الدفــع بالتنفيــــذ :
------------------
الأصل في العقد أنه يلزم عاقديه بكل ما يجئ فيه ، فهو يتضمن قوة تحتم على طرفيه الرضوخ والإذعان له في كل ما يحتويه . فالقصد بالنسبة الى طرفيه ، وفي حدود تنظيم العلاقات التي يحكمها ، كالقانون ، فلا يستطيع أحدهما أن يستقل بنقضه ولا بتعديله ، ما لم يصرح له الاتفاق أو القانون بذلك ، ويطلق على هذا بالقوة الملزمة للعقد .
فتنص المادة (148) مدني على أنه :
" 1-  يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية .
2- ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته ، وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام .
وقد جاء بمذكرة المشروع التمهيدية " ... وبهذا يجمع المشروع بين معيارين أحدهما ذاتي قوامه نية العاقد .... والآخر مادي يعتد بعرف التعامل .. فليس ثمة عقود تحكم فيها المباني دون المعاني ... فحسن النية يظل العقود جميعا سواء فيما يتعلق بتعيين مضمونها أم فيما يتعلق بكيفية تنفيذها " .
المقصود بحكم الفقرة الأولى هو وضع معيار يحتكم إليه في تنفيذ العقد وقد أخذت فكرة حسن النية أبعادا جديدة في العصر الحديث بالنظر الى تنوع العلاقات الاقتصادية وتفاوت كفاية أطرافها ومن ثم ظهر الاهتمام بتوافر الثقة المشروعة في التعامل بما يوجب الالتزام بالتبصير والنصيحة والتعاون بل والتحذير إذا اقتضى الأمر ، وتجد هذه الالتزامات مجالا أوسع في العقود القائمة على الثقة كعلاقة المحامي بموكله وعلاقة سمسار البورصة بعميله ، وتقضي الامتناع عن كل غش أو إضرار بالطرف الآخر وامتناع الدائن عن أى فعل يجعل تنفيذ المدين لالتزامه أكثر كلفة أو إرهاقا .(حمدي عبد الرحمن ص470 : 476 وراجع فيه تطبيقات قضائية عديدة  - الدكتور / سهير منتصر في الالتزام بالتبصير وراجع فيه تطبيقا هذا الالتزام في عقود الاستشارات وعقود أداء الخدمات والوكالة والمقاولة والالتزام الناشئ عن عدم تكافؤ المعلومات كالتزام الطبيب والمعماري وجزاء الإخلال بالالتزام وراجع لها الالتزام بالإدلاء ببيانات الحظر وتفاقمه في عقد التأمين طبعة 1990 - ويراجع في ذلك كله الدكتور / نزيه صادق المهدي في الالتزام قبل التعاقدي بالإدلاء بالبيانات المتعلقة بالعقد طبعة 1982 - الدكتور / إبراهيم الدسوقي في الالتزام بالإعلان قبل التعاقد طبعة 1985 - مرقص في المصادر بند 263 - الشرقاوي في المصادر ص407 : 409 - ويراجع فيما يتصل بذلك الدكتور / مصطفى عبد الحميد عدوي في الريبة التشريعية طبعة 1995)
وقد قضت محكمة النقض بأنه " تفسير العقد طبقا لما اشتمل عليه يجب أن يتم بحسن نية ، وحسن النية من مسائل الواقع التي تخضع لسلطان محكمة الموضوع " (16/5/1977 في الطعن رقم 811 لسنة 43ق - م نقض م - 28 - 1214 -  وبنفس المعنى 15/11/1966 طعن 163 لسنة 32ق - م نقض م - 17 - 1688 - 27/12/1984 طعن 1148 سنة 51ق)
ويتمثل حسن النية في انتفاء الخطأ العمد ، وانتفاء الغش ، وانتفاء التعسف في استعمال الحق بسوء نية ، وانتفاء الخطأ الجسيم .