الطعن رقم 128 لسنة 44 بتاريخ 14/02/1974
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعنين بأنهم في يوم 24 مايو سنة 1972 بدائرة قسم المنتزه محافظة الإسكندرية: (أولا) توصلوا إلى الاستيلاء على المبلغ المبين وصفا وقيمة بالمحضر لـ ... ... ... وكان ذلك باتخاذ صفة غير صحيحة بأن ادعى الأول أنه ضابط شرطة وادعى الثاني والثالث أنهما شرطيان سريان (ثانيا) المتهمين الأول والثاني والثالث تداخلوا في وظيفة عمومية دون أن يكون لهم صفة رسمية من الحكومة. وطلبت عقابهم بالمادتين 155 و236 من قانون العقوبات ومحكمة المنتزه الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 13 فبراير سنة 1973 عملا بالمادتين بحبس كل من المتهمين الثلاثة الأول ستة شهور مع الشغل والنفاذ عن التهمتين وحبس المتهم الرابع ستة شهور مع الشغل والنفاذ. فعارض الطاعنان وقضي فيها بتاريخ 24 من أبريل سنة 1973 بقبول المعارضة شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه مع إلغاء النفاذ وأمرت بكفالة 500 ق خمسمائة قرش لوقف التنفيذ. فاستأنف الطاعنان هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة إستئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 11 يونيه سنة 1973 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتي النصب والتداخل في وظيفة عمومية، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الواقعة كما أثبتها الحكم لا يعاقب عليها القانون، إذ أن ما وقع من الطاعنين لا يعدو أن يكون مجرد ادعاءات عارية مما يؤيدها لا ترقى إلى مرتبة الطرق الاحتيالية، كما أنهما لم يأتياً عملاً أو يتخذا مظهراً يدل على تداخلهما في الوظيفة، وقد أغفل الحكم الرد على دفاعهما بعدم توافر أركان هاتين الجريمتين في حقهما، كما لم تجبهما المحكمة الاستئنافية إلى طلب سماع شهود الإثبات الذي تمسكا به أمام محكمة أول درجة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعنين - بالأدلة السائغة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - إنهما والمتهم الثالث انتحلوا كذباً صفة رجال المباحث وأمسكوا بالمتهم الرابع - الذي قام بدور المقبوض عليه - وتوجهوا إلى المكان الذي دبره الأخير للمجني عليه وشاهدي الإثبات لارتكاب الفحشاء فيه مع امرأتين ساقطتين وتظاهروا بضبطهم واقتيادهم إلى قسم الشرطة - بوصف أن الطاعن الأول ضابط المباحث وأن الطاعن الثاني والمتهم الثالث شرطيان سريان - وتوصلوا بذلك إلى الاستيلاء على مبلغ عشرة جنيهات من المجني عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن انتحال صفة غير صحيحة يكفي وحده لقيام ركن الاحتيال، وكان الحكم فيما تقدم بيانه قد أثبت في حق الطاعنين انتحال أولهما صفة ضابط المباحث والثاني صفة الشرطي السري والتوصل بذلك إلى الاستيلاء على نقود المجني عليه وهو ما تتوافر به عناصر جريمة النصب، فإن الحكم إذ دانهما بهذه الجريمة يكون قد أصاب صحيح القانون وإذ كان ما أورده الحكم يستقيم به الرد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص فإن النعي عليه بدعوى القصور يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 155 من قانون العقوبات لا تعاقب فقط على إجراء عمل من مقتضيات وظيفة عمومية بل تعاقب أيضاً من تداخل في الوظيفة من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة، وكان من المقرر أن انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتاً عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التي يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد في صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التي انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها، وكان الثابت من الحكم أن الطاعنين لم يكتفيا بمجرد انتحال الوظيفة، بل طلب الطاعن الأول من المتهم الرابع إبراز بطاقته الشخصية للإطلاع عليها فأخرجها له وتظاهر الطاعن المذكور مع الطاعن الثاني والمتهم الثالث بضبط المجني عليه ومن معه واصطحابهم إلى قسم الشرطة الأمر الذي حمله على الاعتقاد بأن الطاعنين من رجال الشرطة الذين لهم اتخاذ هذه الإجراءات قانوناً، ولما كانت هذه الأفعال والمظاهر مما تتحقق بها جريمة التداخل في الوظيفة المنصوص عليها في المادة 155 من قانون العقوبات - هذا فضلاً عن أنه لا جدوى للطاعنين مما يثيرانه في هذا الخصوص، ذلك أن الحكم أعمل في حقهما المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على كل منهما عقوبة واحدة هي العقوبة الأشد المقررة لجريمة النصب، لما كان ذلك، وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يتمسك بطلب سماع شهود الإثبات الأمر الذي يستفاد منه أنهما تنازلا عن سماعهم على فرض إبداء هذا الطلب أمام محكمة أول درجة كما يذهب الطاعنان في وجه الطعن، ومن ثم يكون النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً