بقلم الكاتب: أ.د/ محيي الدين عبد
الحليم
في الوقت الذي أحرزت فيه البحوث العلمية تقدماً كبيراً في
مختلف الميادين فإنكثيراً من المعايير
الأخلاقية قد تراجعت حتى أصبح التقدم العلمي في كثير من الأحيانوبالاً على الحياة بدلاً من أن يسهم في تحقيق السعادة
والأمن والراحة النفسيةللإنسان الذي كرَّمه الله
دون سائر المخلوقات وجعله خليفة له في الأرض ليحمل رسالةالسلام
والحق والعدل فوق الكوكب الذي يعيش عليه·
وقد فجرت التجارب العلميةالمعاصرة
مجموعة من القضايا التي ثار حولها الجدل والنقاش ووقف الإنسان إزاءهاحائراً لا يعرف كيف يتصرف وماذا يصنع؟، وهي القضايا
التي اختلف فيها العلماء معالفقهاء، واصطدم فيها رجال
العلم مع أساتذة الفلسفة والأخلاق مثل قضية الاستنساخالبشري،
ونقل الأعضاء البشرية، واستئجار الأرحام، والموت الرحيم إلخ···
ثم ظهرتأخيراً قضية الجنين المشوه
بعد أن استطاعت المعامل الطبية ومراكز الأشعة معرفةالاختلالات
الظاهرة والباطنة في بنية هذا الجنين الذي سيخرج إلى الحياة حاملاًأمراضاً وراثية أو اختلالات عقلية ستؤثر على مستقبله
وعلى حياته، وقد يصاب بسببهابأمراض بدنية أو عقد نفسية
تجعل حياته بلا معنى، ووجوده بلا جدوى، وسلبياته أكثر منإيجابياته·
والجنين المشوه هو الجنين الذي لا يزال يعيش على قيد الحياة
وقتاتخاذ القرار في شأنه،
فإذا كانت التشوهات التي أصابته غير ملائمة مع وجوده داخلالرحم فإن فترة الحمل لن تكتمل، ومن ثم لن يستطيع
الحياة بعد الولادة، ويصبح الموتالمحقق
من نصيبه وبهذا تنتهي مشكلة هذا النوع من الأجنة المشوهة لأن الحمل سينتهيبالإجهاض الذاتي، وهو مايشكل 90 في المئة من حالات
الإجهاض التي تشتمل على الجهازالعصبي
أو الأعضاء الداخلية أو اختلال الكروموزومات أو الطفرات المميتة·
وقدينتهي الحمل بميلاد طفل
يتوفى بعد الولادة مباشرة بسبب عيوب القلب الشديدة التيتعكس
الدورة الدموية، وتؤدي إلى اختلاط الدم الشرياني مع الدم الوريدي، وضمورالحويصلات الهوائية للرئة، أو ضمور الكليتين أو أمراض
سوء التمثيل الغذائيالشديد·
أما الاحتمال الثالث فيتمثل في ميلاد طفل يعيش بتشوهات بسيطة
يمكن أنيشفى منها هذا الطفل، أو
تشوهات شديدة لا تمكنه من أن يحيا حياة طبيعية ذهنياً أوحركياً·
ويمكن معرفة حال الجنين المشوه عند بدء تكوينه، أو في الأسابيع
الأولىمن الحمل، والمسح الوراثي
لحديث الولادة أصبح يسهم في الكشف المبكرللتشوهات·
ومن هنا تأتي أهمية وضع معايير أخلاقية للتعامل مع الجنين
المشوة فلايترك الحبل على الغارب
للاجتهادات الشخصية التي قد تسيء إلى هذا المخلوق إشباعالنهم
البحث العلمي، أو إرضاء لهؤلاء الذين لايريدون الحياة لهذا الطفل لسبب أولآخر، وهذا يعني أنه لا يباح الإجهاض لمجرد وجود عيوب
بسيطة لأن الجنين يمكن أنيصبح طفلاً يتلاءم مع
الحياة خارجياً، كما أنه من الممكن علاج كثير من الحالات بعدالولادة، وقد يستجد علاج آخر لهذا الطفل مع التقدم
العلمي في هذاالصدد·
والقوانين الوضعية تحرِّم الإجهاض، ولم تتضمن نصوصا تبيح إسقاط
الجنينالمشوه شأنه في ذلك شأن
الجنين الصحيح طالما لا يؤثر ذلك على حياة الأم أو يهددبمرض
لابراء منه إلا بالإجهاض، وهذا يعني أن القاعدة القانونية ترى أنه إذا كانالجنين مشوهاً حتى لو كان سيشكل عبئا ثقيلا ومصدرا
لمتاعب نفسية للأسرة فإن ذلك يجبألا
يحول دون حقه في الحياة بغض النظر عن رغبة الأسرة في أن يكون جميع أفرادهاأسوياء وهذا هو الراجح في فقه القانون·
ويتفق
الرأي الفقهي مع القاعدة القانونيةفي
ذلك، أي أنه لايجوز في الشريعة الإسلامية إجهاض الجنين حتى لو كان مشوها بعد مئةوعشرين يوما إلا إذا عرض حياة الأم للخطر لأنه في هذه
الحال سيصبح إنسانا عاديا، أيأنه
لايجوز قتل الطفل إذا ولدته أمه مشوها بعد تسعة أشهر، أما إذا لم يبلغ الجنينمئة وعشرين يوما فإن الإجهاض يجوز طالما دعت الحاجة إلى
ذلك أما إذا بلغ مئة وعشرينيوماً فلا يجوز إجهاض
الطفل إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك أي كان هناك خطر على حياةالأم، وفي هذا قال رسول الله [ يأتي الملك النطفة بعدما
تستقر في الرحم بأربعين أوخمسة وأربعين ليلة فيقول
يارب أشقي أم سعيد فيكتبان، فيقول أذكر أم أنثى فيكتبان،ويكتب
عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص، أي أن تحديدجنس الجنين يحدث في أول لحظة من خلاق البويضة الملقحة،
والملك الذي أرسل بعد ستةأسابيع له مهمة محددة وهي
كتابة سجل حياة ذلك الجنين من صحة ومرض، ورزق وعمل، وليستمهمة نفخ الروح، وفي هذا يقول >ابن مسعود< >حدثنا رسول الله [ فقال، إنأحدكم
يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثلذلك، ثم يبعث الله ملكاً يأمر بأربع كلمات يقال اكتب
أجله، وعمله، ورزقه، وشقي أمسعيد، ثم ينفخ فيه روحه·
وهذا يؤكد أننا في حاجة إلى منهج أخلاقي يمكننا منالتعامل مع البحوث العلمية والمستجدات الطبية بصورة
صحيحة، منهج يقوم على الفهمالسليم لصحيح الدين
ومواثيق الشرف التي تمس حياة البشر، ونتناول قضاياهم، وعدم تركالحبل على الغارب للتعامل مع المستجدات العصرية له لأن
حرية الإنسان يجب ألا أنتكون مطلقة، وهذه الحرية
يجب أن تحكمها وتحد من طموحها الضوابط الأخلاقية والمعاييرالإنسانية، فليس ثمة حرية بلا ضوابط، لأن الحرية لابد
أن يقابلها مسؤولية تتناسبوطبيعتها بعيداً عن
التفسير الخاطئ للأحوال الشرعية والضوابط القانونية·
وقدوضعت الديانات السماوية الضوابط المحكمة لصيانة الفرد
والمجتمع وإحاطة الأسرة بسياجمنيع
من العلم والدين الأخلاق والفضيلة، وشرعت لها من القوانين ما يعصمها من التفككوالزلل، والقرآن الكريم حافل بما ينبغي أن يكون عليه
الفكر الإنساني في إطار منالحق والخير، وهو الذي أمر
بالحفاظ على العقل وسلامة النفس والحفاظ على الفكروالإدراك،
ولذلك شدد الإسلام على تحريم كل ما يعمل على تغييب العقل من مسكرات أومفترات·
ومن هنا تأتي أهمية إقامة مؤسسات علمية تسعى لحماية الفرد من
العبثبفكره، وحماية المجتمع من
الاعتداء على مقدساته، وحماية الجماهير من مغبة التصرفاتغير
الأخلاقية التي يمارسها بعض الناس، وفي الوقت عينه تفسح المجال لحرية البحثالعلمي الملتزم الذي يسهم في بناء المجتمع وإثراء
الحياة والحفاظ على الإنسان بعدأن
أفرزت التجارب العلمية ثورة هائلة تجاوزت الحدود الأخلاقية في أحيان كثيرة، ممايشكل إعتداء صارخاً على مرجعية الأمة وقيم المجتمع،
فليس لأحد أن يفرض ما يهواه أويبيح
ما يعتقده من أمور تحكمه رغباته وغرائزه أو يسن قوانين لا تتفق مع ماجاء فيكتاب الله لأن الحرية التي لا ضوابط لها تؤدي إلى
الفوضى وإلى اللامبالاة وعدمالاكتراث، إنها عين
الهمجية التي تقود المجتمع إلى الدمار وتعرض مؤسساته إلىالخراب·
لأجل هذا وضع الإسلام للحرية منهجا يمنع الانفلات الأخلاقي
والتجاوزاتالمهينة، وهو منهج يتفق مع
معطياته، وينسجم مع مبادئه، والفلسفة الإسلامية ترفضالمذاهب
والأيدولوجيات التي تمارس القهر الفكري وتحول دون انطلاق الأدمغة البشريةللبحث والإبداع، وتحرم الإنسان من الاجتهاد والتعبير،
شرط عدم إساءة استخدام هذاالحق والالتزام بقوانين
السماء في الأهداف والغايات والوسائل الموصلة لذلك·
وفيالحقيقة إن المؤسسات
العلمية ليست مشروعات تجارية، أو أنشطة بحثية تسد الحاجاتالبيولوجية للإنسان، ولكنها تسمو إلى غايات أنبل وأهداف
أسمى لا يجوز لها أن تتحولإلى معامل للهدم، ولكنها
أدوات للبناء
الحليم
في الوقت الذي أحرزت فيه البحوث العلمية تقدماً كبيراً في
مختلف الميادين فإنكثيراً من المعايير
الأخلاقية قد تراجعت حتى أصبح التقدم العلمي في كثير من الأحيانوبالاً على الحياة بدلاً من أن يسهم في تحقيق السعادة
والأمن والراحة النفسيةللإنسان الذي كرَّمه الله
دون سائر المخلوقات وجعله خليفة له في الأرض ليحمل رسالةالسلام
والحق والعدل فوق الكوكب الذي يعيش عليه·
وقد فجرت التجارب العلميةالمعاصرة
مجموعة من القضايا التي ثار حولها الجدل والنقاش ووقف الإنسان إزاءهاحائراً لا يعرف كيف يتصرف وماذا يصنع؟، وهي القضايا
التي اختلف فيها العلماء معالفقهاء، واصطدم فيها رجال
العلم مع أساتذة الفلسفة والأخلاق مثل قضية الاستنساخالبشري،
ونقل الأعضاء البشرية، واستئجار الأرحام، والموت الرحيم إلخ···
ثم ظهرتأخيراً قضية الجنين المشوه
بعد أن استطاعت المعامل الطبية ومراكز الأشعة معرفةالاختلالات
الظاهرة والباطنة في بنية هذا الجنين الذي سيخرج إلى الحياة حاملاًأمراضاً وراثية أو اختلالات عقلية ستؤثر على مستقبله
وعلى حياته، وقد يصاب بسببهابأمراض بدنية أو عقد نفسية
تجعل حياته بلا معنى، ووجوده بلا جدوى، وسلبياته أكثر منإيجابياته·
والجنين المشوه هو الجنين الذي لا يزال يعيش على قيد الحياة
وقتاتخاذ القرار في شأنه،
فإذا كانت التشوهات التي أصابته غير ملائمة مع وجوده داخلالرحم فإن فترة الحمل لن تكتمل، ومن ثم لن يستطيع
الحياة بعد الولادة، ويصبح الموتالمحقق
من نصيبه وبهذا تنتهي مشكلة هذا النوع من الأجنة المشوهة لأن الحمل سينتهيبالإجهاض الذاتي، وهو مايشكل 90 في المئة من حالات
الإجهاض التي تشتمل على الجهازالعصبي
أو الأعضاء الداخلية أو اختلال الكروموزومات أو الطفرات المميتة·
وقدينتهي الحمل بميلاد طفل
يتوفى بعد الولادة مباشرة بسبب عيوب القلب الشديدة التيتعكس
الدورة الدموية، وتؤدي إلى اختلاط الدم الشرياني مع الدم الوريدي، وضمورالحويصلات الهوائية للرئة، أو ضمور الكليتين أو أمراض
سوء التمثيل الغذائيالشديد·
أما الاحتمال الثالث فيتمثل في ميلاد طفل يعيش بتشوهات بسيطة
يمكن أنيشفى منها هذا الطفل، أو
تشوهات شديدة لا تمكنه من أن يحيا حياة طبيعية ذهنياً أوحركياً·
ويمكن معرفة حال الجنين المشوه عند بدء تكوينه، أو في الأسابيع
الأولىمن الحمل، والمسح الوراثي
لحديث الولادة أصبح يسهم في الكشف المبكرللتشوهات·
ومن هنا تأتي أهمية وضع معايير أخلاقية للتعامل مع الجنين
المشوة فلايترك الحبل على الغارب
للاجتهادات الشخصية التي قد تسيء إلى هذا المخلوق إشباعالنهم
البحث العلمي، أو إرضاء لهؤلاء الذين لايريدون الحياة لهذا الطفل لسبب أولآخر، وهذا يعني أنه لا يباح الإجهاض لمجرد وجود عيوب
بسيطة لأن الجنين يمكن أنيصبح طفلاً يتلاءم مع
الحياة خارجياً، كما أنه من الممكن علاج كثير من الحالات بعدالولادة، وقد يستجد علاج آخر لهذا الطفل مع التقدم
العلمي في هذاالصدد·
والقوانين الوضعية تحرِّم الإجهاض، ولم تتضمن نصوصا تبيح إسقاط
الجنينالمشوه شأنه في ذلك شأن
الجنين الصحيح طالما لا يؤثر ذلك على حياة الأم أو يهددبمرض
لابراء منه إلا بالإجهاض، وهذا يعني أن القاعدة القانونية ترى أنه إذا كانالجنين مشوهاً حتى لو كان سيشكل عبئا ثقيلا ومصدرا
لمتاعب نفسية للأسرة فإن ذلك يجبألا
يحول دون حقه في الحياة بغض النظر عن رغبة الأسرة في أن يكون جميع أفرادهاأسوياء وهذا هو الراجح في فقه القانون·
ويتفق
الرأي الفقهي مع القاعدة القانونيةفي
ذلك، أي أنه لايجوز في الشريعة الإسلامية إجهاض الجنين حتى لو كان مشوها بعد مئةوعشرين يوما إلا إذا عرض حياة الأم للخطر لأنه في هذه
الحال سيصبح إنسانا عاديا، أيأنه
لايجوز قتل الطفل إذا ولدته أمه مشوها بعد تسعة أشهر، أما إذا لم يبلغ الجنينمئة وعشرين يوما فإن الإجهاض يجوز طالما دعت الحاجة إلى
ذلك أما إذا بلغ مئة وعشرينيوماً فلا يجوز إجهاض
الطفل إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك أي كان هناك خطر على حياةالأم، وفي هذا قال رسول الله [ يأتي الملك النطفة بعدما
تستقر في الرحم بأربعين أوخمسة وأربعين ليلة فيقول
يارب أشقي أم سعيد فيكتبان، فيقول أذكر أم أنثى فيكتبان،ويكتب
عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص، أي أن تحديدجنس الجنين يحدث في أول لحظة من خلاق البويضة الملقحة،
والملك الذي أرسل بعد ستةأسابيع له مهمة محددة وهي
كتابة سجل حياة ذلك الجنين من صحة ومرض، ورزق وعمل، وليستمهمة نفخ الروح، وفي هذا يقول >ابن مسعود< >حدثنا رسول الله [ فقال، إنأحدكم
يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثلذلك، ثم يبعث الله ملكاً يأمر بأربع كلمات يقال اكتب
أجله، وعمله، ورزقه، وشقي أمسعيد، ثم ينفخ فيه روحه·
وهذا يؤكد أننا في حاجة إلى منهج أخلاقي يمكننا منالتعامل مع البحوث العلمية والمستجدات الطبية بصورة
صحيحة، منهج يقوم على الفهمالسليم لصحيح الدين
ومواثيق الشرف التي تمس حياة البشر، ونتناول قضاياهم، وعدم تركالحبل على الغارب للتعامل مع المستجدات العصرية له لأن
حرية الإنسان يجب ألا أنتكون مطلقة، وهذه الحرية
يجب أن تحكمها وتحد من طموحها الضوابط الأخلاقية والمعاييرالإنسانية، فليس ثمة حرية بلا ضوابط، لأن الحرية لابد
أن يقابلها مسؤولية تتناسبوطبيعتها بعيداً عن
التفسير الخاطئ للأحوال الشرعية والضوابط القانونية·
وقدوضعت الديانات السماوية الضوابط المحكمة لصيانة الفرد
والمجتمع وإحاطة الأسرة بسياجمنيع
من العلم والدين الأخلاق والفضيلة، وشرعت لها من القوانين ما يعصمها من التفككوالزلل، والقرآن الكريم حافل بما ينبغي أن يكون عليه
الفكر الإنساني في إطار منالحق والخير، وهو الذي أمر
بالحفاظ على العقل وسلامة النفس والحفاظ على الفكروالإدراك،
ولذلك شدد الإسلام على تحريم كل ما يعمل على تغييب العقل من مسكرات أومفترات·
ومن هنا تأتي أهمية إقامة مؤسسات علمية تسعى لحماية الفرد من
العبثبفكره، وحماية المجتمع من
الاعتداء على مقدساته، وحماية الجماهير من مغبة التصرفاتغير
الأخلاقية التي يمارسها بعض الناس، وفي الوقت عينه تفسح المجال لحرية البحثالعلمي الملتزم الذي يسهم في بناء المجتمع وإثراء
الحياة والحفاظ على الإنسان بعدأن
أفرزت التجارب العلمية ثورة هائلة تجاوزت الحدود الأخلاقية في أحيان كثيرة، ممايشكل إعتداء صارخاً على مرجعية الأمة وقيم المجتمع،
فليس لأحد أن يفرض ما يهواه أويبيح
ما يعتقده من أمور تحكمه رغباته وغرائزه أو يسن قوانين لا تتفق مع ماجاء فيكتاب الله لأن الحرية التي لا ضوابط لها تؤدي إلى
الفوضى وإلى اللامبالاة وعدمالاكتراث، إنها عين
الهمجية التي تقود المجتمع إلى الدمار وتعرض مؤسساته إلىالخراب·
لأجل هذا وضع الإسلام للحرية منهجا يمنع الانفلات الأخلاقي
والتجاوزاتالمهينة، وهو منهج يتفق مع
معطياته، وينسجم مع مبادئه، والفلسفة الإسلامية ترفضالمذاهب
والأيدولوجيات التي تمارس القهر الفكري وتحول دون انطلاق الأدمغة البشريةللبحث والإبداع، وتحرم الإنسان من الاجتهاد والتعبير،
شرط عدم إساءة استخدام هذاالحق والالتزام بقوانين
السماء في الأهداف والغايات والوسائل الموصلة لذلك·
وفيالحقيقة إن المؤسسات
العلمية ليست مشروعات تجارية، أو أنشطة بحثية تسد الحاجاتالبيولوجية للإنسان، ولكنها تسمو إلى غايات أنبل وأهداف
أسمى لا يجوز لها أن تتحولإلى معامل للهدم، ولكنها
أدوات للبناء