الأعمال التحضيرية للقانون رقم 100 لسنة 1985
 
(1)
تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية  ومكتب لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف
 
أحال المجلس بجلسته المعقودة في 11 من يونيه 1985 إلى اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف الاقتراح بمشروع القانون المذكور وذلك لدراسته وتقديم تقرير عنه.
فعقدت اللجنة لهذا الغرض خمسة اجتماعات بتاريخ 22، 23، 24، 25، 26/6/1985. حضرتها السيدة الدكتورة آمال عثمان وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية. كما حضرها نخبة من كبار علماء الدين من مجمع البحوث الإسلامية وهم: فضيلة الشيخ الدكتور عبد المنعم النمر، فضيلة الشيخ الدكتور محمد مصطفى شلبي، فضيلة الشيخ الدكتور الطيب النجار، فضيلة الشيخ عبد الله المشد، السيد المستشار عبد العزيز هندي المستشار القانوني لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، السيد الدكتور جمال الدين محمود، نائب رئيس محكمة النقض وأمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
كما حضرها السيد الدكتور وحيد رأفت: نائب رئيس حزب الوفد الجديد وأستاذ القانون الدستوري.
-        استعادت اللجنة في سبيل دراستها للاقتراح بمشروع القانون المذكور أحكام الدستور، والمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن أحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية، والمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، والمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بإصدار لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
وبعد أن استمعت اللجنة إلى مناقشات السادة الأعضاء وإيضاحات السادة كبار العلماء وأطلعت على اقتراح مقدم من مجمع البحوث الإسلامية بصياغة بعض مواد المشروع وتبني هذه الصياغة أعضاء اللجنة عند مناقشة الاقتراح بمشروع القانون المعروض. تورد تقريرها فيما يلي:
-        أن الأسرة هي الدعامة الأولى في بناء المجتمع الإسلامي إذا صلحت صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع، ومن هذا فقد عنى القرآن الكريم ببيان النصوص التي تحكم الروابط الأسرية وتنظم العلاقة بين الرجل والمرأة منها قوله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾.
ولما كان الزواج في الإسلام هو الركن الركين للأسرة فإن عقد الزواج وما يترتبه من آثار يمثل أخطر وأهم ما يبنى عليه المجتمع الإسلامي من قواعد أمر الله بها عبادة المسلمين. لذا وصفه القرآن الكريم بأنه "ميثاق غليظ" لما له من قداسة توجب الالتزام بما شرع الله للزوجين من حقوق والتزامات في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وعلى أساس من العدل والمودة والرحمة على نحو يكفل صالح الفرد المسلم رجلا كان أو امرأة.
ولما كانت الأسرة هي الثمرة الطبيعية للزواج وهي اللبنة الأساسية في صرح البناء الاجتماعي كان لابد أن تحاط هذه الأسرة بالعناية والرعاية التي تحفظ كيانها, وتحمي بنيانها من كل ما يهددها أو يعصف بها، وأحكام الأحوال الشخصية هي أهم ما في تشريع بلد من البلاد، فكما أن ذات الإنسان هي أعز ما لديه فكذلك القوانين التي تنظم أحوالها أهم ما يعنيه من قانونه وهي فوق ذلك القدر المشترك بين جميع الناس لأنها تحكم أحوال الفرد بصفته إنساناً وهو ما يشترك فيه الجميع لا يفرق بينهم فيه اختلاف الحالة الاجتماعية أو البيئية أو المكان.
ومن الآيات القرآنية التي تقرر المبادئ والأحكام الشرعية في هذا الخصوص قوله تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾( ).
كما أن المادة الثانية من الدستور تقضي بأن الإسلام هو دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ولذلك جاءت نصوص الدستور المنظمة لشئون الأسرة المصرية مستمدة من أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية الغراء.
وتود اللجنة أن تؤكد ما يلي:
أولا: إن الشريعة الإسلامية تعلو على كل تشريع بحكم أنها شريعة منزلة من لدن عزيز خبير بشئون خلقه، وهي المصدر الرئيسي لتشريعنا بصريح نص الدستور تتميز بصلاحيتها لكل زمان ومكان وقد أناطت شريعة الإسلام بولي الأمر وأوجبت عليه أن يشرع ما يحقق صالح المسلمين في كل زمان ومكان في نطاق الأصول والقواعد الشرعية العامة.
