من
المسلم به أن التفتيش من أخطر الإجراءات الجنائية، وأن المشرع قيده بقيود
كثيرة تضمن عدم إساءة استعمال هذا الحق من ناحية، وتضمن صحة النتائج التي
يسفر عنها من ناحية أخرى، وأهم هذه القيود ما يتعلق بالاختصاص.

فالأصل أن سلطة التحقيق العادية - أي قاضي التحقيق - هي وحدها صاحبة
الاختصاص الكامل في إجراء التفتيش باعتباره عملاً من أعمال التحقيق لا
يجوز الالتجاء إليه إلا من تحقيق مفتوح، طبقًا للمادة (91) إجراءات
بالنسبة لتفتيش الأمكنة، والمادة (94) بالنسبة لتفتيش الأشخاص، سواء في
ذلك أشخاص المتهمين أو منازلهم، وأشخاص غير المتهمين أو منازلهم.

أما النيابة العامة، فإنها طبقًا للمادة (199) في حالة قيامها بتحقيق
الجنح، تتمتع مبدئيًا بجميع سلطات قاضي التحقيق فيما عدا بعض القيود التي
نص عليها صراحةً، وأهم هذه القيود ما نصت عليه المادة (206) إجراءات من
قصر حقها في التفتيش على المتهمين ومنازلهم، فلا يجوز لها تفتيش شخص غير
المتهم ولا منزله، ولا ضبط الرسائل، إلا بناءً على إذن من قاضي التحقيق.

وفي أحوال الجنايات لا يكون للنيابة إلا سلطة مأموري الضبط القضائي في
أحوال التلبس أو في جمع الاستدلالات، فما هي سلطة مأموري الضبط في تفتيش
المساكن والأشخاص؟

موضوع البحث:

أما تفتيش المساكن فأمره واضح، إذ من المتفق عليه أن مأموري الضبط لا حق
لهم في إجرائه إلا في حالة واحدة عامة هي حالة التلبس وبشرط أن يكون محله
مسكن المتهم طبقًا لصريح المادة (47) إجراءات [(2)].

ولكن الموضوع يدق إذا أردنا تحديد سلطة مأموري الضبط في تفتيش الشخص، إذ
يجب علينا أن نحدد ما إذا كانت هذه السلطة تخضع لنفس القاعدة التي يخضع
لها تفتيش المساكن بمعرفة مأموري الضبط، أي أنها لا تكون لهم في غير حالة
التلبس أم لا.

لا أظن أحدًا من شراح القانون المصري قد أجاب على هذا السؤال إجابةً
صريحةً واضحةً، وإن كانت الحلول التي أخذوا بها تدل أنهم يجيبون عليه
بالنفي، أي أن تفتيش الأشخاص غير تفتيش المساكن فهو جائز لمأموري الضبط
القضائي في غير حالة التلبس، لأنهم مجمعون على أن تفتيش الشخص مرتبط
بالقبض عليه، وبما أن القبض جائز لمأموري الضبط القضائي في غير حالة
التلبس (م 34)، فإن منطقهم يفترض ويستوجب أن يكون تفتيش الشخص جائزًا كذلك
[(3)].

التوسع في سلطة تفتيش الشخص بمعرفة مأموري الضبط:

فالرأي الذي يسير عليه أغلب شراح القانون المصري يجيز تفتيش الأشخاص
لمأموري الضبط في جميع الأحوال التي يجوز لهم فيها القبض ولو لم تكن حالة
تلبس [(4)].

ولما كان القبض جائزًا لهم في غير حالة التلبس في ثلاث حالات أخرى نصت
عليها المادة (34) أولاً وثالثًا ورابعًا، فإن التفتيش الشخصي يكون جائزًا
في هذه الأحوال الثلاثة التي لا يجوز فيها لمأموري الضبط تفتيش المسكن.

ولخطورة هذه النتيجة نذكر هنا هذه الأحوال الثلاثة طبقًا لعبارة المادة (34) وهي:

أولاً: في الجنايات.

ثانيًا:… حالة التلبس.

ثالثًا: إذا كانت الجريمة جنحة معاقبًا عليها بالحبس، وكان المتهم موضوعًا
تحت مراقبة البوليس، أو كان قد صدر إليه إنذار باعتباره متشردًا أو
مشتبهًا فيه [(5)]، أو لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في مصر.

رابعًا: في جنح السرقة والنصب والتفاليس والتعدي الشديد ومقاومة رجال
السلطة العامة بالقوة أو بالعنف والقيادة والاتجار بالنساء والأطفال
وانتهاك حرمة الآداب، وفي الجنح المنصوص عليها في قانون تحريم زراعة
المواد المخدرة أو الاتجار فيها أو حيازتها أو استعمالها.

رأينا:

أما نحن فلا نقر هذا التوسع في سلطة مأموري الضبط القضائي في تفتيش الشخص،
ونرى أنه لا يجوز لهم في غير حالة التلبس مطلقًا، لأن التفتيش حق واحد
وإجراء واحد، سواء كان واقعًا على منزل أو على شخص، فليس من المعقول إن
يمنع المشرع مأمور الضبط من تفتيش المساكن في غير حالة التلبس ويجيز لهم
تفتيش الأشخاص.

وإن نظرة واحدة إلى حالات القبض السالفة التي ذكرتها المادة (34) تؤيد
وجهة نظرنا، فكيف نجيز لمأمور الضبط أن يفتش متهمًا بجريمة إحراز مواد
مخدرة في غير حالة تلبس؟ إن القول بذلك معناه أن تصبح كل ضمانات التفتيش
لغوًا، إذ الثابت أن أغلب إجراءات التفتيش - وخاصة ما كان منها باطلاً -
إنما يقع في جرائم المخدرات، فإذا نحن قلنا مع أصحاب المذهب السابق إن
مأمور الضبط له تفتيش كل شخص متهم بجريمة من جرائم المخدرات دون اشتراط
وجود التلبس فمعنى ذلك أننا فتحنا باب التعسف على مصراعيه أمام رجال
البوليس الذين لن يعدموا اتهامًا يوجهوه إلى من يريدون تفتيشه دون أن يكون
في حالة تلبس.

يضاف إلى ذلك أن بعض الجرائم التي أجاز القانون فيها القبض في الأحوال
يصعب تصور ضرورة التفتيش أو فائدته فيها، وذلك كجرائم انتهاك حرمة الآداب،
أو بعض صور التعدي الشديد، فإن كان هناك ما يبرر إجازة القبض فيها
استثناءً من القواعد العامة، فلا نرى وجهًا لإجازة التفتيش فيها دون غيرها
من الجرائم في الأحوال العادية.

الحجج التي يعتمد عليها القائلون بالتوسع والرد عليها:

قلنا إن من تعرضوا لهذه المسألة لم يضعوا لها حلاً صريحًا واضحًا، وإذا
كان الحل غير واضح فإن أدلته وحججه أقل وضوحًا وصراحة، مما يصعب مهمة
الباحث، وإن كان يسهل مهمة الناقد المعارض، ونحن هنا بلا شك في مجال البحث
العلمي المجرد، فعلينا أن نختار الطريق الصعب، طريق البحث والتمحيص الذي
يوجب أن نتطوع باستخراج حجج هذا الرأي من بين عبارات عامة مرسلة لجأ إليها
من أخذوا به.

ومن بين هذه الأقوال المرسلة ما يمكن استبعاده دون جهد أو تعب، لأنها
أقوال استطرادية لم يعن قائلوها بالتدليل على صحتها بحجة قانونية أو
منطقية، ومن أمثلتها القول بأن (القانون يفرق في مدى حمايته بين الأماكن
والأشخاص، فينص على حماية أوفى للأماكن [(6)]،
وكان يجدر بمن يضع مبدءًا عامًا كهذا أن يذكر لنا على سبيل المثال قاعدة
واحدة من القواعد المنظمة للتفتيش تفرق بين تفتيش الأماكن والأشخاص وتعطي
للمكان حماية أوفى من حماية الشخص بدلاً من إطلاق القول بدون دليل يؤيده,
ومن ناحية أخرى، فكيف يقبل باحث قانوني هذا الافتراض مع أننا نعلم أن
المشرع لا يحمي (الأماكن) كلها بل يقصر حمايته على (المساكن) لأنها هي
وحدها مقر الأشخاص ومقامهم فهي إذن حماية للأشخاص أنفسهم بطريق غير مباشر،
فكيف إذن يقرر القانون لحرمة الأشخاص حماية أوفى إذا كان الاعتداء غير
مباشر.

وهناك قاعدة أخرى بنوها على مقدمة صحيحة ولكنهم يستنتجون منها نتائج لا
تستلزمها، فهم يقولون إن (تفتيش الأشخاص اعتداءً على الحرية الشخصية ويجوز
طالما كان التعرض للحرية الشخصية جائزًا) [(7)]،
أما أن تفتيش الشخص اعتداءً على الحرية الشخصية فهذا مسلم به ولكن ليس
معنى ذلك أنه معادل للقبض، أو أقل منه خطورة، فيجب أن نذكر أن أهمية
التفتيش لا ترجع لكونه اعتداءً على الحرية كالقبض، بل إن ما يميز التفتيش
عن القبض هو أنه إجراء منتج للأدلة، ولهذا كانت الشروط التي يقررها له
المشرع لا يقصد بها فقط حماية حرية الفرد - كما هو الشأن بالنسبة للقبض -
بل المقصود بها قبل كل شيء هو ضمان صحة الأدلة التي يسفر عنها وهو ما
يستلزم شروطًا وضمانات تختلف عن شروط الإجراءات المقيدة للحرية فقط
كالقبض، فإن القبض التعسفي إجراءً يزول أثره بالإفراج عن المقبوض عليه أو
بتعويضه عن الضرر الذي أصابه، أما التفتيش التعسفي فإن انتهاءه أو التعويض
عنه لا يغني من وقع عليه شيئًا، بل يبقى عنه نتيجة خطيرة هي الدليل الذي
توصل إليه من أجراه والذي قد يؤدي إلى إدانة من وقع عليه, ويظهر مدى الفرق
بين أهمية القبض وأهمية التفتيش من الوجهة النظرية والعملية من مجرد
مراجعة القضايا لكي نجد أنه من النادر الدفع ببطلان القبض، لأن هذا
البطلان لا أهمية له في مصير الدعوى أو إدانة المتهم، بخلاف التفتيش فإن
حالات الدفع ببطلانه لا يمكن حصرها، بل إنه في الحالات النادرة التي يدفع
فيها المتهم ببطلان القبض إنما يقصد من وراء ذلك إبطال تفتيش ناتج عنه.

وأخيرًا تطوع أحد الزملاء فوضع قاعدة حاسمة تريحنا من كل المشكلات - لو
أنها كانت صحيحة - فهو يقول إن (قيود التفتيش لا تسري على الأشخاص… فالشخص
ليس مسكنًا) [(8)]،
فهل معنى ذلك أن تفتيش الأشخاص لا يتقيد بأي قيد من القيود التي تستلزمها
طبيعة التفتيش كإجراء من إجراءات جمع الأدلة، فيجوز إجراؤه ولو لم يوجد
تحقيق مفتوح، أو وجد تحقيق ولكنه لا فائدة له من التفتيش؟ كل هذا لسبب
واحد هو أن الشخص ليس مسكنًا‍ كأن هناك من يقول بأن الشخص مسكن؟‍ والحقيقة
أننا لسنا في حاجة للقول بأن الشخص مسكن لاشتراط توفر ضمانات معينة في
تفتيشه، لأن المسكن إذا تمتع بضمانات فالشخص أولى بها لأن حرمة الشخص كما
قدمنا هي مصدر حرمة المسكن وأساسها [(9)].

فتفتيش الشخص وإن كان يستلزم القبض عليه إلا أنه إجراء أكثر من مجرد
القبض، هو بحث عن الأدلة اللازمة لتحقيق جنائي قائم، فهو إجراء لجمع
الأدلة يختلف في طبيعته اختلافًا بينًا عن القبض الذي هو مجرد إجراء من
الإجراءات الاحتياطية [(10)]
لمنع المتهم من الهرب، وعلى ذلك فإن شروط تفتيش الشخص وضماناته لا محل
لمقارنتها بضمانات القبض، بل إنها يجب أن تقاس على شروط تفتيش المسكن
وضماناته لأن كلاهما تفتيش على كل حال، ولا فرق بينهما إلا في نوع المحل
الذي يجرى فيه.

وأهم حجة يمكن أن تسعف القائلين بالرأي الذي ننتقده هي القاعدة القائلة
بأن التفتيش الشخصي تابع للقبض، وهم يستنتجون من ذلك أنه يجب أن يكون
جائزًا في أحوال القبض، وهم في ذلك يغفلون حقيقة هذه القاعدة ومغزاها،
ويأخذون بظاهر عباراتها، لأن التفتيش التابع للقبض طبقًا لهذه القاعدة
الشهيرة ليس هو التفتيش بالمعنى القانوني المراد به جمع الأدلة، بل هو نوع
خاص متميز من التفتيش يقصد به ضبط ما مع المتهم من سلاح خشية مقاومته
أثناء تنفيذ القبض، ولذلك نسميه (التفتيش الوقائي).

وعلى ذلك فإن نص المادة 46/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية الذي يقرر أنه
(في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانونًا على المتهم يجوز لمأمور الضبط
القضائي أن يفتشه)، هذا النص لا يصلح دليلاً للقول بأن أحوال تفتيش الشخص
هي حالات القبض لأن كل ما قصد منه هو إجازة (التفتيش الوقائي) المكمل
للقبض على المتهم والذي يقصد به الاحتياط لمنع مقاومة المقبوض عليه.

فمفتاح المشكلة في نظرنا هو التفرقة بين (التفتيش القضائي) [(11)] وهو التفتيش بالمعنى القانوني، وبين (التفتيش الوقائي) [(12)]
التابع للقبض وهو الذي قصدته المادة 46/ 1 والذي تقصده محكمة النقض
المصرية عندما تقرر أن التفتيش يتبع القبض، هذه التفرقة لم يتعرض لها أحد
ممن بحثوا هذه المسألة في مصر، وهو ما أدى إلى توسعهم في حالات تفتيش
الشخص ذلك التوسع الذي لا نقره.

(التفتيش القضائي) و (التفتيش الوقائي) للشخص:

فنحن نرى أنه لا بد من التمييز بين نوعين من تفتيش الشخص: الأول، وهو الذي
يجب أن يسمى وحده تفتيشًا بالمعنى القانوني المعروف في القانون الجنائي،
أي الاطلاع والبحث عن الأدلة، وهو الذي يعتبر (من أعمال التحقيق التي لا
يجوز الالتجاء إليها إلا في تحقيق مفتوح، طبقًا لنص المادة (91) إجراءات،
ولا يمكن أن تجريه سلطة التحقيق إلا متى توفرت لديها قرائن قوية على أن في
إجرائه فائدة في (الإثبات) [(13)].
وهذا التفتيش سواء وقع على المسكن أو على الشخص واحد في شروطه وحالاته،
فلا يكون تفتيش الشخص جائزًا لمأموري الضبط إلا في الحالة التي أجيز لهم
فيها تفتيش المسكن وهي حالة التلبس [(14)]، ولا يمكن القول بجوازه لهم في غير تلك الحالة.

أما النوع الثاني وهو الذي يكون تابعًا للقبض على الأشخاص، فهو الذي
سميناه (تفتيشًا وقائيًا) وهو ليس من إجراءات التحقيق ولا يقصد به البحث
عن أدلة، وإنما هو إجراء بوليسي محض مقصود به إمكان تنفيذ الأمر بالقبض [(15)]، وهو لذلك محدود بحدود هذه الغاية ولا يجوز أن يتعداها.

ماهية (التفتيش الوقائي) وحدوده:

أحسن تعريف لهذا الإجراء يمكن استخراجه من عبارات محكمة النقض المصرية
نفسها بأنه هو (ما يستلزمه تنفيذ القبض من بحث في ملابس المتهم لتجريده
مما يحتمل أن يكون معه من سلاح خشية أن يستعمله في المقاومة أو الاعتداء
على نفسه أو على من يقبض عليه) [(16)].

فهو إذن يختلف عن التفتيش من حيث طبيعته القانونية إذ أنه ليس إلا إجراءً
بوليسيًا احتياطيًا تنفيذيًا ولذلك سمته إحدى المحاكم الفرنسية [(17)] (التفتيش البوليسي (
fouille - mésure de police [(18)].

وقد بينت محكمة النقض المصرية علة إجازة هذا الإجراء وغايته بقولها إن(
التفتيش) في هذه الحالة يكون لازمًا، ضرورة أنه من وسائل التوقي والتحوط
الواجب توفيرها أمانًا من شر المقبوض عليه إذا ما حدثته نفسه، ابتغاء
استرجاع حريته، بالاعتداء بما قد يكون معه من سلاح على من قبض عليه) [(19)].

وينتج عن الطبيعة البوليسية لهذا الإجراء أنه مخول لمن يباشر القبض فعلاً لا لمن يتولى التحقيق [(20)],
وقد طبقت محكمة النقض المصرية هذه القاعدة بإطراد فأجازت هذا الإجراء
الوقائي للقائم بتنفيذ القبض حتى ولو لم يكن من مأموري الضبط القضائي
كعسكري البوليس [(21)] أو المخبر [(22)]، أو الفرد العادي [(23)] وهو أمر ما كان يمكن التسليم به، لو اعتبرنا من إجراءات التحقيق كالتفتيش العادي.

وهذا الإجراء البوليسي ليس خاصًا بالأشخاص فقط، بل إنه يمتد إلى المنازل،
فمن المتفق عليه أن القائم بتنفيذ أمر القبض على شخص معين يجوز له دخول
منزل هذا الشخص للقبض عليه [(24)],
فهذا الدخول انتهاك لحرمة المنزل أجيز لمأموري الضبط، وحتى لرجال البوليس
العاديين طالما كانوا قائمين بتنفيذ أمر قبض صحيح، ولا يصح أن يستنتج من
ذلك أن تفتيش المنازل يجوز في أحوال القبض [(25)]، رغم ما جرى عليه بعض الفقهاء على تسمية هذا الدخول ( تفتيشًا) [(26)]، فهذا على كل حال ليس التفتيش القانوني بل إجراء بوليس مكمل للقبض يشبه ما يتخذ قبل الشخص لتجريده من سلاحه حتى يتم القبض عليه [(27)].

أهمية التمييز بين التفتيش الوقائي والتفتيش القانوني:

قد يرد علينا بأن التفرقة التي نقول بها نظرية محضة تقتصر على تغيير في
التسمية، ولكنا نجيب بأن لهذه التفرقة الدقيقة بين الإجراءين أهمية خطيرة
في العمل من ناحيتين:

1 - فمن حيث غاية الإجراء، ما يجوز للقائم بالقبض من تفتيش للشخص يجب أن
تكون غايته هي تجريده من سلاحه الذي يعتدي به على غيره أو على نفسه فقط
(فإذا ثبت أن التفتيش لم يقصد به من الأصل إلا البحث عن مخدر (أي عن أدلة)
– كما هو الحال في هذه الدعوى - فإنه يكون باطلاً ولا يصح التمسك به [(28)])
هذا هو ما قررته محكمة النقض المصرية التي عقبت على ذلك بوضع قاعدة عامة
تجعل هذا الإجراء قاصرًا على هذه الغاية إذ قالت (ويكون الحكم المطعون فيه
إذ أجاز إطلاقًا تفتيش كل مقبوض عليه ولو لم يقصد من التفتيش ضبط سلاح
معه، يكون قد أخطأ [(29)])
فيجب إذن أن يكون القصد الحقيقي من الإجراء هو القبض على المتهم وأن يكون
ما تم من بحث واطلاع ضروريًا لإتمام هذا القبض، أما إذا تبين أن الغرض
الأصلي من الإجراء هو تفتيش المتهم للبحث عن جريمة أو عن دليل فهو باطل.

2 - ومن حيث مدى الإجراء، بديهي أن ما يجوز للباحث عن الأدلة من أعمال
الفحص والاطلاع أوسع مما يجوز للباحث عن سلاح فقط، فإن رجل البوليس أو
المخبر أو الفرد العادي الذي يقبض على متهم - قبضًا قانونيًا - إذا جاز له
أن (يفتشه) فليس معنى ذلك أنه يجوز له كل ما يجوز في حالة التفتيش العادي،
بل كل ما له هو البحث الظاهري في أيدي الشخص أو ملابسه أي المظان التي
يحتمل أن يوجد بها سلاح، فلا يجوز له إذن في نظرنا الاطلاع على جسم الشخص
وخاصة كل ما يتصل بعوراته وما يخدش كرامته [(30)]،
ومن باب أولى ليس له أن يجري تحليل محتويات معدته مثلاً، كذلك إذا كان مع
المقبوض عليه حقيبة أو محفظة بها أوراق أو نقود فليس من حق القابض عليه أن
يطلع عليها وكل ما له هو ضبطها حتى يستأذن سلطة التحقيق في تفتيشها
تفتيشًا قانونيًا.

المادة 46/ 1 قاصرة على (التفتيش الوقائي):

هذا الإجراء في الحدود التي بيناها هو وحده الذي أرادته المادة 46/ 1
بقولها (في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانونًا على المتهم يجوز لمأمور
الضبط القضائي أن يفتشه), فالمقصود هنا هو (أن يفتشه تفتيشًا وقائيًا لنزع
سلاحه) فهو وحده (التفتيش) الذي يستلزمه القبض ويستتبعه طبقًا لأحكام
محكمة النقض المصرية كما بيناه) [(31)].

أما التفتيش القانوني للشخص فلا شأن لهذا النص به، بل هو مسكوت عنه، متروك
للقواعد العامة في الاختصاص والتحقيق، وهذا ليس بدعًا في التشريع – وإن
كان نقصًا فيه - فقانون تحقيق الجنايات لم يكن به أي نص على تفتيش الشخص،
وكذلك قانون تحقيق الجنايات الفرنسي الحالي، ومع ذلك فمن المجمع عليه أن
تفتيش الشخص تسري عليه جميع أحكام تفتيش المسكن من حيث شروطه وحالاته، فلا
يجوز لمأموري الضبط إلا في حالة التلبس.

وتظهر أهمية هذه القاعدة إذا لاحظنا أهمية الأحوال التي يجوز فيها القبض
في غير حالة التلبس، وهي الحالات التي يجب أن يكون التفتيش الشخصي جائزًا
لمأموري الضبط فيها طبقًا للرأي الذي انتقدناه، ومن أمثلة هذه الحالات:

1 - جناية عادية، ليست في حالة تلبس، ولم تطلب النيابة من قاضي التحقيق أن
يفتح فيها تحقيقًا، فليس لها ولا لمأموري الضبط إلا سلطة جمع الاستدلالات
ولكن لمأموري الضبط - والنيابة باعتبارها منهم – أن يقبضوا على المتهم
طبقًا للمادة (34) (أولاً).

ولكن هل يجوز تفتيش شخصه في تلك الحالة ؟ أما قاضي التحقيق فلا يملك إصدار
أمر تفتيشه ولا تفتيش مسكنه لأنه لا يوجد تحقيق ولا يجوز الأمر بالتفتيش
إلا في تحقيق مفتوح, وكذلك النيابة لا يجوز لها إجراء تحقيق في الجنايات،
بل عليها في هذه الحالة أن تقدم القضية لقاضي التحقيق وتطلب منه أن يفتح
فيها تحقيقًا وتترك الأمر له, ويجب أن تسري هذه القاعدة في رأينا على
مأموري الضبط من باب أولى لأنه لا يجوز أن يعطيهم سلطة لا يملكها قاضي
التحقيق نفسه.

أما الرأي الذي انتقدناه فإنه يجيز لمأمور الضبط أن يفتش المتهم بحجة أنه
يجوز له أن يقبض عليه وأن التفتيش جائز في جميع أحوال القبض، دون تحديد
لنوع هذا التفتيش وحدوده فإذا فرضنا أن الجريمة هي جناية ضرب أفضى إلى
عاهة مستديمة، وأن ضابط البوليس رأى أن يقبض على المتهم لتقديمه للنيابة،
فهم يقولون بأنه يجوز لهذا الضابط أن يفتشه تفتيشًا كاملاً، بما في ذلك
بداهةً الاطلاع على جسمه للبحث عن آثار جروح أو ما شابهها مما يؤكد
اشتراكه في المشاجرة، أو البحث في الأوراق التي يحملها لعل فيها ما يدل
على وجوده في محل المشاجرة في التاريخ الذي وقعت فيه ونحن نرى أن كلا
الفعلين غير جائز، فليس له الاطلاع على جسمه ولا على أوراقه وكل ما له عند
القبض عليه أن يجرده من سلاحه إن وجد معه ما يخشى أن يستعمله في الاعتداء
عليه أو إن كان هناك مظنة لمقاومة أو اعتداء فقط، أما إن أراد أن يفتش
جسمه أو أوراقه فلا بد من أن يعرض الأمر على النيابة وعليها بدورها أن
تطلب من قاضي التحقيق فتح تحقيق والأمر بالتفتيش إن كان له محل.

2 - جنحة مخدرات عادية ليست في حالة تلبس، قبض على بعض المتهمين فيها ورأى
ضابط البوليس أن يقبض على شخص آخر باعتباره شريكًا لهم فله طبقًا للمادة
(34) (رابعًا) حق القبض في هذه الحالة, ولكن هل له أن يفتش شخص المتهم وما
معه من أمتعة أو حقائب بقصد البحث عن مخدرات فيها؟ يجيز ذلك الرأي الذي
نعارضه, أما نحن فنرى أن هذا التفتيش المقصود به البحث عن دليل أو عن جسم
الجريمة لا يجوز المأمور الضبط القضائي بل يجب عليه أن يرفع الأمر إلى
الهيئة التي تتولى التحقيق فعلاً - أي قاضي التحقيق أو النيابة العامة على
حسب الأحوال - لتأمر بما تراه, أما إذا فتش من تلقاء نفسه فإجراؤه باطل
لأن الجريمة ليست في حالة تلبس.

الخلاصة:

من ذلك كله يتضح أننا لا نقر أي تفرقة بين تفتيش المسكن وتفتيش الشخص،
فحالات تفتيش الشخص يجب أن تقاس على حالات تفتيش المسكن، ولم يكن هناك أي
داعٍ لكي يفرق المشرع بينهما ولذلك فإن نص المادة 46/ 1 يفسر على ضوء هذه
الفكرة الأساسية، وأن يحمل التفتيش الشخصي المقصود بها على التفتيش المكمل
للقبض، وكون التفتيش مكملاً للقبض ليس مرجعه أنه مقيد للحرية الشخصية
كالقبض، أو أن حرمة الشخص أقل أهمية من حرمة المسكن، لسبب واحد يسير هو أن
تفتيش المسكن ذاته أو دخوله يكون مكملاً للقبض في بعض الأحيان ويصبح
جائزًا هو الآخر كلما كان القبض جائزًا، وذلك إذا أريد القبض على شخص في
مسكنه فللقائم بتنفيذ هذا الأمر أن يدخل المسكن ليبحث عنه، فالدخول هنا
يمكن أن يسمى تفتيشًا ولكنه هو أيضًا من نوع خاص مكمل للقبض من طبيعة
بوليسية، وهو في هذا يشبه التفتيش الوقائي من حيث طبيعته وحدوده مما يدل
على أن القول بأن تفتيش الشخص تابع للقبض عليه لا يمكن أن تنصرف إلى
التفتيش القانوني من ناحية ولا يمكن أن تكون قاصرة على تفتيش الأشخاص من
ناحية أخرى.



[(1)] نص المحاضرة التي ألقيت بدار نقابة المحامين في يوم 3 إبريل سنة 1952.

[(2)] وقد نصت المادة (48) على حالة خاصة استثنائية
إذ أجازت لمأموري الضبط ولو في غير حالة التلبس أن يفتشوا منازل الأشخاص
الموضوعين تحت مراقبة البوليس إذا وجدت أوجه قوية تدعو للاستثناء في أنهم
ارتكبوا جناية أو جنحة، ويفهم من هذا النص بمفهوم المخالفة أن تفتيش
المساكن في غير حالة التلبس ممنوع على مأموري الضبط إذا لم يكن المتهم
موضوعًا تحت مراقبة البوليس، ويراجع العرابي باشا جـ 1 ص (252) رقم (487).


[(3)] العرابي باشا جـ 1 ص (274) رقم (34)، والدكتور محمود مصطفى ص (167)، (194).

ويراجع تحت سلطان القانون القديم القللي بك طبعة سنة 1941 ص (191),
والموسوعة الجنائية جـ (3) ص (549) رقم (70) وقد ورد فيه صراحةً (……… يضاف
إلى ذلك أن التفتيش الشخصي عند القبض على المتهم أمر تستلزمه مصلحة
التحقيق لمنع المقبوض عليه من إعدام جسم الجريمة أو من إخفائه، لذلك كله
كان الإجماع منعقدًا على أن لرجال البوليس دائمًا حق تفتيش الأشخاص الذين
يقبضون عليهم وفقًا للقانون….).

[(4)] و [(5)] المراجع المشار
إليها في الهامش السابق، ويظهر أن حكم النقض الصادر في 3 يونيه سنة 1940,
قد أخذ بهذا الرأي إذ قرر أنه (بمقتضى القانون رقم (24) لسنة 1923, إذا
كان المتهم قد سبق إنذاره مشبوهًا، وكانت القرائن متوافرة على ارتكابه
جريمة إحراز مخدر، فإن ذلك - بغض النظر عن قيام التلبس - يبرر القبض عليه
وتفتيشه.. رغم أن المحكمة قررت بصراحة (إن هذه الواقعة لا يجوز فيها الضبط
والتفتيش على أساس التلبس لأن المتهم لم يكن في حالة من حالاته)، مجموعة
القواعد ج (5) ص (222) رقم (117) وهو حكم شاذ في نظرنا يخالف ما استقر
عليه قضاء النقض كما سنبينه فيما بعد.

[(6)] شرح قانون الإجراءات الجنائية للدكتور محمود مصطفى ص (194).

[(7)] المرجع السابق ص (153) حيث يضيف (فتفتيش الشخص أقل خطورة من القبض عليه).

[(Cool] المرجع السابق ص (153)، (194).

[(9)] والحقيقة أن الحماية هنا لا تقرر للمسكن
للشخص لذاتهما، لأن القانون لا يحمي الأشياء وإنما يحمي الحقوق فقط، والحق
الذي يحميه المشرع عندما يمنع انتهاك حرمة المسكن أو حرمة الشخص هو حق
واحد له ذاتية خاصة نسميه (الحق في السر
DROIT AU SECRET)
أي حق الفرد في أن يمنع الغير عن الاطلاع على مظاهر حياته الخاصة، ومقر
هذه المظاهر في الأصل هو جسم الشخص ومسكنه، تراجع رسالتنا في (النظرية
العامة للتفتيش في القانون الجنائي المصري والفرنسي) طبعة جامعة فؤاد
بالفرنسية سنة 1950ص (4) رقم(4) وما بعدها.

[(10)] والإجراءات الاحتياطية كالقبض والحبس
الاحتياطي هي من إجراءات التحقيق من حيث الشكل فقط، أما من حيث غايتها فهي
في الواقع كما قالت محكمة النقض المصرية في حكمها الصادر في 15 يونيه سنة
1915, وهي احتياطات متعلقة بالأمن وإدارية أكثر منها قضائية), المجموعة
الرسمية السنة 31 س (207), وهذا هو ما يميزها عن إجراءات جمع الأدلة التي
هي إجراءات قضائية لأن غايتها هي الأدلة أو الإثبات، والتفتيش القانوني
يدخل في مجموعة الإجراءات القضائية المتعلقة بجمع الأدلة.

[(11)] أخذ بهذه التسمية (جارو) جـ 3 رقم (900) ص
(204)، وموريزوتيبولت ص (447) و (لويس لامبير) في (البوليس القضائي) جـ
(1) ص (351)، وبعض الفقهاء يفضل تسميته (التفتيش التحقيقي
fouille - acte d’instruction).

[(12)] هذه تسمية استحدثناها، وهي غير موجودة في
الفقه المصري، ولكنا أخذناها عن عبارات بعض أحكام النقض المصرية، مثل نقض
11 يونيه سنة 1945, حيث وصفت هذا التفتيش بأنه (من وسائل التوقي والتحوط
الواجب توفيرها أمانًا من شر المقبوض عليه) مجموعة القواعد جـ (6) ص (733)
رقم (598)، وهذا في نظرنا أفضل من تسمية التفتيش البوليسي التي أخذ بها
القضاء الفرنسي في بعض أحكامه.

[(13)] لذلك اشترطت المادة 91/ 1 لإجراء التفتيش
بمعرفة قاضي التحقيق (أن توجد قرائن على أنه – صاحب المنزل - حائز لأشياء
تتعلق بالجريمة) وبالنسبة للشخص اشترطت م (94) (أن يتضح من إمارات قوية
أنه يخفي أشياء تفيد في كشف الحقيقة), وبالنسبة لضبط المراسلات التليفونية
أجازته م (95) (متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة) كما أن المادة (47)
التي خولت لمأموري الضبط تفتيش مسكن المتهم في حالة التلبس اشترطت لذلك
(أن يتضح له من إمارات قوية أنها – أي الأشياء والأوراق التي تفيد في كشف
الحقيقة - موجودة فيه) تراجع تعليقاتنا على هذه المواد جميعًا في كتابنا
(مجموعة الإجراءات الجنائية ص (42)، (65)، (66)، (67)).

[(14)] أما الحالة المنصوص عليها في المادة (48)
الخاصة بتفتيش منازل الأشخاص الموضوعين تحت المراقبة فهي حالة استثنائية
لا يجوز القياس عليها.

[(15)] ولذلك فإنه يجوز في جميع أحوال القبض أيًا
كان نوع هذا القبض أو سببه أو الغرض منه، نقض (24) ديسمبر سنة 1945,
مجموعة القواعد جـ 7 ص (32) رقم (42), حتى ولو لم يكن القبض من أعمال
التحقيق بأن كان المقصود منه تنفيذ حكم جنائي مثلاً أو تنفيذ أمر بالحبس
الاحتياطي.

[(16)] نقض (2) يونيه سنة 1941, مجموعة القواعد جـ 5 ص (537) رقم (273) ويراجع الحكم المشار إليه في الهامش السابق أيضًا.

[(17)] محكمة استئناف نيم في جازيت ديباليه 1927 -
1 - ص (194), حيث قررت (إن هذا الإجراء ليس من إجراءات التحقيق، بل هو
مجرد إجراء بوليسي عام وضروري، يتخذ للصالح العام ولصالح المقبوض عليه
نفسه) يراجع أيضًا (جازيت ديتريبينو 1927 – 4262).

[(18)] أما التفتيش العادي فهو التفتيش القانوني أو التفتيش التحقيقي
fouille - mesure d’instruction.

[(19)] نقض 11 يونيه سنة 1945, بمجموعة القواعد
القانونية جـ 6 ص (733) رقم (598) وقد استعملت محكمة النقض هذه العبارات
نفسها في حكم بتاريخ 24 ديسمبر سنة 1945, بالمجموعة جـ 7 ص (32) رقم (42).


[(20)] لذلك نرى المادة (94) التي خولت لقاضي
التحقيق حق تفتيش شخص المتهم وغير المتهم في جميع الأحوال قد نصت على أن
هذا التفتيش (يراعي فيه حكم الفقرة الثانية من م (46)) فالإحالة هنا قاصرة
على الفقرة الثانية وقد استبعد المشرع عمدًا الإحالة إلى الفقرة الأولى من
م (46) التي تعطي لمأمور الضبط حق تفتيش الشخص في أحوال القبض عليه، مع
أنه ليس من المعقول إن يحرم قاضي التحقيق من سلطة مخولة لمأموري الضبط إذا
كانت سلطة تحقيق، ولكن هذا الاستبعاد مرده أن المشرع لا يعتبر هذه السلطة
المخولة لمأموري الضبط سلطة تحقيق، بل هي سلطة بوليسية محضة، والتفتيش لا
يكون إجراءً بوليسيًا بل هو سلطة تحقيق.

[(21)] يراجع حكم النقض في 16/ 10/ 1944, بمجموعة
القواعد القانونية جـ 6 ص (516) رقم (375) وحكم 8 فبراير سنة 1937,
بالمجموعة جـ 4 ص (41) رقم (43) وحكم 2 يونيه سنة 1941, بالمجموعة جـ 5 ص
(536) رقم (273).

[(22)] نقض (2) مارس سنة 1936, بمجموعة القواعد جـ 3 ص (582) رقم (448).

[(23)] نقض (2) مارس سنة 1946, المشار إليه في
الهامش السابق، ويلاحظ أن المخبر من رجال البوليس وليس من مأموري الضبط
فليس له سلطة أكثر مما للفرد العادي.

[(24)] (جارو) جـ (3) رقم (910)، (911) ص (218) والعرابي باشا جـ (1) ص (310) رقم (616) والقللي بك ص (224).

[(25)] ومع ذلك فقد كانت المادة (53) من القانون المختلط تنص صراحةً على أن لمأموري الضبط حق تفتيش مسكن المتهم في أحوال القبض عليه.

[(26)] المراجع المشار إليها في الهامشين السالفين.

[(27)] ولذلك قال (جارو) إن التفتيش بالمعنى الحقيقي هو الذي يقصد به البحث عن الأدلة وجمعها) يراجع جـ (3) ص (219) رقم (912).

[(28)] نقض 2 يونيه سنة 1941, وقد نشر نصه كاملاً في مجموعة القواعد جـ (5) ص (537) رقم (273).

[(29)] الحكم المشار إليه في الهامش السابق.

[(30)] والقانون البلجيكي يفرق بين تفتيش جسم الشخص
Exploration corporelle
وهو وحده الذي يعتبر من إجراءات التحقيق، ولا بد له من أمر صادر من غرفة
الاتهام، أما تفتيش ملابس الشخص فيخرج عن هذه القاعدة ويجوز لقاضي التحقيق
ولمأموري الضبط باعتباره عملاً بوليسيًا في حدود الضرورة التي تستلزمه وهي
نزع سلاح الشخص عند القبض عليه، تراجع (الباندكت البلجيكية) جـ (4) ص (65)
رقم (16)، (17).

[(31)] وقد ورد صراحةً بالمذكرة الإيضاحية لمشروع
قانون الإجراءات الجنائية أن هذه المادة (46/ 1) قد وضعت لإقرار المبدأ
الذي أشارت به محكمة النقض والإبرام باستمرار), فتفسير هذا النص وفهم
معناه يجب الرجوع فيه إلى أحكام النقض التي أشرنا إليها فيما سبق, ومذهب
محكمة النقض المصرية يختلف تمامًا عما كان يقرره القانون المختلط في
المادة (53) منه لأنه كان يصرح بأن تفتيش الأشخاص وتفتيش المساكن كلاهما
جائز في أحوال القبض وكان يسوي صراحة بين التفتيش المقصود به القبض على
الشخص والتفتيش المقصود به جمع الأدلة وهو ما لا تقره محكمة النقض
المصرية، قارن العرابي باشا جـ (1) ص (274) رقم (534) الذي يسوي بين مذهب
النقض وبين القانون المختلط وهو ما لا نوافق عليه.