1. المقدمه
الحمد لله الذي جعل بين الزوجين مودة ورحمة, والصلاة والسلام على خير هاد للبشرية جمعاء وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار.
1. إن عقد الزواج الكامل هو العقد الذي يقوم على أساس التكافل والرحمة والمودة يقول تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم/21). لكن الشارع الحكيم يم يترك هذه العلاقات من دون ضوابط ومحددات, بل فرض على الزوجين وعلى سائر أفراد الأسرة من الحقوق والواجبات المتبادلة لتحقيق السعادة والتماسك ولنبذ الشقاق والخلاف من شأنه تفكيك الأسرة.
إن الأحوال الشخصية في شريعتنا جاءت مفصلة الأحكام لأن معظمها مبني على مصلحة ثابتة لا تتغير, إلا أن مستجدات العصر متسارعة الظهور والنشوء والأنتشار, وكما هو معلوم في أصول الفقه أن النصوص متناهية والوقائع والمستجدات غير متناهية, والشارع الحكيم لم يفصّل الأحكام وذلك لفتح باب الأجتهاد وإعمال العقل في الأستنباط لما يجد من الحوادث المستجدة.
لذا, فإن الفقهاء اجتهدوا في مسائل الأحوال الشخصية, وعالجوا هذه المستجدات والمشكلات, معتمدين على الفهم الثاقب والعميق لروح النص ومقاصد الشريعة والمصلحة الشرعية المعتبرة, ولخطورة المسألة وحساسيتها وجدوا أنه من غير الممكن الخوض في الحكم عليها قبل أن يتصور حقيقتها – لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما يقول أهل الأصول _, ولا يمكن الحكم عليها قبل التحقق من موافقتها للأدلة الشرعية أو معارضتها لها في كثير من الفروع.
ولا شك أن الزواج العرفي بعد من تلك الوقائع والمستجدات الذي كرّس له حصة كبيرة من النظر والأجتهاد, ويعد هذا النوع من الأنكحة من أخطر الموضوعات المعاصرة في باب الزواج, وقد انتشر انتشارا واسعا بسبب تلاحق تشريعات الأحوال الشخصية وزيادة الألتزامات في الزواج الرسمي مما أدى إلى الهروب من الزواج الرسمي إلى الزواج العرفي, وكما هو معلوم أن هنالك من الأنكحة العرفية الدارجة في كثير من المناطق أنكحة باطلة لسريتها وخلوها من الشهود والولي, فلجهل كثير من الشباب والشابات في الشريعة نراهم ينزلقون إلى مثل هذه الأنكحة لتحقيق غرائزهم وأهوائهم, أو أن البعض الآخر يجد أن هذا الزواج أخف بكثير من حيث القيود والتي تجدها في الزواج الرسمي, مما يجعله بذلك مصطدما بقوانين الدولة التي تمنعه من الإقدام إلى مثل هذه الأنكحة, وتجبره على توثيق وتدوين زواجه في الدائرة الرسمية المعنية.
لذا سأحاول في هذا البحث المتواضع أن أتناول الجوانب المتعلقة في الزواج العرفي: الشرعية والقانونية والأجتماعية وصور في الخاتمة إلى التقويم المطلوب لهذا النوع من العقود.
أهداف البحث:
1) إلقاء الضوء على موضوع الزواج العرفي من الوجهة الشرعية والقانونية.
2) بيان موقف علماء الشريعة ورحال القانون والقضاء في موضوع الزواج العرفي والآثار والأحكام المترتبة عليه.
3) بيان سعة الشريعة – بنصوصها وقواعدها العامة القائمة على جلب المنافع ودرء المفاسد – في تقبل كل واقعة جديدة من أجل بيان حكمها لاسيما في زمان فسدت فيه الذمم, وتجرأ الناس على الدين.
سؤال البحث:
1) هل يمكن اعتبار ظاهرة انتشار الزواج العرفي كنازلة من النوازل المستجدة ضرورة عصرية ملحة تتوافق مع الضوابط الشرعية والقانونية.
2) في ضوء انتشار ظاهرة الزواج العرفي, فهل نجح في تجاوز مشكلات الزواج المعاصرة في الواقع العملي للأسرة المسلمة.
أهمية أختيار الموضوع:
أولا: تكمن أهمية موضوع البحث في كونها تتطرق إلى نازلة مستجدة تحتاج إلى بيان من علماء الشريعة والقانون.
ثانيا: يحاول البحث الوصول إلى آراء علماء الشريعة والقانون في هذه المسألة مع بيان الأبعاد والآثار المترتبة عليها.
ثالثا: يحاول البحث الكشف عن كيفية تعامل الهيئات التشريعية والقانونية فيما يخص هذه المسألة من خلال الدراسات الشرعية والقوانين الوضعية في باب الذي يخص الأحوال الشخصية.
رابعا: كون موضوع البحث – الزواج العرفي – يتطرق لمسألة مهمة وخطيرة يترتب عليها بنيان الأسرة التي هي أساس المجتمع المسلم.
أسباب اختيار الموضوع:
أولا: التوجيه السديد من قبل الدكتور – خالد محمود – في اختيار البحث.
ثانيا: الرغبة في التعرف على ما توصلت إليه قريحة علماء الشريعة والقانون في هذه المسألة وجمع ما تفرق في موضوع البحث بجوانبه المتعددة.
ثالثا: التعرف على الجوانب المشكلة في أنواع الزواج العرفي والتي قد ينجم عنها الوقوع في الحرام.
رابعا: إن الوقائع المستجدة تستدعي من أي باحث إجراء دراسة لبيان الحق فيها ودحض كل ما يشوبها من باطل.
خامسا: الرغبة في الموازنة بين الشرع والقانون فيما يخص الزواج العرفي, وبيان نقاط الألتقاء والأختلاف بينهما؟
سادسا: الرغبة في أن أقدم لنفسي أولا وللقارىء ثانيا دراسة نطلع من خلالها على الشرع في مثل هذه النازلة المستجدة في واقع المسلمين, وبمنهجية بحثية علّها جديدة.
منهجية البحث:
لقد وضعت نصب عيني منهجا للبحث أوجزه فيما يلي:
1) لقد أخذت على نفسي الرجوع إلى المراجع والمصادر المعتمدة في باب الأحوال الشخصية لاسيما فيما يخص مسألة الزواج العرفي من الناحية الشرعية والقانونية.
2) حرصت ما أمكن على هو البحث من الحشو والتكرار لاسيما فيما يتعلق بالأدلة والأقوال, إلا ما اضطررت إلية.
3) عزرت جميع الآيات والأحاديث النبوية إلى مظانها المعتبرة.
4) الفهارس أو المسارد: لقد ضمنت هذا البحث مجموعة من الفهارس تساعد القارىء على الرجوع إلى مبتغاه منها بيسر وسهولة, وهذه الفهارس هي:
أ. وضعت فهرسا الآيات القرآنية الواردة في سياق البحث, وقد رتبتها حسب وقوعها في القرآن الكريم, ذاكرا اسم السورة ورقم الآية, وأرقام صفحات ورودها في البحث.
ب. وضعت فهرسا للأحاديث الموجودة في المتن, ورتبته ترتيبا ألفبائيا وفق حروف المعجم.
ج. وضعت فهرسا للمصادر والمراجع المعتمدة في البحث, وقد صنفتها تصنيفا ألفبائيا وفق حروف المعجم, متقيدا في توثيقها بالطريقة الأسلوب المطروح في خطة الكلية.
د. التزمت في التوثيق الداخلي للمصادر والمراجع طريقة التوثيق ضمن متن البحث.
هـ. وضعت فهرسا لمحتويات البحث وموضوعاته, وقد رتبته حسب ما ورد في البحث مع ذكر أرقام الصفحات المقصودة, وذلك بدءا من المقدمة وحتى خاتمة البحث.
إن مسألة الزواج العرفي مسألة قد تعرض إلى بحثها الكثير من العلماء المعاصرين, وكانت لهم أبحاث ودراسات قيمة كان لها الأثر في بيان هذه المسألة من الوجهة الشرعية والقانونية, وإلقاء الضوء على الآثار المترتبة على هذا النوع من الزواج في هذا العصر, ومن أهم هذه الأبحاث والدراسات.
الأبحاث والدراسات السابقة:
1) بحث أجراه الدكتور هلال يوسف إبراهيم بعنوان: "أحكام الزواج العرفي".
2) خصص الدكتور أسامة عمر سليمان الأشقر في كتابه: "مستجدات فقهية في الزواج والطلاق" مبحثا مستقلا بيّن فيه حكم وآثار الزواج العرفي.
3) بحث أجراه المحامي كمال صالح البنا بعنوان: "الزواج العرفي ومنازعات البنوة".
4) بحث أجراه الدكتور حامد عبد الحليم الشريف بعنوان "الزواج العرفي".
خطة البحث:
قمت في تقسيم البحث إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة عارضا فيها أهم النتائج التي توصلت إليها. وقد قسمت كل فصل إلى عدة مباحث هي كالآتي:
الفصل الأول: ثلاثة مباحث.
الفصل الثاني: ثلاثة مباحث.
الفصل الثالث: مبحثان.
الفصل الرابع: خمسة مباحث.
وقد جاءت خطة البحث مفصلة على النحو التالي:
المقدمة.
الفصل الأول: حقيقة الزواج العرفي.
المبحث الأول: التعريف بالزواج العرفي.
المطلب الأول: العرف في اللغة.
المطلب الثاني: العرف في الأصطلاح.
المطلب الثالث: تعريف الزواج العرفي باعتباره علما.
المطلب الرابع: السبب في تسمية الزواج بالعرفي.
المبحث الثاني: النظر في تاريخ توثيق عقود الزواج بالكتابة.
المبحث الثالث: الأسباب التي أدت إلى انتشار الزواج العرفي.
الفصل الثاني: موقف الشريعة من الزواج العرفي.
المبحث الأول: شروط صحة الزواج العرفي.
المطلب الأول: الشهادة على الزواج.
المطلب الثاني: اشتراط الولاية في زواج المرأة.
المبحث الثاني: مسميات عقود الزواج.
المبحث الثالث: الكيفية التي يتم بها عقد الزواج العرفي.
الفصل الثالث: وقف القوانين الوضعية من الزواج العرفي.
المبحث الأول: الزواج العرفي في قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية.
المبحث الثاني: تسجيل الزواج والطرق في إسرائيل.
الفصل الرابع: الآثار المترتبة على الزواج العرفي.
المبحث الأول: حكم النسب في الزواج العرفي.
المبحث الثاني: الطلاق في الزواج العرفي.
المبحث الثالث: الحقوق المتبادلة بين الزوجين في الزواج العرفي.
المبحث الرابع: الآثار الاجتماعية للزواج لعرفي.
المبحث الخامس: كيفية الحد من انتشار الزواج العرفي.
الخاتمة.
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث النبوية.
قائمة المصادر والمراجع.
وفي ختام هذه المقدمة: أرجو من الله العظيم أن أكون قد وفقت فيما بذلت في إنجاز هذا البحث المتواضع, وأساله عز وجل أن يكتب لي القبول الحسن عنده وأن يجعله في خدمة شريعته وإعلاء كلمته.
وصلِِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
والحمد لله رب العلمين
الفصل الأول
حقيقة الزواج العرفي
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: التعريف بالزواج العرفي.
المبحث الثاني: النظر في تاريخ توثيق عقود الزواج بالكتابة.
المبحث الثالث: الأسباب التي أدت إلى انتشار الزواج العرفي.
المبحث الأول:
التعريف بالزواج العرفي.
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: العرف في اللغة.
المطلب الثاني: العرف في الاصطلاح.
المطلب الثالث: تعريف الزواج العرفي باعتباره علما.
المطلب الرابع: السبب في تسمية الزواج بالعرفي.
المطلب الأول: التعريف اللغوي لكلمة (العرفي):
هذه الكلمة مأخوذة من "العرف", وتعني في معاجم اللغة العلم, فيقال: "عرفه يعرفه عرفة وعرفا ومعرفة واعترفه. والمعروف ضد المنكر. والعرف: ضد النكر" (إبن منظور, أو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم, لسان العرب, بيروت, دار صادر, ط 1, 1990, 9/236).
المطلب الثاني: أما المعنى في اصطلاح الأصوليين:
يقول عبد الوهاب خرف في تعريفه: "العرف هو ما تعارفه الناس وساروا عليه, من قول, أو فعل, أو ترك, ويسمى العادة". (الخياط, عبد العزيز, نظرية العرف, عمان, مكتبة الأقصى, ص 24).
المطلب الثالث: تعريف الزواج العرفي باعتباره علما:
1. يعرف الزواج العرفي بأنه ذلك الزواج الذي استوفى شروطه الشرعية جون أن يوثق رسميا وقد أطلق عليه العامة بالزواج العرفي. (ألبنا, كمال صالح, الزواج العرفي ومنازعات البنوة, القاهرة, 2002, ص 6).
وقد عرفته مجلة البحوث الفقهية باعتباره علما على معنى محدد فقالت: "هو اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية, سواء أكان مكتوبا أو غير مكتوب" (مجلة البحوث الفقهية, العدد 36, السنة 9, ص 193, 1997 – 1998).
تظهر لنا التعريفات السابقة أن الزواج العرفي زواج شرعي لا يختلف عن الزواج المعتبر شرعا, ويختلف عن الزواج الرسمي بأنه زواج غير موثق, فلا يلزم التوثيق فيه, أما الزواج الرسمي يلزم فيه التوثيق حتى يكون معتبرا في دوائر الدولة الرسمية والحقوقية.
المطلب الرابع: السبب في تسمية الزواج بالعرفي:
المعروف في الشريعة الإسلامية أن كل عرف تعارف عليه الناس بينهم وأقره الشارع الحكيم فهو عرف صحيح. فالزواج العرفي – كما أسلفنا – هو ذلك الزواج الذي استوفي الأركان والشروط المعتبرة شرعا, ولم يجر فيه التوثيق وجرت العادة على ذلك, والشرع بدوره أقره ولم ينفه في أي وقت من الأوقات طالما حقق الأركان والشروط.
التعريفات السابقة وما هو معتبر في عرف الزواج الذي جرت عليه عادة الناس وأقرته الشريعة وما سن من القوانين الوضيعة تفرض علينا التساؤل حول أهمية التوثيق لعقود الزواج وما تقتضيه المصلحة المعتبره شرعا وعقلا, وأبعاد هذه المصلحة.
المبحث الثاني:
النظر في تاريخ توثيق عقود الزواج بالكتابة.
لقد اقتصر المسلمون في العصور الأولى بإنشاء عقد الزواج وفق ألفاظ مخصوصة تتضمن الإيجاب والقبول, وحضور ولي الأمر والشهود.
لكن مع تقدم الزمان وما يطرأ على الناس من عوارض النسيان والغفلة وحقيقة الموت, أصبحوا يرون لزاما تدوين وتوثيق عقودهم وخاصة عقد الزواج الذي تقوم عليه حياة أسرة بأكملها, فجاءت الدولة بقوانينها لتنظم قضية الإلزام بالتوثيق وفق تنظيم دستوري معين. (مجلة البحوث الفقهية, العدد 36, ص 194).
كما هو معلوم عدم نكران تغيير الأحكام بتغيير الأزمان, واعرف الجاري يطرأ عليه التغيير ما دام أن هذا التغير جاء مصاحبا ومصلحة معتبرة شرعا والمتمثلة في إثبات وتوثيق الحقوق الزوجية في حالة طروء عوارض الغفلة والنسيان أو الموت.
بدأ توثيق عقود الزواج عندما بادر المسلمون إلى تأخير كل المهر أو بعضه, وهذه الوثيقة كانت بمثابة إثبات حق الصداق وكذلك الزواج نفسه. يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "لم يكن الصحابة يكتبون (صداقات) لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر, بل يعجلون المهر, وان أخروه فهو معروف, فلما صار الناس يزوجون على المؤخر والمدة تطول مما قد يؤدي إلى النسيان صاروا يكتبون المؤخر وصار ذلك حجة في إثبات الصداق وفي أنها زوجة له" (ابن تيمية, تقي الدين احمد, مجموع الفتاوى, تحقيق: عامر الجزار وآخرون, المنصورة, دار الوفاء, ط 1. 1997. 131/32).
1. أما عن توثيق عقد الزواج فقد دلت السنة على وجوب توثيقه بالأشهاد لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا نكاح إلا بولي وشاهدين" (الهيثمي, علي بن ابي بكر, مجمع الزوائد ومنبع الفوائد, بيروت, دار الكتاب, 286/4).
فالحديث يشير إلى وجوب توثيق الزواج من خلال حضور شاهدين حتى يشهر الزواج عبر نقلها لخبره لسائر الناس لنفي التهمة وحفظ الحقوق الزوجية ودفع الإنكار.
فإذا كان محصلة الأشهاد ايجابية فكان التوثيق بالكتابة والتدوين ادعى لإشهار الزواج واثبات الحقوق ودفع الإنكار لمدة طويلة, خاصة إذا قلنا قوانين الدولة تقوم على حفظ قدسية الزواج إلى أمد أطول بالرغم من موت الشهود وأولياء الأمور. (الأشقر, أسامة عمر سليمان, مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق, عمان, دار النفائس, ط 1, 2000, ص 134).
يتضح لنا مما سبق أن توثيق الزواج جاء من باب السياسة الشرعية, يقول في ذلك عبد الفتاح عمرو: "فالتوثيق لدى المأذون أو الموظف المختص نظام أوجبته اللوائح والقوانين الخاصة بالمحاكم الشرعية, خشية الجحود وحفظا للحقوق, وحذرت من مخالفته لما له من نتائج خطيرة من النكران". (عمرو, عبد الفتاح, السياسة الشرعية في الأحوال الشخصية, عمان, دار النفائس, ط 1, 1996, ص 43).
ويقول محمد عقلة: "غير أن هذه الحقيقة لا تمنع من أحداث تنظيمات شكلية أو إدارية بقصد حماية الزوجية, والمحافظة على مصالح العقد, كما لا تتعارض مع من قانون تراه الدولة مفيدا بقاعدة التطور, وأخذا بالأساليب الحديثة في التدوين والتسجيل". (عقلة, محمد, نظام الأسرة في الإسلام, عمان, مكتبة الرسالة, ط 2, 1989, 1/394).
من هنا ذهبت قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في الدولة إلى وجوب تدوين وتوثيق عقود الزواج والتي اسماها الفقهاء المعاصرون بالشروط القانونية (الأشقر, مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق, 134).
2. ويعرف علي حسب الله الشروط القانونية بأنها: "شروط يضعها المشرع الوضعي لجلب مصلحة أو دفع مضرة", ثم يوضح طبيعة هذه الشروط فيقول: "الشرط القانوني ليس شرط صحة ولا نفاذ ولا لزوم, لأن المشرع الوضعي ليس له أن ينشأ حكما شرعيا دينيا يحل حراما أو يحرم حلالا, بن هو شرط يترتب عليه أثر فلا دخل له في الحكم الشرعي الديني (حسب الله, علي, الزواج في الشريعة الإسلامية, دمشق, دار الفكر العربي, ط 1, 1971, ص 78).