العراق بشكل هائل (وبالطبع بموجب الفصل
السابع).
- فرض القرار نشر فرق المراقبين الدوليين. ووضع أحكاما
لترسيم الحدود بين العراق والكويت. ورفع وتدمير الأسلحة العراقية ذات التدمير
الشامل. ووضع تدابير لمنع إعادة صنعها. وذلك تحت إشراف لجنة خاصة وبالتعاون مع
المدير العام للجنة الدولية للطاقة الذرية. كما قرر إنشاء صندوق للتعويضات عن
الأضرار والخسائر المباشرة نتيجة لاحتلال الكويت من قبل العراق.
- لقد فرض هذا القرار أعباء عانى منها العراق ومازال وقد
تحمّل القسط الأعظم منها الشعب العراقى
رغم تكرار مسئولي الدول التى قادت الحملة لإخراج الجيش العراقى من الكويت أن الشعب
العراقى غير مسئول عن الاحتلال. ولكن رغم ذلك فقد أصرّت هذه الدول بقيادة الولايات
المتحدة على فرض إجراءات لم تستهدف الحكام العراقيين بقدر استهدافها للجماهير التى
تعترف ببرائتها بل أدت إلى استغلال الحكام لها والاستفادة منها.
- من الجدير بالملاحظة أن الكتاب الذى جرى بموجبه إبلاغ
موافقة العراق على القرارات الخاصة بالانسحاب من الكويت (أى من 660 إلى 678) قد
تمّ توقيعه من قبل طارق عزيز (بصقته نائب رئيس الوزراء) وتضمّن موافقة مطلقة بدون
آىّ تحُفّظ (بتأريخ 3 مارت 1991) .بينما جاءت الموافقة على القرار 687 بتوقيع أحمد
حسين وزير الخارجية العراقية فى حينه وهى تتضمن انتقادات وتحفظات واضحة. وقد ختمها
بجملة بالغة الأهمية حيث قال: بأن "لبس للعراق خيار آخر غير الموافقة على
القرار المذكور!" (بتأريخ 6 نيسان 1991. إن هذا التحفّظ فى غاية الأهمية
لأنه يثبٌت الإكراه بينما تجنب طارق عزيز نائب الرئيس السابق إدراج أي تحفّظ أو
إنتقاد مثيل وهو ما يدعو للاستغراب!.
- وأصدر مجلس الأمن قراره المرقم 688 طالباً من العراق وضع
حدّ لانتهاكاته ضد السكان المدنيين فى عدة مناطق من العراق وألحَ على السماح
للمنظمات الإنسانية للوصول الفوري لكل المحتاجين إلى مساعدات. وقرر إبقاء الموضوع
ضمن اختصاصه.
- وفى 20 مايس 1991 أصدر مجلس الأمن قراره المرقم 692
لإنشاء لجنة الأمم المتحدة للتعويضات. ونص على إبقاء الموضوع ضمن أختصاصه وضمن
الفصل السابع. وسوف نعود للموضوع عند معالجة مسألة الأموال العراقية. علما بأن
الأمين العام للأمم المتحدة قد اقترح
اقتطاع مبلغ لا يزيد على 30 % من موارد البترول العراقى ومنتجاته النفطية.
- وأصدر المجلس قراره المرقم 699 فى 17 حزبران 1991 حول
إلزام العراق بتحمُل كافة النفقات الخاصة ببرنامج تدمير الأسلحة. وذلك وفق الفصل
السابع.
- ثمّ جاء القرار المرقم 706 والمؤرخ فى 15 آب 1991. وهو
الذى يسمح بتصدير المنتجات النفطية من العراق خلال فترة ستة أشهر من أجل تمويل
عمليات الأمم المتحدة وفقاً لقرار المجلس رقم 687, وتخصيص جزء منها للمواد الطبية
والغذائية الضرورية وفقاً للفقرة 20 من القرار 687. وقد صدر القرار وفقا للفصل
السابع.
- وألزم مجلس الأمن العراق بموجب قراره المرقّم 707 بأن
يقدم تقريراً كاملاً حول برامج أسلحته. طبقا للقرار 687 والسماح للهيئة الخاصة
للجنة الطاقة الذرية ولفرق التفتيش بأن تدخل بدون شروط ولا تقييدات لكافة الأماكن
التى تريد تفتيشها.
- وفى 19 أيلول عام 1991 صدر القرار 712 الذى يسمح (بحدود
1,6 مليار دولار) ببيع النفط العراقي وبإجازة إطلاق هذه الأموال لتوفير الحاجات
الضرورية للسكان المدنيين. وقد صدر القرار وفقا للفصل السابع. هذا هو إذن القرار
الشهير والمدعو "بقرار النفط مقابل الغذاء". وسنعود إليه فيما بعد.
- وفى 21 أكتوبر 1991 أيّد المجلس فى قراره 715 تقريري كل من الأمين العام والمدير العام للجنة
الطاقة الذرية حول أعمال اللجنة الخاصة بالتفتيش عن الأسلحة المحرّمة. وأكد على
ضرورة احترام العراق لالتزاماته حول الموضوع ومشيراً لتطبيق الفصل السابع.
-
وتنفبذاً للفقرات 2 ـ 4 من القرار 687 والقرار 689, صدر القرار 773 لعام
1992 بخصوص الحدود مع الكويت حول ما أسماه بـ "المهمة التكنبكية الضرورية
لتأشير الحدود" مدعيا عدم الخروج عن هذه المهمة. ولكن القرار قد تدخل فى
الموضوع السيادى (أي ترسيمها وليس تأشيرها) فقط وهو الأمر الذى لا بدّ من اتفاق
الدولتين المتجاورتين حوله. ولم يسبق لمجلس الأمن أن مارسه بالنسبة لقضايا الحدود
بين دول أخرى. ولأجل تجنيب أجيالنا من كوارث الماضى لابدّ من معالجة هذا الموضوع
بروح موضوعية وبأجواء بعيدة عن الضغوط.. ولا شك فى أن مجلس الأمن قد تجاوز
صلاحياته فى هذا الموضوع وقد تدخل فى أمور لابد أن تثير المشاكل فى المستقبل. إذ
لابد أن يشعر العراقيون بأن أجواء حسم هذا الموضوع لا تخلو من فرض وإكراه (مشكلة
تقسيم أم قصر ونزع المرفأ القديم.. موضوع آبار النفط فى الرميلة.. إمتناع ممثلي
العراق عن حضور أغلب إجتماعات اللجنة المختصة.. مشكلة إجلاء المزارعين العراقيين..
الشعور باستغلال ظروف دحر الجيش العراقى وانسحابه من الكويت لفرض شروط غير
مقبولة..إلخ). وتفادياً للمشاكل فى المستقبل بعد ما عانته شعوبنا من كوارث. نرى من
الأولى (بعد أن يحسم العراق أولوياته الحالية) أن تتفق الدولتان على إحالة هذا
الموضوع على محكمة العدل الدولية فى لاهاي والقبول بكل ود ومسئولية لحكمها. خصوصا
وأن هناك سوابق مماثلة فى هذا الصدد.
المرحلة الثالثة:
تطبيق الفصل السابع: منذ الاحتلال (للعراق):
لقد أقرَت الولايات المتحدة والدول المحتلّة المتحالفة
معها انها دول محتلة اعتبارا من ا/ مايس/ 2003 حينما صرَّح بوش بانتهاء العمليات
العسكرية الرئيسية:
.Major (combat opérations
واستنادا لرسالة موجهة لرئيس مجلس الأمن من قبل كل من
الولايات المتحدة وبريطانيا وأيرلندة الشمالية بتأريخ 8/ مايس/2003 إعترفت فيها
"بممارسة السلطات والمسئوليات والألتزامات باعتبارهم سلطات أحتلال تتصرف تحت
قيادة موحدة وفقا للقانون الدولى المطبَق", فقد صدر القرار رقم 1483 عام
2003. علما بأنه شدَد على احترام أحكام القانون الدولى ولاسيَما إتفاقيات جنيف
لعام 1949. ولكنه بعين الوقت تضمَن نصوصاً مهمة لا تتفق مع تلك الاتفاقيات.
- من المستغرب ـ بدأ بهذا القرار ـ أن المجلس لا يكتفى
بالنص على استمرار خضوع الموضوع للفصل السابع ولكنه يضيف إلى أن "الموقف فى
العراق مازال يهدد السلام والأمن الدولى"!. يجيء ذلك بالنسبة لبلد واقع تحتل
الاحتلال وسلطاته التى تتحمّل مسئولية إقرار الأمن فيه وفقا للقانون الدولى وما
تعهدت به ذات الدول فى نفس القرار, حيث
جاء فى الفقرة 4 منه التزام المحتلين" بضمان إدارة فعالة.. من أجل تحقيق
الأمن والاستقرار ومن أجل تحقيق الظروف التى تسمح للشعب العراقى لإرساء مستقبله
السياسى بشكل حر". من الغريب إذن وضع مثل هذا النص بالنسبة لتهديد الوضع فى
العراق للأمن والسلام الدولى بعد أن استبيحت حدوده وأصبح لا حول له ولا قوة.
- والأنكى من ذلك أن المندوب الأمريكى بريمر قد أصدر
القرار رقم (1) والمنشور بالجريدة الرسمية ومنح نفسه بموجبه "كافة الصلاحيات
التنفيذية والتشريعية والقضائية" "وفقا لقرارات مجلس الأمن!" التى
يقوم بانتهاكها بالإضافة لانتهاك أتفاقية لاهاى لعام 1907 ولاتفاقيات جنيف لعام
1949. واستمراراً لأسلوب التحدّي والانتهاكات, وعلى سبيل المثال, أصدر بريمر قراره
رقم 39 بإلغاء قانون الاستثمارات الأجنبية, والقرار رقم 37 بخصوص الضرائب. وكل ذلك
خلافا للمادتين 43 و48 من اتفاقية لاهاى. كما وأنه أصدر قراراً برقم 17 منح بموجبه
الحصانة القضائية إلى قوات التحالف
والمتعاقدين معها (أي المرتزقة), خلافاً لأحكام القانون الدولى. بكل
موضوعية إن أساس كل هذه القرارات باطل والمبني على الباطل باطل. ولا أدري كم من
هذه القرارات مازالت مطبقّة فى العراق رغم ما يشوبها من عيوب فاضحة.
-
ومع ذلك فمن
الجدير بالذكر أن قرار مجلس الأمن (1483) قد جاء ببعض الأمور الإيجابية:
-
فقد أنهى
الحصار على العراق ما عدا السلاح. ولكنه من ناحية أخرى بالنسبة للنقطة الأخيرة قد
أبعد أية إمكانية لتسليح الأجهزة الأمنية وهو ما وفََر فرصة ذهبية لانتشار
الأرهاب.(فقرة 10 ).
-
أبدل برنامج
"النفط مقابل الغذاء" بنظام آخر سرد تفاصيله. ولكن لم يتحقق التأكُد من
فعاليته ونزاهة تطبيقه (فقرة 16).
-
حقق حصانة
دولية للنفط وللمنتوجات النفطية وللغاز ولأموال صندوق التنمبة العراقى.
-
جمًد كل
الأموال والأصول بكل أشكالها التى أخرجت من قبل صدام حسين وعائلته والمسئولين
الكبار فى النظام السابق ومهما كانت الصفة أو الجهات التى اختفت وراءها.
هذه إذن السلبيات وبعض
الإيجابيات فى هذا القرار الخطير والذى شكَل فيما بعد ركيزة أساسية لقرارات مهمة
لاحقة تضاعف الضغوط على العراق وفقا للاستراتيجية الأمريكية.
ومع ذلك وبالنسبة
للنقطتين الأخيرتين (حول حصانة النفط والغاز وتجميد الأموال) فإننا سنلاحظ أن
تجديدها الدورى فى قرارات لاحقة سيكون أداة ضغط على المفاوض العراقى عند إبرام
الاتفاق. إذ عليه الاختيار بين التوقيع أو تعريض الموارد والأموال العراقية
للمخاطر.
- لقد جاء القرار رقم 1511 فى 16 أكتوبر عام 2003 مؤكداً
ومكمّلاً للقرار 1483. فكرر بشكل غريب أن "الموقف فى العراق مازال يهددالسلام
والأمن الدولى"، بينما يناقض نفسه (وفى ذات القرار), حيث ينص فى الفقرة
13 أنه يجيز للقوات "متعددة الجنسيات والعاملة ضمن قيادة موحدة أن تتخذ
كافة الأجرءآت الضرورية للعمل على حفظ الأمن والأسقرار فى العراق". أي أنه
يؤكد مسئولية تلك القوات الدولية فى حفظ الأمن والاستقرار. وبالطبع فهو يكرر
خضوع الموضوع لأحكام الفصل السابع. كما وأنه يقرر النظر بعد سنة للحاجة إلى تمديد
مهام القوات متعددة الجنسيات لفترة جديدة.
- وفى 24 نوفمبر 2003 جاء القرار 1518 لينشئ لجنة خاصة من
أعضاء المجلس لإكمال إحصاء الأشخاص والكيانات المشار إليها فى الفقرة 19 من القرار
1483 مع صلاحية تغيير القائمة وفقا للاعتبارات الجدبدة.
القرار 1546 لعام 2004:
وهو يستند بشكل خاص
لطلب رئيس الحكومة العراقية لتجديد مهام قوات التحالف لفترة جدبدة. ويكرر كعادته
أن الموقف فى العراق مازال يهدد السلام والأمن العالمى ويخضع للفصل السابع.
ومن الجدير بالاهتمام
أنه في فقرته (11) يشير إلى ترتيبات جارية من أجل إقامة شراكة فى النواحى الأمنية
بين الحكومة العراقية "ذات السيادة والقوات الدولية.. وأن الحكومة العراقية
مؤهلة بتخصيص قوات أمن عراقية لتعمل مع القوات الدولية فى العمليات
العسكرية".
وأشاد بعين الوقت بموقف الدول التى قررت تخفيض ديون
العراق (ولاسيَما دول نادى باريس), ودعا الدول الأخرى بأن تحذو حذوها.
القرار 1790 فى 18
ديسمبر 2007:
هذا هو القرار
الذى يتخذه المجلس لتمديد مهام قوات التحالف لمدة سنة أخرى أى لنهاية عام
2008 .وذلك بناء على طلب رئيس الحكومة العراقية الذى أوضح فى كتابه المؤرخ فى 7/
12 /2007 ما يلى:
1-
إن العراق بطلب
التمدبد لسنة جديدة وللمرة الأخيرة.
2- تكون الحكومة العراقية مسئولة عن قرارات التوقيف والحجز.
"وحينما تتمُ مثل هذه الممارسات من قبل قوات التحالف فسيكون ذلك بكامل
التنسيق والتعاون والتفهُم! من قبل الحكومة العراقية !!"
3- تود الحكومة العراقية إعلام المجلس بأنها "قد
وقََعت إعلان مبادئ مع الولايات المتحدة.من أجل إقامة علاقات تعاون وصداقة "ولاتتوفر
لدينا أية معلومات حول فحوى هذا الأعلان وهل تمَ عرضه على مجلس النواب؟
4-
كما وطلب إعادة
النظر بما يدفعه العراق للجنة التعوبضات بنسبة 5 % من موارده البترولية.
جاء فى قرار المجلس بأنه قد أخذ بنظر الاعتبار ما ورد
بهذا الكتاب لاسيَما طلب التمديد. كما وأنه أخذ علماً "بكل الأهداف الواردة
فى الرسالة. ولاسيَما إبلاغها بأنها تطلب التمديد للمرة الأخيرة. كما وأن
القرار قد أشار إلى ما جاء فى كتاب رئيس الحكومة العراقية حول التوقيع على
"إعلان المبادئ بشأن علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد, كما ذكرنا.
ولم يتردد المجلس حتى فى هذه المرة الأخيرة ورغم تأكيده
حول التقدُم "الذى حققته قوات
الأمن العراقية.. من أجل ضمان الأمن فى البلاد" من العودة للتأكيد "بأن
الموقف فى العراق ما زال يهدد السلام والأمن الدولى". وخضوعه بالطبع للبند
السابع.
كيف إذن عالج الاتفاق
معضلة الفصل السابع وأعبائه؟
من خلال استعراضنا السريع للبنود الرئيسية فى قرارات
مجلس الأمن حول إخضاع العراق للفصل السابع (أي منذ قراره 661 بعد احتلال الكويت)
نود التنويه إلى أن المجلس كان يشير إلى الفصل السابع فقط دون عبارة "تهديد
العراق للأمن والسلم الدولى". ولكن مما يثير الاستغراب أن قراراته صارت تركّز
على هذا النص منذ انسحاب العراق من الكويت وبعد تدمير وحلِِِ قواه العسكرية
والأمنية. فإذا كان بالإمكان الاحتجاج بوجود تلك القوات فى حينه لتمرير مثل هذه العبارة,
فيصبح من غير المعقول تأكيدها بالنسبة لبلد خائر القوى ومستباح من قبل قوات وجهات
أجنبية ومجاورة, خارجبة وداخلية, وهو غبر قادر على حماية أمنه وسلامته. فكيف يكون
مهدِداً للأمن والسلم العالمى؟
النص الخاص بالاتفاق
حول إنهاء الفصل السابع: المادة الخامسة والعشرون:
لم يكد يمر على قرار المجلس سالف الذكر (رقم 1790 في
18/12/2007) إلا أقل من سنة حتى يأتى التصديق على "اتفاق انسحاب القوات
الأمريكية من العراق" لينص فى مادته الخامسة والعشرين "على أن الخطر
الذى كانت تشكله حكومة العراق على السلام والأمن الدولى قد زال"!!.
ثم تضيف المادة بأن "الطرفين يؤكدان فى هذا الصدد
أن مع إنهاء العمل بالولاية والتفويض الممنوحين للقوات متعددة الجنسيات بمقتضى
الفصل السابع المتضمن القرار 1790 (2007) ينبغى أن يستردً العراق مكانته القانونية
والدولية التى كان يتمتع بها قبل قرار مجلس الأمن رقم 661(1990), ويؤكدان كذلك أن
الولايات المتحدة يجب أن تساعد العراق على اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك بحلول
يوم 31 ديسمبر عام 2008". نلاحظ وجود اختلاف بين النصين العربى
والأنكليزى (علما بأن النص الأخير هو الأساس لكافة المسودات ولم يرد لعلمنا وجود
مبادرات عراقية بتقديم أية مسودة لمشروع الإتفاق). وقد جاء النص الانكليزى
كالآتى:
“.. and that the United States should use its best efforts to help Iraq
take the necessary to achieve this by December31 2008”
إن الترجمة الدقيقة لابد أن تفرق بين عبارة: "بذل
أطيب الجهود لمساعدة العراق لكي يتخذ الخطوات الضرورية..الخ" (حسب النص
الانكليزى), وعبارة "أن الولايات المتحدة يجب أن تساعد
العراق..الخ". كما هو وارد فى النص العربى. سيحسم المستقبل مثل هذه المفارقات
الموجودة فى مناسبات أخرى. ويعتمد ذلك بالطبع على مدى حسن النية.
التفاوض:
لا مجال للشك بانعدام التوازن بين طرفين أحدهما طرف يمثل
سلطة احتلال لها السيادة المطلقة والثانى طرف ناقص السيادة حسب قرارات مجلس الأمن
الدولى ذات الصلة. بل أن الأوامر ألتى أصدرها (بريمر) والتى نشرتها الجريدة العراقية
الرسمية (بصفة قوانين) كانت تستعمل صراحة تعبير؛ (بموجب الوصاية الممنوحة لى..)
علمآ بأن المادة 78 من ميثاق الآمم المتدة المتحدة تحرُم بشكل مطلق تطبيق نظام
الوصاية على الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة. وحيث أن المبنى على الباطل باطل فإن
كافة تلك القرارات من حيث المدأ قابلة
للطعن بها. ورغم تغيير بعض المظاهر فآن الجوهر واحد. مثل هذه الظروف لا يمكن إلا
آن يقود ألى مثل نموذجىُ من المعاهدات غير المتكافئة. علما بأن معاهدة فينا لعام
1969 قد نصت فى المادة 5 ببطلان المعاهدات التى تعرَض المفاوض فيها للإكراه بالفعل
أو بالتهديد.
هذا هو إذن الموقف القانونى المحظ بالنسبة لهذه الأتفا
وما يمكن أن يُثار بشأنه. ولكن ما أشبه اليوم بالبارحة. فبينما كان المرحوم نورى
السعيد يكافح مكرها عام 1930 من أجل إبرام المعاهدة العراقية البريطانية لإنقاذ
محافظة الموصل ها هو التأيخ يكرر نفسه لنجد نورى المالكى فى موقف مماثل لا يحسد
عليه. ولا بدَ هنا من الموازنة بين الأعتبارات القانونية والمصالح الوطنية
العليا.
لا جدال حول الضغوط التى تعرُض لها ألمفاوض ألعراقى بل
أن الأبتزاز صارخ فيها. وتجسًد بعدة اساليب منها تستهدف المسئولين ومصيرهم
وحمايتهم. ومنها تخص المصالح العليا للبلد (التهديد بأبقاء العراق تحت آحكام الفصل
السابع من الميثاق.. التهدبد بتجميد الأموال.. ترك البلد ممزقآ وفريسة للأرهاب
ألذى قدم مع الأحتلال).
§ أن الفقرة 4 من المادة الرابعة والعشرين من الإتفاق تنص
على أن الولايات المتحدة تعترف (بالحق السيادي لحكومة العراق فى آن تطلب خروج القوات الأمريكية فى
أي وقت.. وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة..) ترى ماذا تعني هذه المادة؟ أهي
مخرج للرئيس الأمريكى المنتخب أذا أراد تغيير سياسته حسب ما توحى تصريحاته؟ أهي
إمكانية يمكن أن يحلم بها أي عراقي ليظهر مهارته بعد تخليص العراق من أغلال قرارات
مجلس الأمن وفصله السابع؟ أما الولايات المتحدة فبإمكانها فعل ذلك ومتى شاءت
مصالحها وأما العراق فعلم ذلك عند ربّى.. ولعلَها مجرّد أحلام.
§ ومع ذلك ونظرا للصعوبات الهائلة أمام أي توافق بين
الأطراف السياسية. ولدقة وخطورة أية مجازفة سلبا أو أيجابا تجاه مشروع الأتفاق(قبل
تبنّيه) فأننا سبق أن اقترحنا للخروج من هذا المأزق ما يلي:
1) الموافقة على
المشروع رغم مساوئه الكثيرة.
2) إصدار بيان برلمانى موازى يلزم أية حكومة عراقية
بما يلى:
- أن الموافقة على هذه الأتفاقية لا تعنى رضاء
كاملا على بنودها.
- إنما
يجيء ذلك حرصا على المصالح العليا للوطن وعلى التوافق الوطنى.
- وحيث أن
المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة تنص على حلّ المشاكل بين الدول بالطرق
السلمية وأن الفقرة الثانية من المادة الثانية لنفس الميثاق تؤكد على ضرورة احترام
مبدأ حسن النية فى تطبيق الميثاق.
§ وحيث أن المادة 103 من ذات الميثاق تمنح الألتزام ببنوده
الأولوية على أي اتفاق دولىّ آخر.
§ واستنادا إلى الفقرة 4 من المادة الثالثة والعشرين من
الاتفاق والتى تنص على ما يلي:
§ "تعترف
الولايات المتحدة بالحق السيادى لحكومة العراق فى أن تطلب خروج قوات الولايات
المتحدة فى أيّ وقت..." فإن الحكومة العراقية ملزمة بمتابعة دقيقة لمدى
احترام المصالح العراقية من خلال تطبيق ذلك الاتفاق خصوصآ فى احترام السيادة
الوطنية. وجدولة أنسحاب القوات الأجنبية وسلطان القانون والقضاء العراقى والتعهدات
الخاصة بحماية الأموال العراقية. وتقوم الحكومة العراقية بتقديم تقرير دورى إلى
البرلمان كل ثلاثة أشهر بهذا الشأن. آخذين بنظر الاعتبار الاختيارات الواردة فى
الفقرة 4 من المادة الثالثة والعشرين المذكورة أعلاه.
§ تقوم الحكومة العراقية عند الابلاغ بمصادقة العراق على
الاتفاق بإبلاغ البيان البرلمانى (آو
القانون المقترح) بشكل موازي للولايات المتحدة وللأمين العام للأمم المتحدة.
هذا ما كنا نحبذ ولكن المساومات بين الكتل السياسية قد
رأت الخلط بين
اعتباراتها الخاصة بها وضرورات تطويق مساوئ الاتفاقية.
وكان من الأجدر الفصل بين الأمرين ولو بإبرام قانونين منفصلين. واستبعاد ما حصل من
خلط لأمور لا صلة لموضوع الاتفاق بها.
ثانيا: تعقيبات حول
بعض نصوص الاتفاق:
يبدو واضحاً أن النص الأصلى للمشروع مدوٌن بالأنكليزية.
وهو ما يعقٌد الفهم الدقيق لفحواه. وحيث أن كلا اللغتين معتمدتان فأن تفسير
الأشكالات تزداد صعوبة عند مواجهة المشاكل فى المستقبل.
-
بعض الأمثلة:
-
المادة
الثانية: تعريف المصطلحات:
-
جاء على سبيل
المثال تعبير "المنشآت والمساحات" المتفق عليها "لا أدرى كيف يمكن الأتفاق وفقا لمثل هذه التعابير.؟ لقد ورد فى
النص الأنكليزى ما يلى:
AGREED FACILITIES AND AREAS
ومن الواضح أن النص الأخير أكثر دقة من النص العربى الذى
يستعمل تعبيرين غير دقيقبن. والغريب أن الترجمة الفرنسية (المأخوذة من العربية)
أكثر وضوحا من ذات النص العربى.هذا مجرًد مثال لمناسبة قد لاتبدو مسبّبة لجدل
.ولكن كثرة مثل هذه الحالات خصوصا فى المناسبات الدقيقة لابد أن تؤدى لصعوبات
مقبلة خصوصا أذا كان الغموض متعمٌدا وعند فقدان حسن النية.
وجاءت كذلك التعابيرالتالية:
"المتعاقدون مع الولايات المتحدة"
و"المستخدمون العاملون لدى المتعاقدين
مع الولايات المتحدة". ثم تضيف المادة بأنهم "مواطنون أميركيون
أو مواطنو بلد ثالث الموجودون فى العراق لتوفير السلع والخدمات" والأمن!!"
أن هذا الغموض والخلط بين آمور غير متجانسة يثير المخاوف خصوصا وأنه ٌقد
يشمل الشركات الأمنية التى تصفها أتفاقيات جنيف بالمرتزقة الذين لا يتمتعون
بضماناتها.. ثم من أيّ بلد جاء "مواطنوا بلد ثالث !!؟
هناك تعابير لم ترد فى التعاريف, مثل: "اللجنة
المشتركة العسكرية" أو "اللجنة الوزارية المشتركة" ـ ترى ما هذه
اللجان؟. وكيف يتمّ تشكيلها؟ وماهى صلاحياتها عند الاتفاق أو الاختلاف؟ ورغم
ورودها فى المادة الثالثة والعشرين ونظراً لدورها الأساسي كان من الضرورى تعريفها
بشكل دقيق.
المادة التاسعة: حركة المركبات والسفن والطائرات:
هناك خلط غريب ومعقَد بين صلاحيات الطرفين (أهو بريء أم
متعمَد؟) وهو لاشك على حساب الطرف العراقى.
المادة العاشرة: إجراءات التعاقد:
من الواضح أن صلاحيات الاختيار مطلقة لصالح الأمريكان
وبموجب القانون الأمريكى. بدون أي قيد حول الجنسية!!. بينما لها التعاقد "ما
أمكن! مع مورّدين عراقيين! أوغيرهم..!!" والله أعلم من قد يكون غيرهم!!. علما
بأن أحترام القانون العراقى مقصور فقط على "العقود المبرمة مع
العراقيين"!! وما عدا ذلك فللولايات المنحدة "أن تبرم عقودا بموجب
القانون الأمريكى لوحده. كما وأن تعبير"احترام القانون العراقى" قد لا
يعنى بالضرورة تطبيقه.
المادة الثانية عشرة: الولاية القضائية:
لاشك بأن هذه المادة تشكٌل معضلة أساسية فى هذه
الاتفاقية فمن المعلوم أن الولايات المتحدة تصر ُمن حيث المبدأ على سيادة ولايتها
القضائية بالنسبة لا لمواطنيها فحسب بل وغالبا ما تحاول شمولها حتى
للمتعاقدين معها مهما كانوا (ومن ضمنهم
بالطبع المتعاقدون الأمنيون. وهم المرتزقة حسب أحكام القانون الدولى الآنسانى) ..
(البروتوكول الأول.1977 مادة 47), ومن حسن الحظ أن الفقرة 2_ من المادة المذكورة
قد أخضعتهم للولاية العراقية (مع عدم استبعاد احتمالات الإبهام كما سنرى).
ولابد لنا هنا من إبداء بعض الملاحظات:
-
تنص الفقرة (1) من هذه المادة على ما يلى:
"يكون للعراق الحق الأولى لممارسة الولاية القضائية على أفراد قوات
الولايات المتحدة وأفراد العنصر المدنى بشأن الجنايات الجسيمة والمتعمدة"..
وبدون تحدبد لمعنى تلك الجنايات سيبقى الأمر غامضا (كيف يمكن أن تكون الجنايات
جسيمة دون أن تكون متعمّدة ؟!).علما بأن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها قد تطرقت
لموضوع "الانتهاكات الخطيرة" ولكنها حددتها فى نصوص واضحة.(البروتوكول
الأول مادة 85 مشيرة لمواد أتفاقيات جنيف عام 1949).
- بينما ثبتت ذات المادة من الأتفاقية مع الولايات المتحدة
فى الفقرة (3) الولاية القضائية المطلقة للولايات المتحدة بشأن "أمور تقع
داخل المنشآت والمساحات المتفق عليها"..
-
بل وأنها
أضافت: ".. وأثناء تأدية الواجب خارج المنشآت والمساحات المتفق عليها"..
- وفى الفقرة (5) من ذات المادة أشارت الى ضرورة إخبار
الولايات المتحدة فى حالة اعتقال أو احتجاز أحد عناصرها المذكورة وتسليمه لها خلال
(24) ساعة على أن تتولى بنفسها احتجازه وتقديمه لأغراض التحقيق والمحاكمة.
- وحتى فى الحالة الأخيرة, لها وفق الفقرة (6) من ذات
المادة أن تطلب من الطرف العراقى التخلى عن ولايته وفق إجرءآت غامضة.
والخلاصة فإن الولايات المتحدة قد حصلت على كل مطالبها
بشأن احتكارها للولاية القضائية بالنسبة لكافة أفرادها. وتبقى مسألة الحماية
القضائية لأفراد الشركات الأمنية (أي المرتزقة) مبهمة وخطيرة بالنسبة لحماية
السكان المدنيين ولموقف القانون الدولى الإنسانى من مركزهم غير الشرعى. وفى ضوء
الجرائم الخطيرة السابقة التى سبق أن ارتكبوها.
صحيح أن الفقرة الثانية من المادة الثانية عشرة قد نصت
على الحق الأولىِِِِِِِِ للعراق "لممارسة الولاية القضائية على المتعاقدين مع
الولايات المتحدة ومستخدميهم". ومع ذلك فإن الاختلاط غير مستبعد بين تعبيرىّ
"المتعاقدين ومستخدميهم" وتعبير "عضو العنصر المدنى" الخاضعين
للولاية الأمريكية. وهؤلاء حسب تعريف المادة الثانية للأتفاق بأنهم "أي مدنى يعمل
لوزارة الدفاع". ألا يجوز إذن أن يدخل تحت قبّعة "العنصر
المدنى" وفق هذا المفهوم أولئك الذين يعملون لدى وزارة الدفاع (مهما كانت
صفتهم) ومستخدموهم لآغراض الأمن مثلا كما ورد فى إطار مهامهم وفق الفقرة المذكورة
أعلاه وبحجة أنهم يعملون ضمن "العنصر المدنى". بينما قد يكونون من بين
المتعاقدين أو مستخدميهم لأغراض أمنية؟ (أي الشركات الأمنية أو المرتزقة حسب أحكام
اتفاقيات جنيف وبرتوكولاتها كما سبق أن بيّنا).
المادة الرابعة
والعشرون: إنسحاب القوات الأمريكية من العراق:
نصّت هذه المادة على لزوم انسحاب جميع هذه القوات من
جميع الأراضى العراقبة فى موعد لا يتعدى 31 كانون الأول عام 2011. وأن تنسحب
"جميع القوات الأمريكية المقاتلة" من المدن والقرى والقصبات
العراقية في موعد لا يتعدى 30 حزيران عام 2009.
هذه إذن نصوص ومواعيد واضحة. ومع ذلك فإنها تستدعي بعض
التعقيب:
- إنها بلا شك تنسجم مع الحسابات الأمريكية التى نجحت في
التخفيف من الخسائر البشرية الأمريكية من جهة كما وأنها تتفق مع وعود الرئيس
المنتخب بالانسحاب من العراق خلال ستةعشر شهرا من جهة أخرى.
- يبقى موضوع القواعد العسكرية الأمريكية معلّقا. ومن
المستبعد أن تنوي الولايات المتحدة إخلائها. وقد تستدعى أتفاقا لاحقا حولها. علما
بأن روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكى قد صرَح لتلفزيون (العرببية) بتاريخ
12/12/2008 "بأنهم سيتعاونون مع العراقيين بعد عام 2011 وانسحاب القوات ضمن
أتفاق جديد على أساليب التعاون وفق مصلحة الطرفين".
- إن الاعتراف المتبادل حول حق كل طرف فى طلب خروج أو
إنسحاب تلك القوات (بموجب الفقرة الرابعة من تلك المادة) ليست له نتائج عملية
نظراً لوجود فترات زمنية متقاربة.
- يبقى بالطبع التساؤل الخطير حول مدى استعداد القوات
العراقية لصيانة الأمن بعد الانسحاب. إن سوابق الانسحابات وفق المصالح الأمريكية
لا تشجع على الاطمئنان. وإذن فإن هذا التحدّي سيظل واقعاً حصراً على كاهل
العراقيين. فهل نحن جديرون بتحمّل هذه المسئولية التاريخية؟
المادة الخامسة والعشرون: نظرة على تطبيقات الفصل السابع
(قبل الاحتلال "2003" وبعده), ومعالجة الاتفاق لأمره:
لم يكن التطرُق لهذا البند يحظى بأهمية لحد أمد قريب.
ولكنه فجأة أصبح حديث الساعة على الصعيد الإعلامى والسياسى. بل أنه شغل بال الناس
دون أن بفهموا معناه. وصار المسؤلون يكثرون من التطرُق إليه فى تبريراتهم لإبرام
الاتفاق كما لو كان سيفاً مسلطاً على الرقاب. لكن بالنسبة للعراق لم يكن إبن
الساعة فتاريخه شاق ومؤلم.
المرحلة الأولى تطبيق
الفصل السابع منذ إحتلال الكويت:
من المعلوم أن ميثاق الأمم المتّحدة مبنىّ أساساً على
نبذ الحروب وحلّ النزاعات بالطرق السلمية. وفى حالة تعذُر ذلك فعن طريق الوسائل
الاستثنائية التى سمح بها الميثاق إذ من الممكن الرجوع إلى وسائل زجرية متدرجة
بموجب الفصل السابع.
لقد جاء عنوان
هذا الفصل كالتالى:
"فيما يتخذ من
الأعمال فى حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان".
ومنذ احتلال الكويت
وحتى اليوم والعراق رازح تحت هذا الفصل بذرائع وحجج متنوعة. لقد وجدت الولايات
المتحدة من خلال هذا الفصل ومن هيمنتها على مجلس الأمن كعضو دائم يتمتع بحق الرفض
كما شاء فرصة ذهبية للتعامل مع القضية العراقية بمراحلها المتعاقبة. ولاشك أن
تصرفات المسئولين العراقيين فى بعض هذه المراحل قد سهَلت مهمة الاستراتيجية
الأمريكية.
لقد بدأ هذا الدرب الشاق والمؤلم والمرير كالتالى:
- جاء أولا قرار مجلس الأمن المرقم 660 (2 آب 1990 )
وبموجب المادتين39 و40 من الفصل السابع ليدين الاحتلال العراقى للكويت مع المطالبة
بالسحب الفورى وغير المشروط للقوات العراقية والبدأ بمفاوضات بين البلدين لحلّ
منازعاتهما. ويلاحظ أن المجلس وإن تصرّف وفق الفصل السابع إلا أنه لم يشر صراحة
إلى وصف العراق بأنه يهدد السلم والأمن الدولى وأنه سيبقى خاضعاً لهذا الفصل كما
سيفعل فى قرارات مقبلة.
- وفى 9 آب 1990 صدر القرار 661 وتمّ بموجبه فرض عقوبات
اقتصادية على العراق مع تأسيس "لجنة العقوبات" للإشراف على تطبيق
القرار. علما بأن القرار قد نص صراحة على صدوره بموجب الفصل السابع.
-
وفى 12 آب 1990
صدر القرار 662 ونص على أن ضمَ الكويت للعراق باطل وغير شرعي.
- وفي 18 آب 1990 صدر القرار 664 فارضاً إجازة مواطني
الدول الأخرى للخروج من الكويت والعراق. وعاملاً بموجب الفصل السابع.
- وفى 25 آب 1990 صدر القرار 665 مجيزاً القوات البحربة
لإتخاذ الإجراءات اللازمة حسب الظروف. ووفقا للفصل السابع.
- وفى 13 سبتمبر 1990 صدر القرار 666 وهو يخالف بشكل فاضح
أحكام القانون الدولى الإنسانى. إذ بينما يشير لأحكام أتفاقية جنيف الرابعة فإنه
يخرق ذات الاتفاقية. حيث تنص المادة 23 من هذه الاتفاقية على إلزام أطراف النزاع
بضمان المرور الحر لشحن المواد الطبية والغذائية. وبينما تمنع المادة 54 من
البروتوكول الأول لعام 1977 إستعمال التجويع ضد السكان المدنيين, وإذا بالقرار 666
لا يبيح التزوُّد بالمواد الغذائية إلا لأسباب إنسانية وفى الحالات العاجلة.
إن هذا الخرق للقانون الدولى الإنسانى قدسبّب كوارث إنسانية هائلة راح ضحيتها
الملايين. ولا مجال لنكران مسئولية مجلس الأمن ومن دفعه لإصدار هذا القرار بشأنها.
هذه جريمة هائلة ضد الإنسانية وللتاريخ لابد من تسجبلها. علماً بأن القرار صادر
بموجب الفصل السابع.
- وفى 16 سبتمبر 1990 يدعو مجلس الأمن العراق لتحرير
المواطنين الأجانب بشكل عاجل الذين قبض عليهم فى المكاتب الديبلوماسية فى الكويت
والعراق. وقد صدر القرار وفق الفصل السابع.
- وحول بعض الدول التى طلبت مساعدات بسبب أضرار ادعت
حصولها لها بسبب تطبيق العقوبات. صدر القرار 669 فى 24 سبتمبر 1990.
- وصدر القرار 670 حول ضرورة تطبيق العقوبات على العراق
حتى بالنسبة لوسائل النقل ومن ضمنها الطائرات. وذلك وفق الفصل السابع. كما أكد
القرار على تجميد الأموال العراقية وحماية أموال الكويت (مؤكدا القرار 661).
- وصدر القرار 674 فى 29 أكتوبر 1990 الذى يلزم العراق
بتحرير المواطنين الأجانب المحجوزين فى العراق والكويت. ووفقاً للفصل السابع.
- وبموجب القرار 677 فى 28 نوفمبر 1990 شجب مجلس الأمن
محاولات العراق تغيير التركيب السكانى فى الكويت, بموجب الفصل السابع.
-
وجاء القرار
الحاسم والشهير رقم 678 فى 29 نوفمبر 1990 والذى خوّل استعمال كافة الوسائل
الضرورية (ومن ضمنها استعمال القوة) لتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الشأن. ووفقاً
للفصل السابع.
المرحلة الئانية:
تطبيق الفصل السابع بعد إنتهاء الاحتلال (للكويت):
- لقد جاء القرار 686 في 2 مارت 1991 ليشير إلى كتاب طارق
عزيز المؤرخ فى 27 فبراير 1991 والذى يبلغ فيه بشكل رسمى قبول الحكومة العراقية
للقرار 660 ولكافة قرارات مجلس الأمن (أي 12 قرار) ذات الشأن. وليأخذ المجلس علماً
بوقف العمليات العسكربة والهجومية. وذلك وفق الفصل السابع.
- وفى 3 نيسان 1991 صدر القرار الشهير رقم 687 حول وقف
إطلاق النار وشروطه التى أثقلت كاهل العراق بشكل هائل (وبالطبع بموجب الفصل
السابع).
- فرض القرار نشر فرق المراقبين الدوليين. ووضع أحكاما
لترسيم الحدود بين العراق والكويت. ورفع وتدمير الأسلحة العراقية ذات التدمير
الشامل. ووضع تدابير لمنع إعادة صنعها. وذلك تحت إشراف لجنة خاصة وبالتعاون مع
المدير العام للجنة الدولية للطاقة الذرية. كما قرر إنشاء صندوق للتعويضات عن
الأضرار والخسائر المباشرة نتيجة لاحتلال الكويت من قبل العراق.
- لقد فرض هذا القرار أعباء عانى منها العراق ومازال وقد
تحمّل القسط الأعظم منها الشعب العراقى
رغم تكرار مسئولي الدول التى قادت الحملة لإخراج الجيش العراقى من الكويت أن الشعب
العراقى غير مسئول عن الاحتلال. ولكن رغم ذلك فقد أصرّت هذه الدول بقيادة الولايات
المتحدة على فرض إجراءات لم تستهدف الحكام العراقيين بقدر استهدافها للجماهير التى
تعترف ببرائتها بل أدت إلى استغلال الحكام لها والاستفادة منها.
- من الجدير بالملاحظة أن الكتاب الذى جرى بموجبه إبلاغ
موافقة العراق على القرارات الخاصة بالانسحاب من الكويت (أى من 660 إلى 678) قد
تمّ توقيعه من قبل طارق عزيز (بصقته نائب رئيس الوزراء) وتضمّن موافقة مطلقة بدون
آىّ تحُفّظ (بتأريخ 3 مارت 1991) .بينما جاءت الموافقة على القرار 687 بتوقيع أحمد
حسين وزير الخارجية العراقية فى حينه وهى تتضمن انتقادات وتحفظات واضحة. وقد ختمها
بجملة بالغة الأهمية حيث قال: بأن "لبس للعراق خيار آخر غير الموافقة على
القرار المذكور!" (بتأريخ 6 نيسان 1991. إن هذا التحفّظ فى غاية الأهمية
لأنه يثبٌت الإكراه بينما تجنب طارق عزيز نائب الرئيس السابق إدراج أي تحفّظ أو
إنتقاد مثيل وهو ما يدعو للاستغراب!.
- وأصدر مجلس الأمن قراره المرقم 688 طالباً من العراق وضع
حدّ لانتهاكاته ضد السكان المدنيين فى عدة مناطق من العراق وألحَ على السماح
للمنظمات الإنسانية للوصول الفوري لكل المحتاجين إلى مساعدات. وقرر إبقاء الموضوع
ضمن اختصاصه.
- وفى 20 مايس 1991 أصدر مجلس الأمن قراره المرقم 692
لإنشاء لجنة الأمم المتحدة للتعويضات. ونص على إبقاء الموضوع ضمن أختصاصه وضمن
الفصل السابع. وسوف نعود للموضوع عند معالجة مسألة الأموال العراقية. علما بأن
الأمين العام للأمم المتحدة قد اقترح
اقتطاع مبلغ لا يزيد على 30 % من موارد البترول العراقى ومنتجاته النفطية.
- وأصدر المجلس قراره المرقم 699 فى 17 حزبران 1991 حول
إلزام العراق بتحمُل كافة النفقات الخاصة ببرنامج تدمير الأسلحة. وذلك وفق الفصل
السابع.
- ثمّ جاء القرار المرقم 706 والمؤرخ فى 15 آب 1991. وهو
الذى يسمح بتصدير المنتجات النفطية من العراق خلال فترة ستة أشهر من أجل تمويل
عمليات الأمم المتحدة وفقاً لقرار المجلس رقم 687, وتخصيص جزء منها للمواد الطبية
والغذائية الضرورية وفقاً للفقرة 20 من القرار 687. وقد صدر القرار وفقا للفصل
السابع.
- وألزم مجلس الأمن العراق بموجب قراره المرقّم 707 بأن
يقدم تقريراً كاملاً حول برامج أسلحته. طبقا للقرار 687 والسماح للهيئة الخاصة
للجنة الطاقة الذرية ولفرق التفتيش بأن تدخل بدون شروط ولا تقييدات لكافة الأماكن
التى تريد تفتيشها.
- وفى 19 أيلول عام 1991 صدر القرار 712 الذى يسمح (بحدود
1,6 مليار دولار) ببيع النفط العراقي وبإجازة إطلاق هذه الأموال لتوفير الحاجات
الضرورية للسكان المدنيين. وقد صدر القرار وفقا للفصل السابع. هذا هو إذن القرار
الشهير والمدعو "بقرار النفط مقابل الغذاء". وسنعود إليه فيما بعد.
- وفى 21 أكتوبر 1991 أيّد المجلس فى قراره 715 تقريري كل من الأمين العام والمدير العام للجنة
الطاقة الذرية حول أعمال اللجنة الخاصة بالتفتيش عن الأسلحة المحرّمة. وأكد على
ضرورة احترام العراق لالتزاماته حول الموضوع ومشيراً لتطبيق الفصل السابع.
-
وتنفبذاً للفقرات 2 ـ 4 من القرار 687 والقرار 689, صدر القرار 773 لعام
1992 بخصوص الحدود مع الكويت حول ما أسماه بـ "المهمة التكنبكية الضرورية
لتأشير الحدود" مدعيا عدم الخروج عن هذه المهمة. ولكن القرار قد تدخل فى
الموضوع السيادى (أي ترسيمها وليس تأشيرها) فقط وهو الأمر الذى لا بدّ من اتفاق
الدولتين المتجاورتين حوله. ولم يسبق لمجلس الأمن أن مارسه بالنسبة لقضايا الحدود
بين دول أخرى. ولأجل تجنيب أجيالنا من كوارث الماضى لابدّ من معالجة هذا الموضوع
بروح موضوعية وبأجواء بعيدة عن الضغوط.. ولا شك فى أن مجلس الأمن قد تجاوز
صلاحياته فى هذا الموضوع وقد تدخل فى أمور لابد أن تثير المشاكل فى المستقبل. إذ
لابد أن يشعر العراقيون بأن أجواء حسم هذا الموضوع لا تخلو من فرض وإكراه (مشكلة
تقسيم أم قصر ونزع المرفأ القديم.. موضوع آبار النفط فى الرميلة.. إمتناع ممثلي
العراق عن حضور أغلب إجتماعات اللجنة المختصة.. مشكلة إجلاء المزارعين العراقيين..
الشعور باستغلال ظروف دحر الجيش العراقى وانسحابه من الكويت لفرض شروط غير
مقبولة..إلخ). وتفادياً للمشاكل فى المستقبل بعد ما عانته شعوبنا من كوارث. نرى من
الأولى (بعد أن يحسم العراق أولوياته الحالية) أن تتفق الدولتان على إحالة هذا
الموضوع على محكمة العدل الدولية فى لاهاي والقبول بكل ود ومسئولية لحكمها. خصوصا
وأن هناك سوابق مماثلة فى هذا الصدد.
المرحلة الثالثة:
تطبيق الفصل السابع: منذ الاحتلال (للعراق):
لقد أقرَت الولايات المتحدة والدول المحتلّة المتحالفة
معها انها دول محتلة اعتبارا من ا/ مايس/ 2003 حينما صرَّح بوش بانتهاء العمليات
العسكرية الرئيسية:
.Major (combat opérations
واستنادا لرسالة موجهة لرئيس مجلس الأمن من قبل كل من
الولايات المتحدة وبريطانيا وأيرلندة الشمالية بتأريخ 8/ مايس/2003 إعترفت فيها
"بممارسة السلطات والمسئوليات والألتزامات باعتبارهم سلطات أحتلال تتصرف تحت
قيادة موحدة وفقا للقانون الدولى المطبَق", فقد صدر القرار رقم 1483 عام
2003. علما بأنه شدَد على احترام أحكام القانون الدولى ولاسيَما إتفاقيات جنيف
لعام 1949. ولكنه بعين الوقت تضمَن نصوصاً مهمة لا تتفق مع تلك الاتفاقيات.
- من المستغرب ـ بدأ بهذا القرار ـ أن المجلس لا يكتفى
بالنص على استمرار خضوع الموضوع للفصل السابع ولكنه يضيف إلى أن "الموقف فى
العراق مازال يهدد السلام والأمن الدولى"!. يجيء ذلك بالنسبة لبلد واقع تحتل
الاحتلال وسلطاته التى تتحمّل مسئولية إقرار الأمن فيه وفقا للقانون الدولى وما
تعهدت به ذات الدول فى نفس القرار, حيث
جاء فى الفقرة 4 منه التزام المحتلين" بضمان إدارة فعالة.. من أجل تحقيق
الأمن والاستقرار ومن أجل تحقيق الظروف التى تسمح للشعب العراقى لإرساء مستقبله
السياسى بشكل حر". من الغريب إذن وضع مثل هذا النص بالنسبة لتهديد الوضع فى
العراق للأمن والسلام الدولى بعد أن استبيحت حدوده وأصبح لا حول له ولا قوة.
- والأنكى من ذلك أن المندوب الأمريكى بريمر قد أصدر
القرار رقم (1) والمنشور بالجريدة الرسمية ومنح نفسه بموجبه "كافة الصلاحيات
التنفيذية والتشريعية والقضائية" "وفقا لقرارات مجلس الأمن!" التى
يقوم بانتهاكها بالإضافة لانتهاك أتفاقية لاهاى لعام 1907 ولاتفاقيات جنيف لعام
1949. واستمراراً لأسلوب التحدّي والانتهاكات, وعلى سبيل المثال, أصدر بريمر قراره
رقم 39 بإلغاء قانون الاستثمارات الأجنبية, والقرار رقم 37 بخصوص الضرائب. وكل ذلك
خلافا للمادتين 43 و48 من اتفاقية لاهاى. كما وأنه أصدر قراراً برقم 17 منح بموجبه
الحصانة القضائية إلى قوات التحالف
والمتعاقدين معها (أي المرتزقة), خلافاً لأحكام القانون الدولى. بكل
موضوعية إن أساس كل هذه القرارات باطل والمبني على الباطل باطل. ولا أدري كم من
هذه القرارات مازالت مطبقّة فى العراق رغم ما يشوبها من عيوب فاضحة.
-
ومع ذلك فمن
الجدير بالذكر أن قرار مجلس الأمن (1483) قد جاء ببعض الأمور الإيجابية:
-
فقد أنهى
الحصار على العراق ما عدا السلاح. ولكنه من ناحية أخرى بالنسبة للنقطة الأخيرة قد
أبعد أية إمكانية لتسليح الأجهزة الأمنية وهو ما وفََر فرصة ذهبية لانتشار
الأرهاب.(فقرة 10 ).
-
أبدل برنامج
"النفط مقابل الغذاء" بنظام آخر سرد تفاصيله. ولكن لم يتحقق التأكُد من
فعاليته ونزاهة تطبيقه (فقرة 16).
-
حقق حصانة
دولية للنفط وللمنتوجات النفطية وللغاز ولأموال صندوق التنمبة العراقى.
-
جمًد كل
الأموال والأصول بكل أشكالها التى أخرجت من قبل صدام حسين وعائلته والمسئولين
الكبار فى النظام السابق ومهما كانت الصفة أو الجهات التى اختفت وراءها.
هذه إذن السلبيات وبعض
الإيجابيات فى هذا القرار الخطير والذى شكَل فيما بعد ركيزة أساسية لقرارات مهمة
لاحقة تضاعف الضغوط على العراق وفقا للاستراتيجية الأمريكية.
ومع ذلك وبالنسبة
للنقطتين الأخيرتين (حول حصانة النفط والغاز وتجميد الأموال) فإننا سنلاحظ أن
تجديدها الدورى فى قرارات لاحقة سيكون أداة ضغط على المفاوض العراقى عند إبرام
الاتفاق. إذ عليه الاختيار بين التوقيع أو تعريض الموارد والأموال العراقية
للمخاطر.
- لقد جاء القرار رقم 1511 فى 16 أكتوبر عام 2003 مؤكداً
ومكمّلاً للقرار 1483. فكرر بشكل غريب أن "الموقف فى العراق مازال يهددالسلام
والأمن الدولى"، بينما يناقض نفسه (وفى ذات القرار), حيث ينص فى الفقرة
13 أنه يجيز للقوات "متعددة الجنسيات والعاملة ضمن قيادة موحدة أن تتخذ
كافة الأجرءآت الضرورية للعمل على حفظ الأمن والأسقرار فى العراق". أي أنه
يؤكد مسئولية تلك القوات الدولية فى حفظ الأمن والاستقرار. وبالطبع فهو يكرر
خضوع الموضوع لأحكام الفصل السابع. كما وأنه يقرر النظر بعد سنة للحاجة إلى تمديد
مهام القوات متعددة الجنسيات لفترة جديدة.
- وفى 24 نوفمبر 2003 جاء القرار 1518 لينشئ لجنة خاصة من
أعضاء المجلس لإكمال إحصاء الأشخاص والكيانات المشار إليها فى الفقرة 19 من القرار
1483 مع صلاحية تغيير القائمة وفقا للاعتبارات الجدبدة.
القرار 1546 لعام 2004:
وهو يستند بشكل خاص
لطلب رئيس الحكومة العراقية لتجديد مهام قوات التحالف لفترة جدبدة. ويكرر كعادته
أن الموقف فى العراق مازال يهدد السلام والأمن العالمى ويخضع للفصل السابع.
ومن الجدير بالاهتمام
أنه في فقرته (11) يشير إلى ترتيبات جارية من أجل إقامة شراكة فى النواحى الأمنية
بين الحكومة العراقية "ذات السيادة والقوات الدولية.. وأن الحكومة العراقية
مؤهلة بتخصيص قوات أمن عراقية لتعمل مع القوات الدولية فى العمليات
العسكرية".
وأشاد بعين الوقت بموقف الدول التى قررت تخفيض ديون
العراق (ولاسيَما دول نادى باريس), ودعا الدول الأخرى بأن تحذو حذوها.
القرار 1790 فى 18
ديسمبر 2007:
هذا هو القرار
الذى يتخذه المجلس لتمديد مهام قوات التحالف لمدة سنة أخرى أى لنهاية عام
2008 .وذلك بناء على طلب رئيس الحكومة العراقية الذى أوضح فى كتابه المؤرخ فى 7/
12 /2007 ما يلى:
1-
إن العراق بطلب
التمدبد لسنة جديدة وللمرة الأخيرة.
2- تكون الحكومة العراقية مسئولة عن قرارات التوقيف والحجز.
"وحينما تتمُ مثل هذه الممارسات من قبل قوات التحالف فسيكون ذلك بكامل
التنسيق والتعاون والتفهُم! من قبل الحكومة العراقية !!"
3- تود الحكومة العراقية إعلام المجلس بأنها "قد
وقََعت إعلان مبادئ مع الولايات المتحدة.من أجل إقامة علاقات تعاون وصداقة "ولاتتوفر
لدينا أية معلومات حول فحوى هذا الأعلان وهل تمَ عرضه على مجلس النواب؟
4-
كما وطلب إعادة
النظر بما يدفعه العراق للجنة التعوبضات بنسبة 5 % من موارده البترولية.
جاء فى قرار المجلس بأنه قد أخذ بنظر الاعتبار ما ورد
بهذا الكتاب لاسيَما طلب التمديد. كما وأنه أخذ علماً "بكل الأهداف الواردة
فى الرسالة. ولاسيَما إبلاغها بأنها تطلب التمديد للمرة الأخيرة. كما وأن
القرار قد أشار إلى ما جاء فى كتاب رئيس الحكومة العراقية حول التوقيع على
"إعلان المبادئ بشأن علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد, كما ذكرنا.
ولم يتردد المجلس حتى فى هذه المرة الأخيرة ورغم تأكيده
حول التقدُم "الذى حققته قوات
الأمن العراقية.. من أجل ضمان الأمن فى البلاد" من العودة للتأكيد "بأن
الموقف فى العراق ما زال يهدد السلام والأمن الدولى". وخضوعه بالطبع للبند
السابع.
كيف إذن عالج الاتفاق
معضلة الفصل السابع وأعبائه؟
من خلال استعراضنا السريع للبنود الرئيسية فى قرارات
مجلس الأمن حول إخضاع العراق للفصل السابع (أي منذ قراره 661 بعد احتلال الكويت)
نود التنويه إلى أن المجلس كان يشير إلى الفصل السابع فقط دون عبارة "تهديد
العراق للأمن والسلم الدولى". ولكن مما يثير الاستغراب أن قراراته صارت تركّز
على هذا النص منذ انسحاب العراق من الكويت وبعد تدمير وحلِِِ قواه العسكرية
والأمنية. فإذا كان بالإمكان الاحتجاج بوجود تلك القوات فى حينه لتمرير مثل هذه العبارة,
فيصبح من غير المعقول تأكيدها بالنسبة لبلد خائر القوى ومستباح من قبل قوات وجهات
أجنبية ومجاورة, خارجبة وداخلية, وهو غبر قادر على حماية أمنه وسلامته. فكيف يكون
مهدِداً للأمن والسلم العالمى؟
النص الخاص بالاتفاق
حول إنهاء الفصل السابع: المادة الخامسة والعشرون:
لم يكد يمر على قرار المجلس سالف الذكر (رقم 1790 في
18/12/2007) إلا أقل من سنة حتى يأتى التصديق على "اتفاق انسحاب القوات
الأمريكية من العراق" لينص فى مادته الخامسة والعشرين "على أن الخطر
الذى كانت تشكله حكومة العراق على السلام والأمن الدولى قد زال"!!.
ثم تضيف المادة بأن "الطرفين يؤكدان فى هذا الصدد
أن مع إنهاء العمل بالولاية والتفويض الممنوحين للقوات متعددة الجنسيات بمقتضى
الفصل السابع المتضمن القرار 1790 (2007) ينبغى أن يستردً العراق مكانته القانونية
والدولية التى كان يتمتع بها قبل قرار مجلس الأمن رقم 661(1990), ويؤكدان كذلك أن
الولايات المتحدة يجب أن تساعد العراق على اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك بحلول
يوم 31 ديسمبر عام 2008". نلاحظ وجود اختلاف بين النصين العربى
والأنكليزى (علما بأن النص الأخير هو الأساس لكافة المسودات ولم يرد لعلمنا وجود
مبادرات عراقية بتقديم أية مسودة لمشروع الإتفاق). وقد جاء النص الانكليزى
كالآتى:
“.. and that the United States should use its best efforts to help Iraq
take the necessary to achieve this by December31 2008”
إن الترجمة الدقيقة لابد أن تفرق بين عبارة: "بذل
أطيب الجهود لمساعدة العراق لكي يتخذ الخطوات الضرورية..الخ" (حسب النص
الانكليزى), وعبارة "أن الولايات المتحدة يجب أن تساعد
العراق..الخ". كما هو وارد فى النص العربى. سيحسم المستقبل مثل هذه المفارقات
الموجودة فى مناسبات أخرى. ويعتمد ذلك بالطبع على مدى حسن النية.