الطعن رقم 1022 لسنة 20 بتاريخ 23/10/1950
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه في يوم أول أبريل سنة 1949 بدائرة بندر أسيوط، أولا ـ تدخل في وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة وأجرى عملا من مقتضياتها وذلك بأن اتخذ صفة أحد رجال المباحث وأجرى القبض على............... وتفتيشه, ثانيا ـ شرع في سرقة نقود............... وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو القبض عليه وضبطه, ثالثا ـ شرع في الحصول بالتهديد على إعطائه مبلغا من النقود للمجني عليه سالف الذكر، رابعا - ضرب............... فأحدث به الإصابات التي سيكشف عنها التقرير الطبي, وطلبت عقابه بالمواد 45 و47 و155 و318 و321 و326 و242/1 من قانون العقوبات. ومحكمة بندر أسيوط الجزئية قضت أولا بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل عن التهمتين الأولى والرابعة وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وذلك تطبيقا للمادة 32 من قانون العقوبات. وثانيا ـ ببراءته من التهمتين الثانية والثالثة عملا بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات. فأستأنف المحكوم عليه هذا الحكم، كما استأنفته النيابة طالبه إلغاءه ومعاقبة المتهم بمواد الاتهام، ومحكمة أسيوط الابتدائية قضت (أولا) بتعديل الحكم المستأنف وبحبس المتهم شهرا مع الشغل عن التهمتين الأولى والثانية تطبيقا للمادة 32 من قانون العقوبات, و(ثانيا) بتغريمه مائة قرش عن التهمة الرابعة عملا بالمادة 242/1 من قانون العقوبات, و(ثالثا) بتأييده فيما عدا ذلك. فطعن المحكوم عليه بطريق النقض..... إلخ
 
 المحكمة
.... وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بتهمة التدخل في وظيفة عمومية واعتبر من أركان هذه التهمة قيام الطاعن بعمل إيجابي هو القبض على المجني عليه وتفتيشه ومحاولة اقتياده إلى مركز البوليس, عاد فجعل هذا الركن موضوعا لتهمة الشروع في الحصول بالتهديد منه على مبلغ من النقود, هذا على حين أنه ثبت بحكم محكمة الدرجة الأولى أن الطاعن لم يطلب من المجني عليه نقودا.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فيما يتعلق بالتهمتين المشار إليهما بوجه الطعن, وأورد الأدلة على ثبوتهما فقال: "وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم من شهادة المجني عليه وأخيه و.......... و........... .....لسالفي الذكر فهو قد تداخل في وظيفة عمومية بإدعائه أنه من رجال المباحث من غير أن تكون له وظيفة رسمية فيها وقام بعمل من مقتضى تلك الوظيفة بأن قبض على المجني عليه.......... وفتشه وأراد اقتياده للبندر. والعمل الذي تطلبه محكمة النقض بالإضافة إلى اتخاذ الصفة المجردة ظاهر من القبض على المجني عليه وتفتيشه وطلب اقتياده للبندر. والتهمة الثالثة ثابتة أيضا قبله من أقوال المجني عليه, إذ أن المتهم بعد أن فتشه وهدده من عاقبة اقتياده للبندر طلب إليه صراحة تقديم مبلغ من المال بعبارة لا تجعل مجالا لتأويلها بمعنى آخر, فقول المتهم "يالله أخلص" عقب تفتيشه والتحذير من عقوبة حمل العصا لو حرر للمجني عليه محضر بشأنها لا تعني إلا طلب مبلغ من المال. وكل الإجراءات السابقة على طلب المبلغ هي تهديد للوصول لذلك الغرض "لما كان ذلك وكان هذا الذي قاله الحكم تتوافر فيه جميع العناصر القانونية لجريمتي التدخل في الوظيفة العمومية والشروع في الحصول بالتهديد على نقود, اللتين دان الطاعن بهما, وكانت الأدلة التي ذكرها من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من طعنه يكون على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو أن الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن كذلك بجنحة الضرب الذي كان موضوع التهمة الرابعة قد قال بانفصالها عن التهمتين السابقتين وأوقع عليه من أجلها عقوبة مستقلة مع أن الأفعال التي قام بها الطاعن على فرض صحتها هي كل مترابط جمعتها وحدة الغرض وهي التدخل في الوظيفة الرسمية مما كان يتعين معه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى هذه التهمة.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قال بصدد ما يثيره الطاعن في هذا الوجه. وحيث إن التهمة الرابعة منفصلة عن التهمة الأولى فهما لا تنشأن عن عمل واحد ولم يرتكبهما المتهم لغرض واحد فلا محل لتطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة لهما فيتعين عقاب المتهم عن التهمة الرابعة بنص المادة 242/1 من قانون العقوبات", وكان تقدير الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 متعلقا بموضوع الدعوى تفصل فيه محكمة الموضوع بحسب ما تستخلصه من الظروف والوقائع المطروحة عليها بغير تعقيب عليها في ذلك ما دام قضاؤها لا يتعارض مع العقل وحكم القانون, وكان ما قاله الحكم فيما تقدم من شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه, فإن هذا الوجه يكون بدوره لا محل له.
وحيث إن محصل الوجه الثالث هو أن محامي الطاعن قد تمسك في الجلسة بطلب وقف تنفيذ العقوبة لعدم وجود سوابق للمتهم, ولأنه رب أسرة وموظف وقد أغفل الحكم هذا الطلب ولم يرد عليه, وأنه على الرغم من أن شهادة رجل البوليس قد جرحها الطاعن فقد قال الحكم إن شهادة الشهود لم تلق تجريحا.
وحيث إنه لما كان وقف تنفيذ العقوبة أمرا متعلقا بتقديرها, وكان هذا التقدير في الحدود المقررة قانونا للجريمة التي تثبت على المتهم - من سلطة محكمة الموضوع بحيث لا تلزم ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت عليه العقوبة بالقدر الذي ارتأته - لما كان ذلك, وكان محضر الجلسة الإستئنافية لا يبين منه أن الطاعن قد جرح شهادة رجل البوليس الذي يشير إليه بوجه الطعن, فإن هذا الوجه لا يكون له ما يبرره.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس, متعينا رفضه موضوعا