سـن الـزواج شـرعاً وشـرط العـقل شـرعاً
--------------------------------------------------
أولاً : سن الزواج .
سن الزواج شرعاً : لم يتفق فقهاء الشريعة الإسلامية علي سن معينة للزواج ، بل وجد خلاف بينهم في هذا الموضوع ، ونتعرض لهذا الخلاف بالقدر اليسير :
الاتجاه الأول (جمهور الفقهاء) : ويري جواز الصغير والصغير ، ويستندون إلي الأدلة الشرعية التالية :
أ- قول الله تعالي " وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ " .
ووجه الاستدلال من الآية الكريمة أنها تبين العدة ، والنساء الملتزمات بها ، وقد ذكر الله تعالي من بين النساء ذوات العدة ، من لم يحضن ، وهي التي لم تبلغ ، والعدة لا تكون إلا بعد زواج ، وهو ما يستفاد منه جواز زواج الصغيرة .
ب- ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت " تزوجني النبي ، وأنا ابنة ستة ، وبني بي وأنا ابنة تسع " .
ج- إضافة إلي ما ورد عن زواج بعض الصحابة بصغيرات ، وهي حالت عدة
الاتجاه الثاني : وهو اتجاه ابن شبرمة وأبو بكر الأصم ، ويرون أن الزواج يشترط فيه البلوغ ، فيجب أن يبلغ الصغير أو الصغيرة حتي يتزوجا .
ويستندون إلي العديد من الأدلة وهي :
أ- قوله تعالي " وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ " .
ووجه الاستدلال أن الحاجة إلي الزواج توجد ببلوغ سن النكاح ، فلا حاجة للصغير في الزواج ، وحيث تنعدم حاجة الصغير ، تنعدم الولاية.
ب- كما أن الصغر يتنافي مع مقصود النكاح ، فمن مقاصد الزواج التناسل ، وقضاء الشهوة ، والصغر يتنافي مع كليهما .
ثانياً : العقل .
إذا كان المجنون أو من ذهب عقله ، قادر علي الوطء والإنجاب ، إلا أن ذهاب العقل قد يتنافي مع مقاصد الزواج الأخري ، وعن رأي فقهاء الإسلام في هذا الموضوع ، فبعضهم رأي أنه ليس مانعا للزواج ، والبعض الأخري رأي أنه مانع من الزواج ، وذلك علي البيان التالي :
ذهب المالكية وبعض الحنفية ، إلي أن ذهاب العقل ، غير مانع للنكاح ابتداء ، ولكن من حق الطرف الآخر فسخ العقد إذا لم يكن يعلم بالآفة العقلية ، ولم يرض بها .
أما الشافعية فهم علي ذلك أيضاً ، وخصوصاً في شأن المرأة المريضة عقلياً . وذلك لأن زواج المرأة المريضة عقلياً يغرم الزوج نفقتها ومهرها ، أما الآفة العقلية للرجل ، فيعتبر الشافعية أنها مانعة من زواجه ابتداء .
وعلي الرغم من ذلك يجيز الشافعية زواج الرجل المريض عقليا أو المجنون في حالتين ، الأولي : إذا رؤى يتوثب النساء من فرط الشهوة ، أما الثانية : إذا كان بحاجة إلي خدمة النساء .
أما عن مذهب الإمام أحمد فيري أن الجنون أو ذهاب العقل مانع من الزواج ابتداء . وهذا ما عليه بن حزم أيضاً ، ولكن بن حزم يعلل ذلك بفقدان أهلية الرضا أو الإذن به .
ثالثاً : عدم وجود محرمية بين الزوجين .
بمعني ألا تكون المرأة محرمة علي الرجل ( المحرمات من النساء ) ، مصداقا لقول الله تعالي" حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً " ، وفيما يلي نوضح المحرمات من النساء :
النوع الأول : وهن المحرمات تحريما مؤبدا : وهن ثلاثة فئات :
1-الفئة الأولي : المحرمات بسبب النسب .
2-الفئة الثانية : المحرمات بسبب الرضاع .
3-الفئة الثالثة : المحرمات يسبب المصاهرة .
ونوضح كل منهم بشيء من التفصيل :
1-الفئة الأولي : المحرمات بسبب النسب : والسند الشرعي في تحريمهن ، قوله تعالي : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ " ، وهن علي أصناف أربعة :
الصنف الأول : أصول الرجل من النساء : ويقصد بهن .
الأم : وهي كل امرأة لها علي الرجل ولادة مباشرة مثل الأم ، أو غير مباشرة مثل الجدة ، ويشمل الجدة لأم أو لأب وإن علت .
الصنف الثاني : فروع الرجل من النساء .
البنت : وهي كل أنثي للرجل عليها ولادة مباشرة مثل البنت وبنت البنت ، وبنت الابن مهما نزلن .
الصنف الثالث : فروع الأبوين من النساء : ويقصد بهن فروع والدي الرجل وهن .
الأخت : سواء كانت شقيقة أو لأب أو لأم .
بنت الأخت : وهي كل امرأة للأخت عليها ولادة وإن نزلت مثل بنتها وبنت بنتها .
بنت الأخ : وهي كل امرأة للأخ (شقيق أو لأب أو لأم ) عليها ولادة مباشرة مثل بنته الصلبية ، أو ولادة غير مباشرة مثل بنت بنته وبنت ابنه وإن نزلن
الصنف الرابع : فروع الأجداد والجدات المنفصلات بدرجة واحدة .
وفروع الأجداد هن : العمات ، أما فروع الجدات ، فهن :
الخالات : والمقصود بعبارة المنفصلات بدرجة واحدة ، أن العمة أو الخالة هي المحرمة ، لكن بنتها غير محرمة ، فيجوز الزواج من بنت العمة وبنت الخالة
2-الفئة الثانية : المحرمات بسبب الرضاع .
دليل التحريم : ودليل التحريم قوله تعالي " وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ " ، كما روي عن الرسول " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " .
كما روي البخاري ، عن جابر بن زيد ، عن بن عباس ، قال " قيل للنبي " ألا تتزوج ابنة حمزة ؟ قال " إنها ابنة أخي من الرضاعة " .
وجاء في صحيح البخاري أيضا أن رسول الله e ، بعد نزول آية الحجاب ، ألا تحتجب من عمها من الرضاعة .
بيان المحرمات من الرضاع : وهن ثمانية أصناف :
1-الأم من الرضاع وإن علت .
2-الابنة من الرضاع وإن نزلت .
3-فروع الأبوين من النساء ، وإن نزلن .
4-فروع أجداده الإناث من الرضاع إذا انفصلن ببطن واحد .
5-فروع الزوجة من الرضاع إذا دخل بها وفروع فروعها .
6-أصول الزوجة من الرضاع وإن علون .
7-زوجة أحد الفروع من الرضاع .
8-زوجة أحد أصوله من الرضاع .
شروط التحريم من الرضاع :
1- أن يكون لبن الرضاع لبن آدمية (امرأة) : فإذا اشتركا في لبن بهيمة مثلا مثل بقرة أو غير ذلك ، فلا يكون لذلك أثر في التحريم .
2- وصول اللبن المرتضع إلي معدة الرضيع : فإذا لم يصل اللبن إلي معدة الرضيع ، فلا تثبت الحرمة ، وكذلك إذا لم يثبت وصوله إلي معدته بيقين .
- مقدار الرضعات الموجبة للتحريم : أختلف العلماء في مقدار الرضعات الموجبة للتحريم ، وذلك علي البيان التالي :
فيري البعض أنه لا يشترط مقدار معين من الرضاعة أو عدد معين من الرضعات ، وهذا هو مذهب أكثر الصحابة والمالكية والحنفية والثوري والأوزاعي
ويستندون في ذلك إلي أن كل من الكتاب والسنة ، أورد نصوص تحريم الرضاعة عموما دون اشتراط مقدار معين .
أما الحنابلة والشافعية في أرجح أقوالهم يرون أن التحريم يثبت بخمس رضعات مشبعات في أوقات متفرقة ، وحجتهم في ذلك ، ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت " كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله e وهن فيما يقرأ من القرآن " .
كما يستندون أيضا إلي حجة مفادها أن علة التحريم من الرضاع تكمن في تكوين جسم الطفل من لبن المرضعة ، فصار جزء منها ، ولا يتحقق ذلك إلا برضاعة يوم كامل ، وما يحتاجه الطفل من رضعات في اليوم خمس رضعات ، أما الشيعة الإمامية فيرون أن التحريم يثبت برضاع يوم وليلة او خمس عشرة رضعة .
ومن وجهة نظرنا أن الرأي الأول هو الراجح ، لعموم اللفظ في الكتاب والسنة ، فيحرم الزواج بناء علي الرضاع ولو باليسير .
- وقت الرضاع الموجب للتحريم : بدون الدخول في الخلافات الفقهية ، نسوق الرأي الراجح عند الفقهاء والذي عليه أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، والصاحبين ، وزفر وابن شبرمة ، وسعيد بن المسيب ، والشعبي ، وما روي عن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، وابن عباس ، وأمهات المؤمنين فيما عدا عائشة .
ومفاد هذا الرأي أن الرضاعة الموجبة للتحريم تكون في الصغر وقت الطفولة ، حيث يكون الطفل معتمدا علي لبن المرضعة .
وقد حددوا الصغر بفترة حولي الرضاعة السابقة للفطام ، وبعضهم أجاز تجاوز الحولين بفترة قليلة إذا ظل الطفل معتدا علي لبن الرضاعة .
وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بأن :
السؤال : من السيد / ........... قال أن رجلا يريد أن يتزوج من بنت خالته التى تقرر أنها لم ترضع ابن أختها طالب الزواج من بنتها مطلقا ويقول والده أن خالة ابنه أرضعته وعنده مذكره مكتوبة بذلك وسأل عن الحكم وهل يؤخذ بقول خالته أو بقول والده ؟ .
الجواب : أنه إذا صدق هذا الخاطب والده فيما ادعاه من هذا الرضاع وكان الرضاع فى مدته شرعا وهى سنتان على قول أبى يوسف الأصح المفتى به وكانت عدد الرضعات خمسا فأكثر متفرقات مشبعات على ما اخترناه للفتوى من أن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات فأكثر صار ابنا لخالته من الرضاع وصار هو ومخطوبته اخوين رضاعة فلا يحل له أن يتزوج بها لأن تصديقه له فى ذلك بمثابة إقراره بالرضاع وإقراره به مع الإصرار عليه مثبت للحرمة أما إذا لم يصدقه فى أخباره لوجود شبهة فيه أو حصول الشك فى الرضاع أو عدده هل خمس فأكثر أو أقل من الخمس فلا يحرم عليه الزواج من مخطوبته المذكورة لأن القاعدة العامة أن اليقين لا يزول بالشك والأصل الحل فلا يثبت التحريم بالشك فى الحل وعدمه وهذا الحكم ديانة أما فى القضاء فلا يثبت الرضاع عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك قال صاحب البحر ( أنه لا يعمل بخبر الواحد مطلقا ) وهو المعتمد فى المذهب وهذا الحكم إذا ادعى الرضاع بعد العقد وأما قبله فقد جاء فى حاشية ابن عابدين ( لو شهدت به امرأة قبل النكاح فهو فى سعة من تكذيبها ولكن فى محرمات الخانية أن كان قبله والمخبر عدل ثقة لا يجوز النكاح ) ومن هذا يعلم الجواب والله أعلم .
فتوي فضيلة الشيخ حسن مأمون رحمه الله .بتاريخ 2 ربيع أول سنة 1377 هجرية
السؤال : من .......... بطلبه أنه يريد الزواج من بنت خالته ولكن جدته لأمه أخبرته بأنها أرضعته مع خاله ط . الذى رضع أيضا من أخته أم الفتاة وإن السائل لم يرضع من أمها ولم ترضع هى من أمه أو جدتها لأمها وطلب بيان الحكم.
الجواب : إن الرضاع قضاء لا يثبت عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك كما لا يقبل فى إثباته شهادة النساء بانفرادهن واحدة أو أكثر فإذا شهد به رجل واحد أو امرأة واحدة أو رجل وامرأة لم يثبت الرضاع بإحدى هذه الشهادات إلا بتصديق الراضع فإن صدق ثبت التحريم بتصديقه لأن تصديقه بمثابة إقراره به وإقراره به مع الإصرار عليه مثبت للحرمة وكذلك يثبت التحريم إذا لم يصدق وكان المخبر معروفا بالصدق والعدالة فإنه حينئذ لا يجوز النكاح لما نقله ابن عابدين عن الخانية فقد جاء فى حاشية رد المحتار لو شهدت به امرأة قبل الزواج فهو فى سعة من تكذيبها لكن فى محرمات الخانية أن كان قبله والمخبر عدل لا يجوز النكاح وبه جزم فى البزازية وعلى ذلك فإذا صدق السائل جدته لأمه فيما أخبرته به من الرضاع أو كانت جدته لأمه معروفة بالصدق والعدالة ولم يكن من شأنها الكذب وكان الرضاع المسئول عنه فى مدته شرعا وهى سنتان على قول أبى يوسف المفتى به لم يحل للسائل أن يتزوج من بنت خالته المذكورة لأنها بنت أخته رضاعا بناء على قول من ذهب إلى أن قليل الرضاع وكثيرة سواء فى إيجاب التحريم وهم الحنفية والمالكية وإحدى الروايتين فى مذهب الإمام أحمد أما على مذهب الشافعية والرواية الأخرى فى مذهب الإمام أحمد فإن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات مشبعات فإذا كان رضاع السائل فى هذه الحال بلغ هذا القدر حرمت عليه بنت خالته المذكورة وإذا لم يبلغ هذا القدر كان فى حل من التزويج بها بناء على هذا المذهب الذى اخترناه للفتوى فى هذا الأمر الذى عمت فيه البلوى أما إذا لم يكن السائل مصدقا لجدته لأمه فى إخبارها بهذا الرضاع أو كانت غير عدلة ومن شأنها الكذب فإنه لا يثبت الرضاع بأخبارها هذا ويكون السائل فى حل من التزوج من بنت خالته هذه ما لم يكن هناك مانع آخر غير رضاعة من جدتها لأمها المبين حكمه على المذهبين السابقين . هذا وأما رضاع خاله ط . من أخته أم مخطوبة السائل فإنه لا يوجب تحريما بين السائل وبين هذه البنت إذا كان السائل لم يرضع من جدته الرضاع المسئول عنه أو لم يثبت هذا الرضاع بأى وجه على النحو الذى شرحناه لأنه برضاع ط . خال السائل من أخته أم مخطوبة السائل تصبح هذه المخطوبة أختا من الرضاع ل . الذى هو خال السائل وأخت الخال من الرضاع غير محرمة على ابن أخته نسبا جاء فى التنقيح سئل رجل يريد أن يتزوج بأخت خاله رضاعا فهل له ذلك فأجاب نعم ذلك لأن أم خاله وخالته من الرضاع حلال كما فى الدر المختار والبحر فأخت خاله بالأولى الخ فرضاع خاله ط . من أخته أم مخطوبة السائل لا يوجب تحريمها عليه وإنما يوجب ثبوت رضاع السائل من جدته لأمه على ما بيناه سابقا فتحرم عليه أن صدق جدته فيما أخبرت به من إرضاعها له وأصر على هذا التصديق أو كانت جدته ممن عرف بالعدالة والصدق وكان الرضاع خمس مرات مشبعات متفرقات فأكثر على المذهب الثانى الذى اخترناه للفتوى أما إذا لم يصدق جدته أو كانت غير عدلة ومن شأنها الكذب أو كان الرضاع أقل من خمس رضعات على الوجه السابق فإنها لا تحرم عليه والله أعلم.
فتوى فضيلة الشيخ حسن مأمون رحمه الله بتاريخ 14 رجب سنة 1377هـ
الفئة الثالثة : المحرمات بالمصاهرة :
وعقد الزواج هو السبب تحريم إناث هذه الفئة ، فالشخص قد انتسب إليهن بالمصاهرة ، أي بالزواج منهم .
- دليل التحريم : قوله تعالي في سورة النساء " وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً " .
وقوله أيضا " وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ " .
- بيان المحرمات بالمصاهرة : زوجة أصل الفرد وإن علا ، مثل الأب والجد وإن علا ، وكذلك الجد لأم ، فلا يجوز له الزواج ممن كانت زوجة للأب أو الجد لأب أو لأم وإن علا .
- ما الحكم إذا وطء الأصل (الأب أو الجد) في زنا ، هل يحرم زواج (المزني بها) من الابن ؟
وإجابة هذا السؤال محل خلاف ، حيث يري الحنفية ، والإمام أحمد ، والإمام مالك في رواية عنه ، أنه لا يجوز للفرع الزواج بها ، لأنهم يحملون لفظ النكاح علي الوطء سواء في حلال أو حرام .
بينما يذهب الشافعي رحمه الله ، إلي إجازة زواج الفرع بها ، لأنه يحمل معني (النكاح) علي العقد الصحيح .
- رأينا الخاص : رحم الله الشافعي ، فرأيه الراجح والذي آخذ به وأميل إليه بشدة ، فحاشي لله أن يتوقف فعل الحلال بناء علي الحرام ، فكيف بالله عليكم يحرم المرء من طلب الحلال (الزواج) بناء علي فعل حرام مرتكب (زنا) ، فلا يجوز أن يترتب علي الزنا حكم شرعي .
فإذا قلنا بعدم جواز الفرع بالمزني بها ، فإن ذلك ينطوي علي اعتراف ضمني بماء الزنا وترتيب أثر له ، وماء الزنا مهدر .
1-زوجه فرع الشخص وإن نزل : مثل زوجة الابن وابن الابن .
2-أم الزوجة وإن علت ، مثل أم الزوجة وجدتها وتثبت الحرمة بمجرد العقد دون شرط الدخول .
3-فرع الزوجة المدخول بها ، ويشترط الدخول هنا ، وتفرق هذه الحالة عن سابقتها ، أن فرع الزوجة تعلق بها وصف في الكتاب (ربيبة) ، وقال تعالي " وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ " .
النوع الثاني : المحرمات مؤقتا :
وهذا النوع من المحرمات يتسم بان التحريم فيه التأقيت أي خلال زمن أو وقت معين ، أو بسبب قيام مانع للزواج ، ويزول التحريم بزوال المانع أو مضي الوقت المحدد للتحريم ، وهن :
أولا: المشركة (الكافرة والعياذ بالله ) : وهي من لا تؤمن بدين سماوي ، مثل المجوسية أو الصابئة أو الوثنية ، أو الملحدة التي لا تؤمن بأي دين قط .
ودليل تحريم زواج المسلم من المشركة ، قوله تعالي " وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " .
وفي هذا الشأن أفتت دار الإفتاء المصرية ، في سؤال يتضمن ( أن أحد الباكستانيين المسلمين المقيمين بإنجلترا يزمع الزواج من فتاة إنجليزية اتفق معها على أن يظل الزواج قائما طوال إقامته فى إنجلترا حوالى سنتين - على إن يطلقها قبل عودته إلى بلاده - وهذه الفتاة من أبوين مسيحيين، وهى وإن كانت تؤمن بوجود إله إلا أنها لا تؤمن بالديانة المسيحية ولا بغيرها من الأديان ، ويسأل هل إذا تزوج هذه الفتاة يعتبر زواجه بها صحيحا أم باطلا طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية ) ، بأن " من المبادئ الأساسية المقررة فى الشريعة الإسلامية أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة لا تدين بدين سماوى - أى لا تؤمن بكتاب منزل ولا بنبى مرسل من عند الله - والفتاة التى يقول الطالب إنه يريد الزواج بها وإن كانت تعتقد بوجود إله إلا أنها لا تؤمن بدين من الأديان كما عبر فى رسالته . فلا يجوز للطالب وهو مسلم أن يتزوج بتلك الفتاة شرعا " .
فتوي فضيلة الشيخ أحمد هريدى رحمه الله ، بتاريخ 19 مارس 1962 م
زواج المسلم من الكتابية : وقد أجاز الشرع الإسلامي الحنيف زواج المسلم من الكتابية (المسيحية أو اليهودية ) وذلك لأن لديها قدرا ولو يسير من الإيمان ، ويكون لها كل حقوق الزوجة المسلمة (فيما عدا الميراث) وعليها واجباتها.
وفي سؤال موجه إلي دار الإفتاء المصرية في هذا الشأن يتضمن أن السائل وهو مسلم مع فتاة مسيحية إلى كنيسة الكاثوليك بالزيتون وطلبت الفتاة من رجال الدين الذين تتبعهم التصريح لها بالزواج من السائل ( المسلم الديانة ) فقاموا بالتصريح لها بهذا الزواج، وأثبت هذا الزواج فى عقد كنسى، وبتاريخ .......... تم زواج السائل وهو مسلم من تلك الفتاة وهى كاثوليكية بمأمورية الشهر العقارى المختص على كتاب الله وسنة رسوله e .
وطلب السائل بيان أى العقدين صحيحاً . وهل رابطة الزوجية تقوم بمقتضى العقد الكنسى أم بمقتضى العقد الذى تم بالشهر العقارى، مع العلم بأن العقد الكنسى أثبت فيه أن السائل مسلم وزوجته مسيحية كاثوليكية.
فأجابت بأن " المنصوص عليه شرعا أن زواج المسلم بالمسيحية يتم بالشروط والإجراءات التى يتم بها عقد زواج المسلم بالمسلمة - غاية الأمر أن النظام العام فى جمهورية مصر العربية يقضى بأن يكون زواج المسلم المصرى بالمسلمة المصرية يتم على يد المأذون الشرعى المختص، أما زواج المسلم بالمسيحية فيتم أمام الشهر العقارى المختص - وكذلك زواج المسلم المصرى بأجنبية سواء أكانت مسلمة أو كتابية .
وعلى هذا فيكون عقد زواج السائل المسلم بزوجته المسيحية الذى أجرى فى الشهر العقارى هو العقد الصحيح قانونا الذى تقوم بمقتضاه الرابطة الزوجية بين السائل وزوجته - أما العقد الكنسى فهو عقد غير صحيح شرعا .
إذ لا يجوز لغير المسلم أن يجرى عقد زواج المسلم ، لانعدام ولاية المسيحى على المسلم ، ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
فتوي فضيلة الشيخ محمد خاطر ، رحمه الله بتاريخ رمضان 1398 هجرية
- عدم جواز زواج المسلمة من غير المسلم مطلقا : فلا يجوز للمسلمة الزواج بغير المسلم ، حتي ولو كان من أهل الكتاب (اليهود والنصاري) ، فإذا كانت لا تدين بالإسلام ثم أسلمت ، ورفض زوجها الإسلام ، فيجب التفريق بينهما ، وكذلك الحال إذا ارتد زوج المسلمة .
وفي سؤال مقدم إلي دار الإفتاء المصرية ، يتضمن أن السيدة ......... كانت مسيحية الديانة ومتزوجة بالمدعو ........... ورزقت منه ببنتين .
الأولى سنها سنة ونصف والثانية سنها تسعة أشهر، وقد اعتنقت السيدة المذكورة الدين الإسلامى عن يقين وإيمان مؤمنة بأنه الدين الحق الذى يجب اعتناقه وشهرت إسلامها بإشهاد رسمى صادر من مكتب توثيق القاهرة رقم ........ بتاريخ ........... وطلبت السائلة بيان الآتى :
1- هل تعتبر منفصلة عن زوجها المسيحى من تاريخ شهر إسلامها ؟ .
2- هل من حق زوجها المسيحى أن يدعى أن الزوجية بينهما لا تزال قائمة تأسيسا على أن العدة لم تنقض بعد ؟.
3- وإذا شهر الزوج إسلامه بعد إسلامها وقبل انقضاء عدتها فهل تعتبر الزوجية بينهما قائمة ؟.
وقد أفتت بأن " المنصوص عليه فى فقه الحنفية أنه إذا أسلمت زوجة الكتابى - المسيحى أو اليهودى - عرض الإسلام على الزوج فإن أسلم بقيت الزوجية بينهما .
وإن لم يسلم حكم القاضى بالتفريق بينهما بإبائه عن الإسلام ، وبهذا الحكم تنقطع العلاقة الزوجية بينهما ولا سلطان له عليها .
ويكون هذا التفريق طلاقا بائنا سواء أكان قبل الدخول أم بعده فلا يملك مراجعتها وينقص بهذا الطلاق عدد الطلقات التى يملكها الزوج على زوجته حتى لو أسلم بعد ذلك وتزوجها قبل أن تتزوج غيره لا يكون له عليها سوى طلقتين إذا كانت طلقة التفريق غير مسبوقة بطلاق آخر، وتجب عليها العدة وهى أن ترى الحيض ثلاث مرات كوامل من تاريخ صدور حكم التفريق أن كانت من ذوات الحيض .
وأقل مدة تصدق فيها أنها رأت الحيض ثلاث مرات كوامل ستون يوما أو أن تضع حملها أن كانت حاملا .
أما إذا لم تكن من ذوات الحيض ولا حاملا بأن كانت صغيرة لا تحيض أو كبيرة وبلغت سن اليأس فعدتها ثلاثة أشهر من تاريخ الطلاق أى الفرقة وجملة ذلك تسعون يوما - ويجب على الرجل نفقة العدة لهذه المرأة إذا كان هناك دخول لأن المانع من استمرار الزواج قد جاء من جهته بسبب إبائه عن الإسلام ، وكذلك يقع طلاقه عليها إذا طلقها مرة أخرى وهى فى العدة .
هذا - والمقرر شرعا أن الولد يتبع خير الأبوين دينا ، وأن حضانة الصغير مقررة شرعا للأم ما لم يعقل الولد الأديان أو يخاف أن يألف الكفر وطبقا لما ذكرنا، فبإسلام السائلة زوجة المسيحى لا تقع الفرقة بينهما قبل عرض القاضى الإسلام عليه وإبائه عن الإسلام وتفريق القاضى بينهما بهذا الإباء .
فإذا أسلم الزوج المذكور عند عرض القاضى الإسلام عليه فهى زوجته . وإن أبى فرق القاضى بينهما ويعتبر هذا التفريق طلاقا بائنا كما أسلفنا وبه تنقطع العلاقة الزوجية بينهما ولا سلطان للزوج عليها حتى ولو أسلم بعد ذلك سواء أكان إسلامه أثناء العدة أم بعدها ويكون أولادها الصغار مسلمين تبعا لها لأن الولد يتبع خير الأبوين دينا وحق حضانتهم ثابت لها شرعا متى كانت أهلا للحضانة حتى يبلغوا السن المقررة للحضانة ، ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال، والله سبحانه وتعالى أعلم " .
فتوي فضيلة الشيخ أحمد هريدى رحمه الله بتاريخ 15 ربيع الآخر سنة 1385
ثانيا : المطلقة ثلاثا : فالمطلقة ثلاثا تحرم علي مطلقها حتي تنكح زوجا غيره ، وذلك مصداقا لقوله تعالي " فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ "
--------------------------------------------------
أولاً : سن الزواج .
سن الزواج شرعاً : لم يتفق فقهاء الشريعة الإسلامية علي سن معينة للزواج ، بل وجد خلاف بينهم في هذا الموضوع ، ونتعرض لهذا الخلاف بالقدر اليسير :
الاتجاه الأول (جمهور الفقهاء) : ويري جواز الصغير والصغير ، ويستندون إلي الأدلة الشرعية التالية :
أ- قول الله تعالي " وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ " .
ووجه الاستدلال من الآية الكريمة أنها تبين العدة ، والنساء الملتزمات بها ، وقد ذكر الله تعالي من بين النساء ذوات العدة ، من لم يحضن ، وهي التي لم تبلغ ، والعدة لا تكون إلا بعد زواج ، وهو ما يستفاد منه جواز زواج الصغيرة .
ب- ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت " تزوجني النبي ، وأنا ابنة ستة ، وبني بي وأنا ابنة تسع " .
ج- إضافة إلي ما ورد عن زواج بعض الصحابة بصغيرات ، وهي حالت عدة
الاتجاه الثاني : وهو اتجاه ابن شبرمة وأبو بكر الأصم ، ويرون أن الزواج يشترط فيه البلوغ ، فيجب أن يبلغ الصغير أو الصغيرة حتي يتزوجا .
ويستندون إلي العديد من الأدلة وهي :
أ- قوله تعالي " وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ " .
ووجه الاستدلال أن الحاجة إلي الزواج توجد ببلوغ سن النكاح ، فلا حاجة للصغير في الزواج ، وحيث تنعدم حاجة الصغير ، تنعدم الولاية.
ب- كما أن الصغر يتنافي مع مقصود النكاح ، فمن مقاصد الزواج التناسل ، وقضاء الشهوة ، والصغر يتنافي مع كليهما .
ثانياً : العقل .
إذا كان المجنون أو من ذهب عقله ، قادر علي الوطء والإنجاب ، إلا أن ذهاب العقل قد يتنافي مع مقاصد الزواج الأخري ، وعن رأي فقهاء الإسلام في هذا الموضوع ، فبعضهم رأي أنه ليس مانعا للزواج ، والبعض الأخري رأي أنه مانع من الزواج ، وذلك علي البيان التالي :
ذهب المالكية وبعض الحنفية ، إلي أن ذهاب العقل ، غير مانع للنكاح ابتداء ، ولكن من حق الطرف الآخر فسخ العقد إذا لم يكن يعلم بالآفة العقلية ، ولم يرض بها .
أما الشافعية فهم علي ذلك أيضاً ، وخصوصاً في شأن المرأة المريضة عقلياً . وذلك لأن زواج المرأة المريضة عقلياً يغرم الزوج نفقتها ومهرها ، أما الآفة العقلية للرجل ، فيعتبر الشافعية أنها مانعة من زواجه ابتداء .
وعلي الرغم من ذلك يجيز الشافعية زواج الرجل المريض عقليا أو المجنون في حالتين ، الأولي : إذا رؤى يتوثب النساء من فرط الشهوة ، أما الثانية : إذا كان بحاجة إلي خدمة النساء .
أما عن مذهب الإمام أحمد فيري أن الجنون أو ذهاب العقل مانع من الزواج ابتداء . وهذا ما عليه بن حزم أيضاً ، ولكن بن حزم يعلل ذلك بفقدان أهلية الرضا أو الإذن به .
ثالثاً : عدم وجود محرمية بين الزوجين .
بمعني ألا تكون المرأة محرمة علي الرجل ( المحرمات من النساء ) ، مصداقا لقول الله تعالي" حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً " ، وفيما يلي نوضح المحرمات من النساء :
النوع الأول : وهن المحرمات تحريما مؤبدا : وهن ثلاثة فئات :
1-الفئة الأولي : المحرمات بسبب النسب .
2-الفئة الثانية : المحرمات بسبب الرضاع .
3-الفئة الثالثة : المحرمات يسبب المصاهرة .
ونوضح كل منهم بشيء من التفصيل :
1-الفئة الأولي : المحرمات بسبب النسب : والسند الشرعي في تحريمهن ، قوله تعالي : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ " ، وهن علي أصناف أربعة :
الصنف الأول : أصول الرجل من النساء : ويقصد بهن .
الأم : وهي كل امرأة لها علي الرجل ولادة مباشرة مثل الأم ، أو غير مباشرة مثل الجدة ، ويشمل الجدة لأم أو لأب وإن علت .
الصنف الثاني : فروع الرجل من النساء .
البنت : وهي كل أنثي للرجل عليها ولادة مباشرة مثل البنت وبنت البنت ، وبنت الابن مهما نزلن .
الصنف الثالث : فروع الأبوين من النساء : ويقصد بهن فروع والدي الرجل وهن .
الأخت : سواء كانت شقيقة أو لأب أو لأم .
بنت الأخت : وهي كل امرأة للأخت عليها ولادة وإن نزلت مثل بنتها وبنت بنتها .
بنت الأخ : وهي كل امرأة للأخ (شقيق أو لأب أو لأم ) عليها ولادة مباشرة مثل بنته الصلبية ، أو ولادة غير مباشرة مثل بنت بنته وبنت ابنه وإن نزلن
الصنف الرابع : فروع الأجداد والجدات المنفصلات بدرجة واحدة .
وفروع الأجداد هن : العمات ، أما فروع الجدات ، فهن :
الخالات : والمقصود بعبارة المنفصلات بدرجة واحدة ، أن العمة أو الخالة هي المحرمة ، لكن بنتها غير محرمة ، فيجوز الزواج من بنت العمة وبنت الخالة
2-الفئة الثانية : المحرمات بسبب الرضاع .
دليل التحريم : ودليل التحريم قوله تعالي " وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ " ، كما روي عن الرسول " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " .
كما روي البخاري ، عن جابر بن زيد ، عن بن عباس ، قال " قيل للنبي " ألا تتزوج ابنة حمزة ؟ قال " إنها ابنة أخي من الرضاعة " .
وجاء في صحيح البخاري أيضا أن رسول الله e ، بعد نزول آية الحجاب ، ألا تحتجب من عمها من الرضاعة .
بيان المحرمات من الرضاع : وهن ثمانية أصناف :
1-الأم من الرضاع وإن علت .
2-الابنة من الرضاع وإن نزلت .
3-فروع الأبوين من النساء ، وإن نزلن .
4-فروع أجداده الإناث من الرضاع إذا انفصلن ببطن واحد .
5-فروع الزوجة من الرضاع إذا دخل بها وفروع فروعها .
6-أصول الزوجة من الرضاع وإن علون .
7-زوجة أحد الفروع من الرضاع .
8-زوجة أحد أصوله من الرضاع .
شروط التحريم من الرضاع :
1- أن يكون لبن الرضاع لبن آدمية (امرأة) : فإذا اشتركا في لبن بهيمة مثلا مثل بقرة أو غير ذلك ، فلا يكون لذلك أثر في التحريم .
2- وصول اللبن المرتضع إلي معدة الرضيع : فإذا لم يصل اللبن إلي معدة الرضيع ، فلا تثبت الحرمة ، وكذلك إذا لم يثبت وصوله إلي معدته بيقين .
- مقدار الرضعات الموجبة للتحريم : أختلف العلماء في مقدار الرضعات الموجبة للتحريم ، وذلك علي البيان التالي :
فيري البعض أنه لا يشترط مقدار معين من الرضاعة أو عدد معين من الرضعات ، وهذا هو مذهب أكثر الصحابة والمالكية والحنفية والثوري والأوزاعي
ويستندون في ذلك إلي أن كل من الكتاب والسنة ، أورد نصوص تحريم الرضاعة عموما دون اشتراط مقدار معين .
أما الحنابلة والشافعية في أرجح أقوالهم يرون أن التحريم يثبت بخمس رضعات مشبعات في أوقات متفرقة ، وحجتهم في ذلك ، ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت " كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله e وهن فيما يقرأ من القرآن " .
كما يستندون أيضا إلي حجة مفادها أن علة التحريم من الرضاع تكمن في تكوين جسم الطفل من لبن المرضعة ، فصار جزء منها ، ولا يتحقق ذلك إلا برضاعة يوم كامل ، وما يحتاجه الطفل من رضعات في اليوم خمس رضعات ، أما الشيعة الإمامية فيرون أن التحريم يثبت برضاع يوم وليلة او خمس عشرة رضعة .
ومن وجهة نظرنا أن الرأي الأول هو الراجح ، لعموم اللفظ في الكتاب والسنة ، فيحرم الزواج بناء علي الرضاع ولو باليسير .
- وقت الرضاع الموجب للتحريم : بدون الدخول في الخلافات الفقهية ، نسوق الرأي الراجح عند الفقهاء والذي عليه أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، والصاحبين ، وزفر وابن شبرمة ، وسعيد بن المسيب ، والشعبي ، وما روي عن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، وابن عباس ، وأمهات المؤمنين فيما عدا عائشة .
ومفاد هذا الرأي أن الرضاعة الموجبة للتحريم تكون في الصغر وقت الطفولة ، حيث يكون الطفل معتمدا علي لبن المرضعة .
وقد حددوا الصغر بفترة حولي الرضاعة السابقة للفطام ، وبعضهم أجاز تجاوز الحولين بفترة قليلة إذا ظل الطفل معتدا علي لبن الرضاعة .
وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بأن :
السؤال : من السيد / ........... قال أن رجلا يريد أن يتزوج من بنت خالته التى تقرر أنها لم ترضع ابن أختها طالب الزواج من بنتها مطلقا ويقول والده أن خالة ابنه أرضعته وعنده مذكره مكتوبة بذلك وسأل عن الحكم وهل يؤخذ بقول خالته أو بقول والده ؟ .
الجواب : أنه إذا صدق هذا الخاطب والده فيما ادعاه من هذا الرضاع وكان الرضاع فى مدته شرعا وهى سنتان على قول أبى يوسف الأصح المفتى به وكانت عدد الرضعات خمسا فأكثر متفرقات مشبعات على ما اخترناه للفتوى من أن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات فأكثر صار ابنا لخالته من الرضاع وصار هو ومخطوبته اخوين رضاعة فلا يحل له أن يتزوج بها لأن تصديقه له فى ذلك بمثابة إقراره بالرضاع وإقراره به مع الإصرار عليه مثبت للحرمة أما إذا لم يصدقه فى أخباره لوجود شبهة فيه أو حصول الشك فى الرضاع أو عدده هل خمس فأكثر أو أقل من الخمس فلا يحرم عليه الزواج من مخطوبته المذكورة لأن القاعدة العامة أن اليقين لا يزول بالشك والأصل الحل فلا يثبت التحريم بالشك فى الحل وعدمه وهذا الحكم ديانة أما فى القضاء فلا يثبت الرضاع عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك قال صاحب البحر ( أنه لا يعمل بخبر الواحد مطلقا ) وهو المعتمد فى المذهب وهذا الحكم إذا ادعى الرضاع بعد العقد وأما قبله فقد جاء فى حاشية ابن عابدين ( لو شهدت به امرأة قبل النكاح فهو فى سعة من تكذيبها ولكن فى محرمات الخانية أن كان قبله والمخبر عدل ثقة لا يجوز النكاح ) ومن هذا يعلم الجواب والله أعلم .
فتوي فضيلة الشيخ حسن مأمون رحمه الله .بتاريخ 2 ربيع أول سنة 1377 هجرية
السؤال : من .......... بطلبه أنه يريد الزواج من بنت خالته ولكن جدته لأمه أخبرته بأنها أرضعته مع خاله ط . الذى رضع أيضا من أخته أم الفتاة وإن السائل لم يرضع من أمها ولم ترضع هى من أمه أو جدتها لأمها وطلب بيان الحكم.
الجواب : إن الرضاع قضاء لا يثبت عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك كما لا يقبل فى إثباته شهادة النساء بانفرادهن واحدة أو أكثر فإذا شهد به رجل واحد أو امرأة واحدة أو رجل وامرأة لم يثبت الرضاع بإحدى هذه الشهادات إلا بتصديق الراضع فإن صدق ثبت التحريم بتصديقه لأن تصديقه بمثابة إقراره به وإقراره به مع الإصرار عليه مثبت للحرمة وكذلك يثبت التحريم إذا لم يصدق وكان المخبر معروفا بالصدق والعدالة فإنه حينئذ لا يجوز النكاح لما نقله ابن عابدين عن الخانية فقد جاء فى حاشية رد المحتار لو شهدت به امرأة قبل الزواج فهو فى سعة من تكذيبها لكن فى محرمات الخانية أن كان قبله والمخبر عدل لا يجوز النكاح وبه جزم فى البزازية وعلى ذلك فإذا صدق السائل جدته لأمه فيما أخبرته به من الرضاع أو كانت جدته لأمه معروفة بالصدق والعدالة ولم يكن من شأنها الكذب وكان الرضاع المسئول عنه فى مدته شرعا وهى سنتان على قول أبى يوسف المفتى به لم يحل للسائل أن يتزوج من بنت خالته المذكورة لأنها بنت أخته رضاعا بناء على قول من ذهب إلى أن قليل الرضاع وكثيرة سواء فى إيجاب التحريم وهم الحنفية والمالكية وإحدى الروايتين فى مذهب الإمام أحمد أما على مذهب الشافعية والرواية الأخرى فى مذهب الإمام أحمد فإن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات مشبعات فإذا كان رضاع السائل فى هذه الحال بلغ هذا القدر حرمت عليه بنت خالته المذكورة وإذا لم يبلغ هذا القدر كان فى حل من التزويج بها بناء على هذا المذهب الذى اخترناه للفتوى فى هذا الأمر الذى عمت فيه البلوى أما إذا لم يكن السائل مصدقا لجدته لأمه فى إخبارها بهذا الرضاع أو كانت غير عدلة ومن شأنها الكذب فإنه لا يثبت الرضاع بأخبارها هذا ويكون السائل فى حل من التزوج من بنت خالته هذه ما لم يكن هناك مانع آخر غير رضاعة من جدتها لأمها المبين حكمه على المذهبين السابقين . هذا وأما رضاع خاله ط . من أخته أم مخطوبة السائل فإنه لا يوجب تحريما بين السائل وبين هذه البنت إذا كان السائل لم يرضع من جدته الرضاع المسئول عنه أو لم يثبت هذا الرضاع بأى وجه على النحو الذى شرحناه لأنه برضاع ط . خال السائل من أخته أم مخطوبة السائل تصبح هذه المخطوبة أختا من الرضاع ل . الذى هو خال السائل وأخت الخال من الرضاع غير محرمة على ابن أخته نسبا جاء فى التنقيح سئل رجل يريد أن يتزوج بأخت خاله رضاعا فهل له ذلك فأجاب نعم ذلك لأن أم خاله وخالته من الرضاع حلال كما فى الدر المختار والبحر فأخت خاله بالأولى الخ فرضاع خاله ط . من أخته أم مخطوبة السائل لا يوجب تحريمها عليه وإنما يوجب ثبوت رضاع السائل من جدته لأمه على ما بيناه سابقا فتحرم عليه أن صدق جدته فيما أخبرت به من إرضاعها له وأصر على هذا التصديق أو كانت جدته ممن عرف بالعدالة والصدق وكان الرضاع خمس مرات مشبعات متفرقات فأكثر على المذهب الثانى الذى اخترناه للفتوى أما إذا لم يصدق جدته أو كانت غير عدلة ومن شأنها الكذب أو كان الرضاع أقل من خمس رضعات على الوجه السابق فإنها لا تحرم عليه والله أعلم.
فتوى فضيلة الشيخ حسن مأمون رحمه الله بتاريخ 14 رجب سنة 1377هـ
الفئة الثالثة : المحرمات بالمصاهرة :
وعقد الزواج هو السبب تحريم إناث هذه الفئة ، فالشخص قد انتسب إليهن بالمصاهرة ، أي بالزواج منهم .
- دليل التحريم : قوله تعالي في سورة النساء " وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً " .
وقوله أيضا " وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ " .
- بيان المحرمات بالمصاهرة : زوجة أصل الفرد وإن علا ، مثل الأب والجد وإن علا ، وكذلك الجد لأم ، فلا يجوز له الزواج ممن كانت زوجة للأب أو الجد لأب أو لأم وإن علا .
- ما الحكم إذا وطء الأصل (الأب أو الجد) في زنا ، هل يحرم زواج (المزني بها) من الابن ؟
وإجابة هذا السؤال محل خلاف ، حيث يري الحنفية ، والإمام أحمد ، والإمام مالك في رواية عنه ، أنه لا يجوز للفرع الزواج بها ، لأنهم يحملون لفظ النكاح علي الوطء سواء في حلال أو حرام .
بينما يذهب الشافعي رحمه الله ، إلي إجازة زواج الفرع بها ، لأنه يحمل معني (النكاح) علي العقد الصحيح .
- رأينا الخاص : رحم الله الشافعي ، فرأيه الراجح والذي آخذ به وأميل إليه بشدة ، فحاشي لله أن يتوقف فعل الحلال بناء علي الحرام ، فكيف بالله عليكم يحرم المرء من طلب الحلال (الزواج) بناء علي فعل حرام مرتكب (زنا) ، فلا يجوز أن يترتب علي الزنا حكم شرعي .
فإذا قلنا بعدم جواز الفرع بالمزني بها ، فإن ذلك ينطوي علي اعتراف ضمني بماء الزنا وترتيب أثر له ، وماء الزنا مهدر .
1-زوجه فرع الشخص وإن نزل : مثل زوجة الابن وابن الابن .
2-أم الزوجة وإن علت ، مثل أم الزوجة وجدتها وتثبت الحرمة بمجرد العقد دون شرط الدخول .
3-فرع الزوجة المدخول بها ، ويشترط الدخول هنا ، وتفرق هذه الحالة عن سابقتها ، أن فرع الزوجة تعلق بها وصف في الكتاب (ربيبة) ، وقال تعالي " وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ " .
النوع الثاني : المحرمات مؤقتا :
وهذا النوع من المحرمات يتسم بان التحريم فيه التأقيت أي خلال زمن أو وقت معين ، أو بسبب قيام مانع للزواج ، ويزول التحريم بزوال المانع أو مضي الوقت المحدد للتحريم ، وهن :
أولا: المشركة (الكافرة والعياذ بالله ) : وهي من لا تؤمن بدين سماوي ، مثل المجوسية أو الصابئة أو الوثنية ، أو الملحدة التي لا تؤمن بأي دين قط .
ودليل تحريم زواج المسلم من المشركة ، قوله تعالي " وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " .
وفي هذا الشأن أفتت دار الإفتاء المصرية ، في سؤال يتضمن ( أن أحد الباكستانيين المسلمين المقيمين بإنجلترا يزمع الزواج من فتاة إنجليزية اتفق معها على أن يظل الزواج قائما طوال إقامته فى إنجلترا حوالى سنتين - على إن يطلقها قبل عودته إلى بلاده - وهذه الفتاة من أبوين مسيحيين، وهى وإن كانت تؤمن بوجود إله إلا أنها لا تؤمن بالديانة المسيحية ولا بغيرها من الأديان ، ويسأل هل إذا تزوج هذه الفتاة يعتبر زواجه بها صحيحا أم باطلا طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية ) ، بأن " من المبادئ الأساسية المقررة فى الشريعة الإسلامية أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة لا تدين بدين سماوى - أى لا تؤمن بكتاب منزل ولا بنبى مرسل من عند الله - والفتاة التى يقول الطالب إنه يريد الزواج بها وإن كانت تعتقد بوجود إله إلا أنها لا تؤمن بدين من الأديان كما عبر فى رسالته . فلا يجوز للطالب وهو مسلم أن يتزوج بتلك الفتاة شرعا " .
فتوي فضيلة الشيخ أحمد هريدى رحمه الله ، بتاريخ 19 مارس 1962 م
زواج المسلم من الكتابية : وقد أجاز الشرع الإسلامي الحنيف زواج المسلم من الكتابية (المسيحية أو اليهودية ) وذلك لأن لديها قدرا ولو يسير من الإيمان ، ويكون لها كل حقوق الزوجة المسلمة (فيما عدا الميراث) وعليها واجباتها.
وفي سؤال موجه إلي دار الإفتاء المصرية في هذا الشأن يتضمن أن السائل وهو مسلم مع فتاة مسيحية إلى كنيسة الكاثوليك بالزيتون وطلبت الفتاة من رجال الدين الذين تتبعهم التصريح لها بالزواج من السائل ( المسلم الديانة ) فقاموا بالتصريح لها بهذا الزواج، وأثبت هذا الزواج فى عقد كنسى، وبتاريخ .......... تم زواج السائل وهو مسلم من تلك الفتاة وهى كاثوليكية بمأمورية الشهر العقارى المختص على كتاب الله وسنة رسوله e .
وطلب السائل بيان أى العقدين صحيحاً . وهل رابطة الزوجية تقوم بمقتضى العقد الكنسى أم بمقتضى العقد الذى تم بالشهر العقارى، مع العلم بأن العقد الكنسى أثبت فيه أن السائل مسلم وزوجته مسيحية كاثوليكية.
فأجابت بأن " المنصوص عليه شرعا أن زواج المسلم بالمسيحية يتم بالشروط والإجراءات التى يتم بها عقد زواج المسلم بالمسلمة - غاية الأمر أن النظام العام فى جمهورية مصر العربية يقضى بأن يكون زواج المسلم المصرى بالمسلمة المصرية يتم على يد المأذون الشرعى المختص، أما زواج المسلم بالمسيحية فيتم أمام الشهر العقارى المختص - وكذلك زواج المسلم المصرى بأجنبية سواء أكانت مسلمة أو كتابية .
وعلى هذا فيكون عقد زواج السائل المسلم بزوجته المسيحية الذى أجرى فى الشهر العقارى هو العقد الصحيح قانونا الذى تقوم بمقتضاه الرابطة الزوجية بين السائل وزوجته - أما العقد الكنسى فهو عقد غير صحيح شرعا .
إذ لا يجوز لغير المسلم أن يجرى عقد زواج المسلم ، لانعدام ولاية المسيحى على المسلم ، ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
فتوي فضيلة الشيخ محمد خاطر ، رحمه الله بتاريخ رمضان 1398 هجرية
- عدم جواز زواج المسلمة من غير المسلم مطلقا : فلا يجوز للمسلمة الزواج بغير المسلم ، حتي ولو كان من أهل الكتاب (اليهود والنصاري) ، فإذا كانت لا تدين بالإسلام ثم أسلمت ، ورفض زوجها الإسلام ، فيجب التفريق بينهما ، وكذلك الحال إذا ارتد زوج المسلمة .
وفي سؤال مقدم إلي دار الإفتاء المصرية ، يتضمن أن السيدة ......... كانت مسيحية الديانة ومتزوجة بالمدعو ........... ورزقت منه ببنتين .
الأولى سنها سنة ونصف والثانية سنها تسعة أشهر، وقد اعتنقت السيدة المذكورة الدين الإسلامى عن يقين وإيمان مؤمنة بأنه الدين الحق الذى يجب اعتناقه وشهرت إسلامها بإشهاد رسمى صادر من مكتب توثيق القاهرة رقم ........ بتاريخ ........... وطلبت السائلة بيان الآتى :
1- هل تعتبر منفصلة عن زوجها المسيحى من تاريخ شهر إسلامها ؟ .
2- هل من حق زوجها المسيحى أن يدعى أن الزوجية بينهما لا تزال قائمة تأسيسا على أن العدة لم تنقض بعد ؟.
3- وإذا شهر الزوج إسلامه بعد إسلامها وقبل انقضاء عدتها فهل تعتبر الزوجية بينهما قائمة ؟.
وقد أفتت بأن " المنصوص عليه فى فقه الحنفية أنه إذا أسلمت زوجة الكتابى - المسيحى أو اليهودى - عرض الإسلام على الزوج فإن أسلم بقيت الزوجية بينهما .
وإن لم يسلم حكم القاضى بالتفريق بينهما بإبائه عن الإسلام ، وبهذا الحكم تنقطع العلاقة الزوجية بينهما ولا سلطان له عليها .
ويكون هذا التفريق طلاقا بائنا سواء أكان قبل الدخول أم بعده فلا يملك مراجعتها وينقص بهذا الطلاق عدد الطلقات التى يملكها الزوج على زوجته حتى لو أسلم بعد ذلك وتزوجها قبل أن تتزوج غيره لا يكون له عليها سوى طلقتين إذا كانت طلقة التفريق غير مسبوقة بطلاق آخر، وتجب عليها العدة وهى أن ترى الحيض ثلاث مرات كوامل من تاريخ صدور حكم التفريق أن كانت من ذوات الحيض .
وأقل مدة تصدق فيها أنها رأت الحيض ثلاث مرات كوامل ستون يوما أو أن تضع حملها أن كانت حاملا .
أما إذا لم تكن من ذوات الحيض ولا حاملا بأن كانت صغيرة لا تحيض أو كبيرة وبلغت سن اليأس فعدتها ثلاثة أشهر من تاريخ الطلاق أى الفرقة وجملة ذلك تسعون يوما - ويجب على الرجل نفقة العدة لهذه المرأة إذا كان هناك دخول لأن المانع من استمرار الزواج قد جاء من جهته بسبب إبائه عن الإسلام ، وكذلك يقع طلاقه عليها إذا طلقها مرة أخرى وهى فى العدة .
هذا - والمقرر شرعا أن الولد يتبع خير الأبوين دينا ، وأن حضانة الصغير مقررة شرعا للأم ما لم يعقل الولد الأديان أو يخاف أن يألف الكفر وطبقا لما ذكرنا، فبإسلام السائلة زوجة المسيحى لا تقع الفرقة بينهما قبل عرض القاضى الإسلام عليه وإبائه عن الإسلام وتفريق القاضى بينهما بهذا الإباء .
فإذا أسلم الزوج المذكور عند عرض القاضى الإسلام عليه فهى زوجته . وإن أبى فرق القاضى بينهما ويعتبر هذا التفريق طلاقا بائنا كما أسلفنا وبه تنقطع العلاقة الزوجية بينهما ولا سلطان للزوج عليها حتى ولو أسلم بعد ذلك سواء أكان إسلامه أثناء العدة أم بعدها ويكون أولادها الصغار مسلمين تبعا لها لأن الولد يتبع خير الأبوين دينا وحق حضانتهم ثابت لها شرعا متى كانت أهلا للحضانة حتى يبلغوا السن المقررة للحضانة ، ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال، والله سبحانه وتعالى أعلم " .
فتوي فضيلة الشيخ أحمد هريدى رحمه الله بتاريخ 15 ربيع الآخر سنة 1385
ثانيا : المطلقة ثلاثا : فالمطلقة ثلاثا تحرم علي مطلقها حتي تنكح زوجا غيره ، وذلك مصداقا لقوله تعالي " فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ "