الدكتور
محمود سمير الشرقاوى
أستاذ
ورئيس قسم القانون التجارى
بكلية
الحقوق جامعة القاهرة
1992
الناشر
دار النهضة العربية
32 ش عبد
الخالق ثروت - القاهرة
باب تمهيدى
1 – المقصود بقانون التجارة الدولية :
زادت أهمية التجارة الدولية ، وتعقدت
مشاكلها ، بحيث أصبح الاهتمام بمحاولة البحث عن حلول لمشاكلها القانونية يشغل بال
الباحثين والمشرعين فى مختلف الدول سواء على المستوى الوطنى أو على المستوى الدولى
.
وأصبح المجتمع التجارى الدولى ، تؤيده
منظمات دولية وهيئات تجارية ، يسعى إلى خلق قواعد موحدة تحكم النشاط التجارى
الدولى بغض النظر عن طبيعة النظام الاقتصادى الذى يسود فى دولة من الدول ، ودون
اعتبار لطبيعة النظام القانونى الذى تتبعه هذه الدول ، فهى قواعد تنبع من العرف
التجارى الدولى دون اعتبار للتقسيم السائد فى دول العالم إلى دول اشتراكية ودول
رأسمالية ودول تطبق نظام القانون المشترك (1) (قانون العموم Common
Law ) أو دول تطبق القانون المدنى المشتق من القانون الرومانى (2) .{ صفحة 3}
.
على أن الحقيقة السابقة لا تصل بنا إلى حد
القول أن قانون التجارة الدولية فى مختلف الدول يعتبر موحداً ، بل الأدق أن نقول
أنه يعتبر متشابها (3) .
وإذا كانت طبيعة التجارة الدولية هى التى
أدت إلى تشابه النظم القانونية التى تحكمها فى مختلف دول العالم ، فإن هذا لا يغير
من أن تطبيق قواعد قانون التجارة الدولية فى كل دولة منوط بقبول السلطات المختصة
لها .
ولا نجد لقانون التجارة الدولية تعريفاً ،
خيراً من تعريف الأمانة العامة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة عند البحث فى
إنشاء لجنة لتوحيد أحكام قانون التجارة الدولية سنة 1965 فهذا القانون هو "
مجموعة القواعد التى تسرى على العلاقات التجارية المتعلقة بالقانون الخاص والتى
تجرى بين دولتين أو أكثر " (4) ويشتمل قانون التجارة الدولية على
مجموعة الاتفاقيات الدولية والعقود النموذجية والشروط العامة المبرمة فى مجال معين
بالإضافة إلى العرف التجارى الدولى السائد فى علاقة تجارية معينة .
2 – العلاقة بين القانون التجارى الوطنى وقانون
التجارة الدولية :
نلاحظ
أن الفارق بين القانون التجارى الوطنى وقانون التجارة الدولية فى دول الاقتصاد
المخطط ، أن القانون الأول يعتبر جزءاً من القانون الاقتصادى العام الذى تخضع له
المؤسسات القائمة بالنشاط الاقتصادى والذى يقوم على إرادة المشرع الذى يضع قواعد
قانونية عامة يخضع لها النشاط الاقتصادى بطريقة حاسمة ، أما قانون {صفحة 4}
التجارة الدولية فإنه يستند على مبدأ سلطان إرادة المتعاقدين التى لا تكملها أحكام
القانون التجارى الوطنى . ومن ثم فإنه إذا اختلفت طبيعة أحكام القانون التجارى
الوطنى فى الدول الاشتراكية عنها فى الدول الرأسمالية ، فإن قواعد قانون التجارة
الدولية تكاد تكون واحدة فى النظامين . ويؤكد هذا المبدأ استقلال القانون التجارى
الوطنى عن قانون التجارة الدولية .
وإذا كان كل من القانون التجارى الوطنى
وقانون التجارة الدولية يتضمن قواعد موضوعية ، فإن القانون الوطنى يقتصر عمله على
نطاق الدولة التى تصدر فيها بينما تجاوز أحكام قانون التجارة الدولية حدود الدول
ليحكم العلاقات التى تنشأ فى إقليم أكثر من دولة (5) .
ويختلف معيار الدولية بحسب نوع العلاقة
التى تنظمها أحكام قانون التجارة الدولية ، لذلك تحدد الاتفاقيات الدولية عادة
المقصود بدولية العلاقة التى تحكمها ، وقد يختلف تبعاً لذلك معيار الدولية من حالة
إلى أخرى .
3 – قانون التجارة الدولية والقانون الدولى الخاص :
تهدف
أحكام القانون الدولى الخاص الى وضع قاعدة أسناد عند تنازع القوانين التى تحكم
علاقة معينة ، أما قانون التجارة الدولية فإنه يشتمل على مجموعة الاتفاقيات
الدولية المبرمة فى مجال التجارة الدولية ، وعلى ذلك نرى أنه بينما يعنى القانون
الدولى الخاص بتعيين القانون الوطنى الواجب التطبيق فى مجال تنازع { صفحة 5 }
القوانين على العلاقة القانونية موضوع النزاع ، فإن قانون التجارة الدولية يهدف
إلى إيجاد قواعد موضوعية فى شأن هذه العلاقة تحل محل القواعد الوطنية وتقضى
بالتالى على التنازع بينها (6) .
4 – الهيئات المهتمة بتوحيد قانون التجارة الدولية :
ان
الطريق إلى توحيد قانون التجارة الدولية طويل وشاق ومع ذلك فقد قامت بعض الهيئات
الدولية باتخاذ خطوات واسعة نحو إتمام هذا الهدف . وهذه الهيئات إما حكومية (7)
أو غير حكومية .
والهيئات الحكومية هى التى تتكون من عضوية
حكومات بعض الدول ، ويمثلها مندوبون فيها ، وأهم هذه الهيئات لجنة قانون التجارة
الدولية التابعة للأمم المتحدة ومقرها فيينا والتى تعرف باسم UNCITRAL وسنعرض لها فيما
بعد ، والمعهد الدولى لتوحيد القانون الخاص فى روما والمعروف باسم UNIDROIT وتلعب دوراً
كبيراً فى توحيد القوانين الموضوعية لقانون التجارة الدولية ( ،
ومؤتمر لاهاى للقانون الدولى الخاص الذى يهدف إلى توحيد القواعد الوطنية لتنازع
القوانين دون القواعد الموضوعية لقانون التجارة الدولية ، والمنظمة العالمية
للملكية الذهنية WIPO .
أما الهيئات غير الحكومية فهى التى تتكون
من أعضاء لا يمثلون حكومات معينة وإنما يشتركون فيها بصفاتهم الشخصية من المتخصصين
والمشتغلين بقانون التجارة الدولية وأهم هذه الهيئات غرفة التجارة { صفحة 6 } الدولية
بباريس ICC (9)
، واللجنة البحرية الدولية فى بروكسل IMC ، وتعمل
على توحيد القانون البحرى على المستوى الدولى (10) .
5
– لجنة قانون التجارة الدولية
UNCITRAL:
كان
الأستاذ شميتوف Clive Schmitthoff من أوائل الداعين إلى أهمية وجود تنظيم فعال لتوحيد قانون التجارة
الدولية وقد أبرز هذا المعنى فى الندوة التى نظمتها الجمعية الدولية للعلوم
القانونية سنة 1962 فى لندن بتشجيع وتدعيم مالى من منظمة اليونسكو ، وقد اشترك
أبرز أساتذة العالم من المتخصصين فى هذا المجال فى هذه الندوة ونشرت أعمالها
والبحوث المقدمة فيها فى كتاب بعنوان مصادر قانون التجارة الدولية The
Sources of The Law of International Trade, Edited by Schmitthoff, Stevens &
Sons, London 1964.
لذلك لم يكن غريبا ، عندما فكرت هيئة الأمم المتحدة فى تكوين لجنة لقانون التجارة
الدولية ، سنة 1965 أن تدعو الأستاذ شميتوف لتستعين به فى وضع تقرير فى مجال توحيد
قانون التجارة الدولية، وفى السنة التالية قدم هذا التقرير معتمداً على الدراسة
العميقة التى أعدها الأستاذ المذكور ، وعرض التقرير لتطور قانون التجارة الدولية
وأشار إلى النجاح المحدود للمحاولات المبكرة لتوحيد هذا القانون ، وقد أبرز
التقرير أنه لا توجد هيئة من الهيئات المهتمة بتوحيد القانون تتمتع بقبول دولى
وتمثل مصالح جميع الدول على اختلاف نظمها السياسية والاقتصادية وسواء كانت من
الدول المتقدمة أو الدول النامية مما يبرر ضرورة وجود هيئة موحدة تدعو إلى التوحيد
وتتمتع بقبول دولى وانتهى الاقتراح إلى إنشاء لجنة جديدة تسمى لجنة الأمم المتحدة {
صفحة 7 } لقانون التجارة الدولية United
Nations Commission on international Trade Law.
واجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة
وأصدرت قراراً فى ديسمبر 1966 بإنشاء هذه اللجنة التى عرفت باسم اليونسيترال UNCITRAL وهى تسمية مأخوذة من الحروف الأولى لاسم اللجنة باللغة الانجليزية
، وضمت اللجنة عند تكوينها تسع وعشرين دولة كأعضاء فيها ، منها سبع دول أفريقية
بينها مصر ، وخمس دول آسيوية وأربع دول من أوروبا الشرقية وخمس دول من أمريكا
اللاتينية وثمان دول من غرب أوروبا ومن دول أخرى منها الولايات المتحدة الأمريكية (11)
.
واقترح أن تكون مهمة اللجنة إعداد وترويج
معاهدات أو اتفاقيات دولية جديدة ونماذج قوانين Model Laws وقوانين موحدة وتقنين ونشر الاصطلاحات والشروط والعادات والأعراف
التجارية الدولية .
وفى ربيع سنة 1968 عقدت اللجنة أول اجتماع
لها فى نيويورك وأشار الأستاذ شميتوف فى هذا الاجتماع إلى أن الإنجاز العظيم الذى
تم بإنشاء هذه اللجنة ، أنها أنشئت دون صعوبات تذكر بسبب طبيعة نشاطها باعتباره
نشاطا فنيا غير سياسى من طبيعة قانونية . وكانت هذه هى فعلا البداية التى تشكل حجر
الأساس للمشاركة فى أعمال هذه اللجنة على نطاق واسع من جميع الدول (12)
.
ويجوز للجنة أن تكون مجموعات عمل Working
groups من عدد محدود من الأعضاء
للقيام بإعداد مشروع اتفاقية أو تعديل {
صفحة 8 } اتفاقية أو لدراسة موضوع معين أو لوضع
نموذج لقانون موحد أو لعقد موحد ثم يناقش هذا العمل بعد ذلك فى اللجنة . وقد اختارت اللجنة فى أول دورة لها
سنة 1968عدة موضوعات تقوم بدراستها وهى : -
البيع التجارى الدولى ، والتحكيم ، والنقل
، والتأمين والوفاء بالديون الدولية عن طريق الأوراق التجارية والاعتمادات
المصرفية ، والملكية الذهنية ، وتحريم التفرقة بين الدول فى القوانين المتعلقة
بالتجارة الدولية ، والتمثيل التجارى ، والتصديق على الوثائق فى مجال التجارة
الدولية . وقررت اللجنة الأولوية للبيع التجارى الدولى ، وطرق الوفاء بالديون
الدولية ، والتحكيم التجارى الدولى (13) .
وقد أنجزت اللجنة حتى الآن عدداً لا بأس
به من الاتفاقيات الدولية والقواعد النموذجية أهمها :
1
– اتفاقية مدة
التقادم فى البيع الدولى للبضائع فى نيويورك سنة 1974 ، والبروتوكول المعدل
لاتفاقية مدة التقادم فى البيع الدولى للبضائع فى فيينا سنة 1980 .
2
– اتفاقية الأمم
المتحدة للنقل البحرى للبضائع لعام 1978 فى هامبورج وتعرف باسم قواعد هامبورج
والتى ستدخل دور النفاذ فى أول نوفمبر سنة 1992 فيما يتعلق بالدول المنضمة إليها .
3
– اتفاقية الأمم
المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع فى فيينا سنة 1980 والتى دخلت دور النفاذ
فى أول يناير سنة 1988 فيما يتعلق بالدول التى انضمت إليها .
4
– النظر فى اتفاقية
نيويورك سنة 1958 والتى لم تنبع عن عمل اللجنة والمتعلقة بالاعتراف بقرارات
التحكيم الأجنبية وتنفيذها وقد انضمت مصر إلى هذه الاتفاقية فى 9 مارس سنة 1959 .{
صفحة 9 } .
5
– القانون النموذجى
للتحكيم التجارى الدولى فى يونيو 1985. وقد شكلت وزارة العدل المصرية لجنة لوضع
مشروع قانون للتحكيم التجارى الدولى وضعت مشروعا تبنت فيه القانون النموذجى
لليونسيترال ، ولم يصدر هذا القانون حتى
الآن (14) .
6
– اتفاقية الأمم
المتحدة بشأن السفاتج ( الكمبيالات ) الدولية والسندات الإذنيه الدولية والتى
أقرتها اللجنة فى اجتماعها فى فيينا بتاريخ 14 أغسطس 1987 .
7
– الدليل القانونى
لصياغة العقود الدولية لتشييد المنشآت الصناعية حسبما أقرته مجموعة العمل التى
انعقدت فى نيويورك فى أبريل 1987 ، وقد أقرته اللجنة فى فيينا بتاريخ 14 أغسطس عام
1987 .
6 – تقسيم الدراسة :
تعتبر هذه الدراسة فى مجال قانون التجارة
الدولية ونهدف منها ، إلى تعريف العقد التجارى الدولى الذى نخصص له الباب الأول
فنعرض لبعض النقاط المتعلقة بهذا الموضوع فى فصل أول ، ثم نعرض فى فصل ثان لأهم
صور عقود البيع الدولى وفقا لما استقر عليه العمل وطبقاً لقواعد غرفة التجارة
الدولية وهى المسماة بالانكوترمز Incoterms . أما الباب الثانى فنكرسه لدراسة اتفاقية الأمم المتحدة بشأن
عقود البيع الدولى للبضائع " فيينا سنة 1980 " . {صفحة 8 } .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش الباب التمهيدى
(1) نفضل
ترجمة اصطلاح Common
Law بقانون العموم أو القانون
المشترك لأنه أبلغ فى الدلالة على تحديد طبيعته وأدق من استعمال ترجمة القانون
العام فضلا عن أن الترجمة الأخيرة مضللة .
(2) Schmitthoff (Clive) : The
Sources
of The Law of International Trade, London, 1964 p. ix & p.3.
ويعتبر شميتوف
من أوائل المهتمين في العالم بدارسة قانون التجارة الدولية وله مؤلفات عديدة فى هذا المجال وقد عبر عن هذه الحقيقة الأستاذ Trammer بأن المتخصصين في قانون التجارة
الدولية من جميع دول العالم وجدوا أنفسهم دون أدنى صعوبة يتكلمون لغة مشتركة .
مشار الى هذا المعنى في مؤلف شميتوف المذكور
(3) شميتوف ، المرجع السابق ص 4 .
(4) مشار إليه
فى محاضرات الأستاذ محسن شفيق لدبلوم القانون الخاص 1972 – 1973 عن اتفاقيات لاهاى لعام 1964 بشأن البيع الدولى بند 10 ص 5 .
(5) ولا تمنع
هذه التفرقة وضع تقنين وطنى للتجارة الدولية ينطبق عندما يكون القانون الوطنى هو
الواجب التطبيق وفقا لقواعد الإسناد فى مجال تنازع القوانين ، على العلاقة
التجارية الدولية موضوع النزاع . ومن الدول التى اتبعت هذا المسلك تشيكوسلوفاكيا
سنة 1963 ورومانيا سنة 1971 .
(6) محسن شفيق
، المرجع السابق رقم 12 .
(7) وقد تكون
هذه الهيئات الحكومية عالمية أو اقليمية تشمل مجموعة من الدول تجمعها مصالح
مشتركة.
( لعب هذا
المعهد دوراً كبيراً فى توحيد قواعد البيع الدولى للبضائع ، فهو الذى أعد مشروعات
اتفاقيات لاهاى سنة 1964 للبيع الدولى للبضائع .
(9) لعبت
دوراً هاماً فى مجال التحكيم التجارى الدولى وفى مجال عقود البيع الدولى وكذلك فى
مجال الاعتمادات المستندية .
(10) من نشاط
هذه اللجنة إبرام معظم الاتفاقيات الدولية البحرية التى تمت فى مدينة بروكسل .
(11) مدة
العضوية ست سنوات ويجوز إعادة انتخاب أية دولة تنتهى مدة عضويتها ، وتعقد اللجنة
اجتماعها مرة فى السنة سواء فى مقر الأمم المتحدة بنيويورك أو فى المقر الأوروبى
بجنيف وقد تم نقل مكان الاجتماع فى المقر الأوروبى إلى مقر الأمم المتحدة فى فيينا
.
(12) E. Allan Farnsworth :
Uncitral and The Progressive Development of International Trade.
(13) محسن شفيق ص 84 ، 85 .
(14) شكلت اللجنة من الأستاذ الدكتور
محسن شفيق والأستاذ الدكتور محمود سمير الشرقاوى والأستاذة الدكتورة سامية راشد
والمستشار الدكتور محمد أبو العينين .
الباب الأول
العقود التجارية الدولية
الفصل
الأول
مقدمات
7- تمهيد :
يعتبر العقد أهم صور التصرف القانونى ،
وهو التعبير القانونى لإجراء المعاملات سواء على المستوى الداخلى أو على المستوى
الدولى لذلك يمكن القول أن العقد إما أن يكون داخليا وإما أن يكون دولياً .
ولم تهتم الهيئات والمنظمات الدولية
بموضوع العقود الدولية إلا بمناسبة المعاملات التجارية . قد بذلت هذه الهيئات
جهوداً كبيرة لتوحيد أحكام التجارة الدولية ، حتى برزت ملامح فرع جديد من فروع القانون
هو " قانون التجارة الدولية " الذى يتضمن الاتفاقيات الدولية التى تم
إنجازها فى مجال التجارة الدولية والعقود النموذجية والشروط العامة التى وضعت فى
هذا المجال .
8 – دور العقود الدولية فى توحيد قانون التجارة الدولية :
قانون التجارة الدولية هو مجموعة القواعد
التى تسرى على العقود التجارية المتصلة بالقانون الخاص والتى تجرى بين دولتين أو
أكثر { صفحة 11 } .
وقد جاء هذا التعريف فى تقرير أعدته
الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة لتعرض على الجمعية العامة سنة 1965 بمناسبة
البحث فى إنشاء لجنة لتوحيد أحكام قانون التجارة الدولية .
ومن هذا التعريف نرى أن قانون التجارة
الدولية يحتوى على قواعد موضوعية لحكم العلاقات التجارية الدولية ولا يعد مجرد
توحيد لقواعد الإسناد الوطنية بحيث يعين بقاعدة موحدة القانون الوطنى الواجب
التطبيق كقانون دولة محل إبرام العقد مثلا.. أو قانون دولة تنفيذ العقد .
وكذلك يتضح أن هذا الفرع لا يهتم إلا
بعلاقات القانون الخاص وبغض النظر عن صفة أطراف العلاقة إذ تطبق أحكامه سواء كانت
العلاقة التجارية بين أشخاص عامة أو بين أشخاص خاصة أو كان أحد طرفى العلاقة شخصاً
عاماً والآخر من أشخاص القانون الخاص .
وقد حاولت بعض الدول وضع تقنين للتجارة
الدولية ، فنجد مثلا أن تشيكوسلوفاكيا قد أصدرت هذا التقنين سنة 1963 وينطبق
التقنين المذكور عندما يكون القانون التشيكوسلوفاكى هو القانون الواجب التطبيق
وفقاً لقواعد القانون الدولى الخاص بشأن تنازع القوانين .
ان المحاولات الوطنية لتوحيد قانون
التجارة الدولية محاولات محدودة حتى الآن،
لذلك برزت أهمية التوحيد الدولى لقانون التجارة الدولية ، ويتم هذا التوحيد
بأساليب مختلفة فإما أن يتحقق ذلك عن طريق :
(أ) تجميع العادات والأعراف التجارية
المتداولة فى العمل وتلعب غرفة التجارة الدولية “ I.C.C. ” دوراً هاماً
فأصدرت سنة 1953 مجموعة يطلق عليها
“ Incoterms ” جمعت الأعراف المستقرة فى
البيوع البحريــة كالبيع “F.O.B.” والبيع "C.I .F."
كما وضعت مجموعة أخرى سنة 1964 تسمى " القواعد والعادات{صفحة 12}
المتعلقة بالاعتماد المستندى " وقد احتوت تقنينا للأعراف المصرفية المستقرة فى هذا المجال .
(ب) إبرام اتفاقيات دولية بين عدد من
الدول إما بقصد توحيد قواعد تنازع القوانين ، من ذلك اتفاقية لاهاى سنة 1955 ،
بشأن تعيين القانون الواجب التطبيق على البيع التجارى الدولى . أو بهدف وضع قواعد
موضوعية موحدة تسرى على المعاملات الدولية ، ومن ذلك اتفاقية لاهاى سنة 1964 م بشأن توحيد بعض
الأحكام الموضوعية المتعلقة بالبيع الدولى ، واتفاقية الأمم المتحدة المبرمة فى
فيينا سنة 1980 بشأن عقد البيع الدولى
للبضائع .
(جـ) وضع شروط عامة للعقود الدولية ،
فيتفق تجار سلعة معينة أو مجموعة سلع متشابهة فى منطقة جغرافية معينة على وضع شروط
عامة “ general conditions
” يتفق المتعاقدان على
إتباعها أو قد تقوم بوضع هذه الشروط هيئة من الهيئات الدولية المهتمة بتوحيد قانون
التجارة الدولية .
ويقتصر التوحيد على وضع الشروط العامة
للتعاقد مع ترك التفاصيل للاتفاقيات الخاصة فى كل حالة على حدة ولمحاولة مواجهة
الظروف المختلفة للتعاقدات الدولية ، فإن هذه الشروط تحرر فى شكل نماذج مختلفة
بحيث يكون للمتعاقدين اختيار النموذج الملائم منها ولذلك تسمى أحياناً بالعقود
النموذجية “ Standard Contracts ” وقد أصبح لهذه الشروط
أهمية كبيرة فى المعاملات الدولية واتسع نطاقها حتى شمل مناطق جغرافية عديدة .
فهناك مثلا الشروط العامة التى وضعتها فى شكل نماذج متعددة اللجنة الاقتصادية
الأوروبية للأمم المتحدة بشأن توريد الأدوات والآلات اللازمة لتجهيز المصانع وقد
انتشرت هذه الشروط فى مختلف دول العالم ، كذلك هناك الشروط العامة التى وضعتها
جمعية لندن لتجارة الغلال وأصبحت شروطا لبيوع { صفحة 13 } الغلال فى أغلب
دول العالم . كما وضع مجلس المعونة الاقتصادية المتبادلة والمعروف باسم “Comecon”
والذى كان يضم تسعا من دول أوروبا الشرقية الاشتراكية شروطاً عامة لتبادل السلع
بينها.
وعلى الرغم من أن اتباع هذه الشروط أمر
اختيارى من الناحية النظرية ، إلا أنها
لعبت عملياً الدور الأول فى توحيد القواعد التى تحكم المعاملات الدولية ، لأنها
تتفق وحاجات التجارة الدولية ، ومع ذلك كان اتباع الشروط العامة التى وضعها
الكوميكون أمراً إلزامياً ولا يجوز مخالفتها إلا لضرورة قصوى عندما تقتضى طبيعة
السلعة شروطاً خاصة أو جدت بعض الظروف التى تبرر مثل هذه المخالفة .
9 – مجال العقود الدولية :
نلاحظ أن الشروط العامة
للعقود الدولية وان كانت تقوم أساساً فى مجال البيع التجارى الدولى بالنسبة لمختلف
السلع وتداولها عبر الحدود بين دول العالم ، إلا أنها تشمل أيضا أنواعاً أخرى من
المعاملات ، من ذلك مثلا أنه فى سنة 1957 وضع الاتحاد الدولى للمهندسين
الاستشاريين “ F.I.D.I.C ” بالاشتراك مع الاتحاد
الدولى للمبانى والأشغال العامة “ F.I.B.T.P ” والذى يسمى الآن بالاتحاد
الدولى للمقاولين الأوربيين للمبانى والأشغال العامة شروطاً عامة لأعمال الإنشاءات
الهندسية المدنية تتبع فى معظم دول العالم ، وقد وضعت كذلك شروط خاصة لمواجهة
حالات التعاقد بالنسبة للمقاولات الإنشائية بحيث تتلاءم مع الحاجات الخاصة للسوق
الدولى فى هذا المجال .
كذلك يعتبر من قبيل التعامل التجارى
الدولى الاتفاق على نقل التكنولوجيا والتعامل على براءات الاختراع بين الدول
المتقدمة والدول النامية .{ صفحة 14}
كما يمكن أن نلاحظ انتشار الشروط العامة
للعقود الدولية فى مجال النقل ، والمصارف ، والتأمين الذى يلعب مجمع لندن لمكتتبى
التأمين دوراً هاماً فى توحيد قواعده ووضع شروط عامة له تتبناها كثير من الدول .
وباختصار فإن الشروط العامة للعقود الدولية يمكن أن تنتشر فى المجالات المختلفة
التى تكون مع بعضها وحدة فى نطاق التجارة الدولية . وتنتقل السلع عن طريق إبرام
عقد نقل ، كما أنه يهم المستورد للسلعة أن يقوم بالتأمين عليها . أى أن الشروط
العامة للعقود الدولية وان كانت أساساً تقوم فى
مجال عقد البيع إلا أنها توجد كذلك وكأمر طبيعى فى مجال العقود التابعة لهذا
العقد كفتح الاعتماد والنقل بجميع وسائله أى براً وبحراً وجواً ، والتأمين .
10 – المقصود بالعقد الدولى :
رأينا أن قانون التجارة الدولية يهدف إما
إلى توحيد القواعد الموضوعية للعلاقة القانونية أو إلى توحيد قاعدة الإسناد فى شأن
تعيين القانون الواجب التطبيق على البيع التجارى الدولى .
ولما كان توحيد القواعد الموضوعية للعلاقة
القانونية هو الهدف الأمثل للتجارة الدولية ، فإن من أهم صور التوحيد وجود قواعد
موحدة للتعاقد تتبعها مختلف الدول فى معاملاتها .
ولذلك تتجه المعاملات التجارية الدولية
إلى خلق الشكل النموذجى للعقد الدولى بحيث أصبح العقد الدولى يوصف بأنه عقد نموذجى
، وان أمكن تعدد نماذج العقود التى تعالج بيع سلعة واحدة بحيث يتبنى المتعاقدون
الشكل الذى يروق لهم ويتفق مع ظروف تعاقدهم .
لذلك يثور التساؤل حول تحديد المقصود
بالعقد الدولى ، وهل يستمد صفته من الشكل الذى تتخذه أو من طبيعة العلاقة التى
يحكمها ؟ {صفحة 15}
ونلاحظ بادئ ذى بدء أن العقود الدولية
تتبنى عادة شروطاً عامة لبيع السلعة محل العقد بحيث أن هذه الشروط أصبحت توصف
بأنها عقود نموذجية ، ومع ذلك يتعين علينا أن نلفت النظر إلى أنه لا يزال هناك
فارق بين الشروط العامة والعقود النموذجية ، إذ أن الشروط العامة التى يشير إليها
العقد الدولى بشأن التعامل على سلعة معينة تضم مجموعة من البنود أو القواعد العامة
التى يستعين بها المتعاقدون فى إتمام تعاقدهم فيشيرون إليها ويضمنونها عقدهم ثم
يكملونها بعد ذلك بما يتفقون عليه من كمية وثمن وميعاد للتسليم ومكان هذا التسليم
وغير ذلك من المسائل التفصيلية للعقد ، أما العقد النموذجى فهو مجموعة متكاملة من
شروط التعاقد بشأن سلعة معينة وتتضمن تفاصيل العقد بحيث يمكن للأطراف المتعاقدة أن
تتبنى شكل العقد بالكامل ولا تكون فى حاجة إلا إلى إضافة أسماء الأطراف وكمية
البضاعة وزمان تسليمها ومكانه ووسيلة النقل .
لذلك فإن العقد الدولى كما قد يكون عقداً
يتضمن صيغة معينة لنوع من الشروط العامة أو يشير إلى هذه الصيغة فإنه قد يتمثل فى
عقد من العقود النموذجية .
ومن ناحية أخرى نلاحظ أن العقد يستمد صفته
الدولية فى واقع الأمر من طبيعة العلاقة التى يحكمها ومع ذلك فإن دولية العلاقة قد
أثار بعض الصعوبات ، ويمكننا أن نعتمد على المعيار الذى أتى به القانون الموحد
للبيع الدولى الذى وضع بموجب اتفاقية لاهاى سنة 1964 ، فالبيع الدولى وفقا لهذا
المعيار لا يرتبط باختلاف جنسية المتعاقدين إذ قد يعد البيع دولياً ولو كان كل من
البائع والمشترى من جنسية واحدة وإنما العبرة باختلاف مراكز أعمال الأطراف
المتعاقدة أو محال إقامتهم العادية وبالإضافة إلى هذا المعيار الشخصى أضاف القانون
الموحد أحد معايير موضوعية ثلاثة . {صفحة 16 }
( أ ) وقوع البيع على سلع تكون عند إبرام
البيع محلاً لنقل من دولة إلى أخرى ( بيع البضاعة فى الطريق ) أو ستكون بعد إبرام
البيع محلاً لمثل هذا النقل .
(ب) صدور الإيجاب والقبول فى دولتين
مختلفتين ولا يشترط أن تكون الدولتين اللتين يقع فيهما مركز أعمال المتعاقدين أو
محل إقامتهما العادية إذ العبرة باختلاف دولة الإيجاب عن دولة القبول .
(جـ) تسليم المبيع فى دولة غير التى صدر
فيها الإيجاب والقبول ويعتبر البيع دولياً فى هذا الفرض ولو لم يقتض انتقال المبيع
من دولة إلى أخرى .
ومن جماع ما تقدم يمكننا أن نصل إلى ماهية
العقد الدولى فهو عقد يستمد هذه الصفة من طبيعة العلاقة التى يحكمها ويتخذ عادة
شكل شروط عامة أو عقد نموذجى وبناء على ذلك فإن الشكل النموذجى للعقد وان كان من
خصائص العقد الدولى إلا أنه ليس من مستلزماته .
محمود سمير الشرقاوى
أستاذ
ورئيس قسم القانون التجارى
بكلية
الحقوق جامعة القاهرة
1992
الناشر
دار النهضة العربية
32 ش عبد
الخالق ثروت - القاهرة
باب تمهيدى
1 – المقصود بقانون التجارة الدولية :
زادت أهمية التجارة الدولية ، وتعقدت
مشاكلها ، بحيث أصبح الاهتمام بمحاولة البحث عن حلول لمشاكلها القانونية يشغل بال
الباحثين والمشرعين فى مختلف الدول سواء على المستوى الوطنى أو على المستوى الدولى
.
وأصبح المجتمع التجارى الدولى ، تؤيده
منظمات دولية وهيئات تجارية ، يسعى إلى خلق قواعد موحدة تحكم النشاط التجارى
الدولى بغض النظر عن طبيعة النظام الاقتصادى الذى يسود فى دولة من الدول ، ودون
اعتبار لطبيعة النظام القانونى الذى تتبعه هذه الدول ، فهى قواعد تنبع من العرف
التجارى الدولى دون اعتبار للتقسيم السائد فى دول العالم إلى دول اشتراكية ودول
رأسمالية ودول تطبق نظام القانون المشترك (1) (قانون العموم Common
Law ) أو دول تطبق القانون المدنى المشتق من القانون الرومانى (2) .{ صفحة 3}
.
على أن الحقيقة السابقة لا تصل بنا إلى حد
القول أن قانون التجارة الدولية فى مختلف الدول يعتبر موحداً ، بل الأدق أن نقول
أنه يعتبر متشابها (3) .
وإذا كانت طبيعة التجارة الدولية هى التى
أدت إلى تشابه النظم القانونية التى تحكمها فى مختلف دول العالم ، فإن هذا لا يغير
من أن تطبيق قواعد قانون التجارة الدولية فى كل دولة منوط بقبول السلطات المختصة
لها .
ولا نجد لقانون التجارة الدولية تعريفاً ،
خيراً من تعريف الأمانة العامة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة عند البحث فى
إنشاء لجنة لتوحيد أحكام قانون التجارة الدولية سنة 1965 فهذا القانون هو "
مجموعة القواعد التى تسرى على العلاقات التجارية المتعلقة بالقانون الخاص والتى
تجرى بين دولتين أو أكثر " (4) ويشتمل قانون التجارة الدولية على
مجموعة الاتفاقيات الدولية والعقود النموذجية والشروط العامة المبرمة فى مجال معين
بالإضافة إلى العرف التجارى الدولى السائد فى علاقة تجارية معينة .
2 – العلاقة بين القانون التجارى الوطنى وقانون
التجارة الدولية :
نلاحظ
أن الفارق بين القانون التجارى الوطنى وقانون التجارة الدولية فى دول الاقتصاد
المخطط ، أن القانون الأول يعتبر جزءاً من القانون الاقتصادى العام الذى تخضع له
المؤسسات القائمة بالنشاط الاقتصادى والذى يقوم على إرادة المشرع الذى يضع قواعد
قانونية عامة يخضع لها النشاط الاقتصادى بطريقة حاسمة ، أما قانون {صفحة 4}
التجارة الدولية فإنه يستند على مبدأ سلطان إرادة المتعاقدين التى لا تكملها أحكام
القانون التجارى الوطنى . ومن ثم فإنه إذا اختلفت طبيعة أحكام القانون التجارى
الوطنى فى الدول الاشتراكية عنها فى الدول الرأسمالية ، فإن قواعد قانون التجارة
الدولية تكاد تكون واحدة فى النظامين . ويؤكد هذا المبدأ استقلال القانون التجارى
الوطنى عن قانون التجارة الدولية .
وإذا كان كل من القانون التجارى الوطنى
وقانون التجارة الدولية يتضمن قواعد موضوعية ، فإن القانون الوطنى يقتصر عمله على
نطاق الدولة التى تصدر فيها بينما تجاوز أحكام قانون التجارة الدولية حدود الدول
ليحكم العلاقات التى تنشأ فى إقليم أكثر من دولة (5) .
ويختلف معيار الدولية بحسب نوع العلاقة
التى تنظمها أحكام قانون التجارة الدولية ، لذلك تحدد الاتفاقيات الدولية عادة
المقصود بدولية العلاقة التى تحكمها ، وقد يختلف تبعاً لذلك معيار الدولية من حالة
إلى أخرى .
3 – قانون التجارة الدولية والقانون الدولى الخاص :
تهدف
أحكام القانون الدولى الخاص الى وضع قاعدة أسناد عند تنازع القوانين التى تحكم
علاقة معينة ، أما قانون التجارة الدولية فإنه يشتمل على مجموعة الاتفاقيات
الدولية المبرمة فى مجال التجارة الدولية ، وعلى ذلك نرى أنه بينما يعنى القانون
الدولى الخاص بتعيين القانون الوطنى الواجب التطبيق فى مجال تنازع { صفحة 5 }
القوانين على العلاقة القانونية موضوع النزاع ، فإن قانون التجارة الدولية يهدف
إلى إيجاد قواعد موضوعية فى شأن هذه العلاقة تحل محل القواعد الوطنية وتقضى
بالتالى على التنازع بينها (6) .
4 – الهيئات المهتمة بتوحيد قانون التجارة الدولية :
ان
الطريق إلى توحيد قانون التجارة الدولية طويل وشاق ومع ذلك فقد قامت بعض الهيئات
الدولية باتخاذ خطوات واسعة نحو إتمام هذا الهدف . وهذه الهيئات إما حكومية (7)
أو غير حكومية .
والهيئات الحكومية هى التى تتكون من عضوية
حكومات بعض الدول ، ويمثلها مندوبون فيها ، وأهم هذه الهيئات لجنة قانون التجارة
الدولية التابعة للأمم المتحدة ومقرها فيينا والتى تعرف باسم UNCITRAL وسنعرض لها فيما
بعد ، والمعهد الدولى لتوحيد القانون الخاص فى روما والمعروف باسم UNIDROIT وتلعب دوراً
كبيراً فى توحيد القوانين الموضوعية لقانون التجارة الدولية ( ،
ومؤتمر لاهاى للقانون الدولى الخاص الذى يهدف إلى توحيد القواعد الوطنية لتنازع
القوانين دون القواعد الموضوعية لقانون التجارة الدولية ، والمنظمة العالمية
للملكية الذهنية WIPO .
أما الهيئات غير الحكومية فهى التى تتكون
من أعضاء لا يمثلون حكومات معينة وإنما يشتركون فيها بصفاتهم الشخصية من المتخصصين
والمشتغلين بقانون التجارة الدولية وأهم هذه الهيئات غرفة التجارة { صفحة 6 } الدولية
بباريس ICC (9)
، واللجنة البحرية الدولية فى بروكسل IMC ، وتعمل
على توحيد القانون البحرى على المستوى الدولى (10) .
5
– لجنة قانون التجارة الدولية
UNCITRAL:
كان
الأستاذ شميتوف Clive Schmitthoff من أوائل الداعين إلى أهمية وجود تنظيم فعال لتوحيد قانون التجارة
الدولية وقد أبرز هذا المعنى فى الندوة التى نظمتها الجمعية الدولية للعلوم
القانونية سنة 1962 فى لندن بتشجيع وتدعيم مالى من منظمة اليونسكو ، وقد اشترك
أبرز أساتذة العالم من المتخصصين فى هذا المجال فى هذه الندوة ونشرت أعمالها
والبحوث المقدمة فيها فى كتاب بعنوان مصادر قانون التجارة الدولية The
Sources of The Law of International Trade, Edited by Schmitthoff, Stevens &
Sons, London 1964.
لذلك لم يكن غريبا ، عندما فكرت هيئة الأمم المتحدة فى تكوين لجنة لقانون التجارة
الدولية ، سنة 1965 أن تدعو الأستاذ شميتوف لتستعين به فى وضع تقرير فى مجال توحيد
قانون التجارة الدولية، وفى السنة التالية قدم هذا التقرير معتمداً على الدراسة
العميقة التى أعدها الأستاذ المذكور ، وعرض التقرير لتطور قانون التجارة الدولية
وأشار إلى النجاح المحدود للمحاولات المبكرة لتوحيد هذا القانون ، وقد أبرز
التقرير أنه لا توجد هيئة من الهيئات المهتمة بتوحيد القانون تتمتع بقبول دولى
وتمثل مصالح جميع الدول على اختلاف نظمها السياسية والاقتصادية وسواء كانت من
الدول المتقدمة أو الدول النامية مما يبرر ضرورة وجود هيئة موحدة تدعو إلى التوحيد
وتتمتع بقبول دولى وانتهى الاقتراح إلى إنشاء لجنة جديدة تسمى لجنة الأمم المتحدة {
صفحة 7 } لقانون التجارة الدولية United
Nations Commission on international Trade Law.
واجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة
وأصدرت قراراً فى ديسمبر 1966 بإنشاء هذه اللجنة التى عرفت باسم اليونسيترال UNCITRAL وهى تسمية مأخوذة من الحروف الأولى لاسم اللجنة باللغة الانجليزية
، وضمت اللجنة عند تكوينها تسع وعشرين دولة كأعضاء فيها ، منها سبع دول أفريقية
بينها مصر ، وخمس دول آسيوية وأربع دول من أوروبا الشرقية وخمس دول من أمريكا
اللاتينية وثمان دول من غرب أوروبا ومن دول أخرى منها الولايات المتحدة الأمريكية (11)
.
واقترح أن تكون مهمة اللجنة إعداد وترويج
معاهدات أو اتفاقيات دولية جديدة ونماذج قوانين Model Laws وقوانين موحدة وتقنين ونشر الاصطلاحات والشروط والعادات والأعراف
التجارية الدولية .
وفى ربيع سنة 1968 عقدت اللجنة أول اجتماع
لها فى نيويورك وأشار الأستاذ شميتوف فى هذا الاجتماع إلى أن الإنجاز العظيم الذى
تم بإنشاء هذه اللجنة ، أنها أنشئت دون صعوبات تذكر بسبب طبيعة نشاطها باعتباره
نشاطا فنيا غير سياسى من طبيعة قانونية . وكانت هذه هى فعلا البداية التى تشكل حجر
الأساس للمشاركة فى أعمال هذه اللجنة على نطاق واسع من جميع الدول (12)
.
ويجوز للجنة أن تكون مجموعات عمل Working
groups من عدد محدود من الأعضاء
للقيام بإعداد مشروع اتفاقية أو تعديل {
صفحة 8 } اتفاقية أو لدراسة موضوع معين أو لوضع
نموذج لقانون موحد أو لعقد موحد ثم يناقش هذا العمل بعد ذلك فى اللجنة . وقد اختارت اللجنة فى أول دورة لها
سنة 1968عدة موضوعات تقوم بدراستها وهى : -
البيع التجارى الدولى ، والتحكيم ، والنقل
، والتأمين والوفاء بالديون الدولية عن طريق الأوراق التجارية والاعتمادات
المصرفية ، والملكية الذهنية ، وتحريم التفرقة بين الدول فى القوانين المتعلقة
بالتجارة الدولية ، والتمثيل التجارى ، والتصديق على الوثائق فى مجال التجارة
الدولية . وقررت اللجنة الأولوية للبيع التجارى الدولى ، وطرق الوفاء بالديون
الدولية ، والتحكيم التجارى الدولى (13) .
وقد أنجزت اللجنة حتى الآن عدداً لا بأس
به من الاتفاقيات الدولية والقواعد النموذجية أهمها :
1
– اتفاقية مدة
التقادم فى البيع الدولى للبضائع فى نيويورك سنة 1974 ، والبروتوكول المعدل
لاتفاقية مدة التقادم فى البيع الدولى للبضائع فى فيينا سنة 1980 .
2
– اتفاقية الأمم
المتحدة للنقل البحرى للبضائع لعام 1978 فى هامبورج وتعرف باسم قواعد هامبورج
والتى ستدخل دور النفاذ فى أول نوفمبر سنة 1992 فيما يتعلق بالدول المنضمة إليها .
3
– اتفاقية الأمم
المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع فى فيينا سنة 1980 والتى دخلت دور النفاذ
فى أول يناير سنة 1988 فيما يتعلق بالدول التى انضمت إليها .
4
– النظر فى اتفاقية
نيويورك سنة 1958 والتى لم تنبع عن عمل اللجنة والمتعلقة بالاعتراف بقرارات
التحكيم الأجنبية وتنفيذها وقد انضمت مصر إلى هذه الاتفاقية فى 9 مارس سنة 1959 .{
صفحة 9 } .
5
– القانون النموذجى
للتحكيم التجارى الدولى فى يونيو 1985. وقد شكلت وزارة العدل المصرية لجنة لوضع
مشروع قانون للتحكيم التجارى الدولى وضعت مشروعا تبنت فيه القانون النموذجى
لليونسيترال ، ولم يصدر هذا القانون حتى
الآن (14) .
6
– اتفاقية الأمم
المتحدة بشأن السفاتج ( الكمبيالات ) الدولية والسندات الإذنيه الدولية والتى
أقرتها اللجنة فى اجتماعها فى فيينا بتاريخ 14 أغسطس 1987 .
7
– الدليل القانونى
لصياغة العقود الدولية لتشييد المنشآت الصناعية حسبما أقرته مجموعة العمل التى
انعقدت فى نيويورك فى أبريل 1987 ، وقد أقرته اللجنة فى فيينا بتاريخ 14 أغسطس عام
1987 .
6 – تقسيم الدراسة :
تعتبر هذه الدراسة فى مجال قانون التجارة
الدولية ونهدف منها ، إلى تعريف العقد التجارى الدولى الذى نخصص له الباب الأول
فنعرض لبعض النقاط المتعلقة بهذا الموضوع فى فصل أول ، ثم نعرض فى فصل ثان لأهم
صور عقود البيع الدولى وفقا لما استقر عليه العمل وطبقاً لقواعد غرفة التجارة
الدولية وهى المسماة بالانكوترمز Incoterms . أما الباب الثانى فنكرسه لدراسة اتفاقية الأمم المتحدة بشأن
عقود البيع الدولى للبضائع " فيينا سنة 1980 " . {صفحة 8 } .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش الباب التمهيدى
(1) نفضل
ترجمة اصطلاح Common
Law بقانون العموم أو القانون
المشترك لأنه أبلغ فى الدلالة على تحديد طبيعته وأدق من استعمال ترجمة القانون
العام فضلا عن أن الترجمة الأخيرة مضللة .
(2) Schmitthoff (Clive) : The
Sources
of The Law of International Trade, London, 1964 p. ix & p.3.
ويعتبر شميتوف
من أوائل المهتمين في العالم بدارسة قانون التجارة الدولية وله مؤلفات عديدة فى هذا المجال وقد عبر عن هذه الحقيقة الأستاذ Trammer بأن المتخصصين في قانون التجارة
الدولية من جميع دول العالم وجدوا أنفسهم دون أدنى صعوبة يتكلمون لغة مشتركة .
مشار الى هذا المعنى في مؤلف شميتوف المذكور
(3) شميتوف ، المرجع السابق ص 4 .
(4) مشار إليه
فى محاضرات الأستاذ محسن شفيق لدبلوم القانون الخاص 1972 – 1973 عن اتفاقيات لاهاى لعام 1964 بشأن البيع الدولى بند 10 ص 5 .
(5) ولا تمنع
هذه التفرقة وضع تقنين وطنى للتجارة الدولية ينطبق عندما يكون القانون الوطنى هو
الواجب التطبيق وفقا لقواعد الإسناد فى مجال تنازع القوانين ، على العلاقة
التجارية الدولية موضوع النزاع . ومن الدول التى اتبعت هذا المسلك تشيكوسلوفاكيا
سنة 1963 ورومانيا سنة 1971 .
(6) محسن شفيق
، المرجع السابق رقم 12 .
(7) وقد تكون
هذه الهيئات الحكومية عالمية أو اقليمية تشمل مجموعة من الدول تجمعها مصالح
مشتركة.
( لعب هذا
المعهد دوراً كبيراً فى توحيد قواعد البيع الدولى للبضائع ، فهو الذى أعد مشروعات
اتفاقيات لاهاى سنة 1964 للبيع الدولى للبضائع .
(9) لعبت
دوراً هاماً فى مجال التحكيم التجارى الدولى وفى مجال عقود البيع الدولى وكذلك فى
مجال الاعتمادات المستندية .
(10) من نشاط
هذه اللجنة إبرام معظم الاتفاقيات الدولية البحرية التى تمت فى مدينة بروكسل .
(11) مدة
العضوية ست سنوات ويجوز إعادة انتخاب أية دولة تنتهى مدة عضويتها ، وتعقد اللجنة
اجتماعها مرة فى السنة سواء فى مقر الأمم المتحدة بنيويورك أو فى المقر الأوروبى
بجنيف وقد تم نقل مكان الاجتماع فى المقر الأوروبى إلى مقر الأمم المتحدة فى فيينا
.
(12) E. Allan Farnsworth :
Uncitral and The Progressive Development of International Trade.
(13) محسن شفيق ص 84 ، 85 .
(14) شكلت اللجنة من الأستاذ الدكتور
محسن شفيق والأستاذ الدكتور محمود سمير الشرقاوى والأستاذة الدكتورة سامية راشد
والمستشار الدكتور محمد أبو العينين .
الباب الأول
العقود التجارية الدولية
الفصل
الأول
مقدمات
7- تمهيد :
يعتبر العقد أهم صور التصرف القانونى ،
وهو التعبير القانونى لإجراء المعاملات سواء على المستوى الداخلى أو على المستوى
الدولى لذلك يمكن القول أن العقد إما أن يكون داخليا وإما أن يكون دولياً .
ولم تهتم الهيئات والمنظمات الدولية
بموضوع العقود الدولية إلا بمناسبة المعاملات التجارية . قد بذلت هذه الهيئات
جهوداً كبيرة لتوحيد أحكام التجارة الدولية ، حتى برزت ملامح فرع جديد من فروع القانون
هو " قانون التجارة الدولية " الذى يتضمن الاتفاقيات الدولية التى تم
إنجازها فى مجال التجارة الدولية والعقود النموذجية والشروط العامة التى وضعت فى
هذا المجال .
8 – دور العقود الدولية فى توحيد قانون التجارة الدولية :
قانون التجارة الدولية هو مجموعة القواعد
التى تسرى على العقود التجارية المتصلة بالقانون الخاص والتى تجرى بين دولتين أو
أكثر { صفحة 11 } .
وقد جاء هذا التعريف فى تقرير أعدته
الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة لتعرض على الجمعية العامة سنة 1965 بمناسبة
البحث فى إنشاء لجنة لتوحيد أحكام قانون التجارة الدولية .
ومن هذا التعريف نرى أن قانون التجارة
الدولية يحتوى على قواعد موضوعية لحكم العلاقات التجارية الدولية ولا يعد مجرد
توحيد لقواعد الإسناد الوطنية بحيث يعين بقاعدة موحدة القانون الوطنى الواجب
التطبيق كقانون دولة محل إبرام العقد مثلا.. أو قانون دولة تنفيذ العقد .
وكذلك يتضح أن هذا الفرع لا يهتم إلا
بعلاقات القانون الخاص وبغض النظر عن صفة أطراف العلاقة إذ تطبق أحكامه سواء كانت
العلاقة التجارية بين أشخاص عامة أو بين أشخاص خاصة أو كان أحد طرفى العلاقة شخصاً
عاماً والآخر من أشخاص القانون الخاص .
وقد حاولت بعض الدول وضع تقنين للتجارة
الدولية ، فنجد مثلا أن تشيكوسلوفاكيا قد أصدرت هذا التقنين سنة 1963 وينطبق
التقنين المذكور عندما يكون القانون التشيكوسلوفاكى هو القانون الواجب التطبيق
وفقاً لقواعد القانون الدولى الخاص بشأن تنازع القوانين .
ان المحاولات الوطنية لتوحيد قانون
التجارة الدولية محاولات محدودة حتى الآن،
لذلك برزت أهمية التوحيد الدولى لقانون التجارة الدولية ، ويتم هذا التوحيد
بأساليب مختلفة فإما أن يتحقق ذلك عن طريق :
(أ) تجميع العادات والأعراف التجارية
المتداولة فى العمل وتلعب غرفة التجارة الدولية “ I.C.C. ” دوراً هاماً
فأصدرت سنة 1953 مجموعة يطلق عليها
“ Incoterms ” جمعت الأعراف المستقرة فى
البيوع البحريــة كالبيع “F.O.B.” والبيع "C.I .F."
كما وضعت مجموعة أخرى سنة 1964 تسمى " القواعد والعادات{صفحة 12}
المتعلقة بالاعتماد المستندى " وقد احتوت تقنينا للأعراف المصرفية المستقرة فى هذا المجال .
(ب) إبرام اتفاقيات دولية بين عدد من
الدول إما بقصد توحيد قواعد تنازع القوانين ، من ذلك اتفاقية لاهاى سنة 1955 ،
بشأن تعيين القانون الواجب التطبيق على البيع التجارى الدولى . أو بهدف وضع قواعد
موضوعية موحدة تسرى على المعاملات الدولية ، ومن ذلك اتفاقية لاهاى سنة 1964 م بشأن توحيد بعض
الأحكام الموضوعية المتعلقة بالبيع الدولى ، واتفاقية الأمم المتحدة المبرمة فى
فيينا سنة 1980 بشأن عقد البيع الدولى
للبضائع .
(جـ) وضع شروط عامة للعقود الدولية ،
فيتفق تجار سلعة معينة أو مجموعة سلع متشابهة فى منطقة جغرافية معينة على وضع شروط
عامة “ general conditions
” يتفق المتعاقدان على
إتباعها أو قد تقوم بوضع هذه الشروط هيئة من الهيئات الدولية المهتمة بتوحيد قانون
التجارة الدولية .
ويقتصر التوحيد على وضع الشروط العامة
للتعاقد مع ترك التفاصيل للاتفاقيات الخاصة فى كل حالة على حدة ولمحاولة مواجهة
الظروف المختلفة للتعاقدات الدولية ، فإن هذه الشروط تحرر فى شكل نماذج مختلفة
بحيث يكون للمتعاقدين اختيار النموذج الملائم منها ولذلك تسمى أحياناً بالعقود
النموذجية “ Standard Contracts ” وقد أصبح لهذه الشروط
أهمية كبيرة فى المعاملات الدولية واتسع نطاقها حتى شمل مناطق جغرافية عديدة .
فهناك مثلا الشروط العامة التى وضعتها فى شكل نماذج متعددة اللجنة الاقتصادية
الأوروبية للأمم المتحدة بشأن توريد الأدوات والآلات اللازمة لتجهيز المصانع وقد
انتشرت هذه الشروط فى مختلف دول العالم ، كذلك هناك الشروط العامة التى وضعتها
جمعية لندن لتجارة الغلال وأصبحت شروطا لبيوع { صفحة 13 } الغلال فى أغلب
دول العالم . كما وضع مجلس المعونة الاقتصادية المتبادلة والمعروف باسم “Comecon”
والذى كان يضم تسعا من دول أوروبا الشرقية الاشتراكية شروطاً عامة لتبادل السلع
بينها.
وعلى الرغم من أن اتباع هذه الشروط أمر
اختيارى من الناحية النظرية ، إلا أنها
لعبت عملياً الدور الأول فى توحيد القواعد التى تحكم المعاملات الدولية ، لأنها
تتفق وحاجات التجارة الدولية ، ومع ذلك كان اتباع الشروط العامة التى وضعها
الكوميكون أمراً إلزامياً ولا يجوز مخالفتها إلا لضرورة قصوى عندما تقتضى طبيعة
السلعة شروطاً خاصة أو جدت بعض الظروف التى تبرر مثل هذه المخالفة .
9 – مجال العقود الدولية :
نلاحظ أن الشروط العامة
للعقود الدولية وان كانت تقوم أساساً فى مجال البيع التجارى الدولى بالنسبة لمختلف
السلع وتداولها عبر الحدود بين دول العالم ، إلا أنها تشمل أيضا أنواعاً أخرى من
المعاملات ، من ذلك مثلا أنه فى سنة 1957 وضع الاتحاد الدولى للمهندسين
الاستشاريين “ F.I.D.I.C ” بالاشتراك مع الاتحاد
الدولى للمبانى والأشغال العامة “ F.I.B.T.P ” والذى يسمى الآن بالاتحاد
الدولى للمقاولين الأوربيين للمبانى والأشغال العامة شروطاً عامة لأعمال الإنشاءات
الهندسية المدنية تتبع فى معظم دول العالم ، وقد وضعت كذلك شروط خاصة لمواجهة
حالات التعاقد بالنسبة للمقاولات الإنشائية بحيث تتلاءم مع الحاجات الخاصة للسوق
الدولى فى هذا المجال .
كذلك يعتبر من قبيل التعامل التجارى
الدولى الاتفاق على نقل التكنولوجيا والتعامل على براءات الاختراع بين الدول
المتقدمة والدول النامية .{ صفحة 14}
كما يمكن أن نلاحظ انتشار الشروط العامة
للعقود الدولية فى مجال النقل ، والمصارف ، والتأمين الذى يلعب مجمع لندن لمكتتبى
التأمين دوراً هاماً فى توحيد قواعده ووضع شروط عامة له تتبناها كثير من الدول .
وباختصار فإن الشروط العامة للعقود الدولية يمكن أن تنتشر فى المجالات المختلفة
التى تكون مع بعضها وحدة فى نطاق التجارة الدولية . وتنتقل السلع عن طريق إبرام
عقد نقل ، كما أنه يهم المستورد للسلعة أن يقوم بالتأمين عليها . أى أن الشروط
العامة للعقود الدولية وان كانت أساساً تقوم فى
مجال عقد البيع إلا أنها توجد كذلك وكأمر طبيعى فى مجال العقود التابعة لهذا
العقد كفتح الاعتماد والنقل بجميع وسائله أى براً وبحراً وجواً ، والتأمين .
10 – المقصود بالعقد الدولى :
رأينا أن قانون التجارة الدولية يهدف إما
إلى توحيد القواعد الموضوعية للعلاقة القانونية أو إلى توحيد قاعدة الإسناد فى شأن
تعيين القانون الواجب التطبيق على البيع التجارى الدولى .
ولما كان توحيد القواعد الموضوعية للعلاقة
القانونية هو الهدف الأمثل للتجارة الدولية ، فإن من أهم صور التوحيد وجود قواعد
موحدة للتعاقد تتبعها مختلف الدول فى معاملاتها .
ولذلك تتجه المعاملات التجارية الدولية
إلى خلق الشكل النموذجى للعقد الدولى بحيث أصبح العقد الدولى يوصف بأنه عقد نموذجى
، وان أمكن تعدد نماذج العقود التى تعالج بيع سلعة واحدة بحيث يتبنى المتعاقدون
الشكل الذى يروق لهم ويتفق مع ظروف تعاقدهم .
لذلك يثور التساؤل حول تحديد المقصود
بالعقد الدولى ، وهل يستمد صفته من الشكل الذى تتخذه أو من طبيعة العلاقة التى
يحكمها ؟ {صفحة 15}
ونلاحظ بادئ ذى بدء أن العقود الدولية
تتبنى عادة شروطاً عامة لبيع السلعة محل العقد بحيث أن هذه الشروط أصبحت توصف
بأنها عقود نموذجية ، ومع ذلك يتعين علينا أن نلفت النظر إلى أنه لا يزال هناك
فارق بين الشروط العامة والعقود النموذجية ، إذ أن الشروط العامة التى يشير إليها
العقد الدولى بشأن التعامل على سلعة معينة تضم مجموعة من البنود أو القواعد العامة
التى يستعين بها المتعاقدون فى إتمام تعاقدهم فيشيرون إليها ويضمنونها عقدهم ثم
يكملونها بعد ذلك بما يتفقون عليه من كمية وثمن وميعاد للتسليم ومكان هذا التسليم
وغير ذلك من المسائل التفصيلية للعقد ، أما العقد النموذجى فهو مجموعة متكاملة من
شروط التعاقد بشأن سلعة معينة وتتضمن تفاصيل العقد بحيث يمكن للأطراف المتعاقدة أن
تتبنى شكل العقد بالكامل ولا تكون فى حاجة إلا إلى إضافة أسماء الأطراف وكمية
البضاعة وزمان تسليمها ومكانه ووسيلة النقل .
لذلك فإن العقد الدولى كما قد يكون عقداً
يتضمن صيغة معينة لنوع من الشروط العامة أو يشير إلى هذه الصيغة فإنه قد يتمثل فى
عقد من العقود النموذجية .
ومن ناحية أخرى نلاحظ أن العقد يستمد صفته
الدولية فى واقع الأمر من طبيعة العلاقة التى يحكمها ومع ذلك فإن دولية العلاقة قد
أثار بعض الصعوبات ، ويمكننا أن نعتمد على المعيار الذى أتى به القانون الموحد
للبيع الدولى الذى وضع بموجب اتفاقية لاهاى سنة 1964 ، فالبيع الدولى وفقا لهذا
المعيار لا يرتبط باختلاف جنسية المتعاقدين إذ قد يعد البيع دولياً ولو كان كل من
البائع والمشترى من جنسية واحدة وإنما العبرة باختلاف مراكز أعمال الأطراف
المتعاقدة أو محال إقامتهم العادية وبالإضافة إلى هذا المعيار الشخصى أضاف القانون
الموحد أحد معايير موضوعية ثلاثة . {صفحة 16 }
( أ ) وقوع البيع على سلع تكون عند إبرام
البيع محلاً لنقل من دولة إلى أخرى ( بيع البضاعة فى الطريق ) أو ستكون بعد إبرام
البيع محلاً لمثل هذا النقل .
(ب) صدور الإيجاب والقبول فى دولتين
مختلفتين ولا يشترط أن تكون الدولتين اللتين يقع فيهما مركز أعمال المتعاقدين أو
محل إقامتهما العادية إذ العبرة باختلاف دولة الإيجاب عن دولة القبول .
(جـ) تسليم المبيع فى دولة غير التى صدر
فيها الإيجاب والقبول ويعتبر البيع دولياً فى هذا الفرض ولو لم يقتض انتقال المبيع
من دولة إلى أخرى .
ومن جماع ما تقدم يمكننا أن نصل إلى ماهية
العقد الدولى فهو عقد يستمد هذه الصفة من طبيعة العلاقة التى يحكمها ويتخذ عادة
شكل شروط عامة أو عقد نموذجى وبناء على ذلك فإن الشكل النموذجى للعقد وان كان من
خصائص العقد الدولى إلا أنه ليس من مستلزماته .