عقد المقاوله و احكام النقض المرتبطه بها
نصت المادة 646 من القانون المدنى على أنه : المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدى عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر
نصت المادة 647 من القانون المدنى على أنه :
(1) يجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم رب العمل المادة التى يستخدمها أو يستعين بها فى القيام بعمله .
(2) كما يجوز ان يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معاً .
نصت المادة 648 من القانون المدنى على أنه : إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها ، كان مسئولا عن جودتها وعليه ضمانها لرب العمل.
نصت المادة 649 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا كان رب العمل هو الذى قدم المادة ، فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعى أصول الفن فى استخدامه لها وأن يؤدى حساباً لرب العمل عما استعملها فيه ويرد إليه ما بقى منها .
فإذا صار شيء من هذه المادة غير صالح للاستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية ، ألتزم برد قيمة هذا الشيء لرب العمل.
(2) وعلى المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه فى إنجاز العمل من أدوات ومهمات إضافية ويكون ذلك على نفقته . هذا ما لم يقض الاتفاق أو عرف الحرفة بغيره.
نصت المادة 650 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا ثبت أثناء سير العمل أن المقاول يقوم به على وجه معيب أو مناف لعقد ، جاز لرب العمل أن ينذره بأن يعدل من طريقة التنفيذ خلال أجل معقول يعينه له . فإذا انقضى الأجل دون أن يرجع المقاول إلى الطريقة الصحيحة ، جاز لرب العمل أن يطلب إما فسخ العقد وإما أن يعهد إلى مقاول آخر بإنجاز العمل على نفقة المقاول الأول طبقاً لأحكام المادة 209.
(2) على أنه يجوز طلب فسخ العقد فى الحال دون حاجة إلى تعيين أجل إذا كان إصلاح ما فى طريقة التنفيذ من عيب مستحيلا.
نصت المادة 651 من القانون المدنى على أنه :
(1) يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها ، أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ، ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات .
(2) ويشمل الضمان المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ما يوجد فى المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
(3) وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل ولا تسرى هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن .
نصت المادة 652 من القانون المدنى على أنه : إذا أقتصر المهندس المعمارى على وضع التصميمات دون أن يكلف الرقابة على التنفيذ ، لم يكن مسئولا إلا عن العيوب التى أتت من التصميم .
نصت المادة 653 من القانون المدنى على أنه : يكون باطلا كل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعمارى والمقاول من الضمان أو الحد منه .
نصت المادة 654 من القانون المدنى على أنه : تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب .
التزامات رب العمل
نصت المادة 655 من القانون المدنى على أنه : متى أتم المقاول العمل ووضعه تحت تصرف رب العمل ، وجب على هذا أن يبادر إلى تسلمه فى أقرب وقت ممكن بحسب الجاري فى المعاملات ، فإذا أمتنع دون سبب مشروع عن التسليم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي ، أعتبر أن العمل قد سلم إليه .
نصت المادة 656 من القانون المدنى على أنه : يستحق دفع الأجر تسلم العمل ، إلا إذا قضى العرف أو الاتفاق بغير ذلك .
نصت المادة 657 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا أبرم عقد بمقتضى مقايسة على أساس الوحدة وتبين فى أثناء العمل أن من الضروري لتنفيذ التصميم المتفق عليه مجاوزة المقايسة المقدرة مجاوزة محسوسة ، وجب على المقاول أن يخطر فى الحال رب العمل بذلك مبيناً مقدار ما يتوقعه من زيادة فى الثمن ، فإن لم يفعل سقط حقه فى استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات .
(2) فإذا كانت المجاوزة التى يقتضيها تنفيذ التصميم جسيمة جاز لرب العمل ان يتحلل من العقد ويقف التنفيذ على أن يكون ذلك دون إبطاء ، مع إيفاء المقاول قيمة ما أنجزه من الأعمال ، مقدرة وفقاً لشروط العقد ، دون أن يعوضه عما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل .
نصت المادة 658 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا أبرم العقد بأجر إجمالي على أساس تصميم أتفق عليه رب العمل ، فليس للمقاول أن يطلب بأية زيادة فى الأجر ولو حدث فى هذا التصميم تعديل أو إضافة إلا أن يكون ذلك راجعاً إلى خطأ من رب العمل أو يكون مأذوناً به منه وأتفق مع المقاول على أجره .
(2) ويجب أن يحصل هذا الاتفاق كتابة ، إلا إذا كان العقد الأصلى ذاته قد أتفق عليه مشافهة .
(3) وليس للمقاول إذا ارتفعت أسعار المواد الأولية وأجور الأيدي العاملة أو غيرها من التكاليف أن يستند إلى ذلك ليطلب زيادة الأجر ولو بلغ هذا الارتفاع حداً يجعل تنفيذ العقد عسيراً.
(4) على أنه إذا أنهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة لم تكن فى الحسبان وقت التعاقد ، وتداعى بذلك الأساس الذى قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة ، جاز للقاضي أن يحكم بزيادة الأجر أو بفسخ العقد.
نصت المادة 659 من القانون المدنى على أنه : إذا لم يحدد الأجر سلفاً وجب الرجوع فى تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاول .
نصت المادة 660 من القانون المدنى على أنه :
(1) يستحق المهندس المعمارى أجراً مستقلا عن وضع التصميم وعمل المقايسة وأخر عن إدارة الأعمال .
(2) فإن لم يحدد العقد هذه الأجور وجب تقديرها وفقاً للعرف الجاري.
(3) غير أنه إذا لم يتم العمل بمقتضى التصميم الذى وضعه المهندس ، وجب تقدير الأجر بحسب الزمن الذى استغرقه وضع التصميم مع مراعاة طبيعة هذا العمل .
نصت المادة 661 من القانون المدنى على أنه :
(1) يجوز للمقاول أن بكل تنفيذ العمل فى جملته أو فى جزء منه إلى مقاول من الباطن إذا لم يمنعه من ذلك شرط فى العقد أو لم تكن طبيعة العمل تفترض الاعتماد على كفايته الشخصية .
(2) ولكنه يبقى فى هذه الحالة مسئولا عن المقاول من الباطن قبل رب العمل .
نصت المادة 662 من القانون المدنى على أنه :
(1) يكون للمقاولين من الباطن وللعمال الذين يشتغلون لحساب المقاول فى تنفيذ العمل ، حق مطالبة رب العمل مباشرة بما لا يجاوز القدر الذى يكون مديناً به للمقاول الأصلى وقت رفع الدعوى ، ويكون لعمال المقاولين من الباطن مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلى ورب العمل
(2) ولهم فى حالة توقيع الحجز من أحدهم تحت يدرب العمل أو المقاول الأصلى امتياز على المبالغ المستحقة للمقاول الأصلى أو للمقاول من الباطن وقت توقيع الحجز ، ويكون الامتياز لكل منهم بنسبة حقه ، ويجوز أداء هذه المبالغ إليهم مباشرة .
(3) وحقوق المقاولين من الباطن والعمال المقررة بمقتضى هذه المادة مقدمة على حقوق من ينزل له المقاول عن دينه قبل رب العمل .
نصت المادة 663 من القانون المدنى على أنه :
(1) لرب لعمل أن يتحلل من العقد ويقف التنفيذ فى أى وقت قبل إتمامه ، على أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات ، وما أنجزه من الأعمال ، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل .
(2) على أنه يجوز للمحكمة أن تخفض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب إذا كانت الظروف تجعل هذا التخفيض عادلا ، ويتعين عليها بوجه خاص أن تنقص منه ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء تحلل رب العمل من العقد وما يكون قد كسبه باستخدام وقته فى أمر أخر.
نصت المادة 664 من القانون المدنى على أنه : ينقضي عقد المقاولة باستحالة تنفيذ العمل المعقود عليه.
نصت المادة 665 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا هلك الشيء بسبب حادث مفاجئ قبل تسليمه لرب العمل ، فليس للمقاول أن يطالب لا بثمن عمله ولا برد نفقاته ، ويكون هلاك المادة على من قام بتوريدها من الطرفين .
(2) أما إذا كان المقاول قد أعذر أن يسلم الشيء ، أو كان هلاك الشيء أو تلفه قبل التسليم راجعاً إلى خطئه ، وجب عليه أن يعوض رب العمل عما يكون هذا قد ورده من مادة للعمل .
(3) فإذا كان رب العمل هو الذى أعذر أن يتسلم الشيء ، أو كان هلاك الشيء أو تلفه راجعاً إلى خطأ منه أو إلى عيب فى المادة التى قام بتوريدها ، كان هلاك المادة عليه وكان للمقاول الحق فى الأجر وفى التعويض عند الاقتضاء .
نصت المادة 666 من القانون المدنى على أنه : ينقضي عقد المقاولة بموت المقاول إذا كانت مؤهلاته الشخصية محل اعتبار فى التعاقد . فإن لم تكن محل اعتبار فلا ينتهي العقد من تلقاء نفسه ولا يجوز لرب العمل فسخه فى غير الحالات التى تطبق فيها المادة 663 إلا إذا لم تتوافر فى ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل .
نصت المادة 667 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا انقضى العقد بموت المقاول ، وجب على رب العمل أن يدفع للتركة قيمة ما تم من العمال وما أنفق لتنفيذ ما لم يتم ، وذلك بقـدر النفع الذى يعود عليه من هذه الأعمال والنفقات .
(2) ويجوز لرب العمل فى نظير ذلك أن يطالب بتسليم المواد التى تمم إعدادها والرسوم التى بدئ فى تنفيذها ، على أن يدفع عنها تعويضاً عادلاً .
(3) وتسرى هذه الأحكام أيضاً إذا بدأ المقاول فى تنفيذ العمل ثم أصبح عاجزاً عن إتمامه لسبب لا يد له فيه .
المذكره التفسيريه
يعرض المشروع ، علاوة علي الأحكام العامة ، لبعض الصور الخاصة للمقاولة ، فهو بعد أن يعرف عقد المقاولة ويذكر صوره المختلفة ، مبينا أنه قد يرد علي مقاولات صغيرة أو علي مقاولات كبيرة أو علي مقاولات تتعلق بالمرافق العامة ، يعرض للقواعد العامة التي تنطبق علي كل أنواع المقاولات ، ثم يتكلم أخيرا عن بعض القواعد الخاصة بأنواع معينة من المقاولات.
ويلاحظ أنه لم يكن ممكنا أن يوضع إلي جانب الأحكام العامة تنظيم خاص لكل الأشكال العملية لعقد المقاولة.
ولذلك اكتفي المشروع ببعض صوره الجارية ، تاركا للقاضي أمر تطبيقها وضبطها علي الحالات الخاصة ؟ وقد عني المشروع - فيما اعتبره من القواعد العامة ببيان التزامات كل من المقاول ورب العمل وأسباب انتهاء المقاولة ، فاستبقي فيها معظم أحكام التقنين الحالة (الملغي) وأضاف إليها أحكاما جديدة. وفي القواعد الخاصة عني ببعض أنواع المقاولات ، ولاسيما مقاولات المباني ، فأورد بشأنها ما تضمنه التقنين الحالي (الملغي) من مسئولية المهندس المعماري والمقاول بالتضامن عن خلل للبناء في مدة عشرة سنين ، ووضع أحكاما منظمة لهذه المسئولية من حيث شروطها وتوزيعها بين المسئولين وارتفاعها بالقوة القاهرة ، وجواز الإنفاق علي الإعفاء منها ، وسقوطها بالتقادم .
وتطلق الفقرة الأولي من المادة 409/500 من التقنين الحالي فيها عدا ذكر التضامن ، فقد ترك أمره لنص خاص بنظمه تفصيلا (م 897 من المشروع).
أما الفقرة الثانية فهي مقتبسة من التقنين الأسباني (م 1591) والمشروع الفرنسي الإيطالي (م 522 فقرة أولي) والتقنين التونسي (م 867) والتقنين اللبناني (م 668) وبعض التقنيات الأخرى.
والفقرة الثالثة مأخوذة عن المشروع الفرنسي الإيطالي (م 523) وتحديد المدة التي يبقي فيها المقاولون والمهندسون مسئولين عن خلل البناء لعشر سنوات أخذ به التقنين المصري (409/500) جريا علي نسق التقنين للفرنسي (م 1792). وقد أخذ بهذه المدة أيضا التقنين الإيطالي (1639) والتقنين الإسباني (م 1531). أما التقنين البرتغالي (1399) وتقنين الالتزامات السويسري (م 371) والتقنين البرازيلي (م 1245) والتقنين التونسي (م 876) والتقنين اللبناني (م 668) فقد انقضت جميعها المدة خمس سنوات. والتقنين الياباني يجاري أيضا هذه التقنيات الأخيرة ويجعل المدة أساسا خمس سنوات (م 638) ولكنه يرفعها إلي عشر سنوات إذا كان البناء مقاما من الحجر أو الطوب أو المعدن. أما المشروع الحالي فشأنه شأني المشروع الفرنسي الإيطالي يبقي علي مدة العشر السنين احتفاظا بما استقر.
وبعض التقنيات تترك مسئولية المهندس المعماري للقواعد العامة. ولا تقرر مسئولية خاصة إلا للمقاول . (1)
وعلي عكس ذلك توسع بعض التقنيات من دائرة هذه المسئولية الخاصة ، تجعلها شاملة أيضا للمهندس الميكانيكي (تقنين الالتزامات السويسري 371 والتقنين التونسي م876 والتقنين اللبناني م 668). أما المشروع فهو يحافظ علي النطاق التقليدي لهذه المسئولية ، فيجعلها شاملة للمهندس المعماري والمقاول ، ولا يطبقها علي المهندس الميكانيكي إلا إذا قام بوظيفة المهندس المعماري .
اقتبس المشروع الفكرة الأساسية في التمييز الوارد بنص المادة 654عن المشروع الفرنسي الإيطالي م 521 فقرة 2 و522 فقرة أولي (في نهايتها).
وقد ترتب علي عدم وجود نص في التقنين الحالي بطابق الفترة الثانية من هذه المادة ، أن محكمة الاستئناف المختلطة قررت أن دعوى المسئولية قبل المقاول بناء علي نص المادة 500 من التقنين المختلط يجوز رفعها بعد مضي العشر السنين المقررة بالنص ، ولا يسقط الحق في إقامتها إلا بمضي خمس عشرة سنة من يوم وقوع الحادث ويترتب علي ذلك أنه لو حدث الخلل في السنة العاشرة فإن الدعوى تبقي جائزة حنى تمر أربع وعشرون سنة من تاريخ تسلم العمل وقد يكون الداعي إلي تقرير هذا الحل هو الرغبة في ترك وقت كاف لرب العمل الذي يكتشف العيب في آخر لحظة ، حتى ينجح في دعواه قبل المقاول ، علي أن هذه النتيجة تتعارض تماما مع ما رأيناه من ميل التقنيات الحديثة إلي تقصير المدة التي يبقي فيها كل من المقاول والمهندس مسئولا ، ولذلك يكتفي المشروع بتحديد مدة سنتين يجوز رفع الدعوى خلالهما ، وذلك قياسا علي ما قرره المشروع الفرنسي الإيطالي (م522)
ولما كان عقد المقاولة من العقود التي يظهر فيها بالذات فائدة الأخذ بهذه النظرية فقد آثر المشرع أن يقررها صراحة بنص خاص في باب المقاولة. وهو في ذلك يجاري التقنين البولوني (م 269 ، 490 فقرة 2) ، والمعيار الذي يقرره النص "اختلال التوازن الاقتصادي بين الالتزامات اختلالا تاما بسبب حوادث لم تكن منظورة وقت التعاقد ، هو من الدقة بحيث يحد من تدخل القاضي وفي الوقت نفسه من المرونة بحيث يسمح له بمراعاة ظروف كل حالة .
الشرح و التعليق
(1) أن عقد المقاولة عقد رضائي- لا يشترط في انعقاده شكل معين ، وأنه عقد ملزم للجانبين ، ومن عقود المعارضة.
(2) أن التراضي في عقد المقاولة يقع علي عنصرين اثنين: الشيء المطلوب صنعه أو العمل المطلوب تأديته من المقاول وهو أحد المتعاقدين ، والأجر الذي يتعهد به رب العمل وهو المتعاقد الآخر.
(3) أن عقد المقاولة قد انفصل بهذا التعريف عن عقدين آخرين كانا مختلطين به في التقنين المدني الملغي ، ولا يزالون مختلطين به في التقنين المدني الفرنسي ، وهما: عقد الإيجار وعقد العمل.
ويتميز عقد المقاولة عن بعض العقود التي تلتبس به.
فهو يلتبس مع عقد الإيجار في عقد شائع هو عقد المستهلك مع ملتزم المرافق العامة من ماء ونور وغاز ونقل …… الخ. فالعقد الذي يبرمه المستهلك مع شركة المياه مثلا- في نظر الفقه المدني- عقد مقاولة واقع علي ما تقوم به الشركة من عمل في توصيل المياه للمستهلك. أما الفقه الإداري فيذهب إلي أن مركز المستهلك من ملتزم المرفق العام ليست له صفة تعاقدية بل هو مركز قانوني.
ويتميز عقد المقاولة عن عقد العمل وإن كانا يردان علي العمل ، فالمقاول يتحمل للتبعة ولا يتحملها العامل ، والعامل يخضع لتشريعات العمل من حيث ساعات العمل والإجازات والأجر المقدر وإصابات العمل والفصل التعسفي دون المقاول فمعيار الخضوع. لإدارة رب العمل وإشرافه هو المعيار الذي أخذ به للتقنين المدني الجديد في التمييز بين عقد المقاولة وعقد العمل.
ويتميز عقد المقاولة عن الوكالة وإن كان كلاهما يردان علي العمل ، ويؤديه كل منهما لمصلحة الغير ، ولكنها يختلفان في أن العمل في عقد المقاولة هو عمل مادي acte meteiel بينما هو في عقد الوكالة تصرف قانوني acte juridique وينبني علي ذلك أن المقاول وهو يؤدي العمل المادي لمصلحة رب العمل لا ينوب عنه وإنما يعمل استقلالا. أما الوكيل وهو يقوم بالتصرف القانوني لمصلحة موكله يكون نائبا عنه ويمثله في التصرف الذي يقوم به فينصرف أثر هذا التصرف إلي الموكل.
الأهمية العملية للتمييز بين المقاولة والوكالة
والأهمية العملية للتمييز بين المقاولة والوكالة ، تظهر فيما يلي:
(أ) أن المقاولة دائما مأجورة ، ومتي عين الأجر لا يملك القاضي كقاعدة عامة تعديله. أما الوكالة فقد تكون مأجورة أو غير مأجورة ، والأصل فيها أن تكون بغير أجر إلا إذا وجد اتفاق صريح أو ضمني يقضي بأن يكون للوكيل أجر ، وإذا كانت الوكالة مأجورة كان الأجر خاضعا لتقدير القاضي (م 709 مدني).
(ب) أن المقاول لا يخضع لإشراف رب العمل وليس تابعا له ، ومن ثم فلا يكون رب العمل مسئولا عن المقاول مسئولية المتبوع عن التابع أما الوكيل فيعمل في كثير من الأحيان بإشراف الموكل ، وفي هذه الحالة يكون تابعا له ويكون الموكل مسئولا عنه مسئولية المتبوع عن التابع.
(ج) أن التصرفات التي يجريها المقاول لا ينصرف أثرها إلي رب العمل ، أما تصرفات الوكيل فإن أثرها يتصرف مباشرة إلي الموكل ولا شيئا منها يتصرف إلي الوكيل.
(د) أن المقاول مضارب ، وهو معرض للمكسب والخسارة ، وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ العمل فلا شأن لرب العمل بذلك ، ويتحمل المقاول وحده هذا الضرر. أما الوكيل فإنه لا يضارب ولا يعرض نفسه لمكسب أو خسارة. فهو إما أن يقوم بعمله تبرعا وإما أن يأخذ أجرا مناسبا للعمل ، وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ الوكالة فإن الموكل يكون مسئولا عما أصابه من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا (م 711 مدني).
(هـ) المقاولة في الأصل عقد لازم ، أما الوكالة فهي في الأصل عقد غير لازم ، ويجوز عزل الوكيل أو تنحيه في أي وقت.
(و) أن المقاولة لا تنتهي بموت رب العمل أو بموت المقاول إلا إذا كانت شخصيته محل اعتبار ، وتنتهي الوكالة بموت الموكل أو بموت الوكيل.
وقد تلتبس المقاولة بالوكالة وبخاصة في العقود التي تبرم مع أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامي والأستاذ والمحاسب والمهندس ، فالأعمال التي يقوم بها هؤلاء هي أعمال مادية في مجموعها لا تصرفات قانونية ، إذ أن علاج الطبيب للمريض ودفاع المحامي عن الخصم وتعليم الأستاذ تلاميذه ووضع المهندس المعماري للتصميمات والرسوم والمقايسات ، كل هذه أعمال مادية ، وأن أصحابها إذ يقومون بها لمصلحة الغير إنما يربطهم بالغير عقد مقاولة أو عقد عمل وليس عقد وكالة.
فالعقد مع الطبيب هو عقد مقاولة في الغالب إذ هو اتفاق بين الطبيب والمريض علي أن يقوم الأول بعلاج الثاني في مقابل أجر معلوم ، فالعلاج عمل مادي ولا ينفي ماديته أن يكون عملا عقليا ، فهو إذن ليس بتصرف قانوني ، ولكنه مع ذلك التزام يبذل عناية وليس بتحقيق غاية ، وأنه لوحظت فيه شخصية الطبيب ( م 666 مدني) ، وأنه غير لازم لا من جانب المريض ولا من جانب الطبيب فيستطيع كل منهما أن يرجع فيه. فالرأي الغالب في الفقه أن العقد مع الطبيب هو عقد مقاولة ، وإن اعتبرته الأقلية عقدا غير مسمي.
أما العقد مع المحامي فيقع علي خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ، فتقديم المشورة وتحرير المذكرات والمرافعة الشفوية وتحرير العقود والمستندات أعمال مادية تسري عليها أحكام المقاولة ، ورفع الدعاوى والطعون وتوجيه اليمين الحاسمة وردها وعقد الصلح بالمحكمة تصرفات قانونية تسري عليها أحكام الوكالة ، وإذا خضع لإشراف عميله (كشركة أو مؤسسة) يكون العقد الذي ينظم هذه العلاقة عقد عمل ، وإذا تعارضت أحكام الوكالة مع أحكام المقاولة وجب ترجيح العنصر الغالب في أعمال المحامي وهو عنصر للوكالة وإعمال أحكام الوكالة دون أحكام المقاولة ، فأجر المحامي عن أعماله المادية والقانونية مثلا يكون خاضعا لتقدير القاضي كما تقضي أحكام الوكالة (م 709/2 مدني).
وعلي العكس من ذلك العقد مع المهندس المعماري ، فإن هذا العقد يقع هو أيضا علي خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ، فيجمع بين أحكام المقاولة وأحكام الوكالة ، ولكن عنصر المقاولة هو الغالب ، فإذا تعارضت الأحكام وجب تطبيق أحكام المقاولة ، ومن ثم يكون أجر المهندس المعماري هي وضع التصميم والرسوم وعمل المقايسات والإشراف علي التنفيذ ، وقد يقوم ببعض التصرفات القانونية كمحاسبة المقاول وإقرار الحساب ، ودفع ما يستحقه المقاول في ذمة رب العمل وتسلم العمل من المقاول علي أجزاء أو جملة واحدة بعد إنجازه ، ويكون في هذه التصرفات القانونية نائبا عن رب العمل ، ومن ثم تسري أحكام الوكالة.
أما فيما بين المقاولة والبيع ، فإنه قد يقع أن يتعاقد شخص مع تجار علي أن يصنع له أثاثا ويقدم التجار الخشب من عنده وهذا ما يحصل في الغالب ، أو أن يتعاقد شخص مع حائك علي أن يصنع له ثوبا ويقدم الحائك القماش من عنده ، فهل يبقي العقد في هاتين الحالتين وأمثالهما عقد مقاولة ، أم يكون عقد بيع واقع علي شيء مستقبل هو الأثاث بالنسبة إلي النجار ، وللثوب بالنسبة للحائك؟
ذهب رأي- إلي أن العقد مقاولة دائما والمادة المقدمة ليست إلا تابعة للعمل ، وتكون المقاولة في هذه الحالة ملزمة للصانع يصنع الشيء المطلوب فتقع علي العمل ، وهي في الوقت ذاته تقع علي الشيء المصنوع فتقل ملكيته إلي رب العمل ولا تخرج مع ذلك عن نطاق المقاولة.
نقول بأن المقاولة تنقل ملكية الشيء المصنوع إلي رب العمل مع بقائها مقاولة يجعل للمقاولة طبيعة أخرى تختلف تماما عن طبيعتها باعتبارها عقدا يرد علي العمل ولم يقل أحد قبل ذلك إن المقاولة قد ترد علي الملكية فتنقلها ، وهي إذا وردت علي الملكية فنقلتها فذلك إنما يكون إما لأنها اندمجت في عقد آخر أو اختلطت بعقد آخر ، وهذا العقد الآخر الذي نقل الملكية في نظير مقابل لا يمكن إلا أن يكون بيعا إذا كان المقابل نقودا ، أو إلا أن يكون مقايضة إذا كان المقابل غير نقود .
ولكن ليس معني ذلك أن تبقي مقاولة محصنة فيما تناولته المادتان 647/2 و648 مدني ولا يوجد ما يمنع من أن تختلط المقاولة بعقد آخر هو الذي يقع علي المادة دون العمل ، ويصح القول مع ذلك إن المقاول هو الذي قدم المادة ، ويكون له بذلك دوران دور البائع الذي قدم المادة ، ودور المقاول الذي قدم العمل.
وذهب رأي ثان- إلي القول بأن العقد هو بيع شيء مستقبل ، وهذا الرأي لا يدخل في الاعتبار أن المقاول إنما تعاقد أصلا علي العمل ، والمادة إنما جاءت تابعة للعمل. ولو كان المقاول قصد أن يبيع شيئا مصنوعا ، لجان له أن يقدم لرب العمل شيئا يكون قد صنعه قبل العدد ، وهو إذا فعل ، وقبل منه رب العمل ذلك ، فإن ملكية هذا الشيء المصنوع من قبل لا تنتقل بموجب العقد الأصلي ، وإنما تنتقل بموجب عقد جديد يكيف علي أن بيع لا لشيء مستقبل بل لشيء حاضر.
وذهب رأي ثالث- إلي أن العقد يكون مقاولة أو بيعا يحسب نسبة قيمة المادة إلي قيمة العمل. فإن كانت قيمة العمل تفوق كثيرا قيمة المادة فالعقد مقاولة ، أما إذا كانت قيمة المادة تفوق كثيرا قيمة العمل (كما إذا تعهد شخص بتوريد سيارة بعد أن يقوم فيها ببعض إصلاحات طفيفة) فالعقد ببيع ولكن كثيرا ما يقع أن تكون للمادة قيمة محسوسة إلي جانب قيمة العمل حتى لو كانت أقل قيمة منه ، فيصبح العقد في هذه الحالة مزيجا من بيع ومقاولة ، سواء كانت أكبر من قيمة العمل أو أصغر ، ويقع البيع علي المادة وتسري أحكامه فيما يتعلق بها ، وتقع المقاولة علي العمل وينطبق أحكامها عليه.
وتشتبه الوديعة المأجورة بالمقاولة ، إذ المودع عنده في هذه الحالة يقوم بعمل لمصلحة الغير ، هو حفظ الشيء المودع ، لقاء أجر معلوم ، فتقترب الوديعة من المقاولة ، ولكن المودع عنده حتى في الوديعة المأجورة ليس بمضارب ولا ينبغي الكسب من وراء الأجر بخلاف المقاول. علي أن هناك من الودائع المأجورة ما يقرب من المقاولة إلي حد بعيد ، وذلك فيما يدعي بعقود الحفظ contrats de garde المهنية حيث يتخذ الشخص الوديعة المأجورة حرفة له فيكون في هذه الحالة مضاربا يبغي الكسب ، وذلك كالمصرف الذي يؤجر خزانته ليودع العمل فيها أشياءه الثمينة location de coffres forts وكصاحب الجراج العام بالنسبة إلي السيارات التي تودع عنده.
وهناك عقود مقاولة تتضمن الوديعة ، مثل أن يدفع شخص بسيارته إلي جراج لإصلاحها ، فصاحب الجراج في تعهده بإصلاح السيارة يبرم عقد مقاولة ، وهو في نفس الوقت ذاته يحفظ السيارة في الجراج المدة اللازمة لإصلاحها ، فتكون مسئوليته عن سرقة السيارة مسئولية المودع عنده. ومثل ذلك أيضا أن يقدم رب العمل للمقاول المادة التي يستخدمها هذا الأخير في العمل ، فيكون العقد مقاولة بالنسبة إلي العمل ووديعة بالنسبة إلي المادة التي قدمها رب العمل. ويذهب كثير من الأحكام في فرنسا إلي أن عقد الوديعة يجتمع في هذه الحالة مع عقد المقاولة وتسري علي كل منهما أحكامه.
ولكن الصحيح أن العقد هنا هو عقد مقاولة فقط ، وهي بطبيعتها تتضمن التزاما بحفظ الشيء الذي يعمل فيه المقاول بعد تسلمه من رب العمل ، ويكون مسئولا عن ضياعه باعتباره مقاولا باعتباره مودعا عنده ، إذ مسئوليته تنشأ من عقد المقاولة لا من عقد وديعة مقترن بها. وقد نصت المادة 685 مدني صراحة علي هذا الالتزام بالحفظ في عقد العمل ، فأوجبت علي العامل: "……… (ج) أن يحرص علي حفظ الأشياء المسلمة إليه لتأدية عمله……".
ويمكن القول بأن هذا الالتزام موجود أيضا في ذمة المقال إذا ما تسلم شيئا من رب العمل لتأدية عمله. وإنما يوجد عقد الوديعة إذا انتهي المقاول من عمله ودعا رب العمل إلي تسلم الشيء فلم يتسلمه ، وبقي الشيء في حفظ المقاول ، فيكون العقد من ذلك الوقت عقد وديعة ، أو إذا كان العقد هو في الأصل عقد وديعة كوديعة السيارات في جراج عام ويتضمن القيام بأعمال ثانوية لا تحوله إلي مقاولة لتنظيف العربة وغسلها كل يوم.
ويميز الشركة عن المقاولة هو أن الشريك في الشركة تكون عنده نية الاشتراك في نشاط ذي تبعة هي نية تكوين الشركة ، أو إرادة كل شريك بي أن يتعاون مع الشركاء الآخرين في نشاط ينطوي علي قدر من المخاطرة. أما المقاول فليست عنده هذه النية ولا يريد أن يتحمل مع الشركاء تبعة المخاطرة بحيث يساهم في الأرباح وفي الخسارة ، بل هو يقدم عملا معينا ويتقاضى أجره علي هذا العمل.
إن وجود نية تكوين الشركة- ليكون العقد شركة- أو انعدام هذه النية - ليكون العقد مقاولة - مسألة واقع يستقبل بتقديرها قاضي الموضوع.
والعمل الذي يؤديه المقاول يختلف من مقاولة إلي أخرى اختلافا بينا ويتنوع تنوعا كبيرا. ويمكن تقسيم الأعمال التي يؤديها المقاول من نواح مختلفة: من ناحية طبيعة العمل ، ومن ناحية حجمه ، ومن ناحية نوعه.
(أ) فمن ناحية طبيعة العمل- قد يكون العمل غير متصل بشيء معين ، بل هو مجرد عمل مادي (كنقل الأشخاص ، والطبع والنشر والإعلان) أو فتي (كالرسم ، والنحت ، والنقش ، والتصوير ، والتمثيل) ، أو علي (كالمرافعة ، والعلاج ، والمحاسبة) ، أو أدبي (كالتأليف ، والمحاضرة ، والتدريس). وقد يكون العمل متصلا بشيء معين ، وهذا الشيء إما أن يكون غير موجود وقت العقد فيصنعه المقاول بعمل فيه (كبناء يرممه أو يعدل فيه أو بهدمه- وكحوائط يدهنها- وكأثاث يحدده- وكسيارة يصلحها).
(ب) ومن ناحية حجم العمل- فإن المقاولات تتدرج من صغيرة إلي كبيرة كالأمثلة السابقة.
(ج) ومن ناحية جلس العمل- فهناك من المقاولات ما أصبح معروفا باسم خاص لانتشاره ، فهناك مقاولات للبناء 0المعينة أساسا بالقواعد العامة لعقد المقاولة .
نصت المادة 646 من القانون المدنى على أنه : المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدى عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر
نصت المادة 647 من القانون المدنى على أنه :
(1) يجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم رب العمل المادة التى يستخدمها أو يستعين بها فى القيام بعمله .
(2) كما يجوز ان يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معاً .
نصت المادة 648 من القانون المدنى على أنه : إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها ، كان مسئولا عن جودتها وعليه ضمانها لرب العمل.
نصت المادة 649 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا كان رب العمل هو الذى قدم المادة ، فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعى أصول الفن فى استخدامه لها وأن يؤدى حساباً لرب العمل عما استعملها فيه ويرد إليه ما بقى منها .
فإذا صار شيء من هذه المادة غير صالح للاستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية ، ألتزم برد قيمة هذا الشيء لرب العمل.
(2) وعلى المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه فى إنجاز العمل من أدوات ومهمات إضافية ويكون ذلك على نفقته . هذا ما لم يقض الاتفاق أو عرف الحرفة بغيره.
نصت المادة 650 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا ثبت أثناء سير العمل أن المقاول يقوم به على وجه معيب أو مناف لعقد ، جاز لرب العمل أن ينذره بأن يعدل من طريقة التنفيذ خلال أجل معقول يعينه له . فإذا انقضى الأجل دون أن يرجع المقاول إلى الطريقة الصحيحة ، جاز لرب العمل أن يطلب إما فسخ العقد وإما أن يعهد إلى مقاول آخر بإنجاز العمل على نفقة المقاول الأول طبقاً لأحكام المادة 209.
(2) على أنه يجوز طلب فسخ العقد فى الحال دون حاجة إلى تعيين أجل إذا كان إصلاح ما فى طريقة التنفيذ من عيب مستحيلا.
نصت المادة 651 من القانون المدنى على أنه :
(1) يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها ، أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ، ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات .
(2) ويشمل الضمان المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ما يوجد فى المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
(3) وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل ولا تسرى هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن .
نصت المادة 652 من القانون المدنى على أنه : إذا أقتصر المهندس المعمارى على وضع التصميمات دون أن يكلف الرقابة على التنفيذ ، لم يكن مسئولا إلا عن العيوب التى أتت من التصميم .
نصت المادة 653 من القانون المدنى على أنه : يكون باطلا كل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعمارى والمقاول من الضمان أو الحد منه .
نصت المادة 654 من القانون المدنى على أنه : تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب .
التزامات رب العمل
نصت المادة 655 من القانون المدنى على أنه : متى أتم المقاول العمل ووضعه تحت تصرف رب العمل ، وجب على هذا أن يبادر إلى تسلمه فى أقرب وقت ممكن بحسب الجاري فى المعاملات ، فإذا أمتنع دون سبب مشروع عن التسليم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي ، أعتبر أن العمل قد سلم إليه .
نصت المادة 656 من القانون المدنى على أنه : يستحق دفع الأجر تسلم العمل ، إلا إذا قضى العرف أو الاتفاق بغير ذلك .
نصت المادة 657 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا أبرم عقد بمقتضى مقايسة على أساس الوحدة وتبين فى أثناء العمل أن من الضروري لتنفيذ التصميم المتفق عليه مجاوزة المقايسة المقدرة مجاوزة محسوسة ، وجب على المقاول أن يخطر فى الحال رب العمل بذلك مبيناً مقدار ما يتوقعه من زيادة فى الثمن ، فإن لم يفعل سقط حقه فى استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات .
(2) فإذا كانت المجاوزة التى يقتضيها تنفيذ التصميم جسيمة جاز لرب العمل ان يتحلل من العقد ويقف التنفيذ على أن يكون ذلك دون إبطاء ، مع إيفاء المقاول قيمة ما أنجزه من الأعمال ، مقدرة وفقاً لشروط العقد ، دون أن يعوضه عما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل .
نصت المادة 658 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا أبرم العقد بأجر إجمالي على أساس تصميم أتفق عليه رب العمل ، فليس للمقاول أن يطلب بأية زيادة فى الأجر ولو حدث فى هذا التصميم تعديل أو إضافة إلا أن يكون ذلك راجعاً إلى خطأ من رب العمل أو يكون مأذوناً به منه وأتفق مع المقاول على أجره .
(2) ويجب أن يحصل هذا الاتفاق كتابة ، إلا إذا كان العقد الأصلى ذاته قد أتفق عليه مشافهة .
(3) وليس للمقاول إذا ارتفعت أسعار المواد الأولية وأجور الأيدي العاملة أو غيرها من التكاليف أن يستند إلى ذلك ليطلب زيادة الأجر ولو بلغ هذا الارتفاع حداً يجعل تنفيذ العقد عسيراً.
(4) على أنه إذا أنهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة لم تكن فى الحسبان وقت التعاقد ، وتداعى بذلك الأساس الذى قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة ، جاز للقاضي أن يحكم بزيادة الأجر أو بفسخ العقد.
نصت المادة 659 من القانون المدنى على أنه : إذا لم يحدد الأجر سلفاً وجب الرجوع فى تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاول .
نصت المادة 660 من القانون المدنى على أنه :
(1) يستحق المهندس المعمارى أجراً مستقلا عن وضع التصميم وعمل المقايسة وأخر عن إدارة الأعمال .
(2) فإن لم يحدد العقد هذه الأجور وجب تقديرها وفقاً للعرف الجاري.
(3) غير أنه إذا لم يتم العمل بمقتضى التصميم الذى وضعه المهندس ، وجب تقدير الأجر بحسب الزمن الذى استغرقه وضع التصميم مع مراعاة طبيعة هذا العمل .
نصت المادة 661 من القانون المدنى على أنه :
(1) يجوز للمقاول أن بكل تنفيذ العمل فى جملته أو فى جزء منه إلى مقاول من الباطن إذا لم يمنعه من ذلك شرط فى العقد أو لم تكن طبيعة العمل تفترض الاعتماد على كفايته الشخصية .
(2) ولكنه يبقى فى هذه الحالة مسئولا عن المقاول من الباطن قبل رب العمل .
نصت المادة 662 من القانون المدنى على أنه :
(1) يكون للمقاولين من الباطن وللعمال الذين يشتغلون لحساب المقاول فى تنفيذ العمل ، حق مطالبة رب العمل مباشرة بما لا يجاوز القدر الذى يكون مديناً به للمقاول الأصلى وقت رفع الدعوى ، ويكون لعمال المقاولين من الباطن مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلى ورب العمل
(2) ولهم فى حالة توقيع الحجز من أحدهم تحت يدرب العمل أو المقاول الأصلى امتياز على المبالغ المستحقة للمقاول الأصلى أو للمقاول من الباطن وقت توقيع الحجز ، ويكون الامتياز لكل منهم بنسبة حقه ، ويجوز أداء هذه المبالغ إليهم مباشرة .
(3) وحقوق المقاولين من الباطن والعمال المقررة بمقتضى هذه المادة مقدمة على حقوق من ينزل له المقاول عن دينه قبل رب العمل .
نصت المادة 663 من القانون المدنى على أنه :
(1) لرب لعمل أن يتحلل من العقد ويقف التنفيذ فى أى وقت قبل إتمامه ، على أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات ، وما أنجزه من الأعمال ، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل .
(2) على أنه يجوز للمحكمة أن تخفض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب إذا كانت الظروف تجعل هذا التخفيض عادلا ، ويتعين عليها بوجه خاص أن تنقص منه ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء تحلل رب العمل من العقد وما يكون قد كسبه باستخدام وقته فى أمر أخر.
نصت المادة 664 من القانون المدنى على أنه : ينقضي عقد المقاولة باستحالة تنفيذ العمل المعقود عليه.
نصت المادة 665 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا هلك الشيء بسبب حادث مفاجئ قبل تسليمه لرب العمل ، فليس للمقاول أن يطالب لا بثمن عمله ولا برد نفقاته ، ويكون هلاك المادة على من قام بتوريدها من الطرفين .
(2) أما إذا كان المقاول قد أعذر أن يسلم الشيء ، أو كان هلاك الشيء أو تلفه قبل التسليم راجعاً إلى خطئه ، وجب عليه أن يعوض رب العمل عما يكون هذا قد ورده من مادة للعمل .
