الطعن رقم 445 لسنة 51 بتاريخ 26/11/1981
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه تسبب بإهماله وعدم احترازه في تعطيل المخابرات التليفونية بأن قام بعملية حفر على مقربة من كوابل التليفونات دون اتخاذ الحيطة الكافية مما أدى إلى تلفها على الوجه المبين بالأوراق وطلبت عقابه بالمادتين 163، 166 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح أخميم قضت غيابيا عملا بمادتي الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات. فعارض وأثناء نظر المعارضة ادعت هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية قبل المتهم بحق مدني قدره 775ج و525م وقضي في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنفت النيابة العامة في هذا الحكم ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وتصحيح الحكم بإلزام المتهم بدفع مبلغ 775ج، 525م للهيئة المدعية مدنيا فعارض المحكوم عليه وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التسبيب بإهماله في تعطيل المخابرات التليفونية قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع, ذلك بأنه قضى بالتعويض رغم عدم إدعاء الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية بالحقوق المدنية, وقد قام دفاع الطاعن على أنه لم يرتكب الفعل الذي تسبب في تعطيل المخابرات التليفونية وأن عملية الحفر لم تسبب ضررا وطلب ندب خبير لإثبات صحة هذا الدفاع بيد أن الحكم التفت عن طلبه وأغفل الرد على هذا الدفع رغم جوهريته في ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم الغيابي ألاستئنافي والحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك, وكانت المادة 163 من قانون العقوبات تنص على أنه "كل من عطل المخابرات التلغرافية أو أتلف شيئا من آلاتها بإهماله أو عدم احترازه بحيث  ترتب على ذلك انقطاع المخابرات يعاقب بدفع غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا. وفي حالة حصول ذلك بسوء قصد ثبت تكون العقوبة السجن مع عدم الإخلال في كلتا الحالتين بالحكم بالتعويض" ثم نصت المادة 166 على سريان المادة المذكورة على الخطوط التليفونية وكانت العقوبات التكميلية التي  تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها في جميع الأحوال, وأن الحكم بها حتمي تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وبلا ضرورة لدخول الخزانة في الدعوى. وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة التعويض المنصوص عليها في المادة 163 * من قانون العقوبات, هذا فضلا عن أن الثابت من محاضر جلسات المعارضة الابتدائية أن هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ادعت مدنيا قبل الطاعن وقررت التعويض عن الخسارة المطالب بها بمبلغ 757ج و252م ومن ثم فإن الحكم الغيابي ألاستئنافي إذ قضى بإلزام الطاعن بالتعويض عن الخسارة إعمالا لنص المادة 163 من قانون العقوبات يكون قد أعمل صحيح القانون, وما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله لما كان ذلك, وكان الأصل المقرر في القانون أن من يشترك في أعمال الهدم والبناء لا يسأل إلا عن نتائج خطئه, فالمقاول المختص الذي يعهد إليه بهذا العمل يسأل عن نتائج خطئه وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد ثبت بالأدلة السائغة التي أوردها - والتي لا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - أن أعمال الحفر في مكان الحادث كانت تجرى تحت إشراف وملاحظة الطاعن وانتهى إلى مساءلته لأنه أهمل في اتخاذ الاحتياطات المعقولة في مكان العمل وامتنع عن رقابة عماله على نحو يكفل عدم المساس بالكوابل مما أدى إلى تلفها وترتب على ذلك انقطاع المخابرات التليفونية, فإن الحكم بذلك يكون قد أقام مسئولية الطاعن على أساس من الواقع والقانون, فضلا عن أنه رد على دفاع الطاعن وأطرحه بأسباب سائغة ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد - لما كان ذلك, وكانت المحكمة  قد  بررت التفاتها عن طلب الطاعن ندب خبير بقولها "أنه طلب موضوعي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة, ولإثبات استحالة حصول الواقعة كما وردت بأقوال شاهد الواقعة المهندس .............. "وأن البادي أن القصد منه هو مجرد إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة بعد أن وضحت لديها الواقعة" وإذ كان هذا الذي - يرويه الحكم كافيا ويسوغ به رفض طلب الطاعن, لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه.
لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
_________________