مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك


مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماهدخول

القانون المصرى

محمد جمعه موسى للمحاماه *جمهوريه مصر العربيه - محافظه البحيره - رشيد *01005599621- 002-01227080958-002

descriptionعقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها Emptyعقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها

more_horiz
عقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها
نصت المادة 646 من القانون المدنى على أنه : المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدى عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر
نصت المادة 647 من القانون المدنى على أنه :
(1) يجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم رب العمل المادة التى يستخدمها أو يستعين بها فى القيام بعمله .
(2) كما يجوز ان يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معاً .
نصت المادة 648 من القانون المدنى على أنه : إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها ، كان مسئولا عن جودتها وعليه ضمانها لرب العمل.
نصت المادة 649 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا كان رب العمل هو الذى قدم المادة ، فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعى أصول الفن فى استخدامه لها وأن يؤدى حساباً لرب العمل عما استعملها فيه ويرد إليه ما بقى منها .
فإذا صار شيء من هذه المادة غير صالح للاستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية ، ألتزم برد قيمة هذا الشيء لرب العمل.  
(2) وعلى المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه فى إنجاز العمل من أدوات ومهمات إضافية ويكون ذلك على نفقته . هذا ما لم يقض الاتفاق أو عرف الحرفة بغيره.
 
نصت المادة 650 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا ثبت أثناء سير العمل أن المقاول يقوم به على وجه معيب أو مناف لعقد ، جاز لرب العمل أن ينذره بأن يعدل من طريقة التنفيذ خلال أجل معقول يعينه له . فإذا انقضى الأجل دون أن يرجع المقاول إلى الطريقة الصحيحة ، جاز لرب العمل أن يطلب إما فسخ العقد وإما أن يعهد إلى مقاول آخر بإنجاز العمل على نفقة المقاول الأول طبقاً لأحكام المادة 209.
(2) على أنه يجوز طلب فسخ العقد فى الحال دون حاجة إلى تعيين أجل إذا كان إصلاح ما فى طريقة التنفيذ من عيب مستحيلا.
نصت المادة 651 من القانون المدنى على أنه :
(1) يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها ، أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ، ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات .
(2) ويشمل الضمان المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ما يوجد فى المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
(3) وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل ولا تسرى هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن .
نصت المادة 652 من القانون المدنى على أنه : إذا أقتصر المهندس المعمارى على وضع التصميمات دون أن يكلف الرقابة على التنفيذ ، لم يكن مسئولا إلا عن العيوب التى أتت من التصميم .
نصت المادة 653 من القانون المدنى على أنه : يكون باطلا كل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعمارى والمقاول من الضمان أو الحد منه .
نصت المادة 654 من القانون المدنى على أنه : تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب .
التزامات رب العمل
نصت المادة 655 من القانون المدنى على أنه : متى أتم المقاول العمل ووضعه تحت تصرف رب العمل ، وجب على هذا أن يبادر إلى تسلمه فى أقرب وقت ممكن بحسب الجاري فى المعاملات ، فإذا أمتنع دون سبب مشروع عن التسليم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي ، أعتبر أن العمل قد سلم إليه .
نصت المادة 656 من القانون المدنى على أنه : يستحق دفع الأجر تسلم العمل ، إلا إذا قضى العرف أو الاتفاق بغير ذلك .
نصت المادة 657 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا أبرم عقد بمقتضى مقايسة على أساس الوحدة وتبين فى أثناء العمل أن من الضروري لتنفيذ التصميم المتفق عليه مجاوزة المقايسة المقدرة مجاوزة محسوسة ، وجب على المقاول أن يخطر فى الحال رب العمل بذلك مبيناً مقدار ما يتوقعه من زيادة فى الثمن ، فإن لم يفعل سقط حقه فى استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات .
(2) فإذا كانت المجاوزة التى يقتضيها تنفيذ التصميم جسيمة جاز لرب العمل ان يتحلل من العقد ويقف التنفيذ على أن يكون ذلك دون إبطاء ، مع إيفاء المقاول قيمة ما أنجزه من الأعمال ، مقدرة وفقاً لشروط العقد ، دون أن يعوضه عما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل .
 
نصت المادة 658 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا أبرم العقد بأجر إجمالي على أساس تصميم أتفق عليه رب العمل ، فليس للمقاول أن يطلب بأية زيادة فى الأجر ولو حدث فى هذا التصميم تعديل أو إضافة إلا أن يكون ذلك راجعاً إلى خطأ من رب العمل أو يكون مأذوناً به منه وأتفق مع المقاول على أجره .
(2) ويجب أن يحصل هذا الاتفاق كتابة ، إلا إذا كان العقد الأصلى ذاته قد أتفق عليه مشافهة .
(3) وليس للمقاول إذا ارتفعت أسعار المواد الأولية وأجور الأيدي العاملة أو غيرها من التكاليف أن يستند إلى ذلك ليطلب زيادة الأجر ولو بلغ هذا الارتفاع حداً يجعل تنفيذ العقد عسيراً.
(4) على أنه إذا أنهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة لم تكن فى الحسبان وقت التعاقد ، وتداعى بذلك الأساس الذى قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة ، جاز للقاضي أن يحكم بزيادة الأجر أو بفسخ العقد.
نصت المادة 659 من القانون المدنى على أنه : إذا لم يحدد الأجر سلفاً وجب الرجوع فى تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاول .
نصت المادة 660 من القانون المدنى على أنه :
(1) يستحق المهندس المعمارى أجراً مستقلا عن وضع التصميم وعمل المقايسة وأخر عن إدارة الأعمال .
(2) فإن لم يحدد العقد هذه الأجور وجب تقديرها وفقاً للعرف الجاري.
(3) غير أنه إذا لم يتم العمل بمقتضى التصميم الذى وضعه المهندس ، وجب تقدير الأجر بحسب الزمن الذى استغرقه وضع التصميم مع مراعاة طبيعة هذا العمل .
نصت المادة 661 من القانون المدنى على أنه :
 (1) يجوز للمقاول أن بكل تنفيذ العمل فى جملته أو فى جزء منه إلى مقاول من الباطن إذا لم يمنعه من ذلك شرط فى العقد أو لم تكن طبيعة العمل تفترض الاعتماد على كفايته الشخصية .
(2) ولكنه يبقى فى هذه الحالة مسئولا عن المقاول من الباطن قبل رب العمل .
نصت المادة 662 من القانون المدنى على أنه :
 (1) يكون للمقاولين من الباطن وللعمال الذين يشتغلون لحساب المقاول فى تنفيذ العمل ، حق مطالبة رب العمل مباشرة بما لا يجاوز القدر الذى يكون مديناً به للمقاول الأصلى وقت رفع الدعوى ، ويكون لعمال المقاولين من الباطن مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلى ورب العمل
(2) ولهم فى حالة توقيع الحجز من أحدهم تحت يدرب العمل أو المقاول الأصلى امتياز على المبالغ المستحقة للمقاول الأصلى أو للمقاول من الباطن وقت توقيع الحجز ، ويكون الامتياز لكل منهم بنسبة حقه ، ويجوز أداء هذه المبالغ إليهم مباشرة .
(3) وحقوق المقاولين من الباطن والعمال المقررة بمقتضى هذه المادة مقدمة على حقوق من ينزل له المقاول عن دينه قبل رب العمل .
 
نصت المادة 663 من القانون المدنى على أنه :
(1) لرب لعمل أن يتحلل من العقد ويقف التنفيذ فى أى وقت قبل إتمامه ، على أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات ، وما أنجزه من الأعمال ، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل .
(2) على أنه يجوز للمحكمة أن تخفض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب إذا كانت الظروف تجعل هذا التخفيض عادلا ، ويتعين عليها بوجه خاص أن تنقص منه ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء تحلل رب العمل من العقد وما يكون قد كسبه باستخدام وقته فى أمر أخر.
نصت المادة 664 من القانون المدنى على أنه : ينقضي عقد المقاولة باستحالة تنفيذ العمل المعقود عليه.
نصت المادة 665 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا هلك الشيء بسبب حادث مفاجئ قبل تسليمه لرب العمل ، فليس للمقاول أن يطالب لا بثمن عمله ولا برد نفقاته ، ويكون هلاك المادة على من قام بتوريدها من الطرفين .
(2) أما إذا كان المقاول قد أعذر أن يسلم الشيء ، أو كان هلاك الشيء أو تلفه قبل التسليم راجعاً إلى خطئه ، وجب عليه أن يعوض رب العمل عما يكون هذا قد ورده من مادة للعمل .
(3) فإذا كان رب العمل هو الذى أعذر أن يتسلم الشيء ، أو كان هلاك الشيء أو تلفه راجعاً إلى خطأ منه أو إلى عيب فى المادة التى قام بتوريدها ، كان هلاك المادة عليه وكان للمقاول الحق فى الأجر وفى التعويض عند الاقتضاء .
نصت المادة 666 من القانون المدنى على أنه : ينقضي عقد المقاولة بموت المقاول إذا كانت مؤهلاته الشخصية محل اعتبار فى التعاقد . فإن لم تكن محل اعتبار فلا ينتهي العقد من تلقاء نفسه ولا يجوز لرب العمل فسخه فى غير الحالات التى تطبق فيها المادة 663 إلا إذا لم تتوافر فى ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل .
نصت المادة 667 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا انقضى العقد بموت المقاول ، وجب على رب العمل أن يدفع للتركة قيمة ما تم من العمال وما أنفق لتنفيذ ما لم يتم ، وذلك بقـدر النفع الذى يعود عليه من هذه الأعمال والنفقات .
(2) ويجوز لرب العمل فى نظير ذلك أن يطالب بتسليم المواد التى تمم إعدادها والرسوم التى بدئ فى تنفيذها ، على أن يدفع عنها تعويضاً عادلاً .
(3) وتسرى هذه الأحكام أيضاً إذا بدأ المقاول فى تنفيذ العمل ثم أصبح عاجزاً عن إتمامه لسبب لا يد له فيه .
 
المذكره التفسيريه
يعرض المشروع ، علاوة علي الأحكام العامة ، لبعض الصور الخاصة للمقاولة ، فهو بعد أن يعرف عقد المقاولة ويذكر صوره المختلفة ، مبينا أنه قد يرد علي مقاولات صغيرة أو علي مقاولات كبيرة أو علي مقاولات تتعلق بالمرافق العامة ، يعرض للقواعد العامة التي تنطبق علي كل أنواع المقاولات ، ثم يتكلم أخيرا عن بعض القواعد الخاصة بأنواع معينة من المقاولات.
ويلاحظ أنه لم يكن ممكنا أن يوضع إلي جانب الأحكام العامة تنظيم خاص لكل الأشكال العملية لعقد المقاولة.
ولذلك اكتفي المشروع ببعض صوره الجارية ، تاركا للقاضي أمر تطبيقها وضبطها علي الحالات الخاصة ؟ وقد عني المشروع - فيما اعتبره من القواعد العامة ببيان التزامات كل من المقاول ورب العمل وأسباب انتهاء المقاولة ، فاستبقي فيها معظم أحكام التقنين الحالة (الملغي) وأضاف إليها أحكاما جديدة. وفي القواعد الخاصة عني ببعض أنواع المقاولات ، ولاسيما مقاولات المباني ، فأورد بشأنها ما تضمنه التقنين الحالي (الملغي) من مسئولية المهندس المعماري والمقاول بالتضامن عن خلل للبناء في مدة عشرة سنين ، ووضع أحكاما منظمة لهذه المسئولية من حيث شروطها وتوزيعها بين المسئولين وارتفاعها بالقوة القاهرة ، وجواز الإنفاق علي الإعفاء منها ، وسقوطها بالتقادم .
وتطلق الفقرة الأولي من المادة 409/500 من التقنين الحالي فيها عدا ذكر التضامن ، فقد ترك أمره لنص خاص بنظمه تفصيلا (م 897 من المشروع).
أما الفقرة الثانية فهي مقتبسة من التقنين الأسباني (م 1591) والمشروع الفرنسي الإيطالي (م 522 فقرة أولي) والتقنين التونسي (م 867) والتقنين اللبناني (م 668) وبعض التقنيات الأخرى.
والفقرة الثالثة مأخوذة عن المشروع الفرنسي الإيطالي (م 523) وتحديد المدة التي يبقي فيها المقاولون والمهندسون مسئولين عن خلل البناء لعشر سنوات أخذ به التقنين المصري (409/500) جريا علي نسق التقنين للفرنسي (م 1792). وقد أخذ بهذه المدة أيضا التقنين الإيطالي (1639) والتقنين الإسباني (م 1531). أما التقنين البرتغالي (1399) وتقنين الالتزامات السويسري (م 371) والتقنين البرازيلي (م 1245) والتقنين التونسي (م 876) والتقنين اللبناني (م 668) فقد انقضت جميعها المدة خمس سنوات. والتقنين الياباني يجاري أيضا هذه التقنيات الأخيرة ويجعل المدة أساسا خمس سنوات (م 638) ولكنه يرفعها إلي عشر سنوات إذا كان البناء مقاما من الحجر أو الطوب أو المعدن. أما المشروع الحالي فشأنه شأني المشروع الفرنسي الإيطالي يبقي علي مدة العشر السنين احتفاظا بما استقر.
وبعض التقنيات تترك مسئولية المهندس المعماري للقواعد العامة. ولا تقرر مسئولية خاصة إلا للمقاول . (1)
وعلي عكس ذلك توسع بعض التقنيات من دائرة هذه المسئولية الخاصة ، تجعلها شاملة أيضا للمهندس الميكانيكي (تقنين الالتزامات السويسري 371 والتقنين التونسي م876 والتقنين اللبناني م 668). أما المشروع فهو يحافظ علي النطاق التقليدي لهذه المسئولية ، فيجعلها شاملة للمهندس المعماري والمقاول ، ولا يطبقها علي المهندس الميكانيكي إلا إذا قام بوظيفة المهندس المعماري .
اقتبس المشروع الفكرة الأساسية في التمييز الوارد بنص المادة 654عن المشروع الفرنسي الإيطالي م 521 فقرة 2 و522 فقرة أولي (في نهايتها).
وقد ترتب علي عدم وجود نص في التقنين الحالي بطابق الفترة الثانية من هذه المادة ، أن محكمة الاستئناف المختلطة قررت أن دعوى المسئولية قبل المقاول بناء علي نص المادة 500 من التقنين المختلط يجوز رفعها بعد مضي العشر السنين المقررة بالنص ، ولا يسقط الحق في إقامتها إلا بمضي خمس عشرة سنة من يوم وقوع الحادث ويترتب علي ذلك أنه لو حدث الخلل في السنة العاشرة فإن الدعوى تبقي جائزة حنى تمر أربع وعشرون سنة من تاريخ تسلم العمل وقد يكون الداعي إلي تقرير هذا الحل هو الرغبة في ترك وقت كاف لرب العمل الذي يكتشف العيب في آخر لحظة ، حتى ينجح في دعواه قبل المقاول ، علي أن هذه النتيجة تتعارض تماما مع ما رأيناه من ميل التقنيات الحديثة إلي تقصير المدة التي يبقي فيها كل من المقاول والمهندس مسئولا ، ولذلك يكتفي المشروع بتحديد مدة سنتين يجوز رفع الدعوى خلالهما ، وذلك قياسا علي ما قرره المشروع الفرنسي الإيطالي (م522)
ولما كان عقد المقاولة من العقود التي يظهر فيها بالذات فائدة الأخذ بهذه النظرية فقد آثر المشرع أن يقررها صراحة بنص خاص في باب المقاولة. وهو في ذلك يجاري التقنين البولوني (م 269  ، 490 فقرة 2) ، والمعيار الذي يقرره النص "اختلال التوازن الاقتصادي بين الالتزامات اختلالا تاما بسبب حوادث لم تكن منظورة وقت التعاقد ، هو من الدقة بحيث يحد من تدخل القاضي وفي الوقت نفسه من المرونة بحيث يسمح له بمراعاة ظروف كل حالة .
الشرح و التعليق
(1) أن عقد المقاولة عقد رضائي- لا يشترط في انعقاده شكل معين ، وأنه عقد ملزم للجانبين ، ومن عقود المعارضة.
(2) أن التراضي في عقد المقاولة يقع علي عنصرين اثنين: الشيء المطلوب صنعه أو العمل المطلوب تأديته من المقاول وهو أحد المتعاقدين ، والأجر الذي يتعهد به رب العمل وهو المتعاقد الآخر.
(3) أن عقد المقاولة قد انفصل بهذا التعريف عن عقدين آخرين كانا مختلطين به في التقنين المدني الملغي ، ولا يزالون مختلطين به في التقنين المدني الفرنسي ، وهما: عقد الإيجار وعقد العمل.
ويتميز عقد المقاولة عن بعض العقود التي تلتبس به.
فهو يلتبس مع عقد الإيجار في عقد شائع هو عقد المستهلك مع ملتزم المرافق العامة من ماء ونور وغاز ونقل …… الخ. فالعقد الذي يبرمه المستهلك مع شركة المياه مثلا- في نظر الفقه المدني- عقد مقاولة واقع علي ما تقوم به الشركة من عمل في توصيل المياه للمستهلك. أما الفقه الإداري فيذهب إلي أن مركز المستهلك من ملتزم المرفق العام ليست له صفة تعاقدية بل هو مركز قانوني.
ويتميز عقد المقاولة عن عقد العمل وإن كانا يردان علي العمل ، فالمقاول يتحمل للتبعة ولا يتحملها العامل ، والعامل يخضع لتشريعات العمل من حيث ساعات العمل والإجازات والأجر المقدر وإصابات العمل والفصل التعسفي دون المقاول فمعيار الخضوع. لإدارة رب العمل وإشرافه هو المعيار الذي أخذ به للتقنين المدني الجديد في التمييز بين عقد المقاولة وعقد العمل.
ويتميز عقد المقاولة عن الوكالة وإن كان كلاهما يردان علي العمل ، ويؤديه كل منهما لمصلحة الغير ، ولكنها يختلفان في أن العمل في عقد المقاولة هو عمل مادي acte meteiel بينما هو في عقد الوكالة تصرف قانوني acte juridique وينبني علي ذلك أن المقاول وهو يؤدي العمل المادي لمصلحة رب العمل لا ينوب عنه وإنما يعمل استقلالا. أما الوكيل وهو يقوم بالتصرف القانوني لمصلحة موكله يكون نائبا عنه ويمثله في التصرف الذي يقوم به فينصرف أثر هذا التصرف إلي الموكل.
 
 
الأهمية العملية للتمييز بين المقاولة والوكالة
والأهمية العملية للتمييز بين المقاولة والوكالة ، تظهر فيما يلي:
(أ) أن المقاولة دائما مأجورة ، ومتي عين الأجر لا يملك القاضي كقاعدة عامة تعديله. أما الوكالة فقد تكون مأجورة أو غير مأجورة ، والأصل فيها أن تكون بغير أجر إلا إذا وجد اتفاق صريح أو ضمني يقضي بأن يكون للوكيل أجر ، وإذا كانت الوكالة مأجورة كان الأجر خاضعا لتقدير القاضي (م 709 مدني).
(ب) أن المقاول لا يخضع لإشراف رب العمل وليس تابعا له ، ومن ثم فلا يكون رب العمل مسئولا عن المقاول مسئولية المتبوع عن التابع أما الوكيل فيعمل في كثير من الأحيان بإشراف الموكل ، وفي هذه الحالة يكون تابعا له ويكون الموكل مسئولا عنه مسئولية المتبوع عن التابع.
(ج) أن التصرفات التي يجريها المقاول لا ينصرف أثرها إلي رب العمل ، أما تصرفات الوكيل فإن أثرها يتصرف مباشرة إلي الموكل ولا  شيئا منها يتصرف إلي الوكيل.
(د) أن المقاول مضارب ، وهو معرض للمكسب والخسارة ، وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ العمل فلا شأن لرب العمل بذلك ، ويتحمل المقاول وحده هذا الضرر. أما الوكيل فإنه لا يضارب ولا يعرض نفسه لمكسب أو خسارة. فهو إما أن يقوم بعمله تبرعا وإما أن يأخذ أجرا مناسبا للعمل ، وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ الوكالة فإن الموكل يكون مسئولا عما أصابه من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا (م 711 مدني).
(هـ) المقاولة في الأصل عقد لازم ، أما الوكالة فهي في الأصل عقد غير لازم ، ويجوز عزل الوكيل أو تنحيه في أي وقت.
(و) أن المقاولة لا تنتهي بموت رب العمل أو بموت المقاول إلا إذا كانت شخصيته محل اعتبار ، وتنتهي الوكالة بموت الموكل أو بموت الوكيل.
وقد تلتبس المقاولة بالوكالة وبخاصة في العقود التي تبرم مع أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامي والأستاذ والمحاسب والمهندس ، فالأعمال التي يقوم بها هؤلاء هي أعمال مادية في مجموعها لا تصرفات قانونية ، إذ أن علاج الطبيب للمريض ودفاع المحامي عن الخصم وتعليم الأستاذ تلاميذه ووضع المهندس المعماري للتصميمات والرسوم والمقايسات ، كل هذه أعمال مادية ، وأن أصحابها إذ يقومون بها لمصلحة الغير إنما يربطهم بالغير عقد مقاولة أو عقد عمل وليس عقد وكالة.
فالعقد مع الطبيب هو عقد مقاولة في الغالب إذ هو اتفاق بين الطبيب والمريض علي أن يقوم الأول بعلاج الثاني في مقابل أجر معلوم ، فالعلاج عمل مادي ولا ينفي ماديته أن يكون عملا عقليا ، فهو إذن ليس بتصرف قانوني ، ولكنه مع ذلك التزام يبذل عناية وليس بتحقيق غاية ، وأنه لوحظت فيه شخصية الطبيب ( م 666 مدني) ، وأنه غير لازم لا من جانب المريض ولا من جانب الطبيب فيستطيع كل منهما أن يرجع فيه. فالرأي الغالب في الفقه أن العقد مع الطبيب هو عقد مقاولة ، وإن اعتبرته الأقلية عقدا غير مسمي.
أما العقد مع المحامي فيقع علي خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ، فتقديم المشورة وتحرير المذكرات والمرافعة الشفوية وتحرير العقود والمستندات أعمال مادية تسري عليها أحكام المقاولة ، ورفع الدعاوى والطعون وتوجيه اليمين الحاسمة وردها وعقد الصلح بالمحكمة تصرفات قانونية تسري عليها أحكام الوكالة ، وإذا خضع لإشراف عميله (كشركة أو مؤسسة) يكون العقد الذي ينظم هذه العلاقة عقد عمل ، وإذا تعارضت أحكام الوكالة مع أحكام المقاولة وجب ترجيح العنصر الغالب في أعمال المحامي وهو عنصر للوكالة وإعمال أحكام الوكالة دون أحكام المقاولة ، فأجر المحامي عن أعماله المادية والقانونية مثلا يكون خاضعا لتقدير القاضي كما تقضي أحكام الوكالة (م 709/2 مدني).
وعلي العكس من ذلك العقد مع المهندس المعماري ، فإن هذا العقد يقع هو أيضا علي خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ، فيجمع بين أحكام المقاولة وأحكام الوكالة ، ولكن عنصر المقاولة هو الغالب ، فإذا تعارضت الأحكام وجب تطبيق أحكام المقاولة ، ومن ثم يكون أجر المهندس المعماري هي وضع التصميم والرسوم وعمل المقايسات والإشراف علي التنفيذ ، وقد يقوم ببعض التصرفات القانونية كمحاسبة المقاول وإقرار الحساب ، ودفع ما يستحقه المقاول في ذمة رب العمل وتسلم العمل من المقاول علي أجزاء أو جملة واحدة بعد إنجازه ، ويكون في هذه التصرفات القانونية نائبا عن رب العمل ، ومن ثم تسري أحكام الوكالة.
أما فيما بين المقاولة والبيع ، فإنه قد يقع أن يتعاقد شخص مع تجار علي أن يصنع له أثاثا ويقدم التجار الخشب من عنده وهذا ما يحصل في الغالب ، أو أن يتعاقد شخص مع حائك علي أن يصنع له ثوبا ويقدم الحائك القماش من عنده ، فهل يبقي العقد في هاتين الحالتين وأمثالهما عقد مقاولة ، أم يكون عقد بيع واقع علي شيء مستقبل هو الأثاث بالنسبة إلي النجار ، وللثوب بالنسبة للحائك؟
ذهب رأي- إلي أن العقد مقاولة دائما والمادة المقدمة ليست إلا تابعة للعمل ، وتكون المقاولة في هذه الحالة ملزمة للصانع يصنع الشيء المطلوب فتقع علي العمل ، وهي في الوقت ذاته تقع علي الشيء المصنوع فتقل ملكيته إلي رب العمل ولا تخرج مع ذلك عن نطاق المقاولة.
نقول بأن المقاولة تنقل ملكية الشيء المصنوع إلي رب العمل مع بقائها مقاولة يجعل للمقاولة طبيعة أخرى تختلف تماما عن طبيعتها باعتبارها عقدا يرد علي العمل ولم يقل أحد قبل ذلك إن المقاولة قد ترد علي الملكية فتنقلها ، وهي إذا وردت علي الملكية فنقلتها فذلك إنما يكون إما لأنها اندمجت في عقد آخر أو اختلطت بعقد آخر ، وهذا العقد الآخر الذي نقل الملكية في نظير مقابل لا يمكن إلا أن يكون بيعا إذا كان المقابل نقودا ، أو إلا أن يكون مقايضة إذا كان المقابل غير نقود .
ولكن ليس معني ذلك أن تبقي مقاولة محصنة فيما تناولته المادتان 647/2 و648 مدني ولا يوجد ما يمنع من أن تختلط المقاولة بعقد آخر هو الذي يقع علي المادة دون العمل ، ويصح القول مع ذلك إن المقاول هو الذي قدم المادة ، ويكون له بذلك دوران دور البائع الذي قدم المادة ، ودور المقاول الذي قدم العمل.
وذهب رأي ثان- إلي القول بأن العقد هو بيع شيء مستقبل ، وهذا الرأي لا يدخل في الاعتبار أن المقاول إنما تعاقد أصلا علي العمل ، والمادة إنما جاءت تابعة للعمل. ولو كان المقاول قصد أن يبيع شيئا مصنوعا ، لجان له أن يقدم لرب العمل شيئا يكون قد صنعه قبل العدد ، وهو إذا فعل ، وقبل منه رب العمل ذلك ، فإن ملكية هذا الشيء المصنوع من قبل لا تنتقل بموجب العقد الأصلي ، وإنما تنتقل بموجب عقد جديد يكيف علي أن بيع لا لشيء مستقبل بل لشيء حاضر.
وذهب رأي ثالث- إلي أن العقد يكون مقاولة أو بيعا يحسب نسبة قيمة المادة إلي قيمة العمل. فإن كانت قيمة العمل تفوق كثيرا قيمة المادة فالعقد مقاولة ، أما إذا كانت قيمة المادة تفوق كثيرا قيمة العمل (كما إذا تعهد شخص بتوريد سيارة بعد أن يقوم فيها ببعض إصلاحات طفيفة) فالعقد ببيع ولكن كثيرا ما يقع أن تكون للمادة قيمة محسوسة إلي جانب قيمة العمل حتى لو كانت أقل قيمة منه ، فيصبح العقد في هذه الحالة مزيجا من بيع ومقاولة ، سواء كانت أكبر من قيمة العمل أو أصغر ، ويقع البيع علي المادة وتسري أحكامه فيما يتعلق بها ، وتقع المقاولة علي العمل وينطبق أحكامها عليه.
وتشتبه الوديعة المأجورة بالمقاولة ، إذ المودع عنده في هذه الحالة يقوم بعمل لمصلحة الغير ، هو حفظ الشيء المودع ، لقاء أجر معلوم ، فتقترب الوديعة من المقاولة ، ولكن المودع عنده حتى في الوديعة المأجورة ليس بمضارب ولا ينبغي الكسب من وراء الأجر بخلاف المقاول. علي أن هناك من الودائع المأجورة ما يقرب من المقاولة إلي حد بعيد ، وذلك فيما يدعي بعقود الحفظ contrats de garde المهنية حيث يتخذ الشخص الوديعة المأجورة حرفة له فيكون في هذه الحالة مضاربا يبغي الكسب ، وذلك كالمصرف الذي يؤجر خزانته ليودع العمل فيها أشياءه الثمينة location de coffres forts وكصاحب الجراج العام بالنسبة إلي السيارات التي تودع عنده.
وهناك عقود مقاولة تتضمن الوديعة ، مثل أن يدفع شخص بسيارته إلي جراج لإصلاحها ، فصاحب الجراج في تعهده بإصلاح السيارة يبرم عقد مقاولة ، وهو في نفس الوقت ذاته يحفظ السيارة في الجراج المدة اللازمة لإصلاحها ، فتكون مسئوليته عن سرقة السيارة مسئولية المودع عنده. ومثل ذلك أيضا أن يقدم رب العمل للمقاول المادة التي يستخدمها هذا الأخير في العمل ، فيكون العقد مقاولة بالنسبة إلي العمل ووديعة بالنسبة إلي المادة التي قدمها رب العمل. ويذهب كثير من الأحكام في فرنسا إلي أن عقد الوديعة يجتمع في هذه الحالة مع عقد المقاولة وتسري علي كل منهما أحكامه.
ولكن الصحيح أن العقد هنا هو عقد مقاولة فقط ، وهي بطبيعتها تتضمن التزاما بحفظ الشيء الذي يعمل فيه المقاول بعد تسلمه من رب العمل ، ويكون مسئولا عن ضياعه باعتباره مقاولا باعتباره مودعا عنده ، إذ مسئوليته تنشأ من عقد المقاولة لا من عقد وديعة مقترن بها. وقد نصت المادة 685 مدني صراحة علي هذا الالتزام بالحفظ في عقد العمل ، فأوجبت علي العامل: "……… (ج) أن يحرص علي حفظ الأشياء المسلمة إليه لتأدية عمله……".
ويمكن القول بأن هذا الالتزام موجود أيضا في ذمة المقال إذا ما تسلم شيئا من رب العمل لتأدية عمله. وإنما يوجد عقد الوديعة إذا انتهي المقاول من عمله ودعا رب العمل إلي تسلم الشيء فلم يتسلمه ، وبقي الشيء في حفظ المقاول ، فيكون العقد من ذلك الوقت عقد وديعة ، أو إذا كان العقد هو في الأصل عقد وديعة كوديعة السيارات في جراج عام ويتضمن القيام بأعمال ثانوية لا تحوله إلي مقاولة لتنظيف العربة وغسلها كل يوم.
ويميز الشركة عن المقاولة هو أن الشريك في الشركة تكون عنده نية الاشتراك في نشاط ذي تبعة هي نية تكوين الشركة ، أو إرادة كل شريك بي أن يتعاون مع الشركاء الآخرين في نشاط ينطوي علي قدر من المخاطرة. أما المقاول فليست عنده هذه النية ولا يريد أن يتحمل مع الشركاء تبعة المخاطرة بحيث يساهم في الأرباح وفي الخسارة ، بل هو يقدم عملا معينا ويتقاضى أجره علي هذا العمل.
إن وجود نية تكوين الشركة- ليكون العقد شركة- أو انعدام هذه النية - ليكون العقد مقاولة - مسألة واقع يستقبل بتقديرها قاضي الموضوع.
والعمل الذي يؤديه المقاول يختلف من مقاولة إلي أخرى اختلافا بينا ويتنوع تنوعا كبيرا. ويمكن تقسيم الأعمال التي يؤديها المقاول من نواح مختلفة: من ناحية طبيعة العمل ، ومن ناحية حجمه ، ومن ناحية نوعه.
(أ) فمن ناحية طبيعة العمل- قد  يكون العمل غير متصل بشيء معين ، بل هو مجرد عمل مادي (كنقل الأشخاص ، والطبع والنشر والإعلان) أو فتي (كالرسم ، والنحت ، والنقش ، والتصوير ، والتمثيل) ، أو علي (كالمرافعة ، والعلاج ، والمحاسبة) ، أو أدبي (كالتأليف ، والمحاضرة ، والتدريس). وقد يكون العمل متصلا بشيء معين ، وهذا الشيء إما أن يكون غير موجود وقت العقد فيصنعه المقاول بعمل فيه (كبناء يرممه أو يعدل فيه أو بهدمه- وكحوائط يدهنها- وكأثاث يحدده- وكسيارة يصلحها).
(ب) ومن ناحية حجم العمل- فإن المقاولات تتدرج من صغيرة إلي كبيرة كالأمثلة السابقة.
(ج) ومن ناحية جلس العمل- فهناك من المقاولات ما أصبح معروفا باسم خاص لانتشاره ، فهناك مقاولات للبناء 0المعينة أساسا بالقواعد العامة لعقد المقاولة .

descriptionعقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها Emptyرد: عقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها

more_horiz
التفرقه بين المقاولة والوكالة
للتفرقة بين المقاولة والوكالة ، أهمية من الوجوه التالية:
(1) أن صفة المقاول يترتب عليها غالبا صفة التاجر ، ولكن صفة للوكيل لا يترتب عليها ذلك.
(2) أن الأصل في الوكالة أنها بدون مقابل ، بخلاف عقد المقاولة فإنه من عقود المعارضة. ولكن قد يكون الوكيل مأجورا ، وحتى في هذه الحالة يكون الأجر خاضعا لتقدير القاضي (م 709 مدني) ، أما أجر المقاول فلا يخضع لذلك.
(3) أن المقاول ، خلافا للوكيل ، لا يعتبر تابعا بالمعني الوارد في المادة 174 مدني ، فلا يترتب علي الرابطة التي تربطه برب العمل أن يكون رب العمل مسئولا عن لضرر الذي يحدثه بعمله غير المشروع.
(4) أن المقاول يتحمل الخسائر الناجمة عن عمله ، ولا يلزم رب العمل بأي تعويض عن الحوادث التي تقع. أما الوكيل فبمقتضى المادة 711 مدني يكون الموكل مسئولا عما يصيبه من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا.
(5) أن الوكيل يلزم الموكل مباشرة بالأعمال التي يباشرها باسم الموكل في حدود وكالته ، ويستطيع الغير الذي تعامل معه أن يرجع علي الموكل أما رب العمل فأجنبي عن التعهدات التي يلتزم بها المقاول ، وأنه وإن كان للعمال الذين يستغلون لحساب المقاول في تنفيذ العمل حق مطالبة رب العمل مباشرة بمقتضى المادة 662 مدني ، فإن حق المطالبة هذا لا يكون إلا في حدود القدر الذي يكون مدينا به المقاول وقت رفع الدعوى. أما بالنسبة إلي الباقي فإنه يكون بمأمن من دعوى مطالبته. (1)
وفي التفرقة بين المقاولة والبيع ، فإنه لا محل لبحث ذلك إذا كان الأمر متعلقا بعمل يؤدي علي شيء موجود ، ولكن محل هذا البحث أن يكون محل العقد صنع شيء جديد ، وفي هذه الحالة يمكن التساؤل عما إذا كان هناك بيع شيء مستقبل ، والجواب بالنفي إذا كان العامل أو المقاول لا يقدم إلا عمله وكانت المواد مملوكة لرب العمل ، ولكن إذا كان المقاول هو الذي يقدم المواد ، فقد اختلف الرأي في فرنسا:
فذهب رأي- علي أن العقد يعتبر في هذه الحالة بيعا ، وأخذت بهذا الرأي بعض الأحكام هناك.
وذهب رأي آخر- في الأحكام إلي القول بأن هناك عقد مقاولة.
وذهب رأي ثالث- إلي تطبيق قاعدة أن التابع يلحق الأصل- توفيقا بين الرأيين السابقين- فالعقد الذي بمقتضاه يتعهد شخص بأن يصنع شيئا مع تقديم المادة يكون في الغالب بيعا ، ولكنه لا يكون كذلك إذا كانت المادة قليلة الأهمية بالنسبة للعمل الذي يؤديه.
ويؤيد الدكتور محمد كامل مرسي الرأي القائل بأنه يوجد في الواقع عقد مختلط مكون من عقدين مختلفين جمعتهما عملية اقتصادية واحدة ، فالعقد الذي يقدم فيه العامل المادة هو في نفس الوقت مقاولة وبيع (1) .
ويترتب علي عقد المقاولة أن تنشأ التزامات في جانب المقاول والتزامات مقابلة في جانب رب العمل وقد يتعاقد المقاول مع مقاول من الباطن لإنجاز بعض الأعمال المعهود بها إليه أو لإنجاز جميع هذه الأعمال.
التزامات المقاول نحو رب العمل
(1) إنجاز العمل المعهود به إليه بموجب عقد المقاولة.
(2) تسليم العمل بعد إنجازه.
(3) ضمان العمل بعد تسليمه.
ويقع كثيرا أن يحتاج العمل المطلوب إنجازه إلي مادة تستخدم في صنعه أو يستعان بها فيه. فالنجار في صنع مكتب أو مكتبة أو أثاث يحتاج إلي الخشب اللازم لصنع ذلك ، والحائك في صنع الثوب يحتاج إلي القماش اللازم ، وصانع الأسنان يحتاج إلي المادة اللازمة لصنع هذه الأسنان ، وهكذا.
وهنا يجب التمييز بين فرضين: فإما أن يكون المقاول قد تعهد بتقديم المادة بالإضافة إلي العمل. وإما أن يكون رب العمل هو الذي تعهد بتقديم المادة واقتصر المقاول علي التعهد بتقديم العمل (1) .
ويبين من نص المادة 647 مدني- والنصوص العربية المقابلة لها- أنه يجب علي المقاول أن يقوم بتنفيذ العمل الذي عهد به إليه وفقا لشروط العقد ، وأن يعني بالتنفيذ عناية الرجل المعتاد bon pere de famille ويجب أن ينتهي العمل ويسلم في الميعاد المتفق عليه ، وإذا لم يكن قد عين ميعاد ففي ميعاد ملائم.
وذا لم يتم المقاول العمل جاز لرب العمل أن يعهد بإتمامه إلي آخر علي نفقة المقاول ، إلا إذا كان المقاول قد اختير لشخصه ، وإذا لم يتم العمل في الميعاد ألزم بالتعويض حتى إذا كان الميعاد المتفق عليه غير كاف ، لأنه كان عليه إلا بعد بما لا يستطيع القيام به ، وإذا كان مقدار التعويض معينا ألزم به ولو كان العمل لا يمكن إتمامه في الميعاد المحدد.
ويجب علي المقاول أن يسلم العمل لرب العمل عند انتهائه ، وتختلف صفة هذا الالتزام باختلاف ما إذا كانت المادة سلمها رب العمل المقاول ، أو قدمها المقاول نفسه. ففي الحالة الأولي تبقي ملكية الشيء لرب العمل ، ويكون المقاول بمثابة مودع لديه مع التزامه بقلب شكل الشيء أو بإصلاحه أو بترميمه ، ويحصل التسليم يرد الوديعة ، ويكون لرب العمل أن يطلب من القضاء استرداد ما له بين يدي رب العمل إذا رفض تسليمه أما إذا كان العامل هو الذي قدم المادة ، فإن العقد يكون تبعا ممزوجا بمقاولة .
ولما كان المقاول هو مالك المادة فيوجد نقل للملكية لمصلحة رب العمل ، ويبقي المقاول مالكا لغاية وقت التسليم ، ومادام التسليم لم يحصل فلا يجوز لرب العمل أن يسترد الشيء ، لأنه ليس مالكا ، وإنما يكون له فقط أن يطلب الحكم علي المقاول بالتعويضات أو أن يجبره علي التسليم بطريق غير مباشر بواسطة التلجئة المالية astreinte.
والالتزام بالتسليم يقتضي دائما الالتزام برد الأشياء التي تسلمها رب العمل إلي المقاول لتيسير مهمته ، مثل الرسوم والنماذج (1) .
وطبق نص المادة 468 قاعدة اعتبار العقد مزيجا من بيع ومقاولة- في حالة تقديم المقاول مادة العمل كلها أو بعضها ، وكان للمادة قيمة محسوسة ، سواء أكانت قيمة المادة أكثر من قيمة العمل أو أقل ، ويقع البيع علي المادة وتسري أحكامه فيما يتعلق بها ، وتقع المقاولة علي العمل وتنطبق أحكامها عليه- طبق النص سالف الذكر هذه القاعدة ، فجعل المقاول مسئولا عن جودة المادة وعليه ضمانها لرب العمل.
ذلك أن المقاول في هذه الحالة يكون بائعا للمادة ، فيضمن ما فيها من عيوب ضمان البائع للعيوب الخفية. والبيع هنا يكون معلقا علي شرط واقف ، هو تمام صنع المادة ، فيصبح للبيع بائنا وتنفذ آثاره ، ومنها نقل الملكية وضمان العيوب الخفية ، من وقت أن يتم المقاول عمله ويكسب الشيء المصنوع كل مقوماته الذاتية ، أي من وقت أن يصبح الخشب مكتبا أو مكتبة أو أثاثا في حالة التعاقد مع نجار ، أو من وقت أن يصبح القماش ثوبا تام الصنع في حالة التعاقد مع حائك ، وهكذا.
وتسري في ضمان العيوب الخفية الأحكام الملائمة لطبيعة عقد الإستصناع الذي نحن بصدده وهي أحكام عقد البيع ، فيكون المقاول ملزما بالضمان إذا لم تتوافر في المادة الصفات التي كفل لرب العمل وجودها فيه ، أو كان بالمادة عيب ينقص من قيمتها أو من نفعها بحسب الغاية المقصودة منها ، ويضمن المقاول هذا العيب ، ولو لم يكن عالما بوجوده (م447/ا مدني) ، ولا يضمن المقاول العيوب التي كان رب العمل يعرفها وقت تمام صنع الشيء ، أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه لو أنه فحص الشيء بعناية الرجل العادي إلا إذا أثبت رب العمل أن المقاول قد أكد له خلو الشيء من هذا العيب ، أو أثبت أو المقاول قد تعمد إخفاء العيب غشا منه (م447/2 مدني). ولا يضمن المقاول عيبا جري العرف علي التسامح فيه (م448 مدني). وإذا تسلم رب العمل الشيء ، وجب عليه التحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك وفقا للمألوف في التعامل ، فإذا كشف عيبا يضمنه المقاول وجب عليه أن يخطره به خلال مدة معقولة ، فإن لم يفعل اعتبر قابلا للشيء (م449/1 مدني).
أما إذا كان للعيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد تم كشفه رب العمل ، وجب عليه أن يخطر به المقاول بمجرد ظهوره ، وإلا اعتبر قابلا للشيء بما فيه من عيب (م449/2 مدني). وإذا أخطر رب العمل المقاول بالعيب في الوقت الملائم ، كان له أن يرجع بالضمان علي النحو المبين في المادة 444مدني (م450 مدني).
وتبقي دعوى الضمان ولو هلك الشيء بأن سبب كان (م 451مدني). وتسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم الشيء إلي رب العمل ولو لم يكشف هذا الأخير العيب إلا بعد ذلك ، ما لم يقبل المقاول أن يلتزم بالضمان لمة أطول ، علي أنه لا يجوز للمقاول أن يتمسك بالسنة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشا منه (م 452 مدني).
 وفي اختيار المقاول للمادة التي يقدمها يجب عليه أن يلتزم الشروط ، والمواصفات المتفق عليها في خصوص هذه المادة. وإذا لم تكن هناك شروط ومواصفات ، وجب علي المقاول أن يتوخى في اختيار المادة أن تكون وافية بالغرض المقصود مستفادا مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء أو الغرض الذي أعد له (م 447/1 مدني).
وإذا لم يتفق المتعاقدان علي درجة المادة من حيث جودتها ، ولم يمكن استخلاص ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر التزام المقاول بأن يقدم مادة من صنف متوسط (م133/2 مدني) (1) .
وإذا هلكت مادة العمل بحادث مفاجئ cas fortuit تخلص المقاول من التزامه بالتسليم ، ولكن عليه ، وفقا للقواعد العامة ، يثبت الحادث المفاجئ.
ولكن هل يكون رب العمل ملزما بأداء فمن العمل يتحمل المقاول كل الخسارة إلا إذا كان قد أعذر رب العمل لتسلم الشيء ، ثم حصل الهلاك (2) .
 
 
وقد نصت المادة 873 من القانون التونسي علي أنه: إذا كان الأجير ملتزما بمواد الخدمة ضمن نوع ما استعمله منها. وإذا أتي بها المستأجر كان علي الأجير استعمالها علي مقتضى قوانين الصناعة بلا تفريط ثم يحاسبه عما استعمله منها ويسلم له الباقي".
وقد نصت الفقرة الأولي من المادة 663 من التقنين اللبناني علي أن: "الصانع الذي يقدم المواد يكون ضامنا لغرضها".
والمفروض - في نص المادة 649 مدني أن رب العمل هو الذي يقدم المادة للمقاول ، فيقدم مثلا للقماش للحائك أو الخشب للنجار أو الذهب للصائغ أو الورق للمطبعة أو الأرض لمقاول البناء… الخ.
ويجب علي المقاول في هذه الحالة أن يحافظ علي المادة المسلمة إليه من رب العمل ، وأن يبذل في المحافظة عليها عناية الشخص المعتاد ، فإن نزل عن هذه العناية كان مسئول عن هلاكها أو نقلها أو ضياعها أو سرقتها. وإذا احتاج الحفظ إلي نفقات ، تحملها المقاول ، لأنها تعتبر جزءا من النفقات العامة التي أدخلها في حسابه عند تقدير الأجر.
يجب علي المقاول أن يستخدم المادة طبقا لأصول الفن ، فيجانب الإفراط والتفريط ، ويستعمل منها القدر اللازم لإنجاز العمل المطلوب منه دون نقصان أو زيادة ، وأن يؤدي حسابا لرب العمل عما استعمله منها ويرد له الباقي إن وجد. فإن بقي من الخشب أو من القماش أو الذهب أو الورق الذي تسلمه من رب العمل شيء بعد أن أتم صنع الأثاث أو الثوب أو المصاغ أو طبع الكتاب وجب عليه رده لرب العمل.
وإذا كشف في أثناء عمله ، أو كان يمكن أن يكشف تبعا لمستواه الفني ، أن بالمادة عيوبا لا تصلح معها للغرض المقصود ، وجب ليه أن يخطر رب العمل فورا بذلك ، وإلا كان مسئولا عن كل ما يترتب علي إهماله من نتائج كذلك إذا قامت ظروف من شأنها أن تعوق تنفيذ العمل في أحوال ملائمة.
ولما كانت مسئولية المقاول في هذا الخصوص مسئولية عقدية ، فإنه إذا تلف الشيء أو ضاع أو هلك ، وقع عبء الإثبات علي رب العمل ، فعليه أن يثبت أن المقاول لم يبذل في حفظ الشيء عناية الشخص المعتاد ، وأن هذا الإهمال هو الذي ترتب عليه تلف الشيء أو ضياعه أو هلاكه. والمقاول من جانبه أن يثبت ، حتى يدرأ عن نفسه المسئولية ، أنه بذل عناية الشخص المعتاد ، أو أن التلف أو الضياع أو الهلاك كان بسبب أجنبي لا يد له فيه ، فتلتقي مسئوليته في الحالتين. كذلك المفروض أن المقاول يتوافر علي الكفاية الفنية الكافية وعلي رب العمل يقع عبء إثبات أن المقاول قد تسبب بقصور كفايته الفنية في جعل المادة أو بعض منها غير صالحة للاستعمال.
وللمقاول من جانبه أن يدرأ عن نفسه المسئولية أن يثبت أنه قد قام بجميع واجباته بحسب أصول الفن ، أو أن صيرورة المادة غير صالحة للاستعمال لا يرجع إلي قصور فني من جانبه ، بل يرجع إلي سبب أجنبي.
وإذا حدث الضياع أو التلف بعد أن أعذر المقاول رب العمل لتسلم العمل ، فإن مسئولية المقاول تنتفي ، ما لم يثبت رب العمل أن الضياع أو التلف كان بسبب خطأ المقاول.
وإذا استعان المقاول بشخص يساعده في إنجاز العمل أو استخدمه في ذلك ، فإنه يكون مسئولا عنه مسئولية المتبوع عن التابع ، ولكن مسئوليته هنا عقدية لا تقصيرية.
ويلتزم المقاول بأن ينجز العمل في المدة المتفق عليها أو المدة المعقولة (وفقا لطبيعة العمل وعرف الحرفة وإمكانيات المقاول) ، وهو التزام بتحقيق غاية وليس التزاما يبذل عناية ، فلا يكفي- لإعفاء المقاول من المسئولية عن التأخر- أن يثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد في إنجاز العمل في الميعاد ولكنه لم يتمكن من ذلك ، بل يجب عليه حتى تنتفي مسئوليته أن يثبت السبب الأجنبي (القوة القاهرة- الحادث الفجائي- فعل الغير) ، فإذا أثبته انتفت مسئوليته لانتفاء علاقة السببية.
وإذا تحققت مسئولية المقاول كان لرب العمل- تطبيقا للقواعد العامة- إما أن يطلب التنفيذ العيني وإما أن يطلب الفسخ مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض ، ويجب أن يعذر رب العمل المقاول كما تقضى بذلك القواعد العامة وبشرط أن يكون التنفيذ العيني ممكنا مع حق رب العمل في  الالتجاء إلي التهديد المالي إن كان مجديا ، وإلا لم يبق أمامه إلا الفسخ مع التعويض. فإذا كانت شخصية المقاول محل اعتبار جاز لرب العمل أن يطلب ترخيصا من القضاء في إتمام العمل بواسطة مقاول آخر علي نفقة المقاول الأول إن كان التنفيذ ممكنا ، ويجوز في حالة الاستعجال- ترميم منزل آيل للسقوط- أن يجري رب العمل تنفيذ الالتزام علي نفقة المقاول بغير ترخيص من القضاء (م 209 مدني).
وإذا اختار رب العمل الفسخ لجسامة الإخلال بالالتزام ، فإن القاضي طبقا للقواعد العامة أن يجيب الطلب ، كما أن له أن يهمل المقاول حتى يقوم بتنفيذ التزامه ، كما أن للمقاول أن يعرض- قبل النطق بالفسخ- أن ينفذ التزامه فلا يحكم القاضي بالفسخ ولكنه يقضي بالتعويض إن كان له محل (1) .
وإذا هلم الشيء بحادث مفاجئ من غير أن يوجد تقصير من جانب المقاول ، فإن الهلاك يكون علي رب العمل ، ويتخلص المقاول من التزامه بالتسليم. وعلي المقاول إثبات الحادث المفاجئ ، وفقا للقواعد العامة. فإذا هلك الشيء أو صار غير صالح للاستعمال بسبب إهمال الصانع أو عدم كفايته الفنية كان ضامنا للهلاك والتزم برد قيمة الشيء لرب العمل.
ووفقا للقواعد العامة لا يترتب علي التأخير الحاصل بسبب مفاجئ فسخ العقد ولا التفويضات. وعند عدم الاتفاق يكون التعويض بمراعاة الضرر.
ويجوز لرب العمل أن يعهد بالأعمال إلي مقاول آخر علي نفقة من أخل بالتزاماته ، ولكن لابد في ذلك من إذن للقضاء.
ووفقا للقواعد العامة لا يبدأ سريان التعويضات بسبب عدم إنجاز العمل أو عدم التسليم إلا من وقت الأعذار(1) .
ويخلص من نص المادة 650 مدني أن رب العمل ، وإن لم يكن له حق الإشراف والتوجيه علي المقاول ، إذ المقول يعمل مستقلا عن رب العمل ، وهذا هو الذي تميز المقاولة عن عقد العمل ، إلا أن رب العمل من حقه أن يتعهد العمل وهو في يد المقاول ليراقب ما إذا كان يجري طبقا للشروط والمواصفات المتفق عليها ، وأن المقاول ينفذ العمل طبقا لأصول الصناعة وعرف أهل الحرفة. فليس رب العمل إذن ملزما بالتربص حتى ينتهي العمل ويقسمه له المقاول ، ليري ما إذا كان هذا الأخير قد راعي الشروط والمواصفات وأصول الصناعة في عمله فيقبل العمل ، أو لم يراعها فيرفضه.
والخير في أن يمكن رب العمل من مراقبة ذلك منذ البداية حتى يوفر علي نفسه وعلي المقاول ذاته الوقت والجهد والمشقة إذا ما تم العمل معيبا أو منافيا لشروط العقد ، ثم يرفضه بعد أن يكون قد تم وهذا ضرب من الرقابة خير من رفض العمل بعد تمامه كعلاج لما فيه من نقص أو عيب.
فإذا لاحظ رب العمل أن مقاول البناء ، وهو يقيم البناء ، قد أخل ببعض الشروط والمواصفات المتفق عليها بأن لم يدعم مثلا الأساس أو يصل به إلي العمق المكاني أو لم يجعل الحيطان في السمك المتفق عليه ، أو لاحظ أن النجار الذي يصنع الأثاث المطلوب لم يراع أصول الصناعة في صنع الوحدات الأولي من الأثاث أو يستخدم خشبا في هذه الوحدات غير الخشب المتفق عليه أو من صنف أقل جودة ، فلرب العمل في هذه الحالة حق التدخل لمنع المقاول من المضي في عمله المعيب أو المنافي لشروط العقد (1) .
ويعرض نص المادة 651 مدني لضمان المهندس المعماري والمقاول التهدم أو العيوب التي تصيب ما أقاماه من مباني أو منشآت ثابتة أخرى.
ونظرا لخطورة تهدم المباني أو تصدعها بالنسبة إلي رب العمل وبالنسبة إلي الغير ، شدد المشرع من هذا الضمان حتى يدفع المهندس والمقاول إلي بذل كل عناية ممكنة فيما يشيدانه من المنشآت ، فالضمان هنا ضمان خاص مقصور علي دائرة معينة ، وهذه الدائرة تتحدد بتحديد طرفي الضمان وسببه فإذا ما تحقق سبب الضمان وقام بين طرفيه ، وجب أن نبين جزاء هذا الضمان ، وأن نبين في الوقت ذاته الظروف التي ينتفي أو لا ينتفي فيها الضمان.
وحتى يمكن أن يتحقق الضمان ، يجب أن يكون هناك عقد مقاولة محلها منشآت ثابتة ، وعلي رأس المنشآت الثابتة المباني من أي نوع كان ، ولا يشترط أن يكون المبني قد شيد بالطوب أو بالحجارة ، بل يجوز أن يكون مشيدا بالخشب أو بالحصير (كبائن- عشش رأي البر).
وإلي جانب المباني توجد منشآت ثابتة أخرى يجوز أن يتحقق في مقاولاتها للضمان (الجمهور- الكباري- القناطر- السدود … الخ). ويخرج المنقول (السيارات- السفن- العوامات … الخ).
 
ويجب أن يكون العقد الواقع علي المنشآت الثابتة هو عقد مقاولة.
والذي يترتب في ذمته الضمان هو المهندس المعماري ، والمقاول في عقد المقاولة ، فالمهندس المعماري هو الذي يعهد إليه في وضع التصميم والرسوم والنماذج لإقامة المنشآت ،
وقد يعهد إليه بإدارة العمل والإشراف علي تنفيذه ومراجعة وحسابات المقاول والتصديق عليها وصرف المبالغ المستحقة إليه. والمقاول هو الذي يعهد إليه في إقامة المنشآت الثابتة ، يستوي أن يكون هو أو رب العمل أحضر المواد التي أقام بها المنشآت ففي الحالتين يلتزم بالضمان. ويجوز تعدد المقاولين (مقاول بناء ، ومقاول نجارة- ومقاول أدوات صحية أو كهربائية) ، كما يسأل المقاول عمن يستخدمهم في أعماله مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة (كما لو كانوا مقاولين من الباطن).
والذي يطالب بالضمان في عقد المقاولة هو رب العمل في هذا العقد ، فهو الذي يصاب بالضرر من جراء تهدم البناء أو ظهور عيب في المنشآت يهدد سلامتها أو متانتها ، فيرجع بالضمان علي المهندس المعماري أو علي المقاول أو عليهما معا متضامنين. ويحل ورثة رب العمل محله في المطالبة بالضمان ، ولدائنيه أن يرفعوا الدعوى غير المباشرة باسمه للمطالبة بالضمان وكذلك يجوز أن يكون الخلف الخاص دائنا بالضمان (كالمشتري أو الموهوب له مثلا).
ذلك أن الحق في الرجوع بالضمان قد انتقل مع المبني إلي الخلف الخاص طبقا لنظرية الاستخلاف في الحقوق والالتزامات ، ويجوز للمشتري أن يرجع علي بائعه بضمان العيب ، وفي هذه الحالة يكون للبائع- وهو رب العمل- أن يرجع بدوره علي المهندس أو المقاول بالضمان ، وله أن يدخلهما ضامنين في دعوى العيب التي يرفعها عليه المشتري. ولا يكون رب العمل دائنا بالضمان إذا كان مقاولا أصليا تعاقد مع مقاول من الباطن.
ومتي تحقق سبب الضمان الذي يرجع إلي البناء ، فإن المقاول الذي قام بالبناء يكون ملتزما بالضمان. ويكون ملتزما بالضمان أيضا المهندس المعماري إذا عهد إليه بالإشراف علي التنفيذ وتوجيه العمل ، ويكون المقاول والمهندس في هذه الحالة متضامنين في الالتزام بالضمان (م651/1 مدني). وإذا رجع رب العمل علي المقاول والمهندس معا ، أو رجع علي المهندس وحده ، كان للمهندس في الحالتين أن يرجع علي المقاول بما رفعه لرب العمل ، لأن الخطأ هو خطأ المقاول وقد أشرف المهندس عليه فصار مسئولا عنه(1) .
والأعمال التي تترتب عليها المسئولية بعد تسليم العمل ليست كل الأعمال التي يباشرها المقاول والمهندس المعماري ، بل فقط المباني والمنشآت الثابتة الأخرى. وليس من الضروري أن يكون البناء منزلا ، فيعتبر من المنشآت الثابتة إنشاؤه بئر أو جسر أو مصرف أو تبليط طريق أو القيام بترميمات كبيرة.
وبمقتضى المادة 651 من القانون المدني المصري يضمن المهندس المعماري والمقاول التهدم الكلي أو الجزئي ولو كان ناشئا عن عيب في الأرض ، وعيوب البناء التي يترتب عليها تهديد معانة البناء وسلامته.
فيجب أن يكون هناك عيب يهدد سلامة البناء ، أما العيوب الأخرى التي لا تؤثر في سلامته فيتخلص منها المهندس المعماري والمقاول بحصول التسليم.
ويجب أن يكون العيب خفيا  ، فالعيوب الظاهرة التي ما كان للمالك أن يجعلها وقت تسلمه العمل لا ينجم عنها أية مسئولية علي المهندس المعماري أو المقاول.
وبناء علي ما تقدم يكون المهندس المعماري والمقاول مسئولين عن عيوب البناء الناشئة عن استعمال أدوات أو عدم اتخاذ الاحتياجات المعتادة ضد الحريق.
وعيب التصميم من الحالات التي يسأل عنها المهندس المعماري.
وعدم مراعاة القوانين واللوائح التي ينتج عنها أضرار للجيران أو مخالفة أو للترام بالهدم ، إذا أهملت مراعاة خط التنظيم أو حصل تجاوز للارتفاع المرخص فيه ، يكون من الأوجه التي يترتب عليها المسئولية.
ولا يخفف من مسئولية المقاول كونه يعمل بصمن بخس.
إن القانون قد ذكر المهندسين المعماريين والمقاولين ، ويقصد بهم كل شخص يبرم عقد مقاولة لإقامة بناء أو منشآت ثابتة ، وقد جعلهم القانون مسئولين بسبب حرفتهم ، فالأعمال التي يؤدونها هي التي ترتب عليهم التزام للضمان ، ولكن مورد الأدوات لا يكون ملزما بالضمان لأنه بائع.
وقد حافظ القانون المصري الجديد علي النطاق التقليدي لهذه المسئولية فجعلها شاملة للمهندس المعماري والمقاول ، ولا يطبقها علي المهندس الميكانيكي إلا إذا قام بوظيفة المهندس المعماري  (1) .
فإذا تركنا المادة ، سواء قدمها المقاول أو صاحب العمل ، واقتصرنا علي العمل الذي قام به المقاول وجدنا أنفسنا أمام ثلاث مسائل رئيسية:
الأول- ضمان المقاول للعمل الذي أنجز وتم تسليمه.
الثاني- المدة التي يسري خلالها هذا الضمات.
الثالث- مسئولية المهندس المعماري في هذا الضمان.
 
وقد اختلف في بيان مصدر مسئولية المقاول والمهندس بعد التسليم ، إلي أربعة آراء:
الرأي الأول - يقول بأن هذه المسئولية مصدرها عقد المقاولة ، أي أنها مسئولية عقدية بحتة.
الرأي الثاني- يقول بأنها مسئولية عقدية قررها القانون.
الرأي الثالث - يقول بأنها مسئولية تقصيرية.
الرأي الرابع - يقول بأنها مسئولية قانونية بحتة.
واعتنق الفقه الفرنسي والنقض الفرنسية الرأي الأول (الغالب) القائل بأن مسئولية المقاول والمهندس من طبيعة عقدية طالما أنها ناجمة عن عدم تنفيذهما لالتزاماتها العقدية.
وفي مصر ذهب الفقه والقضاء أيضا إلي أن هذه المسئولية هي لا شك مسئولية عقدية ، لأنها تقوم علي التزام عقدي أنشأه عقد المقاولة ، وهذا يصدق أيضا علي المقاولات المتعلقة بالمنشآت الثابتة علي الأرض ، فهي كسائر المقاولات تنشأ التزاما في ذمة المقاول أن تكون المنشآت خالية من العيب ، فإذا أنهدم البناء أو ظهر فيه عيب فقد تحققت المسئولية العقدية للمقاول والمهندس.
ويتضح من استعراض الآراء المختلفة- كما يذهب الأستاذ عنبر المحامي- أن مسئولية المقاول والمهندس المعماري من التهدم والعيوب هي مسئولية بحتة مصدرها القانون وحده ، بحيث لا تسري عليها إلا النصوص التي قررتها ، وأنها تترتب عند الحد انتهي تترتب عند الحد الذي تنتهي فيه المسئولية العقدية ، فتبدأ عندئذ لتسري حتى نهاية المدة التي حددها القانون للضمان نزولا علي ما تتطلب المصلحة العامة ، فضلا عن الحماية الواجبة لرب العمل الذي يجهل في الغالب أمور الفن في البناء بعكس المقاول والمهندس اللذين يتمتعان بدراية وكفاية وخبرة عالية يفتقر إليها رب العمل  (1) .
ونري من نص المادة 652 مدني أن سبب الضمان قد يرجع إلي عيب في التصميم. والتصميم يصنعه عادة مهندس معماري ، ولكن لا يوجد مانع من أن يصنعه شخص آخر غير مهندس ، وكثيرا ما يصنعه المقاول نفسه ، وقد يصنعه رب العمل ، فإذا وضعه رب العمل وكان معيبا كان هو الملوم ، ولا يرجع علي أحد. أما إذا وضعه غيره المهندس أو المقاول أو شخص آخر غيرهما ، كما واضع التصميم هو المسئول عن عيوب التصميم ويجب عليه الضمان.
وعيوب التصميم إما أن ترجع إلي خطأ في أصول الهندسة المعمارية ، كأن يكون من وضع التصميم لا تتوافر فيه الكفاية الفنية. وإما أن ترجع عيوب التصميم إلي مخالفة قوانين البناء ولوائحه ، كأن يوضع التصميم علي أساس البناء علي رقعة من الأرض أكبر مما تسمح به هذه النظم ، أو علي أساس أن يكون البناء مرتفعا أكثر مما يجب قانونا أو علي أبعاد تخالف القوانين واللوائح أو يخرج البناء عن خط التنظيم.
وسواء رجع عيب التصميم إلي أصول الفن المعماري أو إلي مخالفة القوانين واللوائح ، فإن واضع التصميم- ويكون غالبا هو المهندس المعماري- يجب عليه الضمان ، سواء أشرف علي التنفيذ أو لم يشرف. غير أنه إذا أشرف علي التنفيذ يكون مسئولا متضامنا مع المقاول في حدود عيوب التنفيذ ، ومستقلا وحده في الضمان عن عيوب التصميم ، ولا يكون المقاول مسئولا معه. أما إذا لم يشرف علي التنفيذ واقتصر علي وضع التصميم ، فإنه - كما تقول المادة 652 سالفة الذكر- يكون ملتزما بالضمان عن عيوب التصميم وحدها ، ولا يضمن عيوب التنفيذ لأنه لم يشرف عليه.
ولا يكون المقاول الذي قام بالتنفيذ ملتزما بضمان عيوب التصميم إذ التصميم ليس من وضعه ، ولكن إذا كان العيب في التصميم من الوضوح بحيث لا يخفي علي المقاول ، لاسيما إذا كان العيب يتعلق بمخالفة قوانين البناء ولوائحه ، وأقدم المقاول علي تنفيذ التصميم بالرغم من العيب الذي فيه ، فإنه يكون هو أيضا ملتزما بالضمان ، ويكون في التزامه هذا متضامنا مع المهندس (1) .
ومسئولية المهندس المعماري ليست مقصورة علي عيوب البناء المترتبة علي عيوب التصميم الذي قام به ، بل تشمل أيضا الخطأ الذي ارتكبه المقاول في تنفيذ التصميم ، إلا إذا اقتصرت مهمة المهندس علي وضع التصميم ولو يكن من ضمنها للرقابة علي تنفيذه.
وإذا أدار المهندس الأعمال باتباع تصميم وضعه شخص آخر أو تصميم المالك ، فإنه يكون مسئولا عن عيوب التصميم لأنه قد تبناه.
ويسأل المهندس عن أخطاء المقاول حتى إذا لم يكن هو الذي اختاره.
وإذا كان مسئولية المقاول والمهندس المعماري عقدية ، فيمكن إذن الإعفاء منها بثبوت القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ.
ويمتاز نص المادة 652 مدني يميزه التوفيق بين الحلول التي قررتها محكمة الاستئناف المختلطة في بعض الحالات العملية ، من ذلك استبعاد مسئولية المقاول المكلف تغطية الطريق بالأسفلت إذا كان العيب الحادث في غطاء الأسفلت ناجما عن هبوط الشارع بسبب خلل في مجاري المياه الممتدة في باطن الأرض ، وكذلك استبعاد مسئولية المقاول الذي استعمل مواد وأدوات انعقد الإجماع علي جودتها إذا كان من الثابت أن الخلل الحادث بسببها راجع إلي الأحوال الجوية الخاصة بالقطر المصري. علي أن هذا التطبيق محل للمناقشة.
وفي طائفة أخرى من الأحكام قررت المحكمة إلقاء مسئولية تهدم البناء تحت تأثير ضغط مياه المطر علي عاتق المقاول ، حتى لو كانت هذه الأمطار وافرة لدرجة غير عادية ، خصوصا إذا كان البناء منخفضا بجوار الشارع.
كما أن المحكمة رفضت تمسك المقاول بالقوة القاهرة للتخلص من المسئولية بسبب هبوط أرصفة مقامة علي جوانب النيل. وقد قصد المشروع بالذات هذه الطائفة الأخيرة من الأحكام ، فذكر في النص إلي جانب موقع الأرض حركتها الذاتية.
وقد رأت لجنة مراجعة المشروع تعديل المادة بما يجعل الإثبات علي المهندس والمقاول بأن التهدم والعيب الذي ظهر يرجع إلي سبب أجنبي لابد لهما فيه . (1)
وسبب الضمان- في تطبيق نص المادة 652 مدني- يرجع إلي عيب في التصميم. وإذا كان التصميم يضعه عادة مهندس معماري أو يحتم القانون ذلك أحيانا ، ولكن لا يوجد مانع من أن يضعه شخص آخر غير مهندس ، وكثيرا ما يضعه المقاول نفسه ، وقد يضعه رب العمل. فإذا كان قد وضعه رب العمل وكان معيبا فهو الملوم ، ولا يرجع علي أحد ، ولكن قد يشترك معه المقاول في المسئولية إذا كان هذا الأخير علي علم بالخطأ أو العيب وأقره أو كان الخطأ أو العيب من الوضوح بحيث لا يخفي علي مجرب مثله.
أما إذا وضعه غيرهم ، أي غير المقاول والمهندس ورب العمل ، كان واضع التصميم هو المسئول عن عيوب التصميم ويجب عليه الضمان.
ويسأل المهندس عن عيوب التصميم ولو لم يكن هو واضعه إذا كان قد تبناه وقام بالإشراف علي تنفيذه.
وإذا كان المقاول هو الذي وضع التصميم فإنه يكون مسئولا عن عيوبه وعن عيوب التنفيذ جميعا ، ولكن مسئوليته عن عيوب التصميم تكون بالقدر الذي تسمح به المقدرة الفنية لشخص في مستواه وإذا تبني التصميم وتحمل مسئوليته فإنه يكون مسئولا عما فيه من عيوب.
وعيوب التصميم إما أن ترجع إلي خطأ في أصول الهندسة المعمارية ، كأن يكون من وضع التصميم لا تتوافر فيه الكفاية الفنية اللازمة ، أو لم يبذل العناية الكافية فيجئ التصميم معيبا من الناحية الفنية. وإما أن ترجع عيوب التصميم إلي مخالفة قوانين للبناء ولوائحه كأن يوضع التصميم علي أساس البناء علي مساحة من الأرض أو علي ارتفاع أكبر مما تسمح به هذه النظم أو علي أبعاد تخالف القوانين أو يخرج البناء علي خط التنظيم وغير ذلك من العيوب.
وسواء رجع عيب التصميم إلي أصول الفن المعماري أو إلي مخالفة القوانين واللوائح فإن واضع التصميم- يكون غالبا هو المهندس المعماري- يجب عليه الضمان سواء أشرف علي التنفيذ أو لم يشرف علي التنفيذ أيضا يكون مسئولا مسئولية مزدوجة عن عيوب التصميم وعيوب التنفيذ ، فيكون متضامنا مع المقاول في حدود عيوب التنفيذ ، ومستقلا وحده في الضمان عن عيوب التصميم ، ولا يكون المقاول مسئولا معه فيها ، إلا إذا كانت عيوب التصميم من الوضوح بحيث لا تخفي علي المقاول ، لاسيما العيوب المتعلقة بمخالفة قوانين ولوائح التنظيم ، وأقدم المقاول علي تنفيذ التصميم بالرغم من هذه العيوب ، فإنه (أي المقاول) يكون هو أيضا ملتزما بالضمان متضامنا مع المهندس.
 
 
 
 
وقد سبق أن أوضحنا أن القضاء الفرنسي يذهب إلي أن هذه المسئولية تقصيرية ، لأن عقد المقاول ينتهي بانقضاء الالتزامات المتولدة عنه.
كما ذكرنا أن الفقه في فرنسا وفي مصر ، وكذا القضاء في مصر يكادان يجمعان علي أنها مسئولية عقدية.
والأستاذ عنبر له رأي مغاير يقول إنها مسئولية مقررة بموجب القانون ، أي مسئولية قانونية قائمة بذاتها ، مستقلة بأحكامها عن المسئولية العقدية ، وتنشأ مباشرة عن نص القانون وحده ، وأنها تبتدئ في السريان من النقطة التي تنتهي عندها المسئولية العقدية ، ولا ينطبق عليها إلا النصوص التي أنشأتها.
ذلك ن المسئولية العقدية وليدة الإرادة الحرة المبصرة ، وقيامها يقتضي توافر أهلية العاقد وقت التعاقد ، لأنه- كما يقول بعض الشراح- تعويض الطرف الآخر عن عدم الوفاء. وذهب شراح آخرون إلي أبعد من ذلك ، فيقررون وجوب توافر الأهلية لا وقت إبرام العقد الذي ينشئ الالتزام الأصلي فحسب ، بل حتى وقت الإخلال بهذا الالتزام الذي يترتب عليه الالتزام بالتعويض.
أما بالنسبة لمسئولية المقاول والمهندس عن التهدم كليا أو جزئيا أو العيوب التي تظهر في المباني بعد الإنجاز والتسليم ، فحيث أن المدة المحددة قانونا لهذه المسئولية لا تعتبر مدة تقادم ولا مدة سقوط وإنما مدة تجربة لاختيار متانة المباني وسلامتها ، فإنها تسري علي ناقصي الأهلية ، وهذا يعني أن هذه المسئولية ليست عقدية لأن من شروط تحقق الأهلية ، وهذا يعني أن هذه المسئولية ليست عقدية لأن من شروط تحقق المسئولية العقدية توافر أهلية العاقد ، وهي لا تتحقق إذا كان العاقد ناقص الأهلية.
ومن حيث جسامة الخطأ الموجب للمسئولية ، فإن المسئولية العقدية لا تقوم إلا علي أساس الخطأ العقدي أي الإخلال بالالتزام الناشئ عن العقد ، ولا يسأل المدين فيها عن الخطأ الذي يتسامح فيه عادة (التافه أو اليسير جدا).
ومن حيث عبء الإثبات فإن الدائن في المسئولية العقدية يكلف بإثبات خطأ المدين عن طريق إثبات. وجود العقد الصحيح ، وحلول وقت الوفاء بالالتزام ، وعدم الوفاء بالالتزام ، والأعذار 0الإنذار) في الحالات الموجبة له.
أما في مسئولية المقاول والمهندس عن التهدم أو العيوب التي تظهر بعد الإنجاز والتسليم ، فلا يكفي أن يثبت الدائن وجود العقد السابق الذي انتهي بالتسليم وإنما عليه أن يثبت وقوع التهدم أو ظهور العيب  . (1)
وأراد المشرع أن يدعم الحماية التي منحها رب العمل ، فجعل أحكام الضمان- في عقد المقاولة- من النظام العام ، علي خلاف القواعد العامة فيه ، لا يجوز الإنفاق علي محوها أو علي التخفيف منها. وقد ذكر ذلك أمام لجنة مجلس الشيوخ عندما اعترض علي النص ، فقيل في الدفاع عنه: "إنه لو حذف هذا النص سيلجأ المهندسون والمقاولون إلي تضمن عقودهم نصوصا تعفيهم من المسئولية ، والمراد بالمادة حماية طبقة لا يفهمون في مسائل البناء.
ويخلص من نص المادة 653 مدني أنه لا يجوز الإنفاق مقدما علي الإعفاء من الضمان أو علي الحد منه ، فلا يجوز أن يشترط المقاول أو المهندس من الضمان من جميع العيوب الظاهرة والخفية علي السواء. وكما لا يجوز الإنفاق علي الإعفاء من الضمان ، كذلك لا يجوز الإنفاق علي الحد منه ، فلا يجوز الإنفاق ، فلا يجوز مثلا اشتراط أن يكون الضمان لمدة خمس سنوات من وقت تسلم العمل بدلا من عشر سنوات ، أو اشتراط أن يقتصر الضمان علي عيوب معينة ، أو ألا يشمل الضمان عيوبا معينة ، فكل هذه اتفاقات باطلة لمخالفتها للنظام العام ، ويرجع رب العمل بالضمان كاملا عن جميع العيوب لكل مدة عشر سنوات بالرغم من أي اتفاق مخالف.
ولكن لا يوجد ما يمنع من تشديد الضمان ، إذ أن الضمان إنما قصد به حماية رب العمل ، فليس هناك ما يحول دون أن يقوي رب العمل هذه الحماية باتفاق خاص ، فيجوز اشتراط أن يبقي لضمان عن العيوب مدة تزيد علي عشر سنوات بحسب جسامة المنشآت ودقة العمل بها ، كما يجوز الإنفاق علي أن الضمان يشمل العيوب الظاهرة لمدة عشر سنوات أو أقل أو أكثر ، بل يجوز الإنفاق علي ضمان المقاول أو المهندس للقوة القاهرة.
والمفروض أن الإنفاق علي الإعفاء من الضمان أو علي الحد منه إنما هو سابق علي تحقق سبب الضمان ، فإنه في ذلك الوقت يكون هناك معني لحماية رب العمل ، إذ قد يقوده عدم خبرته إلي الاستهانة بقيمة الضمان ، ويغليه المهندس أو المقاول- وهو الجانب الأقوى- علي أمره فيدفعه إلي قبول الإعفاء من الضمان أو الحد منه.
أما بعد تحقق سبب الضمان ، وتبين رب العمل خطورة العيوب التي انكشفت ، فهو حر في ذلك ، وقد ثبت حقه في الضمان ، أن ينزل عن ذا الحق أو بعضه ، نزولا صريحا أو ضمنيا.
فإذا انكشف عيب في البناء يتحقق به الضمان ، جاز لرب العمل أن ينزل صراحة عن حقه في الرجوع علي المقاول أو المهندس بسبب هذا العيب. وقد يحمل سكوت رب العمل عن الرجوع بالضمان مدة طويلة بعد انكشاف العيب نزولا ضمنيا عن حقه ، ولو كانت هذه المدة أقل من ثلاث سنوات ، وهي المدة التي تتقادم بها دعوى الضمان ، متي اقترن هذا السكوت بملابسات قاطعة في أن رب العمل قصد بسكوته النزول عن الضمان ، ومن هذه الملابسات بإصلاح العيب دون تحفظ دون إثبات الحالة ودون أن يدفعه إلي ذلك ضرورة الاستعجال.  
وقد يتهدم جزء من البناء ويظهر في بقيه عيب ، فيرجع رب العمل بالضمان فيما يتعلق بالتهدم ، ولا يرجع بالضمان فيما يتعلق بالعيب ، فهنا يكون رب العمل قد نزل عن الضمان نزولا جزئيا ، في التهدم دون العيب . (1)
وفي فرنسا ، بحث الشراح والمحاكم ما إذا كانت شروط عدم المسئولية تعتبر صحيحة ، وقالوا إنه إذا كانت مسئولية المهندسين المعماريين والمقاولين لا تزول إذا كان التنفيذ بناء علي أوامر المالك ، فإنه يجب أن تبقي إذا تضمن العقد شرطا بعدم الضمان ، فمسئوليتهم إنما قررها القانون لحماية الملاك من العيوب التي لا يستطيعون بسبب عدم خبرتهم أن يتبنوها ، فضلا عن أنها قد تصبح من الشروط الدارجة أو المألوفة ، وتقدم كل ضمان ، والنظام العام يقتضي أن يكون البناء متينا. علي أنه وإن كان الشراح والمحاكم ضد اشتراطات عدم مسئولية المهندسين المعماريين والمقاولين ، فإنهم قالوا بوجود حالات تخفف من تلك المسئولية ، منها:
(أ) إذا كان المالك ذا خبرة فنية كالتي لدي المهندس المعماري ، فإنه في حالة وجود شرط عدم الضمان يستطيع أن يعرف مدي التزامه ولا يكون للحماية القانونية صفة النظام العام.
(ب) يجوز استبعاد المسئولية لمدة أقل من المدة التي نص عليها القانون. وتقضي محكمة النقض الفرنسية بأنه لا توجد مخالفة للنظام العام إذا نقصت مدة المسئولية.
ولكن ليس معني ذلك أنه لا يجوز للطرفين إنقاص المدة لزمن قصير بحيث تنعدم المسئولية ، ولكن معني ذلك أنه يجرؤ للطرفين إنقاص مدة الضمان للوقت اللازم لتبين العيوب التي يسأل عنها المهندس والمقاول . (2)
والحكمة من وضع المادة 563 مدني ظاهرة ، وهي تفادي الشروط المجحفة التي يضعها المقاولون وشركات البناء في عقود مطبوعة ، فلا يتنبه لها الجمهور ، ثم يفاجئ رب العمل بسقوط حقه في الضمان تطبيقا لشرط مطبوع لم يلتفت إليه ، فاحتاط المشرع لذلك بالنص صراحة علي بطلان شرط عدم الضمان أو الحد منه ، وهذا يتفق مع ما قررته المادة 651 مدني من قيام المسئولية ولو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ، لأنه لا يمكن اعتباره في مستوي المهندس أو المقاول من الناحية الفنية  . (1)
والضمان بوجه عام- عدا ضمان المقاول والمهندس للمنشآت الثابتة- لا تعتبر أحكامه من النظام العام ، فالأول يجوز الإنفاق علي ما يخالف أحكامه تخفيفا أو تشديدا أو محوا باتفاق خاص ، أما الثاني- أي ضمان المقاول والمهندس- فتعتبر أحكامه عن النظام العام بنص صريح جميع التشريعات العربية ، ولا يوجد في فرنسا نص مماثل ولكن العمل جري عليه.
ويبرر ذلك أن رب العمل لا يكون عادة ذا خبرة فنية في أعمال البناء بعكس المقاول أو المهندس المعماري ، ولذلك حماه القانون منهما هذه الحماية الخاصة التي رأينا في تحديد مدة طويلة لاختيار متانة البناء وصلابته ، هذا فضلا عن أن المقاول والمهندس هما الجانب الأقوى في عقد المقاولة بسبب هذه الخبرة الفنية ، ويستطيعان أن يضيعها بسهولة هذه الحماية علي رب العمل لو جاز لهما
اشتراط عدم المسئولية أو التخفيف منها بأن يدرجا في عقد المقاولة ، هذا الشرط ، فيصبح من الشروط المألوفة في هذه العقود ، كما هو الشأن في عقود الإيجار المطبوعة التي بوقعها المستأجر دون أن يقرأ أو يدرس أو يفهم محتوياتها ، وكأنها شروط إذعان كعقود المياه ، والغاز ، والتليفون مع أن عقد المقاولة وعقد الإيجار كليهما من العقود الرضائية التي لابد فيها من إيجاب وقبول.

descriptionعقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها Emptyرد: عقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها

more_horiz
ولقد ورد في مناقشات لجنة القانون المدني المصري في مجلس الشيوخ عند نظر المادة 652 مدني أن البعض قد اعترض علي النص علي أن هذا البطلان من النظام العام ، فقيل تبريرا لذلك أنه لو حذف هذا النص سيلجأ المهندسون والمقاولون إلي تضمين عقودهم نصوصا تعفيهم من المسئولية ، والمراد بالمادة حماية طبقا لا يفهمون في مسائل البناء.
يضاف إلي ذلك خطور انهيار المباني علي سلامة أرواح الناس ، سواء أكانوا أصحابها أو مستأجرين أو جيرانها أو من المارة في الشوارع بجوارها أو العاملين في ترميمها أو إصلاح بعض ما بها من عيوب ، وهؤلاء طائفة كبيرة أو أحصيناهم في كل كارثة من الكوارث التي نسمع أو نقرأ عنها بين حين وآخر.
لكل هذه الأسباب أراد المشرع أن يدعم هذه الحماية الضرورية فجعلها من النظام العام حتى لا تضيع أرواح الناس أو أموالهم هباء نتيجة عبث بعض المستهترين أو خربي الذمة من المقاولين والمهندسين المعماريين ، أو حتى تهاونهم في الشعور بالمسئولية الخطيرة الملقاة علي ما نفهم.
ويخلص من النصوص المتقدمة أنه لا يجوز الإنفاق مقدما علي الإعفاء من هذا الضمان أو الحد منه ، فلا يجوز مطلقا أن يشترط المقاول أو المهندس في عقد المقاولة أنه بمجرد تسلم رب العمل للبناء تبرأ ذمة المقاول أو المهندس من الضمان عن جميع العيوب الظاهرة والخفية. كذلك لا يجوز الإنفاق علي الحد من هذا الضمان فلا يجوز مثلا الاشتراط لمدة نقل عن المدة المقررة في القانون ، أو الاشتراط علي التنازل مقدما عن دعوى هذا الضمان ، لأن معني ذلك التنازل عن الضمان ذاته ، أو قصر الضمان علي عيوب معينة دون غيرها… إلي غير ذلك من الشروط المشابهة ، فكل هذه الإنفاقات باطلة بصريح النصوص الواردة في جميع التشريعات العربية علي اختلاف صيغها لمخالفتها للنظام العام ، فبعضها يذكر البطلان بلفظ التصريح (جميعا عند التشريع التونسي) ، والبعض الآخر منها يذكر لرب العمل أن يرجع بالضمان كاملا عن جميع العيوب ، وعن التهدم بجميع أنواعه ، في المدة المنصوص عليها في تلك القوانين ، رغم كل اتفاق مخالف مهما كان صريحا أو ضمنيا ، كليا أو جزئيا ، مخيفا أو معفيا من المسئولية عن النطاق المرسوم في القانون.
ولكن لا يمنع ذلك من تشديد الضمان إذ أن الضمان قصد به حماية رب العمل ، إذ أن أحكام القانون هي الحد الأدنى الذي رآه المشرع لهذه الحماية وليس الحد الأقصى ، فيجوز مثلا الاشتراط علي أن يبقي الضمان أكثر من المدة المقررة في القانون ، أو أن يشمل الضمان العيوب الظاهرة أيضا ، لأن القانون كفل حماية العيوب الخفية وحدها ، بل يجوز الإنفاق علي ضمان المقاول أو المهندس للقوة القاهرة  . (1)
ويخلص من نص المادة 654 مدني أن رب العمل يستطيع أن يرفع دعوى الضمان في ثلاث سنوات ، يبدأ سريانها من وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم. فإذا انكشف العيب أو حصل التهدم بعد خمس سنوات مثلا من وقت تسلمه البناء ، كان أمامه ثلاث سنوات أخرى لرفع دعوى الضمان ، أي إلي انقضاء ثماني سنوات من وقت تسلم البناء ، كان أمامه ثلاث سنوات أخرى لرفع دعوى الضمان ، فيكون قد انقضي ثلاث عشرة سنة من وقت تسلم البناء ، وهذه هي أقصي مدة يمكن أن تنقضي من وقت التسلم إلي وقت رفع دعوى الضمان ، فإذا انقضت مدة التقادم ولم ترفع دعوى الضمان ، فإن هذه الدعوى تكون قد سقطت بالتقادم ولا يجوز سماعها.
ولما كانت هذه المدة مدة تقادم ، فإنها يرد عليها أسباب الانقطاع ، تنقطع برفع الدعوى الموضوعية ، وتنقطع أيضا بإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان. أما وقت التقادم فلا يرد هنا ، وذلك لأن المدة لا تزيد علي خمس سنوات ، ولا يقف التقادم إلا إذا كانت مدته تزيد علي خمس سنوات طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 382 مدني  . (1)
ودعوى الضمان تقوم علي المسئولية العقدية فيما بين رب العمل من جهة والمهندس أو المقاول من جهة أخرى. أما بالنسبة إلي الغير فليست هناك رابطة عقدية. فإذا أنهدم البناء مثلا وأصاب أحد المارة بضرر ، كان للمضرور أن يرجع بالتعويض علي حارس البناء (رب العمل بموجب المسئولية التقصيرية الناجمة عن حراسة البناء ، وهي مبنية علي خطأ مفترض ، وكان للمضرور أيضا أن يرجع بالتعويض علي المقاول أو المهندس ، ولكن بشرط أن يثبت في جانب المسئول خطأ تقوم عليه المسئولية التقصيرية. وإذا رجع رب العمل علي المقاول أو المهندس فإنه يرجع بدعوى الضمان ، بشرط أن يحصل التهدم في خلال العشر سنوات التالية لتسلم البناء ، وأن يرفع دعوى الضمان في خلال ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم.
فيرجع الجار علي المقاول أو المهندس إذا لحقه ضرر من البناء ، بشرط أن يثبت الجار خطأ في جانب المقاول أو المهندس طبقا لأحكام المسئولية التقصيرية ، ولا يوجه دعواه إلي مالك البناء . (2)
وتنتقل دعوى المسئولية عند كل انتقال للعقار ، لأنها تعتبر ملحقة بالبناء أو المنشأة ، فتتبعها في أي يد وجد البناء ، إلا إذا اتفق علي غير ذلك وقت انتقال الملكية ، فمشتري العقار
يجوز له إذن أن يرفع دعوى المسئولية خلال عشر سنوات بدلا من المالك السابق الذي كان له هذا الحق ، حتى لو كان انتقال الملكية لا يتضمن الضمان ، لأن شرط عدم الضمان الغرض منه أن يجعل ناقل الملكية بمنأى من كل رجوع ، لا حرمان المشتري الدعوى التي كان للبائع حق رفعها علي المقاول والتي أصبحت لا تفيده لعدم وجود المصلحة.
وإنه وإن كان المهندس المعماري والمقاول مسئولين بالتضامن من تجاه المالك ، فإنه يجوز لكل منهما أن يرجع علي الآخر إذا كان للعيب في البناء سببه خطأ أحدهما.
وللغير الذي يصيبه ضرر من انهيار البناء أو حدوث خلل فيه أو أي سبب آخر أن يرجع علي المهندس والمقاول.
والأصل أن مسئولية المقاول ترتفع بتسليم الشيء الموضوع إلي رب العمل وقبوله إياه ، لأن تسلمه المصنوع وقبوله إياه دليل علي أن الصانع قام بعمله علي الوجه المطلوب ، ولكن إذا كان المقاول هو الذي قدم المواد ، فإن العقد يتضمن بيعا ، ولذلك يجوز الرجوع عليه- كما في البيع- بضمان العيوب الخفية.
وتجنب التفرقة بين أمرين يحدث الالتباس بينهما ، وهما:
(أ) تقادم الضمان ذاته ، أي المدة التي يجب أن يحدث فيها التهدم أو يكتشف فيها العيب.
(ب) وتقادم دعوى الضمان التي تحمي حق الضمان ، أي المدة التي يجب أن ترفع خلالها هذه الدعوى.
وقد اختلفت التشريعات العربية في تقادم الضمان ذاته ، فجله أغلبها عشر سنوات ما عدا التقنين اللبناني والتقنين التونسي ، فهي فيهما خمس سنوات.
كما اختلفت تلك التشريعات أيضا في تقادم دعوى الضمان ، فهي ثلاث سنوات في القانون المدني المصري وفي القانون المدني السوري وفي القانون المدني الليبي ، وهي سنة في القانون المدني العرفي والقانون المدني الأردني الجديد ، وثلاثون يوما في قانون الموجبات والعقود اللبناني.
ومؤدي النص المصري (م 654 مدني) والنصوص العربية المقابلة- علي ما بينها من خلاف في مدة تقادم الدعوى- أن رب العمل يستطيع أن يرفع دعوى الضمان خلال ثلاث سنوات تبدأ من وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم في أوائل العشر سنوات بعد التسليم الفعلي لا يكون لرب العمل حينئذ إلا ثلاث سنوات المقررة لرفع الدعوى الـ 13 عاما.
ويكفي أن ينكشف العيب أو يحصل التهدم حتى يكون ذلك قرينة علي العلم به ولو بم يتم العلم به فعلا. ويثبت وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم بجميع طرق الإثبات باعتباره واقعة مادية. ولكن لا يكفي لإثبات العلم أن يسكن رب العمل المبني أو أن يقوم بتأجيره للغير ، فقد لا يظهر العيب أو يحصل التهدم إلا بعد مدة طويلة ، وإذا ظهر العيب وأخطر رب العمل المقاول أو المهندس المعماري به ، فإن تراخيه في رفع دعوى الضمان بعد ذلك لا يعد نزولا منه عنها مادامت مدة تقادم الدعوى لم تنقص.
 
ولما كانت هذه المدة مدة تقادم فإنها تقبل الانقطاع ، فتنقطع مثلا برفع الدعوى الموضوعية ولو لمحكمة غير مختصة لأن المطالبة القضائية بوجه عام تقطع التقادم ، ولكن -الدعوى المستعجلة لا تقطع التقادم (الوسيط- 7- للدكتور السنهوري- ص130) ، وتنقطع أيضا بإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان ، كما لو رهنا له عقارا أو منقولا في مقابل هذا الضمان.
ولكنها لا تقبل الإيقاف ، لأن المدة لا تزيد علي خمس سنوات في التقنين المصري . (1)
ويلتزم رب العمل بتسلمه (العمل) بعد إنجازه ، والتسلم هنا يشتمل علي معني أو سمع عما هو عليه في البيع والإيجار ، فهو من جهة- كالتسلم في البيع والإيجار- الاستيلاء علي العمل بعد أن وضعه المقاول تحت تصرفه بحيث لا يوجد عائق من الاستيلاء عليه ، وهذا هو التسلم بمعناه المألوف ، وهو من جهة أخرى- وهذا هو المعني الزائد- تقبل العمل والموافقة عليه بعد فحصه. وهذا المعني الزائد تقتضيه طبيعة المقاولة ، فهي تقع علي عمل لم يكن قد بدأ وقت إبرام العقد أي لم يكن موجودا ، فوجب عند إنجازه أن يستوثق رب العمل من موافقته لأصول الصنعة والشروط المتفق عليها ، ويكون ذلك بفحصه فالموافقة عليه. خلافا للحال في البيع والإيجار حيث تكون العين فيهما-غالبا- عينا بالذات معروفة للمشتري أو للمستأجر ، ولا يقتضي الأمر أكثر من تسلمها دون حاجة للتقبل.
ولما كان التسلم يتضمن التقبل- في المقاولة- فيشترط حتى يكون رب العمل ملتزما بتسلمه أن يكون العمل الشروط المتفق عليها ، فإن لم تكن هناك شروط فطبقا لما تقضي به أصول الصنعة لنوع العمل محل المقاولة يحل محل الشروط المتفق عليها أو يكملها إذا كانت ناقصة. وإذا وقع خلاف بين الطرفين فيما إذا كان العمل موافقا أو غير موافق ، جاز لأي منهما أن يطلب ندب خبير علي نفقته لمعاينة العمل وتحرير محضر بنتيجة المعاينة ، وإذا رفع الأمر للقضاء ، كان هذا المحضر محلة اعتبار عند القاضي ، إذا رأي أن يكتفي به ولم يعارض الطرف الآخر فعل وإلا عين خبيرا آخر ، أو قضي وفقا لما يتبين له من ظروف القضية ومستنداتها.
ويجب أن تكون المخالفة للشروط أو لأصول الصنعة التي تبرر عدم التزام رب العمل بالتسلم جسيمه إلي حد أنه لا يجوز عدلا إلزامه بالتسلم ، فإذا لم تبلغ المخالفة هذا الحد من الجسامة بقي رب العمل ملتزما بالتسلم ، وإنما يكون له الحق إما في طلب تخفيض الأجرة بما يتناسب مع أهمية المخالفة ، أو في طلب تعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء المخالفة ، وفي جميع الأحوال يجوز للمقاول إذا كان العمل يمكن إصلاحه أن يقوم بهذا الإصلاح في مدة مناسبة ، كما يجوز لرب العمل أن يلزم المقاول بذلك إذا كان الإصلاح لا يتكلف نفقات باهظة.
ويقع التسلم عادة في الزمان والمكان اللذين يقع فيهما التسليم ، إذ التسليم هو وضع العمل تحت تصرف رب العمل دون عائق ، والتسلم هو استيلاء رب العمل عليه بعد أن يوضع تحت تصرفه وفقا لطبيعته.
ويجوز أن يكون التسلم مجزءا إذا كان العمل مكونا من أجزاء متميزة ، أو كان الأجر محددا بسعر الوحدة ، فيجوز لكل من المقاول أن يطلب المعاينة والتسلم عقب نجاز كل جزء (أو قطعة).
يترتب علي التقبل النتائج التالية:
(1) أن ملكية الشيء المصنوع تنتقل إذا كان المقاول هو الذي ورد المادة التي استخدمها في العمل إلي رب العمل من وقت التقبل.
(2) أن دفع الأجرة يستحق عند تقبل العمل ، إلا إذا قضي الإنفاق أو العرف بغير ذلك.
(3) أن تحمل تبعة العمل تنتقل من المقاول إلي رب العمل من وقت التسلم أو التقبل.
(4) أن المقاول لا يضمن العيوب الظاهرة من وقت التقبل ، وهي العيوب التي كان يمكن كشفها بالفحص العادي.
وإذا لم يقم رب العمل بالتزامه من تسلم العمل وتقبله في الميعاد القانوني ، كان للمقاول أن يجبره علي تنفيذ التزامه عينا ، ويجوز أن يلجأ في ذلك إلي وسيلة التهديد المالي. فما علي المقاول- طبقا لمفهوم نص العبارة الأخيرة للمادة 655 من القانون المدني- بعد أن ينجز العمل ويضعه تحت تصرف رب العمل دون عائق ، إذا رأي أن هذا الأخير قد تلكأ في معاينة العمل ليتقبله ويتسلمه أن يعذره بالتسلم عن طريق إنذار رسمي علي يد محضر ويحدد ميعادا لذلك ، فإذا مضي الميعاد اعتبر رب العمل قد تسلم العمل حكما حتى لو لم يتسلمه حقيقة. ويترتب علي هذا التسلم الحكمي جميع النتائج التي تترتب علي التسلم الحقيقي ، فتنتقل ملكية الشيء المصنوع إلي رب العمل ، ويستحق دفع الأجر ، وينتقل تحم التبعة إلي رب العمل وتبرأ ذمة المقاول من العيوب الظاهرة ، ويبدأ سريان ميعاد ضمان العيوب الخفية.
ويمكن- فوق ذلك وتطبيقا للقواعد العامة- أن يلجأ المقاول إلي العرض الحقيقي ، وقد رسمت طريقة المواد من 334 إلي 337 مدني . (1)
وغني عن البيان أن للمقاول- بعد بيع الشيء- أن يستوفي أجره من المن وكذلك التعويضات المستحقة ويودع الباقي خزانة المحكمة.
وقد يقع أن يكون للمقاول مصلحة عند امتناع رب العمل عن تنفيذ التزامه من تسلم العمل في فسخ العقد (بيع الشيء المصنوع لآخر بثمن أعلي) ، وفي هذه الحالة يجوز له- بعد إعذار رب العمل بالتسلم- أن يطلب من القضاء فسخ عقد المقاولة حتى يتحلل من واجب التسليم ، ويستطيع بعد ذلك أن يحقق لنفسه هذه الصفقة الرابحة . (1)
والمادة 655 من التقنين المدني تطبيق محض القواعد العامة ، فرب العمل ملتزم بتسلم العمل عند إنجازه وفقا لشروط المقاولة. فإذا دعي إلي تسلمه فامتنع دون إبداء سبب مشروع ، اعتبر أن العمل قد سلم إليه ، ومؤدي ذلك بعد سريان مدة العشر سنوات المحددة للضمان من تاريخ الإنذار بالتسلم. وقد اشترط المشرع أن تكون الدعوى إلي التسلم بإنذار رسمي حسبما للمنازعات ، فلا يكفي في ذلك الأعذار بطريق البريد . (2)
ومتي أتم المقاول العمل ، ووضعه تحت تصرف رب العمل ، وجب علي الأخير أن يبادر إلي تسلمه في أقرب وقت ممكن بحسب الجاري في المعاملات ، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم رغم دعوته إلي ذلك بإنذار رسمي ، اعتبر أن العمل سلم إليه.
والتسلم هنا يشتمل علي معني أبعد من التسلم في البيع والإيجار علي نحو تقتضيه طبيعة عقد المقاولة ، غذ أن الإنفاق يتم علي شئ لم يكن موجودا ، فيجب أن يستوثق رب العمل بعد إنجاز الشيء وإتمامه من أنه موافق للشروط المتفق عليها ولأصول الصنعة ، ويكون ذلك بفحصه ثم الموافقة عليه ، وهذا يسمي القبول والتقبل للشيء موضوع عقد المقاولة. أما في البيع والإيجاز فالعين المبيعة أو المؤجرة تكون غالبا عينا معينة بالذات ومعروفة للمشتري أو المستأجر ، ولا يقتضي الأمر أكثر من تسلمها دون حاجة إلي القبول أو التقبل.
والتسلم بالانتفاع يفيد ضمنا التقبل ، إذ كما يكون التقبل صراحة يكون أيضا ضمنا باستعمال الشيء مدة طويلة دون أية تحفظات أو بإدماجه في شيء آخر كل ذلك دون إبداء أية تحفظات مناسبة في هذا الشأن . (1)
ودفع الأجر- وفقا لنص المادة 656 مدني- يكون في الموعد المحدد في الاتفاق إذا كان هناك اتفاق علي ذلك ، ويغلب أن يكون في عقد المقاولة اتفاق علي مواعيد دفع الأجر ، وكثيرا ما يتفق علي أن يدفع رب العمل جزءا من الأجر مقدما قبل البدء في العمل ، ثم يدفع باقي الأجر علي أقساط يؤدي كل قسط منها عقب إتمام جزء معين من العمل أو عقب انقضاء فترة معينة من الوقت.
فإذا لم يوجد اتفاق علي ميعاد معين أو مواعيد العينة ، وكان هناك عرف للصنعة يحدد مواعيد دفع الأجر ، وجي اتباع ما يقضي به العرف ، وأكثر ما يجري به العرف في المقاولات الصغيرة أن يكون دفع الأجر عند تسلم العمل ، وفي المقاولات الكبيرة أن يكون الدفع علي أقساط بحسب ما يتم إنجازه من العمل.
فإذا لم يوجد ولا عرف ، فقد وجب تطبيق القواعد العامة التي توجب أن يتم الوفاء فورا بمجرد ترتب الالتزام نهائيا في ذمة المدين ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك (م 346/1 مدني).
علي أن دفع الأجرة عند تسلم العمل مشروط فيه أن يكون العمل مطابقا للمواصفات والشروط المتفق عليها والأصول الفن لهذا النوع من العمل.
ويبقي الأجر في ذمة رب العمل واجبا دفعه في الميعاد ، وإذا أخر رب العمل في الدفع بقي الأجر في ذمته قائما حتى يسقط بالتقادم.
ولا يوجد نص خاص بعين المكان الذي يجب فيه دفع الأجر ، فلم يبق إلا تطبيق القواعد العامة ، وهذه تقضي بأن يكون الدفع في المكان المتفق عليه ، فإن لم يوجد إنفاق كان الدفع في المكان الذي يقضي به العرف. وأكثر ما يقضي بعه العرف أن يكون الدفع في المكان الذي يتم فيه تسليم العمل.
والمقاول أن يحبس ما تحت يده من العمل حتى يستوفي ما هو مستحق له من الأجر ، ولا فرق في ذلك بين منقول وعقار ، وتسري علي حق الحبس القواعد العامة . (1)
والأجر ركن من أركان عقد المقاولة ، لابد من وجوده فيه لأنه عقد معاوضه ، وإلا اعتبر العقد من عقود التبرع.
علي أنه ليس هناك ضرورة لوجود اتفاق صريح علي مقدار الأجر ، بل ولا علي وجود الأجر في حد ذاته ، وإنما الضرورة تنصب علي عدم نية التبرع صراحة أو ضمنا.
وإذا كان وجود الأجر ضروريا في عقد المقاولة وإلا اعتبر تبرعا أو عقدا غير مسمي أو عقدا باطلا حسب كل حالة ، فليس من الضروري تعيين مقداره ، بخلاف ركني العمل والتراضي فإن فقدان أيهما يجعل العقد باطلا.
ويختلف أجر المقاول عن أجر الوكيل في هذا الصدد ، إذ أن أجر الوكيل خاضع لتقدير القاضي ولو كان مقداره متفقا عليه بين الطرفين.
 
إن المقاولة قد تكون مزيجا من عقد المقاولة والوكالة ، أي من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ، كما هي الحال مع المحامي والمهندس المعماري ، فيكون العقد مقاولة فيما يتعلق بالأعمال المادية ووكالة فيما يتعلق بالتصرفات القانونية ، ومن ثم تطبق أحكام المقاولة في الجزء المتعلق بالأعمال المادية ، وهذه لا يجوز فيها انفراد أي من الطرفين بتعديل الأجر إلا طبقا لأحكام عقد المقاولة ، وتطبق أحكام الوكالة في الجزء المتعلق بالتصرفات القانونية والأجر فيها يخضع لتقدير القاضي ، ولو تم الإنفاق علي تقديره بين الطرفين. فإذا تعذر تعيين أي جزء من الأجر لأعمال المقاولة وأي جزء منه لأعمال الوكالة نظر إلي العنصر الغالب ، فيكون العقد وكالة بالنسبة للمحامي ويجوز تخفيض أجره ، ومقاولة بالنسبة إلي المقاول أو المهندس ولا يجوز تخفيض أجر أيهما.
وذا لم يحدد الأجر سلفا وجب الرجوع في تحديده إلي قيمة العمل ونفقات المقاول ومؤدي ذلك أنه عند الخلاف يعين القاضي مقدار الأجر مسترشدا بعنصرين:
(1) قيمة العمل الذي أتمه المقاول      
(2) ما تكبده المقاول من نفقات في إنجازه.
هذا ، ويسترشد القاضي بوجه خاص بالعرف الجاري في الصنعة في تحديد قيمة العمل . (1)
ويتبين من نص المادة 657 مدني أن هناك شروطا ثلاثة يجب توافرها حتى ينطبق:
الأول- أن يكون الأجر في المقاولة متفقا عليه بمقتضى مقايسة علي أساس الوحدة.
الثاني- مجاوز المقايسة مجاوزة محسوسة لسبب لم يكن معروفا وقت العقد. والمقصود بمجاوزة المقايسة مجاوزة محسوسة مجاوزة كميات الأعمال المقدرة في المقايسة ، لا مجاوزة أسعارها.
فإذا كانت المجاوزة متوقعة عند إبرام عقد المقاولة أو كان من الممكن أوقعها زاد الأجر بمقدار هذه المجاوزة ولا خيار لرب العمل.
الثالث- أن يخطر المقاول بمجرد تنبيه للزيادة رب العمل بذلك- ولو يشترط النص شكلا خاصا لهذا الإخطار ، ولا ميعادا معينا يجب أن يتم فيه ، ولذلك يجوز أن يكون الإخطار علي يد محضر ، أو بكتاب مسجل ، أو بكتاب عادي ، أو شفويا. وعلي المقاول عبء إثبات أ الإخطار قد تم.ويجب أن يتم الإخطار فور تبين المقاول للزيادة ، فإذا سكت علي الإخطار بعد تنبيه الزيادة مدة لا مبرر لها ، حمل ذلك علي أنه قد نزل نزولا ضمنيا عن حقه في استرداد قيمة الزيادة ، وبقي الأجر كما جاء في المقايسة دون تعديل.
فإذا لم يخطر المقاول رب العمل بالمجاوزة ، أو أبطأ في إخطاره دون مبرر ، أو لم يذكر في الإخطار مقدار ما يتوقعه من الزيادة أو في القليل الأسس التي تقوم عليها المجاوزة المتوقعة ، سقط حقه في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات ، وبقي الأجر كما جاء في المقايسة دون تعديل ، وذلك بالرغم من وقوع مجاوزة محسوسة لما هو مقدر في المقايسة.
ويترتب علي توافر هذه الشروط الثلاثة التمييز بين ما إذا كانت المجاوزة المحسوسة غير جسيمة ، أم أنها جسيمة.
لم تعرض المادة 657 مدني للمجاوزة غير الجسيمة صراحة ، ولكن مفهوم المخالفة من نص الفقرة الثانية من هذه المادة يستخلص منه أن رب العمل لا يستطيع أن يتحلل من عقد المقاولة بسبب المجاوزة المحسوسة غير الجسيمة ، وبأنه تجنب زيادة الأجر بما يتناسب مع هذه المجاوزة ، شاء رب العمل أو أبي.
وتقدير ما إذا كانت المجاوزة المحسوسة جسيمة أو غير جسيمة ، مسألة واقعة يبت فيها قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض.
أما إذا كانت المجاوزة جسيمة فقد تكلفت الفقرة الثانية من المادة 657 مدني ببيان الحكم في ذلك ، وخلاصته أن رب العمل يكون بالخيار بين أمرين:
الأمر الأول- أن يبقي مقيدا بالمقاولة ، ويطلب من المقاول إتمام العمل ، وفي هذه الحالة يزيد الأجر بما يتناسب مع الزيادة الجسيمة ، ويبقي عقد المقاولة نافذا بجميع شروطه ، فيما عدا الأجر فإنه يزيد الزيادة المناسبة.
الأمر الثاني- أن يتحلل رب العمل من المقاولة إذا رأي أن الزيادة الجسيمة في الأجر مرهقة له ، وفي هذه الحالة يطلب من المقاول وقف العمل ، علي أن يكون ذلك دون إبطاء لا مبرر له ، كان للمقاول أن يمضي في العمل ، ويفترض أن رب العمل قد اختار الأمر أي إبقاء المقاولة مع الزيادة في الأجر. والطلب الذي يتقدم به رب العمل لوقف التنفيذ لا يشترط فيه شكل خاص ، فقد يكون علي يد محضر أو مكتوبا أو شفويا ، ولكن عبء إثبات التقدم بهذا الطلب يقع علي رب العمل. فإذا تقدم رب العمل بهذا الطلب ، وجب علي المقاول أن يقف تنفيذ العمل ويتحلل رب العمل من المقاولة. ولكن يجب عليه أن يعوض المقاول بإبقائه قيمة ما أنجزه من الأعمال مقدرة وفقا لشروط العقد دون أن يعوضه عما كان يستطيع كسبه أو أنه أتم العمل ، فيرد للمقاول قيمة ما أنجزه من الأعمال إلي يوم إخطاره بوقف العمل ، وتقدر هذه القيمة لا بحسب ما هو مقدر طبقا لما جاء في المقايسة . (1)
ونقل المشرع الحكم الوارد في المادة 657 مدني عن التقنين البولوني (م 491منه).
ولا نظير لهذا النص في التقنين المدني القديم ، وهو (النص) عرض لحالة تقع في العمل بصدد مقاولات المباني علي أساس المتر المربع مثلا عند مجاوزة الكميات المقدرة في المقايسة مجاوزة محسوسة لتنفيذ التصميم المتفق عليه. فيتعين علي المقاول قبل أن يقدم علي شراء الكميات الإضافية أن يخطر رب العمل بما يتوقع من زيادة في الثمن ليحصل علي موافقته علي تجاوز القيمة الواردة بالمقايسة ، فإذا أهمل في الإخطار وأقدم علي لتنفيذ سقط حقه في استرداد النفقات الزائدة.
وتقرر الفقرة الثانية أن لرب العمل حق وقف التنفيذ ، علي أن يخطر المقاول برغبته في ذلك دون إبطاء. وفي هذه الحالة يقتصر التزام رب العمل علي الوفاء بقيمة ما أنجزه للمقاول من الأعمال وفقا لشروط العقد ، دون إلزامه بما يجاوز هذه القيمة من مصروفات أنفقها المقاول. فقد تكون قيمة هذه المصروفات مجاوزة للمتوقع من قيمة المقايسة نفسها ، والأمر لم يسفر إلا عن تنفيذ المقاولة تنفيذا جزئيا فلا يكـون رب العمل مسئولا عن مجاوزة المصروفات المقررة في المقايسة . (1)
واستثناء من القاعدة العامة التي تقضي بعدم جواز تعديل أو مراجعة الأجر المتفق عليه في المقاولة توجد ثلاث صور يجوز تعديل الأجر فيها:
الأول- الإنفاق علي أجر بمقتضى مقايسة علي أساس الوحدة ، فتجوز زيادة الأجر بشروط معينة إذا اضطر المقاول إلي مجاوزة محسوسة.
الثانية- الإنفاق علي أجر إجمالي علي أساس تصميم معين ، فيجوز في هذه الحالة زيادة الأجرة إذا حصل في التصميم تعديل أو إضافة ، وكان ذلك بناء علي طلب رب العمل أو خطئه ، أو إذا انهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة.
الثالثة- يجوز إنقاص أجر المهندس المعماري إذا لم يتم العمل بمقتضى التصميم الذي وضعه.
فهناك شروط ثلاثة لانطباق نص المادة 657 مدني.
هذا النص يقرر أحكاما تتفق مع النية المحتملة للمتعاقدين ، فهو من هذه الناحية لا يخرج عن القواعد العامة.
(1) أن يكون الأجر في المقاولة متفقا عليه بمقتضى مقايسة علي أساس الوحدة وإلا فلا ينطبق النص ، كما لو كان الإنفاق علي أجر إجمالي أو كان مقدار الأجر غير متفق عليه أصلا.
(2) مجاوزة المقايسة مجاوزة محسوسة لسبب لم يكن معروفا وقت انعقاد العقد. والمقصود هنا هو مجاوزة كميات الأعمال المقدرة في المقايسة لا مجاوزة أسعارها ، ذلك أن المجاوزة في الأسعار لا يعتد بها.
ولا يكفي أن تكون الزيادة في كميات الأعمال محسوسة ، بل يجب ألا تكون موقعة وقت العقد ، إنما تتبين في أثناء العمل.
(3) أن يخطر المقاول رب العمل بمجرد تنبيه للزيادة. ولم يشرط النص شكلا خاصا لهذا الإخطار ولا ميعادا معينا يجب أن يتم فيه ، ولكن ينبغي أن يقع فور تبين المقاول للزيادة. فإذا سكت المقاول عنه في هذه الحالة حمل ذلك علي أنه نزل نزولا ضمنيا عن حقه في استرداد قيمة الزيادة ، وينبغي أن يشتمل الإخطار علي مقدار ما يتوقعه المقاول من زيادة الكم وما يترتب عليها من زيادة في الأجر.
ويلتزم مما ذكر في الإخطار دون الزيادة الفعلية بعد ذلك ، ولذلك يحسن بالمقاول أن يحتاط ويكتفي في الإخطار بذكر الأسس التي تقوم عليها الزيادة المتوقعة دون أن يذكر رقما معينا لهذه المجاوزة تاركا ذلك لما يسفر عنه تنفيذ العمل من نتيجة فعلية.
وإذا كانت المجاوزة جسيمة ، جاز لرب العمل أن يتحلل من العقد ، ويقف التنفيذ علي أن يكون ذلك دون إبطاء مع إبقاء المقاول قيمة ما أنجزه من الأعمال مقدرة وفقا لشروط العقد دون أن يعوضه عنا يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل.
ومؤدي هذا أن يكون لرب العمل الخيار بين أمرين:
أولهما- أن يبقي مقيدا بالمقاولة بكل شروطها ، ويطلب إتمام العمل ، وفي هذه الحالة يزيد الأجر بما يتناسب مع الزيادة الجسيمة.
ثانيهما- أن يتحلل رب العمل من المقاولة إذا رأي أن الزيادة الجسيمة في الأجر مرهقة له وفي هذه الحالة يطلب دون إبطاء وقت العمل. فإذا أبطأ في هذا الطلب بدون مبرر ، كان للمقاول أن يمضي في العمل ، ويفترض أن رب العمل قد اختار الأمر الأول. وهذا الطلب ليس له أيضا شكل خاص. وحكمة عدم تعويضه المقاول عما كان يكسبه لو أتم العمل أنه قد اضطر التحلل من العقد بسبب الزيادة المرهقة في الأجر لا بمحض إرادته .
 
وحتى يدخل عقد المقاولة في تطبيق نص المادة 658/1 مدني ، يجب توافر شروط ثلاثة :
(1) أن يكون الأجر قد حدد بمبلغ إجمالي لا يزيد ولا ينقص.
(2) أن تكون المقاولة علي أساس تصميم متفق عليه ، وذلك حتى تتبين حدود العمل علي وجه كامل واضح نهائي ، في رسوم (وهذا هو الغالب) أو غير ذلك في وصف كامل لجميع الأعمال المطلوبة مفصل ودقيق.
(3) أن يكون عقد المقاولة مبرما بين رب العمل الأصلي والمقاول- فإذا أبرم بين مقاول أصلي ومقاول من الباطن ففيما بينهما لا تسري المادة 658 مدني وإنما تسري القواعد العامة.
ومتي توافرت هذه الشروط الثلاثة ، فقد دخلنا في نطاق تطبيق المادة 658 مدني ، ولا يهم بعد ذلك أن تكون المقاولة محلها إقامة بناء أو غير كصنع أثاث ، أو أن يكون محلها عملا كبيرا كصنع سفينة أو عملا صغيرا (كصنع مكتب أو مكتبة) ، فنص المادة 658 مدني مطلق لا يفرق بين فرض وآخر.
 
الأول- تعديل التصميم بسبب خطأ من رب العمل أو بناء علي اتفاق معه- فقد رأينا أو المادة 658/1 مدني لا تجيز زيادة الأجر الجزافي ولو حدث في التصميم تعديل أو إضافة ، إلا أن يكون ذلك راجعا إلي خطأ رب العمل ، أو يكون مأذونا به منه واتفق مع المقاول علي أجره (كأن قدم له أرضا لا يملكها).
الثاني- زيادة التكاليف زيادة فاحشة ينها معها التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول- إن نص الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 658 مدني تطبيق واضح في عقد المقاولة لنظرية الحوادث الطارئة التي تقرر مبدأها في المادة 147/2 مدني . (1)
وشروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة في الصورة التي نحن بصددها هي نفس شروط تطبيق النظرية فغي مبدأها العام.
وشروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة في الصورتين- هي:
(1) أن يكون العقد متراخيا ، وهو شرط غالب لا شرط ضروري ، ولاشك أن هذا الشرط متوافر في عقد المقاولة ، فهناك فترة من الزمن تفصل بين إبرام المقاولة وتنفيذها.
(2) أن تجد بعد صدور العقد حوادث استثنائية عامة ، وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الرابعة من المادة 658 مدني (حرب- إضراب مفاجئ- تسعيرة رسمية أو إلغاؤها- استيلاء إداري- وباء ينتشر- تشريع مفاجئ).
(3) أن تكون هذه الحوادث استثنائية ليس في الوسع توقعها (م 658/4 مدني).
(4) أن تجعل هذه الحوادث تنفيذ الالتزام مرهفا لا مستحيلا (م658/4 مدني).
وإذا كانت شروط نظرية الظروف الطارئة في مبدأها ننفق مع شروط النظرية في تطبيقها الخاص بعقد المقاولة ، فإن الجزاء يختلف قليلا في التطبيق الخاص عنه في المبدأ العام ، ففي المبدأ العام يجوز للقاضي ، تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ، أن يرد الالتزام المرهق إلي الحد المعقول ، ويقع باطلا كل اتفاق علي خلاف ذلك ، فالقاضي مطلق اليد في معالجة الموقف الذي يواجهه ، فهو قد يري أن الظروف لا تقتضي إنقاص الالتزام المرهق ولا زيادة الالتزام المقابل ، بل يقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارئ ، وقد يري زيادة الالتزام المقابل ، وقد يري إنقاص الالتزام المرهق وإذا جاز للقاضي أن يقف تنفيذ الالتزام المرهق أو ينقص منه أو يزيد في الالتزام المقابل ، فإنه لا يجوز له فسخ العقد ، فالالتزام المرهق يبقي ولا ينقضي ولكن يرد إلي الحد المعقول ، فتتوزع بذلك تبعة الحادث الطارئ بين المدين والدائن ، ولا يتحملها الدائن وده بفسخ العقد (م 147/2 مدني).
أما في التطبيق الخاص بعقد المقاولة الذي نحن بصدده ، فإن الفقرة الرابعة من المادة 658 مدني تقول: "جاز للقاضي أن يحكم بزيادة الأجر أو بفسخ العقد". فالنص إذن يجيز هنا فسخ العقد ، حيث لا يجوز ذلك في المبدأ العام للنظرية. والقاضي يحكم بفسخ عقد المقاولة إذا رأي مبررا لذلك.
ولما كان وقف تنفيذ المقاولة لا يتعارض مع نصوص المادة 658 مدني ، فإنه يمكن القول بأن القاضي قد لا يري داعيا لفسخ المقاولة ولا لزيادة الأجر ، ويكفي بوقف تنفيذ المقاولة حتى يزول الحادث الطارئ.
ويلاحظ أن الجزاء المتقدم يعتبر من النظام العام ، فلا يجوز للمتعاقدين أن يتفقا مقدما علي ما يخالفه ، كأن ينزل المقاول مثلا في عقد المقاولة عن حقه في التمسك بنظرية الظروف الطارئة ، فمثل هذا النزول يكون باطلا لا يعتد به. وقد ورد ذلك صريحا في المادة 147/2 مدني التي تقرر المبدأ العام ، ولم يرد في المادة 658 مدني ، ولكن لما كانت المادة الأخيرة ليست إلا تطبيقا للمادة الأولي ، فإنه يجب اعتبار أحكام كل من المادتين متعلقة بالنظام العام . (1)
والمعيار الذي يقرره نص المادة 698 مدني هو انهيار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة لم تكن في الحسبان وقت التعاقد ، هو من الدقة بحيث يحسد من تدخل القاضي وفي الوقت نفسه من المرونة بحيث يسمح له بمراعاة ظروف كل حالة ، علي أنه لما كان عقد المقاولة من العقود التي يظهر فيها بالذات فائدة الأخذ بهذه النظرية ، فقد آثر القانون الجديد أن يقررها صراحة بنص خاص في باب المقاولة ، وهو في ذلك يجاري التقنين البولوني (م 269 و490 /2 ) . (1)
وتطابق الفقرتان الأولي والثالثة من المادة 658 مدني مضمون المادة 418 / 510 من التقنين القديم ، مع بيان أوفي إلي بيان المقصود ، وهو حرمان المقاول الذي تحمل المقاولة بسعر جزائي من مطالبة رب العمل بأية زيادة في الأجر ، لأي سبب كان ، ما لم يوافق علي الزيادة المطلوبة ، أو يثبت أنها راجعة إلي خطئه.
أما الفقرة الثانية ، فتقر ما جري عليه القضاء المصري من أنه لا يجوز للمقاول أن يثبت بالنية أو بالقرائن ، إذن رب العمل له في إقامة أعمال إضافية.
أما الفقرة الرابعة ، وهي أهم ما ورد في هذا النص ، فليست إلا تطبيقا لنظرية الظروف الطارئة في حالة عقد المقاولة. وقد سبق أن قرر المشرع هذه النظرية بصفة عامة في المادة 147 فقرة 2 ولكنه أثر أن يقررها صراحة بنص خاص في باب المقاولة لأنها من العقود التي تظهر فيها بالذات فائدة الأخذ بهذه النظرية . (2)
ونري من نص المادة 658 مدني أن هناك شروطا ثلاثة تحدد نطاق تطبيقه ، هي :
(1) أن يكون الأجر قد حدد بمبلغ إجمالي لا يزيد ولا ينقص ، وهي حالة تختلف عن حالة تحديد الأجر بحسب مقايسة علي أساس سعر الوحدة ، ذلك إن الأجر هنا (أي في تطبيق المادة 658 مدني) يحدد كله إجمالا ، فقد أراد رب العمل أن يحدده نهائيا ومسبقا ، فإذا كان الطرفان قد اتفقا علي أن هذا التحديد مبدئيا ، ثم يزاد أو ينقص بعد تمام العمل ، فإنه لا يكون تحديدا نهائيا ، ولا ينطبق النص.
(2) أن تكون المقاولة علي أساس تصميم متفق عليه وموجود وقت العقد حتى تتبين معالم العمل وحدوده علي وجه واضح ، وكامل ، ونهائي ، أي يشمل جميع الأعمال المطلوبة لا جزء أو أجزاء منها منه ، فلا ينطبق النص أيضا.
(3) أن يكون عقد المقاولة مبرما بين رب العمل ، والمقاول الأصلي. فإذا أبرم بين رب العمل ومقاول من الباطن فلا ينطبق النص كذلك وإنما تسري القواعد العامة بينهما (أي بين رب العمل والمقاول من الباطن) ، فهذه الحماية مقررة لرب العمل ، وهو مادة رجل غير فني من المقاول الأصلي ، وهو رجل فني ومقتدر عادة.
ومتى توافرت هذه الشروط فإن نص المادة 658 مدني ينطبق ، بغض النظر عن أن يكون محل المقاولة بناء أو منقولا أو عملا صغيرا.
وإذا تم تحديد الأجر الإجمالي علي النحو سالف الذكر وبالشروط المتقدمة ، فإنه لا يكون قابلا للتعديل بالزيادة أو بالنقص في حالة إتمام العمل كله حتى لو أدخل المقاول تعديلا في التصميم ولو كان تعديلا هاما ونافعا ، بل ولو كان ضروريا.
ولكن ، هناك فرضان استثنائيان يجوز فيهما تعديل الأجرة بالزيادة.
الأول- تعديل التصميم بسبب خطأ من رب العمل أو بناء علي اتفاق معه- وهذا الإنفاق يجب أن يكون كتابة إذا كان العقد الأصلي مكتوبا. والكتابة هنا ليست لازمة إلا للإثبات ومن ثم يغني عنها مبدأ الثبوت بالكتابة المعزز بالبينة والقرائن. وكذلك نغني عن الكتابة البينة والقرائن إذا وجد مانع أدبي أو مادي يحول دون الحصول علي الكتابة أو فقد المقاول سنده المكتوب لسبب لا يد له فيه. والكتابة لازمة لا للاتفاق علي الزيادة في الأجر فحسب ، بل لبيان مقدار هذه الزيادة ، وإن كان نص الفقرة الثانية من المادة 658 مدني مصري بوهم اشتراط الكتابة مقصور علي الإنفاق علي مقدار الزيادة في الأجر دون الإنفاق علي التعديل في ذاته.
الثاني- زيادة التكاليف زيادة فاحشة ينهار معها التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول.
وشروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة هنا هي نفس شروط النظرية في مهيأها العام . (1)
ويخلص من نص المادة 659 مدني أن تعيين مقدار الأجر- في هذه الحالة يقوم علي عنصرين. قيمة العمل الذي أتمه المقاول- وما تكبده من نفقات في إنجازه. وعند الخلاف بين القاضي مقدار الأجر مسترشدا بهذين العنصرين ، ويسترشد بوجه خاص بالعرف الجاري في الصنعة في تحديد قيمة العمل ، ويدخل في الحساب طبيعة العمل ، فقد يكون مقعدا في حاجة إلي مهارة فنية كبيرة ، وقد يتضمن تبعات جساما ومسئوليات يتعرض لها المقاول ويدخل طبعا في الحساب كمية العمل ، والوقت الذي استغرقه إنجازه ، ومؤهلات المقاول وكفايته الفنية وسمعته. وتشمل نفقات المقاول أثمان المواد التي استخدمت في العمل ، وأجور العمال وغير ذلك من النفقات التي صرفها فعلا إنجاز. وقد يتكفل عرف المهنة بتحديد مقدار الأجر فالحائك أجره متعارف عليه في السوق ، تبعا لسمعته ومهارته ، وأجر الطبيب يتحدد تبعا لعرف مهنة الطب ويسترشد في ذلك بسمعة الطبيب ومهارته الفنية وطبيعة العلاج أو العملية الجراحية وثروة المريض.
وتعيين القاضي مقدار الأجر هو فصل في مسألة موضوعية ، فلا رقابة عليه لمحكمة النقض.
وسواء اتفق المتعاقدان علي مقدار الأجر أو تكفل القاضي بتعيين هذا المقدار ، فإن للأجر توابع يجب أن تضاف إليه ، ويلتزم رب العمل بدفعها كما يلتزم بدفع الأجر نفسه.
فنفقات دفع الأجر ، إذا كان دفعه يقتضي نفقات خاصة تكون علي رب العمل ، مثل ذلك أن يكون مشترطا أن يكون الدفع بطريق حوالة بريدية أو بواسطة تحويل علي مصرف ، فتكون مصروفات الحوالة أو التحويل علي رب العمل ، كذلك نفقات فحص حساب المقاول وتسوية الحساب ، سواء عهد رب العمل بذلك إلي مهندس معماري أو إلي أي شخص آخر تكون علي رب العمل.
أما فوائد الأجر فتسري في شأنها القواعد العامة ، فلا تكون هذه الفوائد مستحقة في ذمة رب العمل إلا من وقت المطالبة القضائية بها (م 226) ولا شأن لتسليم العمل في ذلك فقد تستحق الفوائد قبل تسليم العمل إذا كان الأجر مستحقا قبل التسليم وطالب المقاول به هو وفوائده مطالبة قضائية وقد تستحق الفوائد بعد تسليم العمل إذا لم يطالب لها المقاول مطالبة قضائية إلا بعد التسليم . (1)
ومؤدى نص المادة 659 مدني أنه عند الخلاف يعين القاضي مقدار الأجر مسترشدا بعنصرين:
أولهما- قيمة العمل الذي أتمه المقاول.
ثانيهما- ما تكبده المقاول من نفقات في إنجازه.
هذا ، ويسترشد القاضي بوجه خاص بالعرف الجاري في الصنعة في تحديد قيمة العمل.
ويدخل في الحساب طبيعة العمل ، فقد يكون معقدا في حاجة إلي مهارة فنية كبيرة. وقد يتضمن تبعات جساما ، ومسئوليات تبهظ كامل المقاول. كما يدخل في الحساب كمية العمل والوقت الذي استغرقه إنجازه ، ومؤهلات المقاول وكفايته الفنية ومركزه العلمي أو سمعته الفنية أو غير ذلك من ظروف ، وتشمل نفقات المقاول أثمان المواد التي استخدمت في العمل ، وأجور العمال ، وغير ذلك من النفقات التي تم صرفها فعلا . (1)
والعقد مع المهندس المعماري يقع في الأصل علي أعمال مادية هي وضع التصميم والرسوم وعمل المقايسات ، وإدارة الأعمال والإشراف علي التنفيذ ، وقد يقوم المهندس المعماري ببعض التصرفات القانونية ، كعقد صفقات لحساب رب العمل وإقرار حساب المقاول وتسلم العمل منه.
فإذا اقتصر العقد علي أعمال مادية بمحض مقاولة ، وإذا اختلطت بالأعمال المادية تصرفات قانونية كان العقد خليطا من مقاولة ووكالة ، ومن ثم تسري أحكام المقاولة والوكالة ، ولكن عنصر المقاولة هو الغالب ، فإذا تعارضت الأحكام وجب تطبيق أحكام المقاولة ، فلا يكون أجر المهندس خاضعا لتقدير القاضي كأجر الوكيل ، ولا ينتهي بموت رب العمل ، كما كان ينتهي لو أنه كان وكالة.
لكن- مع ذلك- فالمفروض أن المهندس يفعل بأجر ، لأنه ذو مهنة حرة يتعيش منها ، والمفروض في كل ذي مهنة حرة أنه يعمل بأجر ، والأصل في عمل المهندس الذي يؤجر علمه هو وضع التصميم وعمل المقايسة ، فإذا جمع إلي ذلك الإشراف علي التنفيذ وإدارة الأعمال ، كان له أجر آخر علي هذا العمل ، وقد نصت علي ذلك صراحة الفقرة الأولي من المادة 660 مدني.
والذي يقع غالبا أن رب العمل يتفق مع المهندس علي مقدار أجره ، فالإنفاق هو الذي يحدد في هذه الحالة مقدار الأجر ، فإذا حدد علي هذا النحو لم يجز تخفيضه بدعوى أنه مبالغ فيه ، وذلك بخلاف أجر الوكيل فإنه يجوز تخفيضه 0م 709 /2 مدني). ولا يجوز تخفيض أجر المهندس المتفق عليه ، حتى لو تضمنت الأعمال التي يقوم بها تصرفات قانونية فيكون وكيلا عن رب العمل في هذه التصرفات.
والغالب أن الإنفاق يحدد أجرا للمهندس علي وضع التصميم والمقايسة ، وأجرا آخر مستقلا علي إدارة الأعمال والإشراف علي التنفيذ ، هذا إذا كان ذلك معهودا به إلي المهندس. أما إذا هد إليه بعمل دون آخر ، فالإنفاق يحدد بداهة أجرا واحدا علي هذا العمل. ولا يوجد ما يمنع إذا عهد إلي المهندس بالعملين معا ، أن يحدد الإنفاق أجرا واحدا للعملين دون تحديد نصيب كل من العملين في الأجر.
وقد يحدد الإنفاق أجر المهندس بمبلغ إجمالي أو يحدده بنسبة معينة من قيمة الأعمال ، وفي هذه الحالة الأخيرة تكون العبرة بقيمة الأعمال الفعلية لا بالقيمة المقدرة في المقايسة . (1)

descriptionعقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها Emptyرد: عقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها

more_horiz
المقاوله من الباطن
يخلص من نص المادة 661 مدني أن المقاول أن يقاول من الباطن في كل العمل أو في جزء منه ، ما لم يوجد شرط يمنعه من ذلك. والشرط إما أن يكون صريحا وإما أن يكون ضمنيا يستخلص من الظروف نفسها ، فإذا قاول شخص رساما أو طبيبا أو مهندسا ، فإنه يغلب أن يستخلص من الظروف أن رب العمل قد اعتمد علي كفاية المقاول الشخصية ، فلا يجوز لهذا الأخير يقاول من الباطن ، كأن يعهد بالعمل أو ببعضه إلي رسام آخر أو طبيب آخر أو مهندس آخر يقوم به مكانه ، حتى لو لم يكن منصوصا صراحة في عقد المقاولة علي المنع من المقاولة من الباطن. وإذا قام شك في أن هناك شرطا مانعا ضمنيا ، فسر الشك في معني المنع ، فيحرم علي المقاول المقاولة من الباطن إلا إذا أذن له رب العمل في ذلك.
ولا يمنع الشرط المانع- صريحا كان أو ضمنيا- المقاول من أن يستعين بأشخاص آخرين- فنيين كانوا أو غير فنيين- في إنجاز العمل ، مادام هؤلاء الأشخاص ليسوا مقاولين من الباطن بل كانوا مستخدمين عند المقاول بعقد عمل لا بعقد مقاولة.
ويجوز لرب العمل أن يتنازل عنه رب العمل ، فيتحلل منه المقاول ويكون له الحق في المقاولة من الباطن ، وإذا تنازل رب العمل فلا يجوز له الرجوع بعد ذلك في تنازله ، سواء حصل التنازل قبل مخالفة المقاول للشرط المانع أو بعد مخالفته إياه.
وإذا وجد الشرط المانع - صريحا كان أو ضمنيا- وجب علي المقاول مراعاته وإلا كان معرضا للجزاء الذي تقضي به القواعد العامة ، يطلب التنفيذ العيني ، وشخصيا ، كما يجوز له طلب الفسخ مع التعويض في الحالتين ، وللمقاول من الباطن الرجوع علي المقاول الأصلي بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب عدم إلغاؤه بالتزاماته المستمدة من عقد المقاولة من الباطن.
فإذا لم يكن هناك شرط مانع كانت المقاولة من الباطن صحيحة ونافذة في رب العمل. ويلجأ المقاول إلي المقاولة من الباطن مادة في المقاولات الكبيرة ، حيث تتعدد الأعمال وتتشعب ، فيعهد المقاول الأصلي لمقاولين من الباطن ، إذا كان العمل بناء مثلا ، بالأعمال الصحية وبالتجارة وبالبلاط وبالبياض وبغير ذلك من الأعمال المختلفة التي تشتمل عليها المقاولة ، ويقوم المقاول الأصلي بالتنسيق بين أعمال المقاولين من الباطن.
ويترتب علي المقاولة من الباطن قيام علاقات متنوعة ، يمكن حصرها فيما يلي:
علاقة المقاول الأصلي بالمقاول من الباطن
علاقة المقاول الأصلي بالمقاول من الباطن : تكون العلاقة بينهما علاقة رب عمل بمقاول ، ينظمها عقد المقاولة من الباطن ، ومن ثم يكون هناك عقدا مقاولة ، عقد المقاولة الأصلي يحكم العلاقة بين رب العمل والمقاول الأصلي ، وعقد المقاولة يحكم العلاقة بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن. وليس من الضروري أن يكون العقدان متطابقين أو متقاربين ، بل يغلب أن يكونا مختلفين من وجوه كثيرة كمقدار الأجرة وشروط العقد ، فقد تكون الأجرة في المقاولة من الباطن أقل أو أعلي من الأجرة في المقاولة الأصلية ، وقد يوجد الشرط المانع في المقاولة الأصلية ولا يوجد في المقاولة من الباطن ، وقد يوضع في المقاولة من الباطن شرط جزائي ، ولا يوضع هذا الشرط في المقاولة الأصلية.
 
علاقة المقاول الأصلي برب العمل
علاقة المقاول الأصلي برب العمل : ينظم هذه العلاقة عقد المقاول الأصلي ، ولا شأن لرب العمل بعقد المقاولة من الباطن ، فهذا العقد لا يكسبه حقا ولا يرتب في ذمته التزاما ، لأنه يعتبر بالنسبة إليه من الغير ، فيما عدا ما نص عليه القانون من رجوع المقاول علي رب العمل بالأجرة في حدود معينة ستأتي بحثها.
ومسئولية المقاول الأصلي عن المقاول من الباطن ليست مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة ، فإن المقاول من الباطن يعمل بعمل مستقلا عن المقاول الأصلي ولا يعتبر تابعا له ، وإنما هي مسئولية عقدية تنشأ من العقد الأصلي ، وتقوم علي افتراض أن كل الأعمال والأخطاء التي تصدر من المقاول من الباطن تعتبر بالنسبة إلي رب العمل أعمالا وأخطاء صدرت من المقاول الأصلي ، فيكون هذا مسئولا عنها قبله.
 
علاقة رب العمل بالمقاول من الباطن
علاقة رب العمل بالمقاول من الباطن : الأصل ألا تقوم علاقة مباشرة بين رب العمل والمقاول من الباطن إذ لا يربطهما ي تعاقد ، فالتعاقد إنما يربط رب العمل بالمقاول الأصلي ويربط المقاول من الباطن وإنما تكون العلاقة بين رب العمل والمقاول من الباطن علاقة غير مباشرة ، إذ يتوسطهما المقاول الأصلي ، فلا يطالب رب العمل المقاول من الباطن مباشرة بالتزاماته ، بل الذي يطالب بهذه الالتزامات المقاول الأصلي. (1)
وعقد المقاولة من الباطن هو العقد الذي بمقتضاه يتعامل المقاول الذي عهد إليه بتنفيذ عمل ، مع مقاول آخر ، من أجل تنفيذ هذا العمل كله أو جزء منه ، فالمقاول لا تكون له صفة المقاول إلا مع رب العمل ، إما بالنسبة إلي من تعامل معه (أي المقاول الثاني) فتكون له صفة رب العمل. ويلجأ إلي المقاولة من الباطن- عادة- في العمليات الجسيمة التي تتناول أعمالا مختلفة ، فالمقاول الذي يقبل المقاولة يتفق مع مقاولين من الباطن للقيام بتنفيذ الأجزاء المتعددة المتعلقة بحرف مختلفة ، ويحتفظ بالإشراف وتنسيق الأعمال. (2)
3- يجاري المشرع في نص المادة 661 مدني النص القديم ، فلا يحرم المقاول من حق المقاولة م? الباطن إلا إذا منع من ذلك بشرط في العقد أو تبين من طبيعة العمل أن كفايته الشخصية لم تكن محل اعتبار. وعند قيام الشك يحرم المقاول من هذا الحق ، إلا إذا أذن له رب العمل في ذلك.
ويبقي المقاول الأصلي مسئولا دائما عما يرتكبه المقاول من الباطن من أخطاء نلحق ضررا برب العمل . (3)
والمقاول من الباطن يعمل مستقلا عن المقاول الأصلي ، ويختلف أيضا عن العامل الذي يمل بتوجيه المقاول الأصلي وتحت إشرافه لانتفاء عنصر التبعية.
وللمقاول - بصريح نص المادة 66 مدني- أن يقاول من الباطن في كل العمل أو جزء منه ، ما لم يمنعه من ذلك مانع.
 
