الغش والبطلان الإجرائي :
---------------------------
من المبادئ الأساسية في القانون الطبيعي أن (الغش يفسد كل شيء) وهى تتمشى مع مبادئ العدالة لأنها تقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية ، وتحارب الخديعة والاحتيال على القانون والانحراف عنه ، ويعمل بها في جميع فروع القانون صيانة لمصالح الأشخاص في المجتمع ، ويعمل بها بصدد جميع التصرفات القانونية والإجراءات بغير نص ، وذلك استنادا إلى المادة الأولى من القانون المدني التي تنص على أنه إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه ، حكم القاضي بمقتضى العرف ، فإذا لم يوجد ، فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإذا لم توجد ، فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة ، وإذا  وجد نص تشريعي في القانون المدني أو قانون المرافعات يوجب أعمال جزاء معين عند الغش وجب إعماله ، فمثلا الادعاء بغش القاضي يوجب إقامة الدعوى بمخاصمته (م 494) والادعاء ببناء الحكم على الغش يوجب بشروط معينة عند إقامة الطعن عليه بالتماس إعادة النظر (م 241) والغش عند اختيار خصوم الدعوى أو الطعن يوجب على المحكمة من تلقاء نفسها تصحيح شكلها (م 168 ، 218) والكيد عند الإدلاء بالطلبات والدفوع يوجب الحكم بالتعويضات (م 188) وتقرير غير الحقيقة من جانب المحجوز لديه يجيز الحكم عليه بدين الحاجز عملا بالمادة 343 .
وإذا كان قانون المرافعات قد أوجب في الإجراءات مواعيد وبيانات وأوضاع وأشكال معينة ، وذلك ضمانا لما تحققه هذه الإجراءات من مصالح قانونية ، وإذا كان قانون المرافعات قد رتب البطلان جزاء عدم تحقق الغاية من الشكل الذي يتطلبه في الإجراء جزاء النقص يعتريه أو الخطأ الذي يصيبه ، فمن باب أولى يترتب هذا البطلان إذا تعمد الخصم حرمان خصمه من تلك الضمانات .
وبعابرة أخرى ، إذا كان الغش - كقاعدة عامة - هو تغيير الحقيقة بأية وسيلة بقصد تحقيق مصلحة خاصة تتعارض مع القانون ، فإن هذا الغش ، وعلى هذا المعنى ، يؤدي إلى بطلان الإعلانات والإجراءات على وجه العموم إذا شابها وإذا لم يتحقق في هذه الإجراءات - بسب الغش - ما قصد القانون إلى حمايته بما أوجبه وحصلت فيه المخالفة .
ولهذه القاعدة الأساسية شعاب ، منا عدم الاعتداد بالديانة الجديدة التي يعتنقها الخصم  بعد إقامة الدعوى إلى القضاء لمجرد الاحتيال على القانون ولمجرد التحلل مما تفرضه عليه ديانته أو مذهبه ..... الخ ، ومنها بطلان الإعلان إذا تسلمه من تتعارض مصلحته مع المراد إعلانه ، ومنها بطلان تقرير الخبير إذا تعمد وصف وقياس محل النزاع بغير ما يتصف به تحقيقا لمصلحة خاصة أو لزيادة الأجرة القانونية أو لانتقاصها عن عمد ..... الخ ، ومنها انعدام إعلان صحيفة الدعوى إذا أعلن بها المدعى عليه في موطن وهمي له غشاء ، وبالتالي انعدام الحكم الصادر فيها ، ومنها الحكم بالتعويض إذا قصد من الإشكال الوقتي أو الموضوعي مجرد عرقلة إجراءات التنفيذ .