الطعن رقم 434 لسنة 21 بتاريخ 25/12/1951
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بناحية طامية مركز سنورس مديرية الفيوم: المتهم الأول - بصفته موظفا عموميا (كونستابل نقطة بوليس طامية والقائم برئاستها) قبل من ............... مبلغ جنيهين على سبيل الرشوة لامتناعه عن عمل من أعمال وظيفته وهو عدم القبض عليه وعدم ضبط السكر الذي كان بمخزنه وتحرير محضر عن ذلك. والمتهم الأول أيضا بصفته سالفة الذكر قبل من............... السابق الذكر مبلغ خمسين جنيها على سبيل الرشوة لامتناعه عن عمل من أعمال وظيفته وهو عدم تحرير محضر ضده لتقديمه له مبلغ الجنيهين موضوع الجريمة الأولى والمتهم الثاني: توسط بين............... وبين المتهم الأول في إتمام جريمة الرشوة الثانية آنفة الذكر بأن استلم مبلغ الخمسين جنيها من............... وقام بتسليمه للمتهم الأول فوقعت الجريمة بناء على تلك الوساطة وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 103 و104 و108/1 من قانون العقوبات فقرر بذلك وقد ادعى............... بحق مدني قبل المتهمين متضامنين وطلب أن يحكم له عليهما بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات الفيوم قضت عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات - بمعاقبة............... بالسجن لمدة ثلاث سنين وتغريمه مبلغ 52 جنيها ومعاقبة............... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه مبلغ 50 جنيها وألزمت المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ 60 جنيها على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض...الخ
المحكمة
... حيث إن الطاعن الأول يقول إن الحكم المطعون فيه جاء قاصرا في بيان الأدلة على جريمة الرشوة. ذلك بأن المحكمة قالت إنه استولى على جنيهين على سبيل الرشوة مقابل عدم تحرير محضر للراشي وأنه عرض الأمر بعد ذلك على الضابط وأبلغه بواقعتي ضبط السكر وتقديم الرشوة له فأمره بعمل محضر والقبض على مقدم الرشوة ولم تعلل المحكمة كيف اجتزأ الطاعن على مخالفة هذا الأمر بل إن ما ذكرته تعليلا لعدم تحرير الطاعن للمحضر يؤيد دفاعه من أنه رد المبلغ إلى صاحبه. أما واقعة استيلائه على مبلغ الخمسين جنيها بعد ذلك من الراشي على سبيل الرشوة مقابل امتناعه عن تحرير محضر للراشي لتقديمه مبلغ الرشوة الأولى فإن الثابت من التحقيقات أن المبلغ لم يقدم إليه هو بل قدم إلى الطاعن الثاني الذي وجهت إليه تهمة التوسط في الرشوة وكل الدلائل تقطع بأن لا صلة بين هذه الواقعة وبين تصرف الطاعن في أمر الراشي بعد ضبطه. ثم إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضي للراشي بوصفه مدعيا بالحقوق المدنية بالتعويض في حين أن الضرر المدعي به ليس ناشئا عن الجريمة مباشرة ولا يرد على ذلك أن المدعي دفع مبلغ الرشوة إلى الطاعن وأنه يطالب برده ذلك لأن مبلغ الرشوة إنما دفع إلى الموظف لغرض غير مشروع فلا تصح المطالبة برده ولا الادعاء بحصول ضرر يستوجب أي تعويض آخر. ويضيف الطاعن أن الحكم أخطأ في القضاء على كلا الطاعن والوسيط بغرامة قدرها خمسون جنيها فوق الجنيهين اللذين انفرد بهما الطاعن إذ لا يصح في القانون أن يتكرر الحكم بالغرامة عن مبلغ واحد وكان يجب القضاء عليهما معا بمبلغ الخمسين جنيها وعلى الطاعن بمبلغ الرشوة التي دين بالاستيلاء عليها وحده.
ويقول الطاعن الثاني إن المحكمة دانته بجريمة التوسط في الرشوة بمقولة إنه سلم مبلغ الخمسين جنيها للطاعن الأول مقابل امتناعه عن تحرير محضر للراشي وقد بنت حكمها بصحة هذه الواقعة على مجرد الظن والافتراض دون أن تقيم دليلا على ذلك مستمدا من التحقيقات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دين بها الطاعنان وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. ولما كان الأمر كذلك فإن ما يثيرانه في هذا الصدد لا يخرج في حقيقته عن المجادلة في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما تختص به محكمة الموضوع بلا معقب عليها فيه.
وحيث إنه عما جاء بالطعن في صدد الدعوى المدنية فإن جريمة الرشوة قد أتمها القانون لكونها صورة من صور اتجار الموظف بوظيفته وإخلاله بواجب الأمانة التي عهد بها إليه. لما كان ذلك وكان الراشي هو أحد أطراف هذه الجريمة يساهم فيها بتقديم الرشوة إلى الموظف لكي يقوم أو يمتنع عن القيام بعمل من أعمال وظيفته فإنه لا يصح أن يترتب له حق في المطالبة بتعويض عن جريمة ساهم هو في ارتكابها ولا يؤثر في ذلك ما نص عليه القانون من إعفاء الراشي والمتوسط إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها. ولذا فإن الحكم حين قضي في الدعوى المدنية بمبلغ الرشوة والتعويض عن ذلك لم يصادف الصواب ويتعين لذلك نقضه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية لعدم مشروعية سببها.
وحيث إنه عن الغرامة المقضي بها فإن القانون قد نص في المادة 108 من قانون العقوبات على ما يأتي: "من رشا موظفا والموظف الذي يرتشي ومن يتوسط بين الراشي والمرتشي يعاقبون بالسجن ويحكم على كل منهم بغرامة تساوي قيمة ما أعطى أو وعد به". لما كان ذلك فإن الغرامة الواجب الحكم بها على مقتضى صريح النص المشار إليه هي غرامة نسبية تحدد حسب مقدار ما استولى عليه كل من المرتشين ويكون الحكم حين قضي بالغرامة على النحو الوارد به قد طبق القانون تطبيقا صحيحا.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بناحية طامية مركز سنورس مديرية الفيوم: المتهم الأول - بصفته موظفا عموميا (كونستابل نقطة بوليس طامية والقائم برئاستها) قبل من ............... مبلغ جنيهين على سبيل الرشوة لامتناعه عن عمل من أعمال وظيفته وهو عدم القبض عليه وعدم ضبط السكر الذي كان بمخزنه وتحرير محضر عن ذلك. والمتهم الأول أيضا بصفته سالفة الذكر قبل من............... السابق الذكر مبلغ خمسين جنيها على سبيل الرشوة لامتناعه عن عمل من أعمال وظيفته وهو عدم تحرير محضر ضده لتقديمه له مبلغ الجنيهين موضوع الجريمة الأولى والمتهم الثاني: توسط بين............... وبين المتهم الأول في إتمام جريمة الرشوة الثانية آنفة الذكر بأن استلم مبلغ الخمسين جنيها من............... وقام بتسليمه للمتهم الأول فوقعت الجريمة بناء على تلك الوساطة وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 103 و104 و108/1 من قانون العقوبات فقرر بذلك وقد ادعى............... بحق مدني قبل المتهمين متضامنين وطلب أن يحكم له عليهما بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات الفيوم قضت عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات - بمعاقبة............... بالسجن لمدة ثلاث سنين وتغريمه مبلغ 52 جنيها ومعاقبة............... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه مبلغ 50 جنيها وألزمت المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ 60 جنيها على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض...الخ
المحكمة
... حيث إن الطاعن الأول يقول إن الحكم المطعون فيه جاء قاصرا في بيان الأدلة على جريمة الرشوة. ذلك بأن المحكمة قالت إنه استولى على جنيهين على سبيل الرشوة مقابل عدم تحرير محضر للراشي وأنه عرض الأمر بعد ذلك على الضابط وأبلغه بواقعتي ضبط السكر وتقديم الرشوة له فأمره بعمل محضر والقبض على مقدم الرشوة ولم تعلل المحكمة كيف اجتزأ الطاعن على مخالفة هذا الأمر بل إن ما ذكرته تعليلا لعدم تحرير الطاعن للمحضر يؤيد دفاعه من أنه رد المبلغ إلى صاحبه. أما واقعة استيلائه على مبلغ الخمسين جنيها بعد ذلك من الراشي على سبيل الرشوة مقابل امتناعه عن تحرير محضر للراشي لتقديمه مبلغ الرشوة الأولى فإن الثابت من التحقيقات أن المبلغ لم يقدم إليه هو بل قدم إلى الطاعن الثاني الذي وجهت إليه تهمة التوسط في الرشوة وكل الدلائل تقطع بأن لا صلة بين هذه الواقعة وبين تصرف الطاعن في أمر الراشي بعد ضبطه. ثم إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضي للراشي بوصفه مدعيا بالحقوق المدنية بالتعويض في حين أن الضرر المدعي به ليس ناشئا عن الجريمة مباشرة ولا يرد على ذلك أن المدعي دفع مبلغ الرشوة إلى الطاعن وأنه يطالب برده ذلك لأن مبلغ الرشوة إنما دفع إلى الموظف لغرض غير مشروع فلا تصح المطالبة برده ولا الادعاء بحصول ضرر يستوجب أي تعويض آخر. ويضيف الطاعن أن الحكم أخطأ في القضاء على كلا الطاعن والوسيط بغرامة قدرها خمسون جنيها فوق الجنيهين اللذين انفرد بهما الطاعن إذ لا يصح في القانون أن يتكرر الحكم بالغرامة عن مبلغ واحد وكان يجب القضاء عليهما معا بمبلغ الخمسين جنيها وعلى الطاعن بمبلغ الرشوة التي دين بالاستيلاء عليها وحده.
ويقول الطاعن الثاني إن المحكمة دانته بجريمة التوسط في الرشوة بمقولة إنه سلم مبلغ الخمسين جنيها للطاعن الأول مقابل امتناعه عن تحرير محضر للراشي وقد بنت حكمها بصحة هذه الواقعة على مجرد الظن والافتراض دون أن تقيم دليلا على ذلك مستمدا من التحقيقات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دين بها الطاعنان وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. ولما كان الأمر كذلك فإن ما يثيرانه في هذا الصدد لا يخرج في حقيقته عن المجادلة في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما تختص به محكمة الموضوع بلا معقب عليها فيه.
وحيث إنه عما جاء بالطعن في صدد الدعوى المدنية فإن جريمة الرشوة قد أتمها القانون لكونها صورة من صور اتجار الموظف بوظيفته وإخلاله بواجب الأمانة التي عهد بها إليه. لما كان ذلك وكان الراشي هو أحد أطراف هذه الجريمة يساهم فيها بتقديم الرشوة إلى الموظف لكي يقوم أو يمتنع عن القيام بعمل من أعمال وظيفته فإنه لا يصح أن يترتب له حق في المطالبة بتعويض عن جريمة ساهم هو في ارتكابها ولا يؤثر في ذلك ما نص عليه القانون من إعفاء الراشي والمتوسط إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها. ولذا فإن الحكم حين قضي في الدعوى المدنية بمبلغ الرشوة والتعويض عن ذلك لم يصادف الصواب ويتعين لذلك نقضه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية لعدم مشروعية سببها.
وحيث إنه عن الغرامة المقضي بها فإن القانون قد نص في المادة 108 من قانون العقوبات على ما يأتي: "من رشا موظفا والموظف الذي يرتشي ومن يتوسط بين الراشي والمرتشي يعاقبون بالسجن ويحكم على كل منهم بغرامة تساوي قيمة ما أعطى أو وعد به". لما كان ذلك فإن الغرامة الواجب الحكم بها على مقتضى صريح النص المشار إليه هي غرامة نسبية تحدد حسب مقدار ما استولى عليه كل من المرتشين ويكون الحكم حين قضي بالغرامة على النحو الوارد به قد طبق القانون تطبيقا صحيحا.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا