الطعن رقم 6944 لسنة 61 بتاريخ 16/12/1991
الوقائع
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- بصفته موظفاً عمومياً "خبير التخطيط والمشروعات والمشرف على الإدارة العامة للأمن الصناعي وحماية البيئة بالهيئة المصرية العامة للبترول" حصل لنفسه على ربح من أعمال وظيفته بأن حصل على مبلغ وقدره 103128.7 دولاراً أمريكياً من شركة ........ الإنجليزية المتعاقدة مع الهيئة المصرية العامة للبترول لتوريد معدات ومهمات الأمن الصناعي وذلك كعمولة نسبتها 6% من قيمة الإعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد مادة المونكس، 5% من قيمة الإعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد مادة ألبى سي أف حال كونه مختصاً بتحديد كمياتها ومواصفاتها، كما حصل من شركة ....... الكندية على مبلغ 21500 دولار أمريكي، 10000 جنيه مصري مستغلاً في ذلك المعلومات والأبحاث الخاصة بمواجهة التلوث بالشواطئ المصرية والمتوافرة لديه بحكم عمله في هذا المجال وأمد بها الشركة سالفة الذكر حال كونه ممثلاً للهيئة المصرية العامة للبترول في التعاقد معها ومختصاً بالإشراف على ما تقدمه من دراسات وتقييم ما تؤديه من أعمال وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 2- بصفته سالف الذكر أضر عمداً بأموال مصالح شركات مصر للبترول والجمعية التعاونية للبترول والسويس للبترول وأنابيب البترول والنصر للبترول والغازات البترولية والمناطق الجغرافية لهذه الشركات والتابعة للهيئة المصرية العامة للبترول والتي يتصل بها بحكم عمله كخبير للتخطيط والمشروعات ومشرف على الإدارة العامة للأمن الصناعي وحماية البيئة بأن طلب استيراد ثماني سيارات إطفاء تلسكوبية وكميات من مواد الإطفاء "85 طن مونكس"، "40 طن فلور وبروتين فوم - 20 طن ماء خفيق" وسيارات ورشة متنقلة، بلغت قيمتها 2346831.46 جنيهاً مصرياً وذلك كله رغم عدم طلبها من الشركات سالفة الذكر والتي لم تقم باستخدامها لعدم الحاجة إليها قاصداً زيادة حجم المشتريات لرفع قيمة العمولة التي حصل عليها على النحو المبين بالتحقيقات. وأضافت النيابة العامة تهمة ثالثة إليه بجلسة المرافعة هي أنه بصفته سالفة الذكر طلب وأخذ عطية للقيام بعمل من أعمال وظيفته بأن طلب من ............... نسبة 3% من قيمة العقد بين شركتي ....... وشركة ........ والبالغة قيمته مليون دولار وأخذ منهما 21500 دولار وعشرة آلاف مصري وذلك للقيام بعمل من أعمال وظيفته وهي اعتماد وتقييم الأعمال المقدمة من شركة ....... في مشروع مكافحة تلوث البيئة وذلك من النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: 1- بصفته سالفة الذكر حصل على كسب غير مشروع نتيجة ارتكابه لنص عقابي بأن أخذ مبلغ 124628.7 دولار أمريكياً كعمولة في القضيتين موضوع الاتهام المسند إليه في الجناية رقم .... لسنة .... جنايات مدينة نصر السابقة على النحو المبين بالتحقيقات. 2- بصفته آنفة الذكر طرأت زيادة في ثروته لا تتناسب مع موارده المالية قدرها ثمانية وأربعون ألف دولار أمريكي وخمسة وتسعين ألف جنيه ومائة جنيه وقد عجز عن إثبات مصدر مشروع لها على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة بعد أن قررت ضم الجناية رقم ..... لسنة ..... مدينة نصر إلى الجناية رقم ...... مدينة نصر قضت حضورياً في ..... عملاً بالمواد 115، 116/1 مكرراً، 118، 118 مكرراً، 119/ب، 119 مكرراً من قانون العقوبات والمواد 1/2، 2/5، 10/1، 14/2، 18/3 من القانون 62 لسنة 1975 أولاً: بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه. ثانياً: بتغريمه عن موضوع التهمة الأولى المسندة إليه في الجناية رقم ...... لسنة ...... مدينة نصر وتهمة الرشوة المضافة إليها مبلغ مائة واثنين وسبعون ألف وستمائة وثمانية وعشرون دولار وسبعة سنت وخمسة وتسعون ألف جنيه مصري ومائة جنيه وإلزامه برد مثل هذا المبلغ للجهة التي يعمل بها "الهيئة العامة للبترول".
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
المحكمة
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الرشوة والتربح والإضرار العمدي والكسب غير المشروع قد ران عليه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق, وشابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال, ذلك بأنه صدر من هيئة مغايرة للهيئة التي سمعت المرافعة إذ أثبت بديباجته أن عضو اليسار بالهيئة التي أصدرته هو المستشار/ ...................... بينما أثبت بمحاضر الجلسات أن عضو اليسار بالهيئة التي سمعت المرافعة هو المستشار/.................., كما أن الأخير لم يلحق بالهيئة إلا اعتبارا من الجلسات التي جرت فيها المرافعة مما لا يتيح له فرصة الإحاطة بوقائع الدعوى وما قدم فيها من مذكرات ومستندات, فضلا عن عدم مشاركته في الإجراءات السابقة اتخاذها في الدعوى والتي لم تجر تلاوتها بالجلسة وخلا الحكم ومحضر الجلسة مما يفيد حصول المداولة بين أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة وصدر الحكم من محكمة غير مختصة, إذ ضمنت المحكمة قضية الكسب غير المشروع إلى القضية الخاصة بباقي الجنايات المنسوبة إلى الطاعن وفصلت فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد للارتباط, رغم أن القضية المنضمة كانت محالة إليها كمحكمة جنايات عادية مما يجعل الاختصاص بنظر القضيتين منعقد لمحكمة الجنايات وليس أمن دولة, ودانه الحكم عن تهمة الرشوة رغم أن النيابة كانت قد وجهت إليه تلك التهمة عن واقعة حصوله على مبلغ 70/128/13 دولارا من شركة أي سي أي ولكنها لم توردها في أمر الإحالة وأدرجت المبلغ المنوه عنه ضمن المبالغ المكونة لجريمة التربح, وهو ما يشكل أمرا ضمنيا من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن جريمة الرشوة, وهو ما تمسك به الدفاع إلا أن الحكم رد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لهذه الجريمة بما لا يسوغ إطراحه, كما اطرح دفاعه بأن مبلغ 21.500.00 دولارا ومبلغ 10.000.00 جنيها مصريا اللذين حصل عليهما من شركة بينيت الكندية كانا أجرا له عن الدراسة التي أعدها لحساب تلك الشركة - عن التلوث البترولي - والتي قام بها في غير أوقات العمل مما يبعد الواقعة عن نطاق التجريم لأن مخالفة ما تفرضه اللوائح من قيود على عمل الموظف لحساب الغير لا يرتب أكثر من المساءلة الإدارية, وقد خلط الحكم بين هذه الدراسة وبين دراسة الجدوى التي قدمتها الشركة المذكورة بعد ذلك والتي أبرم بمقتضاها عقد مشروع مكافحة التلوث الذي وقع عليه بتفويض من وزير البترول, وعول الحكم, على أقوال شهود الإثبات رغم عدم صحتها ولم يفطن إلى الخلاف بينه وبين جون بينيت على المبالغ المستحقة له في ذمة الأخير عن هذه الدراسة, والتفت عن الدفع ببطلان التسجيلات الهاتفية لإجرائها قبل صدور الأمر بالمراقبة ولتجاوزها حدود هذا الأمر الذي اقتصر على تسجيل محادثاته مع ممثلي ووكلاء الشركات الأجنبية وعول على تسجيل محادثاته مع الشاهد/ .................. - الذي لم يكن وكيلا عن شركة أي. سي. أي في تاريخ التسجيل ورغم عدم مطابقة أرقام الإشعارات التي وردت بأقواله لأرقام إشعارات الإضافة بحساب الدكتور/ ............... - شريك الطاعن - ببنك دي روما بسويسرا, ورد على الدفع ببطلان تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات لعدم حلف أعضائها اليمين وخلو تشكيلها من خبير في الأمن الصناعي برد غير سائغ ملتفتا عن الاعتراضات التي أبداها .............. على عملها, هذا فضلا عن تناقض الحكم في أسبابه إذ أورد في تحصيله للواقعة أن الطاعن فرض على الشركات التابعة للهيئة شراء خمسة عشر سيارة إطفاء تليسكوبيه ثم انتهى إلى استبعاد قيمة تلك السيارات من جريمة الإضرار, وخلا الحكم من أسباب تحمل قضاءه بالإدانة عن جريمة الكسب غير المشروع, والتفت - إيرادا وردا عن المستندات التي قدمها والمثبتة لمصادر دخله, وأخطأ الحكم في مقدار العمولة التي نسب إلى الطاعن الحصول عليها من شركة أي. سي أي فأورد أنها 70/128/103 دولارا وليس 70/128/13 دولارا كما ورد بالتحقيقات مما أدى إلى خطئه في العقوبات التكميلية التي ألزم الطاعن بها, كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فيما مفاده أن الطاعن يعمل مديرا لإدارة الأمن الصناعي وحماية البيئة بالهيئة العامة للبترول التي تتولى الإشراف على جميع شركات البترول العاملة بالبلاد, وكان يتبع في استيراد احتياجات تلك الشركات من مواد الإطفاء (نظام التجميع) بأن ترسل كل منها إلى الطاعن بيانا بما تحتاج إليه من هذه المواد, وبعد تجميع هذه البيانات وعرضها على لجنة الدراسة - التي كان الطاعن يسيطر عليها - يتم العرض على لجنة البت بمذكرة من الطاعن تتضمن التوصية بإرساء العطاء على إحدى الشركات المتقدمة بعطاءات, وأن الطاعن كان على صلة ببعض هذه الشركات ومنها سافال الهولندية وآي. سي. آي البريطانية وبينيت الكندية ويحصل منها على نسبة تتراوح بين 5 , 6 % من قيمة ما يتم توريده منها من مواد الإطفاء حسب نوع المادة وإلا أفشى عرضها مما يحول دون فوزها بالعطاء, وكان يضيف كميات أكثر مما طلبته الشركات من هذه المواد مما كان يؤدي إلى فسادها لطول مدة التخزين, وفرض على شركات البترول سيارات إطفاء تليسكوبية استورد خمسة عشر سيارة منها - رغم عدم توافر إمكانيات تشغلها - بلغت قيمتها 460/831/346/3 جنيها, وذلك لزيادة ما يحصل عليه من عمولات كانت تدفع إليه إما بإيداعها في حساب صديقه ............... لدى أحد بنوك سويسرا - ثم يتولى الأخير تحويلها إلى حساب الطاعن أو نجله................, وقد بلغ جملة ما حول إليه بهذا الطريق 00/219/70 دولار, 00/895/15 جنيها إسترلينيا وإما بدفعها إلى الطاعن نقدا, كما تقدمت شركة بينيت بمشروع لمكافحة التلوث البترولي بالمياه الإقليمية, ساهمت فيه الحكومة الكندية بمبلغ 00/000/459 دولارا كمنحة مشروطة بأن تقدم تلك الشركة بعمل الدراسات وبرامج التنفيذ, وبلغت حصة مصر في التكلفة 00/000/2.856 دولارا , 00/000/92 جنيها مصريا, وكان الطاعن هو ممثل مصر في التوقيع على عقد المشروع والمشرف على تنفيذه, وقد طلب لنفسه نسبة 3% من تكلفة المشروع ومبلغ 00/000/400 دولارا مقابل اعتماد مستحقات الشركة المذكورة حصل منها على مبلغ 00/5000/21 دولارا سلمها إليه جون انتوني بنيت - صاحب الشركة المذكورة نقدا - ومبلغ 00/000/10 جنيها مصريا حول إلى حسابه لدى بنك مصر بالشيك رقم ............... بتاريخ 12/4/1988, ولما شاعت سمعة الطاعن في تقاضي العمولات والرشاوى أبعده رئيس الهيئة عن العمل بها وألغى نظام تجميع الاحتياجات وبلغ ما حققه الطاعن من كسب غير مشروع 70/628/124 دولارا فضلا عن مبلغ 00/000/48 دولارا أخرى ومبلغ 00/000/95 جنيها مصريا. وقد ساق الحكم على صحة إسناد هذه الجرائم إلى الطاعن وثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال كل من ................. عضو الرقابة الإدارية, و................. رئيس هيئة البترول, و ......... نائب رئيس تلك الهيئة, و.............. رئيس شركة "أنابيب البترول". و.............. رئيس شركة انبي, و ...................... رئيس شركة بترول بلاعيم, و................... رئيس شركة ويبكو, و.......................... وكيل أول وزارة البترول, و ................... مدير البنك التجاري الدولي, و ................... مديرة الموافقات الاستيرادية بالهيئة والمهندس ..................... بشركة بينيت, وكل من ..............., و .............. , و ............. , و .............................. , و ................ , و ............. , و............... و................. مديري إدارات الأمن الصناعي بالهيئة والشركات التابعة لها, ومما قرره كل من ...............و .............. نائب مدير شركة أي. سي. أي و ..............ومن الأوراق المضبوطة مع الطاعن وبمسكنه ومما ورد باعترافه, وما ثبت بالتسجيلات الهاتفية المأذون بإجرائها, وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها, وحصل الحكم مؤدى كل منها في بيان واف. لما كان ذلك, وكان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الدعوى كانت مؤجلة إلى دور فبراير الذي نظرت فيه اعتبارا من 21/2/1991 بتشكيل المستشار/ ................. عضو يسار به, بدلا من المستشار/..............., وقامت المحكمة في هذا الدور بسماع الشهود ومرافعات النيابة والدفاع حتى جلسة 28/2/1991 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه, مما يقطع بأن الهيئة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم كانت بعضوية المستشار/......................, وبأن ذكر اسم المستشار/..........................بديباجة الحكم كان وليد سهو وقع فيه الكاتب, ولما كان المعول عليه في تصحيح هذا الخطأ هو بما يستمد من محضر جلسة النطق بالحكم باعتباره مكملا له, فإن الطعن على هذا السهو لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان الثابت أن الدفاع قد أتيح له مجال المرافعة على مدى جلسات متعددة تناول فيها المراحل التي مرت بها الدعوى وما قدم فيها من مستندات وأدلة فإن اختتامه مرافعته بعد ذلك بطلب القضاء بالبراءة مفاده أنه قد أصبح على قناعه بأن الدعوى قد أضحت صالحة للفصل فيها من الهيئة التي أبدى أمامها دفاعه, وكان الدفاع لا يدعى أن حقه في المرافعة قد حجر عليه, فإن منازعته في كفاية ما أتيح لعضو اليسار من وقت للإحاطة بوقائع الدعوى تكون غير مقبولة. إذ كان في إمكانه إيضاح ما يهمه إيضاحه من وقائع خلال المرافعة فضلا أن هذا المنعي لا يتصل بصحة تشكيل المحكمة أو بولايتها أو باختصاصها مما هو متعلق بالنظام العام وإنما يتصل بإجراءات التحقيق بالجلسة التي يسقط الحق في التمسك ببطلانها متى كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره ودون اعتراض منه طبقا لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية, وإذ كان الدفاع عن الطاعن لم يعترض على قيام المحكمة بتحقيق الدعوى وسماع الشهود قبل إتاحة الفرصة لعضو اليسار للإحاطة بالمستندات ولم يطلب التأجيل لهذا الغرض, فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان القانون لم يوجب عند تغيير هيئة المحكمة إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمنا ولم تر المحكمة من جانبها محلا لذلك, فلا عليها إن هي قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها, وإذ كان الثابت أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته - على خلاف ما ورد بمذكرة الأسباب - وكان الأصل - طبقا لنص المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة إلا بالطعن بالتزوير - وهو ما لم يفعله الطاعن - ومن ثم لا يقبل منه ما يثيره في هذا الشأن. لما كان ذلك, وكان القانون رقم 105 لسنة 1980 قد نص في الفقرة الأولى من مادته الثالثة على أن (تختص محاكم أمن الدولة العليا - دون غيرها - بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكررا والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها) ومن ثم فإن الجرائم المرتبطة تأخذ حكم الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة من حيث انفراد محكمة أمن الدولة العليا بنظرها, وكان المقرر أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد أقام قضاءه على ما يحمله, وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة إلى توافر الارتباط بين جريمة الكسب غير المشروع وبين جرائم الرشوة والتربح والإضرار المنسوبة إلى الطاعن, وكانت كلتا القضيتين منظورة أمام المحكمة, فإن الاختصاص بنظرهما يكون منعقدا لمحكمة أمن الدولة العليا, ويكون ضم المحكمة لهما وفصلها فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد إجراء يتفق وصحيح القانون, ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك, وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يعدل الوصف الذي أقيمت به الدعوى عن واقعة حصول الطاعن على عمولة من شركة آي. سي. آي وهو التربح, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من سبق صدور أمر ضمني من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى بتهمة الرشوة عن تلك الواقعة وما ينعاه على رد الحكم على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى بشأنها يكون في غير محله, لأن الحكم دانه بتهمة الرشوة عن واقعة أخرى هي حصوله من شركة بينيت على مبلغ 21.500.000 دولار ومبلغ 10.000 جنيها, وهي واقعة لم يدع الطاعن بأنه قد صدر بشأنها أي أمر - صريح أو ضمني - من النيابة بأوجه لإقامة الدعوى الجنائية عنها, ولا يماري في أن تحقيقات النيابة قد شملتها وأن الدعوى الجنائية عنها قد أقيمت فعلا من النيابة بوصف أنها تشكل جريمة التربح وأصبحت - من ثم - مطروحة على المحكمة, وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا, ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة إليها, بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة, هذا فضلا عن أن وصف النيابة لا يعدو أن يكون إيضاحا عن وجهة نظرها, فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم, ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث وانتهى إلى أن ما حصل عليه الطاعن من الشركة آنفة الذكر يندرج تحت وصف الرشوة وليس تربحا, ودانه عن هذا الفعل على هذا الأساس فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية, ذلك أن ما انتهى إليه من تعديل للوصف لم يتضمن تحويرا في كيان الواقعة آو بنيانها القانوني أو إسناد أفعال المتهم غير التي رفعت بها الدعوى, إذ أن التغيير المحظور عليه هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها الدعوى, والثابت أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة وتناولتها التحقيقات والتي كانت مطروحة بالفعل على المحكمة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساسا للوصف الجديد الذي دان الطاعن به والذي دارت على أساسه المرافعة ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال, إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم, فإن ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه بأن ما حصل عليه من شركة بينيت كان أجرا له عن الدراسة التي قام بها لحسابها في غير أوقات العمل, والخلط بينها وبين دراسة الجدوى التي قدمتها الشركة بعد ذلك, لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح, وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من المطاعن وحام حولها من الشبهات, كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه, وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له أصله الثابت بالأوراق, فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهم رغم عدم صحتها يتمخض جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها, فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على شهادة ............. يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل وبطلان التسجيلات في قوله (أن تحريات الرقابة الإدارية كانت جادة بصدد ما ارتكبه المتهم وقد أوردت بصدد محاضر الاستدلالات الوقائع المنسوبة إلى المتهم دون أن تختلف في شيء عما ثبت في حق المتهم, ومن ثم يكون الدفع ببطلان إذن النيابة بتسجيل المحادثات على تليفون المتهم في غير محله لأنه بني على إجراءات صحيحة وتحريات جادة, وكذلك الدفع ببطلان محادثات غير المتهم من تليفونه, ذلك أن الإذن بتسجيل المحادثات يرد على ما يجري من محادثات على التليفون الموضوع تحت الرقابة فيما يختص ويتصل بوقائع الاتهام ومنها حديث ............. الذي كان ممثلا لشركة أي. سي. أي في مصر والذي بان منه نسبة العمولة وما سدد منها, وقد كان مع المتهم شخصيا, أما التسجيلات التي لا صلة لها بالاتهام فلا محل للقول ببطلانها لعدم جدوى ذلك أما عن الدفع ببطلان ترجمة المحادثات ...............) وهو رد سائغ من شانه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه, هذا فضلا عما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه من أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن هذه التسجيلات, وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إذ هو عول على تلك القرينة تأييدا وتعزيزا للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه, ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلا أساسيا على ثبوت الاتهام قبل الطاعن, ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك, وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات ومن ثم فإنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان هذا التقرير أو الاعتراضات التي أبداها الطاعن على عملها. لما كان ذلك, وكانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه (إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها) فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد, وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة المذكورة, إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها, وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى توافر الارتباط بموجب الفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر بين جميع الجرائم التي دان الطاعن بها عدا جريمة الإضرار العمدي التي تشكل حالة تعدد حقيقي مع الجرائم الأخرى يخضع لحكم الفقرة الثانية من تلك المادة, وكانت جريمة الرشوة هي الجريمة ذات العقوبة الأشد فإن العقوبة الأصلية والتكميلية المقررة لهذه الجريمة تكون هي وحدها الواجبة التطبيق, إزاء ما هو ثابت من أن الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن العقوبة التكميلية المقررة لجريمة الإضرار العمدي والتي لا تجبها العقوبة المقررة للجريمة ذات العقوبة الأشد - ولا محل لإيقاعها حتى لا يضار الطاعن بطعنه - وكانت المادة 103 من قانون العقوبات قد حددت العقوبة التكميلية المقررة لجريمة الرشوة وهي الغرامة التي لا تقل عن 1000 جنيه ولا تزيد على ما أعطى للجاني أو وعد به وكان الحكم قد أثبت أن ما أعطى للطاعن على سبيل الرشوة هو مبلغ 21.500.000 دولارا ومبلغ 10.000.00 جنيه مصري, ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما تجاوز فيه هذين المبلغين من غرامة - وهما فقط الجائز الحكم بإلزام الطاعن بهما باعتبار أنهما العقوبة التكميلية لجريمة الرشوة ذات العقوبة الأشد - وفيما قضى به من الرد قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضي بعقوبات تكميلية مقررة للجرائم ذات العقوبة الأخف جبتها العقوبة المقررة لجريمة الرشوة ذات العقوبة الأشد. لما كان ذلك, وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون, فإنه يتعين - إعمالا لما تقدم - نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء عقوبة الرد وقصر مبلغ الغرامة المقضي بإلزام الطاعن بها على مبلغ 21.500.00 دولارا ومبلغ 10.000.000 جنيه مصري, لما كان ما تقدم, فإنه لا مصلحة للطاعن - من بعد - فيما يثيره بخصوص جرائم التربح والإضرار العمدي والكسب غير المشروع, طالما أن الحكم المطعون فيه قد أثبت في حقه توافر جريمة الرشوة - وهي الجريمة التي خلصت هذه المحكمة إلى أن ما أثاره الطاعن من مناع على الحكم المطعون فيه بشأنها إنما هي مناع غير مقبولة - وأوقعت عليه - بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - عقوبة واحدة عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة, وذلك بالتطبيق للمادة 32/1 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الرشوة التي ثبتت في حق الطاعن على نحو ما سلف. لما كان ذلك, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا
الوقائع
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- بصفته موظفاً عمومياً "خبير التخطيط والمشروعات والمشرف على الإدارة العامة للأمن الصناعي وحماية البيئة بالهيئة المصرية العامة للبترول" حصل لنفسه على ربح من أعمال وظيفته بأن حصل على مبلغ وقدره 103128.7 دولاراً أمريكياً من شركة ........ الإنجليزية المتعاقدة مع الهيئة المصرية العامة للبترول لتوريد معدات ومهمات الأمن الصناعي وذلك كعمولة نسبتها 6% من قيمة الإعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد مادة المونكس، 5% من قيمة الإعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد مادة ألبى سي أف حال كونه مختصاً بتحديد كمياتها ومواصفاتها، كما حصل من شركة ....... الكندية على مبلغ 21500 دولار أمريكي، 10000 جنيه مصري مستغلاً في ذلك المعلومات والأبحاث الخاصة بمواجهة التلوث بالشواطئ المصرية والمتوافرة لديه بحكم عمله في هذا المجال وأمد بها الشركة سالفة الذكر حال كونه ممثلاً للهيئة المصرية العامة للبترول في التعاقد معها ومختصاً بالإشراف على ما تقدمه من دراسات وتقييم ما تؤديه من أعمال وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 2- بصفته سالف الذكر أضر عمداً بأموال مصالح شركات مصر للبترول والجمعية التعاونية للبترول والسويس للبترول وأنابيب البترول والنصر للبترول والغازات البترولية والمناطق الجغرافية لهذه الشركات والتابعة للهيئة المصرية العامة للبترول والتي يتصل بها بحكم عمله كخبير للتخطيط والمشروعات ومشرف على الإدارة العامة للأمن الصناعي وحماية البيئة بأن طلب استيراد ثماني سيارات إطفاء تلسكوبية وكميات من مواد الإطفاء "85 طن مونكس"، "40 طن فلور وبروتين فوم - 20 طن ماء خفيق" وسيارات ورشة متنقلة، بلغت قيمتها 2346831.46 جنيهاً مصرياً وذلك كله رغم عدم طلبها من الشركات سالفة الذكر والتي لم تقم باستخدامها لعدم الحاجة إليها قاصداً زيادة حجم المشتريات لرفع قيمة العمولة التي حصل عليها على النحو المبين بالتحقيقات. وأضافت النيابة العامة تهمة ثالثة إليه بجلسة المرافعة هي أنه بصفته سالفة الذكر طلب وأخذ عطية للقيام بعمل من أعمال وظيفته بأن طلب من ............... نسبة 3% من قيمة العقد بين شركتي ....... وشركة ........ والبالغة قيمته مليون دولار وأخذ منهما 21500 دولار وعشرة آلاف مصري وذلك للقيام بعمل من أعمال وظيفته وهي اعتماد وتقييم الأعمال المقدمة من شركة ....... في مشروع مكافحة تلوث البيئة وذلك من النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: 1- بصفته سالفة الذكر حصل على كسب غير مشروع نتيجة ارتكابه لنص عقابي بأن أخذ مبلغ 124628.7 دولار أمريكياً كعمولة في القضيتين موضوع الاتهام المسند إليه في الجناية رقم .... لسنة .... جنايات مدينة نصر السابقة على النحو المبين بالتحقيقات. 2- بصفته آنفة الذكر طرأت زيادة في ثروته لا تتناسب مع موارده المالية قدرها ثمانية وأربعون ألف دولار أمريكي وخمسة وتسعين ألف جنيه ومائة جنيه وقد عجز عن إثبات مصدر مشروع لها على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة بعد أن قررت ضم الجناية رقم ..... لسنة ..... مدينة نصر إلى الجناية رقم ...... مدينة نصر قضت حضورياً في ..... عملاً بالمواد 115، 116/1 مكرراً، 118، 118 مكرراً، 119/ب، 119 مكرراً من قانون العقوبات والمواد 1/2، 2/5، 10/1، 14/2، 18/3 من القانون 62 لسنة 1975 أولاً: بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه. ثانياً: بتغريمه عن موضوع التهمة الأولى المسندة إليه في الجناية رقم ...... لسنة ...... مدينة نصر وتهمة الرشوة المضافة إليها مبلغ مائة واثنين وسبعون ألف وستمائة وثمانية وعشرون دولار وسبعة سنت وخمسة وتسعون ألف جنيه مصري ومائة جنيه وإلزامه برد مثل هذا المبلغ للجهة التي يعمل بها "الهيئة العامة للبترول".
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
المحكمة
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الرشوة والتربح والإضرار العمدي والكسب غير المشروع قد ران عليه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق, وشابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال, ذلك بأنه صدر من هيئة مغايرة للهيئة التي سمعت المرافعة إذ أثبت بديباجته أن عضو اليسار بالهيئة التي أصدرته هو المستشار/ ...................... بينما أثبت بمحاضر الجلسات أن عضو اليسار بالهيئة التي سمعت المرافعة هو المستشار/.................., كما أن الأخير لم يلحق بالهيئة إلا اعتبارا من الجلسات التي جرت فيها المرافعة مما لا يتيح له فرصة الإحاطة بوقائع الدعوى وما قدم فيها من مذكرات ومستندات, فضلا عن عدم مشاركته في الإجراءات السابقة اتخاذها في الدعوى والتي لم تجر تلاوتها بالجلسة وخلا الحكم ومحضر الجلسة مما يفيد حصول المداولة بين أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة وصدر الحكم من محكمة غير مختصة, إذ ضمنت المحكمة قضية الكسب غير المشروع إلى القضية الخاصة بباقي الجنايات المنسوبة إلى الطاعن وفصلت فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد للارتباط, رغم أن القضية المنضمة كانت محالة إليها كمحكمة جنايات عادية مما يجعل الاختصاص بنظر القضيتين منعقد لمحكمة الجنايات وليس أمن دولة, ودانه الحكم عن تهمة الرشوة رغم أن النيابة كانت قد وجهت إليه تلك التهمة عن واقعة حصوله على مبلغ 70/128/13 دولارا من شركة أي سي أي ولكنها لم توردها في أمر الإحالة وأدرجت المبلغ المنوه عنه ضمن المبالغ المكونة لجريمة التربح, وهو ما يشكل أمرا ضمنيا من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن جريمة الرشوة, وهو ما تمسك به الدفاع إلا أن الحكم رد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لهذه الجريمة بما لا يسوغ إطراحه, كما اطرح دفاعه بأن مبلغ 21.500.00 دولارا ومبلغ 10.000.00 جنيها مصريا اللذين حصل عليهما من شركة بينيت الكندية كانا أجرا له عن الدراسة التي أعدها لحساب تلك الشركة - عن التلوث البترولي - والتي قام بها في غير أوقات العمل مما يبعد الواقعة عن نطاق التجريم لأن مخالفة ما تفرضه اللوائح من قيود على عمل الموظف لحساب الغير لا يرتب أكثر من المساءلة الإدارية, وقد خلط الحكم بين هذه الدراسة وبين دراسة الجدوى التي قدمتها الشركة المذكورة بعد ذلك والتي أبرم بمقتضاها عقد مشروع مكافحة التلوث الذي وقع عليه بتفويض من وزير البترول, وعول الحكم, على أقوال شهود الإثبات رغم عدم صحتها ولم يفطن إلى الخلاف بينه وبين جون بينيت على المبالغ المستحقة له في ذمة الأخير عن هذه الدراسة, والتفت عن الدفع ببطلان التسجيلات الهاتفية لإجرائها قبل صدور الأمر بالمراقبة ولتجاوزها حدود هذا الأمر الذي اقتصر على تسجيل محادثاته مع ممثلي ووكلاء الشركات الأجنبية وعول على تسجيل محادثاته مع الشاهد/ .................. - الذي لم يكن وكيلا عن شركة أي. سي. أي في تاريخ التسجيل ورغم عدم مطابقة أرقام الإشعارات التي وردت بأقواله لأرقام إشعارات الإضافة بحساب الدكتور/ ............... - شريك الطاعن - ببنك دي روما بسويسرا, ورد على الدفع ببطلان تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات لعدم حلف أعضائها اليمين وخلو تشكيلها من خبير في الأمن الصناعي برد غير سائغ ملتفتا عن الاعتراضات التي أبداها .............. على عملها, هذا فضلا عن تناقض الحكم في أسبابه إذ أورد في تحصيله للواقعة أن الطاعن فرض على الشركات التابعة للهيئة شراء خمسة عشر سيارة إطفاء تليسكوبيه ثم انتهى إلى استبعاد قيمة تلك السيارات من جريمة الإضرار, وخلا الحكم من أسباب تحمل قضاءه بالإدانة عن جريمة الكسب غير المشروع, والتفت - إيرادا وردا عن المستندات التي قدمها والمثبتة لمصادر دخله, وأخطأ الحكم في مقدار العمولة التي نسب إلى الطاعن الحصول عليها من شركة أي. سي أي فأورد أنها 70/128/103 دولارا وليس 70/128/13 دولارا كما ورد بالتحقيقات مما أدى إلى خطئه في العقوبات التكميلية التي ألزم الطاعن بها, كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فيما مفاده أن الطاعن يعمل مديرا لإدارة الأمن الصناعي وحماية البيئة بالهيئة العامة للبترول التي تتولى الإشراف على جميع شركات البترول العاملة بالبلاد, وكان يتبع في استيراد احتياجات تلك الشركات من مواد الإطفاء (نظام التجميع) بأن ترسل كل منها إلى الطاعن بيانا بما تحتاج إليه من هذه المواد, وبعد تجميع هذه البيانات وعرضها على لجنة الدراسة - التي كان الطاعن يسيطر عليها - يتم العرض على لجنة البت بمذكرة من الطاعن تتضمن التوصية بإرساء العطاء على إحدى الشركات المتقدمة بعطاءات, وأن الطاعن كان على صلة ببعض هذه الشركات ومنها سافال الهولندية وآي. سي. آي البريطانية وبينيت الكندية ويحصل منها على نسبة تتراوح بين 5 , 6 % من قيمة ما يتم توريده منها من مواد الإطفاء حسب نوع المادة وإلا أفشى عرضها مما يحول دون فوزها بالعطاء, وكان يضيف كميات أكثر مما طلبته الشركات من هذه المواد مما كان يؤدي إلى فسادها لطول مدة التخزين, وفرض على شركات البترول سيارات إطفاء تليسكوبية استورد خمسة عشر سيارة منها - رغم عدم توافر إمكانيات تشغلها - بلغت قيمتها 460/831/346/3 جنيها, وذلك لزيادة ما يحصل عليه من عمولات كانت تدفع إليه إما بإيداعها في حساب صديقه ............... لدى أحد بنوك سويسرا - ثم يتولى الأخير تحويلها إلى حساب الطاعن أو نجله................, وقد بلغ جملة ما حول إليه بهذا الطريق 00/219/70 دولار, 00/895/15 جنيها إسترلينيا وإما بدفعها إلى الطاعن نقدا, كما تقدمت شركة بينيت بمشروع لمكافحة التلوث البترولي بالمياه الإقليمية, ساهمت فيه الحكومة الكندية بمبلغ 00/000/459 دولارا كمنحة مشروطة بأن تقدم تلك الشركة بعمل الدراسات وبرامج التنفيذ, وبلغت حصة مصر في التكلفة 00/000/2.856 دولارا , 00/000/92 جنيها مصريا, وكان الطاعن هو ممثل مصر في التوقيع على عقد المشروع والمشرف على تنفيذه, وقد طلب لنفسه نسبة 3% من تكلفة المشروع ومبلغ 00/000/400 دولارا مقابل اعتماد مستحقات الشركة المذكورة حصل منها على مبلغ 00/5000/21 دولارا سلمها إليه جون انتوني بنيت - صاحب الشركة المذكورة نقدا - ومبلغ 00/000/10 جنيها مصريا حول إلى حسابه لدى بنك مصر بالشيك رقم ............... بتاريخ 12/4/1988, ولما شاعت سمعة الطاعن في تقاضي العمولات والرشاوى أبعده رئيس الهيئة عن العمل بها وألغى نظام تجميع الاحتياجات وبلغ ما حققه الطاعن من كسب غير مشروع 70/628/124 دولارا فضلا عن مبلغ 00/000/48 دولارا أخرى ومبلغ 00/000/95 جنيها مصريا. وقد ساق الحكم على صحة إسناد هذه الجرائم إلى الطاعن وثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال كل من ................. عضو الرقابة الإدارية, و................. رئيس هيئة البترول, و ......... نائب رئيس تلك الهيئة, و.............. رئيس شركة "أنابيب البترول". و.............. رئيس شركة انبي, و ...................... رئيس شركة بترول بلاعيم, و................... رئيس شركة ويبكو, و.......................... وكيل أول وزارة البترول, و ................... مدير البنك التجاري الدولي, و ................... مديرة الموافقات الاستيرادية بالهيئة والمهندس ..................... بشركة بينيت, وكل من ..............., و .............. , و ............. , و .............................. , و ................ , و ............. , و............... و................. مديري إدارات الأمن الصناعي بالهيئة والشركات التابعة لها, ومما قرره كل من ...............و .............. نائب مدير شركة أي. سي. أي و ..............ومن الأوراق المضبوطة مع الطاعن وبمسكنه ومما ورد باعترافه, وما ثبت بالتسجيلات الهاتفية المأذون بإجرائها, وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها, وحصل الحكم مؤدى كل منها في بيان واف. لما كان ذلك, وكان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الدعوى كانت مؤجلة إلى دور فبراير الذي نظرت فيه اعتبارا من 21/2/1991 بتشكيل المستشار/ ................. عضو يسار به, بدلا من المستشار/..............., وقامت المحكمة في هذا الدور بسماع الشهود ومرافعات النيابة والدفاع حتى جلسة 28/2/1991 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه, مما يقطع بأن الهيئة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم كانت بعضوية المستشار/......................, وبأن ذكر اسم المستشار/..........................بديباجة الحكم كان وليد سهو وقع فيه الكاتب, ولما كان المعول عليه في تصحيح هذا الخطأ هو بما يستمد من محضر جلسة النطق بالحكم باعتباره مكملا له, فإن الطعن على هذا السهو لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان الثابت أن الدفاع قد أتيح له مجال المرافعة على مدى جلسات متعددة تناول فيها المراحل التي مرت بها الدعوى وما قدم فيها من مستندات وأدلة فإن اختتامه مرافعته بعد ذلك بطلب القضاء بالبراءة مفاده أنه قد أصبح على قناعه بأن الدعوى قد أضحت صالحة للفصل فيها من الهيئة التي أبدى أمامها دفاعه, وكان الدفاع لا يدعى أن حقه في المرافعة قد حجر عليه, فإن منازعته في كفاية ما أتيح لعضو اليسار من وقت للإحاطة بوقائع الدعوى تكون غير مقبولة. إذ كان في إمكانه إيضاح ما يهمه إيضاحه من وقائع خلال المرافعة فضلا أن هذا المنعي لا يتصل بصحة تشكيل المحكمة أو بولايتها أو باختصاصها مما هو متعلق بالنظام العام وإنما يتصل بإجراءات التحقيق بالجلسة التي يسقط الحق في التمسك ببطلانها متى كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره ودون اعتراض منه طبقا لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية, وإذ كان الدفاع عن الطاعن لم يعترض على قيام المحكمة بتحقيق الدعوى وسماع الشهود قبل إتاحة الفرصة لعضو اليسار للإحاطة بالمستندات ولم يطلب التأجيل لهذا الغرض, فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان القانون لم يوجب عند تغيير هيئة المحكمة إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمنا ولم تر المحكمة من جانبها محلا لذلك, فلا عليها إن هي قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها, وإذ كان الثابت أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته - على خلاف ما ورد بمذكرة الأسباب - وكان الأصل - طبقا لنص المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة إلا بالطعن بالتزوير - وهو ما لم يفعله الطاعن - ومن ثم لا يقبل منه ما يثيره في هذا الشأن. لما كان ذلك, وكان القانون رقم 105 لسنة 1980 قد نص في الفقرة الأولى من مادته الثالثة على أن (تختص محاكم أمن الدولة العليا - دون غيرها - بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكررا والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها) ومن ثم فإن الجرائم المرتبطة تأخذ حكم الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة من حيث انفراد محكمة أمن الدولة العليا بنظرها, وكان المقرر أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد أقام قضاءه على ما يحمله, وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة إلى توافر الارتباط بين جريمة الكسب غير المشروع وبين جرائم الرشوة والتربح والإضرار المنسوبة إلى الطاعن, وكانت كلتا القضيتين منظورة أمام المحكمة, فإن الاختصاص بنظرهما يكون منعقدا لمحكمة أمن الدولة العليا, ويكون ضم المحكمة لهما وفصلها فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد إجراء يتفق وصحيح القانون, ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك, وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يعدل الوصف الذي أقيمت به الدعوى عن واقعة حصول الطاعن على عمولة من شركة آي. سي. آي وهو التربح, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من سبق صدور أمر ضمني من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى بتهمة الرشوة عن تلك الواقعة وما ينعاه على رد الحكم على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى بشأنها يكون في غير محله, لأن الحكم دانه بتهمة الرشوة عن واقعة أخرى هي حصوله من شركة بينيت على مبلغ 21.500.000 دولار ومبلغ 10.000 جنيها, وهي واقعة لم يدع الطاعن بأنه قد صدر بشأنها أي أمر - صريح أو ضمني - من النيابة بأوجه لإقامة الدعوى الجنائية عنها, ولا يماري في أن تحقيقات النيابة قد شملتها وأن الدعوى الجنائية عنها قد أقيمت فعلا من النيابة بوصف أنها تشكل جريمة التربح وأصبحت - من ثم - مطروحة على المحكمة, وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا, ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة إليها, بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة, هذا فضلا عن أن وصف النيابة لا يعدو أن يكون إيضاحا عن وجهة نظرها, فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم, ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث وانتهى إلى أن ما حصل عليه الطاعن من الشركة آنفة الذكر يندرج تحت وصف الرشوة وليس تربحا, ودانه عن هذا الفعل على هذا الأساس فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية, ذلك أن ما انتهى إليه من تعديل للوصف لم يتضمن تحويرا في كيان الواقعة آو بنيانها القانوني أو إسناد أفعال المتهم غير التي رفعت بها الدعوى, إذ أن التغيير المحظور عليه هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها الدعوى, والثابت أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة وتناولتها التحقيقات والتي كانت مطروحة بالفعل على المحكمة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساسا للوصف الجديد الذي دان الطاعن به والذي دارت على أساسه المرافعة ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال, إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم, فإن ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه بأن ما حصل عليه من شركة بينيت كان أجرا له عن الدراسة التي قام بها لحسابها في غير أوقات العمل, والخلط بينها وبين دراسة الجدوى التي قدمتها الشركة بعد ذلك, لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح, وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من المطاعن وحام حولها من الشبهات, كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه, وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له أصله الثابت بالأوراق, فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهم رغم عدم صحتها يتمخض جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها, فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على شهادة ............. يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل وبطلان التسجيلات في قوله (أن تحريات الرقابة الإدارية كانت جادة بصدد ما ارتكبه المتهم وقد أوردت بصدد محاضر الاستدلالات الوقائع المنسوبة إلى المتهم دون أن تختلف في شيء عما ثبت في حق المتهم, ومن ثم يكون الدفع ببطلان إذن النيابة بتسجيل المحادثات على تليفون المتهم في غير محله لأنه بني على إجراءات صحيحة وتحريات جادة, وكذلك الدفع ببطلان محادثات غير المتهم من تليفونه, ذلك أن الإذن بتسجيل المحادثات يرد على ما يجري من محادثات على التليفون الموضوع تحت الرقابة فيما يختص ويتصل بوقائع الاتهام ومنها حديث ............. الذي كان ممثلا لشركة أي. سي. أي في مصر والذي بان منه نسبة العمولة وما سدد منها, وقد كان مع المتهم شخصيا, أما التسجيلات التي لا صلة لها بالاتهام فلا محل للقول ببطلانها لعدم جدوى ذلك أما عن الدفع ببطلان ترجمة المحادثات ...............) وهو رد سائغ من شانه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه, هذا فضلا عما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه من أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن هذه التسجيلات, وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إذ هو عول على تلك القرينة تأييدا وتعزيزا للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه, ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلا أساسيا على ثبوت الاتهام قبل الطاعن, ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك, وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات ومن ثم فإنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان هذا التقرير أو الاعتراضات التي أبداها الطاعن على عملها. لما كان ذلك, وكانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه (إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها) فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد, وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة المذكورة, إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها, وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى توافر الارتباط بموجب الفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر بين جميع الجرائم التي دان الطاعن بها عدا جريمة الإضرار العمدي التي تشكل حالة تعدد حقيقي مع الجرائم الأخرى يخضع لحكم الفقرة الثانية من تلك المادة, وكانت جريمة الرشوة هي الجريمة ذات العقوبة الأشد فإن العقوبة الأصلية والتكميلية المقررة لهذه الجريمة تكون هي وحدها الواجبة التطبيق, إزاء ما هو ثابت من أن الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن العقوبة التكميلية المقررة لجريمة الإضرار العمدي والتي لا تجبها العقوبة المقررة للجريمة ذات العقوبة الأشد - ولا محل لإيقاعها حتى لا يضار الطاعن بطعنه - وكانت المادة 103 من قانون العقوبات قد حددت العقوبة التكميلية المقررة لجريمة الرشوة وهي الغرامة التي لا تقل عن 1000 جنيه ولا تزيد على ما أعطى للجاني أو وعد به وكان الحكم قد أثبت أن ما أعطى للطاعن على سبيل الرشوة هو مبلغ 21.500.000 دولارا ومبلغ 10.000.00 جنيه مصري, ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما تجاوز فيه هذين المبلغين من غرامة - وهما فقط الجائز الحكم بإلزام الطاعن بهما باعتبار أنهما العقوبة التكميلية لجريمة الرشوة ذات العقوبة الأشد - وفيما قضى به من الرد قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضي بعقوبات تكميلية مقررة للجرائم ذات العقوبة الأخف جبتها العقوبة المقررة لجريمة الرشوة ذات العقوبة الأشد. لما كان ذلك, وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون, فإنه يتعين - إعمالا لما تقدم - نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء عقوبة الرد وقصر مبلغ الغرامة المقضي بإلزام الطاعن بها على مبلغ 21.500.00 دولارا ومبلغ 10.000.000 جنيه مصري, لما كان ما تقدم, فإنه لا مصلحة للطاعن - من بعد - فيما يثيره بخصوص جرائم التربح والإضرار العمدي والكسب غير المشروع, طالما أن الحكم المطعون فيه قد أثبت في حقه توافر جريمة الرشوة - وهي الجريمة التي خلصت هذه المحكمة إلى أن ما أثاره الطاعن من مناع على الحكم المطعون فيه بشأنها إنما هي مناع غير مقبولة - وأوقعت عليه - بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - عقوبة واحدة عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة, وذلك بالتطبيق للمادة 32/1 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الرشوة التي ثبتت في حق الطاعن على نحو ما سلف. لما كان ذلك, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا