الخطأ الجنائى والخطأ المدنى
          الخطأ الجنائى هو الاخلال بواجب قانونى يكفله القوانين العقابية بنص خاص ، أما الخطأ المدنى فهو الاخلال بأى واجب قانونى ولو لم تكفله تلك القوانين ، ومن ثم فهو أوسع دائرة من الخطأ الجنائى ولذلك فإن الخطأ الجنائى يشكل دائما خطأ مدنيا ، أما الخطأ المدنى فقد يتوافر دون أن يشكل خطئا جنائيا وتجد هذه التفرقة أثرها فى حجية الحكم الجنائى امام القضاء المدنى فإذا قضى بالإدانة كان الحكم حجة على وقوع الفعل الضار أما إذا قضى بالبراءة على أساس عدم توافر الخطأ الجنائى فإن ذلك لا ينفى إمكان اعتبار الفعل خطأ مدنيا . ( راجع فى استعراض التمييز بين المسئولية المدنية والمسئولية الجنائية محمد صلاح الدين حلمى  فى رسالته ص 21 وما بعدها ).
وقد قضت محكمة النقض بأن :لا يمتنع على المحكمة المدنية البحث فيما إذا كان الفعل مع تجرده من صفة الجريمة يعتبر إهمالا جسيما ، إذ يجوز أن يكون هناك خطأ مدنى دون أن يوجد خطأ جنائى . (الطعن 277 لسنة 37ق- جلسة 23/6/1973 س24 ص962).
والخلاصة أن القضاء والفقه استقر على أن : مسئولية الطبيب عن خطئه مهما كان نوعه ، سواء كان خطأ فنيا أو ماديا ، جسيما أو يسيرا . ولا يتمتع طبيب بأى استثناء ويجب على القاضى أن يتثبت من وجود هذا الخطأ ، وأن يكون هذا الخطأ ثابتا ثبوتا كافيا لديه ، وعليه ان يستعين برأى الخبراء فلو وصف خطأ الطبيب الذى تجاوز العدد المسموح به فى جلسات الأشعة بأنه يسير فهو مسئول عنه طبقا للقواعد العامة ، فيسأل عن كل تقصير فى مسلكه الطبى لا يقع من طبيب يقظ فى مستواه المهنى وجد فى نفس الظروف الخارجية التى أحاطت بالطبيب المسئول ، كما يسأل عن خطئه العادى أيا كانت درجة جسامته . فعدم نقل المريض الى القسم الطبى المختص فى الوقت المناسب يشكل خطأ فاحشا يستوجب مسئولية الطبيب كما أنه يسأل عن خطئه المتمثل فى حقن المريض بمخدر دون الاطلاع على زجاجته والتأكد مما إذا كان هو المخدر الذى طلبه او شئ آخر .
          واستقر القضاء على ضرورة أن يكون الخطأ واضحا وثابتا بصورة قاطعة لا احتمالية . فيسأل الطبيب عن خطئه فى العلاج أن كان الخطأ ظاهرا لا يحتمل نقاشا فنيا تختلف فيه الآراء فإن وجدت مسائل فنية علمية يتجادل فيها العلماء ولو لم يستقر الرأى عليها فاتبعها فلا لوم عليها .
          والقضاء وان كان لا يشترط الخطأ الجسيم حتى تقوم مسئولية الطبيب عن علمه الفنى ، الا أنه يشترط ان يكون هذا الخطأ محققا ومتميزا وفى الوقت نفسه فإنه يتجه نحو التشديد فى مسئولية الأطباء والمستشفيات وذلك عن طريق الالتزام بالسلامة .( إنظر المستشار عز الدين الدناصورى والدكتور عبد الحميد الشواربى – المسئولية المدنيه ) .