المملكة
العربية السعودية



وزارة
التعليم العالي



جامعة
الإمام محمد بن سعود الإسلامية



المعهد
العالي للقضاء



السياسة
الشرعية












أثر الظروف الطارئة




في عقد
الأشغال العـامة


دراسة مقارنة



خطة بحث تكميلي مقدمة لنيل درجة
الماجستير








إشراف


د/
رضا وهدان






إعداد
الطالب



بدر
بن إبراهيم بن محمد القاسم



1423
ـ 1424هـ



O















m





الحمد لله الذي أنزل
الميزان ، وحرم الظلم على الإنسان . أرسل إلينا أفضل رسله ، وأنزل علينا أشرف كتبه
، وختم بشريعتنا شرائعه ، فجاءت شاملة كاملة ، لا يعتريها خلل ولا نقصان ، وميسرة
لكل إنسان .






وأشهد
أن لا إله إلا الله العظيم المنان . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه
صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه البررة الأخيار أما بعد :






فلما
كان لزاماً على كل طالب أن ينهي دراسته بنجاح ، أن يقوم بإعداد بحث من أجل الحصول
على شهادة الماجستير فقد اخترت أن يكون موضوع البحث الذي أتقدم به لنيل تلك
الشهادة هو "
أثر الظروف الطارئة في عقد الأشغال
العامة " .






حيث تتجلى أهمية
الموضوع في كونها ضامناً قوياً للمتعاقدين
من أن يصابوا بالخسائر الفادحة التي ترهقهم ، وبالتالي يحجموا عن التعاقد مع
الإدارة ، ومن ثم تقع المنازعات والمشاكل التي يكون لها انعكاسات خطيرة بالنسبة
لسير المرافق العامة . خاصة في العصر الذي نعيش في وهو عصر الظروف المتغيرة ،
والأصل طبقاً للقواعد العامة في الشريعة الإسلامية، أن العقد شريعة المتعاقدين ،
وبالتالي مما استوجب إضفاء نوع من القوة الملزمة على العقد ، قوام حياته ودوره
الضروري في الحياة ، إلا أن المتعاقد مع حسن وزنه للأمور وسلامة تقديره ، واتخاذه الحيطة الواجبة قد
تصادفه عند التنفيذ ظروف استثنائية وأمور لم تكن في الحسبان ، وصعوبات لم يكن
يتوقعها ، ولا يستطيع دفعها بعد وقوعها ، مما ينشأ عن ذلك زيادة أعبائه المالية
زيادة يختل معها التوازن المالي للعقد
ويصاب المتعاقد بخسارة محققة وفادحة ترهقه
بخلاف ما لو كان أثر الظرف الطارئعلى غير تلك الدرجة الجسيمة من
الإرهاق ، فإنه لا يمكن النيل من قوة العقد الملزمة على أساس نظرية الظروف الطارئة
.






وإنّ
من بين أهم العقود التي تؤثر فيه الظروف الطارئة هو عقد الأشغال العامة باعتبار
كونه عقداً إدارياً ناتجاً عن اتفاق
الإدارة العامة مع المتعاقد مها في عقود المشاريع العامة من أجل خدمة المرافق
العامة فضلاً عن كونه من العقود المتراخية
، والتي تمتد عبر الزمن مما يجعله عرضة لحالات الظروف الطارئة التي قد تحدث أثناء
العقد ، والتي لا تحول دون الاستمرار في تنفيذه ، ولكنها تعرض المتعاقد لخسارة
فادحة ومحققة ترهق كاهله .






و
المملكة العربية السعودية بعد ما أفاء الله عليها بسعة المال والرزق ، وأصبحت من
الدول النامية وجدت نفسها في حاجة ماسة إلى زيادة مشاريعها الإنمائية لمسايرة
التطور ،مما جعلها تأخذ بهذه النظرية حيث وجدت طريقها إلى التطبيق في هذه البلاد
في مناسبات عدة ، حيث اقتضت ذلك العدالة ، واقتضاه رفع الحرج عن الناس والرفق بهم
، فضلاً عن كونه مبدأ يحقق المساواة بين المتعاقدين ، ويحقق التوازن الاقتصادي في
العقود .



ولاشك
أن هذه المعاني كلها أصيلة في الشريعة الإسلامية ، حيث أشارت إلى ذلك نصوص القرآن
الكريم ، والسنة النبوية الصحيحة ، والقواعد الكلية الفقهية ، ومن ثم لا يجوز
الخروج عليها بأي حال من الأحوال .






* أسباب اختيار
الموضوع :


إن
من الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع زيادة على ما ذكر في أهمية الموضوع
ما يلي :ـ







1)
الحاجة
الشديدة لبيان وإظهار أحكام الظروف الطارئة ، لكي يعلم الناس حكم الله فيها ،
وليعلموا أن لكل حادثة حكماً عادلاً في الإسلام .




2)
أن
هذه النظرية تمثل استجابة لمبادئ الأخلاق وروح العدالة ، وضرورة تقتضيها حياة
المجتمع .




3)
كثرة
العقود التي يعقدها أصحاب الأعمال فيما بينهم مع بعضهم البعض أو مع الإدارة من
جانب آخر ، ولكثرة الاهتزازات والأزمات التي تكتسح العالم بين حين وآخر .




4)
تأصيل
إعمال نظرية الظروف الطارئة في عقد الأشغال العامة في المملكة العربية السعودية ،
وما جرى عليه العمل من خلال تطبيقات مبادئ الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية في
هذا الشأن .




5)
قلة
من كتب عن هذه النظرية في المملكة العربية السعودية ضمن المجالات أو البحوث
الحديثة في الدراسات الجامعية أو العليا ـ
كما أعلم ـ .




6)
كون
هذه النظرية مما تقع في الواقع كثيراً مما يجعل قواعدها حية أكثر من كونها نظرية .







*الدراسات
السابقة :








فمن
الواضح أن هذا الموضوع لا يخلو من دراسات وكتابات سابقة نظراً لما يتسم به من
أهمية وحيوية وضرورة على كل المستويات وفي كل البيئات . ولكن من خلال الإطلاع في
المكتبات العامة لم أعثر ـ فيما اطلعت عليه ـ على دراسة متخصصة في هذا الموضوع ، سوى موضوع متعلق بأثر الظروف الطارئة في
العقود الزمنية في مكتبة المعهد العالي للقضاء .






حيث
بينت تلك الدراسة ما يلي :ـ



تعريف
الظروف الطارئة ، والتطور التاريخي لها ، والنظرية في التشريعات العربية ، وأساسها
في الفقه والنظام ، وأساسها في النظام الإداري ، وفي النظام المدني ، وأركان
النظرية وشروطها ، ثم أجرى مقارنة بين الأركان في الفقه والنظام ، وبين أثر الظروف
على العقود الزمنية ، ثم بين مجال تطبيقها وأورد بعض التطبيقات على ذلك لا علاقة
لها بالأشغال العامة في المملكة العربية السعودية
.






إلا
أنّ مما يميز دراستي هذه عن تلك الدراسة ما يلي :ـ






·
أنّ هذه
الدراسة تناولت أثر الظروف الطارئة في عقد الأشغال العامة في المملكة العربية
السعودية بشكل خاص دون التوسع في العقود الأخرى .



·
أنّ هذه
الدراسة اقتصرت في الظروف الطارئة على بيان النشأة والتعريف أما بيان أركانها
وشروطها في الفقه الإسلامي وأساسها في النظام الإداري والمدني



فأجد فيما كتب في تلك الدراسة الغنية والكفاية
.



·
أنّ هذه
الدراسة أبرزت الجانب الفقهي فيما يخص عقد الأشغال العامة بخلاف تلك الدراسة حيث
غلب البحث فيها عن نظرية الظروف الطارئة منفردة دون أن تتطرق إلى صلتها بالعقود
الأخرى في النظام .



·
أنّ هذه
الدراسة تختلف في مضمونها وعناصرها وهيكلها عن تلك الدراسة الاختلاف الكلي
.








وفي
دراستي هذه أحاول أن أذكر ما جرى عليه العمل في المملكة العربية السعودية من خلال
التطبيقات المستمدة من مبادئ الشريعة الإسلامية
والأنظمة المرعية في عقد الأشغال العامة .






