الطعن رقم 925 لسنة 42 بتاريخ 19/11/1972
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة 6/8/1970 بدائرة مركز إطسا محافظة الفيوم: (أولاً) قتل عمدا ......... بأن أطلق عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته (ثانياً) أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن (بندقية) (ثالثا) أحرز ذخائر مما تستعمل في ذلك السلاح دون أن يكون مرخصا له بحيازته أو إحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك في 6/1/1971 ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضوريا بتاريخ 28/12/1971 عملا بالمادة 234/1 من قانون العقوبات والمواد 1/1 و6 و26/1-4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول 2 المرفق مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سنة واحدة عن التهم المسندة إليه ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه - إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد وإحراز سلاح ناري (غير مششخن) وذخيرة - قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن ما أورده بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها والاستدلال على توافرها، وقد أثار الطاعن في دفاعه أنه أطلق أعيرة جربنر ولم يطلق خرطوشاً عيار 16، والثابت أن المجني عليه أصيب من عيار ناري واحد معمر برش ولم يكن الطاعن وحده الذي أطلق النار وإنما كان معه زميل يشاركه الحراسة أطلق النار كذلك، وتبين من التقرير الطبي الشرعي أن كلا البندقيتين اللتين أطلقهما الطاعن وزميله معدتان أصلا لإطلاق المقذوفات النحاسية وليس هناك ما يمنع من استعمالهما في إطلاق الخرطوش عيار 16، ولا يمكن فنياً ترجيح استعمال إحدى البندقيتين في اقتراف الحادث، وعلى الرغم من إثارة الطاعن لهذا الدفاع الجوهري فإن الحكم أغفل مناقشته، كما أن الحكم قد دان الطاعن عن واقعة إحرازه سلاحاً وذخيرة بغير ترخيص مطرحاً دفاعه بأن إحرازه لها كان صدوعاً لأمر صادر إليه من رئيسه، هذا إلى أن الطاعن تمسك في دفاعه بأنه كان في حالة دفاع عن المال مما يوفر له حماية المادة 145 من قانون العقوبات وأنه كان معذوراً فيما فعل وأطرح الحكم هذا الدفاع بما لا يصلح رداً، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "إن المحكمة ترى أن المتهم قد ارتكب جريمة القتل العمد، وأن نية القتل وإن كانت أمرا باطنيا يضمره الجاني، إلا أن الأعمال المادية التي تصدر عنه تدل عليها بطريق مباشر أو غير مباشر، فالمتهم أطلق النار على المجني عليه من بندقية وهي سلاح قاتل بطبيعته وكان المجني عليه في وضع لا يمكنه معه إلا أن يصيبه الطلق الناري في مقتل من جسمه كما ثبت ذلك من تقرير الصفة التشريحية إذ الإصابات في البطن والصدر وكلها مقاتل في جسم الإنسان، وقد أطلق العيار الناري قاصدا به المجني عليه وإصابته بعد أن ألقى المجني عليه بالمسروقات ولاذ بالفرار خروجا من الكوة الموجودة بالسلك، ويقول المتهم في فخر وصلف أنه لا حاجة له بأعيرة الإرهاب فهو يريد المجني عليه ذاته فأطلق عليه العيار الناري ولا يمكن أن يقال إنه أطلقه لإصابة رجليه فهو يقرر أن المجني عليه انحنى للخروج من الفتحة بينما هو أي المتهم واقفاً منتصباً وأطلق العيار الناري وهو على هذه الحالة فأصاب من المجني عليه مقتلاً وهو ذلك الرجل الأعزل باعتراف المتهم وأنه ما كان ليخشاه لأنه يعلم أنه لا يحمل شيئاً معه حتى ولا عصا". ولما كانت نية القتل هي من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته التقديرية باعتبارها أمرا داخليا متعلقا بالإرادة يرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل في حق الطاعن يكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون محاولة جديدة لمناقشة أدلة الدعوى التي اقتنعت بها المحكمة ويكون النعي في هذا الصدد ليس له محل. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد أقر بأنه أطلق النار على المجني عليه من البندقية المضبوطة معه بقصد إصابته كما ثبت من التقرير الطبي الشرعي أن البندقية وإن كانت من نوع جربنر إلا أنها تطلق الخرطوش وقد سلم الطاعن نفسه بذلك في صحيفة طعنه ومن ثم فلا يجديه ما يثيره في شأن نوع الذخيرة المستعملة، كما أن في استناد الحكم إلى أدلة الإدانة التي أوردها ما يتضمن اطراحه لهذا الدفاع القائم في نفي التهمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طاعة المرؤوس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح دفاع الطاعن المؤسس على أن إحرازه السلاح الناري كان صدوعاً لأمر رئيسه يكون بريئاً من قالة الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفاع الطاعن المبني على إنه كان في حالة دفاع شرعي عن مال البنك الذي يقوم على حراسته وأطرحه بقوله "إن المادة 245 من قانون العقوبات لا ترى المحكمة وبحق مجالاً لتطبيقها في نطاق هذه الدعوى، لأن مناط تطبيق هذه المادة أن يكون قد وقع فعل إيجابي يخشى منع وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي سواء وقع الاعتداء بالفعل أو بدر من المجني عليه بادرة اعتداء يجعل المتهم يعتقد لأسباب معقولة وجود خطر حال على نفسه أو ماله أو نفس غيره أو ماله، أما أن يكون المجني عليه قد تخلى عن الغرارة التي كان قد حملها وحاول الفرار من الشونة متخذا طريق خروجه من فتحة السلك التي بسور الشونة منبطحاً على بطنه فيطلق عليه المتهم عياره الناري الذي لا شك أنه موقن أنه لن يصيبه إلا في مقتل، لأن الوضع الذي كان عليه المجني عليه عند خروجه من الكرة التي بالسلك بسور الشونة لا تسمح إلا بمثل الإصابات القاتلة التي تحدثت عنها الصفة التشريحية وقد قال المتهم نفسه إنه ماله ولإطلاق أعيرة بقصد الإرهاب إنما هو أراد فريسته وهو المجني عليه فكأنه أراده حياً أو ميتاً، مع العلم بأن الدفاع الشرعي لم يشرع للقصاص والانتقام وإنما شرع لمنع الاعتداء وأن هذا الاعتداء قد عدل عنه المجني عليه وترك ما ينوي سرقته" فإن ما أورده الحكم فيما تقدم سائغ ويكفي لتبرير ما انتهى إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي، إذ الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب مادام استدلالها سليماً ويؤدي إلى ما انتهى إليه، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة القتل العمد المعاقب عليها بالمادة 1/234 من قانون العقوبات وبجريمتي إحراز السلاح الناري والذخيرة بغير ترخيص وطبق المادة 32 من قانون العقوبات واستعمل الرأفة معه وطبق المادة 17 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالسجن لمدة سنة واحدة عن جميع التهم المسندة إليه والمصادرة، ولما كان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات تبديل العقوبة المقررة بالمادة 1/234 من قانون العقوبات بوصفها عقوبة الجريمة الأشد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور، ولما كانت المادة 2/35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل العقوبة المقضي بها الحبس سنة واحدة مع الشغل بدلاً من السجن بالإضافة إلى عقوبة المصادرة المقضي بها