(3) فإذا كان رب العمل هو الذى أعذر أن يتسلم الشيء ، أو كان هلاك الشيء أو تلفه راجعاً إلى خطأ منه أو إلى عيب فى المادة التى قام بتوريدها ، كان هلاك المادة عليه وكان للمقاول الحق فى الأجر وفى التعويض عند الاقتضاء .
نصت المادة 666 من القانون المدنى على أنه : ينقضي عقد المقاولة بموت المقاول إذا كانت مؤهلاته الشخصية محل اعتبار فى التعاقد . فإن لم تكن محل اعتبار فلا ينتهي العقد من تلقاء نفسه ولا يجوز لرب العمل فسخه فى غير الحالات التى تطبق فيها المادة 663 إلا إذا لم تتوافر فى ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل .
نصت المادة 667 من القانون المدنى على أنه :
(1) إذا انقضى العقد بموت المقاول ، وجب على رب العمل أن يدفع للتركة قيمة ما تم من العمال وما أنفق لتنفيذ ما لم يتم ، وذلك بقـدر النفع الذى يعود عليه من هذه الأعمال والنفقات .
(2) ويجوز لرب العمل فى نظير ذلك أن يطالب بتسليم المواد التى تمم إعدادها والرسوم التى بدئ فى تنفيذها ، على أن يدفع عنها تعويضاً عادلاً .
(3) وتسرى هذه الأحكام أيضاً إذا بدأ المقاول فى تنفيذ العمل ثم أصبح عاجزاً عن إتمامه لسبب لا يد له فيه .
المذكره التفسيريه
يعرض المشروع ، علاوة علي الأحكام العامة ، لبعض الصور الخاصة للمقاولة ، فهو بعد أن يعرف عقد المقاولة ويذكر صوره المختلفة ، مبينا أنه قد يرد علي مقاولات صغيرة أو علي مقاولات كبيرة أو علي مقاولات تتعلق بالمرافق العامة ، يعرض للقواعد العامة التي تنطبق علي كل أنواع المقاولات ، ثم يتكلم أخيرا عن بعض القواعد الخاصة بأنواع معينة من المقاولات.
ويلاحظ أنه لم يكن ممكنا أن يوضع إلي جانب الأحكام العامة تنظيم خاص لكل الأشكال العملية لعقد المقاولة.
ولذلك اكتفي المشروع ببعض صوره الجارية ، تاركا للقاضي أمر تطبيقها وضبطها علي الحالات الخاصة ؟ وقد عني المشروع - فيما اعتبره من القواعد العامة ببيان التزامات كل من المقاول ورب العمل وأسباب انتهاء المقاولة ، فاستبقي فيها معظم أحكام التقنين الحالة (الملغي) وأضاف إليها أحكاما جديدة. وفي القواعد الخاصة عني ببعض أنواع المقاولات ، ولاسيما مقاولات المباني ، فأورد بشأنها ما تضمنه التقنين الحالي (الملغي) من مسئولية المهندس المعماري والمقاول بالتضامن عن خلل للبناء في مدة عشرة سنين ، ووضع أحكاما منظمة لهذه المسئولية من حيث شروطها وتوزيعها بين المسئولين وارتفاعها بالقوة القاهرة ، وجواز الإنفاق علي الإعفاء منها ، وسقوطها بالتقادم .
وتطلق الفقرة الأولي من المادة 409/500 من التقنين الحالي فيها عدا ذكر التضامن ، فقد ترك أمره لنص خاص بنظمه تفصيلا (م 897 من المشروع).
أما الفقرة الثانية فهي مقتبسة من التقنين الأسباني (م 1591) والمشروع الفرنسي الإيطالي (م 522 فقرة أولي) والتقنين التونسي (م 867) والتقنين اللبناني (م 668) وبعض التقنيات الأخرى.
والفقرة الثالثة مأخوذة عن المشروع الفرنسي الإيطالي (م 523) وتحديد المدة التي يبقي فيها المقاولون والمهندسون مسئولين عن خلل البناء لعشر سنوات أخذ به التقنين المصري (409/500) جريا علي نسق التقنين للفرنسي (م 1792). وقد أخذ بهذه المدة أيضا التقنين الإيطالي (1639) والتقنين الإسباني (م 1531). أما التقنين البرتغالي (1399) وتقنين الالتزامات السويسري (م 371) والتقنين البرازيلي (م 1245) والتقنين التونسي (م 876) والتقنين اللبناني (م 668) فقد انقضت جميعها المدة خمس سنوات. والتقنين الياباني يجاري أيضا هذه التقنيات الأخيرة ويجعل المدة أساسا خمس سنوات (م 638) ولكنه يرفعها إلي عشر سنوات إذا كان البناء مقاما من الحجر أو الطوب أو المعدن. أما المشروع الحالي فشأنه شأني المشروع الفرنسي الإيطالي يبقي علي مدة العشر السنين احتفاظا بما استقر.
وبعض التقنيات تترك مسئولية المهندس المعماري للقواعد العامة. ولا تقرر مسئولية خاصة إلا للمقاول . (1)
وعلي عكس ذلك توسع بعض التقنيات من دائرة هذه المسئولية الخاصة ، تجعلها شاملة أيضا للمهندس الميكانيكي (تقنين الالتزامات السويسري 371 والتقنين التونسي م876 والتقنين اللبناني م 668). أما المشروع فهو يحافظ علي النطاق التقليدي لهذه المسئولية ، فيجعلها شاملة للمهندس المعماري والمقاول ، ولا يطبقها علي المهندس الميكانيكي إلا إذا قام بوظيفة المهندس المعماري .
اقتبس المشروع الفكرة الأساسية في التمييز الوارد بنص المادة 654عن المشروع الفرنسي الإيطالي م 521 فقرة 2 و522 فقرة أولي (في نهايتها).
وقد ترتب علي عدم وجود نص في التقنين الحالي بطابق الفترة الثانية من هذه المادة ، أن محكمة الاستئناف المختلطة قررت أن دعوى المسئولية قبل المقاول بناء علي نص المادة 500 من التقنين المختلط يجوز رفعها بعد مضي العشر السنين المقررة بالنص ، ولا يسقط الحق في إقامتها إلا بمضي خمس عشرة سنة من يوم وقوع الحادث ويترتب علي ذلك أنه لو حدث الخلل في السنة العاشرة فإن الدعوى تبقي جائزة حنى تمر أربع وعشرون سنة من تاريخ تسلم العمل وقد يكون الداعي إلي تقرير هذا الحل هو الرغبة في ترك وقت كاف لرب العمل الذي يكتشف العيب في آخر لحظة ، حتى ينجح في دعواه قبل المقاول ، علي أن هذه النتيجة تتعارض تماما مع ما رأيناه من ميل التقنيات الحديثة إلي تقصير المدة التي يبقي فيها كل من المقاول والمهندس مسئولا ، ولذلك يكتفي المشروع بتحديد مدة سنتين يجوز رفع الدعوى خلالهما ، وذلك قياسا علي ما قرره المشروع الفرنسي الإيطالي (م522)
ولما كان عقد المقاولة من العقود التي يظهر فيها بالذات فائدة الأخذ بهذه النظرية فقد آثر المشرع أن يقررها صراحة بنص خاص في باب المقاولة. وهو في ذلك يجاري التقنين البولوني (م 269 ، 490 فقرة 2) ، والمعيار الذي يقرره النص "اختلال التوازن الاقتصادي بين الالتزامات اختلالا تاما بسبب حوادث لم تكن منظورة وقت التعاقد ، هو من الدقة بحيث يحد من تدخل القاضي وفي الوقت نفسه من المرونة بحيث يسمح له بمراعاة ظروف كل حالة .
الشرح و التعليق
(1) أن عقد المقاولة عقد رضائي- لا يشترط في انعقاده شكل معين ، وأنه عقد ملزم للجانبين ، ومن عقود المعارضة.
(2) أن التراضي في عقد المقاولة يقع علي عنصرين اثنين: الشيء المطلوب صنعه أو العمل المطلوب تأديته من المقاول وهو أحد المتعاقدين ، والأجر الذي يتعهد به رب العمل وهو المتعاقد الآخر.
(3) أن عقد المقاولة قد انفصل بهذا التعريف عن عقدين آخرين كانا مختلطين به في التقنين المدني الملغي ، ولا يزالون مختلطين به في التقنين المدني الفرنسي ، وهما: عقد الإيجار وعقد العمل.
ويتميز عقد المقاولة عن بعض العقود التي تلتبس به.
فهو يلتبس مع عقد الإيجار في عقد شائع هو عقد المستهلك مع ملتزم المرافق العامة من ماء ونور وغاز ونقل …… الخ. فالعقد الذي يبرمه المستهلك مع شركة المياه مثلا- في نظر الفقه المدني- عقد مقاولة واقع علي ما تقوم به الشركة من عمل في توصيل المياه للمستهلك. أما الفقه الإداري فيذهب إلي أن مركز المستهلك من ملتزم المرفق العام ليست له صفة تعاقدية بل هو مركز قانوني.
ويتميز عقد المقاولة عن عقد العمل وإن كانا يردان علي العمل ، فالمقاول يتحمل للتبعة ولا يتحملها العامل ، والعامل يخضع لتشريعات العمل من حيث ساعات العمل والإجازات والأجر المقدر وإصابات العمل والفصل التعسفي دون المقاول فمعيار الخضوع. لإدارة رب العمل وإشرافه هو المعيار الذي أخذ به للتقنين المدني الجديد في التمييز بين عقد المقاولة وعقد العمل.
ويتميز عقد المقاولة عن الوكالة وإن كان كلاهما يردان علي العمل ، ويؤديه كل منهما لمصلحة الغير ، ولكنها يختلفان في أن العمل في عقد المقاولة هو عمل مادي acte meteiel بينما هو في عقد الوكالة تصرف قانوني acte juridique وينبني علي ذلك أن المقاول وهو يؤدي العمل المادي لمصلحة رب العمل لا ينوب عنه وإنما يعمل استقلالا. أما الوكيل وهو يقوم بالتصرف القانوني لمصلحة موكله يكون نائبا عنه ويمثله في التصرف الذي يقوم به فينصرف أثر هذا التصرف إلي الموكل.
الأهمية العملية للتمييز بين المقاولة والوكالة
والأهمية العملية للتمييز بين المقاولة والوكالة ، تظهر فيما يلي:
(أ) أن المقاولة دائما مأجورة ، ومتي عين الأجر لا يملك القاضي كقاعدة عامة تعديله. أما الوكالة فقد تكون مأجورة أو غير مأجورة ، والأصل فيها أن تكون بغير أجر إلا إذا وجد اتفاق صريح أو ضمني يقضي بأن يكون للوكيل أجر ، وإذا كانت الوكالة مأجورة كان الأجر خاضعا لتقدير القاضي (م 709 مدني).
(ب) أن المقاول لا يخضع لإشراف رب العمل وليس تابعا له ، ومن ثم فلا يكون رب العمل مسئولا عن المقاول مسئولية المتبوع عن التابع أما الوكيل فيعمل في كثير من الأحيان بإشراف الموكل ، وفي هذه الحالة يكون تابعا له ويكون الموكل مسئولا عنه مسئولية المتبوع عن التابع.
(ج) أن التصرفات التي يجريها المقاول لا ينصرف أثرها إلي رب العمل ، أما تصرفات الوكيل فإن أثرها يتصرف مباشرة إلي الموكل ولا شيئا منها يتصرف إلي الوكيل.
(د) أن المقاول مضارب ، وهو معرض للمكسب والخسارة ، وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ العمل فلا شأن لرب العمل بذلك ، ويتحمل المقاول وحده هذا الضرر. أما الوكيل فإنه لا يضارب ولا يعرض نفسه لمكسب أو خسارة. فهو إما أن يقوم بعمله تبرعا وإما أن يأخذ أجرا مناسبا للعمل ، وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ الوكالة فإن الموكل يكون مسئولا عما أصابه من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا (م 711 مدني).
(هـ) المقاولة في الأصل عقد لازم ، أما الوكالة فهي في الأصل عقد غير لازم ، ويجوز عزل الوكيل أو تنحيه في أي وقت.
(و) أن المقاولة لا تنتهي بموت رب العمل أو بموت المقاول إلا إذا كانت شخصيته محل اعتبار ، وتنتهي الوكالة بموت الموكل أو بموت الوكيل.
وقد تلتبس المقاولة بالوكالة وبخاصة في العقود التي تبرم مع أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامي والأستاذ والمحاسب والمهندس ، فالأعمال التي يقوم بها هؤلاء هي أعمال مادية في مجموعها لا تصرفات قانونية ، إذ أن علاج الطبيب للمريض ودفاع المحامي عن الخصم وتعليم الأستاذ تلاميذه ووضع المهندس المعماري للتصميمات والرسوم والمقايسات ، كل هذه أعمال مادية ، وأن أصحابها إذ يقومون بها لمصلحة الغير إنما يربطهم بالغير عقد مقاولة أو عقد عمل وليس عقد وكالة.
فالعقد مع الطبيب هو عقد مقاولة في الغالب إذ هو اتفاق بين الطبيب والمريض علي أن يقوم الأول بعلاج الثاني في مقابل أجر معلوم ، فالعلاج عمل مادي ولا ينفي ماديته أن يكون عملا عقليا ، فهو إذن ليس بتصرف قانوني ، ولكنه مع ذلك التزام يبذل عناية وليس بتحقيق غاية ، وأنه لوحظت فيه شخصية الطبيب ( م 666 مدني) ، وأنه غير لازم لا من جانب المريض ولا من جانب الطبيب فيستطيع كل منهما أن يرجع فيه. فالرأي الغالب في الفقه أن العقد مع الطبيب هو عقد مقاولة ، وإن اعتبرته الأقلية عقدا غير مسمي.
أما العقد مع المحامي فيقع علي خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ، فتقديم المشورة وتحرير المذكرات والمرافعة الشفوية وتحرير العقود والمستندات أعمال مادية تسري عليها أحكام المقاولة ، ورفع الدعاوى والطعون وتوجيه اليمين الحاسمة وردها وعقد الصلح بالمحكمة تصرفات قانونية تسري عليها أحكام الوكالة ، وإذا خضع لإشراف عميله (كشركة أو مؤسسة) يكون العقد الذي ينظم هذه العلاقة عقد عمل ، وإذا تعارضت أحكام الوكالة مع أحكام المقاولة وجب ترجيح العنصر الغالب في أعمال المحامي وهو عنصر للوكالة وإعمال أحكام الوكالة دون أحكام المقاولة ، فأجر المحامي عن أعماله المادية والقانونية مثلا يكون خاضعا لتقدير القاضي كما تقضي أحكام الوكالة (م 709/2 مدني).
وعلي العكس من ذلك العقد مع المهندس المعماري ، فإن هذا العقد يقع هو أيضا علي خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ، فيجمع بين أحكام المقاولة وأحكام الوكالة ، ولكن عنصر المقاولة هو الغالب ، فإذا تعارضت الأحكام وجب تطبيق أحكام المقاولة ، ومن ثم يكون أجر المهندس المعماري هي وضع التصميم والرسوم وعمل المقايسات والإشراف علي التنفيذ ، وقد يقوم ببعض التصرفات القانونية كمحاسبة المقاول وإقرار الحساب ، ودفع ما يستحقه المقاول في ذمة رب العمل وتسلم العمل من المقاول علي أجزاء أو جملة واحدة بعد إنجازه ، ويكون في هذه التصرفات القانونية نائبا عن رب العمل ، ومن ثم تسري أحكام الوكالة.
أما فيما بين المقاولة والبيع ، فإنه قد يقع أن يتعاقد شخص مع تجار علي أن يصنع له أثاثا ويقدم التجار الخشب من عنده وهذا ما يحصل في الغالب ، أو أن يتعاقد شخص مع حائك علي أن يصنع له ثوبا ويقدم الحائك القماش من عنده ، فهل يبقي العقد في هاتين الحالتين وأمثالهما عقد مقاولة ، أم يكون عقد بيع واقع علي شيء مستقبل هو الأثاث بالنسبة إلي النجار ، وللثوب بالنسبة للحائك؟
ذهب رأي- إلي أن العقد مقاولة دائما والمادة المقدمة ليست إلا تابعة للعمل ، وتكون المقاولة في هذه الحالة ملزمة للصانع يصنع الشيء المطلوب فتقع علي العمل ، وهي في الوقت ذاته تقع علي الشيء المصنوع فتقل ملكيته إلي رب العمل ولا تخرج مع ذلك عن نطاق المقاولة.
نقول بأن المقاولة تنقل ملكية الشيء المصنوع إلي رب العمل مع بقائها مقاولة يجعل للمقاولة طبيعة أخرى تختلف تماما عن طبيعتها باعتبارها عقدا يرد علي العمل ولم يقل أحد قبل ذلك إن المقاولة قد ترد علي الملكية فتنقلها ، وهي إذا وردت علي الملكية فنقلتها فذلك إنما يكون إما لأنها اندمجت في عقد آخر أو اختلطت بعقد آخر ، وهذا العقد الآخر الذي نقل الملكية في نظير مقابل لا يمكن إلا أن يكون بيعا إذا كان المقابل نقودا ، أو إلا أن يكون مقايضة إذا كان المقابل غير نقود .
ولكن ليس معني ذلك أن تبقي مقاولة محصنة فيما تناولته المادتان 647/2 و648 مدني ولا يوجد ما يمنع من أن تختلط المقاولة بعقد آخر هو الذي يقع علي المادة دون العمل ، ويصح القول مع ذلك إن المقاول هو الذي قدم المادة ، ويكون له بذلك دوران دور البائع الذي قدم المادة ، ودور المقاول الذي قدم العمل.
وذهب رأي ثان- إلي القول بأن العقد هو بيع شيء مستقبل ، وهذا الرأي لا يدخل في الاعتبار أن المقاول إنما تعاقد أصلا علي العمل ، والمادة إنما جاءت تابعة للعمل. ولو كان المقاول قصد أن يبيع شيئا مصنوعا ، لجان له أن يقدم لرب العمل شيئا يكون قد صنعه قبل العدد ، وهو إذا فعل ، وقبل منه رب العمل ذلك ، فإن ملكية هذا الشيء المصنوع من قبل لا تنتقل بموجب العقد الأصلي ، وإنما تنتقل بموجب عقد جديد يكيف علي أن بيع لا لشيء مستقبل بل لشيء حاضر.
وذهب رأي ثالث- إلي أن العقد يكون مقاولة أو بيعا يحسب نسبة قيمة المادة إلي قيمة العمل. فإن كانت قيمة العمل تفوق كثيرا قيمة المادة فالعقد مقاولة ، أما إذا كانت قيمة المادة تفوق كثيرا قيمة العمل (كما إذا تعهد شخص بتوريد سيارة بعد أن يقوم فيها ببعض إصلاحات طفيفة) فالعقد ببيع ولكن كثيرا ما يقع أن تكون للمادة قيمة محسوسة إلي جانب قيمة العمل حتى لو كانت أقل قيمة منه ، فيصبح العقد في هذه الحالة مزيجا من بيع ومقاولة ، سواء كانت أكبر من قيمة العمل أو أصغر ، ويقع البيع علي المادة وتسري أحكامه فيما يتعلق بها ، وتقع المقاولة علي العمل وينطبق أحكامها عليه.
وتشتبه الوديعة المأجورة بالمقاولة ، إذ المودع عنده في هذه الحالة يقوم بعمل لمصلحة الغير ، هو حفظ الشيء المودع ، لقاء أجر معلوم ، فتقترب الوديعة من المقاولة ، ولكن المودع عنده حتى في الوديعة المأجورة ليس بمضارب ولا ينبغي الكسب من وراء الأجر بخلاف المقاول. علي أن هناك من الودائع المأجورة ما يقرب من المقاولة إلي حد بعيد ، وذلك فيما يدعي بعقود الحفظ contrats de garde المهنية حيث يتخذ الشخص الوديعة المأجورة حرفة له فيكون في هذه الحالة مضاربا يبغي الكسب ، وذلك كالمصرف الذي يؤجر خزانته ليودع العمل فيها أشياءه الثمينة location de coffres forts وكصاحب الجراج العام بالنسبة إلي السيارات التي تودع عنده.
وهناك عقود مقاولة تتضمن الوديعة ، مثل أن يدفع شخص بسيارته إلي جراج لإصلاحها ، فصاحب الجراج في تعهده بإصلاح السيارة يبرم عقد مقاولة ، وهو في نفس الوقت ذاته يحفظ السيارة في الجراج المدة اللازمة لإصلاحها ، فتكون مسئوليته عن سرقة السيارة مسئولية المودع عنده. ومثل ذلك أيضا أن يقدم رب العمل للمقاول المادة التي يستخدمها هذا الأخير في العمل ، فيكون العقد مقاولة بالنسبة إلي العمل ووديعة بالنسبة إلي المادة التي قدمها رب العمل. ويذهب كثير من الأحكام في فرنسا إلي أن عقد الوديعة يجتمع في هذه الحالة مع عقد المقاولة وتسري علي كل منهما أحكامه.
ولكن الصحيح أن العقد هنا هو عقد مقاولة فقط ، وهي بطبيعتها تتضمن التزاما بحفظ الشيء الذي يعمل فيه المقاول بعد تسلمه من رب العمل ، ويكون مسئولا عن ضياعه باعتباره مقاولا باعتباره مودعا عنده ، إذ مسئوليته تنشأ من عقد المقاولة لا من عقد وديعة مقترن بها. وقد نصت المادة 685 مدني صراحة علي هذا الالتزام بالحفظ في عقد العمل ، فأوجبت علي العامل: "……… (ج) أن يحرص علي حفظ الأشياء المسلمة إليه لتأدية عمله……".
ويمكن القول بأن هذا الالتزام موجود أيضا في ذمة المقال إذا ما تسلم شيئا من رب العمل لتأدية عمله. وإنما يوجد عقد الوديعة إذا انتهي المقاول من عمله ودعا رب العمل إلي تسلم الشيء فلم يتسلمه ، وبقي الشيء في حفظ المقاول ، فيكون العقد من ذلك الوقت عقد وديعة ، أو إذا كان العقد هو في الأصل عقد وديعة كوديعة السيارات في جراج عام ويتضمن القيام بأعمال ثانوية لا تحوله إلي مقاولة لتنظيف العربة وغسلها كل يوم.
ويميز الشركة عن المقاولة هو أن الشريك في الشركة تكون عنده نية الاشتراك في نشاط ذي تبعة هي نية تكوين الشركة ، أو إرادة كل شريك بي أن يتعاون مع الشركاء الآخرين في نشاط ينطوي علي قدر من المخاطرة. أما المقاول فليست عنده هذه النية ولا يريد أن يتحمل مع الشركاء تبعة المخاطرة بحيث يساهم في الأرباح وفي الخسارة ، بل هو يقدم عملا معينا ويتقاضى أجره علي هذا العمل.
إن وجود نية تكوين الشركة- ليكون العقد شركة- أو انعدام هذه النية - ليكون العقد مقاولة - مسألة واقع يستقبل بتقديرها قاضي الموضوع.
والعمل الذي يؤديه المقاول يختلف من مقاولة إلي أخرى اختلافا بينا ويتنوع تنوعا كبيرا. ويمكن تقسيم الأعمال التي يؤديها المقاول من نواح مختلفة: من ناحية طبيعة العمل ، ومن ناحية حجمه ، ومن ناحية نوعه.
(أ) فمن ناحية طبيعة العمل- قد يكون العمل غير متصل بشيء معين ، بل هو مجرد عمل مادي (كنقل الأشخاص ، والطبع والنشر والإعلان) أو فتي (كالرسم ، والنحت ، والنقش ، والتصوير ، والتمثيل) ، أو علي (كالمرافعة ، والعلاج ، والمحاسبة) ، أو أدبي (كالتأليف ، والمحاضرة ، والتدريس). وقد يكون العمل متصلا بشيء معين ، وهذا الشيء إما أن يكون غير موجود وقت العقد فيصنعه المقاول بعمل فيه (كبناء يرممه أو يعدل فيه أو بهدمه- وكحوائط يدهنها- وكأثاث يحدده- وكسيارة يصلحها).
(ب) ومن ناحية حجم العمل- فإن المقاولات تتدرج من صغيرة إلي كبيرة كالأمثلة السابقة.
(ج) ومن ناحية جلس العمل- فهناك من المقاولات ما أصبح معروفا باسم خاص لانتشاره ، فهناك مقاولات للبناء 0المعينة أساسا بالقواعد العامة لعقد المقاولة .