* منهج البحث :ـ





1
/ الاعتماد عند الكتابة على أمهات المصادر
والمراجع الأصلية في التحرير والتوثيق والتخريج
والجمع ـ ما أمكن ذلك ـ وتتبع مراجعها المتقدمة والمتأخرة .



2
/ التعريف بالمصطلحات من كتب الفن الذي يتبعه المصطلح ، أو من كتب المصطلحات المعتمدة .



3
/ توثيق المعاني من معاجم اللغة المعتمدة وتكون الإحالة عليها بالمادة والجزء
والصفحة.



4
/ ترقيم الآيات وبيان سورها مضبوطة الشكل .



5
/ تخريج الأحاديث من مصادرها الأصلية وإثبات الكتاب والباب والجزء والصفحة ، وبيان
ما ذكره أهل الشأن في درجتها ـ أن لم تكن في الصحيحين أو أحدهما ـ فإن كانت كذلك فيكتفى حينئذ بتخريجها .



6
/ أترجم للأعلام غير المشهورين بإيجاز
بذكر أسم العلم ونسبه وتاريخ وفاته وأهممؤلفاته ومصادرها
ترجمته أما من تغني شهرته عن ذلك فلا
أترجم له .



7
/ العناية بقواعد اللغة العربية والإملاء ، وعلامات الترقيم ، ومنها علامات
التنصيص للآيات الكريمة ، وللأحاديث الشريفة ، وللآثار ، ولأقوال العلماء ، وتميز العلامات أو الأقواس
، فيكون لكل منها علامته الخاصة .



8/
الاقتصار على المذاهب الفقهية المعتبرة ، مع بيان من قال بها من أهل العلم ، ويكون
عرض الخلاف حسب الاتجاهات الفقهية .



9
/ الخاتمة متضمنة أهم النتائج والتوصيات .



10
/ اتباع الرسالة بالفهارس الفنية المتعارف عليها .









* تقسيمات البحث :


تتكون
تقسيمات البحث من مقدمة ، وثلاثة فصول ، وخاتمة ، ويليها فهارس البحث:






المقدمة
وتشمل
: أهمية الموضوع
، أسباب اختيار الموضوع ،
الدراسات السابقة للموضوع ، منهج
البحث ، وتقسيمات البحث .
























الخاتمة





الحمد لله الذي
بنعمته تتم الصالحات ، أحمده سبحانه وتعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ،
وأسأله كما وفقني لاختيار هذا البحث ، ثم يسر لي إتمامه ، أن يتقبل من حسنه ويعفو
عن سيئه ، وبعد فهذا موجز لأهم ما توصلت إليه من نتائج وتوصيات :






1ـ أن الفقه
الإسلامي له يد السبق في تطبيق هذه النظرية وفي مسائل تتم بالطابع الموضوعي حيث
يعالج كل مسألة على حدة وفقاً لمبدأ الشريعة الإسلامية في العدالة فلا ضرر ولاضرار
وذلك من خلال مادل عليه القرآن والسنة والقواعد المقررة في ذلك ، فقد طبقت في
الفقه باسم الفسخ بالأعذار وتارة باسم وضع الجوائح وأخرى باسم تعديل العقد في حالة
تقلب قيمة النقود .



2ـ تبين لنا أن
نظرية الظروف الطارئة بمدلولها ومركزها القانوني المعاصر هي خروج على مبدأ القوة
الملزمة للعقد بغرض إعادة التوازن المالي للعقد .



3ـ أن الخسارة
البسيطة أو مجرد النقص في الربح لايعطي المتعاقد الحق في التعويض .



4ـ أن للإدارة أن
تمارس سلطتها بإرادتها المنفردة دون حاجتها إلى اللجوء إلى القضاء وذلك في حالة
إخلال المتعاقد بالعقد إخلالاً جسيماً ولكن بعد أن يتم إعذاره بالطرق النظامية .



5ـ أن سحب العمل حق
أصيل للإدارة ولكن بعد توفر الشروط المتبعة في السحب ، وبالتالي ينتج عنه بقاء
المتعاقد الأصلي ملتزماً بالعقد مسئولاً عنه وعن مخاطره .



6ـ أن الغالب في
نظرية العذر في الشريعة الإسلامية هو فسخ العقد ، بينما الصورة الغالبة في وضع
الجوائح هي تعديل العقد ، أما الإنفساخ فيترتب فقط إذا كان العذر يوجب العجز عن
المضي في تنفيذ العقد شرعاً .



7ـ أن للإدارة حق
الإشراف والرقابة والتعديل وإيقاع الجزاءات الإدارية وفقاً لما يقتضيه المرفق
العام وتحقيقاً للمصلحة العامة .






8ـ أن الفقه
الإسلامي عرف الأجير المشترك والذي يسمى الآن " المقاول " وفصل القول في
التزاماته وحقوقه وضمانه .



9ـ أن جزاء التعديل
تطبيقاً لنظرية الظروف الطارئة يعد من أنسب الحلول التي تنسجم مع طبيعة العقود
الإدارية حيث أن هذا الجزاء يحافظ على العقد ويضمن بقاءه ، وبالتالي سيبقى المرفق
العام هو الآخر قائماً ، وفي هذا مايؤكد احترام مبدأ السير المنتظم للمرفق العام .



10ـ أن عقد الأشغال
العامة ينتهي كغيره من العقود إما بتنفيذ كل من المتعاقدين لالتزاماته ، أو
بانتهاء المدة المحددة للعقد ، أو عن طريق اتفاق الطرفين على نهايته وهو مايسمى (
بالإقالة ) وعدم رجوع كل منهما على الآخر ، وقد تكون نهايته بسبب الحوادث التي
تطرأ على العقد ويستحيل معها الاستمرار في تنفيذ العقد .



11ـ أن الفارق
الأساسي بين نظرية القوة القاهرة والحادث الطارئ يتمثل في أن القوة القاهرة تجعل
تنفيذ الالتزام مستحيلاً وأن الحادث الطارئ يجعل تنفيذه مرهقاً لا مستحيلا ،
ويترتب على ذلك فرق في الأثر إذ أن القوة القاهرة تؤدي إلى انقضاء الالتزام ، فلا
يتحمل المدين تبعة عدم تنفيذه ، أما الحادث الطارئ فلا ينقضي الالتزام به بل يرتد
إلى الحد المعقول فتتوزع الخسارة بين المدين والدائن ويتحمل المدين شيئاً من تبعة
الحادث .















التوصيات





1ـ على الجهات
الإدارية أن تقوم بدراسات متأنية قبل البدء في العقد الإداري حتى يكون هناك ترشيد
في النفقات ومن ثم التقليل من الدعاوى المقامة ضدها أمام ديوان المظالم والتي
كثيراً ما ينتج عنها تعويضات لم يكن لها داع من الأساس .






2ـ قد اصدر المنظم
أن العقود الإدارية بجميع أنواعها تخضع لنسبة واحدة في التعديل وهي 10 % للزيادة
و20 % للنقصان من التزامات المتعاقد وهذا بالطبع مع اختلاف العقود في مشاركتها في
تسيير المرفق العام فمنها ما يكون ذو صلة مباشرة كعقد الأشغال العامة ومنها ماتكون
صلة غير مباشرة كعقد التوريد ، ولذا أرى أن تحدد النسب وفقاً لقرب أو بعد العقد من
المرفق العام ، بمعنى أن تكون النسبة في تعديل عقد الأشغال العامة 25 % مع الأخذ
بالإعتبار ألا تكون هذه النسبة العالية ذريعة للجهة الإدارية فتتكاسل عن التخطيط
السليم وبذل العناية اللازمة وأن يستغلوا هذه الوسيلة الاستغلال الأمثل .






3ـ أن إصرار كثير من
فقهاء القانون الإداري على إضفاء كلمة ( حق ) على ما تقوم به الإدارة يبعث في تصور
كثير من الجهات الإدارية أن هذه السلطة حق مطلق لها ، وأن لها مباشرته في أي وقت .
وكان من الأجدر أن يقيد هذا الحق بعدم تجاوز الحدود المسموح بها في النظام ووفق
المصلحة العامة .









هذا وآخر دعوانا أن
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن
اقتفى أثره على يوم الدين .