قضاءمجلس
الدولة
مبدأ
المشروعية: إن مبدأ المشروعية أو سيادة حكم
القانون يعتبر من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الدولة ، ولذلك تحرص الدساتير
دائماً على أفراد باب مستقل في الدستور بعنوان سيادة حكم القانون ، وهو يعني أن تكون
جميع التصرفات التي تصدر من أجهزة الدولة في حدود القانون وأن يخضع الحكام
والمحكومين لسيادة حكم القانون ، وذلك لأنه ليس من واجب الدولة أو السلطة التنفيذية ،
أن تحمي حقوق الأفراد وتجعلهم خاضعين وحدهم للقانون ، بل من واجب السلطة التنفيذية أن
تخضع هي نفسها لأحكام القوانين واللوائح في كل عمل أو تصرف أو قرار يصدر منها ،
وذلك فيما عدا أعمال السيادة أو القرارات التي تصدر في حالة إعلان الطوارئ ، حيث يباح
للسلطة التنفيذية ما لا يباح لها في الظروف العادية ولو أن بعض الفقهاء يرى أن
نظرية أعمال السيادة تعتبر نقطة سوداء في جبين مبدأ المشروعية ، ويتطلب مبدأ
المشروعية على أن تقوم الدولة على الآتي :-
1- مبدأ الفصل بين السلطات ، الذي يعتبر ضماناً للحريات الفردية ، وسيادة مبدأ
المشروعية على أساس أن السلطة توقف السلطة كما قال منتسكيو ، غير أن ذلك لا يؤخذ على
إطلاقه بل يجب أن يكون هناك تعاوناً بين السلطات.
2- خضوع كافة الأجهزة الإدارية للقانون ، بمعنى أن
تحترم السلطة التنفيذية إرادة المشرع فلا تخرج عن نصوص القانون التي يضعها ، وأن يكون
كل قرار إداري مستنداً على نص قانوني بالمعنى العام.
3- تحديد الاختصاصات الإدارية بصورة واضحة وفي ذلك
عوناً للأفراد والقضاء على مراقبة الإدارة في أداء وظيفتها الإدارية.
4- إخضاع الإدارة لرقابة القضاء ، وذلك لأن خضوع الدولة لحكم القانون يوجب أن
تكون القرارات الإدارية خاضعة للقانون ومن ثم خاضعة لرقابة القضاء وذلك أن القضاء هو
الملاذ الوحيد لكل من يتظل من اعتداء الدولة على أي حق أو مركز قانوني أو حرية
للفرد ، ولأن مبدأ المشروعية يكون عديم الفائدة إذا لم تلزم الإدارة باحترام
المبادئ التي سبق ذكرها.
ولذلك نشأ السؤال ، ما هي
الرقابة
الفعالة التي تخضع لها الإدارة؟
إن هناك أنواعاً متعددة
للرقابة
على أعمال الإدارة، فهناك الرقابة الإدارية أي أن تتولى الإدارة بنفسها
مراقبة
ومطابقة أعمالها مع القانون وذلك على ثلاث صور ، التظلم الولائي والتظلم
الرئاسي
، والتظلم إلى لجنة إدارية خاصة وهناك الرقابة السياسية ورقابة الرأي العام
والصحافة
، والرقابة القضائية ، وهي أهم أنواع الرقابة ، وتحقق الغرض وتضمن سيادة
مبدأ
المشروعية ، ولذلك فإن القاعدة الغالبة في معظم الدول أن يعهد إلى القضاء ،
مراقبة
الأجهزة الإدارية والتنفيذية في كيفية ممارسة أعمالها ونشاطها ، ومن ثم فلقد
ثار
السؤال أي أنواع القضاء؟
اختلفت الدول في هذا
الخصوص
بحسب تاريخها وتقاليدها وظروفها الاجتماعية فذهبت بعض الدول وعلى رأسها
الدول
الانجلوسكسونية إلى إخضاع الإدارة للمحاكم العادية أو السلطة القضائية
العادية
، على أساس مبدأ الفصل بين السلطات ، وما أبداه الفقيه الانجليزي (دايسي) من إنكار وجود القانون الإداري
في انجلترا وأن خضوع الإدارة للقضاء العادي يحقق مبدأ سيادة حكم القانون ، بحيث
يخضع الجميع لقضاء واحد ، هذا فضلاً عن ثقة الانجليز في قضائهم ، واستبعاد سوء الظن
بالمحاكم العادية ، ولقد تعرض دايسي للانتقاد من بعض الفقهاء ، وكونت الحكومة
البريطانية لجنة في عام 1932م أطلق عليها اسم لجنة (دنجمور) رأت في ختام تقريرها المحافظة على التنظيم القانوني
والقضائي في انجلترا إلى إنشاء محاكم إدارية ، ولكن ليس بالمفهوم الفرنسي ، بحيث يصدر
البرلمان تشريعاً بإنشاء محكمة للفصل في بعض المنازعات الخاصة ولا يشترط أن
يكون أعضاؤها من القانونيين على عكس محاكم الشريعة العامة التي يشترط في
قضاتها الخبرة القانونية ، وبذلك نشأت في انجلترا العديد من المحاكم نذكر منها محكمة
الصناعة ، محكمة براءات الاختراع ، محكمة الأراضي ، محكمة المواصلات ، محكمة المدارس
الخاصة ، محكمة الضمان الاجتماعي.
ولقد تم إنشاء مجلس
استشاري
لهذه المحاكم يختص بتقديم المشورة للحكومة فيما يختص بنظام هذه المحاكم ،
وكذلك
للمحاكم أن تلجأ إليه إذا اعترضها أمر من الأمور ، وهو ليس جهة استئنافية
لأحكام
هذه المحاكم ، ولقد كانت أحكام هذه المحاكم غير قابلة للاستئناف أمام
المحاكم
العادية ، لكن الأمر تطور ، وأصبحت أحكامها تستأنف من حيث تطبيق القانون
أمام
المحاكم العادية التي تستأنف أحكامها أمام مجلس اللوردات ، ويقوم القضاء
الإنجليزي
العادي بالرقابة القضائية على أعمال الإدارة عن طريق نوع معين من الأوامر
القضائية
، أمر الاطلاع أو الفحص ، وأمر المنع ، وأمر الاقتناع وأمر الامتثال ،
وإصدار
حكم تقريري ، ولقد أوصت لجنة (فرانكز) في نهاية تقريرها بشأن القانون
الإداري
والقضاء الإداري بأن على كل دولة أن تبحث عما يصل لها وأن تعمل على
الموازنة
بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وأن نقل النظم دون مراعاة ظروف كل بلد
أمر غير
سليم وأن الفائدة تعود من الدراسة المقارنة لهذه النظم.
ولقد ذهبت دول أخرى وعلى
رأسها
فرنسا إلى إنشاء محاكم إدارية ، وكانت في أول الأمر امتيازاً للإدارة ، إلا
أن هذه
المحاكم وعلى رأسها مجلس الدولة الفرنسي أصبحت ملاذاً للأفراد ضد تعسف
السلطة
الإدارية كما أصبح مجلس الدولة في مصر ضماناً للحريات وحقوق المواطنين في
مواجهة
قهر وتسلط السلطات الإدارية حتى أطلق على مجلس الدولة في كثير من البلاد
معقل الحريات
ولعل من الملاحظ أن انجلترا والتي تأخذ بفكرة القضاء الموحد باعتبار
أن
القضاء العادي الذي يفصل في المنازعات بين الأفراد يحقق العدل أيضاً في الفصل في
المنازعات
التي تنشأ بين الإدارة والأفراد أنشأت العديد من اللجان والمحاكم
الإدارية
التي لها اختصاص في الفصل في نوع معين من المنازعات الإدارية كما سبق
القول.
إن نشأة المحاكم الإدارية
في الدول
التي أخذت بذلك كفرنسا ومصر وسوريا ، أدت إلى ازدواج القضاء وازدواج
القانون
أيضاً.
ولعل من الملاحظ أنه في
السودان
تقوم المحاكم العادية بالرقابة على أعمال الإدارة ، وإن كانت قد خصصت محكمة
للنظر في
الطعون الإدارية ، محكمة المديرية ، ومحكمة الاستئناف – والدائرة الإدارية
بالمحكمة
العليا في ظل قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م.
ومحكمة الاستئناف والقاضي
المختص
بالاستئناف ، والقاضي المختص بالمحكمة العليا والدائرة الإدارية بالمحكمة
العليا
في ظل قانون القضاء الدستوري والإداري لسنة 1999م(المعدل) وبعبارة أخرى إنه
قد خصصت
محكمة في إطار القضاء العادي تتولى الفصل في الطعون الإدارية.
وإذا رجعنا إلى القضاء في
الإسلام
نجد أنه لا يقتصر على القضاء العادي الذي يختص بالنظر في الخصومات المالية
والجنائية
والأحوال الشخصية ، بل هناك قضاء المظالم الذي يتولى بسط الرقابة على
الولاة
والحكام ورجال الدولة وعمالها ونظر المظالم ضدهم ويقول الفقهاء بأن قضاء
المظالم
هذا هو ما يعرف أو يختص به القضاء الإداري الآن في الدول التي تأخذ بهذا
النظام ،
فولاية المظالم كما يقول ابن خلدون هي وظيفة ممتزجة من سطوة السلطنة ونصفه
القضاء
ولقد عرف عهد المهدية نظام رد المظالم إذ عين المهدي هيئات قضائية مختلفة
وسمى
قضائها – قضاة رد المظالم وكانت مهمتهم النظر في الدعاوى التي يقيمها الأفراد
على
الأمراء إذا انحرفوا عن طريق الإنصاف.
نظام
مجلس الدولة:
نشأ هذا النظام فى فرنسا
، ولقد أخذت به بعض الدول العربية كمصر
لأول مرة بالقانون رقم 112 لسنة 1946م بإنشاء مجلس الدولة المصري ،
وبذلك خرجت من نظام القضاء الموحد إلى النظام الفرنسي الذي يقوم على ازدواج القضاء ،
ولقد صدرت العديد من القوانين بشأن مجلس الدولة كان آخرها قانون مجلس الدولة الجديد
رقم 47 لسنة 1972م (المعدل) والذي أصبح بموجبه صاحب الاختصاص العام في مجال
المنازعات الإدارية ، ويتشكل المجلس من "رئيس ومن عدد كاف
من نواب
الرئيس والوكلاء والمستشارين ، والمستشارين المساعدين ، النواب ،
والمندوبين
، ويلحق بالمجلس مندوبون مساعدون تسري عليهم الأحكام الخاصة بالمندوبين
عدا شرط
الحصول على دبلومين من دبلومات الدراسات العليا.
وينص القانون بأن "يكون
لرئيس
مجلس الدولة سلطة الوزير المنصوص عليها في القوانين واللوائح بالنسبة إلى
العاملين
من شاغلي الوظائف الإدارية والكتابية ، كما يكون لأمين عام المجلس بالنسبة
إلى
هؤلاء سلطة وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة بحسب الحال.
تعيين
أعضاء مجلسالدولة :
يتم تعيين رئيس المجلس
بقرار من
رئيس الجمهورية ويعامل معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش كما يتم تعيين
نواب
الرئيس ووكلائه بقرار من رئيس الجمهورية و بعد موافقة الجمعية العمومية للمجلس
، ويتم تعيين المستشارين وسائر أعضاء
المجلس أيضاً بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون
الإدارية.
ضمانات
أعضاء المجلس :
يتمتع أعضاء مجلس الدولةبضمانات
كبيرة تكفل لهم الاستقلال ، منها أن المجلس هيئة قضائية مستقلة وأن الجمعيةالعمومية
للمجلس تشارك في تعيين نواب رئيس المجلس ووكلائه ، وتعيين باقي الأعضاءبقرار من
رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية ، ومنها
أيضاًعدم القابلية للعزل بالنسبة لأعضاء
المجلس من درجة مندوب فما فوقها ، غير أنه إذااتضح أن أحدهم فقد الثقة
والاعتبار اللذين تتطلبها الوظيفة أو فقد أسباب الصلاحيةلأدائها لغير الأسباب الصحية ،
أحيل إلى المعاش أو نقل إلى وظيفة معادلة غير قضائية، بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس التأديب ، وفيما يتعلق
بالضماناتالمتعلقة بالتأديب الذي
كانت تختص به لجنة التأديب والتظلمات ، تم نقل الاختصاصإلى مجلس تأديب ، يتكون من رئيس
مجلس الدولة رئيسا وستة من نواب الرئيس ، بحسبترتيب الأقدمية أعضاء ، وتنحصر
العقوبات التي يوقعها مجلس التأديب في اللوم والعزل، وتختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطلبات
المتعلقة بإلغاءالقرارات الإدارية وذلك عدا
النقل والندب ، كما وأنه استثناء من قوانين المعاشات لايترتب على استقالة أعضاء مجلس
الدولة سقوط حقهم في المعاش أو المكافأة أوخفضهما.
الدولة
مبدأ
المشروعية: إن مبدأ المشروعية أو سيادة حكم
القانون يعتبر من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الدولة ، ولذلك تحرص الدساتير
دائماً على أفراد باب مستقل في الدستور بعنوان سيادة حكم القانون ، وهو يعني أن تكون
جميع التصرفات التي تصدر من أجهزة الدولة في حدود القانون وأن يخضع الحكام
والمحكومين لسيادة حكم القانون ، وذلك لأنه ليس من واجب الدولة أو السلطة التنفيذية ،
أن تحمي حقوق الأفراد وتجعلهم خاضعين وحدهم للقانون ، بل من واجب السلطة التنفيذية أن
تخضع هي نفسها لأحكام القوانين واللوائح في كل عمل أو تصرف أو قرار يصدر منها ،
وذلك فيما عدا أعمال السيادة أو القرارات التي تصدر في حالة إعلان الطوارئ ، حيث يباح
للسلطة التنفيذية ما لا يباح لها في الظروف العادية ولو أن بعض الفقهاء يرى أن
نظرية أعمال السيادة تعتبر نقطة سوداء في جبين مبدأ المشروعية ، ويتطلب مبدأ
المشروعية على أن تقوم الدولة على الآتي :-
1- مبدأ الفصل بين السلطات ، الذي يعتبر ضماناً للحريات الفردية ، وسيادة مبدأ
المشروعية على أساس أن السلطة توقف السلطة كما قال منتسكيو ، غير أن ذلك لا يؤخذ على
إطلاقه بل يجب أن يكون هناك تعاوناً بين السلطات.
2- خضوع كافة الأجهزة الإدارية للقانون ، بمعنى أن
تحترم السلطة التنفيذية إرادة المشرع فلا تخرج عن نصوص القانون التي يضعها ، وأن يكون
كل قرار إداري مستنداً على نص قانوني بالمعنى العام.
3- تحديد الاختصاصات الإدارية بصورة واضحة وفي ذلك
عوناً للأفراد والقضاء على مراقبة الإدارة في أداء وظيفتها الإدارية.
4- إخضاع الإدارة لرقابة القضاء ، وذلك لأن خضوع الدولة لحكم القانون يوجب أن
تكون القرارات الإدارية خاضعة للقانون ومن ثم خاضعة لرقابة القضاء وذلك أن القضاء هو
الملاذ الوحيد لكل من يتظل من اعتداء الدولة على أي حق أو مركز قانوني أو حرية
للفرد ، ولأن مبدأ المشروعية يكون عديم الفائدة إذا لم تلزم الإدارة باحترام
المبادئ التي سبق ذكرها.
ولذلك نشأ السؤال ، ما هي
الرقابة
الفعالة التي تخضع لها الإدارة؟
إن هناك أنواعاً متعددة
للرقابة
على أعمال الإدارة، فهناك الرقابة الإدارية أي أن تتولى الإدارة بنفسها
مراقبة
ومطابقة أعمالها مع القانون وذلك على ثلاث صور ، التظلم الولائي والتظلم
الرئاسي
، والتظلم إلى لجنة إدارية خاصة وهناك الرقابة السياسية ورقابة الرأي العام
والصحافة
، والرقابة القضائية ، وهي أهم أنواع الرقابة ، وتحقق الغرض وتضمن سيادة
مبدأ
المشروعية ، ولذلك فإن القاعدة الغالبة في معظم الدول أن يعهد إلى القضاء ،
مراقبة
الأجهزة الإدارية والتنفيذية في كيفية ممارسة أعمالها ونشاطها ، ومن ثم فلقد
ثار
السؤال أي أنواع القضاء؟
اختلفت الدول في هذا
الخصوص
بحسب تاريخها وتقاليدها وظروفها الاجتماعية فذهبت بعض الدول وعلى رأسها
الدول
الانجلوسكسونية إلى إخضاع الإدارة للمحاكم العادية أو السلطة القضائية
العادية
، على أساس مبدأ الفصل بين السلطات ، وما أبداه الفقيه الانجليزي (دايسي) من إنكار وجود القانون الإداري
في انجلترا وأن خضوع الإدارة للقضاء العادي يحقق مبدأ سيادة حكم القانون ، بحيث
يخضع الجميع لقضاء واحد ، هذا فضلاً عن ثقة الانجليز في قضائهم ، واستبعاد سوء الظن
بالمحاكم العادية ، ولقد تعرض دايسي للانتقاد من بعض الفقهاء ، وكونت الحكومة
البريطانية لجنة في عام 1932م أطلق عليها اسم لجنة (دنجمور) رأت في ختام تقريرها المحافظة على التنظيم القانوني
والقضائي في انجلترا إلى إنشاء محاكم إدارية ، ولكن ليس بالمفهوم الفرنسي ، بحيث يصدر
البرلمان تشريعاً بإنشاء محكمة للفصل في بعض المنازعات الخاصة ولا يشترط أن
يكون أعضاؤها من القانونيين على عكس محاكم الشريعة العامة التي يشترط في
قضاتها الخبرة القانونية ، وبذلك نشأت في انجلترا العديد من المحاكم نذكر منها محكمة
الصناعة ، محكمة براءات الاختراع ، محكمة الأراضي ، محكمة المواصلات ، محكمة المدارس
الخاصة ، محكمة الضمان الاجتماعي.
ولقد تم إنشاء مجلس
استشاري
لهذه المحاكم يختص بتقديم المشورة للحكومة فيما يختص بنظام هذه المحاكم ،
وكذلك
للمحاكم أن تلجأ إليه إذا اعترضها أمر من الأمور ، وهو ليس جهة استئنافية
لأحكام
هذه المحاكم ، ولقد كانت أحكام هذه المحاكم غير قابلة للاستئناف أمام
المحاكم
العادية ، لكن الأمر تطور ، وأصبحت أحكامها تستأنف من حيث تطبيق القانون
أمام
المحاكم العادية التي تستأنف أحكامها أمام مجلس اللوردات ، ويقوم القضاء
الإنجليزي
العادي بالرقابة القضائية على أعمال الإدارة عن طريق نوع معين من الأوامر
القضائية
، أمر الاطلاع أو الفحص ، وأمر المنع ، وأمر الاقتناع وأمر الامتثال ،
وإصدار
حكم تقريري ، ولقد أوصت لجنة (فرانكز) في نهاية تقريرها بشأن القانون
الإداري
والقضاء الإداري بأن على كل دولة أن تبحث عما يصل لها وأن تعمل على
الموازنة
بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وأن نقل النظم دون مراعاة ظروف كل بلد
أمر غير
سليم وأن الفائدة تعود من الدراسة المقارنة لهذه النظم.
ولقد ذهبت دول أخرى وعلى
رأسها
فرنسا إلى إنشاء محاكم إدارية ، وكانت في أول الأمر امتيازاً للإدارة ، إلا
أن هذه
المحاكم وعلى رأسها مجلس الدولة الفرنسي أصبحت ملاذاً للأفراد ضد تعسف
السلطة
الإدارية كما أصبح مجلس الدولة في مصر ضماناً للحريات وحقوق المواطنين في
مواجهة
قهر وتسلط السلطات الإدارية حتى أطلق على مجلس الدولة في كثير من البلاد
معقل الحريات
ولعل من الملاحظ أن انجلترا والتي تأخذ بفكرة القضاء الموحد باعتبار
أن
القضاء العادي الذي يفصل في المنازعات بين الأفراد يحقق العدل أيضاً في الفصل في
المنازعات
التي تنشأ بين الإدارة والأفراد أنشأت العديد من اللجان والمحاكم
الإدارية
التي لها اختصاص في الفصل في نوع معين من المنازعات الإدارية كما سبق
القول.
إن نشأة المحاكم الإدارية
في الدول
التي أخذت بذلك كفرنسا ومصر وسوريا ، أدت إلى ازدواج القضاء وازدواج
القانون
أيضاً.
ولعل من الملاحظ أنه في
السودان
تقوم المحاكم العادية بالرقابة على أعمال الإدارة ، وإن كانت قد خصصت محكمة
للنظر في
الطعون الإدارية ، محكمة المديرية ، ومحكمة الاستئناف – والدائرة الإدارية
بالمحكمة
العليا في ظل قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م.
ومحكمة الاستئناف والقاضي
المختص
بالاستئناف ، والقاضي المختص بالمحكمة العليا والدائرة الإدارية بالمحكمة
العليا
في ظل قانون القضاء الدستوري والإداري لسنة 1999م(المعدل) وبعبارة أخرى إنه
قد خصصت
محكمة في إطار القضاء العادي تتولى الفصل في الطعون الإدارية.
وإذا رجعنا إلى القضاء في
الإسلام
نجد أنه لا يقتصر على القضاء العادي الذي يختص بالنظر في الخصومات المالية
والجنائية
والأحوال الشخصية ، بل هناك قضاء المظالم الذي يتولى بسط الرقابة على
الولاة
والحكام ورجال الدولة وعمالها ونظر المظالم ضدهم ويقول الفقهاء بأن قضاء
المظالم
هذا هو ما يعرف أو يختص به القضاء الإداري الآن في الدول التي تأخذ بهذا
النظام ،
فولاية المظالم كما يقول ابن خلدون هي وظيفة ممتزجة من سطوة السلطنة ونصفه
القضاء
ولقد عرف عهد المهدية نظام رد المظالم إذ عين المهدي هيئات قضائية مختلفة
وسمى
قضائها – قضاة رد المظالم وكانت مهمتهم النظر في الدعاوى التي يقيمها الأفراد
على
الأمراء إذا انحرفوا عن طريق الإنصاف.
نظام
مجلس الدولة:
نشأ هذا النظام فى فرنسا
، ولقد أخذت به بعض الدول العربية كمصر
لأول مرة بالقانون رقم 112 لسنة 1946م بإنشاء مجلس الدولة المصري ،
وبذلك خرجت من نظام القضاء الموحد إلى النظام الفرنسي الذي يقوم على ازدواج القضاء ،
ولقد صدرت العديد من القوانين بشأن مجلس الدولة كان آخرها قانون مجلس الدولة الجديد
رقم 47 لسنة 1972م (المعدل) والذي أصبح بموجبه صاحب الاختصاص العام في مجال
المنازعات الإدارية ، ويتشكل المجلس من "رئيس ومن عدد كاف
من نواب
الرئيس والوكلاء والمستشارين ، والمستشارين المساعدين ، النواب ،
والمندوبين
، ويلحق بالمجلس مندوبون مساعدون تسري عليهم الأحكام الخاصة بالمندوبين
عدا شرط
الحصول على دبلومين من دبلومات الدراسات العليا.
وينص القانون بأن "يكون
لرئيس
مجلس الدولة سلطة الوزير المنصوص عليها في القوانين واللوائح بالنسبة إلى
العاملين
من شاغلي الوظائف الإدارية والكتابية ، كما يكون لأمين عام المجلس بالنسبة
إلى
هؤلاء سلطة وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة بحسب الحال.
تعيين
أعضاء مجلسالدولة :
يتم تعيين رئيس المجلس
بقرار من
رئيس الجمهورية ويعامل معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش كما يتم تعيين
نواب
الرئيس ووكلائه بقرار من رئيس الجمهورية و بعد موافقة الجمعية العمومية للمجلس
، ويتم تعيين المستشارين وسائر أعضاء
المجلس أيضاً بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون
الإدارية.
ضمانات
أعضاء المجلس :
يتمتع أعضاء مجلس الدولةبضمانات
كبيرة تكفل لهم الاستقلال ، منها أن المجلس هيئة قضائية مستقلة وأن الجمعيةالعمومية
للمجلس تشارك في تعيين نواب رئيس المجلس ووكلائه ، وتعيين باقي الأعضاءبقرار من
رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية ، ومنها
أيضاًعدم القابلية للعزل بالنسبة لأعضاء
المجلس من درجة مندوب فما فوقها ، غير أنه إذااتضح أن أحدهم فقد الثقة
والاعتبار اللذين تتطلبها الوظيفة أو فقد أسباب الصلاحيةلأدائها لغير الأسباب الصحية ،
أحيل إلى المعاش أو نقل إلى وظيفة معادلة غير قضائية، بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس التأديب ، وفيما يتعلق
بالضماناتالمتعلقة بالتأديب الذي
كانت تختص به لجنة التأديب والتظلمات ، تم نقل الاختصاصإلى مجلس تأديب ، يتكون من رئيس
مجلس الدولة رئيسا وستة من نواب الرئيس ، بحسبترتيب الأقدمية أعضاء ، وتنحصر
العقوبات التي يوقعها مجلس التأديب في اللوم والعزل، وتختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطلبات
المتعلقة بإلغاءالقرارات الإدارية وذلك عدا
النقل والندب ، كما وأنه استثناء من قوانين المعاشات لايترتب على استقالة أعضاء مجلس
الدولة سقوط حقهم في المعاش أو المكافأة أوخفضهما.