باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا بالجلسة العلنية المنعقـدة يـوم
الأحـد 9 مايــو سنة 2004 م ، الموافـق 19 ربيع الأول سنة 1425 هـ .
برئاسة
السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة
المستشارين : حـمدى محمد على وماهــر البحـيرى وعـدلى محمود منصور ومحمد
عبدالقادر عبدالله وعلى عوض محمد صالح والدكتور عادل عمر شريف
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت
الحكم الآتى فى القضية المقيدة بجدول المحكمـة الدستورية العليا برقم 54
لسنـة 25 قضائية " دستورية " ، المحالة من محكمة القضاء الإدارى بقرارها
الصادر بجلسة 9/12/2002 فى الدعوى رقم 10163 لسنة 54 ق .
المقامة من
1 ـ السيد / على إبراهيم طه 2 ـ السيد / أبو بكر أحمد أمين طوسون 3 ـ السيد / سمير عيسى خليل 4 ـ السيد / خليل رزق شلبى
ضــــــــد
السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر
الإجراءات
بتاريخ
الثانى من فبراير سنة 2003 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا
ملف الدعوى رقم 10163 لسنة 54 ق ، المحالة من محكمة القضاء الإدارى "
دائرة التسويات " بقرارها الصادر فى 9/12/2002 للفصل فى دستورية المادة
(80) من لائحة العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر الصادرة بقرار وزير
النقل والمواصلات والنقل البحرى رقم 17 لسنة 1982 . وقدمت هيئة قضايا
الدولة مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى . وبعد تحضير
الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها . ونظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع ـ
على
ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المدعين كانوا قد
أقاموا الدعوى رقم 10163 لسنة 54 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المدعى
عليه ، ابتغاء الحكم بأحقيتهم فى صرف باقى مستحقاتهم فى البدل النقدى
لرصيد أجازاتهم الاعتيادية التى لم تصرف لهم عند انتهاء خدمتهم بالهيئة ،
حيث لم تصرف لهم الهيئة سوى ما يقابل أجر أربعة شهور فقط وفقاً للمادة
(80) من لائحة العاملين بالهيئة ، بينما رصيد أجازاة كـل منهم التى يستحق
عنها البـدل النقـدى يزيـد على ذلك . رأت المحكمة أن نص المادة (80) من
اللائحة يتضمن ذات الحكم الوارد فـى المادة (65) من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة ، والتى سبق الحكم بعدم دستوريتها . فقررت وقف الدعوى
وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فى دستورية المادة (80)
المشار إليها . وحيث إنه عن الدفع بعدم الاختصاص ، فهو فى غير محله ، ذلك
أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر وفق قانون إنشائها رقم 152 لسنة 1980 هى
هيئة عامة تقوم على إدارة مرفق عام ، وقد أصدر وزير النقل والمواصلات
والنقل البحرى ، بناء على تفويض تشريعى بموجب المادة (17) من ذلك القانون
، لائحة نظام العاملين بالهيئة . وعلى ذلك فإن العاملين بالهيئة القومية
لسكك حديد مصر هم موظفون عموميون يرتبطون بالهيئة بعلاقة تنظيمية بحكم
تبعيتهم لشخص من أشخاص القانون العام وتسرى عليهم أحكام القوانين المتعلقة
بالوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى لائحة تنظيمها . ومن ثم ،
فإن اللائحة المشار إليها والتى تتضمن النص المطعون فيه تعتبر تشريعاً مما
تمتد إليه الرقابة الدستورية لهذه المحكمة . وحـيث إن النص فى المادة (80)
مـن اللائحـة المطعـون عليه على أن " يستحق العامل أجازة اعتيادية بأجر
كامل عن سنوات العمل الفعلية ........ على الوجه الآتى :
.............................. ولرئيس مجلس الإدارة أن يقرر زيادة مدة
الأجازة ............ ولا يجوز تقصير أو تأجيل الإجازة الاعتيادية أو
إنهاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل . ويجب فى جميع الأحوال
التصريح بإجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة . ويحتفظ العامل برصيد
أجازاته الاعتيادية ، على أنه لا يجوز أن يحصل على أجازة اعتيادية من هذا
الرصيد بما لا يجاوز ستين يوماً فى السنة بالإضافة إلى الأجازة الاعتيادية
المستحقة له عن ذات السنة . فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاده رصيده من
الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى مضافاً إليه
العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز
أجر أربعة أشهر ، ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم " . وحيث إن
نطاق الدعوى الدستورية إنما يتحدد بما يكون لازماً للفصل فى الطلبات
الموضوعية وهو ما تتحقق به المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى . لما كان ذلك
وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق المدعى فى المقابل النقدى لرصيد أجازاته
فيما زاد على أربعة شهور . فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فى نص الفقرة
الأخيرة من المادة (80) من اللائحة المشار إليها فيما تضمنته من وضع حد
أقصى لرصيد الأجازات التى يستحق مقابلاً عنه . وحيث إن من المقرر فى قضاء
هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها ، وأثاراً يرتبها ، من بينها ـ فى
مجال حق العمل ـ ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفاً
وإنسانياً ومواتياً ، فلا تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها ، ولا ترهق
بفحواها بيئة العمل ذاتها ، أو تناقض بأثرها ما ينبغى أن يرتبط حقاً
وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها ، ومن ثم
لا يجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال
بذواتها ، عن متطلبات ممارستها ، وإلا كان تقريرها انحرافاً بها عن
غاياتها يستوى فى ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية . وحيث
إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) تنظيم حق العمل ،
إلا أنها لا يجوز لها أن تعطل جوهره ، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل
موطئاً لإهدار حقوق يملكها ، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التى
ينبغى أن يمارس العمل فيها ، ويندرج تحتها الحق فى الأجازة السنوية التى
لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها ، وإلا كان ذلك منها
عدواناً على صحته البدنية والنفسية ، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية
التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها ، ونكولاً عن الحدود المنطقية
التى ينبغى وفقاً للدستور أن تكون إطاراً لحق العمل ، واستتاراً بتنظيم
هذا الحق للحد من مداه . وحيث إن المشرع قد صاغ فى الإطار السابق بيانه
بنص المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين فى الدولـة الصـادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ـ وهو القانون العام بالنسبة للعاملين فى
الدولة وهيئاتها العامة ـ حق العامل فى الأجازة السنوية ، فغدا بذلك حقاً
مقرراً لـه بنص القانون ، يظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة .
وقد نقلت عنه لائحة نظام العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر حيث جاء
نص المادة (80) محدداً للأجازة السنوية مدداً تختلف باختلاف مدة خدمة
العامل ، ولم يجز تقصيرها أو تأجيلها أو إنهاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها
مصلحة العمل . كما أجاز للعامل أن يحتفظ بما قد يكون له من رصيد الأجازات
الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط معينة للحصول عليها ، بحيث لا يجوز له
الحصول على أجازة من هذا الرصيد تزيد على ستين يوماً فى السنة الواحدة ،
فإذا انتهت خدمة العامل وكان له رصيد من تلك الأجازات حق له اقتضاء بدل
نقدى عن هذا الرصيد ، بيد أن المشرع قيد اقتضاء هذا البدل بأن لا يتجاوز
مدة الرصيد التى يستحق عنه البدل النقدى أربعة أشهـر . وحيث إن المشرع
تغيا من ضمان حق العامل فى أجازة سنوية بالشروط التى حددها أن يستعيد
العامل خلالها قواه المادية والمعنوية ، ولا يجوز بالتالى أن ينزل العامل
عنها ولو كان هذا النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها ، إذ هى فريضة اقتضاها
المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة فلا يملك أيهما إهدارها كلياً أو
جزئياً إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل ، ولا أن يدعى العامل أنه
بالخيار بين طلبها أو تركها ، وإلا كان التخلى عنها إنهاكا لقواه ،
وتبديداً لطاقاته ، وإضراراً بمصلحة العمل ذاتها التى يتعذر صونها مع
الاستمرار فيه دون انقطاع . بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على أجازة
اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخيص فيه ، أو
التذرع دون تمامه بدواعى مصلحة العمل ، وهو ما يقطع بأن الحق فى الأجازة
السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة ويمس
مصالحها العليا صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية . وحيث إن المشرع قد دل
بالفقرة الأخيرة من المادة (80) من اللائحة المشار إليها على أن العامل لا
يجوز أن يتخذ من الأجازة السنوية وعاءً إدخارياً من خلال ترحيل مددها التى
تراخى فى استعمالها ، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها
من الأجر ، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على
العامل سـوء قصـده فلم يجـز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا
عن مدة لا تجاوز أربعة أشهر ، وهى بعد مدة قدر المشرع أن قصرها يعتبر
كافلاً للأجازة السنوية غاياتها ، فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها ،
بيد أن هذا الحكم لا ينبغى أن يسرى على إطلاقه ، بما مؤداه أنه كلما كان
فوات الأجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن
يكون لإرادة العامل دخل فيها ، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها ،
فيجوز للعامل عندئذ ـ وكأصل عام ـ أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل
سنة ، إذا كان اقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكناُ
عيناً ، وإلا كان التعويض النقدى عنها واجباً ، تقديراً بأن المدة التى
امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان
لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك . وحيث إن الحق فى هذا التعويض لا يعدو أن
يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامـل . مما ينـدرج فى إطـار
الحقـوق التى تكفلها المادتـان ( 32 و34 ) من الدستور اللتان صان بهما
الملكية الخاصة ، والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه
عام وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها . متى كان ذلك
، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضـرر والجـابر له يكـون مخالفاً
للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة .
فلهــــذه الأسبــــاب
حكمت
المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (80) من لائحة نظام
العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر الصادرة بقرار وزير النقل
والمواصلات والنقل البحرى رقم 17 لسنة 1982 . فيما تضمنه من حرمان العامل
من البدل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر ، متى كان
عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب تقتضيها مصلحة العمل . أمين
السر رئيس المحكمة
المحكمة الدستورية العليا بالجلسة العلنية المنعقـدة يـوم
الأحـد 9 مايــو سنة 2004 م ، الموافـق 19 ربيع الأول سنة 1425 هـ .
برئاسة
السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة
المستشارين : حـمدى محمد على وماهــر البحـيرى وعـدلى محمود منصور ومحمد
عبدالقادر عبدالله وعلى عوض محمد صالح والدكتور عادل عمر شريف
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت
الحكم الآتى فى القضية المقيدة بجدول المحكمـة الدستورية العليا برقم 54
لسنـة 25 قضائية " دستورية " ، المحالة من محكمة القضاء الإدارى بقرارها
الصادر بجلسة 9/12/2002 فى الدعوى رقم 10163 لسنة 54 ق .
المقامة من
1 ـ السيد / على إبراهيم طه 2 ـ السيد / أبو بكر أحمد أمين طوسون 3 ـ السيد / سمير عيسى خليل 4 ـ السيد / خليل رزق شلبى
ضــــــــد
السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر
الإجراءات
بتاريخ
الثانى من فبراير سنة 2003 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا
ملف الدعوى رقم 10163 لسنة 54 ق ، المحالة من محكمة القضاء الإدارى "
دائرة التسويات " بقرارها الصادر فى 9/12/2002 للفصل فى دستورية المادة
(80) من لائحة العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر الصادرة بقرار وزير
النقل والمواصلات والنقل البحرى رقم 17 لسنة 1982 . وقدمت هيئة قضايا
الدولة مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى . وبعد تحضير
الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها . ونظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع ـ
على
ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المدعين كانوا قد
أقاموا الدعوى رقم 10163 لسنة 54 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المدعى
عليه ، ابتغاء الحكم بأحقيتهم فى صرف باقى مستحقاتهم فى البدل النقدى
لرصيد أجازاتهم الاعتيادية التى لم تصرف لهم عند انتهاء خدمتهم بالهيئة ،
حيث لم تصرف لهم الهيئة سوى ما يقابل أجر أربعة شهور فقط وفقاً للمادة
(80) من لائحة العاملين بالهيئة ، بينما رصيد أجازاة كـل منهم التى يستحق
عنها البـدل النقـدى يزيـد على ذلك . رأت المحكمة أن نص المادة (80) من
اللائحة يتضمن ذات الحكم الوارد فـى المادة (65) من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة ، والتى سبق الحكم بعدم دستوريتها . فقررت وقف الدعوى
وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فى دستورية المادة (80)
المشار إليها . وحيث إنه عن الدفع بعدم الاختصاص ، فهو فى غير محله ، ذلك
أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر وفق قانون إنشائها رقم 152 لسنة 1980 هى
هيئة عامة تقوم على إدارة مرفق عام ، وقد أصدر وزير النقل والمواصلات
والنقل البحرى ، بناء على تفويض تشريعى بموجب المادة (17) من ذلك القانون
، لائحة نظام العاملين بالهيئة . وعلى ذلك فإن العاملين بالهيئة القومية
لسكك حديد مصر هم موظفون عموميون يرتبطون بالهيئة بعلاقة تنظيمية بحكم
تبعيتهم لشخص من أشخاص القانون العام وتسرى عليهم أحكام القوانين المتعلقة
بالوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى لائحة تنظيمها . ومن ثم ،
فإن اللائحة المشار إليها والتى تتضمن النص المطعون فيه تعتبر تشريعاً مما
تمتد إليه الرقابة الدستورية لهذه المحكمة . وحـيث إن النص فى المادة (80)
مـن اللائحـة المطعـون عليه على أن " يستحق العامل أجازة اعتيادية بأجر
كامل عن سنوات العمل الفعلية ........ على الوجه الآتى :
.............................. ولرئيس مجلس الإدارة أن يقرر زيادة مدة
الأجازة ............ ولا يجوز تقصير أو تأجيل الإجازة الاعتيادية أو
إنهاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل . ويجب فى جميع الأحوال
التصريح بإجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة . ويحتفظ العامل برصيد
أجازاته الاعتيادية ، على أنه لا يجوز أن يحصل على أجازة اعتيادية من هذا
الرصيد بما لا يجاوز ستين يوماً فى السنة بالإضافة إلى الأجازة الاعتيادية
المستحقة له عن ذات السنة . فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاده رصيده من
الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى مضافاً إليه
العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز
أجر أربعة أشهر ، ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم " . وحيث إن
نطاق الدعوى الدستورية إنما يتحدد بما يكون لازماً للفصل فى الطلبات
الموضوعية وهو ما تتحقق به المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى . لما كان ذلك
وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق المدعى فى المقابل النقدى لرصيد أجازاته
فيما زاد على أربعة شهور . فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فى نص الفقرة
الأخيرة من المادة (80) من اللائحة المشار إليها فيما تضمنته من وضع حد
أقصى لرصيد الأجازات التى يستحق مقابلاً عنه . وحيث إن من المقرر فى قضاء
هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها ، وأثاراً يرتبها ، من بينها ـ فى
مجال حق العمل ـ ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفاً
وإنسانياً ومواتياً ، فلا تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها ، ولا ترهق
بفحواها بيئة العمل ذاتها ، أو تناقض بأثرها ما ينبغى أن يرتبط حقاً
وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها ، ومن ثم
لا يجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال
بذواتها ، عن متطلبات ممارستها ، وإلا كان تقريرها انحرافاً بها عن
غاياتها يستوى فى ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية . وحيث
إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) تنظيم حق العمل ،
إلا أنها لا يجوز لها أن تعطل جوهره ، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل
موطئاً لإهدار حقوق يملكها ، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التى
ينبغى أن يمارس العمل فيها ، ويندرج تحتها الحق فى الأجازة السنوية التى
لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها ، وإلا كان ذلك منها
عدواناً على صحته البدنية والنفسية ، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية
التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها ، ونكولاً عن الحدود المنطقية
التى ينبغى وفقاً للدستور أن تكون إطاراً لحق العمل ، واستتاراً بتنظيم
هذا الحق للحد من مداه . وحيث إن المشرع قد صاغ فى الإطار السابق بيانه
بنص المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين فى الدولـة الصـادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ـ وهو القانون العام بالنسبة للعاملين فى
الدولة وهيئاتها العامة ـ حق العامل فى الأجازة السنوية ، فغدا بذلك حقاً
مقرراً لـه بنص القانون ، يظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة .
وقد نقلت عنه لائحة نظام العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر حيث جاء
نص المادة (80) محدداً للأجازة السنوية مدداً تختلف باختلاف مدة خدمة
العامل ، ولم يجز تقصيرها أو تأجيلها أو إنهاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها
مصلحة العمل . كما أجاز للعامل أن يحتفظ بما قد يكون له من رصيد الأجازات
الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط معينة للحصول عليها ، بحيث لا يجوز له
الحصول على أجازة من هذا الرصيد تزيد على ستين يوماً فى السنة الواحدة ،
فإذا انتهت خدمة العامل وكان له رصيد من تلك الأجازات حق له اقتضاء بدل
نقدى عن هذا الرصيد ، بيد أن المشرع قيد اقتضاء هذا البدل بأن لا يتجاوز
مدة الرصيد التى يستحق عنه البدل النقدى أربعة أشهـر . وحيث إن المشرع
تغيا من ضمان حق العامل فى أجازة سنوية بالشروط التى حددها أن يستعيد
العامل خلالها قواه المادية والمعنوية ، ولا يجوز بالتالى أن ينزل العامل
عنها ولو كان هذا النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها ، إذ هى فريضة اقتضاها
المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة فلا يملك أيهما إهدارها كلياً أو
جزئياً إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل ، ولا أن يدعى العامل أنه
بالخيار بين طلبها أو تركها ، وإلا كان التخلى عنها إنهاكا لقواه ،
وتبديداً لطاقاته ، وإضراراً بمصلحة العمل ذاتها التى يتعذر صونها مع
الاستمرار فيه دون انقطاع . بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على أجازة
اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخيص فيه ، أو
التذرع دون تمامه بدواعى مصلحة العمل ، وهو ما يقطع بأن الحق فى الأجازة
السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة ويمس
مصالحها العليا صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية . وحيث إن المشرع قد دل
بالفقرة الأخيرة من المادة (80) من اللائحة المشار إليها على أن العامل لا
يجوز أن يتخذ من الأجازة السنوية وعاءً إدخارياً من خلال ترحيل مددها التى
تراخى فى استعمالها ، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها
من الأجر ، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على
العامل سـوء قصـده فلم يجـز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا
عن مدة لا تجاوز أربعة أشهر ، وهى بعد مدة قدر المشرع أن قصرها يعتبر
كافلاً للأجازة السنوية غاياتها ، فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها ،
بيد أن هذا الحكم لا ينبغى أن يسرى على إطلاقه ، بما مؤداه أنه كلما كان
فوات الأجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن
يكون لإرادة العامل دخل فيها ، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها ،
فيجوز للعامل عندئذ ـ وكأصل عام ـ أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل
سنة ، إذا كان اقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكناُ
عيناً ، وإلا كان التعويض النقدى عنها واجباً ، تقديراً بأن المدة التى
امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان
لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك . وحيث إن الحق فى هذا التعويض لا يعدو أن
يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامـل . مما ينـدرج فى إطـار
الحقـوق التى تكفلها المادتـان ( 32 و34 ) من الدستور اللتان صان بهما
الملكية الخاصة ، والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه
عام وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها . متى كان ذلك
، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضـرر والجـابر له يكـون مخالفاً
للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة .
فلهــــذه الأسبــــاب
حكمت
المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (80) من لائحة نظام
العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر الصادرة بقرار وزير النقل
والمواصلات والنقل البحرى رقم 17 لسنة 1982 . فيما تضمنه من حرمان العامل
من البدل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر ، متى كان
عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب تقتضيها مصلحة العمل . أمين
السر رئيس المحكمة