باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 ديسمبر سنة 2000 الموافق 6 رمضان سنة 1421ه
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن نصيرو الدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 166 لسنة 21 قضائية ".دستورية".
المقامة من
السيد / محمود فهمى منصور يوسف
ضد
1 - السيد رئيس الجمهورية
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد رئيس مجلس الشعب
4 - السيد وزير العدل
5 - السيد وزير المالية
6 - السيد / الشاذلى محمود يوسف
7 - السيد / شعبان محمود بدوى
8 - السيد / رمضان بدوى يوسف
الإجراءات
بتاريخ الثامن من سبتمبر سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ·
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى ·
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها ·
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم ·
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة ·
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى عليهم الثلاثة الأخيرين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 2509 لسنة 1998 أمام محكمة سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بطرد المدعى من العين التى يستأجرها منهم بقصد استعمالها عيادة طبية وإلزامه بأن يدفع لهم قيمة الضرائب العقارية المستحقة عليها عن عامى 97 و 1998، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون رقم 49 لسنة 1977فيما تضمنتاه من إضافة الضريبة العقارية الأصلية والإضافية إلى الأجرة وإلزام المستأجر بأدائها، وأن يترتب على عدم الوفاء بها ذات النتائج المترتبة على عدم سداد الأجرة؛ وإذ ارتأت تلك المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة ·
وحيث إن المادة 14 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، تنص على أن :
فقرة أولى : " تقدر أجرة المبنى المرخص فى إقامته من ناريخ العمل بهذا القانون على الأسس التالية :
( أ ) ········
(ب) ·· ······
فقرة ثانية : " ومع مراعاة الإعفاءات المقررة فى شأن الضريبة على العقارات المبنية يضاف إلى الأجرة المحددة وفقاً لما تقدم مايخصها من الضرائب العقارية الأصلية والإضافية كل ذلك مع عدم الإخلال بأحكام القوانين الأخرى الخاصة بالتزامات كل من المؤجرين والمستأجرين بشأن الضرائب والرسوم " ·
فقرة ثالثة : " ويلتزم المستأجر بأداء هذه الضرائب والرسوم إلى المؤجر مع الأجرة الشهرية ويترتب على عدم الوفاء بها نفس النتائج المترتبة على عدم سداد الأجرة " ·
وحيث إن المدعى ينعى على نص الفقرتين الثانية والثالثة مناقضته لمقومات الضريبة ووجوب قيامها على العدالة الاجتماعية، تأسيساً على أن الأصل هو التزام المالك بالضريبة العقارية باعتباره المستفيد من إيراد العقار، الذى يصلح - دون غيره - لأن يكون وعاء لتلك الضريبة، فضلاً عن إخلاله بالمساواة بين المستأجرين لغرض السكنى والمستأجرين لغير هذا الغرض، وذلك بالمخالفة لحكم المادتين 38 و 40 من الدستور ·
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه وإن كان الأصل أن الدخل باعتباره من طبيعة متجددة ودورية هو الذى يشكل - على اختلاف مصادره - الوعاء الأساسى للضرائب، بحسبانه التعبير الرئيسى عن المقدرة التكليفية للممول، إلا أن هذا الأصل وإن كان يصدق - بصفة أساسية - فى ظل حرية التعاقد؛ تلك التى تتيح للمالك تحديد أجرة العقار بالقدر الذى يكفل - فى تقديره - الاستثمار الأمثل والمقابل المجزى لما أنفقه فى شراء أرضه وتكاليف بنائه وتهيئته للاستعمال وفى ضوء ما يلتزم بأدائه من تكاليف عامة وضرائب ورسوم، خاضعاً فى كل أولئك لاعتبارات العرض والطلب ومحكوماً بالظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة؛ فإن الأمر يختلف حين يتدخل المشرع لتنظيم العلاقة الإيجارية فى بعض جوانبها ومن بينها الأجرة، تنظيماً مؤداه فرض أجرة - وفق أسس معينة قَدّرَ مناسبتها – لا يجوز للمالك تجاوزها، بافتراض أنها تكفل له ربحاً صافياً منسوباً إلى مجموع التكاليف الرأسمالية وما يلحق بها من ضرائب عقارية؛ ومن ثم، كان مما يتفق مع العدالة إلزام المستأجر بهذا العنصر من عناصر التكلفة الرأسمالية للأماكن المؤجرة لإعادة التوازن إلى العلاقة بين المؤجر والمستأجر، بعد أن ألزم المشرّع المؤجر - مقابل ذلك - بتقديره للأجرة على نحو آمر لايجوز مخالفته ·
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مراعاة خصائص الأعيان المؤجرة وزمن إنشائها؛ وطبيعة المصالح التى تتزاحم من حولها، وموازنتها بما يكفل التوفيق بينها، على ضوء استشراء أزمة الإسكان، وتفاقمها فى زمن معين، هو الذى يبلور أداء الملكية الخاصة فى نطاق العقارات المعدة للاستغلال السكنى وما فى حكمه، لوظيفتها الاجتماعية؛ بما لا يناقض أحكام الدستور ·
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لايقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة 40 من الدستور؛ بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكميا، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لايعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم سبيلاً إليها، وكان النص المطعون فيه قد نظم - فى مجال الأعيان التى سرى عليها - حقوق الخاضعين له جميعهم وفقاً لأسس موحدة لا تفرقه فيها بين أحد منهم، وانتظمتهم بالتالى القواعد ذاتها فى شأن تقدير أجرة هذه الأعيان؛ كما أحال إلى الإعفاءات المقررة فى قانون الضريبة على العقارات المبنية الذى غايرت أحكامه بين المستأجرين لغرض السكنى وبين سواهم من المستأجرين لغير هذا الغرض فى ضوء ما بينهم من تفاوت فى المركز القانونى، وكانت هذه المغايرة قد تمت وفق أسس موضوعية، لا تقيم تمييزاً من أى نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة لها؛ فإن النعى على النص الطعين بمخالفة المادة 40 من الدستور يكون منتحلاً ·
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة ·
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 ديسمبر سنة 2000 الموافق 6 رمضان سنة 1421ه
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن نصيرو الدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 166 لسنة 21 قضائية ".دستورية".
المقامة من
السيد / محمود فهمى منصور يوسف
ضد
1 - السيد رئيس الجمهورية
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد رئيس مجلس الشعب
4 - السيد وزير العدل
5 - السيد وزير المالية
6 - السيد / الشاذلى محمود يوسف
7 - السيد / شعبان محمود بدوى
8 - السيد / رمضان بدوى يوسف
الإجراءات
بتاريخ الثامن من سبتمبر سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ·
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى ·
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها ·
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم ·
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة ·
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى عليهم الثلاثة الأخيرين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 2509 لسنة 1998 أمام محكمة سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بطرد المدعى من العين التى يستأجرها منهم بقصد استعمالها عيادة طبية وإلزامه بأن يدفع لهم قيمة الضرائب العقارية المستحقة عليها عن عامى 97 و 1998، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون رقم 49 لسنة 1977فيما تضمنتاه من إضافة الضريبة العقارية الأصلية والإضافية إلى الأجرة وإلزام المستأجر بأدائها، وأن يترتب على عدم الوفاء بها ذات النتائج المترتبة على عدم سداد الأجرة؛ وإذ ارتأت تلك المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة ·
وحيث إن المادة 14 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، تنص على أن :
فقرة أولى : " تقدر أجرة المبنى المرخص فى إقامته من ناريخ العمل بهذا القانون على الأسس التالية :
( أ ) ········
(ب) ·· ······
فقرة ثانية : " ومع مراعاة الإعفاءات المقررة فى شأن الضريبة على العقارات المبنية يضاف إلى الأجرة المحددة وفقاً لما تقدم مايخصها من الضرائب العقارية الأصلية والإضافية كل ذلك مع عدم الإخلال بأحكام القوانين الأخرى الخاصة بالتزامات كل من المؤجرين والمستأجرين بشأن الضرائب والرسوم " ·
فقرة ثالثة : " ويلتزم المستأجر بأداء هذه الضرائب والرسوم إلى المؤجر مع الأجرة الشهرية ويترتب على عدم الوفاء بها نفس النتائج المترتبة على عدم سداد الأجرة " ·
وحيث إن المدعى ينعى على نص الفقرتين الثانية والثالثة مناقضته لمقومات الضريبة ووجوب قيامها على العدالة الاجتماعية، تأسيساً على أن الأصل هو التزام المالك بالضريبة العقارية باعتباره المستفيد من إيراد العقار، الذى يصلح - دون غيره - لأن يكون وعاء لتلك الضريبة، فضلاً عن إخلاله بالمساواة بين المستأجرين لغرض السكنى والمستأجرين لغير هذا الغرض، وذلك بالمخالفة لحكم المادتين 38 و 40 من الدستور ·
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه وإن كان الأصل أن الدخل باعتباره من طبيعة متجددة ودورية هو الذى يشكل - على اختلاف مصادره - الوعاء الأساسى للضرائب، بحسبانه التعبير الرئيسى عن المقدرة التكليفية للممول، إلا أن هذا الأصل وإن كان يصدق - بصفة أساسية - فى ظل حرية التعاقد؛ تلك التى تتيح للمالك تحديد أجرة العقار بالقدر الذى يكفل - فى تقديره - الاستثمار الأمثل والمقابل المجزى لما أنفقه فى شراء أرضه وتكاليف بنائه وتهيئته للاستعمال وفى ضوء ما يلتزم بأدائه من تكاليف عامة وضرائب ورسوم، خاضعاً فى كل أولئك لاعتبارات العرض والطلب ومحكوماً بالظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة؛ فإن الأمر يختلف حين يتدخل المشرع لتنظيم العلاقة الإيجارية فى بعض جوانبها ومن بينها الأجرة، تنظيماً مؤداه فرض أجرة - وفق أسس معينة قَدّرَ مناسبتها – لا يجوز للمالك تجاوزها، بافتراض أنها تكفل له ربحاً صافياً منسوباً إلى مجموع التكاليف الرأسمالية وما يلحق بها من ضرائب عقارية؛ ومن ثم، كان مما يتفق مع العدالة إلزام المستأجر بهذا العنصر من عناصر التكلفة الرأسمالية للأماكن المؤجرة لإعادة التوازن إلى العلاقة بين المؤجر والمستأجر، بعد أن ألزم المشرّع المؤجر - مقابل ذلك - بتقديره للأجرة على نحو آمر لايجوز مخالفته ·
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مراعاة خصائص الأعيان المؤجرة وزمن إنشائها؛ وطبيعة المصالح التى تتزاحم من حولها، وموازنتها بما يكفل التوفيق بينها، على ضوء استشراء أزمة الإسكان، وتفاقمها فى زمن معين، هو الذى يبلور أداء الملكية الخاصة فى نطاق العقارات المعدة للاستغلال السكنى وما فى حكمه، لوظيفتها الاجتماعية؛ بما لا يناقض أحكام الدستور ·
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لايقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة 40 من الدستور؛ بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكميا، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لايعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم سبيلاً إليها، وكان النص المطعون فيه قد نظم - فى مجال الأعيان التى سرى عليها - حقوق الخاضعين له جميعهم وفقاً لأسس موحدة لا تفرقه فيها بين أحد منهم، وانتظمتهم بالتالى القواعد ذاتها فى شأن تقدير أجرة هذه الأعيان؛ كما أحال إلى الإعفاءات المقررة فى قانون الضريبة على العقارات المبنية الذى غايرت أحكامه بين المستأجرين لغرض السكنى وبين سواهم من المستأجرين لغير هذا الغرض فى ضوء ما بينهم من تفاوت فى المركز القانونى، وكانت هذه المغايرة قد تمت وفق أسس موضوعية، لا تقيم تمييزاً من أى نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة لها؛ فإن النعى على النص الطعين بمخالفة المادة 40 من الدستور يكون منتحلاً ·
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة ·