الخطأ الإيجابى والخطأ السلبى :
من المتفق عليه أنه يستوى فى قيام الخطأ التقصيرى أن يبدو انحراف المسئول فى صورة فعل فيكون خطؤه ايجابيا ، أو فى صورة امتناع فيكون خطؤه سلبيا . وقد أثار مدى اعتبار مجرد الامتناع خطأ التقصيرى فى صورة الامتناع بالفعل أى الامتناع المتزن بالفعل كامتناع سائق السيارة عن تهدئة السرعة عند الزحام أو امتناع السكك الحديدية عن اتخاذ ما يلزم لتنبيه المارة أمام المزلقانات عند مرور القطارات ، فإن الشك قد ثار حول صورة الامتناع البحت كامتناع الخادم عن أخبار سيدة بما علمه عن محاولات اغتياله ، أو امتناع الطبيب عن انقاذ مريض أو مصاب فقد ذهب البعض إلى انتفاء المسئولية فى هذه الصورة لانتفاء رابطة السببية . ولكن يمكن القول بأن لا شبهة فى توافر الخطأ التقصيرى فى صورة الامتناع  البحت إذا وقع بقصد الاضرار لأن القاعدة أن العمد يكفى لاقامة المسئولية عن التعويض .
أما عند تتلف قصد الاضرار فقد ذهب البعض إلى عدم توافر الخطأ التقصيرى إلا إذا فى حالة وجود التزام قانونى بالعمل محل الامتناع وإن كان يلزم لتوافر الالتزام القانونى وجود نص بل يكفى أن يستند هذا الالتزام إلى آداب المجتمع وعادات الأشخاص الأمناء فيه .. وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية فى حكم لها صدر عام 1951 إنه يشترط لشكل الامتناع خطأ تقصيريا أن يكون الفعل محل الامتناع واجبا بموجب نص قانونى أو لائحى أو عقدى أو قواعد المهنة . ولكن الصحيح أن الامتناع كالفعل يجوز اعتباره خطأ تقصيريا حتى كان يعد انحرافا عن المسلك المألوف للرجل العادى فى مثل الظروف الظاهرة . ومن أبرز التطبيقات التى يثار فيها هذا البحث صورة الامتناع عن نجدة أو اغاثة حيث يمكن توافر الخطأ إذا أحاطت بالامتناع ظروف تجعل الرجل العادى لا يتردد فى القيام بالفعل ويكون ذلك بالمقارنة من جسامة الخطر المحدق بالمحتاج إلى النجدة أو الاغاثة وجسامة الخطر الذى قد يتعرض له الممتنع ، وصورة امتناع الطبيب عن العلاج أو الاسعاف يتوافر فيها الخطأ عند عدم وجود طبيب آخر أو من نفس التخصيص أو كانت الحالة لا تسمح باللجوء إلى غيره ، وصورة الامتناع عن الافضاء بمعلومات تجنب كارثة ويتوافر فيها الخطأ إذا كان الرجل العادى فى مثل ظروف المسئول لا يتردد فى الافضاء بالمعلومات وقاية لذوى الشأن من أخطار جسيمة تهدد نفسه أو ماله لا يقاس بجانبها ما قد يقترن بالافضاء عن مشقة . (يراجع فى تفصيل ذلك كله جمال زكى فى الوجيز فى الالتزامات بند 247 – وأنظر مرقص بند 102 – ومحمد صلاح الدين حلمى فى رسالته ص260 وما بعدها ). وبأن " امتناع الموظف عن تنفيذ واجبات وظيفته يعتبر خطأ يترتب عليه مسئولية إذا ما ألحق ذلك ضررا بالغير " ( 3/1/1967 – م نقض م –18 –11 ) وبأن " المسئولية التقصيرية تقع على المتسبب بذات الفعل أو الترك الضار سواء كان متعمدا أم مقصرا وسواء كان حسن القصد أو سيئه "  (16/12/1937 م ق م –4 –966).
وعلى ذلك إذا أمتنع الطبيب عن أداء عمله وعرض حياة المريض للخطر وأدى ذلك للمضاعفات كثيرة فإن امتناعه هذا يوجب التعويض للمضرور .