 
 
 
 
والشرط المانع نوعان:
(1) شرط صريح أو ضمني في العقد.
(2) إذا كانت طبيعة العمل تفترض الاعتماد علي كفاية أو شخصية المقاول بصريح النص ، كما لو كان المقاول طبيبا أو محاميا أو رساما أو مهندسا الخ ، وهذا النوع لا يستلزم وجود نص صريح أو ضمني بشأنه. وبصريح النص يكفي أي الشرطين ليتوفر المانع لاستعمال كلمة (أو) لا ( و) العطف.
وإذا قام شك حول وجود الشرط المانع فسر الشك في جانب المنع ، لأنه الأغلب الأعم.
والشرط المانع- الصريح أو الضمني- لا يحول بين المقاول وبين أن يستعين بأشخاص آخرين فنين أو عمالا في إنجاز العمل مادام هؤلاء ليسوا مقاولين من الباطن ، أية تابعون للمقاول ، ومرتبطون معه بعقد عمل لا بعقد مقاولة.
وإذا وجد في العقد الشرط المانع ، الصريح أو الضمني ، يجوز لرب العمل في أي وقت أن يتنازل عنه ، فيكون للمقاول الحق في المقاولة من الباطن.
وإذا تنازل رب العمل عن الشرط المانع لم يجز له الرجوع بعد ذلك من تنازله سواء حصل التنازل قبل مخالفة المقاول للشرط أو بعدها.
وإذا وجد الشرط المانع- الصريح أو الضمني- وخالفه المقاول ، جاز لرب العمل أن يطلب من المقاول الأصلي تنفيذ التزامه عينا بأن يجبره علي أن يقوم هو بالعمل دون المقاول من الباطن.
كما يجوز لرب العمل أن يطلب فسخ عقد المقاول الأصلي تأسيسا علي دم قيامه بالتزاماته ، ولكن المحكمة ليست ملزمة حتما بإجابته إلي طلبه ، بل لها أن تكتفي بإلزام المقاول الأصلي بالنتف
ولرب العمل - سواء طلب التنفيذ أن الفسخ - أن يطلب تعويضا إذا كان قد أصابه ضرر ، والمسئول عن التعويض في الحالتين هو المقاول الأصلي وحده دون المقاول من الباطن ، ولهذا الأخير أيضا أن يطلب لنفسه تعويضا من المقاول الأصلي عن عدم تنفيذ عقد المقاولة من الباطن إذا كان قد أصابه ضرر من ذلك . (1)
ويقرر نص المادة 662 مدني أن الدائنين في المطالبة هم المقاولون ، وعمال المقاولون ، وعمال المقاول من الباطن.
فالمقاول من الباطن يكون طرفا في المقاولة ، وهو دائن يطالب في حدود الأجر المستحق له في ذمة المقاول الأصلي وما يتبع الأجر من نفقات وثمن مهمات وأدوات وفوائد ، والطرف الآخر في هذه المطالبة (أي الطرف المدين) هو رب العمل ، ولا يطالبه المقاول من الباطن إلا بالقدر الذي يكون رب العمل مدينا به للمقاول الأصلي بموجب عقد المقاولة الأصلي وقت رفع الدعوى المباشرة عليه من المقاول من الباطن. فإذا فرضنا أن المقاول من الباطن دائن للمقاول الأصلي بأربعمائة جنيه ، وأن المقاول الأصلي دائن لرب العمل بخمسمائة جنيه ، فإن المقاول من الباطن يطالب بموجب الدعوى المباشرة رب العمل بأربعمائة ، أما إذا كان المقاول الأصلي دائنا لرب العمل بثلاثمائة ، فإن المقاول من الباطن لا يطالب رب العمل إلا بثلاثمائة .
والعامل الذي يعمل عند المقاول مرتبطا بعقد عمل يكون طرفا في المطالبة ، سواء قام المقاول بالعمل كله بنفسه أو قاول علي بعضه من الباطن ، ففي جميع الأحوال يستطيع عامل المقاول أن يرجع في حدود الأجر المستحق له وكل حق آخر له في ذمة المقاول بموجب عقد العمل ، علي رب العمل بما هو مستحق في ذمة هذا الأخير للمقاول بموجب عقد المقاولة وقت رفع الدعوى المباشرة من العامل علي رب العمل.
والعامل الذي يعمل عند المقاول من الباطن مرتبطا بعقد عمل يكون طرفا في المطالبة؛ ويرجع في حدود ما هو مستحق في ذمة المقاول من الباطن بموجب عقد العمل:
(1) علي المقاول الأصلي باعتباره رب عمل بالنسبة إلي المقاول من الباطن ، فهو مدين مدينه. ويرجع بما هو مستحق في ذمة المقاول الأصلي للمقاول من الباطن بموجب عقد المقاولة من الباطن وقت رفع الدعوى المباشرة من العامل علي المقاول الأصلي .
(2) علي رب العمل باعتباره رب العمل للمقاول الأصلي ، فهو مدين مدين مدينه ، ويرجع بما هو مستحق في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي بموجب عقد المقاولة الأصلي وقت رفع الدعوى المباشرة من العامل علي رب العمل ، وهذا ما نصت عليه العبارة الأخيرة من الفقرة الأولي من المادة 662 مدني ، إذ تقول: "ويكون لعمال المقاولين من الباطن مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلي ورب العمل".
أما إذا كان المقاول من الباطن قاول هو أيضا بدوره من الباطن ، فالمقاول من الباطن الثاني يرجع بالدعوى المباشرة علي المقاول الأصلي باعتباره رب عمل للمقاول من الباطن الأول ، ولكنه لا يرجع بالدعوى المباشرة علي رب العمل ، إذ أن نصوص المادة 662 مدني سالفة الذكر لا تعطي الدعوى المباشرة للمقاول من الباطن إلا علي رب العمل الذي قاول مقاوله وهو هنا المقاول الأصلي ، وعمال المقاول من الباطن الثاني يرجعون بالدعوى المباشرة علي المقاول من الباطن الأول وهو مدين مدينهم وعلي المقاول الأصلي وهو مدين مدين مدينهم دون رب العمل فهو ليس إلا مدين مدين مدين مدينهم ، ونصوص المادة 662 مدني تقصر علي ذلك بالنسبة إلي العمال.
وإذا رجع المقاول من الباطن أو أحد العمال بالدعوى المباشرة علي رب العمل ، فإن رجوع ي منهما يكون بما هو مستحق في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي وقت رفع الدعوى المباشرة.
فقبل رفع هذه الدعوى وقبل إنذار رب العمل بالوفاء ، يجوز للمقاول الأصلي أن ينصرف في حقه المترتب في ذمة رب العمل بجميع أنواع التصرفات ، ويكون هذا التصرف ساريا في حق المقاول من الباطن أو العامل ، يستطيع المقاول الأصلي أن يستوفي هذا الحق من رب العمل كله أو بعضه ، ويكون هذا الوفاء ساريا في حق المقاول من الباطن أو العامل ، ولو كانت المخالصة غير ثابتة التاريخ وذلك تطبيقا لأحكام المادة 395 /2 مدني. وتقع المقاصة بين ما للمقاول الأصلي في ذمة رب العمل وما عليه له إذا كان ذلك سابقا علي تاريخ الإنذار بالوفاء ، ويستطيع المقاول الأصلي كذلك أن يبرئ ذمة رب العمل مادام الإبراء يكون صادرا قبل الإنذار بالوفاء.
إن المقاول من الباطن أو العامل متي رفع الدعوى المباشرة علي رب العمل أمكنه أن يحصل من طريق هذه الدعوى علي جميع ما هو مستحق في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي وقت الإنذار بالوفاء ، وذلك في حدود ما هو مستحق له في ذمة المقاول الأصلي ، فيتوقى بذلك مزاحمة سائر دائني المقاول الأصلي ، وهذه هي المزية الكبرى للدعوى المباشرة.
ويستطيع أيضا أن يحصل علي هذه المزية فيتجنب مزاحمة دائني المقاول الأصلي لو أنه- بدلا من رفع الدعوى غير المباشرة- أوقع حجزا تحت يد رب العمل علي ما في ذمة هذا الأخير للمقاول الأصلي ، فإنه في هذه الحالة يكون له حق امتياز يتقدم به علي سائر دائني المقاول الأصلي ، ومحل هذا الامتياز هو المبلغ الذي يكون في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي وقت توقيع الحجز ، والحق الممتاز هو للمقاول من الباطن أو العامل في ذمة المقاول الأصلي ، فيتقاضى المقاول من الباطن أو العامل حقه الممتاز من المبالغ التي في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي وقت توقيع الحجز متقدما علي سائر دائني المقاول الأصلي فلا يستطيع هؤلاء أن يزاحموه ، وهو ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 662 مدني. فقبل توقيع الحجز تحت يد رب العمل ، يستطيع رب العمل أن يوفي المقاول الأصلي ما لهذا في ذمته ولكن من وقت توقيع الحجز تحت يده ، يجب أن يوفي أولا حقوق المقاولين من الباطن والعمال ، مقدما إياهم علي سائر دائني المقاول الأصلي ، حتى لو حجز هؤلاء تحت يده. فإذا لم يف ما في ذمته للمقاول الأصلي بحقوق المقاولين من الباطن والعمال ، قسم هؤلاء الدين بينهم قسمة غرماء كل بنسبة حقه ، ولم يأخذ سائر دائني المقاول الأصلي شيئا حتى لو كانوا قد حجزوا هم أيضا تحت يد رب العمل ، ويجوز لرب العمل دون انتظار لاستصدار أمر من القاضي أن يؤدي هذه المبالغ مباشرة للمقاولين من الباطن والعمال.
وإذا تنازل المقاول الأصلي عن حقه في ذمة رب العمل عن طريق حوالة الحق ، وكانت القواعد العامة تقضي بأن هذه الحوالة تسري في حق المقاول من الباطن أو العامل إذا صارت نافذة في حق الغير (بقبول المحال عليه أو بإعلانه) قبل إنذار رب العمل بالوفاء في حالة استعمال الدعوى المباشرة ، وقبل توقيع الحجز في حالة استعمال حق الامتياز.
ولكن يؤخذ من نص الفقرة الأخيرة من المادة 662 مدني أن الحوالة لا تسري في حق المقاول من الباطن أو العامل ، ولو كان نفاذها سابقا علي الإنذار بالوفاء أو علي توقيع الحجز ، بل يقدم في جميع الأحوال حق المقاول من الباطن أو العامل علي حق المحال له. ويقطع في صحة هذا التفسير ما قضت به الدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف المختلطة- في ظل التقنين المدني القديم- من تقديم المقاول من الباطن علي المحال له حتى لو كانت الحوالة سابقة علي الحجز .
ونصت المادة 662 مدني مخالف للمبادئ العامة ، لأن العمال ليسوا دائنين لرب العمل الذي لم يتعاملوا معه ، والغرض من النص هو أنه عندما يفكر العمال الذين استخدمهم المقاول في الرجوع علي رب العمل يكون المقاول فغي غالب الأحوال مفلسا أو معسرا ، فإذا اقتصر حق العمال علي رفع الدعوى غير المباشرة ، فإن ما يقتضي به في هذه الدعوى يشاركهم فيه سائر دائني المقاول الذين رفعوا الدعوى باسمه ، وبما أن ذلك لا يكون عدلا ، لأن دين المقاول قبل رب العمل هو مقابل عمل للعمال ، لذلك خولهم القانون حق رفع الدعوى المباشرة.
وهذا النص يؤيد أحكام محكمة الاستئناف المختلطة ، حيث لم تقصر تطبيق المادة علي حالة حجز ما للمدين لدي الغير ، بل طبقتها في حالة الدعوى المباشرة التي رفعها المقاول من الباطن علي رب العمل.
والفقرة الثالثة من المادة 662 مدني تقر ما جري عليه قضاء محكمة الاستئناف المختلطة.
والذين لهم حق رفع الدعوى المباشرة هم بناء علي نص المادة 662 مدني المقاولون من الباطن والعمال الذين يشتغلون لحساب المقاول في تنفيذ العمل ، فلا يجوز لمن يوردون الأدوات حق رفعها ، إلا إذا كان المورد في نفس الوقت يشتغل كعامل لحساب المقاول في تنفيذ العمل ، وبشرط أن يكون التوريد تابعا ، فعندئذ يعتبر العملان وحدة تنجز ، وللعامل الذي ينقل الأدوات حق رفع الدعوى المباشرة.
ولعمال المقاولين من الباطن حق رفع الدعوى المباشرة علي كل من المقاول الأصلي ورب العمل .
وأدخل المشرع بنص المادة 612 من التقنين المدني تعديلا علي الأحكام الواردة بالمادتين (41 / 506 و415/ 507) المقابلتين في التقنين المدني القديم ، فقضى بأن حقوق المقاولين من الباطن ومن في حكمهم قبل رب العمل تتحدد بوقت رفع الدعوى لا بوقت الحجز كما ورد في النص القديم (م 414 / 506).
وبذلك قضي المشرع علي النزاع الذي أثاره وجود كلمة (الحجز) في النص القديم ، فلا يقتصر تطبيق المادة علي حالة توقيع حجز ما للمدين لدي الغير ، بل تطبق أيضا في حالة رفع الدعوى المباشرة من المقاول من الباطن علي رب العمل وهذا ما جري به قضاء محكمة الاستئناف المختلطة.
كما تقر الفقرة الثالثة ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من تقديم حقوق المقاولين من الباطن والعمال علي حق المجال إليه بدين المقاول الأصلي عند التزاحم ، فلا تسري في هذا الصدد القواعد المبررة في شأن تزاحم الحجز مع الحوالة . (1)
وحكمة الاستثناء الذي أورده نص المادة 662 مدني أن القانون لو اقتصر لهؤلاء (المقاولين من الباطن والعمال) علي الدعوى غير المباشرة التي يزاحم فيها سائر دائني المقاول الأصلي ، فإن هذه الدعوى تكون غالبا غير مجدية وخاصة أن المقاول من الباطن والعمال لا يرجعون علي رب العمل عادة إلي إذا كان المقاول الأصلي معسرا.
وبهذا النص أصبح المقاول من الباطن طرفا في المقاولة ، فهو دائن يطالب في حدود الأجر المستحق له في ذمة المقاول الأصلي وملحقاته بما فيها الفوائد.
ولكن لا يطالب المقاول من الباطن رب العمل إلا بالقدر الذي يكون الأخير مدنيا به للمقاول الأصلي بموجب عقد المقاولة الأصلي وقت رفع الدعوى المباشرة عليه من المقاول من الباطن.
والعامل الذي يعمل عند المقاول الأصلي بموجب عقد عمل يكون أيضا طرفا في هذه المطالبة ، سواء قام المقاول الأصلي بالعمل كله بنفسه أو قاول علي بعضه من الباطن ، ويرجع هو كذلك في حدود ما في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي بموجب عقد المقاولة.
والعامل الذي يعمل عند المقاول من الباطن بموجب عقد عمل يكون هو الآخر طرفا في هذه المطالبة ، بل تكون لهذا الأخير دعويان:
(أولاهما) علي المقاول الأصلي باعتباره رب العمل للمقاول من الباطن.
و(الثانية) علي رب العمل باعتباره رب العمل للمقاول الأصلي.
أما إذا كان المقاول من الباطن قد قاول هو أيضا بدوره من الباطن ، فالمقاول من الباطن الثاني يرجع بالدعوى المباشرة علي المقاول الأصلي باعتبار الأخير رب عمل للمقاول من الباطن الثاني ، ولكنه لا يرجع بالدعوى المباشرة علي رب العمل إذ أن النصوص العربية المقابلة لا تعطي الدعوى المباشرة للمقاول من الباطن إلا علي رب العمل الذي قاول مقاولة (المقاول الأصلي).
ولكن عمال المقاول من الباطن الثاني لهم هذا الحق قبل المقاول من الباطن الأول باعتباره مدينا لمدينهم ، وقبل المقاول الأصلي لأنه مدين مدين مدينهم.
وهذا النص قاصرا علي العمال ، فهو لا ينطبق علي موردي المقاول الأصلي ، ومن ثم فليس لهؤلاء دعوى مباشرة علي رب العمل بأثمان ما وردوه للمقاول الأصلي ولا حق امتياز إلا إذا قضي الإنفاق أو دفتر الشروط بخلاف ذلك ، ويكون هذا الشرط كفالة للمقاول لصالح دائنيه الآخرين.
ولا يجوز لرب العمل أن يشترط علي المقاول الأصلي عدم رجوع المقاول من الباطن أو العمال عليه بالدعوى المباشرة ، لأن هؤلاء الآخرين من الغير بالنسبة لهذا الإنفاق من جهة ، ولأن حقهم هذا مستمد من القانون من جهة أخرى.
وهذا الحق لا يفيد رب العمل قبل إنذاره أو قبل رفع الدعوى. وعلي ذلك يجوز للمقاول الأصلي أن يتصرف في حقه المترتب في ذمة رب العمل بجميع أنواع التصرفات قبل هذا التاريخ ، ويسري هذا التصرف في حق المقاول من الباطن ، والعمال ، بصريح النص المدني لهذا الحق ، ولو كانت المخالصة غير ثابتة التاريخ إعمالا لحكم المادة 395 / 2 مدني مصري وما يقابلها في التشريعات العربية الأخرى ، بل لو كان رب العمل عالما بحقوق المقاول من الباطن وعمال المقاول الأصلي ، ماداما لم ينذرا رب العمل بالوفاء.
وحق المقاول من الباطن وعمال المقاول الأصلي مقدمة علي من ينزل له المقاول الأصلي عن دينه قبل رب العمل بموجب حوالة حق ولو كان نفاذها سابقا علي الإنذار بالوفاء أو علي توقيع الحجز ، بل يقدم في جميع الأحوال حق المقاول من الباطن والعمال علي حق المحال أو المتنازل له ، ويقطع في صحة هذا التفسير أن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني تقول في صدر الفقرة الثالثة من المادة سالفة الذكر: "والفقرة الثالثة تقرر ما جري عليه قضاء محكمة الاستئناف المختلطة .
 
انقضاء المقاوله
يتبين من نص المادة 663 مدني أن لرب العمل أن يتحلل بإرادته المنفردة من عقد المقاولة لأسباب قد تطرأ في الفترة من الزمن التي لابد أن تمضي بين إبرام العقد وإتمام تنفيذه.
فقد يري رب العمل بعد وضع المقاولة موضع التنفيذ أن من الخير له العدول عنها والرجوع في العقد ، وقد تتغير الظروف التي أبرم فيها العقد كأن تكون المقاولة متعلقة ببناء عمارة للاستغلال ، ثم تصدر قوانين تقيد الأجور فتصبح الصفقة غير رابحة ، وقد يكون رب العمل قد اعتمد علي موارد ?دفع منها أجر المقاولة فتتخلف هذه الموارد أو تقتصر عن دفع الأجر ، وقد يصاب رب العمل في أثناء تنفيذ المقاولة بخسارة تجعله عاجزا عن المضي في تمويل المقاولة ، وقد يصبح العمل المطلوب أداؤه غير مجد لرب العمل. فأجاز القانون لسبب من هذه الأسباب أو لأي سبب آخر يبدو وجيها في نظر رب العمل أن يرجع هذا الأخير في العقد ، ويتحلل من المقاولة ، علي أن يعوض المقاول ما تكلفه من نفقات وما فاته من كسب ، وهذا خير له من المضي في العمل إلي نهايته والإنفاق في غير فائدة.
ويبدو لأول وهلة أن النص يقرر مبدأ يخرج به علي القواعد العامة ، إذ رب العمل يتحلل بإرادته وحده من عقد ملزم له ، والقاعدة المقررة هي أن (العقد شريعة المتعاقدين ، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإنفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون) (م 147 / 1 مدني) ، ومن حيث الجزاء علي رجوع رب العمل في العقد ، فإن النص يؤوب في النهاية إلي أنه تطبيق للقواعد العامة بما يساير طبيعة عقد المقاولة بالنسبة إلي المقاول ، أما بالنسبة إلي رب العمل فالأمر يختلف ، فإن هذا له مصلحة محققة في أن يتم العمل وهو من أجل هذا قد أبرم عقد المقاولة ، ومن ثم لم يجز القانون للمقاول أن يرجع في عقد المقاولة بإرادته المنفردة كما أجاز ذلك لرب العمل ، بل جعل لهذا الأخير الحق في إجبار المقاول علي التنفيذ العيني دون أن يقتصر علي التنفيذ بطريق التعويض.
بقي أن الفقرة الثانية من المادة 663 مدني تجيز تخفيض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب ، بل وتوجب إنقاص هذا التعويض بمقدار ما يكون المقاول د اقتصده من جراء عدم إتمام تنفيذ العقد وما يكون قد كسبه باستخدام وقته في أمر آخر. وليس في هذا إلا تطبيق للقواعد العامة. فإنه عند حساب الخسارة التي تحملها المقاول من جراء عدم إتمام تنفيذ المقاولة ، يجب أن يستنزل ما لم يتحمله فعلا عن هذه الخسارة بسبب وقف تنفيذ المقاولة ، وعدم المضي في إنجاز العمل وفي حساب الكسب الذي فات المقاول ، يجب أن يستنزل كذلك ما لم يفته فعلا إذا كان قد استخدم وقته في أمر آخر عليه بكسب معين والذي يقطع في ذلك أن القضاء -في عهد التقنين المدني القديم الذي لم يشتمل علي نص مماثل للفقرة سالفة الذكر- كان يجري هذا الحكم باعتباره مجرد تطبيق للقواعد العامة.
 
 
فما يشترط -إذن- لإمكان التحلل من المقاولة بإرادة منفردة ؟
يتبين من نص المادة 663 مدني أن هناك شروطا أربعة لإمكان التحلل من المقاولة بإرادة منفردة.
الأول : أن يكون العمل محل المقاولة لم يتم ، فإن كان قد تم لم تعد هناك فائدة من إمكان التحلل من عقد المقاولة ، لأن رب العمل -إذ ذاك- يلتزم بدفع الأجر كاملا علي سبيل التعويض ، فأولي أن يدفعه أجرا علي عقد تم تنفيذه ، ويثبت الحق في التحلل من المقاولة منذ إبرام العقد حتى ولو لم يبدأ العمل.
الثاني : أن يكون الطرف الذي يتحلل من العقد هو رب العمل ، فالمقاول ليس له الحق في التحلل من المقاولة بإرادته المنفردة ، بل يبقي ملزما بتنفيذها إلي النهاية ، ويجوز لرب العمل إجباره علي التنفيذ العيني دون أن يقتصر علي مطالبته بالتعويض ، لأن مصلحته في التنفيذ العيني دون التعويض ، وينتقل إلي خلفه العام والخاص.
الثالث : أن يكون تحلل رب العمل من المقاولة راجعا إلي مشيئته هو لا إلي خطأ المقاول ، ذلك أن المقاول إذا ارتكب خطأ ، فسبيل رب العمل ليس التحلل من المقاولة ، بل بطلب فسخها إذا كان هذا الخطأ يبرر الفسخ ، وفي هذه الحالة يكون المقاول هو المسئول عن تعويض رب العمل عن الضرر الذي أصابه بسبب الفسخ ، ولا يرجع المقاول بتعويض كامل علي رب العمل كما كان يرجع لو أن رب العمل تحلل بإرادته المنفردة ، بل يرجع عليه بمبدأ الإثراء بلا سبب.
الرابع : ألا يشترط المقاول علي رب العمل عدم جواز التحلل من العقد ، ذلك لأن حق رب العمل في التحلل من العقد ليس من النظام العام فيجوز الإنفاق علي ما يخالف هذه القاعدة ، كما أنه يجوز الإنفاق علي حق رب العمل في التحلل من المقاولة دون تعويض المقاول أو بتعويضه بقدر ما أثري به علي حسابه.
 
 
يقع التحلل من المقاولة بإخطار رب العمل المقاول برغبته في الرجوع في المقاولة. والتكييف القانوني للتحلل هو أنه تصرف قانوني (إرادة) صادر من جانب واحد. ولم يشترط القانون شكلا خاصا للرجوع ولا ميعادا معينا له ، فوجب القول بأن الرجوع يكون في صورة إخطار يعلن به رب العمل إرادته في التحلل من العقد. وقد يكون الإخطار في ورقة رسمية علي يد محضر ، وقد يكون في كتاب مسجل أو غير مسجل ، وقد يكون شفويا ، ولكن عبء إثبات الإخطار- وهو تصرف قانوني- يقع علي رب العمل ، فإذا كانت المقاولة تزيد علي عشرة جنيهات وجب إثباته بالكتابة أو بما يقوم مقامها ، وإلا جاز الإثبات بالبينة والقرائن. ويجوز الرجوع في أي وقت منذ إبرام المقاولة إلي ما قبل إعذار المقاول لرب العمل بتسلم العمل.
ويتم الرجوع عن المقاولة بمجرد وصول الإخطار إلي علم المقاول ، طبقا للقواعد العامة المقررة في إنتاج الإرادة لأثرها.
 
 
 
النتائج المترتبة علي التحلل من المقاول فإذا وقع لإخطار علي الوجه المتقدم ، ترتيب النتائج التالية:
أولا : ينتهي عقد المقاولة بالرجوع فيه ، فلا يلزم رب العمل بدفع الأجر ، ولا يلزم المقاول بإنجاز العمل.
ثانيا : يلتزم رب العمل بتعويض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات وما أنجزه من الأعمال ، وما يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل ، ومصدر هذا الالتزام هو القانون ، لا عقد المقاولة فقد انتهي.
فيلتزم رب العمل:
(1) بتعويض المقاول عما أنفقه من المصروفات وعما أنجزه من الأعمال ، ويدخل في ذلك أجور العمال والنفقات الفعلية التي صرفها في إنجاز الأعمال والقيمة الفعلية للمواد التي قدمها لاستخدامها في العمل. وعلي المقاول أن يسلم لرب العمل ما أنجز من العمل.
(2) بتعويض المقاول عما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل.
(3) بتعويض المقاول عما عسي أن يكون قد أصابه من ضرر أدبي من جراء منعه من إتمام العمل. ذلك أن المقاول قد تكون له مصلحة أدبية في إتمام العمل ، كأن يكون عملا فنيا يفيد في سمعته (المثال- المؤلف).
ثالثا- أن ما جاءت به الفقرة الثانية من المادة 663 مدني من أحكام ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة ، فقد تقوم ظروف تجعل من العدل تخفيض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب . (1)
وينتهي عقد المقاولة بتأدية كل الالتزامات الناتجة عنه ، بأن تم العمل كله وسلم قبل دفعه ثمنه. ولكن تبقي بعض قبوله حيث يظل المقاول مسئولا عن عيوب عمله ، إما بالتطبيق لقواعد البيع حيث يمكن اعتباره بائعا ، وإما بناء علي النص الوارد في المادة 651 مدني.
وما تقرره المادة 663 مدني هو استثناء من قاعدة أنه لا يجوز فسخ الإنفاق إلا بموافقة طرفيه. ولكن يبرر هذا الاستثناء أن من فسخ العقد ضد إرادته يعوض عن كل الخسارة التي يسببها له عدم تنفيذ العقد.
ويطبق النص سواء أكانت المواد يقدمها رب العمل أم كان المقاول هو الذي يقدمها.
وحق التحلل من العقد هو حق شخصي لا يجوز أن يستعمله دائنو رب العمل ، ولكنه ينتقل إلي الورثة.
ولا تخول المادة حق التحلل للمقاول ، فالمادة صريحة ، والحكم كما تقدم هو حكم استثنائي لا يجوز التوسع فيه.
ويجب علي رب العمل الذي يتحلل من العقد أن يدفع للمقاول جميع ما أنفقه من المصروفات وأن يعوضه عما أنجز من الأعمال وعن الكسب الذي كان يستطيع الحصول عليه لو أنه أتم العمل مع مراعاة ما جاء في الفقرة الثانية من المادة 663 مني .
واقتبس المشرع الفقرة الثانية من المادة 633 من التقنين الألماني (م 649) ، أما الفقرة الأولي فهي تطابق المادة 407/ 495 من التقنين القديم.
ويتضح من هذا النص أن المقاولة عقد غير لازم بالنسبة لرب العمل ، فيجوز له أن يتحلل منه في أي وقت شاء بشرط عدم الإضرار بالمقاول ، وذلك يقتضي تعويضه عن كل ما أنفقه إنجاز ما تم من الأعمال ، علاوة علي ضمان ما فاته من كسب بسبب وقف العمل.
علي أنه ينبغي عدم الإفراط في حساب رب العمل إذا كان قد اضطر إلي وقف العمل تحت ضغط الظروف ، كما أن المقاول لا يستحق من النفقات إلا ما يكون قد صرفه فعلا ، فإن كان قد استحضر بعض المهمات والمواد اللازمة لإتمام العمل دون البعض الآخر ، فلا يستحق إلا قيمة ما اشتراه فعلا ، فإن كان قد استحضر بعض المهمات والمواد بسبب وقف العمل خصم ثمنها من قيمة التعويض ، ومما يدعو إلي التخفيض أيضا تمكن المقاول من استخدام وقته في تنفيذ عمل آخر ، وهذه الأحكام كلها مطابقة للقواعد العامة في تقدير التعويض .
والدائن لا يستطيع أن يطالب بتعويض الأضرار التي كان في استطاعته أن يتوقاها ببذل جهد معقول ، فذلك يفرض عليه التزاما بتخفيف المضار" ووفقا لهذا الالتزام لا يجوز للمقاول أن يمضي في تنفيذ العمل بعد علمه بإصرار رب العمل علي التحلل من العقد وجحوده له ، وذلك إذا كان من شأن هذا الاستمرار أن يزيد فغي الأضرار التي تصيبه ، فإن استمر في التنفيذ رغم ذلك لم يحق له تقاضي تعويض عن هذه الأضرار علي أساس أنه كان في وسعه توقيها  . (1)
ويتبين من نص المادة 663 مدني والنصوص العربية المقابلة أنها تطبيق للقواعد العامة ليس إلا ، وأنها مسايرة لطبيعة عقد المقاولة.
كما يتضح أن لرب العمل الحق في أن يتحلل بإرادته المنفردة من عقد المقاولة لأسباب قد تطرأ في الفترة من الزمن التي لابد أن تمضي بين إبرام العقد وإتمام تنفيذه لأسباب يرب رب العمل ، أو إصابة رب العمل بأضرار من جراء التأخير أو لانتفاء الغرض من الشيء أو العمل محل المقاولة … الخ ، فأجاز القانون في كل من هذه الأسباب أن يرجع عن العقد ، ويتحلل منه علي أن يعوض المقاول ما تكلفه من نفقات وما فاته من كسب ، وهذا خير له من المضي في عمل لا جدوى منه ولا غناء فيه بعد إتمامه.
ويبدو لأول وهلة أن النص يقرر خروجا علي القواعد العامة ، إذ أنه يبيح لأحد طرفي عقد - ملزم للجانبي- أن يتحلل من عقد ملزم له طبقا لقاعدة عامة أصيلة وراسخة هي أن: "العقد شريعة المتعاقدين……الخ" نصت عليها المادة 147 / 1 مدني ، ولكن عندما نتأمل الجزاء المقرر علي رب العمل لقاء تحلله بإرادته المنفردة من هذا العقد ، وهو تعويض المقاول عما تكبده من خسارة وما فاته من كسب ، نري أن ذلك يؤدي إلي أن رب العمل ، وقد أجاز له القانون التحلل من التنفيذ العيني قد ألزمه بالتنفيذ بطريق التعويض ، فهو تعويض كامل بعنصريه: ما تجشمه المقاول من خسارة وما فاته من كسب. هذا ، فضلا عن أنه لا مصلحة في هذه الحالة للمقاول أن يطلب التنفيذ العيني الذي أقفل في وجهه ، بل إنه إذا ثبت أن للمقاول مصلحة أدبية في إتمام المقاولة ، فإن القانون يسمح بتعويضه عنها طبقا للقواعد العامة إذ قد تتأثر سمعة المقاول بهذا التحلل كأن يكون عملا فنيا له قيمته ، فالنص بهذه المثابة يؤول في النهاية إلي أنه تطبيق للقواعد العامة بما يساير طبيعة عقد المقاولة.
ويصل بعض الفقهاء المصريين إلي أن هذه النتيجة ذاتها عن طريق نظرية الجحود المبتسر للعقد.
أما بالنسبة لرب العمل فالأمر يختلف ، فلما كانت له مصلحة محققة في العمل أبرم عقد المقاولة ، ومن ثم لم يجز القانون للمقاول أن يرجع في عقد المقاولة بإرادته ، كما أجاز ذلك لرب العمل ، بل جعل لهذا الأخير الحق في إجبار المقاول علي التنفيذ العيني دون أن يقتصر علي طلب التنفيذ بطريق التعويض.
إن الفقرة الثانية من المادة سالفة البيان- والمواد المقابلة لها في التشريعات العربية- تجيز تخفيض التعويض المستحق بمقدار ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء عدم إتمام التنفيذ وما يكون قد كسبه باستخدام وقته في أمر آخر ، وليس هذا سوي تطبيق للقواعد العامة أيضا.

descriptionعقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها Emptyرد: عقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها

more_horiz
يشترط حتى يستطيع رب العمل ان يتحلل بارادته المنفرده من عقد المقاوله
 
ويشترط- حتى يستطيع رب العمل أن يتحلل بإرادته المنفردة من عقد المقاولة - الشروط الآتية:
(1) ألا يكون العمل محل المقاولة قد تم ، لأنه إذا كان قد تم فلا فائدة من التحلل منه ، ويثبت الحق في التحلل حتى قبل بدء التنفيذ ، فذلك أيسر لرب العمل ، إذ يكون التعويض أقل ، ويبقي الحق قائما حتى إتمام العمل وإعذار رب العمل بتسلمه ، فعندئذ يسقط هذا الحق.
(2) هذا الحق مقرر لرب العمل وحده ، وهو حق شخصي متروك لمحض تقديره فلا يجوز لدائنيه أن يستعملوه ، ولكنه حق ينتقل من رب العمل إلي الخلف الخاص ، والخلف العام ، وإذا تعدد الورثة كان أصحاب الغالبية في العمل (ثلاثة أرباع) أن يستعملوا هذا الحق إذا استندوا إلي أسباب قوية علي أن يعلنوا قرارهم إلي باقي الورثة ، ولمن يخالف ذلك من الأقلية حق الرجوع إلي المحكمة في الوقت المحدد قانونا للتصرف في الملكية الشائعة ، وللمحكمة أن تقدر تبعا للظروف ما إذا كان التحلل من المقاولة واجبا.
وكذلك يجوز للخلف الخاص أن يتحلل من المقاولة. أما إذا باع رب العمل الأرض التي يقام عليها البناء بعقد مقاولة فإن المشتري للأرض لا ينتقل إليه عقد المقاولة إلا إذا اتفق علي ذلك ، وفي حالة الإنفاق عليه جاز للمشتري ما كان للبائع باعتباره رب عمل جديد محل رب العمل القديم.
(3) أن يكون تحلل رب العمل من المقاولة راجعا إلي إرادته هو لا إلي خطأ المقاول ، ذلك أن خطأ المقاول لا يكون سببا للتحلل من العقد ، وإنما يكون سببا لطلب الفسخ. وفي هذه الحالة - إذا توافرت شروطها القانونية- يكون المقاول هو الملتزم بتعويض رب العمل عن الضرر الذي أصابه ولا يرجع المقاول علي رب العمل بالتعويض المقرر في حالة التحلل بل يرجع عليه بمبدأ الإثراء بلا سبب إذا توافرت شروطه. هذا ، بالإضافة إلي حق رب العمل في طلب التنفيذ العيني ، وإصلاح الخطأ إلي جانب التعويض.
(4) ألا يشترط المقاول علي رب العمل عدم جواز التحلل من العقد ، ذلك لأنه حق غير متعلق بالنظام العام ويجوز الاتفاق علي منعه ، بل إنه في هذه الحالة يستطيع المقاول- فضلا عن منع التحلل- أن يلزم رب العمل بالمضي في تنفيذ العقد إلي أن يتم ، إذ قد تكون له مصلحة أدبية في إتمام العمل . (1)
وقد ينتهي عقد المقاولة قبل تنفيذه انتهاء غير مألوف ، ولكنه انتهاء يتفق مع القواعد العامة . وأهم هذه الأسباب هي : استحالة التنفيذ  -والفسخ - والتقابل.
وقد عرض القانون المدني للسبب الأول منها صراحة في المادة 664 مدني ، واكتفي- في السببين الآخرين- بتطبيق القواعد العامة ومع ذلك فليس هذا النص (م 664 مدني) إلا تطبيقا للمبدأ العام في انقضاء الالتزام الذي تقرره المادة 373 مدني . (2)
فإذا أثبت المقاول أن العمل المعهود به إليه قد أصبح مستحيلا لسبب أجنبي انقضى التزام المقاول باستحالة التنفيذ لسبب أجنبي ، وانقضي التزام رب العمل المقابل له وانفسخ عقد المقاولة من تلقاء نفسه
ومتي انتهي عقد المقاولة بالانفساخ علي هذا الوجه استحق المقاول تعويضا لا بموجب المقاولة فقد انتهت ، ولكن بموجب مبدأ الإثراء بلا سبب (يراجع- لاحقا- نص المادة 667 مدني والتعليق عليها .
أما فالانفساخ ينهي العقد قبل تنفيذه ويجوز طلب فسخ المقاولة إذا أخل أحد المتعاقدين بتنفيذ أحد التزاماته ، وفقا للقواعد المقررة في فسخ العقود الملزمة للجانبين. فإذا أخل المقاول بحد التزاماته ، كأن لم ينجز العمل بالطريقة المتفق عليها ، أو التي تقضي بها أصول الصنعة ، أو تأخر في تسلم العمل ، أو ظهر في العمل عيب خفي واجب الضمان ، جاز لرب العمل أن يطلب فسخ العقد ، والمحكمة تقدر هذا الطلب ، فإن أجابته فسخ عقد المقاولة واعتبر كأن لم يكن ، وإذا أخل رب العمل بأحد التزاماته كأن امتنع عن تمكين المقاول من إنجاز العمل أو من نقل العمل وتسلمه أو من دفع الأجر ، جاز للمقاول هو أيضا أن يطلب فسخ العقد.
وقد ينتهي عقد المقاولة قبل تنفيذه بالتقابل ، فيتفق المقاول ورب العمل علي أن يتحلل كل منهما من العقد بإرادتهما المشتركة ، وكما انعقدت المقاولة بتراضي الطرفين فإنها تنتهي كذلك بتراضيهما ، ويغلب أن يسوي المتعاقدان الحساب فيما بينهما باتفاق بضمانه التقابل ، فإذا سكتا عن ذلك فإن المبادئ العامة ، وأخصها مبدأ الإثراء بلا سبب ، تتكفل بتسوية الحساب .
وإذا امتنع التنفيذ حادث مفاجئ ينقضي عقد المقاولة ولا يكون هناك محل للتعويضات ، وإذا كانت الأعمال تستلزم ترخيصا إداريا ، فعدم الترخيص يعتبر استحالة قهرية للتنفيذ ، ونزع ملكية الأرض التي كان يجب أن يقوم عليها العمل يكون سببا لانقضاء العقد.
ووفقا للقواعد العامة لا يترتب علي الحادث المفاجئ انقضاء العقد إذا وقع بسبب خطأ الطرف الذي يحتج به. وقد حكم في فرنسا بأنه ليس للمقاول أن يرفض القيام بالعمل بحجة أنه لم يمنح الترخيص الإداري إذا كان رفض الترخيص سببه أنه طلب الترخيص وإعانة مالية علي ألا يجزأ الطلب .
وقد ينتهي عقد المقاولة قبل تنفيذه ، ولكنه انتهاء يتفق مع القواعد العامة- وأهم أسباب ذلك الانتهاء : استحالة التنفيذ- فسخ العقد- التقابل.
ولم يعرض القانون المدني لهذه الأسباب مكتفيا بتطبيق القواعد العامة ، فيما عدا السبب الأول وهو استحالة التنفيذ ، فقد نص عليه صراحة في القانون.
ومن أمثلة استحالة تنفيذ العقد علي المقاول لسبب أجنبي أن يكون العمل رسما فنيا لا يقوم به إلا هو ثم أصيب بمرض أو حادث أفقده يده التي يرسم بها ، أو عينه التي يبصر بها ، أو كان العمل إجراء عملية جراحية لا تحتمل الإبطاء فأصيب الطبيب بمرض مفاجئ يمنعه من إجرائها ، أو كان العمل إعطاء دروس فمرض المدرس مرضا منعه من إعطائها حتى وقت الامتحان ، أو كان العمل إقامة بناء من نوع معين من مواد البناء يستورد من الخارج فقامت حرب عالمية أو أهلية منعت استيراده ، أو إقامة البناء ليكون جاهزا في تاريخ معين لإقامة معرض ، فقامت أسباب أجنبية يستحل معها علي المقاول إقامته قبل التاريخ المحدد. ففي كل هذه الأمثلة وأشباهها ينقضي التزام المقاول باستحالة التنفيذ لسبب أجنبي ، وينقضي التزام رب العمل المقابل له ، وينفسخ عقد المقاولة.
متي انتهي عقد المقاولة بالانفساخ علي هذا الوجه استحق المقاول تعويضا لا بموجب عقد المقاولة الذي انتهي ولكن بموجب الإثراء بلا سبب . (1)
 وإذا وقع الهلاك بخطأ المقاول- أو ما يعادل الخطأ بأن يعذر رب العمل المقاول أن يسلم الشيء فلا يسلمه - فإن الفقرة الثانية من المـادة 665 مدني تجعـل
الهلاك علي المقاول لأن خطأه هو الذي سبب الهلاك. فإذا كان المقاول هو الذي قدم الخشب أو القماش ، ثم هلك الأثاث بخطئه أو بعد أن أعذر بالتسليم ، فإنه لا يأخذ أجرا علي عمله ولا يسترد نفقاته ، ولا يرجع بقيمة الخشب أو القماش علي رب العمل ، ويدفع تعويضا لرب العمل عما أصابه من الضرر من جراء هذا الخطأ وإذا كان رب العمل هو الذي ورد الخشب أو القماش ، فإن المقاول وقد هلك الشيء بخطئه أو بعد أن أعذر بالتسليم لا يأخذ أجرا علي عمله ولا يسترد نفقاته ، ويرجع فوق ذلك رب العمل عليه بقيمة الخشب أو القماش وبالتعويض عن كل ضرر آخر أصابه من جراء خطأ المقاول .
أما إذا كان الهلاك بخطأ رب العمل- أو ما يعدل الخطأ ، بأن يكون رب العمل قد أعذر ليتسلم الشيء ، فلم يفعل أو كان سبب الهلاك عيبا في المادة التي وردها للمقاول- فإن الفقرة الثالثة من المادة 665 مدني تجعل الهلاك علي رب العمل لأن خطأه هو الذي سبب الهلاك. فإن كان المقاول هو الذي قدم الخشب أو القماش ، ثم هلك الأثاث أو الثوب بخطئه أو بعد أن أعذر بالتسلم ، فإنه يجير علي دفع الأجر كاملا للمقاول كما لو كان قد تسلم الشيء ، ويتحمل هو وحده الخسارة الناجمة عن الهلاك وإذا كان رب العمل هو الذي ورد الخشب أو القماش ، فإنه ، وقد هلك الشيء بخطئه أو بعد أن أعذر بالتسلم أو كان الهلاك بسبب عيب في الخشب أو للقماش الذي ورده ، يتحمل وحده هنا أيضا الخسارة ، ويجب عليه أن يدفع الأجر كاملا للمقاول ، ولا يرجع بشيء عليه من الخشب أو القماش الذي ورده له.
أما إذا كان الشيء لم يسلم إلي رب العمل ولم يعذر المقاول رب العمل أن يتسلمه ، وهلك قبل التسليم بقوة قاهرة أو حادث فجائي أثبته المقاول ، أما إذا حصل الهلاك بعد التسليم أو بعد إعذار رب العمل أن يتسلم ، فالذي يتحمل التبعة هو رب العمل ، سواء كان هو الذي قدم المادة أم كان المقاول هو الذي قدمها. ويجب علي رب العمل أن يدفع الأجر كاملا للمقاول.
 
 
فلو أن المقاول هو الذي قدم الخشب لصنع الأثاث أو القماش لصنع الثوب ، فمادام رب العمل لم يتسلم الأثاث أو الثوب ولم يتقبل العمل ، فإن تبعه الهلاك كلها تقع علي المقاول. فهو لا يأخذ أجر عمله ولا ما أنفقه فيه ، لأن رب العمل لم يفد من هذا العمل شيئا. وهو أيضا يتحمل تبعة هلاك المادة التي قدمها ، فلا يستطيع أن يرجع بقيمة الخشب أو القماش علي رب العمل ، لأنه لم يسلم الشيء إليه.
أمام إذا كان رب العمل هو الذي قدم الخشب لصنع الأثاث أو القماش لصنع الثوب ، فإن تبعة الهلاك تقع علي المقاول أيضا فيما يتعلق بأجر عمله ونفقاته ، ولا يستطيع أن يطالب بها رب العمل ، لأن هذا الأخير لم يفد شيئا من عمل المقاول ، فلا يتحمل لا الأجر ولا النفقات. أما المادة التي قدمها رب العمل من خشب أن قماش فهو الذي يتحمل تبعة هلاكها لأنه يبقي مالكا لها وهي في يد المقاول ، والشيء يهلك علي مالكه كما تقضي القواعد العامة ؟
تلك أحكام تبعة الهلاك بقوة قاهرة أو حادث مفاجئ كما عنتها الفقرة الأولي من المادة 665 مدني .
وأدخل المشرع علي النص المقابل في التقنين القديم تعديلا شكليا يقربه من نصوص التقنيات الحديثة.
وتقرر المادة 665 مدني أن تبعة هلاك العمل مرتبطة بالتسليم ، فالهلاك قبل التسليم علي المقاول ، أما الهلاك للتسليم فيتحمل المالك تبعته ، ويكون للمقاول الحق في طلب أجرته ونفقاته.
ولكن رب العمل يتحمل تبعة الهلاك ، ولو قبل التسليم ، في الحالة التي يعذر فيها أن يتسلم الشيء فلا يسارع إلي تسلمه ، وكذلك في الحالة التي يكون فيها هلاك الشيء راجعا إلي خطأ منه أو إلي عيب في مادة العمل التي قدمها ، وفي هذه الحالات يجوز الحكم علي رب العمل بالتعويض . (1)
ويخلص من نص المادة 666 مدني- والمادة التالية 667 مدني- أن موت المقاول ينهي- في بعض الحالات- عقد المقاولة. أما موت رب العمل فلم تعرض له النصوص.
فبالنسبة لموت رب العمل- تطبق القواعد العامة. ولما كانت شخصية العمل ليست في العادة محل اعتبار في عقد المقاولة ، فإن موت رب العمل لا ينسي المقاولة ، بل يبقي العقد قائما ما بين المقاول وورثة رب العمل وقد حلوا محله ، فيبقي هؤلاء مرتبطين بعد مورثهم ، لهم كل حقوقه وعليهم كل التزاماته ، وذلك دون نظر لما إذا كانت المقاولة مفيدة الورثة فائدتها للمورث ، ودون نظر لما إذا كان الورثة يستنسبون العمل محل المقاولة. فقد يكون هذا العمل بناء عمارة كبيرة ، ولا يرغب ورثة رب العمل في استثمار أموال التركة في مثل هذه العمارة ، أن يؤثرون اقتسام هذه الأموال ، ومع ذلك يبقون ملتزمين بدفع الأجر كاملا للمقاول ، ولهم الحق في أن يطلبوا منه إنجاز العمل وتسليمه وضمانه .
وبديهي أن التزامهم بدفع الأجر للمقاول يكون في حدود أموال التركة ومن هذه الأموال ، ويصبحون بعد إقامة العمارة مالكين لها في الشيوع كل بقدر حصته في التركة .
وإنما يجوز لورثة رب العمل ما كان يجوز لرب العمل نفسه لو أنه كان حيا ، وهو أن يتحللوا من المقاولة قبل إتمامها طبقا لأحكام المادة 663 مدني ، علي أن يدفعوا للمقاول من أموال التركة جميع ما أنفقه من المصروفات وما أنجزه من الأعمال وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل.
أما بالنسبة لموت المقاول- ويلحق به أن يصبح عاجزا عن إتمام العمل لسبب لا يد له فيه ، كأن يصاب بما يجعل تنفيذ العمل مستحيلا عليه (رساما- طبيبا- مهندسا) ، فقد تقدم أن المقاولة تنفسخ كما كانت تنفسخ بموت المقاول ، ويأخذ العجز عن العمل حكم الموت ، ويستوي أن يكون المقاول قد بدأ في تنفيذ العمل ثم أصبح عاجزا ، أو أصبح عاجزا بعد إبرام المقاولة وقبل البدء في تنفيذ العمل.
ويجب التمييز - عند موت المقاول أو عجزه- بين حالتين:
الأولي : أن تكون مؤهلات المقاول الشخصية محل اعتبار في التعاقد.
والثانية : ألا تكون هذه المؤهلات محل اعتبار.
والمقصود بالمؤهلات الشخصية كل صفات المقاول الشخصية التي تكون ذات تأثير في حسن تنفيذ العمل (الكفاية الفنية- الأمانة- حسن المعاملة- التخصص في نوع العمل محل المقاولة- التجربة العملية).
والبت فيما إذا كانت مؤهلات المقاول الشخصية محل اعتبار في التعاقد مسألة واقع لقاضي الموضوع فيها الرأي الأعلى.
علي أنه يستخلص من النصوص أن رجال الفن كالرسامين والنحاتين والموسيقيين والمغنين ، وأصاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء والمحامين والمحاسبين ، كل هؤلاء تعتبر مؤهلاتهم الشخصية محل اعتبار في التعاقد. أما العمال والصناع كالنقاشين والسباكين والنجارين ، فالأصل فيهم أن مؤهلاتهم الشخصية محل اعتبار في التعاقد إلا إذا قام دليل أو عرف يقضي بغير ذلك.
فإذا كانت مؤهلات المقاول الشخصية محل اعتبار في التعاقد ، ومات المقاول فإن عقد المقاولة ينتهي من تلقاء نفسه بحكم القانون بمجرد موت المقاول ، دون حاجة لفسخه من جانب رب العمل ولا من ناحية ورثة المقاول ، ويفهم ذلك بطريق الدلالة العكسية لما نصت عليه المادة 666 مدني.
وإذا أراد الطرفان المضي في التنفيذ ، فلابد من عقد جديد بإيجاب وقبول جديدين بين رب العمل والورثة ، ويكون تاريخ العقد من وقت الاتفاق الجديد لا من وقت المقاولة الأصلية.
وتنفسخ المقاولة بموت المقاول -أو عجزه- سواء أكان هو الذي قدم المادة المستخدمة في العمل أو رب العمل ، وسواء أكانت المقاولة أصلية أم مقاولة من الباطن ، وسواء أكان الأجر جزئيا أم بسعر الوحدة ، وأيا كان محل المقاولة بناء أو إنشاء أو أي شيء آخر.
أما إذا كانت مؤهلات المقاول الشخصية ليست محل اعتبار ، فإنه طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 666 مدني لا ينتهي العقد من تلقاء نفسه ولا يجوز لرب العمل فسخه في غير الحالات التي تطبق فيها المادة 663 من القانون المدني .
ولم يعرض نص المادة 666 مدني- والمادة التالية لها- ولا المواد المقابلة لهما في التشريعات العربية لموت رب العمل ، فلا يبقي إلا تطبيق القواعد العامة ، لأن شخصية رب العمل ليست في العادة محل اعتبار في عقد المقاولة.
ولذلك فإنه لا ينهي عقد المقاولة ، ويحل ورثته محله فيه في كل حقوقه والتزاماته دون ما نظر لما إذا كانت المقاولة ذات فائدة لهم بقدر ما كانت لمورثهم أم لا.
وبديهي أن التزامهم بدفع الأجر للمقاول يكون في حدود أموال التركة ومن هذه الأموال ، وإنما يجوز لهم ما كان لرب العمل نفسه لو كان حيا ، وهو أن يتحللوا من المقاولة قبل إتمامها بالشروط والأوضاع التي كانت لمورثهم ، ويلحق بالوفاء عجز المقاول ، وله حكمها ، ويجب التمييز - في موت المقاول- بين حالتين:
الأولي : أن تكون مؤهلات المقاول الشخصية محل اعتبار في التعاقد ، في هذه الحالة ينقضي العقد.
 
والمقصود بالمؤهلات الشخصية كل الصفات التي تكون ذات تأثير في حسن تنفيذ العمل كسمعة المقاول ، وكفايته الفنية ، وأمانته ، وحسن معاملته ، ومؤهلاته العملية ، وتخصصه في نوع العمل ، ونجاحه فيما قام به من قبل من أعمال تكسبه تجربة لا تتوافر لغيره.
وتوافر هذه الحالة من عدمه مسألة وقاع ، لقاضي الموضوع الرأي الأعلى فيها.
والثانية : ألا تكون مؤهلات المقاول الشخصية محل اعتبار في التعاقد ، ويكون ذلك في المقاولات التي يكون محلها عملا عاديا أو عملا بسيطا في صنعته أو عملا لا يحتاج إلي مهارة فنية خاصة ويستطيع أن يقوم به أي شخص من الحرفة ، سواء أكان العمل كبيرا أم صغيرا ، وفي هذه الحالة يجب التمييز بين حالتين:
(أ) إذا لم تتوافر في ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل ، كأن لا يكون فيهم من يعمل في نفس حرفته ، أو ليس في مثل درجته من المران والكفاية والمستوي ، أو ليس لديهم من الضمانات وغير ذلك مما يبعث الطمأنينة في نفس رب العمل ، وفي هذه الحالة يحكم بفسخ العقد ، وللقاضي تقدير كل حالة يحكم بفسخ العقد ، وللقاضي تقدير كل حالة باعتبارها مسألة واقع.
(ب) إذا توافرت في ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل في هذه الحالة لا يمكن أن يجاب رب العمل ولا ورثة المقاول إلي طلب الفسخ ، بل يكون ورثة المقاول ملزمين بالمضي في تنفيذ العقد ، وتنتقل إليهم التزاماته في حدود التركة ولكن هذا لا يمنع رب العمل من استعمال حقه في التحلل من العقد بإرادته المنفردة .
ويترتب علي فسخ - أو انفساخ- المقاولة ، بموت المقاول ، انقضاء الالتزامات التي كانت قد ترتبت عليها. فإن كانت وفاة المقاول قبل البدء في تنفيذ العمل ، فإن أحدا لا يرجع علي الآخر بشيء ، فإذا كان التنفيذ قد بدأ وتطلب إنفاق مصروفات والقيام بأعمال ، فإن رب العمل يلتزم بأن يدفع التركة أقل القيمتين: قيمة ما أنفقه المقاول في العمل الذي أتمه ، وقيمة ما استفاد به رب العمل من هذا العمل ، وفقا لمبدأ الإثراء بلا سبب.
ويترتب أيضا أنه لو كان رب العمل هو الذي قدم المادة ، ثم انقضت المقاولة بالفسخ أو الانفساخ لموت المقاول فإن مؤدي القواعد العامة أن ملكية المادة تبقي للورثة ، علي حين أن المادة 667 / 2 مدني أجازت لرب العمل في هذه إجبار الورثة علي أن يسلموه المواد التي تم تصنيعها أو التي بدئ في تنفيذها بعد أن يدفع لهم التعويض العادل .
ويقرر التقنين الجديد- كالتقنين القديم- انتهاء المقاولة بموت المقاول أو عجزه عن العمل بسبب لا يد له فيه. ويلتزم رب العمل في هذه الحالة بأن يدفع للمقاول أو للتركة أقل القيمتين: ما أنفقه المقاول في استحضار المهمات والأدوات وتنفيذ ما أنجزه من الأعمال ، أو ما عاد علي رب العمل من نفع من هذه النفقات.
ويزيد التقنين الجديد علي هذه الأحكام حكما جديدا ، مؤداه أنه يجوز لرب العمل في نظير التزامه المتقدم أن يطالب بتسليم المواد التي تم إعدادها والرسوم التي بدئ في تنفيذها ، في مقابل تعويض عادل. فإذا امتنع المقاول أو الورثة عن تسليمه شيئا من ذلك ، كان له بدوره أن يمتنع عن دفع شيء لهم حتى ينفذوا ما هو مطلوب منهم.
علي أن هذه الأحكام لا تسري إلا إذا كانت شخصية المقاول محل عند التعاقد ، كما إذا أبرم العقد مع أحد رجال الفن أو مع أحد المهندسين أو من يمثلهم. وتفترض هذه الصفة أيضا في العقود التي تبرم مع العمال أو الصناع. أما في المقاولات الكبيرة ، فيكون المفروض أن اسم المقاول في السوق ، لا صفاته الشخصية ، هي محل الاعتبار. وفي هذه الحالة لا يتأثر العقد بموت المقاول ، إلا إذا ثبت عدم كفاية ورثته للاستمرار في تنفيذ العمل .
وكل عقد لا ينتهي عقد الوكالة بإفلاس أحد المتعاقدين ، وإنما يمكن الرجوع بتعويضات إذا ترتب علي الإفلاس عدم تنفيذ العقد.
وإذا أفلس المقاول الذي قدم المادة قبل تسلم العمل ، فإن الشيء المصنوع يكون خاضعا لدعوى دائنيه ، لأنه يكون ملكا له ، فلا يستطيع رب العمل المطالبة باستحقاقه إياه ، ولو كان قد دفع مقدما مبلغا علي الحساب ، وحتى لو كان قد دفع كل الثمن .
المستحدث فى قضاء النقض
 
متي كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في خصوص تكييف العلاقة بين الطاعن والمطعون عليهما علي ما قرره وكيل الطاعن أمام مكتب العمل من أنه استغني عن خدماتها بعدم حاجة العمل إليهما ، وعلي أن الفارق الوحيد بين عقدي العمل والمقاولة هو وجود حق الإدارة والإشراف في العقد الأول وانعدامه في الثاني ، وكانت هذه التقريرات التي عول عليها الحكم المطعون فيه ليس فيها ما يكشف عن حقيقة العلاقة القائمة بين الطرفين وأنها علاقة عمل استكملت عناصرها القانونية مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون ، فإنه يكون معيبا بالقصور بما يستوجب نقضه .
( جلسة 31/3/1962- مجموعة المكتب الفني- السنة 13- مدني- 324 )
لا يكفي لاعتبار عامل النول اليدوي مقاولا أن يستغل في بيته علي نول خاص به أو جار بإيجار فإذا ثبت استمرار العلاقة بينه وبين رب العمل بصورة لا يتخللها انقطاع سوي الانقطاع العادي ، كان العقد عقد عمل .
( جلسة 30/6/1959- مجلة القانون والاقتصاد- السنة 10- ص441 )
عرف المشرع المقاولة في نص المادة 646 مدني بأنها: "عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" ، وأورد بالمواد التالية التزامات المقاول وجعل قواعد المسئولية عن تهدم البناء وسلامته شاملة المهندس المعماري والمقاول علي سواء ما لم يقتصر عمل المهندس علي وضع التصميم فلا يكون مسئولا إلا عن العيوب التي أتت منه وبين طريقة تحديد أجر كل منهما بما في ذلك أجر المهندس إذا لم يتم العمل بمقتضى التصميم الذي وضعه ، فإن المستفاد من ذلك ، وعلي ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني في هذا الخصوص- أن المشرع أراد تنظيم عقد المقاولة لتلائم قواعده التطور الذي وصلت إليه أعمال المقاولات في صورها المختلفة ، وأنه إنما أورد للقواعد المتعلقة بالمهندس المعماري ليعتبر عمله بوضع التصميم والمقايسة ومراقبة التنفيذ من نوع الأعمال المادية المقاولات يندرج في صورها ، وأن اختلاط ناحية الفكر بهذه الأعمال لا يمنع من اعتبارها من قبيل الأعمال المادية لا من قبيل التصرفات القانونية فلا يتغير بذلك وصف العقد من المقاولة إلي المقاولة إلي الوكالة مما يوجب تطبيق أحكام المقاولة عليه .
( نقض- جلسة 16/5/1967- مجموعة المكتب الفني- السنة 18- مدني- ص1005)
تعهد المقاول تنفيذ أعمال البناء في الموعد المتفق عليه التزام بتحقيق غاية ، وإثبات رب المكل إخلال المقاول بهذا الالتزام هو إثبات للخطأ الذي تتحقق به المسئولية ، ولا تنتفي مسئولية المقاول بإثبات أنه قد بذل ما في وسعه من جهد لتنفيذ التزامه .
( نقض- جلسة 28/12/1967- المرجع السابق- ص 1916 )
عرفت المادة 646 من القانون المدني المقاولة بأنها عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بأن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر وإذا كان يبين مما تم الاتفاق عليه في العقدين- موضوع الدعويين الأصلية والفرعية- أن الطرفين قد أفرغا فيها جميع عناصر عقد المقاولة ، إذ وقع التراضي بينهما علي الشيء المطلوب من المطعون عليه صنعه ، وهو إقامة المبني والأجر الذي تعهد به الطاعنان بوصفهما رب عمل ، ولم يرد بأي منهما ما يدل علي قيام المطعون عليه بالعمل تحت إشراف الطاعنين ، أو بوصفه تابعا لهما أو نائبا عنهما ، وكان ما تعهد المطعون عليه بالقيام في كلا العقدين لم يتجاوز العمل المادي ، وهو محل المقاولة ، في حين أن محل الوكالة هو دائما تصرف قانوني- علي ما أفصحت عنه المادة 699 من القانون المدني- فإنه لا يصح اعتبار العقدين سالفي الذكر عقدي وكالة ولا يغير من ذلك كون الطرفين يملكان العقار علي الشيوع ، إذ ليس من شأن هذه المشاركة أن تغير من صفة العقدين وأن تضفي علي المطعون عليه صفة الوكيل مع صراحة نصوصها في أن نية الطرفين قد اتجهت إلي إبرام عقدي مقاولة- وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وكيف العقدين بأنهما عقدا وكالة ، وأقام قضاءه في الدعويين الأصلية والفرعية علي هذا الأساس ، فإنه يكون قد خالف القانون واخطأ في تطبيقه .
( جلسة 9/3/1972- المرجع السابق- السنة 23 مدني- ص386 )
متي كان الحكم قد انتهي إلي إخلال الطاعن- رب العمل في عقد المقاولة- بالتزامه من جراء تأخره في الحصول علي رخصة البناء في الوقت المناسب ، فإن إعذاره لا يكون واجبا علي الدائن بعد فوات هذا الوقت ، إذ لا ضرورة للأعذار بنص المادة 220 من القانون المدني إذ أصبح تنفيذ الالتزام غير محدد بفعل المدين- وإذ كان الحكم قد قضي بالتعويض المستحق للمطعون عليه دون أن يرد علي ما تمسك به الطاعن في دفاعه من ضرورة إعذاره في هذه الحالة ، فإنه لا يكون مشوبا بالقصور .
( جلسة 1/6/1922- المرجع السابق- ص1062)
نظم المشرع عقد المقاول بالمادة 646 وما بعدها من القانون المدني ، وأورد بهذه المواد القواعد المتعلقة بالمهندس المعماري باعتبار عمله في وضع التصميم والمقايسة وفي مراقبة التنفيذ من نوع الأعمال المادية للمقاولات يندرج في صورها ، وجعل قواعد المسئولية عن تهدم البناء وسلامته تشمل المهندس المعماري والمقاول علي سواء ما لم يقتصر علي المهندس علي وضع التصميم فلا يكون مسئولا إلا عن العيوب التي أتت منه ، ومن ثم فإن ضمان المهندس المعماري أساسه عقد يبرم بينه وبين رب العمل يستوجب مسئوليته عن أخطاء التصميم أو عيوب التنفيذ .
( جلسة 27/11/1974- المرجع السابق- السنة 24-مدني- ص1146 )
عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته التي لا يدرأها عنه إلا إذا أثبت هو قيام السبب الأجنبي الذي ينتفي به علاقة السببية. فإذا كان يبين من العقد أن المطعون ضده تعهد بتنفيذ جميع أعمال البناء المتفق عليها وتسليم المبني معدا للسكني في الموعد المتفق عليه ، وكان هذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية ، فإنه متي أثبتت الطاعنة إخلاله بهذا الالتزام فمنها تكون قد أثبتت الخطأ الذي تتحقق به مسئوليته ، ولا يجديه في نفي هذا الخطأ أن يثبت هو أنه قد بذل ما في وسعه من جهد لتنفيذ التزامه فلم يستطع مادامت الغاية لم تتحقق؛ ومن ثم فإذا استلزم الحكم المطعون فيه لقيام مسئولية المقاول المطعون ضده ثبوت وقوع خطأ أو إهمال منه في تأخره في تسليم المباني الطاعنة- مع أن هذا التأخير هو الخطأ بذاته- فإن الحكم يكون مخالفا للقانون .
( نقض- جلسة 28/12/1967- مجموعة المكتب الفني- السنة 18- ص1916 )
متى كان الحكم إذ قضي برفض دعوى التعويض التي رفعتها الطاعنة علي المطعون عليهما بسبب تلف أقمشتها عند تبيضها في مصبغتهما ، قد أقام قضاءه علي أن العقد المبرم فيما بينها وبين المطعون عليهما هو عقد استصناع وأن مسئولية هذين الأخيرين عن تبيض أقمشة الطاعنة قد انتفت بتسليمها هذه الأقمشة بغير قيد أو شرط وأنه حتى لو كان قد ظهر فيها تلف نتيجة الصياغة ، فهو عيب خفي ، كان يجب أن ترفع عنه الطاعنة دعوى الضمان- خلال الأجل المقرر- من وقت تحققها منه ، وذلك سواء أكان عقد الاستصناع مختلطا أم ليس مختلطا ببيع ، وكان الحكم قد خلا من بحث ما تمسكت به الطاعنة من أن تسليمها الأقمشة لا يفيد القبول الذي يرفع مسئولية المطعون عليهما لأنها تسلمتها علي دفعات متتالية تشمل كل دفعة أثوابا مغلفة دون فضها في الحال للتحقق من سلامتها كما جري بذلك للعرف الجاري وأنها بادرت بإخبار المطعون عليهما بظهور العيب بها بمجرد ردها من عملائها لوجود احتراق فيها. كذلك لم يبين الحكم ما إذا كان تسلم الطاعنة الأقمشة في الظروف سالفة اذكر فيه معني القبول الذي يرفع مسئولية المطعون عليهما عما يكون قد ظهر فيها من عيب أم غير ذلك ، فضلا عن أنه أجري علي الدعوى حكم المادة 324 من القانون المدني- القديم- الواردة ضمن أحكام العيب الخفي- دون أن يقرر تقريرا مدعما بالأسباب المبررة أن العقد يتضمن البيع علاوة علي أنه عقد استصناع اعتمادا علي ما ذهب إليه خطأ من أن حكم المادة المذكورة ينطبق علي عقد الاستصناع سواء أكان مختلطا أم غير مختلط بالبيع ، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور .
(جلسة 14/12/1950- مجموعة القواعد القانونية - جزء 1 - ص216 )
متي كان الحكم المطعون فيه إذ قضي إقرار فسخ عقد المقاولة أقام قضاءه علي ما ثبت للمحكمة من أن المقاول قد عجز عن السير بالعمل سيرا مرضيا ، فحق الحكومة فسخ العقد استنادا إلي نص صريح فيه يخولها هذا الحق ، فإن هذا الذي استند إليه الحكم يكفي لحمله ولا يضيره ما ورد فيه من تقريرات خاطئة أخرى .
( جلسة 22/4/1954- المرجع السابق- جزء 2- ص857 )
الحكم بفسخ عقد المقاولة ينبني عليه انحلاله واعتباره كأن لم يكن ، ولا يكون رجوع المقاول- الذي أخل بالتزامه- بقيمة ما استحدثه من أعمال إلا استنادا إلي مبدأ الإثراء بلا سبب لا إلي العقد الذي فسخ وأصبح لا يصلح أساسا لتقدير هذه القيمة ، ولما كان مقتضى مبدأ الإثراء وفقا للمادة 179 من القانون المدني ، أن يلتزم المثري بتعويض الدائن عما افتقر به ولكن بقدر ما أثري ، أي أنه يلتزم برد أقل القيمتين الإثراء أو الافتقار ، وكان تقدير قيمة الزيادة في مال المثري بسبب ما استحدث من بناء يكون وقت تحققه أي وقت استحداث البناء ، بينما الوقت الذي يقدر فيه الافتقار هو وقت الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، والتزم في تقدير قيمة ما زاد في مال المطعون عليه- رب العمل- بسبب ما استحدثه الطاعن- المقاول- من أعمال البناء ، الحدود الواردة في عقد المقاولة الذي قضي بفسخه ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
( نقض -جلسة 17/3/1970- المرجع السابق- السنة 21- ص450 )
 
 
متي كان الحكم إذ قضي برفض الدعوى التي أقامها المقاول- الطاعن- بطلب تعويض عن استعمال المطعون عليه أدواته وآلاته بعد سحب العملية منه قد أقام قضاءه علي أن : "المطعون عليه إنما اضطر إلي سحب العملية منه بعد أن تأخر في تنفيذ ما التزم به رغم إنذاره أكثر من مرة بوجوب إنجاز العمل في الميعاد المتفق عليه ورغم إمهاله في ذلك مرارا ، وأنه بعد أن سحب المطعون عليه العملية منه والتمس الطاعن الترخيص له في إتمام العمل في فترة حددها ، قبل المطعون عليه التماسه علي ألا يعد هذا القبول تنازلا منه عن إقرار السحب السابق وأن الطاعن استأنف العمل علي هذا الأساس دون اعتراض من جانبه ، وكان العقد المبرم بين الطرفين قد نص في بند منه علي إقرار السحب السابق وأن الطاعن استأنف العمل علي هذا الأساس دون اعتراض من جانبه ، وكان العقد المبرم بين الطرفين قد نص في بند منه علي أنه في حالة سحب العمل يكون للمطعون عليه الحق في حجز كل أو الآلات والأدوات التي استحضرها الطاعن واستعمالها في إتمام العمل دون أن يكون مسئولا عن دفع أي أجر عنها ، فإن النعي علي الحكم بمخالفته قانون العقد والقصور في التسبيب يكون علي غير أساس .
( نقض- جلسة 5/4/1951- مجموعة القواعد القانونية - ص982 )
متي كان الواقع هو أن الطاعن وفقا لشروط المقاولة التي رسب عليه كان ملزما أن يقوم بحفر مراوي ومصارف في أرض مورث المطعون عليهم تنفيذا لتصميم يسلم إليه وقدرت فيه المكعبات إلي أربعين ألف متر تحت الزيادة والعجز في حدود 10% وأن يكون له أجر قدر بمبلغ معين عن المتر المكعب ، وكان مورث المطعون عليهم قد فسخ عقد المقاولة وأعطاها لمقاول آخر بحجة أن الطاعن تأخر في البدء في العمل ، وكان الحكم الابتدائي قد قضي للطاعن بمبلغ معين مقابل ما ضاع عليه من ربح علي أساس قيمة الفرق بين سعر المتر الذي قبله والسعر الذي ارتضاه المقاول الجديد علي اعتبار أن العملية المتفق عليها كانت تقضي حفر أربعين ألف متر مكعب ، وكان الحكمان الاستئنافيات المطعون فيهما إذ انقصا قيمة المبلغ المحكوم به للطاعن من محكمة أول درجة قد أقاما قضاءهما علي أن ما يستحقه من تعويض عما فاته من الريح يجب أن لا يتعدى فرق السعر عما حفرها فعلا المقاول الجديد استنادا إلي أن عملية هذا الأخير كانت أصلح للأرض وأوفي بالغرض دون أن يبينا الأسباب التي استندا إليها في هذا التقرير ودون أن يبينا وجه تعويض الطاعن علي عدد المكعبات التي قام بحفرها المقاول تنفيذا لتصميم آخر ، وبذلك يكون الحكمان المطعون فيهما قد خرجا عن ظاهرة نصوص عقد المقاولة المبرم بين الطاعن ومورث المطعون عليهم دون أن يبررا هذا للخروج بأسباب مقبولة. أما القول بأن العملية التي قام بها المقاول الجديد علي أساس آخر كانت أصلح وأوفي بالغرض ، هذا القول لا يصح أن يحاج به الطاعن ، ذلك لأن محل الإنفاق بينه وبين مورث المطعون عليهم كان عن أربعين ألف متر مكعب تحت العجز والزيادة في حدود 10% وذلك تنفيذا للتصميم الذي سلم إليه من مورث المطعون عليهم ولا يؤثر علي حقه في التعويض أن يكون المقاول الآخر قد قام بالعمل علي أساس تصميم جديد كان من نتيجته نقص عدد المكعبات التي حفرت ومن ثم يتعين نقض الحكمين في هذا الخصوص لانعدام أساسهما القانوني .
( نقض- جلسة 3/4/1952- مجموعة القواعد القانونية - ص982 )
المسئولية المفترضة لمالك البناء قبل الغير بتعويضه عن الضرر الذي يحثه تهدمه ، لا شأن لها بالمسئولية الفعلية للمقاول الذي أنشأه عن خطأ إقامته دون مراعاة الأصول الفنية في تشييده ، لأن المسئولية المفترضة في جانب المالك ضمانه مقررة لمصلحة الغير تقوم بقيام موجبها علي الدوام وليست رخصة بتحلل بها المقاول الذي أخطأ في تشييده ، بل يظل مسئولا قبل المالك طبقا للضمان المقرر في المادة 651 من القانون المدني ، كما يكون مسئولا عما يحدثه تهدمه بخطئه الفعلي من ضرر للمالك أو غيره ، وللمالك حق الرجوع عليه انتهاء بما يلزم بأدائه من تعويض للغير ابتداء .
 ( نقض ج- جلسة 6/6/1966- مجموعة القواعد القانونية - ص737 )
مؤدي نص المادتين 651 و654 من القانون المدني أن ميعاد سقوط دعاوى ضمان المهندس المعماري والمقاول يبدأ من تاريخ التهدم الفعلي الكلي أو الجزئي في حالة عدم انكشاف العيب الذي أدي إليه ، ومن تاريخ انكشاف العيب دون انتظار إلي تفاقمه حتى يؤدي إلي تهدم المبني ، واضطرار صاحبه إلي هدمه- وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد علم بعيوب المبني من تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة ، ولم يثبت أن عيوبا غير تلك التي كشفها خبير تلك الدعوى أدت إلي اضطراره إلي هدم المبني ، فإن الحكم إذ قضي بعدم قبول الدعوى لمعني أكثر من ثلاث سنوات بين انكشاف السبب ورفع الدعوى لا يكون قد أخطأ ف تطبيق القانون أو شابه القصور في التسبيب ، ولا يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهي إليها الحكم المطعون فيه ما قرره من أنه يشترط لتطبيق المادة 654 من القانون المدني حصول تهدم تلقائي وليس هدما بفعل رب العمل .
( نقض- جلسة 31/5/1973- مجموعة القواعد القانونية - ص853 )
معاد المادتين 651 و654 من القانون المدني أن المشرع ألزم المقاول في المادة 651 من القانون المدني بضمان سلامة البناء من التهدم الكلي أو الجزئي أو العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته ، وحدد لذلك الضمان إذا حدث سببه خلال هذه المدة ، علي أن القانون قد حدد في المادة 654 مدني مدة لتقادم دعوى الضمان المذكور وهي ثلاث سنوات تبدأ من وقت حصول التهدم أو ظهور العيب خلال مدة عشر سنوات من تسلم رب العمل البناء ، إلا أنه يلزم لسماع دعوى الضمان ألا تمضي ثلاث سنوات علي انكشافه أو حصول التهدم ، فإذا انقضت هذه المدة سقطت دعوى الضمان بالتقادم.
من المقرر أن علي صاحب الدفع إثبات دفعه ، ومن ثم علي من يتمسك بالتقادم الثلاثي لدعوى ضمان المقاول لعيوب البناء أن يثبت انكشاف العيب في وقت معين ومضي المدة المذكورة بعدئذ .
( نقض- جلسة 27/11/1973- مجموعة القواعد القانونية - ص1146 )
ضمان المهندس المعماري لتهدم البناء وللعيوب التي تهدد سلامته أساسه المسئولية العقدية المنصوص عليها في المادتين 651 و652 من القانون المدني ، فهو ينشأ عن عقد مقاولة يعهد فيه رب العمل إلي المهندس المعماري القيام بعمل لقاء أجر ، فإذا تخلف عقد المقاولة فلا يلتزم المهندس المعماري قبل رب العمل بهذا الضمان ، وإنما تخضع مسئوليته للقواعد العامة في المسئولية المدنية. وإذ كان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه لا نربطه بالمطعون ضدها الأولي (وهي صاحبة العمل) أية رابطة عقدية ، وأن عمله اقتصر علي حساب تكاليف الإنشاءات الخرسانية كمشورة فنية مجانية قدمها للمرحوم المهندس (…………) بناء علي المعلومات الفنية الخاصة بالتربة التي تلقاها منه ، وأن مهندسا آخر هو الذي قام بوضع التصميم النهائي للبناء ، فإن الحكم المطعون فيه ، وقد انتهي في قضائه إلي أن الطاعن مسئول عن ضمان العيوب التي ظهرت في البناء باعتباره المهندس المعماري الذي قام بوضع التصميم مع ما ذهب في أسبابه من أن المرحوم المهندس (………) مورث المطعون ضدهم الثلاثة الآخرين ، كلف آخر بعمل رسومات (للفيلا) ودون أن يستظهر الحكم العلاقة بين الطاعنين والمطعون ضدها الأولي لتبين ما إذا كانت ناشئة عن عقد مقاولة ، أم عن مجرد مشورة قدمها الطاعن بالمجان عن حساب تكاليف الإنشاءات الخرسانية (للفيلا) ، وذلك تحقيقا لدفاع الطاعن الجوهري الذي إن صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى ، فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه .
( نقض- جلسة 21/5/1975- مجموعة القواعد القانونية - ص 1048 )
لئن كان الأصل أن المقاول الذي يعمل بإشراف رب العمل الذي جعل نفسه مكان المهندس المعماري لا يسأل عن تهدم البناء أو عن العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء ، وسلامته إذا كان ذلك ناشئا عن الخطأ في التصميم الذي وضعه رب العمل ، إلا أن المقاول يشترك في المسئولية مع صاحب العمل إذا كان علي علم بالخطأ في التصميم وأقره ، أو كان ذلك الخطأ من الوضوح بحيث لا يخفي أمره علي المقاول المجرب .
 ( نقض- جلسة 21/4/1965- مجموعة القواعد القانونية - ص 81 )

descriptionعقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها Emptyرد: عقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها

more_horiz
تسلم رب العمل البناء تسلما نهائيا غير مقيد بتحفظ ما من شأنه أن يغطي ما بالمبني من عيوب كانت ظاهرة وقت حصول هذا التسلم أو معروفة لرب العمل ، أما ما عدا ذلك من العيوب مما كان خفيا لم يستطع صاحب البناء كشفه عند تسلمه البناء فإن التسليم لا يغطيه ولا يسقط ضمان المقاول والمهندس عنه؛ فإذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهي إلي أن العيب الموجب لضمان المقاول ناشئ عن خطئه في إرساء الأساسات علي أرض طفلية غير صالحة للتأسيس عليها وعدم النزول بهذه الأساسات إلي الطبقة العملية الصالحة لذلك وأن التسليم لا ينفي ضمان المقاول لهذا العيب ، لأنه لا يكون قد خالف القانون ، لأن هذا العيب يعتبر من غير شك من العيوب الخفية التي لا يغطيها التسليم.
ويكفي لقيام الضمان المقرر في المادة 651 مدني حصول تهدم بالمبني ولو كان ناشئا عن عيب في الأرض ذاتها ، ويحسب الحكم إقامة قضائه بمسئولية المقاول طبقا لهذه المادة علي حدوث هذا التهدم خلال مدة الضمان.
والتدام المقاول والمهندس الوارد في المادة 651 من القانون المدني هو التزام بنتيجة هي بقاء البناء الذي يشيدانه سليما ومنيا لمدة عشر سنوات بعد تسليمه ، ومن ثم يثبت الإخلال الذي يثبت الإخلال بهذا الالتزام بمجرد عدم تحقق تلك النتيجة دون حاجة لإثبات خطأ ما .
( نقض- جلسة 10/6/1965- مجموعة القواعد القانونية - ص736 )
مقتضى ما نصت عليه المادتان 651 و653 من القانون المدني أن كل شرط في عقد الصلح يقصد به إعفاء المهندس والمقاول من ضمان ما لم يكن قد انكشف وقت إبرامه من العيوب التي يشملها الضمان يكون باطلا ولا يعقد به ، إذ لا يجوز نزول رب العمل مقدما وقبل تحقق سبب الضمان عن حقه في الرجوع به.
وإقرار رب العمل في عقد الصلح بتسلمه البناء مقبولا بحالته الظاهرة التي هو عليها ليس من شأنه إعفاء المهندس والمقاول من ضمان العيوب التي كانت خفية وقت التسليم ولم يكن يعلمها رب العمل ، لأن التسليم ولو كان نهائيا لا يغطي إلا العيوب الظاهرة أو الملزمة لرب العمل وقت التسليم .
( نقض- جلسة 13/4/1967- مجموعة القواعد القانونية - ص835 )
الأصل المقرر في القانون أن من يشترك في أعمال الهدم والبناء لا يسأل إلا عن نتائج خطئه الشخصي ، فصاحب البناء لا يعتبر مسئولا جنائيا أو مدنيا عما يصيب الناس من الأضرار الناتجة عن هدم البناء بسبب عدم اتخاذ الاحتياطات المعقولة إلا إذا كان العمل جاريا تحت ملاحظته وإشرافه الخاص ، فإذا تعهد كله أو بعضه إلي مقاول مختص يقوم بمثل هذا العمل عادة تحت مسئوليته فهو الذي يسأل عن نتائج خطئه .
( نقض ج - جلسة 14/11/1968- مجموعة القواعد القانونية - ص904 )
تسلم رب العمل الشيء المصنوع (أثوابا من الأقمشة) علي دفعات متتالية تشمل كل دفعة منها أثوابا مغلفة دون فضها في الحال للتحقق من سلامتها ، هذا التسليم يجب الرجوع فيه إلي العرف التجاري لتبين ما إذا كان يفيد معني القبول الذي يرفع مسئولية الصانع أم لا ، وأن أحكام العيب الخفي التي نص عليها في القانون المدني في باب البيع لا تنطبق في حالة عقد الاستصناع غير المختلط بالبيع وهو العقد الذي يقوم فيه رب العمل بتقديم جميع الأدوات اللازمة .
( نقض- جلسة 14/12/1950- مجموعة القواعد القانونية - ص153 )
مفاد نص المادتين 147/2 و658/4 من القانون المدني أنه إذا حدث بعد صدور العقد حوادث استثنائية عامة يترتب عليها ارتفاع أسعار المواد الأولية أو أجور العمال أو زيادة تكاليف العمل وكان ذلك بسبب حادث استثنائي غير متوقع عند التعاقد وترتب عليه أن أصبح تنفيذ العقد مرهقا ، فإنه يكون القاضي وبصفة خاصة في عقد المقاولة فسخ هذا العقد أو زيادة أجر المقاول المتفق عليه بما يؤدي إلي رد الالتزام المرهق إلي الحد المعقول .
( نقض- جلسة 24/11/1970- مجموعة القواعد القانونية - ص1149 )
إذا كان الحكم لا نهائي إذ قضي بإلزام رب العمل بالتعويض قد أقام قضاءه علي ما اتخذ المقاول أساسا لدعواه من أن رب العمل قد فسخ العقد دون تقصير منه ، إذ هو (المقاول) قد قام بما التزم به من استحضار العمال وأدوات البناء وشيد جزءا من البناء وأن رب العمل امتنع عن تنفيذ ما تعهد به من تقديم مواد البناء ، فضلا علي أنه استغني عن عمله ووكل البناء إلي غيره دون إنذار سابق أو تكليف له بالوفاء ، وكان الحكم الاستثنائي إذ قضي بإلغاء الحكم الابتدائي واقتصر علي القضاء للمقاول بأجر عما أتمه من بناء قد أقام قضاءه علي ما أستخلصه من أن العقد لم يرتب للمقاول في ذمة رب العمل تعويضا إذا امتنع هذا الأخير أو تأخر في تقديم مواد البناء- فإن الحكم الاستثنائي إذ ند عن بحث أساس الدعوى علي هذا النحو ، لم يعن بالرد علي ما أورده الحكم الابتدائي من أسباب ، كان قاصرا قصورا يستوجب نقضه .
( نقض- جلسة 9/11/1950- مجموعة القواعد القانونية - ص300 )
متي كان الواقع هو أن الطاعن وفقا لشروط المقاولة التي رست عليه كان ملزما أن يقوم بحفر مراوي ومصارف في أرض مورث المطعون عليهم تنفيذا لتصميم سلم إليه وقدرت فيه المكعبات الواجب حفرها بأربعة وخمسين ألف متر مكعب ، ونص في الاتفاق المبرم بين الطرفين علي أن الطاعن قابل تخفيض هذه المكعبات إلي أربعين ألف متر تحت الزيادة والعجز في حدود 10% وأن يكون له أجر قدر بمبلغ معين قدر عن المتر المكعب ، وكان مورث المطعون عليهم قد فسخ عقد المقاولة وأعطاها لمقاول آخر بحجة أن الطاعن تأخر في البدء في العمل ، وكان الحكم الابتدائي قد قضي للطاعن بمبلغ مقابل ما ضاع عليه من ربح علي أساس قيمة الفرق بين سعر المتر الذي قبله والسعر الذي ارتضاه المقاول الجديد علي اعتبار أن العملية المتفق عليها كان تقتضي حفر أربعين ألف متر مكعب ، وكان الحكمان الاستئنافيان إذ انقصا قيمة المبلغ المحكوم به للطاعن من محكمة أول درجة قد أقاما قضاءهما علي أن ما يستحقه الطاعن من تعويض عما فاته من الربح يجب أن لا يتعدى فرق السعر عن 21175 مترا مكعبا وهي ما حفرها فعلا المقاول استنادا إلي أن عملية هذا الأخير كانت أصلح للأرض وأوفى بالغرض دون أن يبينا الأسباب التي استندا إليها في هذا التقرير ، ودون أن يبينا قصر تعويض الطاعن علي عدد المكعبات التي قام بحفرها المقاول الجديد تنفيذا لتصميم آخر وبذلك يكون الحكمان المطعون عليهما قد خرجا علي ظاهر نصوص عقد المقاولة المبرم بين الطاعن ومورث المطعون عليهم دون أن يبررا هذا الخروج بأسباب مقبولة ، أما القول بأن العملية التي قام بها المقاول الجديد علي أساس آخر كانت أصلح وأوفى بالغرض ، هذا القول لا يصح أن يحاج به الطاعن ، ذلك لأن محل الاتفاق بينه وبين مورث المطعون عليهم كان عن أربعين ألف متر مكعب تحت العجز والزيادة في حدود 10% وذلك تنفيذا للتصميم الذي سلم إليه من مورث المطعون عليهم ، ولا يؤثر عن حقه في التعويض أن يكون المقاول الآخر قد قام بالعمل علي أساس تصميم جديد كان من نتيجته نقص عدد المكعبات التي حفرت ، ومن ثم يتعين نقص الحكمين في هذا الخصوص لانعدام أساسهما القانوني .
( نقض- جلسة 3/4/1952- مجموعة القواعد القانونية - ص854 )
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد