الطعن رقم 1796 لسنة 44 بتاريخ 02/03/1975
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بدائرة قسم المنيا محافظة المنيا (أولا) سرقا في الطريق العام النقود والمنقولات المبينة بالتحقيقات لـ ... ... ... و... ... ... بطريق الإكراه الواقع عليهم بأن أوثقوا أيديهم وانهالوا عليهم ضربا لشل مقاومتهم وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة حالة كون المتهم الثاني يحمل سلاحا ناريا ظاهرا. (ثانيا) المتهم الأول تداخل في وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن يكون له صفة رسمية من الحكومة أو بإذن منها، وأجرى عملا من مقتضيات هذه الوظيفة بأن ادعى أنه ضابط مباحث، وقبض على المجني عليهم سالفي الذكر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بمواد الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا عملا بالمواد 155 و315 و32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض في ثاني يوم صدوره ولم يقدم الطاعن الأول أسبابا لطعنه وقدم الطاعن الثاني أسباب طعنه موقعا عليها من محاميه
 
 المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الحكم في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الثاني بجريمة ارتكابه وآخر سرقة في الطريق العام بطريق الإكراه حالة كونه يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً قد أخطأ في تطبيق القانون، وخالف الثابت بالأوراق، ذلك بأن المحكمة لم تلتزم صورة الواقعة ووصفها القانوني كما ورد بأمر الإحالة وأجرت تعديلاً فيه مما كان يتعين معه لفت نظر الدفاع، واعتبر الحكم الواقعة سرقة بإكراه مع أن الثابت أن الإكراه المدعى به لم يقع إلا بعد تمام الاستيلاء على المنقولات، وأن تسليم المجني عليهم لمنقولاتهم قد تم عن طواعية واختيار بعد أن أوهمهم المحكوم عليه الأول بأنه ضابط مباحث مما تعد معه الواقعة في صحيح القانون نصباً، هذا إلى أن المحكمة لم تتفهم الواقعة ولم تلم بها إلماماً شاملاً، ذلك بأن الثابت من أقوال المجني عليهم - وعلى خلاف ما أورده الحكم - أن المحكوم عليه الأول هو الذي اقترف الجريمة على سبيل الانفراد وأن الطاعن لم يكن إلا ضحية له بعد أن زعم أنه ضابط مباحث وأنه مطلوب منه القبض على المجني عليهم. وقد خلت الأوراق من أي دليل على أن الطاعن الثاني قد شارك في ارتكاب الجريمة أو أنها تمت بناء على اتفاقه مع المكوم عليه الأول.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم أنه دان الطاعن بجريمة اقترافه وآخر سرقة في الطريق العام بطريق الإكراه حالة كون الطاعن الثاني يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً وهو ذات الوصف الوارد بأمر الإحالة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير صحيح. وإذ آخذ الحكم الطاعن بالمادة 315 من قانون العقوبات فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفاع الطاعنين القائم على أن تسليم المجني عليهم لنقودهم وأمتعتهم إنما كان باختيارهم ورضائهم وذلك في قوله إن "الثابت أن المجني عليهم لم يسلموا المسروقات برضاء حقيقي منهم بل كان ذلك بعد أن زعم المتهم الأول أنه يعمل ضابط مباحث ثم شرع في تفتيشهم، يضاف إلى ذلك أن المجني عليهم لم يقصدوا نقل حيازة المسروقات للمتهمين بدليل أنهم طالبوهما بها بعد أن سلموها لهما، ولكن المتهمين رفضا واعتدى عليهم المتهم الأول بالضرب وأمرهم بالانصراف", فإن هذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون، ذلك بأن التسليم الذي ينتفي به ركن الاختلاس في السرقة يجب أن يكون برضاء حقيقي من واضع اليد مقصوداً به التخلي عن الحيازة حقيقة، فإن كان عن طريق التغافل فإنه لا يعد صادراً عن رضاء صحيح، وكل ما هنالك أن الاختلاس في هذه الحالة يكون حاصلاً بعلم المجني عليه لا بناء على رضاء منه، وعدم الرضاء - لا عدم العلم - هو الذي يهم في جريمة السرقة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أعمل في حق الطاعنين حكم المادة 315 من قانون العقوبات، فإنه غير مجد ما يثيره الطاعن من أن الإكراه المدعى به لم يقع إلا بعد تمام الاستيلاء على المنقولات، ذلك أن العقوبة المحكوم بها مقررة طبقاً للفقرة الأولى من تلك المادة. هذا فضلاً عما هو مقرر من أنه لا يشترط في الاعتداء الذي تتوافر به جريمة السرقة بإكراه أن يكون الإكراه سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس، بل إنه يكفي أن يكون كذلك، ولو أعقب فعل الاختلاس متى كان قد تلاه مباشرة، وكان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على الأوراق وما جرى من تحقيقات - بالمفردات المضمومة - أن الطاعن الثاني قد ساهم في ارتكاب الأفعال المكونة للجريمة، فإن كل ما يثيره الطاعن من دعوى مخالفة الثابت بالأوراق، لا يكون له محل، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً