انتفـــاء الغـــش :
-----------------
والمقصود بالغش هو استعمال شخص طرقا احتيالية لإيقاع شخص آخر في غلط يدفعه الى التعاقد سواء معه أو مع الغير .
وهذا التعريف يحتم توفر سوء النية لدى مرتكب الغش ، فنكون أمام خطأ ذي ميزة معينة ، خطأ ينوي مرتكبه الإضرار بالغير عن طريق (خداعه وإغفاله) وكان يطلق على هذا الخطأ تعبير الخطأ الغشي فالغش كما هو وسيلة سيئة لخداع أحد ما .
إن النية الآثمة تتجسم في عمل يتخذ سمة عدم المشروعية ومن السهل عندئذ تبعا للطبيعة العمل المرتكب ، الحكم على هذا العمل بكونه جريمة مدنية .
وقد قضت محكمة النقض بأنه " لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاعدة (الغش يبطل التصرفات) وهى قاعدة سليمة ولو لم يجر بها نص خاص في القانون وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره في التصرفات والإجراءات عموما صيانة لمصلحة الأفراد والمجتمع وكان استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ما يثبت به هذا الغش وما يثبت له يدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع بعيدا عن رقابة محكمة النقض في ذلك مادامت الوقائع تسمح به" (21/5/1979 - الطعن 1073 لسنة 48ق ، ونفس المعنى نقض 27/12/1977 في الطعن رقم 346 لسنة 41ق - ونقض 9/2/1956 -
 م نقض م - 7 - 168)
وانعدام الركن المعنوي للغش المتمثل في القصد أو الرغبة في التضليل توصلا لغرض غير مشروع يعني عدم قيام الغش رغم التضليل الحاصل . فإذا قدم المدين الى الدائن معلومات غير صحيحة عن حسن نية دون علمه بعدم مطابقتها للحقيقة ، فلا يعد غشا رغم أنه أوقع الدائن في غلط ، وكذلك الحال إذا أهمل في تقديم بعض المعلومات التي من شأن عدم تقديمها إيقاع الدائن في غلط ، فلا قيام للغش دون إرادة قاصدة الى تضليل الغير ذلك لأن الغش فكرة عمدية .
أما الركن الموضوعي للغش ، فهو يتخذ صورة فعل أو كتمان ، والفعل هو عبارة عن الوسائل الاحتيالية التي يلجأ المدين إليها لإيهام الطرف الآخر ولكن هذه الوسائل يجب أن تبل حدا معينا من الجسامة لكى يتحقق الركن الموضوعي للغش والكتمان وهو الموقف السلبي الذي يتخذه المدين في كتمان بعض الحقائق مما يؤدي الى إيقاع الدائن في غلط .