قضيةرقم163 لسنة26 قضائية المحكمةالدستورية العليا "دستورية"
نص الحكم------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية
العليا
بالجلسة العلنية
المنعقـدة يوم
الأحد الثانى من ديسمبر سـنة 2007 م ، الموافق 22 من ذى
القعدة
سنة 1428 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ماهر
البحيرى نائب رئيس
المحكمة
وعضوية السادة المستشارين /
محمد على سيف الدين وعدلى محمود
منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح
وأنور رشاد العاصى
وماهر سامى يوسف .
وحضور السيد المستشار / رجب عبد
الحكيم سليم رئيس
هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد
حسن أمين السر
أصدرت الحكم
الآتى
فى
القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا برقم 163 لسنة 26 قضائية
" دستورية " .
المقامة من
السيد / أيمن
محمد
عاطف حامد
ضـــــد
1 ـ السيد رئيس
مجلس الوزراء
2 ـ السيد المستشار وزير العدل
3 ـ السيد المستشار
النائب
العام
الإجــراءات
بتاريخ الثالث
عشر من يوليو سنة
2004 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب
المحكمة ، طالباً
الحكم بعدم دستورية نص المادتين ( 209 ، 210
) من
قانون الإجراءات الجنائية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة طلبت فيها
الحكم أصلياً :
بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً : برفضها .
وبعد
تحضير الدعوى ، أودعت هيئة
المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى
على النحو المبين
بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم .
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق
،
والمداولة .
حيث إن الوقائـع ـ على ما
يتبيـن من صحيفـة الدعوى
وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد اتهمت
المدعى ـ
وآخرين ـ فى الجنحة رقم 318 لسنة 2002 شئون مالية ، بارتكاب جرائم مالية
تمثل
مخالفات لقانـون سـوق المـال ، ثم انتهت فى تحقيقاتها إلى إصدار قرارها
بألا
وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهمين لعدم الأهمية . تظلم
المدعى من القرار
للنائب العام ، كما طعن عليه أمام محكمة الجنح
المستأنفة للشئون المالية والتجارية
برقم 115 لسنة 2002 جنح مستأنف ،
وبجلسة 29/3/2003 أصدرت تلك المحكمة ـ منعقدة
فى غرفة مشورة ـ قرارها
بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذى صفة إعمالاً لحكم
المادة
(210) إجراءات جنائية التى لم تخوّل المتهم حق الطعن . كما كان المدعى
قد
أقام أيضاً الدعوى رقم 13091 لسنة 2003 مدنى كلى جنوب القاهرة طعناً على
القرار ذاته
فأحالته إلى محكمة الجنح المستأنفة للشئون المالية
والتجارية للاختصاص
والتى قررت كذلك فى 30/12/2004 عدم قبول الطعن
للتقرير من غير ذى صفة ، ومن جهة أخرى
أقام المدعى الدعوى رقم 21678
لسنة 56 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً بصفة
مستعجلة وقف تنفيذ
القرار السلبى الصادر من النائب العام لعدم التصرف فى القرار المتظلم
منه
على ضوء ما قدمه إليه من أوراق ومستندات ، وبجلسة 13/4/2004 قضت المحكمة
بعدم
اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ، وأمرت بإحالتها إلى
محكمـة
الجنح المستأنفة للشئون المالية والتجارية ، وأمام المحكمة الأخيرة دفع
المدعى بعدم دستورية المادتين
(209، 210) من قانون الإجراءات الجنائية ،
وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع ، وصرحت للمدعى
برفع الدعوى الدستورية ،
فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة ( 209 ) من
قانـون
الإجـراءات الجنائية تنص على أنه : " إذا رأت النيابة العامة
بعد
التحقيق أنه لا وجه لإقامة الدعوى تصدر أمراً بذلك ، وتأمر بالإفراج عن
المتهم
المحبوس ما لم يكن محبوساً لسبب آخر ولا يكون صدور الأمر بألا
وجه لإقامة الدعوى فى
الجنايات إلا من المحامى العام أو من يقوم مقامه .
ويجب
أن يشمل الأمر على الأسباب
التى بنى عليها ويعلن الأمر للمدعى بالحقوق
المدنية وإذا كان قد توفى يكون
الإعلان لورثته جملة فى محل إقامته".
وتنص
المادة ( 210 ) من القانون
ذاته على أن : " للمدعى بالحقوق المدنية
الطعن فى الأمر الصادر من النيابة
العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى إلا
إذا كان صادراً فى تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم
عام أو أحد رجال الضبط
لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ، ما لم تكن من
الجرائم
المشار إليها فى المادة ( 123 ) من قانون العقوبات .
ويحصل الطعن بتقرير
فى قلم
الكتاب فى ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلان المدعى بالحق المدنى
بالأمر .
ويرفع الطعن إلى محكمة
الجنايات منعقدة فى غرفة
المشورة
فى مواد الجنايات وإلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة فى
مواد الجنح
والمخالفات ، ويتبع فى رفعه والفصل فيه الأحكام المقررة فى
شأن استئناف الأوامر
الصادرة من قاضى التحقيق " .
وحيث إن المصلحة
الشخصية
المباشرة ـ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطها ، وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة ،
أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة
القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون
الحكم فى المسألة
الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة
الموضوع
. متى كان ذلك ، وكان النزاع فى الدعوى الموضوعية يدور فى جوهره حول
اختصام
الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية
ضد المدعى ـ
لعدم الأهمية ، وإذ كان النصان المطعون فيهما يحددان سلطة
إصدار هذا الأمر ، ومن له
الحق فى الطعن فيه ، فإن حسم مسألة دستوريتهما
، والذى يكون له انعكاس على الدعوى
الموضوعية ، ويحقق مصلحة المدعى فى
الدعوى الدستورية الماثلة ، ومن ثم يتحدد به
نطاق الدعوى الدستورية
ينحصر فيما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (209) من منح
النيابة العامة
سلطة إصدار الأمر بألا وجه ، وما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (210) من
قصر
حق الطعن فى الطعن على الأمر بألا وجه لعدم الأهمية على المدعى بالحقوق
المدنية
فقط دون المتهم ، ولا يتعداه إلى غير ذلك من أحكام وردت فى
المادتين المطعون
فيهما . وبالتالى يغدو دفع هيئة قضايا الدولة بعدم
قبول الدعوى لانتفاء مصلحة
المدعى فى الطعن على النصين سالفى البيان ،
فى غير محله ، متعيناً طرحه والالتفات
عنه .
وحيث إن المدعى ينعى
على النصين المطعون عليهما ـ
محدداً نطاقهما على نحو ما سلف ـ مخالفتهما
لأحكام المواد ( 8 ، 40 ، 65 ، 67 ، 68 ، 165
، 166 ، 167 ) من الدستور
ذلك أن الفقرة الأولى من المادة (209) المشار إليها قد
منحت النيابة
العامة سلطات تجمع فيها بين الاتهام والتحقيق والحكم بالمخالفة لمبدأ
الفصل
بين السلطات ، وبما يهدر حق التقاضى ومبدأ استقلال السلطة القضائية . كما
أن
الفقرة الأولى من المادة (210) بقصرها حق الطعن على القرار الصادر
بألا وجه لإقامة
الدعوى الجنائية لعدم الأهمية على المدعى بالحقوق
المدنية دون المتهم ، قد
أخلت بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة فضلاً عن
إخلاله بحق المتهم فى محاكمة عادلة
وإهداره لحق الدفاع .
وحيث إنه فى
شأن الطعن على
دستورية الفقرة الأولى من المادة (209) من قانون
الإجراءات الجنائية ، فإن ما ينعاه
المدعى ، مردود ـ بأنه من المستقر أن
التنظيم التشريعى لحق التقاضى لا يتقيد
بأشكال جامدة بل يجوز أن يغاير
المشرع فيما بينها بأن يقرر لكل حال ما يناسبها ليظل هذا
التنظيم مرناً
يفى بمتطلبات الخصومة القضائية . وإذ كان من المقرر ـ وعلى ما جرى عليه
قضاء
هذه المحكمة ـ أن توفير الضمانات القضائية ، وأهمهـا الحيدة
والاستقلال ، يُعَدّ
أمراً واجباً فى كل خصومة قضائية أو تحكيمية ، وهما
ضمانتان متلازمتان ومتعادلتان
فى مجال مباشرة العدالة ، وتحقيق
فاعليتها ، ولكل منهما القيمة الدستورية ذاتها ،
فلا تعلو إحداهما على
الأخرى أو تجبها ، بل تتضامان تكاملاً ، وتتكافآن قدراً
ـ وهاتان
الضمانتان تتوافران بلا ريب فى أعضاء النيابة العامة باعتبارها جهة
قضائية
، أحاطها المشرع بسياج من الضمانات والحصانات على النحو الوارد بنصوص
قانون
السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ، على نحو يقطع
بتوافر
ضمانتى الاستقلال والحيدة لهم ، فضلا عن أن عضو النيابة يمارس
أعمال التحقيق ،
والتصرف فيه من بعد ، وقد حل محل قاضى التحقيق
لاعتبارات قدرها المشرع ، وهو فى هذه
الحدود يستمد حقه لا من النائب
العام بصفته سلطة اتهام ، وإنما من القانون نفسه
، وهو الأمر الذى
تستلزمه إجراءات التحقيق باعتبارها من الأعمال القضائية البحتة ،
وما
يصدر عن عضو النيابة العامة من قرارات وأوامر قضائية فى هذا النطاق إنما
يصدر
منه متسماً بتجرد القاضى وحيدته ، مستقلاً فى اتخاذ قراره عن سلطان
رئاسة رئيس ،
أو رقابة رقيب ـ ما خلا ضميراً لا يرقب إلا الله فى عمله ،
ويضحى أمر تخويله
الاختصاص بإصدار القرارات بعدم وجود وجه لإقامة
الدعوى متفقاً مع أحكام الدستور ، وغير
مخالف لأى من نصوصه ، بما يستوجب
القضاء برفض الدعوى فى هذا الشق منها .
وحيث إن النعى على نص
المـادة
(210) من قانون
الإجراءات الجنائية ـ فى حدود النطاق السالف بيانه ـ
سديد فى مجمله ، ذلك أن المدعى بالحق المدنى
والمتهم طرفان فى خصومة
جنائية واحدة ـ أياً ما كان وجه الرأى فى طبيعة تلك الخصومة ـ بما
يُعدّ
معه الاثنان فى مركز قانونى متماثل فى هذا المقام ، فإذا اختص النص
المطعون فيه
المدعى بالحق المدنى بحق الطعن على القرار بألا وجه ، وحرم
منه المتهم ـ كان ذلك
إهداراً لمبدأ المساواة بما يناقض نص المادة (40)
من الدستور . ومن ناحية أخرى فإن حرمان
المتهم من الطعن على القرار بألا
وجه لعدم الأهمية يصادر حقه الدستورى فى المثول
أمام قاضيه الطبيعى
ويهدر حقه فى التقاضى لنيل الترضية القضائية المنصفة ، ذلك أن
القرار
بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية فضلاً عن أنه لا يبرئ ساحة
المتهم
ـ على خلاف الحكم القضائى البات ـ ليست له حجية مطلقة بل يمكن
للنائب العام أن
يلغيه خلال مدة الثلاثة الأشهر التالية لصدوره ما لم
يكن قد صدر قرار من محكمة الجنايات
أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة
فى غرفة المشورة بحسب الأحوال برفض
الطعن المرفوع فى هذا الأمر ، كما لا
يمنع صدور هذا الأمر النيابة العامة من العودة
إلى التحقيق إذا ظهرت
أدلة جديدة قبل انقضاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية
طبقاً لنص
المادة (197) من قانون الإجراءات الجنائية ، ومؤدى ما تقدم أن مصادرة حق
المدعى
فى الطعن على القرار بألا وجه لعدم الأهمية من شأنه أن يجعله ـ فى حالات
معينة
ـ مهدداً بإلغائه وإعادة التحقيـق معـه فى أى وقت بما ينطوى على تغيير
واقعى ـ
وليس مجرد تغيير نظرى ـ فى المركز القانونى للمدعى يفقد فى ظله
ضمانات الدفاع عن
نفسه ، ويعجز عن الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، فضلاً
عن أن المتهم من حقه أن يناضل فى
سبيل إبراء ساحته والدفاع عن سمعته
واعتباره . وسبيل ذلك ووسيلته محاكمة عادلة
يصدر فيها حكم قضائى نهائى
بذلك . ومن ثم فإن النص المطعون عليه يخالف نصوص المواد
64 ، 65 ، 67 ،
68 ، 165 من الدستور .
فلهــــذه
الأسبــــاب
حكمت المحكمة بعدم
دستورية الفقرة
الأولى من المادة (210) من قانون الإجراءات
الجنائية فيما تضمنته من
قصر الحق فى الطعن على الأمر الصادر
من
النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم الأهمية
، على المدعى بالحقوق
المدنية ـ دون المتهـم ، ورفـض ما عـدا ذلك من
طلبات . وألزمت
الطرفين ـ مناصفة ـ
المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نص الحكم------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية
العليا
بالجلسة العلنية
المنعقـدة يوم
الأحد الثانى من ديسمبر سـنة 2007 م ، الموافق 22 من ذى
القعدة
سنة 1428 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ماهر
البحيرى نائب رئيس
المحكمة
وعضوية السادة المستشارين /
محمد على سيف الدين وعدلى محمود
منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح
وأنور رشاد العاصى
وماهر سامى يوسف .
وحضور السيد المستشار / رجب عبد
الحكيم سليم رئيس
هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد
حسن أمين السر
أصدرت الحكم
الآتى
فى
القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا برقم 163 لسنة 26 قضائية
" دستورية " .
المقامة من
السيد / أيمن
محمد
عاطف حامد
ضـــــد
1 ـ السيد رئيس
مجلس الوزراء
2 ـ السيد المستشار وزير العدل
3 ـ السيد المستشار
النائب
العام
الإجــراءات
بتاريخ الثالث
عشر من يوليو سنة
2004 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب
المحكمة ، طالباً
الحكم بعدم دستورية نص المادتين ( 209 ، 210
) من
قانون الإجراءات الجنائية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة طلبت فيها
الحكم أصلياً :
بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً : برفضها .
وبعد
تحضير الدعوى ، أودعت هيئة
المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى
على النحو المبين
بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم .
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق
،
والمداولة .
حيث إن الوقائـع ـ على ما
يتبيـن من صحيفـة الدعوى
وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد اتهمت
المدعى ـ
وآخرين ـ فى الجنحة رقم 318 لسنة 2002 شئون مالية ، بارتكاب جرائم مالية
تمثل
مخالفات لقانـون سـوق المـال ، ثم انتهت فى تحقيقاتها إلى إصدار قرارها
بألا
وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهمين لعدم الأهمية . تظلم
المدعى من القرار
للنائب العام ، كما طعن عليه أمام محكمة الجنح
المستأنفة للشئون المالية والتجارية
برقم 115 لسنة 2002 جنح مستأنف ،
وبجلسة 29/3/2003 أصدرت تلك المحكمة ـ منعقدة
فى غرفة مشورة ـ قرارها
بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذى صفة إعمالاً لحكم
المادة
(210) إجراءات جنائية التى لم تخوّل المتهم حق الطعن . كما كان المدعى
قد
أقام أيضاً الدعوى رقم 13091 لسنة 2003 مدنى كلى جنوب القاهرة طعناً على
القرار ذاته
فأحالته إلى محكمة الجنح المستأنفة للشئون المالية
والتجارية للاختصاص
والتى قررت كذلك فى 30/12/2004 عدم قبول الطعن
للتقرير من غير ذى صفة ، ومن جهة أخرى
أقام المدعى الدعوى رقم 21678
لسنة 56 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً بصفة
مستعجلة وقف تنفيذ
القرار السلبى الصادر من النائب العام لعدم التصرف فى القرار المتظلم
منه
على ضوء ما قدمه إليه من أوراق ومستندات ، وبجلسة 13/4/2004 قضت المحكمة
بعدم
اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ، وأمرت بإحالتها إلى
محكمـة
الجنح المستأنفة للشئون المالية والتجارية ، وأمام المحكمة الأخيرة دفع
المدعى بعدم دستورية المادتين
(209، 210) من قانون الإجراءات الجنائية ،
وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع ، وصرحت للمدعى
برفع الدعوى الدستورية ،
فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة ( 209 ) من
قانـون
الإجـراءات الجنائية تنص على أنه : " إذا رأت النيابة العامة
بعد
التحقيق أنه لا وجه لإقامة الدعوى تصدر أمراً بذلك ، وتأمر بالإفراج عن
المتهم
المحبوس ما لم يكن محبوساً لسبب آخر ولا يكون صدور الأمر بألا
وجه لإقامة الدعوى فى
الجنايات إلا من المحامى العام أو من يقوم مقامه .
ويجب
أن يشمل الأمر على الأسباب
التى بنى عليها ويعلن الأمر للمدعى بالحقوق
المدنية وإذا كان قد توفى يكون
الإعلان لورثته جملة فى محل إقامته".
وتنص
المادة ( 210 ) من القانون
ذاته على أن : " للمدعى بالحقوق المدنية
الطعن فى الأمر الصادر من النيابة
العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى إلا
إذا كان صادراً فى تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم
عام أو أحد رجال الضبط
لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ، ما لم تكن من
الجرائم
المشار إليها فى المادة ( 123 ) من قانون العقوبات .
ويحصل الطعن بتقرير
فى قلم
الكتاب فى ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلان المدعى بالحق المدنى
بالأمر .
ويرفع الطعن إلى محكمة
الجنايات منعقدة فى غرفة
المشورة
فى مواد الجنايات وإلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة فى
مواد الجنح
والمخالفات ، ويتبع فى رفعه والفصل فيه الأحكام المقررة فى
شأن استئناف الأوامر
الصادرة من قاضى التحقيق " .
وحيث إن المصلحة
الشخصية
المباشرة ـ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطها ، وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة ،
أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة
القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون
الحكم فى المسألة
الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة
الموضوع
. متى كان ذلك ، وكان النزاع فى الدعوى الموضوعية يدور فى جوهره حول
اختصام
الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية
ضد المدعى ـ
لعدم الأهمية ، وإذ كان النصان المطعون فيهما يحددان سلطة
إصدار هذا الأمر ، ومن له
الحق فى الطعن فيه ، فإن حسم مسألة دستوريتهما
، والذى يكون له انعكاس على الدعوى
الموضوعية ، ويحقق مصلحة المدعى فى
الدعوى الدستورية الماثلة ، ومن ثم يتحدد به
نطاق الدعوى الدستورية
ينحصر فيما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (209) من منح
النيابة العامة
سلطة إصدار الأمر بألا وجه ، وما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (210) من
قصر
حق الطعن فى الطعن على الأمر بألا وجه لعدم الأهمية على المدعى بالحقوق
المدنية
فقط دون المتهم ، ولا يتعداه إلى غير ذلك من أحكام وردت فى
المادتين المطعون
فيهما . وبالتالى يغدو دفع هيئة قضايا الدولة بعدم
قبول الدعوى لانتفاء مصلحة
المدعى فى الطعن على النصين سالفى البيان ،
فى غير محله ، متعيناً طرحه والالتفات
عنه .
وحيث إن المدعى ينعى
على النصين المطعون عليهما ـ
محدداً نطاقهما على نحو ما سلف ـ مخالفتهما
لأحكام المواد ( 8 ، 40 ، 65 ، 67 ، 68 ، 165
، 166 ، 167 ) من الدستور
ذلك أن الفقرة الأولى من المادة (209) المشار إليها قد
منحت النيابة
العامة سلطات تجمع فيها بين الاتهام والتحقيق والحكم بالمخالفة لمبدأ
الفصل
بين السلطات ، وبما يهدر حق التقاضى ومبدأ استقلال السلطة القضائية . كما
أن
الفقرة الأولى من المادة (210) بقصرها حق الطعن على القرار الصادر
بألا وجه لإقامة
الدعوى الجنائية لعدم الأهمية على المدعى بالحقوق
المدنية دون المتهم ، قد
أخلت بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة فضلاً عن
إخلاله بحق المتهم فى محاكمة عادلة
وإهداره لحق الدفاع .
وحيث إنه فى
شأن الطعن على
دستورية الفقرة الأولى من المادة (209) من قانون
الإجراءات الجنائية ، فإن ما ينعاه
المدعى ، مردود ـ بأنه من المستقر أن
التنظيم التشريعى لحق التقاضى لا يتقيد
بأشكال جامدة بل يجوز أن يغاير
المشرع فيما بينها بأن يقرر لكل حال ما يناسبها ليظل هذا
التنظيم مرناً
يفى بمتطلبات الخصومة القضائية . وإذ كان من المقرر ـ وعلى ما جرى عليه
قضاء
هذه المحكمة ـ أن توفير الضمانات القضائية ، وأهمهـا الحيدة
والاستقلال ، يُعَدّ
أمراً واجباً فى كل خصومة قضائية أو تحكيمية ، وهما
ضمانتان متلازمتان ومتعادلتان
فى مجال مباشرة العدالة ، وتحقيق
فاعليتها ، ولكل منهما القيمة الدستورية ذاتها ،
فلا تعلو إحداهما على
الأخرى أو تجبها ، بل تتضامان تكاملاً ، وتتكافآن قدراً
ـ وهاتان
الضمانتان تتوافران بلا ريب فى أعضاء النيابة العامة باعتبارها جهة
قضائية
، أحاطها المشرع بسياج من الضمانات والحصانات على النحو الوارد بنصوص
قانون
السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ، على نحو يقطع
بتوافر
ضمانتى الاستقلال والحيدة لهم ، فضلا عن أن عضو النيابة يمارس
أعمال التحقيق ،
والتصرف فيه من بعد ، وقد حل محل قاضى التحقيق
لاعتبارات قدرها المشرع ، وهو فى هذه
الحدود يستمد حقه لا من النائب
العام بصفته سلطة اتهام ، وإنما من القانون نفسه
، وهو الأمر الذى
تستلزمه إجراءات التحقيق باعتبارها من الأعمال القضائية البحتة ،
وما
يصدر عن عضو النيابة العامة من قرارات وأوامر قضائية فى هذا النطاق إنما
يصدر
منه متسماً بتجرد القاضى وحيدته ، مستقلاً فى اتخاذ قراره عن سلطان
رئاسة رئيس ،
أو رقابة رقيب ـ ما خلا ضميراً لا يرقب إلا الله فى عمله ،
ويضحى أمر تخويله
الاختصاص بإصدار القرارات بعدم وجود وجه لإقامة
الدعوى متفقاً مع أحكام الدستور ، وغير
مخالف لأى من نصوصه ، بما يستوجب
القضاء برفض الدعوى فى هذا الشق منها .
وحيث إن النعى على نص
المـادة
(210) من قانون
الإجراءات الجنائية ـ فى حدود النطاق السالف بيانه ـ
سديد فى مجمله ، ذلك أن المدعى بالحق المدنى
والمتهم طرفان فى خصومة
جنائية واحدة ـ أياً ما كان وجه الرأى فى طبيعة تلك الخصومة ـ بما
يُعدّ
معه الاثنان فى مركز قانونى متماثل فى هذا المقام ، فإذا اختص النص
المطعون فيه
المدعى بالحق المدنى بحق الطعن على القرار بألا وجه ، وحرم
منه المتهم ـ كان ذلك
إهداراً لمبدأ المساواة بما يناقض نص المادة (40)
من الدستور . ومن ناحية أخرى فإن حرمان
المتهم من الطعن على القرار بألا
وجه لعدم الأهمية يصادر حقه الدستورى فى المثول
أمام قاضيه الطبيعى
ويهدر حقه فى التقاضى لنيل الترضية القضائية المنصفة ، ذلك أن
القرار
بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية فضلاً عن أنه لا يبرئ ساحة
المتهم
ـ على خلاف الحكم القضائى البات ـ ليست له حجية مطلقة بل يمكن
للنائب العام أن
يلغيه خلال مدة الثلاثة الأشهر التالية لصدوره ما لم
يكن قد صدر قرار من محكمة الجنايات
أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة
فى غرفة المشورة بحسب الأحوال برفض
الطعن المرفوع فى هذا الأمر ، كما لا
يمنع صدور هذا الأمر النيابة العامة من العودة
إلى التحقيق إذا ظهرت
أدلة جديدة قبل انقضاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية
طبقاً لنص
المادة (197) من قانون الإجراءات الجنائية ، ومؤدى ما تقدم أن مصادرة حق
المدعى
فى الطعن على القرار بألا وجه لعدم الأهمية من شأنه أن يجعله ـ فى حالات
معينة
ـ مهدداً بإلغائه وإعادة التحقيـق معـه فى أى وقت بما ينطوى على تغيير
واقعى ـ
وليس مجرد تغيير نظرى ـ فى المركز القانونى للمدعى يفقد فى ظله
ضمانات الدفاع عن
نفسه ، ويعجز عن الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، فضلاً
عن أن المتهم من حقه أن يناضل فى
سبيل إبراء ساحته والدفاع عن سمعته
واعتباره . وسبيل ذلك ووسيلته محاكمة عادلة
يصدر فيها حكم قضائى نهائى
بذلك . ومن ثم فإن النص المطعون عليه يخالف نصوص المواد
64 ، 65 ، 67 ،
68 ، 165 من الدستور .
فلهــــذه
الأسبــــاب
حكمت المحكمة بعدم
دستورية الفقرة
الأولى من المادة (210) من قانون الإجراءات
الجنائية فيما تضمنته من
قصر الحق فى الطعن على الأمر الصادر
من
النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم الأهمية
، على المدعى بالحقوق
المدنية ـ دون المتهـم ، ورفـض ما عـدا ذلك من
طلبات . وألزمت
الطرفين ـ مناصفة ـ
المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