مذكرة رقم ( 1 ) بطـــلان عـقـد الـــــزواج لانتفاء أركانه
بدفـــــاع
السيدة/ ........................... بصفتها مدعية
ضــــد
السيد /......................... بصفته مدعى عليه
فـي الدعوي رقم ........لسنة .......... والمحدد لنظرها جلسة........... أمام الدائرة .......... محكمة ........... الدائرة.............
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوي في أن المدعية قد طلقت ثلاثاً من زوجها وبانت منه ، وقد تزوجت من المدعي عليه بموجب العقد المؤرخ ...............، إلا أنه رفض أن يوفيها عاجل مهرها ، وقد اكتشفت أن هذا الزوج الأخير ما تزوجها إلا بغرض تحليلها للزوج الأول ، الأمر الذي حدا بها إلي أن تمتنع عن تسليم نفسها إليه ، بناء علي بطلان عقد الزواج المبرم بينهما ، وعدم استكماله بعض الشروط والأركان الشرعية المتمثلة في المهر والتأبيد .
الـــدفــاع
توجز المدعية أوجه دفاعها فيما يلي من دفوع :
نكاح التحليل (الدفع ببطلان زواج التحليل ): نكاح التحليل يقصد منه أن تحل المطلقة ثلاثاً لمطلقها ، ولا خلاف بين الفقهاء في فساد هذا النوع من النكاح ، حتي أن الإمام بن تيمية رحمه الله يري أن هذا النكاح أشر من نكاح المتعة.
فهذا النوع من النكاح لا يقوم المحلل (التيس المستعار) بإعطاء مهر للزوجة ، ولا يقصد منه التأبيد ، بل يكون قصد المحلل تحليلها لمطلقها .
وفي هذا الشأن قدم سؤال دار الإفتاء المصرية ، في سؤال يتضمن ( ما هى الحلالة ( المحلل ) الرجاء تعريفها، وما هو حكم القرآن بشأنها إن هذه الحالة متبعة فى كثير من القرى الصغيرة، إذ يتزوج إمام جامع القرية الزوجة المطلقة ويطلقها فى صباح اليوم التالى، ثم يعلن بعد أنها أصبحت محللة ويجوز إعادة العقد عليها، ويتقاضى الإمام رسماً عن هذا العمل الذى يسمونه واجباً دينياً - أليس هذا مخالفا للقانون الإنساني، أليس من الأمور المخجلة أن يفرض على زوجة المرء هذا الإجراء المنفر أو المخجل على الأقل - ألا يخالف ذلك تعاليم الإسلام .
الرجاء إلقاء بعض الضوء حول هذه المشكلة العويصة وهى مشكلة الحلال ، فأفتت بأن : المحلل هو من تزوج المرأة المطلقة طلاقاً مكملاً للثلاث قاصداً تحليلها للزوج الأول باتفاق بين الزوجين وأهلهما مع قصد التحليل من الزوج الثانى، أو اشتراط ذلك صراحة منه أو بدون اتفاق ولا شرط .
وقد نص الفقهاء على أنه إذا قصد الزوج الثانى بزواجه من المرأة المبانة من زوجها الأول إحلالها له لما يعرف من شدة حاجتهما إلى أن يعودا إلى الزوجية التى تلم شملهما وشمل أولادهما، وأنه بدون ذلك يلحق المرأة وزوجها الأول ومن بينهما من الأولاد ضرر كبير أثيب على هذا القصد، وكان هذا الزواج صحيحاً ومحللاً المرأة لزوجها الأول بعد الدخول من الزوج الثانى والطلاق منه وانقضاء العدة، ولكن يشترط فى هذا القصد أن يكون مضمراً فى نفس الزوج الثانى ولم يعلم به المرأة والزوج الأول - أما إذا كان القصد ( قصد التحليل ) متفقاً عليه بين الزوج والزوجة وأهلهما أو معروفاً أمره بينهم فإنه يجرى عليه حكم الاشتراط الصريح الذى اختلف فيه فقهاء الحنفية .
فذهب أبو حنيفة وزفر وعلى قولهما عامة المتون إلى أن الزواج باشتراط التحليل اشتراطاً صريحاً صحيح وإذا طلقها الزوج الثانى بعد الدخول بها حقيقة حلت للأول لأنه متى كان الزواج مستوفياً أركانه وشروط صحته كان صحيحاً تترتب عليه آثاره الشرعية، وشرط التحليل شرط فاسد لا تأثير له، لأن النكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة فيلغو الشرط ويبق النكاح صحيحاً مع الكراهة التحريمية بسبب هذا الشرط الذى قارنه لأنه شرط ينافى المقصود من الزواج فى نظر الشريعة من حيث إنه يقصد به السكن والمودة والتناسل والعفة، وهى لا تكون إلا فى زواج قصد به الدوام والاستمرار، ويكون زواج الأول بها بعد ذلك مكروها تحريما أيضا فى صحته .
وقال أبو يوسف إن النكاح مع هذا الشرط فاسد ولا يحلها للأول .
وقال محمد إنه صحيح ولا يحلها للأول لأنه استعجل ما أخره الشرع وقد بحث بعض كبار المجتهدين أمثال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية فى كتابه إقامة الدليل على إبطال التحليل وتلميذه العلامة ابن القيم الجوزية فى كتابيه إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان وإعلام الموقعين وغيرهما من العلماء المجتهدين - مسألة المحلل - واتفقوا على أن ما يفعله بعض المسلمين من التزوج بقصد التحليل غير جائز للحديث الحسن الصحيح المروى عن الرسول e من عدة طرق ( لعن الله المحلل والمحلل له ) رواه الحاكم فى الصحيح والترمذى والإمام أحمد فى مسنده وسنن النسائى ، وعن ابن عباس قال سئل رسول الله عن المحلل فقال ( لا إلا نكاح رغبة لا نكاح دلسة ولا استهزاء بكتاب الله ثم تذوق العسيلة ) ( الدلس الخديعة ) وقد نقل مثل ذلك عن الصحابة - من ذلك ما روى عن ابن عمر أنه سئل عن تحليل المرأة لزوجها فقال ذاك السفاح - وما روى عن ابن عباس سأله رجل فقال إن عمى طلق امرأته ثلاثاً فقال إن عمك عصى الله فأندمه وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجاً ، قال كيف ترى فى رجل يحللها فقال من يخادع الله يخدعه .
وكذلك نقل مثله عن التابعين - من ذلك ما نقل عن عطاء فقد سأله ابن جريج قال قلت لعطاء المحلل عامداً هل عليه عقوبة قال ما علمت وإنى لأرى أن يعاقب قال وكلهم إن تحالفوا على ذلك مسيئون وإن أعظموا الصداق، وعنه أيضاً قلت لعطاء فطلق المحلل فراجعها زوجها قال يفرق بينهما .
قال ابن المنذر وقال إبراهيم النخعى إذا كان نية أحد الثلاثة الزوج الأول أو الزوج الآخر أو المرأة أنه محلل فنكاح الآخر باطل ولا تحل للأول .
ونحن نرى أن ما يفعله إمام جامع القرية فى بعض القرى الصغيرة إن صح ذلك عمل حرام قطعاً ، لأنه يحترف حرفة التحليل بأن يتزوج بقصد تحليل الزوجة المطلقة ويبيت معها ليلة ثم يطلقها فى صباح اليوم الثانى ويعلن للناس بعد ذلك أنها أصبحت محللة ويجوز إعادة عقد زوجها الأول عليها، فإن كان لم يدخل بها لم تحل له بنص القرآن والحديث، وإن كان قد دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج فقد كانت هذه المعاشرة بعد زواج قصد منه التحليل فيكون زواجاً غير صحيح ولا يحلها لزوجها الأول ، هذا هو ما يتفق مع روح الشريعة ومع ما قصد إليه الشارع من عدم إباحة مراجعة الزوج لزوجته بعد أن استنفد الطلقات الثلاث بتطليقها مرة ثم تطليقها مرة أخرى ثم تطليقها مرة ثالثة إلا إذا تزوجت غيره زواجا صحيحا قصد به الدوام والاستمرار، ولم يقصد به إحلالها لزوجها الأول ولو رفع إلينا أمر هذا المحلل لأفتينا بأن المطلقة لا تحل لزوجها الأول بهذه الوسيلة" .
فتوي فضيلة الشيخ حسن مأمون رحمه الله بتاريخ رمضان 1378 هجرية ، الموافق 10 مارس 1959م
كما أفتت دار الإفتاء المصرية أيضاً في ذات الموضوع بأن : اختلف علماء الحنفية فيما إذا شرطت المرأة على الزوج الثانى أن يكون زواجها به زواج تحليل الغرض منه تمكنها من العودة إلى الزوج الأول فقال أبو حنيفة وزفر إن هذا الزواج صحيح متى كان العقد مستوفياً لأركانه وشروط صحته، وشرط التحليل شرط فاسد لا تأثير له، لأن النكاح لا يفسد بالشروط الفاسدة، فيلغو الشرط ويبقى النكاح على الصحة، فإذا طلقها الزوج الثانى وانقضت عدتها منه فإنها تحل للأول ، ولكنه يكون مكروها كراهة تحريمية بسبب ذلك الشرط، لأنه ينافى المقصود من الزواج فى نظر الشريعة .
فاشتمال العقد على ذلك الشرط يورثه الكراهة، ويجعل زواج الأول بالمرأة بعد فراقها من الثانى مكروها أيضا ، وعلى هذه الكراهة يحمل قول الرسول e (لعن الله المحلل والمحلل له ) ، فإن الكراهة التحريمية تستوجب العقوبة . وقال أبو يوسف إن نكاح التحليل فاسد ولو حصل فيه دخول، لأنه فى معنى النكاح المؤقت الذى اتفق على فساده أئمة المذهب ماعدا زفر، فلا فرق عنده بين النكاح المؤقت والنكاح بقصد التحليل ، وقال محمد إن زواج التحليل فى ذاته زواج صحيح، ولكنه لا يحل المرأة لزوجها الأول معاملة لها بنقيض مقصودها .
وبما أن السائل يقرر فى طلبه أن زوجته تزوجت بزوج آخر بقصد تحليلها، وكان ذلك بعلمها، وأن الزوج الآخر دخل بها دخولا حقيقيا ثم طلقها، فإنه يصح له أن يتزوجها بعد انقضاء عدتها من الزوج الآخر ولكن يكون هذا الزواج مكروها، وهذا ما ذهب إليه أبو حنيفة وزفر وهو ما نختاره للفتوى والله سبحانه وتعالى أعلم
فتوي فضيلة الشيخ محمد خاطر رحمه الله ،بتاريخ شعبان 1391 هجرية الموافق  9 أكتوبر 1970
بناء عليه
تلتمس المدعية الحكم ب.................. ، مع إلزام المدعي عليه بالمصروفات القضائية ومقابل أتعاب المحاماة .
وكيل المدعية
...............
المحامي