ثانيا: أن المذاهب الفقهية قد أثرت التشريع الإسلامي بالاجتهاد والاستنباط في فهم آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة بما يحقق مواجهة مشاكل المجتمع في إطار القواعد العامة للتشريع الإسلامي.
ثالثا: إن المشرع المصري وقد التزم بأصول ومبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها القطعية الثبوت والدلالة قد تدخل منذ زمن بعيد لتنظيم العديد من المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية استلهاماً من المذاهب الفقهية والاجتهادات المختلفة دون التقيد بمذهب معين.
رابعا: أنه بعد مرور أكثر من خمسين عاماً على صدور القانون رقم 25 لسنة 1929 فقد تغيرت ظروف المجتمع بما يتطلب إعادة النظر لبعض أحكام الأسرة بما يكفل لها الاستقرار.
-        وبدراسة اللجنة للاقتراح بمشروع القانون المعروض في ضوء المبادئ والأصول التشريعية والدستورية استبان لها أنه يعالج بعض مسائل الأحوال الشخصية التي دعت الضرورة إلى تنظيمها حرصا على حماية الأسرة المصرية واستقرارها نزولاً على أحكام الدستور وفي نطاق الشريعة الإسلامية وذلك على النحو الآتي بيانه:
-        أضاف الاقتراح بمشروع القانون إلى المرسوم بقانون رقم     25 لسنة 1929 سالف الذكر بمادته الأولى ست مواد جديدة هي المواد  (5 مكرر) و(6 مكرر و6 مكررا ثانياً) و (18 مكررا و18 مكررا ثانياً) و(23 مكرر).
-        استبدل بمادته الثانية نصاً جديداً بدلاً من المادة (1) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 بأحكام النفقة.
-        استبدل بمادته الثالثة نصوصاً جديدة بنصوص المواد 7، 8، 9، 10، 11، 16، 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه.
-        نظم بمادته الرابعة أحكام شغل مسكن الحضانة في حالة الطلاق.
-        نظم في مادته الخامسة ما يتعلق بالدعاوى القائمة أمام القضاء.
-        وفي المادة السادسة ألغي كل نص يخالف أحكامه.
-        وقد رأت اللجنة استعراض الأحكام التي تضمنها الاقتراح بمشروع القانون وإيضاح مضمونها وأساسها الشرعي وذلك على النحو التالي:
توثيق الطلاق وإعلان المطلقة بوقوعه:
أوجبت المادة (5 مكرر) المضافة باقتراح بمشروع القانون مبادرة المطلق إلى توثيق إشهاد الطلاق لدى الموثق المختص كما قضت بترتيب آثار الطلاق من تاريخ وقوعه إلا إذا أخفاه الزوج عن الزوجة فلا تترتب آثاره من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به وتعتبر الزوجة عالمة بوقوع الطلاق بحضورها توثيقه أو بإعلانها بوقوعه عن طريق الموثق على يد محضر لشخصها وفقا للأوضاع والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل.
وقد استند الاقتراح بمشروع القانون في هذه الأحكام إلى ما قرره جمهور الفقهاء في شأن القاعدة في ترتيب آثار الطلاق فور وقوعه وإلى رأي بعض الفقهاء الأحناف في حالة إخفاء الطلاق عن الزوجة فلا تبدأ الآثار إلا من وقت علم الزوجة به وذلك زجرا للزوج ومعاملة له بنقيض قصده.
وقد قصد بهذه الأحكام علاج حالات إخفاء الأزواج لحالات الطلاق الذي يوقعونه في غيبة زوجاتهم بقصد النكاية والإضرار بهن، وذلك منعاً لهذا الضرر دون أن يعد قيداً على حق الطلاق المقرر للرجل بنصوص القرآن الكريم، كما أن هذه الأحكام لا تمنع إثبات وقوع الطلاق بكل طرق الإثبات المقررة.
التطليق للضرر الذي يلحق الزوجة التي يتزوج عليها زوجها
قضت المادة (6 مكرر) من الاقتراح بمشروع القانون بأنه على الزوج أن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية وأن يبين اسم الزوجات اللاتي في عصمته وقت العقد الجديد ومحال إقامتهن، كما أوجبت على الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول، وللزوجة التي تزوج عليها زوجها بأخرى أن تطلب التطليق إذا لحقها ضرر مادي أو أدبي يستحيل معه دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت على زوجها في العقد ألا يتزوج عليها، وعلى القاضي أن يعمل على الإصلاح بينهما فإن تعذر طلقها للضرر طلقة بائنة، ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا الضرر بمضي سنة من تاريخ علمها ما لم تكن قد رضيت بذلك صراحة أو ضمنا.
ويتجدد حقها في هذا الطلاق كلما تزوج بأخرى، أما بالنسبة للزوجة الجديدة فإذا لم تكن تعلم أن زوجها متزوج بسواها ثم ظهر أنه متزوج فلها أن تطلب التطليق.
والأساس في الأحكام السالف بيانها ما هو مقرر في مذهب الإمامين مالك وأحمد بن حنبل من أنه إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا عجز عن الإصلاح بينهما. ومستند ذلك الحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار".
ومن المسلمات أن من حق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف إعمالا لقوله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾.
ولا يتفق مع المعروف أو مع المروءة أن يتزوج زوج على زوجته دون علمها إضرارا بها ولا أن تجبر زوجة على الاستمرار في عصمة رجل رغما عنها.
حق الطاعة
قضت المادة (6 مكررا ثانياً) المضافة بالاقتراح بمشروع القانون بأن امتناع الزوجة عن طاعة زوجها دون حق يترتب عليها وقف نفقتها من تاريخ الامتناع، وتعتبر الزوجة ممتنعة دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة على يد محضر وعلى الزوج أن يبين في هذا الإعلان المسكن، وقد أجاز النص للزوجة الاعتراض وأوجب عليها أن تبين في صحيفة اعتراضها الأوجه الشرعية التي تستند إليها في الامتناع عن طاعة الزوج، وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ الإعلان وإلا حكم بعدم قبول اعتراضها، ويعتد بوقف النفقة من تاريخ انتهاء ميعاد الاعتراض إذا لم تتقدم في الميعاد وعلى المحكمة عند نظر الاعتراض أو بناء على طلب أحد الزوجين التدخل لإنهاء النزاع صلحا فإذا بان للمحكمة استحكام الخلاف بين الطرفين اتخذت إجراءات التحكيم الموضحة في المواد من (7) إلى (11) من هذا الاقتراح والأساس الشرعي لأحكام المادة المذكورة هو ما قررته الشريعة الإسلامية من ارتباط حق النفقة الزوجة بعدم نشوزها.
متعة المطلقة
نصت المادة (18 مكرر) المضافة بالاقتراح بمشروع القانون على حق الزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها بدون رضاها ولا بسبب من قبلها في الحصول فوق نفقة عدتها على متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل مع مراعاة حال المطلق يسراً أو عسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية وأجاز النص للمطلق سداد هذه المتعة على أقساط، وسند هذه الأحكام ما يلي:
أن الأصل في تشريع المتعة هو جبر خاطر المطلقة لأن مواساتها من المروءة التي تتطلبها الشريعة الإسلامية وأساس ذلك قوله تعالى ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ﴾.
وقد أقر مذهب الشافعية الجديد المتعة للمطلقة إذا لم تكن الفرقة منها أو بسببها وهو قول أحمد بن حنبل وابن تيمية وأهل الظاهر وأحد أقوال الإمام مالك كما أن رأي المذاهب الأخرى المختلفة في المتعة أنها مستحبة للمطلقة بعد الدخول وإن كان لا يقضي بها والأخذ بتقرير المتعة يتفق فضلا عن سنده الشرعي والفقهي مع الأصل الإسلامي في التكافل الاجتماعي.
 
نفقة الصغير:
قضت المادة (18 مكررا ثانياً) المضافة باقتراح بمشروع القانون على أنه إذا لم يكن للصغير مال فنفقته على أبيه وتستمر نفقة الأولاد على أبيهم إلى أن تتزوج البنت أو تكسب ما يكفي نفقتها وإلى أن يتم الابن الخامسة عشرة من عمره قادرا على الكسب المناسب فإن أتمها عاجزا عن الكسب لآفة بدنية أو عقلية أو بسبب طلب العلم الملائم لأمثاله واستعداده أو بسبب عدم تيسر هذا الكسب, استمرت نفقته على أبيه. كما قضت هذه المادة بإلزام الأب بنفقة أولاده وتوفير المسكن لهم بقدر يساره وبما يكفل لهؤلاء الأولاد العيش في المستوى اللائق بأمثالهم.
وأساس هذه الأحكام ما هو مسلم به شرعا من أن نفقة الولد على أبيه.
نفقة الزوجة
قضت الفقرة الأولى من المادة الثانية من الاقتراح بمشروع القانون بوجوب نفقة الزوجة على زوجها من حين العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكماً, موسرة كانت أو مختلفة معه في الدين. كما جاءت الفقرة الثانية من النص بأنه لا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة، وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضي به العرف.
وحددت الفقرة الخامسة من ذات النص الأحوال التي لا تعتبر موجبا لإسقاط نفقة الزوجية بسبب خروج الزوجة من مسكن الزوجية بدون إذن زوجها وهي الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع كخروجها لتمريض أحد أبويها أو تعهده أو زيارته أو ما يجري بها العرف كما إذا خرجت لقضاء حوائجها أو لزيارة محرم مريض أو عند الضرورة، وكذلك بسبب خروجها للعمل المشروع ما دام قد أذنها الزوج بذلك أو عملت دون اعتراضه أو تزوجها عالما بعملها ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق المشروع مشوب بإساءة استعمال الحق من جانبها أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب الزوج الامتناع عنه.
كما قضت الفقرة السادسة من هذا النص على أن نفقة الزوجة تعتبر ديناً على الزوج من تاريخ الامتناع عن الإنفاق مع وجوبه ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
وقضت الفقرة السابعة بعدم سماع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى وذلك حتى لا تتراكم ديون النفقة ويبادر صاحب الحق في المطالبة بها ويسهل على القضاء حسم النزاع.
كما حظرت الفقرة الثامنة التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجة وبين دين للزوج على زوجته إلا فيما يجاوز قيمة ما يفي بحاجة الزوجة الضرورية وذلك حتى يبقى لها ما يقيم حياتها ويكفل لها العيش الكريم دفعا للضرر الذي قد يحيق بها وبالمجتمع.
وقضت الفقرة الأخيرة من هذه المادة بأن لدين النفقة امتيازا على جميع أموال الزوج ويتقدم في مرتبته على ديون النفقة الأخرى.
الحضانة
قضت المادة (20) من الاقتراح بمشروع قانون بأن تنتهي حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة سن الاثنتي عشرة سنة ويجوز للقاضي بعد هذا السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة بدون أجر حضانة.
وأنه بتتبع المنازعات الدائرة في شأن الصغار تبين أن المصلحة تقتضي العمل على استقرارهم حتى يتوافر لهم الأمان والاطمئنان وتهدأ نفوسهم فلا ينزعون من يد الحاضنات.
وقد اشترطت هذه المادة لكي يقرر القاضي مد فترة الحضانة أن تكون مصلحة الصغير أو الصغيرة في بقاء الحضانة بيد النساء وذلك مع التزام الأب بنفقة المحضون الذاتية من طعام وكساء ومسكن وغير ذلك إلى جانب ما يقضي به العرف في حدود يسار الأب أو من يقوم مقامه، كما قررت هذه المادة حرمان الحاضنة من أجر الحضانة في المدة التي تمتد إليها بإذن القاضي والسند الشرعي لهذه الأحكام هو مذهب الإمام مالك.
وترى اللجنة أن ما جاء من أحكام في الاقتراح بمشروع قانون بهذا الشأن يكفل الرعاية الواجبة للصغار وتتيح لهم الاستقرار النفسي اللازم لسلامة نموهم وتربيتهم ويمنع الخلاف بين الأب والحاضنة على نزع الحضانة في سن غير مناسبة للنكاية دون رعاية لصالح الصغار، وغني عن البيان أن حضانة الأم لا تخل بحق الأب في ولايته الشرعية على أبنائه.
كما حددت هذه المادة من له حق الحضانة على أساس تقريرها للأم، ثم للمحارم من النساء مقدماً فيه من يدلي بالأم ثم من يدلي بالأب ومعتبرا فيه الأقرب من الجهتين على الترتيب الذي ورد في هذه الفقرات من المادة.
 
رؤية الصغار
حق رؤية الأبوين للصغير أو الصغيرة حق مقرر شرعاً، وقد قرر المشروع حق الرؤية للأجداد عند عدم وجود الأبوين باعتبارهم من الأباء.
كما قرر أنه إذا تعذر تنظيم مواعيد الرؤية اتفاقاً نظمها القاضي بشرط ألا تتم في مكان يضر بالصغير أو الصغيرة كأقسام الشرطة، فإذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ حكم الرؤية بغير عذر أنذره القاضي فإن تكرر منه ذلك جاز للقاضي بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتاً إلى من يلي هذا الممتنع عن تنفيذ حكم الرؤية من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها.
كما أن تنفيذ الحكم بنقل الحضانة يتم بمجرد صدوره وبالقوة الجبرية.
وقد منع نص هذه المادة تنفيذ حكم الرؤية قهراً لما في ذلك من إيذاء خطير لنفسية الصغار الذين يجب حمايتهم من التعرض لمثل هذا الإيذاء بسبب نزاع لا دخل لهم فيه.
وقد رأت اللجنة إجراء بعض التعديلات على الاقتراح بمشروع القانون على النحو التالي:
أولا  : عدلت المادة (5 مكرر) من المشروع المقترح بحذف لفظ "وذلك كله" لضبط الصياغة.
ثانيا: ارتأت اللجنة أن يوضع الحكم الوارد في المادتين (6 مكرر)     و(6 مكررا ثانيا) من الاقتراح بمشروع القانون تحت رقمي (11 مكررا) و (11 مكررا ثانيا) إبرازا لذاتية الحكم الوارد في كل منهما، ذلك أن المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 يقرر مبدءاً عاماً في التطليق للضرر بسبب الشقاق بين الزوجين، ثم وردت المواد 7، 8، 9، 10، 11 من ذات المرسوم بقانون منظمة لإجراءات التحكيم في هذه المنازعة في حين تعالج المادتان المقترحتان نوعاً خاصاً من الضرر الذي يلحق الزوجة من الزواج بأخرى.
ولقد عدلت اللجنة المادة (6 مكرر) على النحو الوارد بالجدول المرفق، وكان سندها في حكم هذه المادة ما هو مقرر في فقه الإمامين مالك وابن حنبل من أنه أدعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق بينهما وحينئذ يطلقا القاضي طلقة بائنة إذا عجز عن الإصلاح بينهما ومستندهم في ذلك الحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار" وما قرره فقهاء الحنابلة من أنه يجوز للزوجة أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها بأخرى فإذا خالف الزوج هذا الشرط كان لها فسخ العقد.
ومن المسلم به أن من حق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف إعمالاً لقوله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ وإن مفهوم الضرر عند إطلاقه شرعا وطبقا لما استقر عليه القضاء يشمل الضرر بكافة أنواعه مادياً كان أو أدبياً أو نفسياً.
ومن ثم فلم تر اللجنة ضرورة لتفصيله في النص ومسلك المشروع في ذلك يتفق مع حكم الشريعة الإسلامية دون المساس بمبدأ تعدد الزوجات حيث يبقى هذا المبدأ على أصله دون مساس به أو تقييد له.
ثالثا: ارتأت اللجنة تعديل المادة 16 بسحب الحكم الوارد بشأنه النفقة المؤقتة للزوجة إلى صغارهم من الزوج لتحقيق الحكمة التي ورد من أجلها النص باعتبارهم أحوج ما يكون إلى الرعاية العاجلة.
رابعا: وبالنسبة للعمل بهذا القانون فقد رأت اللجنة أن هناك الكثير من المنازعات المنظورة أمام المحاكم والتي أقيمت في ظل القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 ولم يصدر فيها حكم بات ذلك أنه من العدل والتسوية بين أصحاب هذه الدعاوى وما سيقام من دعاوى طبقاً لأحكام هذا المشروع المعروض عند صدوره، أن يكون لهذا القانون أثر رجعي ويلاحظ أن المشروع لم يجعل للعقوبة أثر رجعي اتفاقاً مع أحكام المادة 66 من الدستور وخاصة أن المحكمة الدستورية العليا أقامت قضاءها على عيب في الإجراءات فقط.
مما تقدم فإن اللجنة إذ توافق على هذا الاقتراح بمشروع قانون لترجو المجلس الموقر الموافقة عليه بالصيغة المرفقة.