الأثر المباشر والأثر الرجعي للقانون
--------------------------------------
من المقرر أن القانون يحكم الوقائع والمراكز القانونية التي تتم تحت سلطانه أي في الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه ولا يسري بأثر رجعي إلا بنص صريح- أساس ذلك - أن سريان القاعدة القانونية من حيث الزمان لها وجهات وجه سلبي وهو انعدام الأثر الرجعي للتشريع، ووجه إيجابي هو أثره المباشر - التحاق طالب الشرطة في ظل قاعدة قانونية تلزمه بخدمة الشرطة مدة معينة بعد التخرج - صدور قانون جديد يعدل هذه المدة بالزيادة-  إذا أوفى الضابط التزامه بخدمة الشرطة بعد التخرج لمدة محددة في ظل القانون القديم قبل نفاذ القانون الجديد فإن الجديد لا يسري على حالته - أساس ذلك قاعدة عدم رجعية القانون - أما إذا لم يكون قضى هذه المدة عند العمل بالقانون الجديد سرى هذا القانون الجديد على حالته - أساس ذلك - قاعدة الأثر المباشر للقانون. (الطعن رقم 4124 لسنة 43ق "إدارية عليا" جلسة 30/1/2001)
القانون بوجه عام يحكم الوقائع والمراكز التي تتم تحت سلطانه أي في الفترة ما بين تاريخ العمل به وانتهاء العمل به - حيث يسري القانون بأثره على الوقائع والمراكز التي تقع بعد نفاذه - ولا يسري بأثر رجعي إلا بنص صريح يقرر هذا الأثر- إذا تناول القانون الجديد أمراً معيناً وحدد شروطه ولو كانت هذه الشروط مرتبطة بوقائع سابقة على تاريخ العمل به - ليس في تطبيق أحكامه على هذا الأمر من تاريخ العمل به ما يتمثل أثراً رجعياً للقانون - مقتضى ذلك هو الإعمال لقاعدة الأثر المباشر للقانون - طالما أن هذا التطبيق لن يتم إلا من تاريخ العمل به ولا يرتد إلى تاريخ سابق على ذلك - المادة الأولى من القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 قد اشترطت لرفع المعاش بتعديل بعض أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 قد اشترطت لرفع المعاش المتغير إلى 50? من متوسط أجر تسوية هذا المعاش إذا قل عن هذا القدر توافر شروط معينة - من تتوافر فيه هذه الشروط مجتمعة يستفاد من حكم المادة الأولى من القانون رقم 107 لسنة 1987 ويرفع المعاش المستحق له ليصل إلى 50? من متوسط أجر تسوية هذا المعاش - لا يعتبر ذلك مخالف لنص المادة 17 من القانون رقم 107 لسنة 1987 المشار إليه - التي تقضي بأن يسري العمل بهذا القانون اعتباراً من 1/7/1987 - يعتبر ذلك إعمالاً للأثر الفوري للقانون ولا يتضمن إعمالاً له بأثر رجعي - لا تتحقق الآثار المترتبة على هذا التطبيق في تاريخ سابق على 1/7/1987 - تترتب هذه الآثار فقط اعتباراً من هذا التاريخ- لا تجوز إضافة شرط لم يرد النص عليه لشروط تطبيق نص المادة الأولى من القانون رقم 107 لسنة 1987 المشار إليه.(الطعن رقم 477 لسنة 34ق "إدارية عليا" جلسة 9/12/1990)
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن "الأصل أن قوانين المرافعات الجديدة تسري بأثر حال على ما لم يكون قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها - تخرج على هذا الأصل الاستثناءات التي نصت عليها المادة الأولى من قانون المرافعات الجديد في فقراتها الثلاث -  مفاد الفقرة الأولى منها عدم سريان القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى"(الطعن رقم 1441 لسنة 13ق "إدارية عليا" جلسة 8/11/1969) وبأنه "القانون رقم 268 لسنة 1960 اعتبر نافذاً من 29 من يوليو سنة 1960 طبقاً للمادة 67 من الدستور المذكور، ومن ثم فإن آثاره القانونية المترتبة لصالح الموظفين تعتبر نافذة كذلك من تاريخ نفاذ القانون حتى ولو لم يتقرر الاعتماد المالي اللازم لتنفيذ إلا بعد ذلك طالما أن القانون صدر ناجز الأثر غير معلق على واقعة معينة أو أجل معين إذ أن السلطة التنفيذية هي التي تقوم بالإجراءات اللازمة لتقرير الاعتماد المالي عن طريق إدراجه في الميزانية أو اتباع ما نصت عليه المادة 33 من الدستور سالف الذكر فإذا تأخر تدبير ذلك الاعتماد والموافقة عليه فلا يؤثر هذا في المراكز القانونية التي رتبها القانون لذوي الشأن منذ نفاذ أحكامه"(الطعن رقم 1459 لسنة 10ق "إدارية عليا" جلسة 28/4/1969) وبأنه "إن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن تنتهي خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية: (1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة. (2) الحكم عليه في جناية مخلة بالشرف. (3) ....... ومؤدى ذلك ان الحكم الجنائي يفضي وفقاً لأحكام هذا القانون إلى عزل الموظف العام إذا كان الحكم صادراً في جناية فمتى قام هذا الوصف بالفعل المنسوب إلى الموظف العام والذي جوزي من أجله فلا مفر من أن يؤدي الحكم الصادر بإدانته بسببه إلى عزل سواء تضمن الحكم توقيع عقوبة جناية أم تضمن توقيع عقوبة الجنحة في الحالات المعينة التي نص عليها القانون، ذلك أنه واضح أن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه لم يفرق بين الأحكام الصادرة في جناية من حيث أثرها على مركز الموظف العام تبعاً لنوع العقوبة التي تتضمنها كما أنه كذلك لم يفرق بين جناية وجناية أخرى تبعاً لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به فتتساوى في الأثر الأحكام الصادرة في جناية القتل العمد وجناية هتك العرض وجناية إحراز سلاح ناري بغير ترخيص أو غيرها إذ جميعها أحكام صادرة في جنايات وكلها تنهي حتماً وبحكم القانون العلاقة بين الموظف والدولة. وبذا لزم أن تترتب عليه الآثار القانونية التي استتبعتها والتي نص عليها هذا القانون، مادامت الواقعة التي انبنت عليها هذه الآثار ، وهي صدور الحكم، قد تحققت بالفعل قبل إلغائه بالقانون رقم 46 لسنة 1946 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، فليس من شأن صدور هذا القانون الأخير في أثناء نظر الدعوى ان ينقل الواقعة المذكورة من الماضي ليخضعها لسلطانه، كما لا ينسحب حكمه عليها بأثر رجعي دون نص فيه على ذلك، ومن ثم فلا يكون هناك محل لإعمال القانون الجديد الذي اشترط لإنهاء الخدمة أن يكون الحكم على العامل بعقوبة جناية، لتعلق الأمر بواقعة لم تستجد من تاريخ نفاذه بل سابقة عليه وخاضعة لحكم القانون القديم وحده الذي يبقى بعد إلغائه ساريا في شأن الآثار التي تحققت بالفعل إبان نفاذه ، ومتى استبعد تطبيق القانون الجديد سقط بالتالي الاستناد الذي قام عليه الحكم المطعون فيه لتطبيق أحكام هذا القانون"(الطعن رقم 191 لسنة 12ق "إدارية عليا" جلسة 26/4/1969) وبأنه "إن حكم الفقرة الثالثة عشر من المادة 14 من القانون رقم 234 لسنة 1955 يتعلق بالوظائف التي يقرر وزير الداخلية إدخالها ضمن هيئة الشرطة بعد العمل بالقانون رقم 234 لسنة 1955 الخاص بنظام هيئة البوليس، وهذا هو المفهوم السليم للأثر المباشر لهذا القانون الأخير فضلاً عن أن المشرع قد استعمل لفظ "يقرر" أي اللفظ الذي يدل على المستقبل ولا ينصرف البتة إلى الماضي"(الطعن رقم 1325 لسنة 13ق "إدارية عليا" جلسة 9/3/1969) وبأنه "لئن كان قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنة 1964 قد جعل الفصل جوازياً للسيد الوزير في حالة الحكم بوقف التنفيذ - إلا ان هذا القانون لا يسري على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به وقد صدر الحكم على الطاعن في تلك الجريمة المخلة بالشرف قبل العمل بالقانون المذكور، وفضلاً عن ذلك فإن أمر مقصور على الإدارة أما القضاء فعليه أن ينزل حكم الفصل استناداً إلى الأصل المنصوص عليه في حالة صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف"(الطعن رقم 11 لسنة 10ق "إدارية عليا" جلسة 5/11/1966) وبأنه "القانون بوجه عام يحكم الوقائع والمراكز التي تحت سلطانه أي في الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه وهذا هو المجال تطبيقه الزمني فيسري القانون الجديد بأثره المباشر على الوقائع والمراكز التي تقع أو تتم بعد نفاذه ولا يسري بأثر رجعي على الوقائع أو المراكز القانونية التي تقع أو تتم قبل نفاذه إلا بنص ريح يقرر الأثر الرجعي ومن ناحية أخرى لا يسري القانون القديم على الوقائع والمراكز القانونية التي تقع أو تتم بعد إلغائه إلا إذا مد العمل به بالنص وهذا يصدق على الوقائع والمراكز القانونية من حيث تكوينها أما الآثار المستقبلة المترتبة عليه فتخضع للقانون الجديد بحكم أثره المباشر وبالنسبة لآثار التصرفات القانونية فتظل خاضعة للقانون القديم حتى ما تولد منها ما بعد العمل بالقانون الجديد" (الطعن رقم 1220 لسنة 8ق "إدارية عليا" جلسة 19/11/1966) وبأنه "سريان قانون موظفي الدولة على موظفي الجامعات ومستخدميها فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون الجامعات - أثر ذلك استحقاق صيارفة الجامعات بدل الصرافة طبقاً للقرار الجمهوري رقم 6932 لسنة 1962 الوارد في ديباجته الإشارة إلى قانون موظفي الدولة - استحقاق المذكورين البدل المشار إليه من تاريخ نفاذ القرار الجمهوري"(الطعن رقم 1836 لسنة 28ق "إدارية عليا" جلسة 5/1/1985) وبأنه "الأصل طبقاً للقانون الطبيعي هو احترام الحقوق المكتسبة فهذا ما تقضي به العدالة ويستلزمه الصالح العام إذ ليس من العدل في شيء أن تهدر الحقوق كما لا يتفق والصالح العام أن يفقد الناس الثقة والاطمئنان على استقرار حقوقهم لذلك جاء الدستور مؤكداً هذا الأصل الطبيعي، فحظر المساس بالحقوق المكتسبة أو بالمراكز القانونية التي تمت إلا بقانون بأن جعل تقري الرجعية رهيناً بنص خاص في قانون أي جعل هذه الرخصة التشريعية من اختصاص السلطة التشريعية وحدها لما يتوافر فيها من ضمانات. ومن م لزم بحكم هذا الأصل ألا تسري القرارات الإدارية بأثر رجعي حتى ولو نص فيها على هذا الأثر، وإذا كان ثمة استثناء لقاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية فإنه استثناء لا يخل بحكمة هذا الأصل وعلته فإذا كانت من المستثنيات حالة ما إذا كان القرار الإداري صادراً تنفيذاً لقانون فإنه يشترط في هذه الحالة أن يكون هذا القانون قد نص فيه على الأثر الرجعي أو على الترخيص للإدارة بتقرير الرجعية"(الطعن رقم 1050 لسنة 7ق "إدارية عليا" جلسة 21/11/1965) وبأنه "إن الواضح من مطالعة نصوص القانون رقم 383 لسنة 1956 أنه ليس بذي أثر رجعي ولا هو رخص للإدارة بتقرير الرجعية. ولا هو أيضاً ترك فراغا تشريعيا فيما يتعلق بقواعد حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة و المرتب وأقدمية الدرجة في الفترة ما بين تاريخ تنفيذه وتاريخ نشر القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958، ذلك أن القانون المذكور - كما سبق أن قضت هذه المحكمة - لم ينه العمل بقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر لسنة 1952 بشأن قواعد حساب مدد الخدمة السابقة بل بقي هذا القرار ساري المفعول في الفترة المذكورة حتى ألغاه القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 وحتى لو كان القانون المشار إليه قد ترك ذلك الفراغ التشريعي في الفترة سالفة الذكر لما نهض ذلك مبرراً مشروعاً لرجعية القرار الجمهوري المذكور والمساس بالحقوق المكتسبة أو بالمراكز القانونية التي تمت قبل تاريخ نشره"(الطعن رقم 1050 لسنة 7ق "إدارية عليا" جلسة 21/11/1965) وبأنه "يبين من الإطلاع على المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1956 أن الشارع ألغى بنص صريح وبأثر رجعي قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 8 من أبريل و 30 من مايو و11 من يوليو سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط القنطرة شرق-  رفح وامتداده داخل فلسطين من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء اعتباراً من أول مارس سنة 1950 ، فتعتبر هذه الحقوق وكأنها لم تكن، واستثنى الشارع من ذلك الحقوق التي تقررت بموجب أحكام من محكمة القضاء الإداري أو قرارات نهائية في اللجان القضائية أو أحكام نهائية من المحاكم الإدارية. وقد نصت المادة الثانية من القانون المشار إليه على اعتبار الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الأولى ابتداء من تاريخ إلغائها من أول مارس سنة 1950 منتهية بقوة القانون، وتعتبر كأن لم تكن القرارات والأحكام غير النهائية الصادرة في التظلمات والدعاوى التي من هذا القبيل من اللجان القضائية والمحاكم الإدارية، وترد الرسوم المحصلة عن الدعاوى سالفة الذكر. ويبين من ذلك أن المقصود بالأحكام التي لا يمسها الأثر الرجعي هو تلك التي ما كانت وقت نفاذ القانون منظورة بشأنها دعوى، أما إذا كان ثمة طعن قائم بشأنها فيسري عليه الحكم المستحدث والأثر الرجعي باعتبار أن الطعن فيها دعوى منظورة، أياً كان مثار النزاع فيها، سواء تعلق بالشكل أو الدفوع أو الموضوع ولا مندوحة من اعتبارها منتهية بقوة القانون دون الفصل فيها، سواء في شكلها أو في دفوعها أو في موضوعها"(الطعن رقم 162 لسنة 4ق "إدارية عليا" جلسة 21/2/1959) وبأنه "الأصل أن الموظف إذا كان قد اكتسب مركزاً قانونياً ذاتياً في درجة أو مرتب بالتطبيق لقواعد تنظيمية عامة تسمح بذلك مقررة في قانون أو لائحة، فلا يجوز المساس بهذا المركز القانوني الذاتي إلا بنص في قانون يقرر الأثر الرجعي، وليس بأداة أدنى من قانون وقد بان للمحكمة من الأوراق أن المدعي بلغ درجته واستحق مرتبه بالترقية العادية وبمنحه العلاوات الدورية، وذلك قبل نفاذ قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، وهذا القانون إنما استهدف فيما استهدفه إنصاف ذوي المؤهلات الدراسية بمنحهم الدرجات والمرتبات المقررة لمؤهلاتهم من التاريخ الذي عينه وبالشروط التي حددها، ولم يتضمن أي نص يمس الدرجات أو المرتبات التي نالها ذوو المؤهلات، سواء بطريق الترقية العادية أو بمنحهم العلاوات الدورية بالتطبيق للقواعد العامة التي كانت تسمح بذلك فلا يمكن - والحالة هذه  - إهدار هذه المراكز القانونية الذاتية التي كانت تحققت لهم بالتطبيق لهذه القواعد، وإلا كان ذلك تطبيقاً لهذا القانون بأثر رجعي بدون نص خاص فيه، وهو ما لا يجوز طبقاً للأصل الدستوري المسلم وإنما قد يفيد حامل المؤهل من القانون المذكور فيما ينله من مزايا قررها ولم يسبق للموظف أن حصل عليها فعلا قبل نفاذه، لأن القواعد التنظيمية العامة قانوناً كانت أو لائحة، قد تفيد الموظف بمزايا في الماضي، ولكن لا يمكن المساس بما اكتسبه من مراكز قانونية ذاتية بالتطبيق لقانون أو لائحة إلا نص خاص في قانون يمس هذه المراكز في الماضي بأثر رجعي وليس بأداة أدنى من ذلك"(الطعن رقم 668 لسنة 3ق "إدارية عليا" جلسة 3/5/1958)