- بيع المجهول :
قال الحنفية : إذا كان المبيع أو
الثمن مجهولاً جهالة فاحشة وهي التي تفضي إلى المنازعة، فسد البيع، لأن هذه
الجهالة مانعة من التسليم والتسلم، فلا يحصل مقصود البيع.
فإن كان مجهولاً جهالة يسيرة وهي
التي لا تؤدي إلى المنازعة، لا يفسد البيع، لأن هذه الجهالة لا تمنع من التسليم
والتسلم، فيحصل مقصود البيع.
والعرف هو المحكم في بيان نوع
الجهالة : يسيرة أو فاحشة. فإذا لم يبين مثلاً جنس الحيوان أو لم يبين
"ماركة" المذياع أو آلة التصوير، يعتبر المبيع مجهولاً جهالة فاحشة تمنع
من صحة العقد على بيعه، إذ تؤدي حتماً إلى نزاع شديد بين المتعاقدين.
2- البيع المعلق على شرط والبيع المضاف :
البيع المعلق على شرط أو العقد
المعلق عموماً : هو ما علق وجوده على وجود أمر آخر ممكن الحصول بإحدى أدوات
التعليق نحو إن وإذا ومتى ونحوها. مثاله : أن يقول شخص لآخر : بعتك داري هذه بكذا
إن باع لي فلان داره، أو إن جاء والدي من السفر مثلاً.
والبيع المضاف أو العقد المضاف
عموماً : هو ما أضيف فيه الإيجاب إلى زمن مستقبل، كأن يقول شخص لغيره : بعتك هذه
السيارة بكذا من أول الشهر القادم.
والفرق بين هذين النوعين عند
الحنفية : أن العقد المعلق لا يعد موجوداً ولا ينعقد سبباً في الحال، وإنما هو
معلق على وجود الشرط، والشرط قد يوجد وقد لا يوجد.
وأما العقد المضاف فهو عقد تام
يترتب عليه حكمه وآثاره إلا أن هذه الآثار يتأخر سريانها إلى الوقت الذي عينه
العاقدان لها.
حكمها : اتفق الفقهاء على عدم صحة البيع
المعلق أو المضاف، لكن يسمى ذلك فاسداً في اصطلاح الحنفية، وعند غيرهم هو باطل.
3- بيع العين الغائبة أو غير المرئية :
العين الغائبة : هي العين
المملوكة للبائع الموجودة في الواقع، ولكنها غير مرئية.
قال الحنفية : يجوز بيع العين
الغائبة من غير رؤية ولا وصف، فإذا رآها المشتري كان له الخيار : فإن شاء أنفذ
البيع، وإن شاء رده. وكذلك المبيع على الصفة يثبت فيه خيار الرؤية، وإن جاء على
الصفة التي عينها البائع كأن يشتري فرساً مجللاً "مغطى" أو متاعاً في
صندوق أو مقدار من الحنطة في هذا البيت.
واستدلوا أيضاً بحديث "من
اشترى شيئاً لم يره، فهو بالخيار إذا رآه" رواه الدارقطني
وقال المالكية : يجوز بيع الغائب
على الصفة إذا كانت غيبته مما يؤمن أن تتغير فيه صفته قبل القبض. فإذا جاء على
الصفة المذكورة كان البيع لازماً، إذ أن هذا من الغرر اليسير، والصفة تنوب عن
المعاينة بسبب غيبة المبيع، أو المشقة التي تحصل في إظهاره، وما قد يلحقه من
الفساد بتكرار الظهور والنشر مثلاً، وإن خالف الصفة المتفق عليها فللمشتري الخيار.
وكذلك أجاز المالكية في المشهور عندهم بيع الغائب بلا وصف لنوعه وجنسه بشرطين : أن
يذكر الخيار للمشتري إذا رأى المبيع، وألا يدفع المشتري الثمن للبائع. ويسمى هذا
البيع عند المالكية : البيع على البَرْنامِج أو البرامج.
وقال الشافعية في الأظهر عندهم :
لا يصح مطلقاً بيع الغائب وهو ما لم يره المتعاقدان، أو أحدهما، وإن كان المبيع
حاضراً، لما فيه من الغرر، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، وفي
بيع ما لا يعرف جنسه أو نوعه غرر كبير، وكذا ما عرف جنسه أو نوعه، مثل بعتك فرسي
العربي، لا يصح بيعه في المذهب الجديد لوجود الغرر فيه بسبب الجهل بصفة المبيع،
كما لا يصح السلم مع جهالة صفة المسلم فيه، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن
بيع الغرر.
وقال الحنابلة في أظهر الروايتين
عندهم : إن الغائب الذي لم يوصف ولم تتقدم رؤيته لا يصح بيعه، فإن صححناه بحسب
الرواية الأخرى، فيثبت الخيار للبائع والمشتري عند الرؤية. ودليل الرواية الأولى
أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر.
أما إذا وصف المبيع للمشتري فذكر
له من صفاته ما يكفي في صحة السلم، صح بيعه في ظاهر المذهب، وعن أحمد : لا يصح حتى
يراه، لأن الصفة لا تحصل بها معرفة المبيع، فلم يصح البيع بها كالذي لا يصح السلم
فيه.
استدلوا على ظاهر المذهب : بأنه
بيع بالصفة فصح كالسلم، ولا يقال بأنه لا تحصل به معرفة المبيع، فإن تلك المعرفة
تحصل بالصفات الظاهرة التي يختلف بها الثمن ظاهراً، وهذا يكفي بدليل أنه يكفي في
السلم.
والخلاصة : أن الحنفية والمالكية،
والحنابلة في الأظهر، يجيزون بيع العين الغائبة على الصفة. أما بيعها بغير رؤية
ولا وصف فقد أجازه الحنفية والمالكية على الراجح عندهم.
بيع ما يكمن في الأرض أو بيع ما
في رؤيته مشقة أو ضرر : قد تكون مع رؤية المبيع مشقة أو ضرر مثل بيع الأطعمة المحفوظة ونحوها
من الأدوية والسوائل والغازات التي لا تفتح إلا عند الاستعمال، ومثله بيع المغيب
في الأرض كالجزر واللفت والبطاطا، فإن الحنفية أجازوه كإجازة بيع العين الغائبة،
كما أجازه المالكية، لأن المبيع معلوم بالعادة، والغرر فيه يسير، وأبطله الشافعية
والحنابلة إذ لا يمكن وصفه، فيتحقق فيه الغرر والجهالة المنهي عنهما.
4- بيع الأعمى وشراؤه :
هذا النوع مفرع على شرط رؤية
المبيع على الخلاف السابق في بيع الغائب.
فقال الحنفية والمالكية والحنابلة
: يصح بيع الأعمى وشراؤه وإجارته ورهنه وهبته، ويثبت له الخيار بما يفيد معرفته
بالمبيع كالجس والشم والذوق فيما يعرف بذلك، وكالوصف في الثمار على رؤوس الأشجار
والدور والعقارات. ودليلهم حديث : "إنما البيع عن تراض" رواه ابن ماجه
والبيهقي وقد رضي الأعمى بالبيع، وأنه يمكنه الاطلاع على المقصود ومعرفته، فأشبه
بيع البصير، ولأن إشارة الأخرس تقوم مقام نطقه، فكذلك شم الأعمى وذوقه.
إلا أن الحنفية كما هو معلوم لا
يثبتون خيار الرؤية للبائع سواء أكان بصيراً أم أعمى.
وقال الشافعية : لا يصح بيع
الأعمى وشراؤه إلا إذا كان قد رأى شيئاً قبل العمى مما لا يتغير كالحديد ونحوه،
ودليلهم قصور الأعمى عن إدراك الجيد والرديء، فيكون محل العقد بالنسبة له مجهولاً.
5- البيع بالثمن المحرّم :
إذا كان البيع بثمن محرم كالخمر
والخنزر : يكون فاسداً عند الحنفية لوجود حقيقة البيع : وهي مبادلة المال بالمال،
فإن الخمر والخنزير مال متقوم عند بعض الكفار، وهما وإن كانا مالين عند الحنفية،
إلا أنهما ليسا بمتقومين شرعاً، والقاعدة المقررة في هذا الشأن : أن أحد العوضين إذا
لم يكن مالاً في دين سماوي، فالبيع باطل سواء أكان مبيعاً أم ثمناً، فبيع الميتة
والدم والإنسان الحر باطل، وكذا البيع به وهو الصحيح عند الحنفية، لأن المسمى
ثمناً ليس بمال أصلاً، وكون الثمن مالاً في الجملة شرط من شروط الانعقاد.
وإن كان العوض في بعض الأديان مالاً
دون بعض : فإن أمكن اعتباره ثمناً، فالبيع فاسد، فبيع الثوب بالخمر أو الخمر
بالثوب فاسد، وإن تعين كونه مبيعاً، فالبيع باطل، فبيع الخمر بالدراهم أو الدراهم
بالخمر باطل.
وعلى هذا : إذا كان الثمن
محرَّماً : ينعقد البيع بالقيمة ومن الواضح أن هذا البيع عند غير الحنفية يقع
باطلاً.
6- البيع نسيئة ثم الشراء نقداً- بيوع الآجال :
إذا اتخذ العقد وسيلة لتحقيق غرض
غير مباح شرعاً، فهل ينعقد العقد لوجود أركانه من الايجاب والقبول أو يعتبر غير
صحيح لسببه غير المشروع ؟ وذلك مثل أن يبيع الشخص مالاً إلى آخر بثمن مؤجل، ثم
يشتريه منه بثمن عاجل كأن يبيع مائة قنطار من القطن بخمسة آلاف ليرة لا تقبض إلا
بعد سنة، ثم يشتريها البائع من المشتري بأربعة آلاف يدفعها إليه فوراً، فقد حصل
ههنا عقدا بيع: كلاهما ظاهره الصحة لاشتماله على أركان العقد وشروطه. فمثل هذه
البيوع تسمى عند المالكية "بيوع الآجال" لاشتمالها دائماً على الأجل،
وقد تسمى هذه البيوع عند بعض العلماء "بيوع العينة" وهي في الحقيقة نوع
من بيوع الآجال التي يقصد منها التحيل على الربا، والوصول إلى ما هو ممنوع شرعاً،
ومع ذلك اختلف العلماء في حكم بيع الأجل، علماً بأن المالكية فرقوا بين النوعين،
فقالوا : بيوع الآجال : هي بيع المشتري ما اشتراه لبائعه أو لوكيله، لأجل. وبيع
العينة : أن يقول شخص لآخر : اشتر سلعة بعشرة نقداً، وأنا آخذها منك باثني عشر
لأجل.
فقال الشافعية : يصح هذا العقد
لتوافر ركنه وهو الإيجاب والقبول، ويترك أمر النية لله وحده يعاقب صاحبها عليها.
وقال المالكية والحنابلة : العقد
باطل متى قام الدليل على وجود قصد آثم سداً للذريعة. وتطبيقات هذا الخلاف تظهر في
زواج المحلل وبيع العينة وبيع العنب لعاصر الخمر.
وأما أبو حنيفة فيحكم في الظاهر
بصحة زواج المحلِّل، وبيع العنب لعاصره خمراً، ما لم يصرح في العقد بشرط يخل به،
ويجعل بيع العينة فاسداً إن خلا من توسط شخص ثالث.
بيع
العينة :
هو بيع يراد منه أن يكون حيلة
للقرض بالربا، بأن يبيع رجل شيئاً بثمن نسيئة أو لم يقبض، ثم يشتريه في الحال،
وسمي بالعينة لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عيناً أي نقداً حاضراً، وعكسها
مثلها. مثاله : أن يبيعه الرجل سلعة بثمن إلى أجل معلوم، ثم يشتريها بثمن آخر إلى
أجل آخر، أو نقداً بثمن أقل، وفي نهاية الأجل الذي حدد في العقد الأول يدفع الثمن
الأول كله، فيكون الفرق بين الثمنين فائدة أو ربا لصاحب المتاع الذي يبيع بيعاً
صورياً، مثل أن يبيع شخص لآخر ثوباً باثنتي عشرة ليرة مؤجلاً دفعها إلى شهر مثلاً،
ثم يبيع المشتري هذا الثوب نفسه -قبل أو بعد تسلمه- إلى بائعه الأول بعشر ليرات
تدفع حالاً إلى المشتري، وفي نهاية الأجل المحدد لدفع الثمن في العقد الأول يدفع
المشتري كامل الثمن وهو "12" ليرة فيكون الفرق بين الثمنين فائدة أو ربا
لصاحب الثوب الذي بيع بيعاً صورياً، والعملية كلها للتحايل على الإقراض بالربا
عنطريق البيع والشراء.
وقد يوسط المتعاقدان بينهما شخصاً
ثالثاً يشتري العين بثمن حال من مريد الاقتراض، بعد أن اشتراها هذا من مالكها
المقرض، ثم يبيعها للمالك الأول بالثمن الذي اشترى به، فيكون الفرق ربا له.
اختلف العلماء في الحكم على العقد
الثاني، مع أن قصد التعامل بالربا واضح من البائع والمشتري.
فقال أبو حنيفة : هو عقد فاسد إن
خلا من توسط شخص ثالث بين المالك المقرض والمشتري المقترض، كما مثلنا، إلا أنه
يلاحظ أن أبا حنيفة خالف أصله السابق الذكر الذي يقتضي القول بصحة هذا العقد وذلك
استحساناً بنص الحديث الذي سيأتي في قصة زيد بن أرقم، ولأن الثمن إذا لم يستوف لم
يتم البيع الأول، فيصير البيع الثاني مبنياً عليه، فليس للبائع الأول أن يشتري
شيئاً ممن لم يتملكه بعد، فيكون البيع الثاني فاسداً.
وقال الشافعي : هذا العقد صحيح مع
الكراهة لتوافر ركنه وهو الإيجاب والقبول الصحيحان، ولا عبرة في إبطال العقد
بالنية التي لا نعرفها لعدم وجود ما يدل عليها أي أو القصد الآثم مرجعه إلى الله،
والحكم على ظاهر العقد شيء آخر. لذا فإنه يحمل العقد على عدم التهمة.
وقال المالكية والحنابلة : إن هذا
العقد يقع باطلاً سداً للذرائع.
والخلاصة : أن جمهور الفقهاء غير
الشافعية : قالوا بفساد هذا البيع وعدم صحته، لأنه ذريعة إلى الربا، وبه يتوصل إلى
إباحة ما نهى الله عنه، فلا يصح.
7- بيع العنب لعاصر الخمر:
قال أبو حنيفة والشافعي : يصح في
الظاهر مع الكراهة بيع العنب لعاصر الخمر، وبيع السلاح لمن يقاتل به المسلمين، لعد
تحققنا أنه يتمكن من اتخاذه خمراً أو يقاتل بالسلاح المسلمين، ويؤاخذ الإنسان على
مقاصده. أما الوسائل فقد يحال بين الإنسان وبينها، والمحرم في البيع هو الاعتقاد
الفاسد، دون العقد نفسه، فلم يمنع صحة العقد، كما لو دلس العيب أي أن الحكم على
العقد بظاهره شيء، والدافع إليه شيء آخر.
وقال المالكية والحنابلة : بيع
العصير ممن يتخذه خمراً باطل، وكذا بيع السلاح لأهل الحرب أو لأهل الفتنة، أو
لقطاع الطرق، سداً للذرائع، لأن ما يتوصل به إلى الحرام فهو حرام، ولو بالقصد،
ولقوله تعالى : {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}
[المائدة: 2] وهذا نهي يقتضي التحريم، وإذا ثبت التحريم فالبيع باطل.
8- البيعتان في بيعة أو الشرطان في بيع واحد :
لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم عن بيعتين وعن شرطين في بيع، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما
لم يَضْمن، ولا بيع ما ليس عندك" رواه أحمد والترمذي.
واختلف في تفسير البيعتين في بيعة
: فقال الشافعي : "أنه تأويلان : أحدهما - أن يقول : بعتك بألفين نسيئة،
وبألف نقداً، فأيهما شئت أخذت به، على أن البيع قد لزم في أحدهما وهذا بيع فاسد
"أي باطل" لأنه إبهام وتعليق. والثاني - أن يقول : "بعتك منزي على
أن تبيعني فرسك".
وحكمة منع صورة الصفقة الأولى هو
اشتمالها على غرر بسبب الجهل بمقدار الثمن، فإن المشتري لا يدري وقت تمام العقد هل
الثمن عشرة مثلاً أو خمسة عشر.
ومن الحكمة في تحريم العقد الثاني
منع استغلال حاجات الآخرين، وذلك في حالة كون المشتري مضطراً إلى شراء شيء، فيكون
اشتراط البائع عليه في شراء شيء منه من قبيل الاستغلال مما يؤدي إلى فوات حقيقة
الرضا في هذا العقد، ثم إن فيه غرراً أيضاً لا يدري البائع هل يتم البيع الثاني أو
لا.
واختلف في تفسير الشرطين في بيع :
فقيل : هو أن يقول : بعت هذا نقداً بكذا، وبكذا نسيئة. وقيل : هو أن يشترط البائع
على المشتري ألا يبيع السلعة ولا يهبها. وقيل : هو أن يقول : "بعتك هذه
السلعة بكذا على أن تبيعني السلعة الفلانية بكذا".
وبهذا يظهر أن البيعتين في بيعة
والشرطين في بيع واحد بمعنى واحد. وقد اختلف العلماء في حكمه.
فقال الحنفية : البيع فاسد، لأن
الثمن مجهول، لما فيه من تعليق وإبهام دون أن يستقر الثمن على شيء : هل حالاً أو
مؤجلاً. فلو رفع الإِبهام وقبل على إحدى الصورتين، صح العقد.
وقال الشافعية والحنابلة : إن هذا
العقد باطل، لأنه من بيوع الغرر بسبب الجهالة، لأنه لم يجزم البائع ببيع واحد،
فأشبه ما لو قال : بعتك هذا أو هذا، ولأن الثمن مجهول، فلم يصح كالبيع بالرقم
المجهول، ولأن أحد العوضين غير معين ولا معلوم، فلم يصح كما لو قال : بعتك أحد
منازلي.
وقال مالك : يصح هذا البيع، ويكون
من باب الخيار، فيذهب العقد على إحدى الحالتين، وهو محمول على أنه جرى بينهما
بعدئذ ما يجري في العقد، فكأن المشتري قال : أنا آخذهبالنسيئة بكذا، فقال : خذه،
أو قد رضيت، ونحو ذلك فيكون عقداً كافياً.
قال الحنفية : إذا كان المبيع أو
الثمن مجهولاً جهالة فاحشة وهي التي تفضي إلى المنازعة، فسد البيع، لأن هذه
الجهالة مانعة من التسليم والتسلم، فلا يحصل مقصود البيع.
فإن كان مجهولاً جهالة يسيرة وهي
التي لا تؤدي إلى المنازعة، لا يفسد البيع، لأن هذه الجهالة لا تمنع من التسليم
والتسلم، فيحصل مقصود البيع.
والعرف هو المحكم في بيان نوع
الجهالة : يسيرة أو فاحشة. فإذا لم يبين مثلاً جنس الحيوان أو لم يبين
"ماركة" المذياع أو آلة التصوير، يعتبر المبيع مجهولاً جهالة فاحشة تمنع
من صحة العقد على بيعه، إذ تؤدي حتماً إلى نزاع شديد بين المتعاقدين.
2- البيع المعلق على شرط والبيع المضاف :
البيع المعلق على شرط أو العقد
المعلق عموماً : هو ما علق وجوده على وجود أمر آخر ممكن الحصول بإحدى أدوات
التعليق نحو إن وإذا ومتى ونحوها. مثاله : أن يقول شخص لآخر : بعتك داري هذه بكذا
إن باع لي فلان داره، أو إن جاء والدي من السفر مثلاً.
والبيع المضاف أو العقد المضاف
عموماً : هو ما أضيف فيه الإيجاب إلى زمن مستقبل، كأن يقول شخص لغيره : بعتك هذه
السيارة بكذا من أول الشهر القادم.
والفرق بين هذين النوعين عند
الحنفية : أن العقد المعلق لا يعد موجوداً ولا ينعقد سبباً في الحال، وإنما هو
معلق على وجود الشرط، والشرط قد يوجد وقد لا يوجد.
وأما العقد المضاف فهو عقد تام
يترتب عليه حكمه وآثاره إلا أن هذه الآثار يتأخر سريانها إلى الوقت الذي عينه
العاقدان لها.
حكمها : اتفق الفقهاء على عدم صحة البيع
المعلق أو المضاف، لكن يسمى ذلك فاسداً في اصطلاح الحنفية، وعند غيرهم هو باطل.
3- بيع العين الغائبة أو غير المرئية :
العين الغائبة : هي العين
المملوكة للبائع الموجودة في الواقع، ولكنها غير مرئية.
قال الحنفية : يجوز بيع العين
الغائبة من غير رؤية ولا وصف، فإذا رآها المشتري كان له الخيار : فإن شاء أنفذ
البيع، وإن شاء رده. وكذلك المبيع على الصفة يثبت فيه خيار الرؤية، وإن جاء على
الصفة التي عينها البائع كأن يشتري فرساً مجللاً "مغطى" أو متاعاً في
صندوق أو مقدار من الحنطة في هذا البيت.
واستدلوا أيضاً بحديث "من
اشترى شيئاً لم يره، فهو بالخيار إذا رآه" رواه الدارقطني
وقال المالكية : يجوز بيع الغائب
على الصفة إذا كانت غيبته مما يؤمن أن تتغير فيه صفته قبل القبض. فإذا جاء على
الصفة المذكورة كان البيع لازماً، إذ أن هذا من الغرر اليسير، والصفة تنوب عن
المعاينة بسبب غيبة المبيع، أو المشقة التي تحصل في إظهاره، وما قد يلحقه من
الفساد بتكرار الظهور والنشر مثلاً، وإن خالف الصفة المتفق عليها فللمشتري الخيار.
وكذلك أجاز المالكية في المشهور عندهم بيع الغائب بلا وصف لنوعه وجنسه بشرطين : أن
يذكر الخيار للمشتري إذا رأى المبيع، وألا يدفع المشتري الثمن للبائع. ويسمى هذا
البيع عند المالكية : البيع على البَرْنامِج أو البرامج.
وقال الشافعية في الأظهر عندهم :
لا يصح مطلقاً بيع الغائب وهو ما لم يره المتعاقدان، أو أحدهما، وإن كان المبيع
حاضراً، لما فيه من الغرر، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، وفي
بيع ما لا يعرف جنسه أو نوعه غرر كبير، وكذا ما عرف جنسه أو نوعه، مثل بعتك فرسي
العربي، لا يصح بيعه في المذهب الجديد لوجود الغرر فيه بسبب الجهل بصفة المبيع،
كما لا يصح السلم مع جهالة صفة المسلم فيه، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن
بيع الغرر.
وقال الحنابلة في أظهر الروايتين
عندهم : إن الغائب الذي لم يوصف ولم تتقدم رؤيته لا يصح بيعه، فإن صححناه بحسب
الرواية الأخرى، فيثبت الخيار للبائع والمشتري عند الرؤية. ودليل الرواية الأولى
أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر.
أما إذا وصف المبيع للمشتري فذكر
له من صفاته ما يكفي في صحة السلم، صح بيعه في ظاهر المذهب، وعن أحمد : لا يصح حتى
يراه، لأن الصفة لا تحصل بها معرفة المبيع، فلم يصح البيع بها كالذي لا يصح السلم
فيه.
استدلوا على ظاهر المذهب : بأنه
بيع بالصفة فصح كالسلم، ولا يقال بأنه لا تحصل به معرفة المبيع، فإن تلك المعرفة
تحصل بالصفات الظاهرة التي يختلف بها الثمن ظاهراً، وهذا يكفي بدليل أنه يكفي في
السلم.
والخلاصة : أن الحنفية والمالكية،
والحنابلة في الأظهر، يجيزون بيع العين الغائبة على الصفة. أما بيعها بغير رؤية
ولا وصف فقد أجازه الحنفية والمالكية على الراجح عندهم.
بيع ما يكمن في الأرض أو بيع ما
في رؤيته مشقة أو ضرر : قد تكون مع رؤية المبيع مشقة أو ضرر مثل بيع الأطعمة المحفوظة ونحوها
من الأدوية والسوائل والغازات التي لا تفتح إلا عند الاستعمال، ومثله بيع المغيب
في الأرض كالجزر واللفت والبطاطا، فإن الحنفية أجازوه كإجازة بيع العين الغائبة،
كما أجازه المالكية، لأن المبيع معلوم بالعادة، والغرر فيه يسير، وأبطله الشافعية
والحنابلة إذ لا يمكن وصفه، فيتحقق فيه الغرر والجهالة المنهي عنهما.
4- بيع الأعمى وشراؤه :
هذا النوع مفرع على شرط رؤية
المبيع على الخلاف السابق في بيع الغائب.
فقال الحنفية والمالكية والحنابلة
: يصح بيع الأعمى وشراؤه وإجارته ورهنه وهبته، ويثبت له الخيار بما يفيد معرفته
بالمبيع كالجس والشم والذوق فيما يعرف بذلك، وكالوصف في الثمار على رؤوس الأشجار
والدور والعقارات. ودليلهم حديث : "إنما البيع عن تراض" رواه ابن ماجه
والبيهقي وقد رضي الأعمى بالبيع، وأنه يمكنه الاطلاع على المقصود ومعرفته، فأشبه
بيع البصير، ولأن إشارة الأخرس تقوم مقام نطقه، فكذلك شم الأعمى وذوقه.
إلا أن الحنفية كما هو معلوم لا
يثبتون خيار الرؤية للبائع سواء أكان بصيراً أم أعمى.
وقال الشافعية : لا يصح بيع
الأعمى وشراؤه إلا إذا كان قد رأى شيئاً قبل العمى مما لا يتغير كالحديد ونحوه،
ودليلهم قصور الأعمى عن إدراك الجيد والرديء، فيكون محل العقد بالنسبة له مجهولاً.
5- البيع بالثمن المحرّم :
إذا كان البيع بثمن محرم كالخمر
والخنزر : يكون فاسداً عند الحنفية لوجود حقيقة البيع : وهي مبادلة المال بالمال،
فإن الخمر والخنزير مال متقوم عند بعض الكفار، وهما وإن كانا مالين عند الحنفية،
إلا أنهما ليسا بمتقومين شرعاً، والقاعدة المقررة في هذا الشأن : أن أحد العوضين إذا
لم يكن مالاً في دين سماوي، فالبيع باطل سواء أكان مبيعاً أم ثمناً، فبيع الميتة
والدم والإنسان الحر باطل، وكذا البيع به وهو الصحيح عند الحنفية، لأن المسمى
ثمناً ليس بمال أصلاً، وكون الثمن مالاً في الجملة شرط من شروط الانعقاد.
وإن كان العوض في بعض الأديان مالاً
دون بعض : فإن أمكن اعتباره ثمناً، فالبيع فاسد، فبيع الثوب بالخمر أو الخمر
بالثوب فاسد، وإن تعين كونه مبيعاً، فالبيع باطل، فبيع الخمر بالدراهم أو الدراهم
بالخمر باطل.
وعلى هذا : إذا كان الثمن
محرَّماً : ينعقد البيع بالقيمة ومن الواضح أن هذا البيع عند غير الحنفية يقع
باطلاً.
6- البيع نسيئة ثم الشراء نقداً- بيوع الآجال :
إذا اتخذ العقد وسيلة لتحقيق غرض
غير مباح شرعاً، فهل ينعقد العقد لوجود أركانه من الايجاب والقبول أو يعتبر غير
صحيح لسببه غير المشروع ؟ وذلك مثل أن يبيع الشخص مالاً إلى آخر بثمن مؤجل، ثم
يشتريه منه بثمن عاجل كأن يبيع مائة قنطار من القطن بخمسة آلاف ليرة لا تقبض إلا
بعد سنة، ثم يشتريها البائع من المشتري بأربعة آلاف يدفعها إليه فوراً، فقد حصل
ههنا عقدا بيع: كلاهما ظاهره الصحة لاشتماله على أركان العقد وشروطه. فمثل هذه
البيوع تسمى عند المالكية "بيوع الآجال" لاشتمالها دائماً على الأجل،
وقد تسمى هذه البيوع عند بعض العلماء "بيوع العينة" وهي في الحقيقة نوع
من بيوع الآجال التي يقصد منها التحيل على الربا، والوصول إلى ما هو ممنوع شرعاً،
ومع ذلك اختلف العلماء في حكم بيع الأجل، علماً بأن المالكية فرقوا بين النوعين،
فقالوا : بيوع الآجال : هي بيع المشتري ما اشتراه لبائعه أو لوكيله، لأجل. وبيع
العينة : أن يقول شخص لآخر : اشتر سلعة بعشرة نقداً، وأنا آخذها منك باثني عشر
لأجل.
فقال الشافعية : يصح هذا العقد
لتوافر ركنه وهو الإيجاب والقبول، ويترك أمر النية لله وحده يعاقب صاحبها عليها.
وقال المالكية والحنابلة : العقد
باطل متى قام الدليل على وجود قصد آثم سداً للذريعة. وتطبيقات هذا الخلاف تظهر في
زواج المحلل وبيع العينة وبيع العنب لعاصر الخمر.
وأما أبو حنيفة فيحكم في الظاهر
بصحة زواج المحلِّل، وبيع العنب لعاصره خمراً، ما لم يصرح في العقد بشرط يخل به،
ويجعل بيع العينة فاسداً إن خلا من توسط شخص ثالث.
بيع
العينة :
هو بيع يراد منه أن يكون حيلة
للقرض بالربا، بأن يبيع رجل شيئاً بثمن نسيئة أو لم يقبض، ثم يشتريه في الحال،
وسمي بالعينة لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عيناً أي نقداً حاضراً، وعكسها
مثلها. مثاله : أن يبيعه الرجل سلعة بثمن إلى أجل معلوم، ثم يشتريها بثمن آخر إلى
أجل آخر، أو نقداً بثمن أقل، وفي نهاية الأجل الذي حدد في العقد الأول يدفع الثمن
الأول كله، فيكون الفرق بين الثمنين فائدة أو ربا لصاحب المتاع الذي يبيع بيعاً
صورياً، مثل أن يبيع شخص لآخر ثوباً باثنتي عشرة ليرة مؤجلاً دفعها إلى شهر مثلاً،
ثم يبيع المشتري هذا الثوب نفسه -قبل أو بعد تسلمه- إلى بائعه الأول بعشر ليرات
تدفع حالاً إلى المشتري، وفي نهاية الأجل المحدد لدفع الثمن في العقد الأول يدفع
المشتري كامل الثمن وهو "12" ليرة فيكون الفرق بين الثمنين فائدة أو ربا
لصاحب الثوب الذي بيع بيعاً صورياً، والعملية كلها للتحايل على الإقراض بالربا
عنطريق البيع والشراء.
وقد يوسط المتعاقدان بينهما شخصاً
ثالثاً يشتري العين بثمن حال من مريد الاقتراض، بعد أن اشتراها هذا من مالكها
المقرض، ثم يبيعها للمالك الأول بالثمن الذي اشترى به، فيكون الفرق ربا له.
اختلف العلماء في الحكم على العقد
الثاني، مع أن قصد التعامل بالربا واضح من البائع والمشتري.
فقال أبو حنيفة : هو عقد فاسد إن
خلا من توسط شخص ثالث بين المالك المقرض والمشتري المقترض، كما مثلنا، إلا أنه
يلاحظ أن أبا حنيفة خالف أصله السابق الذكر الذي يقتضي القول بصحة هذا العقد وذلك
استحساناً بنص الحديث الذي سيأتي في قصة زيد بن أرقم، ولأن الثمن إذا لم يستوف لم
يتم البيع الأول، فيصير البيع الثاني مبنياً عليه، فليس للبائع الأول أن يشتري
شيئاً ممن لم يتملكه بعد، فيكون البيع الثاني فاسداً.
وقال الشافعي : هذا العقد صحيح مع
الكراهة لتوافر ركنه وهو الإيجاب والقبول الصحيحان، ولا عبرة في إبطال العقد
بالنية التي لا نعرفها لعدم وجود ما يدل عليها أي أو القصد الآثم مرجعه إلى الله،
والحكم على ظاهر العقد شيء آخر. لذا فإنه يحمل العقد على عدم التهمة.
وقال المالكية والحنابلة : إن هذا
العقد يقع باطلاً سداً للذرائع.
والخلاصة : أن جمهور الفقهاء غير
الشافعية : قالوا بفساد هذا البيع وعدم صحته، لأنه ذريعة إلى الربا، وبه يتوصل إلى
إباحة ما نهى الله عنه، فلا يصح.
7- بيع العنب لعاصر الخمر:
قال أبو حنيفة والشافعي : يصح في
الظاهر مع الكراهة بيع العنب لعاصر الخمر، وبيع السلاح لمن يقاتل به المسلمين، لعد
تحققنا أنه يتمكن من اتخاذه خمراً أو يقاتل بالسلاح المسلمين، ويؤاخذ الإنسان على
مقاصده. أما الوسائل فقد يحال بين الإنسان وبينها، والمحرم في البيع هو الاعتقاد
الفاسد، دون العقد نفسه، فلم يمنع صحة العقد، كما لو دلس العيب أي أن الحكم على
العقد بظاهره شيء، والدافع إليه شيء آخر.
وقال المالكية والحنابلة : بيع
العصير ممن يتخذه خمراً باطل، وكذا بيع السلاح لأهل الحرب أو لأهل الفتنة، أو
لقطاع الطرق، سداً للذرائع، لأن ما يتوصل به إلى الحرام فهو حرام، ولو بالقصد،
ولقوله تعالى : {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}
[المائدة: 2] وهذا نهي يقتضي التحريم، وإذا ثبت التحريم فالبيع باطل.
8- البيعتان في بيعة أو الشرطان في بيع واحد :
لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم عن بيعتين وعن شرطين في بيع، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما
لم يَضْمن، ولا بيع ما ليس عندك" رواه أحمد والترمذي.
واختلف في تفسير البيعتين في بيعة
: فقال الشافعي : "أنه تأويلان : أحدهما - أن يقول : بعتك بألفين نسيئة،
وبألف نقداً، فأيهما شئت أخذت به، على أن البيع قد لزم في أحدهما وهذا بيع فاسد
"أي باطل" لأنه إبهام وتعليق. والثاني - أن يقول : "بعتك منزي على
أن تبيعني فرسك".
وحكمة منع صورة الصفقة الأولى هو
اشتمالها على غرر بسبب الجهل بمقدار الثمن، فإن المشتري لا يدري وقت تمام العقد هل
الثمن عشرة مثلاً أو خمسة عشر.
ومن الحكمة في تحريم العقد الثاني
منع استغلال حاجات الآخرين، وذلك في حالة كون المشتري مضطراً إلى شراء شيء، فيكون
اشتراط البائع عليه في شراء شيء منه من قبيل الاستغلال مما يؤدي إلى فوات حقيقة
الرضا في هذا العقد، ثم إن فيه غرراً أيضاً لا يدري البائع هل يتم البيع الثاني أو
لا.
واختلف في تفسير الشرطين في بيع :
فقيل : هو أن يقول : بعت هذا نقداً بكذا، وبكذا نسيئة. وقيل : هو أن يشترط البائع
على المشتري ألا يبيع السلعة ولا يهبها. وقيل : هو أن يقول : "بعتك هذه
السلعة بكذا على أن تبيعني السلعة الفلانية بكذا".
وبهذا يظهر أن البيعتين في بيعة
والشرطين في بيع واحد بمعنى واحد. وقد اختلف العلماء في حكمه.
فقال الحنفية : البيع فاسد، لأن
الثمن مجهول، لما فيه من تعليق وإبهام دون أن يستقر الثمن على شيء : هل حالاً أو
مؤجلاً. فلو رفع الإِبهام وقبل على إحدى الصورتين، صح العقد.
وقال الشافعية والحنابلة : إن هذا
العقد باطل، لأنه من بيوع الغرر بسبب الجهالة، لأنه لم يجزم البائع ببيع واحد،
فأشبه ما لو قال : بعتك هذا أو هذا، ولأن الثمن مجهول، فلم يصح كالبيع بالرقم
المجهول، ولأن أحد العوضين غير معين ولا معلوم، فلم يصح كما لو قال : بعتك أحد
منازلي.
وقال مالك : يصح هذا البيع، ويكون
من باب الخيار، فيذهب العقد على إحدى الحالتين، وهو محمول على أنه جرى بينهما
بعدئذ ما يجري في العقد، فكأن المشتري قال : أنا آخذهبالنسيئة بكذا، فقال : خذه،
أو قد رضيت، ونحو ذلك فيكون عقداً كافياً.