الطعن رقم 294 لسنة 31 بتاريخ 16/10/1961
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا - عرض رشوة على مستخدم عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم لرجل البوليس الملكي "............." مبلغ ثلاثمائة وخمسة وأربعين قرشا على سبيل الرشوة لإخلاء سبيله عند ضبطه له متلبسا بالشروع في السرقة ولكن المستخدم العمومي لم يقبل منه. ثانيا - شرع في سرقة حافظة النقود ومحتوياتها المبينة بالمحضر لـ .......... وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه متلبسا بها حالة كونه عائدا. ثالثا - تداخل في وظيفة عمومية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك بأن ادعى أنه من رجال البوليس واستوقف ......... وطالبه ببطاقته الشخصية وقام بتفتيشها. وطلبت إحالته إلى غرفة الاتهام لمحاكمته بالمواد 45 و46 و49/1-2 و51 و104 و109 و110 و111 و318 من قانون العقوبات وجنحة بالمادة 155 من نفس القانون.
فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمادتين 109 مكرر و155 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/2 من ذلك القانون: بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة مبلغ الرشوة المضبوطة وببراءته من تهمة الشروع في السرقة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ
 
 المحكمة
.... وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو التناقض، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة الطاعن من تهمة الشروع في السرقة التي كانت أساسا للقبض عليه فإن القبض يكون قد وقع باطلا ويترتب على ذلك بطلان ما تلاه من إجراءات التحقيق في جريمتي التداخل في الوظيفة وعرض الرشوة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن ..................... -المجني عليه- وهو رجل قروي عجوز حضر إلى القاهرة في يوم 5 من يناير سنة 1959 وركب ترام المترو قاصدا زيارة أقاربه المقيمين بحمامات القبة فلما ترك الترام تركه المتهم ................ أيضا واعترض سبيل ......................... ثم صحبه إلى طريق فرعي وسأله عن بطاقته وما يحمل تحت جيوبه ولاحظ ذلك البوليس الملكي .................... فتقدم منهما وتبين أن المتهم يعتزم سرقة الرجل فضبطه وقاده إلى القسم وفي الطريق أعطاه المتهم بواسطة شخص آخر مبلغ ثلاثمائة وخمسة وأربعين قرشا على سبيل الرشوة ليخلي سبيله فاحتفظ بالمبلغ وسلمه للضابط. وقد استند الحكم في إدانة الطاعن بتهمتي الشروع في الرشوة والتداخل في وظيفة عمومية إلى شهادة كل من .......... والمخبر وضابط البوليس، وقضى ببراءة الطاعن من تهمة الشروع في السرقة. لما كان ما تقدم، وكان ما يثيره الطاعن في هذا الوجه مردودا بأنه لا يشترط لقيام حالة التلبس أن يؤدي التحقيق إلى ثبوت الجريمة قبل مرتكبها، ذلك أن من المقرر قانونا أنه إذا وجدت مظاهر خارجية فيها بذاتها ما ينبئ بارتكاب الفعل الذي تتكون منه الجريمة فإن ذلك يكفي لقيام حالة التلبس بالجريمة بصرف النظر عما ينتهي إليه التحقيق أو تسفر عنه المحاكمة من عدم وقوع تلك الجريمة.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والرابع من أوجه الطعن هو الخطأ في الإسناد، وفي ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه عندما تحدث عن تهمة الرشوة قال إنه ثبت من شهادة البوليس السري ............... أن شخصا ممن تجمهروا بعد ضبطه المتهم نصحه بأن يدفع للبوليس السري نقودا وتسلمها من المتهم ودفعها إليه فتظاهر بقبولها، في حين أن الثابت بمحضر الجلسة أن شخصا لا يعرفه ادعى أنه زميل المتهم تدخل من تلقاء نفسه وقدم له مبلغ الرشوة - ومفاد ذلك أن الرشوة قدمت من غير المتهم ولم تعرض من قبله ولم يثبت من أقوال المجني عليه ولا من أقوال المخبر أنه كان مع المتهم زميل آخر، فتكون الواقعة التي استند عليها الحكم في إدانة الطاعن عن تهمة عرض الرشوة لا سند لها من الأوراق وهذا مما يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أن المخبر ................. قرر في تحقيق البوليس والنيابة أن أحد الناس الذين تجمعوا عقب ضبط الحادث نصح المتهم بأن يعطي المخبر شيئا ليخلي سبيله فقدم المتهم المبلغ بنفسه للمخبر فرفضه ثم سلمه بعد ذلك للوسيط فأخذه وسلمه بدوره للمخبر الذي تظاهر بقبوله واقتاد المتهم إلى القسم مبلغا بالحادث، كما قرر المجني عليه ........................ في تحقيق البوليس والنيابة بمثل ما قرره المخبر ............... ولما كان يبين مما تقدم أن ما أورده الحكم في مدوناته عن واقعة عرض الرشوة من الطاعن على البوليس السري عن طريق شخص آخر له أصله الثابت في محضري تحقيق البوليس والنيابة فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون صحيحة.
وحيث إن الوجه الثالث من الطعن مبناه القصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن دفع تهمة الرشوة بأنها ملفقة ولا دليل عليها وبأنه لو صح أن الرشوة قدمت إلى البوليس السري بواسطة آخر لكان قد قبض عليه أيضا، ومع ما لهذا الدفاع من أهمية فإن الحكم المطعون فيه لم يعرض له ولم يتناوله بالرد.
وحيث إنه لما كان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تحتاج من الحكم إلى رد خاص بل بحسبه أن يكون الرد عليه مستفادا مما أورده من أدلة الثبوت في الدعوى التي عول عليها في الإدانة. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون غير سديد.
وحيث إن الوجه الخامس من الطعن مبناه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بالتداخل في وظيفة المخبر دون أن يكون قد أتى عملا أو اتخذ مظهرا يدل على ذلك.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المجني عليه رجل قروي من الريف متقدم في السن وأن الطاعن اعترض سبيله وانحرف به إلى طريق فرعي وزعم له أنه مخبر ثم أمره بإبراز بطاقته الشخصية وإخراج ما يحمله في جيوبه من نقود وأوراق وقد انصاع المجني عليه لهذا الأمر اعتقادا منه بأن الطاعن من رجال البوليس الذين لهم اتخاذ هذا الإجراء قانونا، وكانت هذه الأفعال والمظاهر مما تتحقق بها جريمة التداخل في الوظيفة المنصوص عليها في المادة 155 من قانون العقوبات - هذا فضلا عن أنه لا جدوى للطاعن مما يثيره في هذا الوجه، ذلك أن الحكم المطعون فيه أعمل في حقه المادة 32/2 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة هي العقوبة الأشد المقررة لجريمة عرض الرشوة. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه يكون لا محل له.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه